-ليلى-
عضو رائد
المشاركات: 3,167
الانضمام: Feb 2005
|
قصص قصيرة لأحبابنا الصغار...ليت الطفولة تعود يوما
قلب الحمامة
تأليف: صلاح محمد علي
في تلك الليلة الربيعية المقمرة،
جلس سكان الغابة يتسامرون.
فتحدثوا عن أشياء كثيرة،
وانتهى بهم الحديث إلى التفاخر.
فقال الأسد
"أنا أقواكم عضلات!"
فردد الجميع: نعم.. نعم.. صحيح!
وقال الفهد الصياد
أنا أسرعكم جرياً!.
وقال الفيل
: أنا أضخمكم جسماً!
وقالت الزرافة:
أنا أطولكم عنقاً وأقداماً!
وقال الغزال:
أنا أرشقكم بَدَناً!
وكلما افتخر أحدهم بشيء، كان الجميع يرددون:
نعمْ نعمْ!. صحيح صحيح!
وأخيراً قالت الحمامة
:"أما أنا.. فأنا.."
ثم سكتت.. فصاح الجميع، وبعضهم كان يسخر منها:
- وأنتِ .. أنتِ ماذا؟!
قالت الحمامة
والخجل يُلوّنُ عينيها:
- .. أنا .. أنا أكبركم قلباً!
فصاح الجميع بصوت واحد: ها؟؟!
وكان بعضهم يضحك ويتغامز. فقام الدبوقال بوقار:
- دعونا نعرف، كيف صارت هي أكبرنا قلباً؟
ثم التفت الدب إلى الحمامة
وسألها:
- قولي لنا يا صغيرتي كيف عَرَفْتِ أنكِ أكبرُنا قلباً؟!
صفَّقَتِ الحمامة بجناحيها، وحامت حول الجميع وقالت:
- أنا أكبركم قلباً لأنني أحبُّكم جميعاً..
ولو لم يكن قلبي كبيراً لما اتسع لكم جميعاً!
فصفَّقَ لها الحاضرون وقالوا معاً:
"نعمْ، نعمْ.. صحيح، صحيح"!.
(تم إجراء آخر تعديل على هذه المشاركة: 03-20-2007, 02:34 PM بواسطة -ليلى-.)
|
|
04-04-2006, 10:26 PM |
|
{myadvertisements[zone_3]}
{myadvertisements[zone_3]}
{myadvertisements[zone_3]}
-ليلى-
عضو رائد
المشاركات: 3,167
الانضمام: Feb 2005
|
قصص قصيرة لأحبابنا الصغار...ليت الطفولة تعود يوما
تعال نلعب
كانت أسرة سعد تستعد للانتقال إلى منزل جديد . وكان عمال النقل منشغلين بحمل المفروشات ونقلها إلى الشاحنات ..
رأى سعد العمال يحملون الكراسي والطاولات ، وينقلونها عبر الأروقة والبوابات ، ورآهم يكدسون الصناديق ويسدون بها الطريق .
وكان سعد يريد أن يلعب ، لكن ألعابه كلها كانت موضبة في صناديق ..
نادى سعد أمه وقال : تعالي إلعبي معي !!
لكن أمه كانت في المطبخ توضب الأطباق والصحون *** أحسن ما يكون .
قالت له أمه : أنا آسفة يابني فالعمل كثير عليّ ..
نادى سعد والده ، وقال له : تعال العب معي !!
لكن والده كان منشغلاً جداً في توضيب ما عنده من عُدة . وكان يجمع في صندوق كبير قديم ما عنده من مطارق وزراديات ، وأشياء أخرى مفيدة عند اللزوم .
قال له والده : اليوم لن ألعب معك يا بني علي أن أوضب العدة التي بين يدي ..
ركض سعد إلى أخته سعدة وقال لها : تعالي إلعبي معي !!
لكن سعدة كانت في غرفتها وفي يدها ألعابها التي تحبها وأمامها كتابها ودميتها ونظارتها .
قالت له أخته : لن ألعب معك اليوم عليّ أن أرتب حاجاتي ولعبي تعال ساعدني في نقل كتبي ..
نادى سعد القطة وقال لها : تعالي إلعبي معي !!
لكن القطة كانت مستلقية في حوض الأزهار تريد أن تنام ، ولا تريد أن يزعجها أحد من أهل الدار ..
قالت له القطة : مياو ، مياو ! اتركني يا سعد ! ألا ترى أني نعسانة إلى أبعد حد ؟
نادى سعد الضفدع الذي كان في آخر الحديقة وقال له : تعال العب معي !!
لكن الضفدع كان جالساً *** حجر زلق ينتظر أن يصطاد ذبابة طائرة أو حشرة أو غيرها بلسانه ..
قال له الضفدع : لا شكراً ! أنا جوعان ومتعب أُفضل أن آكل لا أن ألعب ..
صاح سعد بأ*** صوته منادياً كل السامعين : تعالوا العبوا معي !!
لكن لم يرد عليه أحد .
ولم يكن حوله شئ يلعب به .
لا حوض رمل ولا أراجيح ولا دراجات ولا كرات ولا قطار ولا سيارات .
لم يكن حوله إلا صناديق فارغة وعلب مرمية في فناء الدار *** جنب .
كانت هناك صناديق متنوعة الأشكال والأحجام فهناك المربعة والدائرية والطويلة والقصيرة والملونة والكبيرة والصغيرة والمكسرة والسليمة ..
فكر سعد قليلاً ثم قال : صناديق وعلب عز الطلب !؟
رأى سعد هذه الصناديق والعلب ممتازة للعب .
وهكذا انهمك في فناء الدار يشكل من تلك الصناديق والعلب صفوفاً ؛ يضع بعضها فوق بعض ويجعل منها مقاعد ورفوفاً .
ثم نادى بأ*** صوته أهل الدار ، وقال : أنا صاحب الأفكار..
بنى سعد لنفسه عالماً خيالياً يقوم فيه بمغامرات كما يسمع في الحكايات .
كان في عالمه بحار وعرائس بحر .
وكان فيه أمواج عظيمة .
وسفن شراعية مخيفة .
وتنانين تقذف دخاناً .
ونيراناً كثيفة .
وكان سعد ملك البحار ، وسيد الأدغال والقفار .
وكان الشاب الذي تخاف منه الوحوش ، ويحبه الصغار والكبار .
وكان رفاق ملك البحار كلهم يرغبون في اللعب معه .
وقد اكتشفوا أن كائنات جاءت من كواكب بعيدة فاستقبلوها .
وأن صحوناً طائرة قد هبطت في أرضهم فصعدوا إليها وجربوها .
لعب سعد مع رفاقه ومع الكائنات اللطيفة التي جاءت من الكواكب البعيدة .
لعبوا ولعبوا حتى تعبوا !!
فجأة رأى سعد أمه وأباه وأخته ، ورأى القطة والضفدع ، رآهم كلهم حوله يصيحون قائلين : نريد أن نلعب معك يا ملك البحار !
لكن ملك البحار كان يجلس في فناء الدار .
كان يجلس في حصنه العالي ، و*** عرشه الذهبي الغالي .
وكان سعيداً بما قام به من مغامرات ، فقال : لا ، اليوم لعبت حتى تعبت !
(تم إجراء آخر تعديل على هذه المشاركة: 03-20-2007, 02:36 PM بواسطة -ليلى-.)
|
|
04-29-2006, 10:29 PM |
|
{myadvertisements[zone_3]}
{myadvertisements[zone_3]}
-ليلى-
عضو رائد
المشاركات: 3,167
الانضمام: Feb 2005
|
قصص قصيرة لأحبابنا الصغار...ليت الطفولة تعود يوما
السحابة الطائشة
كانت السحابة الصغيرة التى أخذت تمتص بخار الماء
حتى أصبحت ضخمة وممتلئة جدا تعيش فوق البحر مباشرة .
وكانت منذ مولدها,قبل ثلاثة أيام ،
تقضى وقتها وهى تعوم فى السماء
وتتسلى برؤية نفسها على ماء البحر
الذى كان لامعا ويشبه مرآة كبيرة زرقاء .
كانت سعيدة طوال الأيام الثلاثة الماضية،
أما اليوم فقد كانت متضايقة جدا ..
لقد امتلأت كل السحب المجاورة بالماء
وأصبحت سمينة جدا وازدحمت السماء ,
ولم يعد بإمكان السحابة أن تتحرك ،
كى تلهو وتلعبnمع زميلاتها من السحب
لأن المكان أصبح ضيقا جدا .
أما البحر
فقد أصبح لونه رماديا ولم يعد بإمكان السحابة
رؤية نفسها على صفحته التى تشبه المرآة .
قالت السحابة لنفسها وهى متضايقة:
أوه ..
لقد أصبح من المستحيل أن أشاهد نفسى فى ماء البحر ..
ولا أن ألعب مع زميلاتى السحابات ،
لقد كان هذا هو الشىء الوحيد الذى يسلينى.
فكرت السحابة ..
وفكرت..
ثم قالت لنفسها :
على أن أبحث عن سماء أخرى ،فوق بحر آخر ,لأسكن فيها ،
فربما فى مكان آخرأستطيع رؤية نفسى فى ماء البحر ،
وأستطيع اللعب والعوم فى السماء .
كان البحث عن سماء أخرى يبدو حلا مثاليا بالنسبة لها,
لكن السماء كانت مزدحمة والسحابة لا تستطيع التحرك من مكانها
فكيف ستسافر لسماء أخرى!
فكرت السحابة ،قالت لنفسها
لا توجد رياح قوية لتحملنى ،يجب أن أعتمد على نفسى ,
سأسافر من هنا حتى لو تعاركت مع كل السحب فى السماء .
أخذت السحابة تزاحم لتوسع لنفسها طريقاً تسافر منه ،
كانت تخبط فى هذه السحابة وتبعد الأخرى
وتلقى بنفسها فى مساحة ضيقة لتحاول المرور بين سحابتين..
وفجأة
حدث ما لم يكن متوقعا ،
ارتطمت السحابة بسحابة أخرى عملاقة
وهبت الريح فى هذه اللحظة وحدث ما لم يكن متوقعا .
شرر متطاير
ورعد
وبرق ،
وأخذت باقى السحب تتراطم وتتخبط , وارتعدت السماء ,
وبدأت السحب تفقد جزءا هائلا من الماء المختزن بها .
فقدت السحابة وباقى السحب المجاورة الكثير من وزنها
الذى تحول لآلاف من قطرات المطر ،
مطر غزير أخذ يتساقط من السماء وينزل للبحر .
وعندما وصلت كل هذه القطرات من الماء للبحر
اعتقدت القطرات أنها ستكون وحيدة وغريبة فى البحر ،
ولكنها فوجئت بوجود آلاف من القطرات التى تعرفها جيدا
كلها كانت جاراتها فى السحب المجاورة .
خافت القطرات أن تكرهها القطرات الأخرى
لأن أمها السحابة الطائشة هى السبب فى تفتت القطرات
ونزولها للبحر ،لكنها فوجئت أن باقى القطرات لا تهتم .
فيما بعد طمأنتها القطرات الأقدم وقالت لها
هذا ما يحدث على مر السنين:
تتكون السحب فى السماء,
ثم تتساقط فى قطرات من المطر
الذى يكون البحار والأنهار ,
وتتبخر منه قطرات جديدة
لتكون سحباً أخرى .
فى البحر الذى أصبح بيت القطرات,
عاشت كل القطرات سعيدة ،وعرفت تاريخ البحر..
عرفت أنه فى الزمن القديم ..
القديم جدا ،
كان البحر مجرد حفرة ضخمة مهجورة من كل النباتات والحيوانات
لأنها كانت شديدة الملوحة ولم يكن يعيش بها أحد,
حتى سقطت المياه وملأتها
وصارت بحرا كبيرا ممتلئا بالسكان .
يوما بعد يوم أصبح البحر والد القطرات التى أصبحت قديمة
بعد أن جاءت قطرات مطر جديدة للبحر ،
بقيت القطرات فى البحر لكنها لم تنس والدتها السحابة أبدا .
كانت القطرات ترسل تحياتها للسحابة الأم مع البخار المتصاعد كل يوم ,
وكانت ترسل لها أيضا حكايات عن البحر وعن سكان البحر الكثيرين.
أما السحابة الأم فقد كانت أكثر راحة وسعادة الآن
بعد أن قل وزنها , وصفت السماء ولم تعد مزدحمة,
فأصبح فى إمكانها أن تلعب وتلهو فى براح السماء الصافية .
لم تعد تفكر فى السفر والهجرة لسماء أخرى.
كانت تنظر للبحر كثيرا
وتستقبل رسائل بناتها قطرات الماء
وتتسلى بحكايات البحر
التى تحملها لها الأبخرة التى تصعد لها كل يوم
لتحكى عن الأسماك
والحيتان
والنباتات
والجمبرى الصغير
والقواقع
وباقى سكان البحر .
كانت تقضى الساعات تتصور هذه الحياة
وتعرف
أنها فى يوم ما
ستتحول لقطرات ماء
وتصبح جزءاً من البحر
وسكانه .
(تم إجراء آخر تعديل على هذه المشاركة: 03-20-2007, 02:40 PM بواسطة -ليلى-.)
|
|
05-05-2006, 09:04 AM |
|
{myadvertisements[zone_3]}
-ليلى-
عضو رائد
المشاركات: 3,167
الانضمام: Feb 2005
|
قصص قصيرة لأحبابنا الصغار...ليت الطفولة تعود يوما
صديق الهواء
قصة محمود شقير
اتخذَ فارسٌ من الهواء صَديقاً له.
حدثَ ذلك، حينما لاحظَ فارسٌ رغبةَ الهواء في المزاح مَعَ الناس وَمع الأشجار،
وحينما لاحظَ أنَّ الهواءَ كثيرُ الحركة لا يحبُّ أنْ يَستقرَّ في مكان واحد.
قالَ فارس: الهواءُ يُشبهني وأنا أشْبهُ الهواء، ولذلكَ فنحنُ صديقان.
وقال: الهواءُ يمازحُ الأشجار، يُطَوِّحُ أغصانها ذاتَ اليمينِ وذاتَ الشمال.
وأنا أحبُّ أنْ أمازحَ الأشجار، أصعدُ فوقَ الشجرة التي أمامَ دارنا،
أهزُّ أغصانها ذاتَ اليمين وذاتَ الشمال، تماماً كما يفعلُ الهواء.
والهواءُ يركضُ في الطرقات مثلما أركضُ أنا في الطرقات،
والهواءُ يَضربُ الشبابيك ويجعلُها تصطفق مثلما أضربها أنا وأجعلُها تَصطفق.
قالَ فارس: الهواءُ صديقي وأنا صديقُ الهواء.
أنهضُ في الصباح وأذهبُ إلى المدرسة، يذهبُ الهواء معي إلى المدرسة.
أدخلُ إلى غرفة الصف، ويظلُّ الهواءُ في الخارج،
لا يَسمحُ له المعلمُ بالدخول إلى غرفة الصف خَوفاً على الأولاد من لمسته الباردة.
أقولُ له: تحمَّلْ يا صديقي ولا تَغضَبْ. فلا يغضبُ الهواء،
يظلُّ مُرابطاً خَلْفَ النوافذ حتى ينتهي اليومُ المدرسي، يُرافقني في طريق العودة إلى البيت،
أحدثُهُ عن دروس اللغة والحساب، يحدثني الهواءُ عَن انتظاره الطويل خلفَ النوافذ.
قالَ فارس: الهواءُ صديقي، غيرَ أنَّ أمي لا تسمحُ له بدخول بيتنا،
خوفاً على أختي الصغيرة مِنْ لمسته الباردة. أقولُ له تحملْ يا صديقي ولا تغضب.
فلا يغضبُ الهواء، أقولُ له: سأحضرُ لك كأساً من الشاي.
يقولُ لي: أنا لا أشربُ الشاي. ثم يمضي إلى جولة في الحي وفي السهول المحيطة بالحي.
يُصادفُ في الطريق دجاجةَ الخالة أم سليمان، يشعرُ بالرغبة في المزاح،
يجتذبُ الدجاجةَ من جناحيها، ويأخُذُها إلى آخر السهْل بعيداً عَنْ رفيقاتها الدجاجات،
فتغضبُ الخالةُ أمُّ سليمان، تغضبُ من الهواء الذي حملَ دَجاجَتَها بعيداً.
يقتربُ الهواءُ من البستان المليء بأشجار المشمش والبرقوق والتفاح،
تَستبدُّ به الرغبةُ في المزاح، ينهمكُ في اللعب مع الأشجار،
يلعبُ الهواء دُونَ تَوَقُّفٍ مع الأغصان، فلا تحتملُ مزاحَهُ العنيف،
تقولُ له: خَفِّفْ مزاحكَ أيها الهواء، فلا يسمعُها، لأنه مُستمرٌ في مزاحه العنيف،
مُعتقداً أنَّ الأغصانَ مَسرورةٌ لهذا المزاح، وها هي ترقصُ طرباً، لكنها لم تكنْ كذلك،
خُصوصاً حينما بدأتْ تنقصفُ وتهبطُ نحوَ الأرض باكيةً شاكية،
والهواءُ لا يَسمَعُها وهو مُنْخَرِطٌ في مزاحه العنيف.
(تم إجراء آخر تعديل على هذه المشاركة: 03-20-2007, 02:48 PM بواسطة -ليلى-.)
|
|
05-06-2006, 08:40 AM |
|
{myadvertisements[zone_3]}
-ليلى-
عضو رائد
المشاركات: 3,167
الانضمام: Feb 2005
|
قصص قصيرة لأحبابنا الصغار...ليت الطفولة تعود يوما
[CENTER]
فيل أصفر
منذ زمن بعيـــــــــــــــــد جدا ،
كانت هناك أفيال صفراء جميلة تعيش فى جزيرة دافئة منعزلة.
كانت أفيالاً طيبة تحب بعضها بعضا,
وربما كانت تحب باقى الحيوانات التى تعيش معها فى الجزيرة
لكنها لم تكن تتعامل معها أبدا .
كانت الأفيال الصفراء تعتقد أنها أذكى وأقوى وأجمل الكائنات ،
وأنها ليست فى حاجة لغيرها من سكان الجزيرة كالعصافير
أو القطط أو الفئران أو حتى الغزلان الجميلة والقرود الذكية.
لم تكن تتعامل مع أحد لأنها كانت تعتقد أنها لا تحتاج لأحد
حتى لتلك الأفيال ذات اللون الرمادى الأقل جمالا .
وسط قطيع الأفيال الصفراء الضخمة كان يعيش فينو الفيل الأصفر الصغير.
فينو لم يفهم أبدا لماذا لا تتعامل الأفيال الصفراء
مع غيرها من الحيوانات فى الجزيرة.
لم يكن هناك ما يدفعه للابتعاد
عن عمل صداقات مع غيره من الحيوانات.
ولم يكن يجد ما يمنعه من أن يلقى التحية على أحد القرود
أو يرد تحية عصفور ما ،
أو يسقط غصن لسلحفاة ترغب فى تناول طعامها ولا تطول الأشجار,
أو أن يتمشى مع فيل من الأفيال ذات اللون الرمادى
التى كان يراها لا تقل جمالا عن الأفيال الصفراء .
لذا
كان فينو يختلف عن باقى أقربائه من الأفيال الصفراء ،
كان محبوبا فى الغابة ،
وكان معروفا بحبه للجولات على سطح الجزيرة
وترحيبه بمصاحبة أى حيوان آخر فى جولاته الصباحية تلك.
ولأن فينو يحب مغادرة هضبة الأفيال الصفراء بين حين وآخر
ويحب التجوال فى جزيرته الجميلة أصبح يعرف كل مكان فى الجزيرة ،
كل وادٍ ،كل كهف وكل جبل وكل مسقط ماء ،
أما باقى زملائه وأقربائه من الأفيال الصفراء
فكانوا لا يغادرون هضبتهم التى سميت الهضبة الصفراء أبدا ولأى سبب كان .
تسببت جولات فينو فى أنحاء الجزيرة فى سخط الأفيال الصفراء عليه
واتهامه بأنه يسىء لهيبة الأفيال الصفراء.
وفى يوم ما انعقدت محكمة الأفيال
وقررت أن يقاطع كل الأفيال من افراد الهضبة الصفراء فينو الصغير
وأصدروا قراراً بمنع تعامل كل جماعة الأفيال الصفراء معه .
خرج فينو من المحاكمة حزينا لهذا الحكم الظالم,
وأخذ يمشى وهو يفكر فى مصيره بعد أن أصبح منبوذا من أهله الفيلة الصفراء.
انقضى اليوم وهو يتمشى حزينا.
وعند هبوط الليل وجد أن الجو قد أصبح بارداً جداً ،
فى هذه اللحظة فقط تذكر الأحداث الغريبة التى تحدث للجزيرة هذه الأيام ،
وطقسها الذى يتبدل من الدفء للبرودة,
إنه نفس ما حدث فى الشتاء الماضى لكنه يزداد برودة هذا الشتاء.
تذكر أيضا أن قمم الجبال قد اكتست ببعض الثلوج فى الليالى الماضية
وأنه لاحظ أن الحيوانات تحاول البحث عن أماكن أكثر دفئا
لتبقى فيها اذا ما حدث وازدادت البرودة ،
حتى هو نفسه كان قد وجد كهفا فى الصباح
وغادره ليقوم بتحذير الأفيال الصفراء
ونصحهم بضرورة البحث عن مبيت احتياطى ،
لأن نومهم فوق الهضبة لن يكون مناسبا فى هذا الجو البارد,
لكنهم لم يسمعوه,
كانوا مشغولين بقضية تعامله مع الحيوانات الأقل قيمة فى الغابة
وجريمة قيامه بجولاته الصباحية فى انحاء الجزيرة كلها .
وبينما كان فينو يسترجع كل تلك الأفكار فى رأسه
شعر بالبرودة الشديدة ،
وأحس بقطع الثلح البيضاء وهى تتساقط على ظهره العريض
وتتسبب فى قشعريرة تنتشر فى جسده كله.
ارتعش الفيل ونظر حوله فوجد كل الحيوانات تجرى وتختبئ
ما عدا الأفيال الصفراء.
وقف الفيل يحذرها كثيرا ورجاها أن تبحث عن مخبأ،
ثم تركها وجرى ليختبئ فى كهفه
الذى وجده فى الصباح بين الأشجار الكثيفة .
بعد أن أصبح الفيل فى أمان
وشعر ببعض الدفء بعيدا عن الصقيع فى الخارج ،
أخذ يفكر فيما يحدث وكيف تحولت الجزيرة الدافئة ذات الشمس الساطعة
فى الاعوام الثلاثة الماضية إلى جزيرة تغطيها الثلوج وتعمها البرودة القارصة ،
كان يفكر .. فيما ياترى قد حدث لباقى حيوانات الجزيرة فى الخارج ،
كان يتمنى لو يخرج ليعرف ماذا حدث لباقى الحيوانات ،
لكن الجو بالخارج كان شديد البرودة ،
فكر فى أسرته الكبيرة من الأفيال الصفراء وما قد يحدث لها ،
كان يتساءل ما الذى كان يبقيها متجمعة هكذا لا تتحرك
ولا تبحث عن مكان تختبئ فيه،
دعا الله أن تكون قد تحركت فى الوقت المناسب
ووجدت مكاناً لتختبئ ،
وتمنى لو كان الوقت قد اتسع ليتغلب على عنادهم
ويتمكن من ارشادهم لمكان من الأماكن الكثيرة
التى يعرف أنها تصلح للاختباء فى الجزيرة ,
وتمنى لو كان بعضهم قد وافق أن يأتى معه إلى هذا الكهف .
فكر أن يخرج للحاق بهم والاطمئنان عليهم,
ولكن الثلوج كانت قد هطلت بشدة
وغطت مدخل الكهف والأشجار التى تحيط به
وتركت فينو محبوساً فى الداخل.
مرت ثلاثة أيام وفينو محبوس فى الداخل لا يعرف كيف يخرج,
وبينما كان يعانى من اليأس والبرودة ويبكى ويفكر ويقول لنفسه
إنه سيموت محبوسا بالداخل
سقط أمامه من اعلى الكهف فأر صغير يرتعش ،
تعرف عليه فينو فى الحال,لقد تقابلا من قبل,
إنه الفأر دندن.
تحرك فينو فى اتجاهه,
وقف أمامه وأخذ ينفخ فيه بخرطومه ليدفئه
وبالتدريج استعاد دندن وعيه .
اتفق فينو ودندن أن يتقاسما المخبأ,
وكان أهم ما يشغلهما أن يعرفا أحوال الجزيرة فى الخارج.
تعاونا على حفر نفق صغير ليستطلعا أحوال الجزيرة
ويبحثا عمن يساعدهما ليزيحا أكوام الثلج من أمام باب المخبأ.
ذهب الفأر ليستطلع, لكنه عاد سريعا يرتعش من البرد
ويؤكد أن البرد بالخارج لا يحتمل وأن الكهف شديد الدفء بالنسبة للخارج .
تعاون فينو ودندن ليتمكنا من الحياة داخل كهف الأغصان.
اقتصدا فى تناول الطعام فكانا يأكلان القليل من الأغصان
التى احتجزها الثلج عند مدخل الكهف وحافظا على بعض من الاغصان الجافة
بعيدا عن الرطوبة فى أعلى الكهف.
كانا يحاولان تدفئة نفسيهما ببعض الحركة فى النهار,
وفى الليالى عندما تزداد البرودة كانا يجلسان ويشعلان بعض الأغصان الجافة
ويجمعان بحرص قطرات الماء التى تذوب من حرارة الحطب المشتعل
فى حفرة صخرية بالكهف ليشربا منها فى اليوم التالى.
وبعد جمع الماء كان يتسليا بحكى الحواديت.
كل منهما حكى للآخر .
دندن حكى عن زوجته التى تنتظر أطفالا جددا وعن طفليه الصغيرين
والحفرة التى تواعدوا على المبيت فيها لتحميهم من البرد
وكيف أنه كان فى طريقه إليهم عندما هطلت كل تلك الكميات من الثلج
مما شل حركته ودفعه للالتجاء لهذا الكهف, وكيف كان سيموت
لولا أنفاس فينو التى بثت الدفء فى الكهف وانقذته من الموت.
تمنى دندن أن تكون أسرته بخير.
وحكى فينو عن قبيلته من الفيلة الصفراء
وطيبتهم رغم حبهم للانعزال وقوانينهم الصارمة التى لا تعرف الرحمة .
وكانا عندما يغلبهما النعاس ينامان حتى يشعرا ببعض الدفء فى الصباح
فيصحيان من جديد.
فى يوم لاحظ الفأر أن الثلوج أصبحت أكثر هشاشة والجو أكثر دفئاً.
وبعد عدة أيام بدأت الثلوج تذوب وتتلاشى وباب الكهف ينفتح شيئا فشيئاً.
خرج الصديقان إلى الغابة
ليشاهدا الشمس لأول مرة منذ شهور,
وكانت باقى حيوانات الجزيرة قد بدأت تخرج للغابة هى الأخرى.
كان الجميع سعداء وكل واحد يبحث عن باقى أصدقائه.
وجد دندن أسرته, زوجته وطفليه,ووجد أن زوجته قد أنجبت ثلاثة أطفال
وجدهم فى الحفرة العميقة التى كانوا يختبئون فيها
وقد عرَفهم جميعا على صديقه الجديد فينو.
بحث فينو عن باقى قبيلته لكنه لم يجدهم أبدا .
قال البعض إنهم تجمدوا, وقال البعض إنهم غرقوا ،
لكن الحقيقة ظلت غير معروفة ،
فلقد ضل وهلك كثيرون فى هذا الشتاء السىء .
وللأسف,منذ ذلك الوقت لم يعد هناك أفيال صفراء.
لقد تحولوا لمجرد ذكرى فى ذهن فينو.
وبعد أعوام طويلة كان العجائز من أفراد الغابة يحكون للصغار
عن أنه فى يوم من الأيام كان هناك فيل أصفر طيب
يحب الجميع ويساعد الجميع,
لكن الصغار كانوا يعتقدون أن هذه الحكاية ماهى إلا حكاية خرافية
فلا يمكن أن يوجد أفيال صفراء.
الأفيال لونها رمادى ..
رمادى فقط !
كيف يمكن أن يوجد فيل أصفر صغير ؟
[/CENTER]
|
|
05-08-2006, 10:47 AM |
|
{myadvertisements[zone_3]}
{myadvertisements[zone_3]}
{myadvertisements[zone_3]}
|