المجلس العسكري
كمان و كمان
( 2 )
استهداف القوات المسلحة المصرية .
1- بداية لا يوجد سوى (الإنسان البسيط) فقط هو الذي لا يدرك أو ينكر أن القوات المسلحة المصرية كلها مستهدفة في مصر و خارج مصر الآن ، و بشكل منهجي متعمد ، مستهدفة معنويا و ماديا و وطنيا .
2- لا يمكن عزل استهداف القوات المسلحة المصرية عن سياق تدمير الجيوش العربية الرئيسية ، بداية من القوات المسلحة العراقية التي جرى سحقها ثم حلها ، كذلك توريط القوات السورية في حرب أهلية مع قطاع هام من الشعب السوري .
3- أتسائل ما هي الفائدة التي ستعود على مصر و المصريين من تدمير القوات المسلحة ، بعد أن انهارت المنظومة الأمنية ،و أوشكنا على الإفلاس ؟. أتسائل عن المبرر الذي يدفع البعض إلى تلك الحرب الشرسة ضد القوات المسلحة ،و محاولة الوقيعة بين قيادات الجيش و أفراده ؟ . و لو قدر لمصر النجاة مما هي فيه الآن فلن يكون ذلك نتيجة الهتافات التى طالت بلا مبرر ،و لكن نتيجة جهود الرجال الناضجين الذين يتصدون للعمل العام بجدية ،و على رأسهم القوات المسلحة . و لا أعتقد أن هناك إنسان في مصر يدرك معنى الوطنية الحقيقية ، يوافق على النيل من القوات المسلحة و دورها .
4-
من المستفيد إذا من تدمير القوات المسلحة المصرية وضربها ؟. من وجهة نظر منطقية و سياسية ؛ إسرائيل أولآ و القوى الإسلامية ثانيا ، الأولى كي تتخلص من آخر المعوقات في المنطقة بعد تدمير القوات المسلحة العراقية ،و توريط القوات السورية في حرب أهلية ،. أما القوى الإسلامية فبغرض التخلص من القوة الوحيدة التي يمكن أن تعترض مشروعها المجمع عليه في إقامة دولة أو إمارة إسلامية في مصر ،وهذا يشبه إلى حد بعيد ماقام به النازيون من إذلال و تركيع الأركان العامة الألمانية مع وصول هتلر إلى السلطة .
5- تدخلت إسرائيل خلال التمويل الغير مباشر –مؤسسات أمريكية - لجماعات الضغط الشبابية ، و أيضا خلال افتعال صراع بين المسيحيين و القوات المسلحة مستمر حتى الان ،وصل إلى أن يكون صراعا دمويا . ومن سمع بعض القسس مثل فلوباتير و هو يتحدث بمرارة ضد القوات المسلحة المصرية و ليس الإسرائيلية ،ومن شاهدهم يقودون جموع الشباب القبطي المغرر به للهجوم على جيش بلادهم في ماسبيرو يدرك جيدا ما أعني . أما القوى الإسلامية فخلال الضغط المباشر و أيضا خلال تسربها داخل الجماعات الشبابية الهلامية و سيطرتها على جزء كبير منها ، ودفعها للهجوم على القوات المسلحة و حتى دعمها و المشاركة في بعض المليونيات التخريبية .
ماهو المجلس العسكري .
1- بداية أيضا ..
هناك معلومة أساسية لابد من معرفتها هي -كما شرحت سابقا مرات – أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة ليس منتخبا ولا معينا ، بل هو مجلس وظيفي يضم شاغلي المناصب الرئيسية في القوات المسلحة ، وفقا لقانون خاص بتنظيم وواجبات المجلس ، أعضاء المجلس غير دائمين و يفقدون عضويته مع تخليهم ع وظائف بعينها حتى لو استمروا في الخدمة . نعم إن إختيار القيادات العليا في الدولة كلها يخضع لإعتبارات أمنية ،و أزيد أن هذا يحدث في كل المؤسسات العسكرية في العالم ،و لكن هذه المعايير الأمنية لا تهدف إلى استبعاد أصحاب الكفاءة و القرار و الإستقلال الفكري ، فكل تلك صفات تعزز الوصول إلى قمة الهرم العسكري في الجيش المصري الوطني ، و لكنها تهدف إلى استبعاد من توجد في مسيرته شيئا من الضعف الشخصي أو الشوائب ،أو القرابة بعناصر إرهابية أو متطرفة .
2- إن المجلس العسكري هو رأس المؤسسة العسكرية ، فكيف يكون هناك فرق بينهما ، هل سمع أحد بجسد لا رأس له ؟.
3-
المجلس الأعلى للقوات المسلحة ليس جماعة إنقلابية junta تحكم عنوة و لفترة غير محددة كما يحدث في أمريكا الجنوبية و إفريقيا ،و يحاولون الإيحاء بذلك باستخدام تعبير المجلس العسكري ،و لكنه مجلس مؤسسي يحكم تحت ضغط الظروف لفترة محدودة و لملأ الفراغ الدستوري ، ولو كان هناك ما يراه البعض تقصيرا ، سيمكن للنظام القادم تحقيق مالم يتم من أهداف الثورة ، فما هي المشكلة إذا ؟ . ولكن لو انهارت المؤسسة العسكرية لن يكون هناك أي نظام سواء جديد ولا قديم .
4- إني منذ البداية لا أحسن الظن بدخلاء التحرير الذين ينشطون في الهجوم على المجلس العسكري، و مطالبته بالرحيل و مطالبة رئيسه بالاستقالة . أفهم أن يكون ذلك ربما من قبيل الدعوات التي أطلقت في غمرة الحماس والانفعال ، أو من قبيل الرعونة والطيش لدى بعض الجهلة محدودي الثقافة و ما أكثرهم الآن في التحرير و خارجه ، و لكن الخطورة كلها إذا أطلقت تلك الحملة عن قصد ووعي، عندئذ فهي ستدعونا إلى الإسترابة في مطلقيها ، خصوصا إذا لم يقدموا لنا بديلا أفضل يقنعنا ويطمئننا.
5- من يتحدث أن المجلس الأعلى هو امتداد حسني مبارك مغالط سواء أدرك ذلك أم أغفله ، أحب هنا أن أمد الخط على استقامته و بنفس المنطق ، ألا يحق لنا عندئذ أن نقول أن مؤسسة القضاء غير أمينة ولا عادلة لأن هناك عدد محسوس من القضاة و مستشاري مجلس الدولة أدينوا في قضايا رشوة ؟، ألا يحق لنا أن ندعوا الآخرين لعدم الثقة في الأطباء ولا المهندسين ولا العلمليين ولا .... لوجود مدعين و غشاشين و منحرفين بينهم ؟. هل من الحكمة أن نقول " لماذا لا يكون مجدي يعقوب ممرضا يدعي الطب فبعض الأطباء ظهر أنهم ممرضين ؟" هل هذا منطق يعتد به ؟ .عندما نذكي مؤسسة أو جماعة ما فهذا لا يعني أن كل منتسبيها عظماء ،و لكن يعني أن المؤسسة في مجملها متميزة فيما نذكيه فيها لا أكثر .
6- هنا أتسائل أيضا هل ثار المصريون ضد حسني مبارك الطيار المقاتل أم حسني مبارك السياسي الفاشل ؟. بمعنى هل ثار الشعب ضد أداء حسني مبارك القتالي أم أدائه السياسي ؟. هناك فرق كبير ، فكل منا يؤدي أدوارا متعددة في أنساق و ظيفية مختلفة ، كل من هذه الأدوار مستقل . لا ينكر سوى مكابر أن حسني مبارك كان ضابطا متميزا ،و لا ينكر أحد دوره في حرب أكتوبر كأحد القيادات العليا للقوات المسلحة ،و أنه عندما صنعت مصر للعرب النصر الوحيد في تاريخهم الحديث كان مبارك حاضرا على رأس القوات الجوية المصرية . هنا ينتهي دور مبارك القتالي ،و يبدأ دوره السياسي الفاشل و الذي لم يكن أبدا له سوى في نظام سلطوي مغلق و غبي .
7- ما أريد أن أقوله هنا ثلاثة أمور. أولها أن بقاء المجلس العسكري يظل ضرورة وطنية، حتى يتسلم المدنيون السلطة، بل و بعد ذلك شريكا في الحفاظ على وحدة الوطن وسلامته و عدم تحوله لمستعمرة إسلامية ، وأنه على الذين يتحرون المصلحة الوطنية حقا أن يتحاوروا تحت هذا السقف. الثاني أن التسليم بضرورة دوره لا يعني على الإطلاق لا التسليم بكل ما يصدر عنه ولا تحصينه ضد النقد السياسي والمساءلة. وأزعم في هذا الصدد أنه إذا كان بقاء المجلس ضرورة، فإن نقده يظل ضرورة بدوره. لكنه النقد الذي يصوب المسيرة وليس ذلك الذي يهدم المعبد على من فيه. الأمر الثالث أنه على الذين يصوبون سهامهم صوب المجلس العسكري أن يفكروا جيدا في بدائله، التي هي الآن الأسوأ بكل المعايير.