اقتباس:لكن مع هذا نرى بوضوح أن المسيحية تحرم ما احلت اليهود وتحلل ما حرمته، ونفس الشيء بالنسبة للإسلام فيحرم ما كان حلالاً ويحلل ما هو حرام.
لا يوجد أي تناقض في مغزى الرسالة واختلافا التحليل والتحريم، وقد ذكرنا ذلك من قبل، ووضح القرآن موقف عيسى عليه السلام من هذه النقطة بقوله لبني اسرائيل "وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ" ال عمران 50
اقتباس:فاليهود والمسيحية تنادي بمقتل عيسى بينما يقول الإسلام بأنه رُفع، وهذا فارق مهول بين الديانات، لأنه يترتب على موقف تأريخي —بمعنييه التاريخ الزمني، والتأريخي الفلسفي— ينقض جزءاُ من "الذاكرة البشرية" —واستعمل هذا المصطلح بمعناه العام، لا الحقائقي— ليصنع صورة جديدة.
يسوع ذكر في التلمود بخمس قصص غامضة ولا ترمز الى شخص واحد بالاضافة الى أنها لا تتطابق مع الزمن الواقعي، ومنها ما قد يشير الى يسوع الناصري وليس كلها.
كما أنهم لا يعترفون بنبوته ورسالته، لذا فالتناقض أساساً في قضية عيسى عليه السلام لا يشمل اليهودية وينحصر بين المسيحية والاسلام.
ننتقل الى المقارنة بينهما...
المسيحية والاسلام يقران بصلب شخص لكن الاختلاف على من هو هذا الشخص.. المتفق عليه هو أن هذا الشخص يشبه المسيح، فمن نظرة مسيحية الادعاء ان المسيح هو المصلوب، ومن نظرة اسلامية شبيه له "ولكن شُبّه لهم"...
شخصية المصلوب فقد وضحها محمد عليه الصلاة والسلام من خلال القرآن حيث أن المسيح قد رُفع، بينما لم يُوجد من يوضح للنصارى هذه النقطة كونه كان قد رُفع مع ايحاء بأنه قد صُلب، كما أن عقيدة التوحيد مُشتركة، رغم أنها معقدة قليلاً في المسيحية، الا أن المبدأ واحد، وهو وجود اله واحد قادر وهو الخالق.
اقتباس:فلو كان المصدر واحد كما يدعون، لما وجدت فوارق؛ ولو كانت الشريعة متواصلة كما يدعون، لما قاتل اهل اول ملة الثانية؛ ولو كان الله عادل وحق كما يدعون لما فضل بشر على بشر!
الفوارق ليست في العقيدة انما في الشريعة، في التحليل والتحريم والعبادات والمقدسات التي اختلفت نسبة لاختلاف الشعوب والزمن.
التفضيل بين البشر كان في فترة معينة فضل الله خلالها عرقاً واصطفى منه النبوة والرسالة وهم بني اسرائيل، لكنهم لم يكونوا على قدر الحمل، فنقل النبوة الى عرق اخر وجعل التفضيل بالايمان وليس بالوراثة.
اقتباس:هذا عوضاً عن المشكلة الضخمة التي تدخل في صلب اليهودية والإسلام، الا وهي التجسيم والتشبيه؛ فاليهود يضعون الشحم على النار ليستسيغ الله الرائحة المتصاعدة؛ وفي الإسلام الله يستوي على العرش! لا بل اكثر من هذا، يحمل عرشه ثمانية —ولم يخبرونا، كيف تمكنت الجاذبية ان تطبق قوانينها في الجنة الأبدية، التي هي خارج الزمن! أي فوق الطبيعة وقوانينها، ومع ذلك يضطر الملائكة ان يرفعو العرش الثقيل على اكتافهم كما يرفع عبيد الفرس عرش كسرى. إضافة الى ذلك مشكلة الزمن، والتفاعل الإلهي مع الأحداث، أي خضوعه لقوانين الزمن —هذه ساتركها لمعالجتها.
الخوض في ذات الله فلسفة سفسطائية لن تؤدي الى أي نتيجة لانعدام المعطيات اضافة لمحدودية قدرة تحليلها.
اقتباس:لكن قبل كل هذا هل يعرف اتباع الديانات "السماوية" الثلاث، أن لا إبراهيم ولا موسى ولا عيسى كان لهم اي وجود تاريخي!
نسبة الى أي مصدر تاريخ تنفي وجودهم؟؟
فهل تتوفر مثلاً كتب تاريخية تشرح بتفصيل تلك الحقبة الزمنية وتغاضت عن وجود هذه الشخصيات؟؟
ابراهيم الخليل أسس مدينة الخليل او حبرون في فلسطين ويمكن اعتبار هذا دليل تاريخي على وجوده، كما أن من عاصر عيسى عليه السلام مثلاً كان اما نصرانياً ونُقلت احداثه التاريخية في الانجيل، وإما يهودياً سجل الاحداث في التلمود، وإما رومانياً اعتبر أن المسيح عليه السلام مجرد مجنون وصُلب ولا حاجة لتوثيقه تاريخياً.
لذا فالكتب الدينية التاريخية تكفي حتى لو لم تؤمن بسماويتها.