السلام عليكم واسف علي التأخير:
عندما اتحاور مع العاقل ، فانني اتحاور معه علي اساس انه "مسلم" ، بالمعني الذي افهمه للاسلام وهو كما يعرفه محمد بن عبد الله نفسه "شهادة ان لا اله الا الله " و انه هو رسول الله.
فاذا ما ثبت في كلام العاقل ما يخالف هذا الاساس الذي بنينا عليه الحوار فعليه حينها ان يعترف ، او يقنعني ان ما من تناقض هناك ، علي اسس شرعية بالطبع . فأنا في هذا الحوار اقارن مواقف العاقل ، بالمواقف التي ينبغي ان يكون عليها بحكم "اسلامه" .
فالعاقل يشهد ان لا اله الا الله ، ويثبت لله الصفات التي اثبتها لنفسه في كتابه الذي يؤمن العاقل انه " كلام الله ، المتعبد بتلاوته ، المعجز باقصر سورة منه".
ومادام العاقل يؤمن بصفات الله ، فعليه ان يؤمن بصفة الكلام ، وانه ازلي .
والقران يقول بشأن العلاقة مع الكفار ( وهم الذين لا يؤمنون بالله بصفاته التي اثبتها لنفسه في القران او/و لا يؤمنو بنبوة محمد ، ويندرج تحت هذا التعريف الامريكان ) يقول التالي:
لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة ويحذركم الله نفسه وإلى الله المصير
[آل عمران 28]. قال الطبري رحمه الله: "ومعنى ذلك لا تتخذوا أيها المؤمنون الكفار ظهراً وأنصاراً، توالونهم على دينهم،
وتظاهرونهم على المسلمين من دون المؤمنين، وتدلونهم على عوراتهم، فإنه من يفعل ذلك فليس من الله في شيء، يعني بذلك فقد برىء من الله وبرىء الله منه بارتداده عن دينه ودخوله في الكفر" (تفسير الطبري ج3 ص227).
(يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطاناً مبيناً) [النساء 144]. قال الطبري رحمه الله: "يقول لهم جل ثناؤه يا أيها الذين آمنوا بالله ورسوله
لا توالوا الكفار فتوازروهم من دون أهل ملتكم ودينكم من المؤمنين فتكونوا كمن أوجب له النار من المنافقين" (تفسير الطبري ج5 ص337).
(لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها رضي الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون) [المجادلة 22]. قال ابن كثير رحمه الله: "وقيل في قوله تعالى: (ولو كانوا آباءهم) نزلت في أبي عبيدة قتل أباه يوم بدر، (أو أبناءهم) في الصديق هم يومئذ بقتل ابنه عبد الرحمن، (أو إخوانهم) في مصعب بن عمير قتل أخاه عبيد بن عمير يومئذ، (أو عشيرتهم) في عمر قتل قريباً له يومئذ أيضاً، وفي حمزة وعلي وعبيدة بن الحارث قتلوا عتبة وشيبة والوليد بن عتبة يومئذ فالله أعلم.
هذا ما يقوله القران -وهو كلام الله غير الحادث ، الذي يؤمن بحرفيته كل مسلم- عن العلاقة بالكفار وخصوصاً العلاقة السياسية بين التجمعات الاسلامية والتجمعات الكافرة ، فنحن نجد توجيهات لا تحتمل اللبس من الله للمؤمنين بعد موالاة الكفار ضد اخوانهم المؤمنين.
فماذا يقول العاقل في رده؟
اقتباس:- في هذا العصر ، ما يحدد أخلاقيات الدولة هو منطق المصلحة العليا لديها ... هو فقط ما يحدده ، ولا اعتبار لأي دين أو أيديولوجيا
هذا العصر في وعي المسلم هو كالعصر التالي وكالعصر السابق ؛ لا يخرج عن كلمات الله التي قال الله نفسه عنها (وما فرطنا في هذا الكتاب من شئ).
ولا اعرف من اين اتيت -كمسلم- يؤمن بالله وبنبوة محمد بأن ما يحدد "اخلاقيات الدولة" هو المصلحة فقط . اين ورد ذكر هذا بالقران او السنة ؟
بل كيف وعلي اي اساس استطعت التمييز -كمسلم- بين هذا العصر وبين عصر الرسول ، ما الشئ الجوهري الذي تغير علي ضوء ايمانك بان كلام الله غير حادث وبالتالي فهو يصلح لعصرنا تماماً كما صلح لدولة الرسول.
اقتباس:- السعودية دولة تنتمي لهذا العصر ، الذي كف عن أن يكون فيه دار إسلام ودار كفر ، وبالتالي هي تتعامل معه بمنطقه ، كونها لا تمتلك قوة كافية لتفرض منطقها وأيديولوجيتها . تتعامل معه بواقعية .
مرة اخري نسألك عن المرجعية الفكرية التي جعلتك واثقاً من نفسك وانت تقول ان هذا العصر كف ان يكون فيه دار اسلام ودار كفر ، فتعريف الاسلام باق وصالح في هذا الزمان كما كان صالحا ايام محمد ، فالله مازال موجوداً ونبوة محمد ما زال يمكن الايمان بها . فكيف كف العصر ان يكون فيه دار اسلام ودار كفر رغم ان تعريف السلام قائم.
اقتباس:- المصالح المشتركة ، هي القضاء على النظام البعثي ، الذي اجتاح الكويت والمناطق الشمالية من المملكة . وما حدث فيما بعد من تصرفات أمريكية .. قد صرح وزير خارجية السعودية على أنه احتلال .. مرفوض .
هذا الذي تسميه مصالح مشتركه يخالف تعليمت الله لك وتنظيمه للعلاقة بينك وبين مجتمعك وبين مجتمع الكفار .
يمكنني ان اتفهم هذه اللغة منك لو كنت ليبرالياً ، اما ان تنافح ليل نهار عن نبوة محمد ووجود الله ثم تعصي امره الذي اوحاه لنبيه فهذا اسمه تناقض.
بل انني اذهب لابعد من هذا واقول ما هي اهمية القران مادمت تفهم اياته ثم تعصي اوامرها؟
جزء كبير من القران هو ايات لتنظيم علاقة المجتمع المؤمن بالكفار سياسياً ، فماهي وظيفة هذا الجزء في "عصرنا" هذا برأيك.
اقتباس:أنا هنا لا أبرر الواقع .. ولكني أنطلق منه فقط ، لا أنتهي إليه .
يمكنك ان تبرر الواقع ما دام هذا يتسق مع موقفك ك"مسلم" ، ولكننا للاسف نري تناقضات منطقية كبيرة في مواقفك , فانت افرغت الاسلام من ثقل كبير له برفضك الانصياع للتوجيهات السياسية للقران ، ولعله يحق للمرئ ان يتسائل ماذا بقي من الاسلام؟
اقتباس:عموما ، حتى لو كانت السعودية قامت بذلك إرضاء للقوات الأمريكية .. فهي بهذا تحافظ على نفسها ، وهذا ما يتوجب عليها فعله .. في زمن لا يستطيع أحد ان يقول : لا ، لأمريكا . باكستان النووية ، لم تستطع ان تقول : لا .
كمسلم مؤمن بصفات الله ينبغي ان تقول: لا.
سؤالي جدي جداً ومشروع جداً عن الاصول العقدية والفقهية للموقف السياسي السعودي .
فهو سؤال مشروع لان الدعاية السعودية تحطم ادمغتنا ليل نهار بادلة تبين اتساق كل شئ ، بل وكل شئ تافه مع الشريعة ، وان هناك سلسلة حديدية عملاقة تربط بين "قصر اليمامة" وبين عرش الله ، وان هذه السلسلة لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من جنبها ، ثم نفوجي بثغرة تكفي لمرور قطيع كامل من الافيال في هذه السلسلة الحديدية مع اول اختبار علي ضوء ما تعلمناه من تعاليم "الاسلام".
اقتباس:ما أريد قوله : أنه بغض النظر عن السبب الذي جعل السعودية تتحالف مع أمريكا ، فلا يمكن اتهامها بالخيانة . إذ لا شيء يربطها بالعراق (صدام طبعا) ، إلا حرب الخليج .
احقاً؟
ساقول لك اذا معلومة يبدو انها جديدة عليك:
معظم العراقيون مسلمون!
اقتباس:الولاء والبراء ، تم تضخيمها وهابيا .
عندما تؤمن بشيء ، فهناك مشاعر طبيعية تصاحبك .. فأنت تميل لمن يشاركك هذا الإيمان . وبما اننا في اجواء كأس العالم ، لنأخذ تشجيع الفرق كمثال ، فانت تميل للشخص الذي يشجع فريقك ، ولا تشعر بهذه المشاعر اتجاه مشجع الغريم التقليدي لفريقك .
هذا هو الولاء والبراء .
ما اسهل ان تجلس علي كرسي وثير وتقسم المدارس الفلسفية وتضعف ما شئت ان تضعفه علي مزاجك.
كيف تملصت من الفهم "الوهابي" للايات؟
الايات واضحة وتفسيرها واضح ايضاً ، نتمني من الزميل المحاور ان يأت بادلة تكفي لتغطية ما اطلقه من مزاعم.
اقتباس:الوهابية .. وضعت حدودا ، وخطوطا حمراء بينها وبين الآخر ، لم ينزل الله بها من سلطان . كاتب الموضوع يريد أن يحاكمني على ضوئها ، وانا لا أؤمن بها .
اذا كنت لا تري فرقاً بينك وبين الكافر ، فهل تري نفسك مسلماً ؟ وما تعريفك للاسلام ومدي انطباقه للاحاديث النبيوة التي يشرح فيها الاسلام.
ثم..
مادمت لا تري "حدوداً وخطوطاً حمراء بينك وبين الاخر" فما فائدة اثبات النبوة لمحمد؟ بل ما جدوي الايمان بالله اصلاً ؟