سد النهضة الإثيوبي مشروع السراب في حوض نهر النيل
JUNE 6, 2013
القاهرة ـ يو بي اي: شكَّل إعلان الحكومة الإثيوبية عن بدء عملية تحويل مجرى “النيل الأزرق” في منطقة منابع نهر النيل إيذاناً ببدء إنشاء “سد النهضة”، مفاجأة للشعب المصري الذي انشغل بقضاياه الداخلية منذ اندلاع ثورة 25 كانون الثاني/يناير التي أطاحت بالنظام الحاكم عام 2011.
وبقدر ما كان “سد النهضة” مفاجئاً للمصريين من تحويل مجرى النيل الأزرق (أحد رافدين رئيسيين يمثلان نهر النيل إلى جانب النيل الأبيض، ويمثِّل ما بين 80% و85% من إجمالي مياه نهر النيل)، فقد مثَّلت ردود الأفعال الرسمية وتعليقات المعارضة على الموضوع مفاجأة أكبر حيث يتابع الشارع بمزيد من القلق تبايُن تلك الردود ما بين التخفيف من نتائج بناء السد، والخوف على انخفاض حصة مصر من مياه النيل البالغة 55.5 مليار متر مكعب سنوياً لا تكفي حالياً للاستهلاك لري الأراضي الزراعية وللشرب.
وأكد خبير المياه الدكتور بهاء الدين القوصي، في مقابلات صحافية وإعلامية أن استهلاك مصر من المياه سنوياً يصل إلى 70 مليار متر مكعب ما يعني عجزاً قدره 12.5 مليار متر، يتم الاستعانة بمقدار 2.5 مليار من المياه الجوفية، ويتم التغلب على الكمية الباقية وهي 10 مليار متر مكعب عن طريق إعادة استخدام مياه المصارف نحو 3 مرات قبل التخلص منها في البحر المتوسط ما يسبب قدراً كبيراً من التلوث على شواطئ مصر الشمالية.
وقال الدكتور عباس شراقي أستاذ الجيولوجيا بجامعة القاهرة، ليونايتد برس انترناشونال، إن سد النهضة الذي بدأت إثيوبيا بإنشائه لن يشكِّل ضرراً كبيراً على مصر، مشيراً إلى أن التربة البركانية والأراضي والمنخفضات ذات الصخور البازلتية تمثِّل حافظة لمياه النيل حتى تصل إلى السودان ثم مصر، “كما أنه حتى على الرغم من امتلاء السد كاملاً بالماء بكمية إجمالية 74 مليار متر مكعب، فلابد من صرف الماء مع حلول موسم الفيضان التالي”.
كما أكد شراقي أن طبيعة الأراضي الإثيوبية تثبت أن السد غير ذي جدوى لإثيوبيا من ناحية الزراعة، موضحاً أن أراضي وجبال إثيوبيا مرتفعة عن مستوى مجرى النيل الأزرق ما بين 1800 متر وأربعة آلاف متر وهو ما يعني عدم الاستفادة من المياه المُخزنة وراء السد في الزراعة، فضلاً عن أن 97% من الأراضي المزروعة هناك تروى بمياه الأمطار إلى جانب أن الأراضي في شرق إثيوبيا أراض جبلية وصخرية لا يمكن زراعتها.
وأشار الى أنه حتى من ناحية الاستفادة من الطاقة الكهرومائية والتي يُقال أنها تقدر بـ 6 آلاف ميغاوات فهي غير منطقية على اعتبار أن تلك الكمية من الطاقة تتطلب أن يعمل 16 تُوربيناً لتوليد الكهرباء على مدار الساعة طوال العام وهو ما لا يمكن عملياً.
وأضاف أن الكمية المتولدة من الطاقة الكهرومائية من سد النهضة لن تتجاوز 2000 ميغاوات وهو ما لا يكفي متطلبات الشعب الإثيوبي البالغ تعداده 90 مليون نسمة من الكهرباء، لافتاً إلى أن ما تردَّد عن إمكانية أن تشتري السودان ومصر احتياجاتهما الكهربائية غير صحيح ليس فقط لأنه لن يتحقق مقدار الـ 6 آلاف ميغاوات ولكن لأن نسبة الفاقد من الطاقة الكهربائية في إثيوبيا من أعلى النسب في العالم.
ودعا شراقي إلى ضرورة التنسيق مع إثيوبيا بالجوانب الفنية لسد النهضة خاصة النقاط ذات الصلة المباشرة بمصر، بحيث الاتفاق على المدة الزمنية التي يستغرقها ملئ السد في مرحلة “التخزين الميت” وحتى تمام امتلاء السد بإجمالي 74 مليار متر مكعب، والتنسيق في نقطة كمية المياه التي ستصرفها اثيوبيا من السد في موسم الفيضان في حال ما كان فيضاناً غزيراً أم شحيحاً حتى لا يؤثر ذلك على السد العالي ويتم ترتيب كمية المياه المنصرفة من بحيرة ناصر (بحيرة السد العالي أقصى جنوب مصر)، إلى جانب البحث في إمكانية تواجد خبراء ري مصريين في إثيوبيا.
وكان وزير الدولة الإثيوبي للشؤون الخارجية برهان جبر كريستوس، قال، في مقابلة مع صحيفة الأهرام المصرية الأسبوع الفائت، إن مصر والسودان يمكنهما استيراد احتياجاتهما من الطاقة الكهربائية من خلال الكهرباء المتولدة من من سد النهضة والمقدرة بنحو 6 آلاف ميغاوات”، معتبراً أن مخاوف الشعب المصري من بناء السد تعود إلى “عوامل نفسية”.
وبالمقابل قال الدكتور محمد حسن عامر رئيس اللجنة القومية للرى والصرف في وزارة الموارد المائية والري المصرية أن سد النهضة لن يعود على مصر بأي فائدة تُذكر، معتبراً أن الفائدة الوحيدة التي ربما تتحقق هو أن ذلك السد سيحجز كميات كبيرة من الطمي وبذلك يقلل من تأثير ذلك الطمي على جسم السد العالي ما يعني زيادة عمره الافتراضي.
وأضاف عامر ان زيادة العمر الافتراضي للسد العالي شئ جيد باعتبار أن ذلك العمر مقدَّر بـ 100 عام منذ إنشاء السد العالي أواخر الستينات من القرن العشرين.
وعلى الرغم من عدم جدوى إنشاء سد النهضة من الناحية الاقتصادية لإثيوبيا وعدم تسببه في مضار لمصر على المديين المتوسط والبعيد؛ إلا أن الضرر يبقى قائماً في حال قامت إثيوبيا بملئ السد بمقدار 25 مليار متر مكعب تمثِّل “التخزين الميت” (وهي الكمية التي يتطلب ملئ جسم السد بها مرة واحدة ثابتة) في مدة وجيزة وهي ثلاث سنوات، وهو ما يعني انخفاضاً مؤكداً من حصة مصر من النيل.
ويبقى ثاني المخاطر على مصر والسودان من بناء سد النهضة، وهو أن المنطقة المُنشأ عليها السد هي منطقة نشطة زلزاياً وبركانياً وهي من أعلى المناطق النشطة بركانياً في العالم يعني إمكانية انهيار السد واندفاع 74 مليار متر مكعب من المياه بانحدار متجهة إلى جنوب السودان ثم السودان فمصر، وتدمير أجزاء كبيرة من منشآت تلك الدول.
كما يمثِّل اعتزام إثيوبيا بناء مجموعة جديدة من السدود أبرزها “كارادوبي”، و”مندايا”، و”بيكو آبو” خطراً جديداً على مصر وتقليل حصتها من المياه، بحسب خبراء في الشؤون الإفريقية ناقشتهم الوكالة، في فترات امتلاء تلك السدود بالمياه بالتخزين الميت.
وأكد خبراء مصريون ليونايتد برس انترناشونال أن جملة من الخطوات ينبغي اتخاذها بشكل فوري من جانب مصر على المستويين الرسمي والشعبي لتقليل التأثيرات السلبية لبناء سد النهضة.
ودعا الأمين العام للحزب الاشتراكي المصري المهندس أحمد بهاء الدين شعبان في حديث للوكالة، إلى ضرورة استبعاد الخيار العسكري في التعامل مع القضية.
ونبَّه شعبان إلى أهمية تنشيط دور الدبلوماسية الشعبية لتقوية العلاقات مع الدول الافريقية واستثمار العلاقات التاريخية مع أفريقيا خاصة مع دول منابع النيل (تشمل إثيوبيا، ورواندا، وبوروندي، كينيا، وتنزانيا، والكونغو الديمقراطية) خاصة أن الكونغو الديمقراطية رفضت التوقيع على “اتفاقية عنتيبي” التي وقعت عليها غالبية دول منابع النيل لتحل محل اتفاقية العام 1929 التي تنظم أنصبة دول حول النيل (مجموعة دول المنبع ومجموعة دول المصب وهي مصر وجنوب السودان، والسودان)، وتتمسك مصر بها.
وقد مثَّلت “أزمة سد النهضة” حدثاً كاشفاً لواقع العلاقات المصرية الأفريقية والتراجع الذي أصابها باضطراد طوال العقود الأربعة الأخيرة، وللآليات التي يتعامل بها النظام المصري مع ملفات السياسة الخارجية.
http://www.alquds.co.uk/?p=51442
------------------------------------------
قبل الحل العسكرى لمشكلة سد النهضة يجب الخلاص من الاخوان ونظام حكمهم العميل المدمر لمصر. فمن الممكن الحل بطرق غير عسكرية