الأخ الكريم Beautiful Mind
موضوعك جميل وإن كنت قد قمت ببعض الشطحات هنا وهناك كقولك:
فإعتمادا على ان القرآن هو كتاب الله فإن أي تشريع مهما كان أحمقا أو لا إنسانيا أو غير فعال او بدوي أو متخلف يكون له قدسية وهمية و فعالية مؤكدة لا تعرف من أين اتى بهما.
فلو تكلمنا عن تقسيم المواريث أو الشهادة أو قوامة الرجل.
لو تكلمنا عن الحدود الوحشية على أشياء بسيطة جدا مثل شرب الخمر أو اشياء خاصة و شخصية مثل العلاقات الجنسية أو جرائم إجتماعية مثل السرقة و القتل سنجد أسلوبا يتسم بالهمجية (عذرا) أساسا و غير فعال ثانيا.
يعني الجلد لمن يشرب الخمر ..
قطع اليد لمن يسرق ..
الرجم لمن يزني ..
أي وحشية تلك ؟!!
التشريعات الإسلامية ليست بدوية وبالتالي فإن الرسول ليس بدوياً وقد أدرجت موضوعاً يثبت صحة ذلك ولم تقم أنت بالرد عليه.
الموضوع:
http://www.nadyelfikr.net/viewthread.php?f...fid=5&tid=39500
بالنسبة لموضوع الحدود فاسمح لي –عذراً- أن أثبت لك جهلك فيه، أين هي الآية التي تقول برجم الزاني في القرآن؟؟؟؟ المعروف أن حدود الله ذكرت كلها في القرآن فحبذا لو ذكرت لي الآية التي تقضي برجم الزاني والزانية.
بالنسبة لموضوع القرآن والسنة فيجب التأكيد بأن القصد بالسنة هو السنة العملية القطعية المنقولة بالتواتر إضافة إلى كلام النبي صلى الله عليه وسلم الثابت بالقطع عنه وليس الأحاديث. ويجدر الذكر هنا أن كل قول أو فعل أو تقرير قام به النبي صلى الله عليه وسلم وثبت عنه بالقطع فهو مما لا شك فيه عندنا، بل لا يمكن تصور أن يكون موضع شك عند غيرنا من المسلمين، وهو متوافق مع القرآن الكريم حتما. لذلك فإن الأصل أن مسألة نسخ السنة للقرآن غير واردة مطلقا، من باب أن التوافق التام والانسجام التام هما سمة السنة العملية والكلام الأصلي الثابت عن الرسول حتما. ويجب أن نجتهد في إيجاد هذا التوافق والتدليل عليه، وهذا هو منهجنا ومقصدنا في البحث في السنة والحديث معا.
أما بالنسبة إلى الأحاديث بشكل خاص، فنحن ننظر إليها جميعا نظرة متساوية، ولكن تحت سلطة القرآن وهيمنته. وبسبب أنها لم تثبت بالقطع عن الرسول صلى الله عليه وسلم (إلا القليل جدا منها) فلا يجوز أن نستند إليها لوحدها دون الرجوع إلى القرآن الكريم، مهما كانت مرتبتها وتصنيفها حسب علم مصطلح الحديث. فنحن نلتمس فيها وجوها تتوافق مع القرآن الكريم ونقبل بتلك الوجوه. أما ما لم نجد له وجها مقبولا، أو ما قد نجد له وجوها تتعارض مع القرآن وفق فهمنا، فنتركه ولا نرفضه أو نكذبه. وتبقى الأحاديث عندنا موضع نظر إلى قيام الساعة، وما تركناه اليوم قد نعود إليه لاحقا إذا تبين لنا اشتماله على وجه مقبول يمكن أن نأخذ به. وهكذا فإن القول بنسخ الأحاديث للقرآن غير وارد عندنا أيضا، بل ننظر إلى الأحاديث كخادمة للقرآن وكوجوه لتطبيقه وفهمه.
ولا بد من التأكيد أيضا أن بعثة النبي صلى الله عليه وسلم وسنته العملية وقوله الثابت عنه وأسوته الحسنة هي كلها ذات أهمية بالغة. ولا يمكن القول بأن القرآن وحده كافٍ لفهم كل ما يتعلق بالدين وتحقيق الغاية منه والالتزام به، بل إن كل ما يفهم منه بالتدبر هو أمر يحتمل الصواب والخطأ والأخذ والرد. لقد أرسل الله سيدنا محمدا صلى الله عليه وسلم لكي يكون قرآنا يمشي على الأرض، فلا غنى للقرآن عن الرسول صلى الله وسلم ولا غنى للرسول عن القرآن. وإن في سنة النبي صلى الله عليه وسلم وسيرته منارات وعلامات لفهم القرآن في الماضي والحاضر والمستقبل.
ولم تكن بعثة النبي صلى الله عليه وسلم هي فقط لكي يبلغ القرآن للناس، بل ليعمل على تزكية الناس ولكي يعلمهم الكتاب والحكمة ولكي يكون مثالا عمليا تطبيقيا أمامهم. لذلك فترك السنة والنظر إليها باستخفاف هو زيغ عن جادة الحق. فكما كان القرآن الكريم هو الكتاب الكامل، كان كذلك الرسول صلى الله عليه وسلم التطبيق الأكمل للقرآن. وطبيعة الصلة بين القرآن الكريم وبين الرسول صلى الله عليه وسلم هي ليست كعلاقة أي إنسان بكتاب. فلم يكن القرآن الكريم كتابه المرجعي الذي كان يرجع إليه لكي يقرر ما يفعل كذا أو يترك كذا، بل إن علاقته بالكتاب هي علاقة عضوية تجعل كل فعله وقوله منسجما تلقائيا مع الكتاب ومتوافقا معه.. فلا يظنن أحد أن العلاقة بين الرسول صلى الله عليه وسلم وبين الوحي من الله هي كعلاقة التلميذ بالعلم الذي يتلقاه من أستاذه، فهذا قياس خاطئ، وهو فهم لا ينطبق على مفهوم الوحي أو النبوة. إن الوحي الإلهي هو روح تحيا في قلب الرسول صلى الله عليه وسلم وهو ليس مجموعة من الكلمات أو القواعد التي حفظها الرسول وأخذ يقيس ويجتهد بناءً عليها. فسنته العملية هي قرآن عملي وليست اجتهادا أو فهما. وهذه قضية دقيقة ينبغي ألا تغيبن عن البال.
وقد يُفهم منا خطأ أننا ندعو إلى أخذ القرآن وترك ما دونه، وأن القرآن وحده يكفي، وهذا ليس ما نقول ولا ما ندعي. وهذا الفهم إن وجد عند قوم فإنهم يقطعون صلتهم بالنبي تدريجيا ويتركون الحق إلى الباطل ويتكلون على أفهامهم وأرائهم ويتركون سنة النبي صلى الله وسلم.
وأؤكد مرة أخرى أن مبعث ردنا للحديث إلى القرآن للنظر فيه ما هو إلا طريقة للبحث عن مقصود النبي صلى الله عليه وسلم من الحديث (إن كان قد قاله أصلا) ومحاولة لتصحيح الحديث والاستفادة منه. وهذا مبعثه عدم الثبوت القطعي للرواية واللفظ عن الرسول صلى الله عليه وسلم. ولو ثبتت الأحاديث عندنا قطعيا لما كان هنالك من حاجة لردها إلى القرآن الكريم لكي نقرر أن نعمل بها أولا نعمل، فهي بلا شك متوافقة، وإن كان هنالك من باب للتدبر فهو للتعلم والتفكر لا للأخذ والرد. فلو كانت قد خرجت من فم النبي المبارك فهي قطعا الحق المبين دون أدنى شك. ولكن للأسف، لم يتيسر لنا هذا الأمر، وكان لا بد من أن نقوم بذلك مكرهين لكي نتلمس طريق الحق ولكي نخدم دين الله الحق. ونحن هنا نقف على طرف نقيض في مواجهة الذين بنوا دينهم على الأحاديث التي هي في غالبيتها العظمى ظنية الثبوت رواية ولفظا عن النبي صلى الله عليه وسلم، ناهيك عمن اعتمدوا على القصص والروايات وأقوال صلحائهم وتركوا القرآن والسنة مهجوريْن.
وهكذا فإننا نؤسس ديننا على اليقين لا الظن، ونستفيد من كل الآثار والأحاديث في فهم أمور تفصيلية وتطبيقية. كما أننا نستفيد من الأنباء التي وردت في الأحاديث وتحققت في زماننا أو في زمان قبلنا ونتدبر فيها ونرى أوجه تحققها، لكي نعلم في أي موضع نحن نقف. ونعلم أن الأنباء المتحققة هي حق أنبأه الله تعالى إلى رسوله. فالغيب بيده ولا يطلع عليه أحدا إلا من ارتضى من رسول. وهكذا فإننا نستفيد من الأحاديث إلى أقصى مدى، ولكن من خلال ضوابط تجعل الحديث خادما للقرآن الكريم وتابعا له وللسنة العملية، ولا نترك الأحاديث تنحرف بنا بعيدا عن طريق القرآن والسنة العملية. هذا هو المنهج الصحيح الواجب إتباعه، لنعود إلى القواعد الراسخة اليقينية ونزيل عنا غمامة الظنون والروايات والقصص والآراء التي لعبت دورا رئيسا في خلق الفرق والملل والمذاهب والنِحَل.
إن المنهج القويم هو تقديم القرآن على ما سواه وليس ترك ما سواه. فلا بد أن نستفيد من كل ما سواه من السنة القطعية أو الأحاديث الظنية الثبوت أو حتى كل ما ينفع الناس من العلوم التي تخدم الدين. إننا كمسلمين نؤمن بالرسول صلى الله عليه وسلم كما نؤمن بالقرآن الكريم، ولا يقتصر إيماننا على التصديق بأنه مجرد المرسَل الذي حمل إلينا الكتاب بل هو ذلك الشخص الذي كان هو الكتاب التطبيقي العملي. وأي عدم توازن في الإيمان بالكتاب أو بالرسول صلى الله عليه وسلم سينعكس بشكل خطير على حقيقة الإيمان بمجملها.
لقد أرسل الله ثلاثة أمور لا بد منها لتحقق الهداية، الأول هو القرآن، أما الأمر الثاني فهي السُّـنَّة أي ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من أعمالُ قام بها لتفسير أحكام القرآن الكريم.
وأما الأمر الثالث للهداية فهو الحديث، فهو يبين لنا بشكل مفصل الشيء الكثير من الأمور الإسلامية التاريخية والأخلاقية والفقهية.
تحياتي (f)
سلام