أهلا بالزميل مختلف


(f)

صياغة مفهوم الدولة والمواطنة

إن التاريخ الحربي لنشوء الدولة العربية طبع هذه الدولة ومفهومها بطابع البنية الإدارية المتسلطة
فمنذ زمن طويل قطعت الطريق على قيام دولة كحصيلة اجتماع بشري واع لشعوب المنطقة وتكرر قيام الدولة التي صاغتها حراب الفاتحين
فجاءت الدولة كحالة إدارية منتخبة من الغزاة وجاءت سلطتها ( سلطة الدولة ) متعاونة مع السلطة السياسية لتفرض تغييرا أساسيا في البنية الفاعلة للمجتمع وفق تصورات سلطة كل مرحلة
بما خلق نوع من التخلف العملياتي لدى قوى المجتمع و أدخل الجهد الاجتماعي الرئيسي للمجتمع في سياق من الاغتراب عن " دولته " فكانت الدولة حالة عائمة اجتماعيا لا تملك مصداقية حيوية تستقطب الجهد المدني الهام بما يجعل من مهمة تطوير بنية الدولة قضية لا تملك بعد اجتماعي
هذه النتيجة سهلت على السلطة ابتلاع الدولة من جهة وحولت الدولة من تنظيم إداري ينمي المجهود المدني ويرعى تطوره إلى تنظيم إداري يفرض التفوق القاهر للسلطة على قوى المجتمع المنتهكة الحقوق

.................

..............


إن واقع الدولة هذا
جعل من الخيار الثوري التقليدي ( الهدم في سبيل البناء ) سبيلا أكثر احتمالا في معرض تصحيح واقع الدولة وعلاقة السلطة بالدولة أو تغيير سياسة السلطة السياسية

فكان كل تغيير في السلطة السياسية يعني ثورة والسبب عائد إلى تشابك أركان السلطة السياسية بأركان الدولة
فصار التغيير في أركان السلطة السياسية يعني إعادة بناء الدولة أخذا بعين الاعتبار أن كل سلطة جديدة مغتصبة للدولة لا بد أن تهدم الدولة هدما تاما لتعيد بناءها وفق منظورها و مطلبات تأمين جابنها
هذا الواقع كان أحد أهم أسباب فقدان الدولة العربية لسيرورة تكون مستمرة ومتراكمة من جهة
ومن جهة أخرى عزز لدى المواطن يقينه بكون الدولة خاصة من خاصيات السلطة أو امتدادا لهيمنتها

وهو ما سميته في مقال سابق منشور بالواقع الصفري للدولة العربية التي تعود إليه مع كل عملية تغيير

تحرير الخطاب المدني ( المواطنة )
إعادة صياغة مفهوم المواطنة

إن مفهوم المواطنة بأبعاده المعروفة اليوم مفهوم ارتبط ارتباطا مباشرا بمرحلة ظهور العَلمانية السياسية على مستوى العالم
حيث نادت العلمانية السياسية بتوسيع مفهوم العضوية الاجتماعية عبر الحواجز الاجتماعية وخصت كل فرد من أفراد المجتمع بهوية انتماء وطني وقومي عممت الواجبات و أباحت تشريعيا الفرص أمام جميع أفراد المجتمع
في واقعنا العربي لم تمر حالة المواطنة بمرحلة تجزيء كلي تفرض معايير فكرية تفصل بين الخاصة والعامة بل إن مختلف الظواهر الفكرية في واقعنا كانت تقول بالتساوي في المادة الأولية لصناعة البشر والتساوي في مواقع الوجود أمام الآلهة أو أمام الأنظمة والقوانين على هزالها
إلا أن عاملين اثنين ساهما في الإساءة لمفهوم المواطنة في ظل دولتنا الزمنية التي لم يعرف عالمنا العربي حالة خلافها
هذين العاملين هما :
- الطابع الفئوي للسلطة
- سيطرت ثقافة القبيلة على مجتمع المدينة العربية

في الطابع الفئوي للسلطة وحيث أن السلطة التهمت الدولة وجيًرت سلطتها
كانت المواطنة لا تمتلك مفهوما فكريا يمنع عنها فرص التموطن إلا أن واقع الممارسة وتحوٌل الدولة المسلوبة إلى أداة قمع و إدارة مالية لجمع الخراج لصالح الفئة القبلية أو المذهبية التي تعتلي قمة السلطة منع قيام مواطنة متفاعلة في إطار الدولة وحول المواطنين إلى بقع بشرية محمية بجزيتها التي تدفعها للدولة
ومن مفارقات هذا الواقع أن هذه الجزية كانت مفروضة على الجميع ( خارج العائلة الحاكمة ) مما سمح بشكل من الأشكال للأقليات المذهبية والدينية والتركيبة القبلية ضمن كل فئة باستمرار وجودها طالما أنها تدفع ثمن هذا الوجود للسلطة المسيطرة
فلم تتبنى الدولة بمراحلها التاريخية خيارا للدمج الاجتماعي بل إنها وبعلاقتها بهذه البقع البشرية كرست استقلالية الفئة عن الدولة و أبقت على مفهوم الفئة الحليفة للسلطة من خلال الرشوة التي تدفعها السلطة للفئة في زمن لزومها أم من خلال شراء الفئة لمسالمة السلطة لها من خلال الجزية المدفوعة

هذا الواقع أبقى المواطنة في حالة تفكك تفوق عليها الإنتماء الفئوي المذهبي والعائلي ( القبلي )

حل القضية الطائفية


ما زالت الحلول المطروحة للقضية الطائفية تتراوح بين إغفالها و إنكار وجودها أو طرح مشاريع ذات بعد وطني قومي تقفز على واقع وجود القضية الطائفية وتتجاهل مفاعيلها الهامة جدا في حياتنا بأبعادها العامة

و من المعروف تماما أن القضية الطائفية كانت بحضورها قادرة على تعطيل كل المشاريع وتخريب المجهود الوطني برمته
من هنا كانت الحاجة إلى إعادة النظر بالحلول المطروحة لحل القضية الطائفية وهذا سيكون موضوعي اللاحق

حل القضية الطائفية


ما زالت الحلول المطروحة للقضية الطائفية تتراوح بين إغفالها و إنكار وجودها أو طرح مشاريع ذات بعد وطني قومي تقفز على واقع وجود القضية الطائفية وتتجاهل مفاعيلها الهامة جدا في حياتنا بأبعادها العامة

و من المعروف تماما أن القضية الطائفية كانت بحضورها قادرة على تعطيل كل المشاريع وتخريب المجهود الوطني برمته
من هنا كانت الحاجة إلى إعادة النظر بالحلول المطروحة لحل القضية الطائفية وهذا سيكون موضوعي اللاحق

في تشخيص البعد الطائفي

تتخذ المسألة الطائفية في واقعنا أبعادا عدة و بألوان مختلفة حتى لتجدها معترضة قائمة في كل مجال
ومن أولى غرائب القضية الطائفية في بلاد الشام مثلا أن ترى قرية صغيرة تحتوي على سكان من طائفتين أو أكثر متعايشة من مئات السنين ولكنها متفقة جميعا على تحريم الحوار فيما بينها بما يخص الماهية الطائفية و الخلاف العقائدي بينها
بينما تحتفظ كل طائفة تجاه الأخرى بتصورات خيالية ليس لها علاقة بواقع الحال
هذه التصورات التي تشكل الاستعداد المسبق كعوامل للقطيعة أو الصراع الطائفي

...............