لست أدري لماذا عندما أردت أن أكتب عنواناً لهذا الشريط علقت في ذهني عبارة الديكتاتور الفاني حافظ الأسد: "إني أرى في الرياضة حياة." العبارة التي كتبها له د. أسعد علي وتم من بعدها تطبيق عملية "صرع راس" رسمي ومبرمج في مناهج السلطة التعليمية ووسائل الإعلام وجدران الطرقات وألواح صفوف المدارس ودروس "التربية" القومية و"التربية" العسكرية... وفي كل مكان على الإطلاق... كي نقتنع بأن هذه العبارة هي من أدبيات الرئيس (المناضل) الأبدية.

أما أنا فأرى في سقوط بشار حياة. وليسمح د. أسعد علي لمواطن غير مناضل بالاستعارة من أدبياته.

أما "ولك قرد ولا"... "ولك حقير"... فهي مجرد مؤثرات صوتية ضرورية لإنعاش ذاكرة الشعب السوري.

وهاكم ملاحظاتي البسيطة التي تدور حول الحدث:

تركيبة عسكر الثورة

إن الازدياد الواضح والملحوظ في أعداد المقاتلين ضد ميليشيا بشار هو ازدياد سوري قح بالدرجة الأولى. مؤخراً كتيبة صورايخ كاملة بعسكرها وضباطها انشقوا عن ميليشيا بشار. ولمن لا يعلم، الكتيبة هي الوحدة العسكرية التي تحت مرتبة اللواء. أي أن الإنشقاقات صارت بالجملة. وهذا ما يضع ميليشيا بشار في خانة اليك قبل أي دعم خارجي.

هناك بعض "المجاهدين" العرب الذين كانت وجهاتهم فيما قبل هي العراق لقتال "الكفار" وأفغانستان لنفس السبب. وهناك بعض الثورجية الإسلاميين الليبيين الذين أصيبوا بصدمة عندما بدأت قوات الناتو تسقط طيارات القذافي فوق رؤوسهم كي يتبين لهم أن الطيارين (الذين يقفزون بالمظلات) سوريون وليسوا ليبيين! وهؤلاء المجاهدين هم أناس يختلط فيهم حب الموت مع حب الانتقام من بشار. هؤلاء وهؤلاء يدخلون سوريا الآن ويبحثون عن دعم عسكري ولوجستي للقتال مع الجيش الحر. ولكن أعدادهم تبقى محدودة للغاية.

وبالرغم من اشتغال آلة الإعلام لميليشيا الأسد في تضخيم أعدادهم إلا أن هذه الآلة بالكاد استطاعت الحصول على ٢ إلى ٣ أشرطة فيديو لمقاتلين غير سوريين على أرض سوريا (طبعاً مع إهمال هراء التسجيلات التي يقوم بها الإعلام السوري نفسه مع "معترفين" إرهابيين). ومهما يكن فعدد هؤلاء ومساحة ظهورهم لا تقدر شيء أمام آلاف التسجيلات للمقاتلين السوريين. وإذا وضعنا بالاعتبار أن ميليشيا الأسد لا زالت تملك تقنية التغطية الأكبر والإمكانية الأوسع واليد الأطول في الصول والجول في أرض البلد والتحكم بتغطية الإعلام، فهذا يجعل الأرقام القليلة السابقة عن "الإرهاب الخارجي" فانية وقابلة للإهمال تماماً.

الشعب يزداد غضباً

قد لا تكون تفسيرات "الانتصارات" التي منيت بها قوات المعارضة مؤخراً، والتي تعيدها إلى أسباب دعم خارجي، خاطئة تماماً. ولكنها إن أصرت على الاكتفاء بترجيع الأسباب إلى هذا الدعم الخارجي فهي خاطئة تماماً. إن السبب الرئيس والأهم لهجمات المعارضة المستقوية، والتي باتت تقترب من مسكن بشار في دمشق، هو ثورة غضب الشعب الذي بات لا يشك بتورط النظام في مجازر أطفال حمص وفي جميع مجازره السابقة.

جماعة خلصونا

مؤخراً حدث شيء كبير جداً. فجماعة "خلصونا" قررت القفز من السفينة الغارقة. إن الإضراب الغير مسبوق لتجار دمشق وحلب الأسبوع الماضي هو خير دليل على صحة الكلام أعلاه. وهو دليل جلي على أن جماعة "خلصونا" الذين يشكلون الـ ٢٠٪ من الشعب السوري، ومن ضمنهم أثرياد دمشق وحلب، اختاروا التخلي عن النظام والوقوف إلى جانب الفريق الذي يرونه سيربح في نهاية المطاف. فهم دائماً يتصرفون من باب المصلحة قبل كل شيء.

مهمة أنان

مهمة أنان لم تنتهي لعدم وجود من يدعمها. أنان نفسه يعترف بأن عدم استجابة القوى الأمنية هو السبب الرئيسي لفشل مهمته. الأوقات التي كرر فيها أنان دعوته للنظام السوري بحسب ميليشاته من الشوارع أكثر بكثير من أن ينكرها منكر. أنان لم يوجه أي انتقاد للمعارضة إلا مرة واحدة عندما صرحت الولايات المتحدة أن تفجيرات دمشق تفوح منها رائحة القاعدة.

الأنظمة العربية التي واقفت على خطة أنان وافقت عليها على مضض. إذ أنها كانت تتوقع أن الوقت الذي ستستغرقه الخطة كانت دول الناتو ستستغرقه في صناعة قرار بهجوم عسكري على سوريا دون مباركة مجلس الأمن (حالة كوسوڤو).

النظام السوري، الذي وافق على خطة بدوره، أيضاً وافق عليها على مضض. فهو يعلم أن لا خيار آخر لديه. وأن رفضه دخول المراقبين سيتبعه إعلان سوريا بأكلمها منطقة منكوبة، وبالتالي يستلزم اختراقها عسكرياً "لحل" مشكلتها.

ولكن إذا أدرنا الحدث عمن استفاد من خطة أنان، فلا جدل أنه إما الأسد وميليشياته أو لا أحد. وما ذلك إلا لأن الخطة منحت الأسد مزيداً من الوقت للإمعان في سياسة القبضة الحديدية عسى ولعل تنفع مع شعب قتله الخوف طيلة ٤١ عاماً وبدأ الخوف يزول عنه تدريجياً منذ أكثر من عام.

ثمة تقرير شامل سيصدر من بعثة أنان بعد انسحابها من سوريا (وانسحابها قبل التقرير ضرورة قصوى للحفاظ على حياتها من هجوم "إرهابي" النظام بريء منه سلفاً). وبالنسبة لي شخصياً لا أشك بأن التقرير لن يكون في صالح الأسد وميليشياته.

كيف يتصارع الأحياء؟

يعلم جميع من يشاهد المنافسات الرياضية، سواء كرة القدم أو الملاكمة أو سواها، أنه عندما يهجم أحد المنافسين على خصمه ويأخذ منه مأخذاً قوياً مثل هدف أو لكمة قوية فإن المتوقع بشكل طبيعي -وهو ما تسير عليه الأمور- أن الخصم يتخذ موقفاً هجومياً طيلة الفترة التالية حتى يحصل من خصمه على غنيمة مشابهة. هذا شيء طبيعي ينطبق على جميع المنافسات في عالم الإنسان (بل وحتى في عالم الحيوان)، وهو يحدث بغض النظر عن من هو الأقوى ومن هو الأضعف. "غلبت الروم. وهم من بعد غلبهم سيغلبون." هذه الآية هي مجرد تعبير بسيط عن المنطق السليم لسير التاريخ.

واقعنا الواقع على راسو

وكذا الأمر في واقعنا الشرق أوسطي. فهو واقع تنافس غير شريف. وهو تنافس مبني على أساس طائفي. وكل منكر لطائفيته هو مجرد جاهل أو لاعب في الميدان يختبىء وراء إصبعه لغاية أو لأخرى. وكان سقوط العراق جولة شيعية قاصمة لظهر السنة بامتياز. والآن يلعب السنة دورهم في رد الصاع من خلال سوريا. لذلك فإن الهمة العالية والتصميم الكبير لدول الخليج على اسقاط الأسد ليس بمفاجأة لأي إنسان قادر على النظر إلى كامل منطقة حوض المتوسط نظرة المدرك لطبيعة التنافس.

لماذا سيسقط؟

لا داع لأن يشرح أحد لماذا فرق عسكرية صغيرة مثل حزب الله أو حركة حماس أو مقاتلي فييتنام استطاعت أن تهزم جيوشاً كبيرة. إنه الإيمان بالحق، والقدرة على امتلاك ولاء أصحاب الأرض والتحرك كالأسماك بينهم (كان ماو تسي تونغ في خضم الحرب الشعبية اواخر الاربعينات يقول ان العنصر الاهم المحدد لانتصار الثورة المسلحة ان يتحرك الثوار وسط الشعب مثل السمكة في الماء؟). اليوم مقاتلو الثورة السورية يتحركون مثل مقاتلي ماو تسي تونغ. بينما جيش بشار ما حظي يوما ببيئة شعبية حاضنة من اقصى سوريا الى اقصاها.

أما أنا شخصياً فسقوط بشار عندي حتمي لسبب آخر كبير جداً يضاف إلى قائمة الأسباب السياسية الاقليمية أو الدولية. وهو أنه إنسان ضد الحياة. وحتماً ستقوم الحياة بإزالة هذا الإنسان. فهي لو لم تستطع أن تفني ما هو ضدها لما ثابرت وصمدت طيلة بلايين السنين.

رائع يازميل

ذكرتني في عنوان شريطك عن معاملة ضباط الجيش للمجندين
كانوا يقولوا للعسكري : ارفع راسك ولا حقير
ويقهقهوا على حالة الذل والانكسار التي ترتسم على وجوه العساكر

رائع
تحليل منطقي
انا ارى اسقاط النظام لانه حارب كل المحافظات تقريبا ابوه كان ذكي ولماح وباطش استمال اهل الريف والحورانيين ولم يحارب اهل حمص وفتك بحماة
هذا الابن الاهبل لانه غبي ولا يوجد مستشاريين عنده فاستخدم القوة بوقت اللين والقوة لا تنفع مع متظاهر عاري !
حينما ثار الايرانيون على حكم الشاه كانو يذهبون للدبابه بصدورهم وهذا يعني الشعب يريد الحرية رغما عن القوة
مصير بشار معلق بروسيا حاليا
ان وقفت معه روسيا وايران للنهاية سوف تكون سورية دولة فاشلة يكثر فيها القتل والعمليات المسلحة

تحليل جميل يا باشا

بغض النظر عن العزلة الدولية و الاسباب الاخلاقية,الحقوقية والانسانية, ارى سقوط بشار الاسد قريبا بشكل حتمي لسببين رئيسيين:
التوسع الدائم لرقعة الاحتجاجات,
الانشقاقات المتنامية التي تحدث بالجيش السوري النظامي.

أهم شيء هو سقوط النظام وليس فقط الرئيس

انتبهوا جيدا في لحظة معينة قد يضحي النظام بشخص ما حتى لو كان بشار نفسه في مقابل أن يستمر ويبقى ، الكواكبي تحدث في كتابه عن خطورة تحول الرغبة في الخلاص من الاستبداد إلى حالة شخصية يتم فيها التركيز على التخلص من المستبد وتحميله شخصيا مسؤولية كل الشرور التي في النظام.

وإن النصر صبر ساعة

(06-12-2012, 09:43 AM)thunder75 كتب:  أهم شيء هو سقوط النظام وليس فقط الرئيس

انتبهوا جيدا في لحظة معينة قد يضحي النظام بشخص ما حتى لو كان بشار نفسه في مقابل أن يستمر ويبقى ، الكواكبي تحدث في كتابه عن خطورة تحول الرغبة في الخلاص من الاستبداد إلى حالة شخصية يتم فيها التركيز على التخلص من المستبد وتحميله شخصيا مسؤولية كل الشرور التي في النظام.

والله ياثندر انا قصدت اكتب بشار وليس النظام, لان لامحال من ان تشترك أزلام النظام الحالي بالحكومة والسياسة السورية القادمة بعد التحرير والاستقلال من هذا النظام ..امثلة تحضرني عالعجالة متل روسيا وبولن فبعد انهيار الاتحاد السوفيتي وتراجع الشيوعية كأنظمة, جمع الشيوعيون نفسهم من جديد تحت اسماء احزاب جديدة وهؤلاء يشاركون اليوم برسم سياسات تلك الدول...
بوتين ياراجل على سبيل المثال من يوم يومه ضابط بال ك غ ب..
ازلام اجهزة المخابرات السورية ال 17 جهاز, غير مرئية والمواطن العادي يعرف بالصدفة كذا اسم..هؤلاء سيأتونا بعد رحيل الاسد بألف لبوث ولبوث ويشاركون بالحياة السياسية ما بعد الاسد.