http://www.middle-east-online.com/?id=36383
هل العراق متجه نحو حرب أهلية أم ما هو أسوأ منها؟
فراغ السلطة والتشظي الطائفي والحزبي وتفاقم الخصومات ترشح لاندلاع حرب الجميع ضد الجميع.
ميدل ايست اونلاين
بغداد ولندن - من لين نويهض ولوك بيكر
تأرجح العراق خلال السنوات الثلاث الماضية على شفا الحرب الاهلية أكثر من مرة... غير أنه خلال الايام الثلاثة الماضية ومنذ تفجير مزار مقدس لدى الشيعة يوم الاربعاء فان التهديد بنشوب حرب أهلية بات أقرب الى الواقع.
وفي ظل استهداف المسلحين من السنة للاغلبية الشيعية ورد الميليشيات الشيعية الغاضبة على ذلك فان التهديد بتفجير صراع مذهبي شامل أصبح حقيقيا للغاية الان.
في الوقت نفسه فان العلاقات بين الفصائل الشيعية اخذة في التوتر بشكل متزايد مع حدوث اشتباكات عرضية خلال الشهور الاخيرة فيما بينها مما يزيد من مخاطر حدوث حالة من الفوضى الشاملة المنفلتة يقول محللون انها يمكن أن تكون أسوأ من حرب أهلية صريحة.
وقال توبي دودج الخبير في شؤون العراق بجامعة كوين ماري في لندن "هذا لا يتشكل لان يكون مجرد حرب أهلية.. انه اسوأ من ذلك. انها حرب الجميع فيها ضد الجميع."
وأضاف "ما لدينا هو حالة من الفراغ الامني سمح بصعود قوى مختلفة تقاتل بعضها بعضا من أجل السيطرة... انها أكثر تمزقا من الحرب الاهلية."
ويمكن ان تتفاقم الخصومات المسلحة بين الميليشيات الشيعية الممثلة في منظمة بدر الموالية لايران والتابعة للمجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق وجيش المهدي الموالي لرجل الدين الشاب مقتدى الصدر المناهض للولايات المتحدة.
وحتى الان يقف الصدر وعبد العزيز الحكيم رئيس المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق معا من الناحية الرسمية عقب الهجوم الذي دمر القبة الذهبية لمزار شيعي في مدينة سامراء والذي يحتمل أن يكون نفذ على يد مسلحين من السنة.
غير أن منظمة بدر وجيش المهدي اشتبكا في مدن بالجنوب ذي الاغلبية الشيعية في الماضي كما أن وجهات نظرهما المتباينة حول مستقبل العراق تهدد باستمرار بالانفجار والتحول الى صراع مفتوح.
وفي الوقت نفسه فان الميليشيات الشيعية وقوات الامن العراقية المختلطة بين الشيعة والسنة تواجه تهديدات من عدد من الجماعات السنية المسلحة والتي تشمل قوميين وبعثيين موالين للرئيس المخلوع صدام حسين ومتشددين اسلاميين بعضهم من الاجانب.
واشتبك أفراد من جيش المهدي الجمعة مع مسلحين مشتبه بهم من السنة في معارك بشوارع العاصمة بغداد.
وتعد المخاطر من أن يؤدي انهيار السلطة الى نشوب حرب شاملة أكبر في بغداد والبلدات المجاورة لها التي يسكنها خليط من السنة والشيعة والاكراد.
وشهدت تلك المناطق بالفعل عمليات طرد لسنة وشيعة من ضواح أو بلدات بأكملها في عملية تستدعي الى الذاكرة عمليات التطهير العرقي في يوغوسلافيا السابقة خلال حرب البلقان.
ففي حي الدورة الذي يسكنه سنة وشيعة أعادت أعمال القتل المتبادلة بين السنة والشيعة خلال العام الماضي رسم الحدود لدرجة أن السكان يتم حاليا توقيفهم ويعرفون بناء على انتماءهم الطائفي وهو الشيء الذي كان غريبا على العراقيين قبل عامين فقط.
وفي حال اندلاع حرب شاملة فان مدن بغداد وبعقوبة وكركوك والموصل التي يسكنها مزيج كبير من السنة والشيعة والاكراد يمكن أن تمنى بأسوأ العواقب.
[SIZE=5]
ويمكن أن ينتهي الامر ببغداد بعدد سكانها الهائل بوضع يشبه بيروت التي كانت مركز الحرب الاهلية اللبنانية في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي أو سراييفو أو شيئا أسوأ منهما.وقال دودج "اذا نظرت الى بغداد.. سيكون من الصعب تطهيرها (من أحد مكونات تركيبتها السكانية ). اما اذا حاولت تقسيمها.. فان ذلك سيجعل سراييفو بالنسبة لها كحفل شاي."
والكثير معلق الان على كيفية عمل القوات المسلحة في العراق.
ويهيمن الشيعة على الجيش وهو ما يرجع الى عودتهم للظهور عقب الاطاحة بصدام حسين. ولكن هناك أيضا عربا سنة وأكرادا يتولون قيادات ومناصب.
وقال مارتن نافياس الباحث في مركز دراسات الدفاع بكلية كينغز في لندن "هل سيحافظ الجيش على شكله أم سينفجر داخليا؟"
وأضاف "يمكن أن يتفكك تماما وفي حال حدوث ذلك.. فسنواجه مشكلة عصيبة للغاية. الايام القليلة القادمة حاسمة."
ويعد دور القوات الاجنبية في العراق التي تقودها الولايات المتحدة والبالغ عددها 160 ألفا حاسما ايضا. وقام الجيش الاميركي بأعمال الدورية في شوارع بغداد يوم الجمعة ليحافظ على السلم في ظل حظر التجول غير أنه يحاول في الوقت نفسه عدم الظهور بشكل كبير لتجنب اثارة مزيد من العنف.
ووجود القوات الاميركية سلاح ذو حدين حيث أنه يسهم من ناحية في كبح جماح اندلاع صراع أوسع نطاقا غير انه من ناحية أخرى يسهم في تفاقم العنف المناهض للولايات المتحدة.
ويمكن أن تشجع الحرب الاهلية الاكراد على الانفصال بمناطقهم الشمالية التي تحظى بالفعل حاليا بحكم ذاتي واسع كما أنها معزولة نسبيا عن العنف الذي أصاب أنحاء العراق منذ عام 2003.
كما أن انهيار السلطة المركزية يمكن أن يغري الاكراد بالسيطرة على مدينة كركوك المتنازع عليها بحقولها النفطية الهائلة رغم أن مثل تلك الخطوة يمكن أن يجعل الاكراد الذين يعيشون في بغداد وغيرها من المدن عرضة لانتقام العرب.
ويمكن لاي محاولة من جانب الاكراد للانفصال ان تشجع ايضا الشيعة على الانفصال بالجنوب الغني بالنفط وهو ما يترك السنة بمساحات شاسعة من الارض القاحلة وسط العراق بينما يتقاتل الجميع حول بغداد.
ولا يقتنع المحللون باحتمال تقسيم العراق الى ثلاثة أقسام غير أن أغلبهم يتفقون على أن اندلاع مزيد من العنف في بغداد من شأنه أن يمهد لحرب أهلية مريرة.