سُوُرَةُ الْعَاَصِفَةِ

وَالَّذِي خَلَقَ فَقَدَّرَ (1) وَ رَفَعَ الْشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ (2) وَ فَتَقَ الْسَّمَاوَاتِ وَ أَنْزَلَ الْمَطَرَ (3) وَ خَلَقَ الْجِنَّةَ وَ الْبَشَرَ (4) وَ شَقَّ الْبَصَرَ (5) وَ فَلَقَ الْحَجَرَ (6) وَ فَجَّرَ الأَنْهَارَ تَجْرِي بِقَدَرٍ (7) أَشَرِيِكٌ مَعَ اللهِ الْعَظِيِمِ(8) كَلاَّ وَ الْمَطَرِ(9) وَ الْتُّرَابِ إِذَا زَفَرَ (10) لَتُبْعُثُنَّ مِنَ الْحُفَرِ (11) زُمَراً زُمَراً (12) فَيَعْلَمُ مَنْ كَفَرَ (13) أَنَّ الْعَاقِبَةَ لِمَنْ شَكَرَ (14) وَ صَلّى وَ نَحَرَ (15) وَ صَدَّقَ بِالْقَدَرِ (16) أولئك في الْنَعِيمَ الأَكْبَرَ (17) وَ أَمَّاَ مَنْ تَأَخَّرَ (18) وَ نَسِيَ رَبَّهُ وَ أَدْبَرَ (17) فَلَهُ مَقَاَمٌ مِنْ حَرَرٍ (18) يَوْمَ تَئِزُّ الأَرْضُ أَزًّا (19) وَ تَرِزُّ الْرُّعُوُدُ رَزّاً (20) وَ تَنِزُّ الْقُبُوُرُ نَزّاً (21) إِنَّهُ يَوْمُ الْنَّفِيرِ (22) يَوْمَ تَعْصِفُ الْعَاصِفَةُ (23) تَتْبَعُهَا الْقَاَصِفَةُ (24) ضَاَرِبَةٌ رَاَجِفَةٌ (25) يَهْرَعُوُنَ مِنَ الْقُبُوُرِ الْهَاَلِكَةِ (26) يَقُولُونَ يَاَ لَيْتَهَا كَانَتْ الْزَّائِفَةَ(27) ذَلِكَ يَوْمُ الْمَشِيِبِ (28) لَيْسَ لَهُمْ فِيِهِ إِلاَّ الْنَّحِيِبِ (29) وَلاَ مُجِيِبٌ (30) وَ قَوْمُ نُوُنٍ كَذَّبُوُا بِالآَجِلَةِ (31) وَ قَاَلُوُا مَاَ لَنَا مِنْ آَفِلَةٍ (32) إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاَةٌ زَاَئِلَةٌ(33) فَأَخَذْنَاَهُمْ بِالْعَاَجِلَةِ (34) وَ أَطْلَقْنَاً عََلَيْهِمْ رِيِحَاً قَاَتِلَةً (35) أَخَذَتَْهُمْ فِي الْقَاَئِلَةِ (36) فَكَاَنَتْ الْقَاَضِيَةُ (37) لاَ يَمْلِكُوُنَ مِنْهَاَ حَاَئِلَةً (38) فَكَاَنُوُا فِيِ الْسَّاَفِلَةِ (39) جَزَاءَ الأَيَّاَمِ الْسَّاَلِفَةِ (40)



الذي دعى صاحب الخواطر لكتابة هذا النص هو التحدي القراني:
{وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ اللّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} (23) سورة البقرة

هذا مفهوم . و لكن الذي لا يفهم هو ما هو المقصود ب" سورة من مثله" ؟
لقد بحثت في القران و السنة و لم أجد ما يفيد بان المقصود هو النظم اي الفواصل او السجع.
و لكن الله تعالى يقول عن القران الكريم:
{أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا} (82) سورة النساء

كما ان القران وصف بانه:
فيه نبأ ما كان قبلكم ، و خبر ما بعدكم ، و حكم ما بينكم ، و هو الفصل ليس بالهزل ، من تركه من جبار قصمه اللّه ، و من أراد الهدى في غيره أضلّه اللّه ، و هو حبل اللّه المتين ، و هو الذكر الحكيم و الصراط المستقيم ، و هو الذي لا تزيغ عنه العقول ، و لا تلتبس به الألسن ، و لا تنقضي عجائبه ، و لا يعلم علم مثله و هو الذي لمّا سمعته الجن . . . فقالوا انّا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد

و لا توجد اي اشارة الى طريقة نظمه .

قال القاضي ابو بكر بن العربي:
" .. و أم علوم القران ثلاثة: توحيد و تذكير و احكام. فالتوحيد يدخل فيه معرفة المخلوقات و معرفة الخالق باسمائه و صفاته و افعاله , و التذكير منه الوعد و الوعيد و الجنة و النار و تصفية الظاهر و الباطن , و الاحكام منها التكاليف كلها , و تبيين المنافع و المضار و الامر و النهي و الندب, و لذلك كانت الفاتحة أم القران لان فيها الاقسام الثلاثة , و سورة الاخلاص ثلثه لاشتمالها على احد الاقسام الثلاثة و هو التوحيد.

و نص العاصفة انصرف الى مجاراة النظم باعتبار انه موضوع التحدي. و في الواقع ان النص أعلاه يدخل في باب السجع ليس الا.
و لقد تعرض كثير من الذين تناولوا اعجاز القران الى الحديث عن نظم القران و فرقوا بين فواصل الايات و السجع , فالسجع هو الذي يقصد في نفسه ثم يحال المعنى عليه , و الفواصل , التي تتبع المعاني و لا تكون مقصودة في نفسها .
و لذلك كانت الفواصل بلاغة و السجع عيبا.
و نص العاصفة قصد السجع اولا ثم احال عليه المعنى مما اضعفه من ناحية البناء و المحتوى.
يتبع..

أخى الدكتور الصفى ,

دخلت متأخرا على هذا التوبيك الآن والآن فقط , فالواقع انت ينطبق عليك القول :

لما وضعت على صاحب الخواطر ميسمك ... فضغا الكفور و جدعت أنف الأخطل.

ولا عجب أن يختارك معظم الزملاء كالكاتب الأعظم فى هذا المنتدى.

فتحية تقدير واحترام ونرجو أن تقبلنا تلاميذ فى مدرستك.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اخي مستر كامل

اسال الله تعالى ان اكون عند حسن ظنك بي.

تقدير واحترام

[quote] dady كتب/كتبت
تقدير واحترام
شكرا dady

(f)

مسألة اعجاز القران تناولتها الاقلام منذ عهد بعيد فتجدها في كتب التفاسير و كتب علم الكلام فتعرض لها الطبري في تفسيره و الاشعري في مقالات الاسلاميين و الجاحظ في الحجة في تثبت النبوة.
وقد ارجع الخطابي السبب في تعذر البشر على الاتيان بمثله لامور , قال:
(.. منها ان علمهم لا يحيط بجميع اسماء اللغة العربية , و باوضاعها التي هي ظروف المعاني , و الحوامل لها , و لا تدرك افهامهم جميع معاني الاشياء المحمولة على تلك الالفاظ , و لا تكمل معرفتهم لاستيفاء جميع وجوه النظوم التي بها ائتلافها و ارتباط بعضها ببعض , فيتوصلوا باختيار الافضل عن الاحسن من وجوهها , الى ان ياتوا بكلام مثله. و انما يقوم الكلام بهذه الاشياء الثلاثة:
لفظ حامل معنى
و معنى قائم به
و رباط لهما ناظم.
و اذا تاملت القران وجدت هذه الامور منه في غاية الشرف و الفضيلة , حتى لا ترى شئيا من الالفاظ افصح و لا اجزل و لا اعذب من الفاظه , و لا ترى نظما احسن تاليفا و اشد تلاؤما و تشاكلا من نظمه و اما المعاني فلا خفاء على ذي عقل على انها هي التي تشهد لها العقول بالتقدم في ابوابها , و الترقي الى اعلى درجات الفضل من نعوتها وصفاتها, و قد توجد هذه الصفات الثلاث على التفرق في انواع الكلام , فاما ان توجد مجموعة في نوع واحد منه , فلم توجد الا في كلام العليم القدير , الذي احاط بكل شئ علما , و احصى كل شئ عددا. ).

اقتباس:  

سُوُرَةُ الْعَاَصِفَةِ

وَالَّذِي خَلَقَ فَقَدَّرَ (1) وَ رَفَعَ الْشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ (2) وَ فَتَقَ الْسَّمَاوَاتِ وَ أَنْزَلَ الْمَطَرَ (3) وَ خَلَقَ الْجِنَّةَ وَ الْبَشَرَ (4) وَ شَقَّ الْبَصَرَ (5) وَ فَلَقَ الْحَجَرَ (6) وَ فَجَّرَ الأَنْهَارَ تَجْرِي بِقَدَرٍ (7) أَشَرِيِكٌ مَعَ اللهِ الْعَظِيِمِ(8) كَلاَّ وَ الْمَطَرِ(9) وَ الْتُّرَابِ إِذَا زَفَرَ (10) لَتُبْعُثُنَّ مِنَ الْحُفَرِ (11) زُمَراً زُمَراً (12) فَيَعْلَمُ مَنْ كَفَرَ (13) أَنَّ الْعَاقِبَةَ لِمَنْ شَكَرَ (14) وَ صَلّى وَ نَحَرَ (15) وَ صَدَّقَ بِالْقَدَرِ (16) أولئك في الْنَعِيمَ الأَكْبَرَ (17) وَ أَمَّاَ مَنْ تَأَخَّرَ (18) وَ نَسِيَ رَبَّهُ وَ أَدْبَرَ (17) فَلَهُ مَقَاَمٌ مِنْ حَرَرٍ (18) يَوْمَ تَئِزُّ الأَرْضُ أَزًّا (19) وَ تَرِزُّ الْرُّعُوُدُ رَزّاً (20) وَ تَنِزُّ الْقُبُوُرُ نَزّاً (21) إِنَّهُ يَوْمُ الْنَّفِيرِ (22) يَوْمَ تَعْصِفُ الْعَاصِفَةُ (23) تَتْبَعُهَا الْقَاَصِفَةُ (24) ضَاَرِبَةٌ رَاَجِفَةٌ (25) يَهْرَعُوُنَ مِنَ الْقُبُوُرِ الْهَاَلِكَةِ (26) يَقُولُونَ يَاَ لَيْتَهَا كَانَتْ الْزَّائِفَةَ(27) ذَلِكَ يَوْمُ الْمَشِيِبِ (28) لَيْسَ لَهُمْ فِيِهِ إِلاَّ الْنَّحِيِبِ (29) وَلاَ مُجِيِبٌ (30) وَ قَوْمُ نُوُنٍ كَذَّبُوُا بِالآَجِلَةِ (31) وَ قَاَلُوُا مَاَ لَنَا مِنْ آَفِلَةٍ (32) إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاَةٌ زَاَئِلَةٌ(33) فَأَخَذْنَاَهُمْ بِالْعَاَجِلَةِ (34) وَ أَطْلَقْنَاً عََلَيْهِمْ رِيِحَاً قَاَتِلَةً (35) أَخَذَتَْهُمْ فِي الْقَاَئِلَةِ (36) فَكَاَنَتْ الْقَاَضِيَةُ (37) لاَ يَمْلِكُوُنَ مِنْهَاَ حَاَئِلَةً (38) فَكَاَنُوُا فِيِ الْسَّاَفِلَةِ (39) جَزَاءَ الأَيَّاَمِ الْسَّاَلِفَةِ (40)

أولا أشكر استاذنا وشيخنا الصفي على ردوده المنطقية العقلانية التي لم يفهمها أو تظهار بعدم فهمها البعض. أمّا ما يطلق عليه الختيار اسم "سورة العاصفه" فهو أقل من أن يوصف بسجع الكهان، ناهيك ان ينافس آيات القرآن. يعتقد الختيار انه بإضافته التشكيلات على الحروف قد أتى بسورة من مثله. إستمر بمحاولاتك الفاشلة يا الختيار فلا يأس مع الحياة. الله يهديك بس.

اقتباس: تابع للخاطرة السابقة رقم 33

سأعيد ترتيب آيات أخرى وردت في سورة البقرة (87-153)

وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِن بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَاءكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ (87)

وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَل لَّعَنَهُمُ اللَّه بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلاً مَّا يُؤْمِنُونَ (88)

وَلَقَدْ جَاءكُم مُّوسَى بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنتُمْ ظَالِمُونَ (92)

وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُواْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُواْ فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ (93)

وَلَمَّا جَاءهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ اللّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا جَاءهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّه عَلَى الْكَافِرِينَ (89)

الانتباه كل الانتباه الى الضمائر في الايات فهي التي تحدد من المخاطب في هذه الايات.
الخلط الذي وقع , فاعادة ترتيب هذه الايات هو اهمال الضمائر و بالتالي اضحى الترتيب الجديد يضع نصا فيه رواية عن طرف غائب تتيعها اية فيها خطاب مباشر الى هذا الطرف الذي كان غائبا في الاية التي سبقتها ثم تاتي الاية التالية المعاد ترتيبها شاذة عن السياق لانها تعود مرة اخرى الى استخدام ضمير الغائب,
و للايضاح نورد اوائل هذه الايات حسب الترتيب المعاد بدون تبصر:

(وَقَالُواْ ) الاية 88

(وَلَقَدْ جَاءكُم ) الا ية 92

(وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ ) الاية 93 ( ترتيبه اصلي لم يعاد مع ما قبلها).

(وَلَمَّا جَاءهُمْ ) الاية 89
فما هذا التريب الا افساد للحبكة و التسلسل الذي لا يخطأه الحس و الذوق اللغويان.
اذ كيف بعد ان عدل عن الخطاب بضمير الغائب ( قالوا) يعدل الى الخطاب المباشر( جاءكم) و ( ميثاقكم) ثم ينكس الى ضمير الغئب ( جاءهم)؟
و لتضح الصورة نضع النص الاصلي بجوار النص المعدل:
} وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِن بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَاءكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ {البقرة/87} وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَل لَّعَنَهُمُ اللَّه بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلاً مَّا يُؤْمِنُونَ {البقرة/88}وَلَمَّا جَاءهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ اللّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا جَاءهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّه عَلَى الْكَافِرِينَ {البقرة/89} بِئْسَمَا اشْتَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ أَن يَكْفُرُواْ بِمَا أنَزَلَ اللّهُ بَغْياً أَن يُنَزِّلُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ فَبَآؤُواْ بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ {البقرة/90} وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ بِمَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ نُؤْمِنُ بِمَآ أُنزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرونَ بِمَا وَرَاءهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنبِيَاء اللّهِ مِن قَبْلُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ {البقرة/91} وَلَقَدْ جَاءكُم مُّوسَى بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنتُمْ ظَالِمُونَ {البقرة/92} وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُواْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُواْ فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ {البقرة/93}
فالنص الاصلي ينتقل بسلاسة من الاخبار برسالة موسى و عيسى عليهما السلام يسالهم هل كل ما جاءهم رسول قتلوه و في الاية التي تليها جوابهم على السؤال بان قلوبهم غلف و الاية التالية لها تواصل الرواية على لسانهم مثل سابقتها و تستمر الرواية عنهم بصيغة الغئب في الاية التي تليها ثم تخبر الاية التالية لها الرواية عن حالهم و كذلك الاية التي تليها. و ابتداء من الاية (92) يتحول الخطاب الى خطاب مباشر لهم .
و لكن النص المقترح بدون دراية يؤدي الى تداخل هذا التريب المحكم كما نبين ادناه. و نلاحظ ان الاماكن الوحيدة التي تظهر متماسكة و منطقية هي التي ترك فيها ترتيبها الاصلي , بعكس الاماكن التي اعيد ترتيبها:

وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِن بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَاءكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ (87)

وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَل لَّعَنَهُمُ اللَّه بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلاً مَّا يُؤْمِنُونَ (88)

وَلَقَدْ جَاءكُم مُّوسَى بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنتُمْ ظَالِمُونَ (92)

وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُواْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُواْ فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ (93)

وَلَمَّا جَاءهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ اللّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا جَاءهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّه عَلَى الْكَافِرِينَ (89)

بِئْسَمَا اشْتَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ أَن يَكْفُرُواْ بِمَا أنَزَلَ اللّهُ بَغْياً أَن يُنَزِّلُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ فَبَآؤُواْ بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ (90)

وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ بِمَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ نُؤْمِنُ بِمَآ أُنزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرونَ بِمَا وَرَاءهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنبِيَاء اللّهِ مِن قَبْلُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (91)

يتبع..

اقتباس:كذلك حين يتكلم عن مسألة معينة ، كالقتال مثلاً ، تجده يذكره في أماكن مشتتة ، فالكلام عن الشهداء جاء في 154 بعد أن كان يتكلم عن القبلة ثم يحرّض على القتال في 190 بعد أن كان يتكلم عن الصيام و الأهلة ثم يعود مرة أخرى ليتكلم في 216 عن القتال و القتال في الشهر الحرام ، ثم يعود ليتكلم مرة أخرى عن القتال في 244 بعد أن فصّل في الطلاق و و المحيض و إتيان النساء بالكثير من الآيات .

فلماذا لا يجمع آيات القتال مع بعضها ، و العبادات مع بعضها (الصلاة و الصيام و الحج) و المعاملات مع بعضها (الطلاق و الوصية و الرضاعة و المحيض و الدَّين و غيره) و القصص مع بعضها ؟؟؟

القران الكريم بالاضافة الى انه نص فكري للقراءة و التدبر الا انه ايضا نص تعبدي , تقوم عليه صحة الصلاة سواء كانت صلاة فرض او تطوع او صلاة جنازة او استخارة او استسقاء . و لان الصلاة كما تجوز بالسورة من القران فانه تجوز بالجزء من السورة. لنتصور فكرة الختيار و هو يقول فلماذا لا يجمع ايات القتال مع بعضها و العبادات مع بعضها و المعاملات مع بعضها.
هنا اقول بكل ثقة بان النص القراني سيفقد اهم خصائصه و وجه من اوجه الاعجاز فيه ذكره السيوطي في معترك الاقران و غيره من المصنفين في اعجاز القران و هو : ان سامعه لا يمجه و قارئه لا يمله . فاذا اصبح ترتيب المواضيع كما اقترح الاستاذ الختيار و لم تحتو السورة الا على موضوع واحد مثل القتال او العبادات لانعدم هذا العنصر الهام . فتخيل سورة مثل البقرة عدد اياتها اكثر من 280 اية تتحدث فقط عن القتال !.
ثم ان هناك فائدة عظيمة سيفقدها قارئ القران و هي انه بقراءته لسورة واحدة تحتوي على موضوع واحد فسيفوته معرفة وتدبر كثير من الاحكام . اضف الى ذلك بان القران معظمه ليس كما ظن بانه قتال و عبادات.
ان نزول القران منجما قد ارتبط باحداث تمس حياة الناس فكانت الاية تنزل بالتشريع او بالاجابة على سؤال , و يتم وضع الاية المعينة في سورة معينة وفقا لتوجيهات امين الوحي . اي ان ترتيب الايات كانت ترتيبا توقيفيا .
و الزميل الذي اعتقد بان النقد للتركيبة العضوية امر استحدثه الاستاذ الختيار فهذا غير صحيح . فنظرة الى كتب علوم القران مثل اسرار التنزيل للخطيب الاسكافي و الشيخ ابو بكر النيسابوري لو جد ترديدهم للسؤال : لم جعلت هذه الاية الى جنب هذه؟ او قولهم : لما قال هذا و لم يقل هذا؟

تابع

اقتباس:الآيات 159-176 تحتاج إلى ترتيب من جديد :

سأذكر الآيات كما جاءت في سورة البقرة :

إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ (159)
إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ فَأُوْلَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (160)
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللّهِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (161)
خَالِدِينَ فِيهَا لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ (162)
وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (163)

مقترح اعادة ترتيب هذه الايات استند على ورود كلمة ( خالدين) في بداية الاية (162) , فيقترح وضع الاية ( 175) لورود ذكر النار فيها و عدم وروده في الاية (161)...
أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَآ أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ (175)
و الخلود هنا ليس مقصود به الخلود في النار فهذا امر مرفوغ منه و لكن المقصود بقوله تعالى ( خالدين فيها) هو خلودهم في اللعنة , و هذه شبيهة بناسختها في ال عمران:
} أُوْلَئِكَ جَزَآؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللّهِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ {آل عمران/87} خَالِدِينَ فِيهَا لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ {آل عمران/88}

عليه فان صيغة الخلود في اللعنة صيغة مطروقة في القران مما يؤكد بان ذا الترتيب لايات البقرة مقصود لذاته و ليس لان جامع القران( الخليفة ذو النورين عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه) قد جنى على القران بجمعه على غير ما كتبه كاتبه( حسب تعبيرات صاحب الخواطر).