خاطرة 32
من تناقضات القرآن (آدم في الجنة)
اقتباس:كثيراً ما قرأت هذه الاية
ولكن اليوم رأيت فيها أمراً غريباً حين تذكرت آية ثانية .
يقول القرآن :
" فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى (117) إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى " (118) طه
من هذه الآية نفهم أن آدم لن يعرى في الجنة ، هكذا أخبره الله ، و الله "علام الغيوب" حسب القرآن ، لكننا نجد بعد 3 آيات فقط يقول :
" فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى"
طه 121
كيف بدت لهما سوءاتهما في الجنة ؟؟؟؟
هل كانا عاريين !!!!
و المشكلة ان الآية تقول أنهما بعد أن أكلا منها بدت لهما سوءاتهما ، أي ظهرت لهما ، أي أنهما كانا عاريين لكنها لم تكن بادية لهما !!!
كيف يكون عارياً في الجنة (دون أن يلحظ ذلك قبل أكله من الشجرة) ، أو يعرى إثر أكله من الشجرة) في داخل الجنة !!!!
و الله يقول له أنه لا يجوع و لا يعرى !!!!
يبدو أنه تناقض واضح
الآية وردت كذلك في الأعراف :
"فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَآنَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ " الاعراف 22
الاستنتاج بان وعد الله تعالى لادم بالا يعرى في الجنة يعني المقصود عراه الجسدي هو الذي اوقع صاحب الخواطر في سوء فهم الاية الكريمة و الايات التي تشابهها. كيف؟
ليتضح معنى الاية , لا بد من فهم المفردات الواردة في الاية و الايات التي تتناول وضع آدم في الجنة.
الوعد الالهي لادم :
إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى {طه/118}
فما هو المقصود بقوله :
1) لا تجوع.
2) لا تعرى؟
ورد في لسان العرب :جوع: الجُوع: اسم للمَخْمَصةِ، وهو نَقِيضُ الشِّبَع.
فالوعد الالهي لادم الا تصيبه مخمصة في الجنة , و لكن ليس المقصود الا يحس بانه في حاجة للاكل ( اي خواء البطن) و الا لما كانت هناك حاجة ليسمح له بالاكل من شجر الجنة فالانسان لا ياكل الا ليملا معدته الخاوية:
} وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ
وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ {البقرة/35}
وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ
فَكُلاَ مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ {الأعراف/19}
فطالما ان آدم سياكل من شجر الجنة فهذا حتما يعني بانه سياكل عندما يحس بالحاجة الى الاكل و هذا الاحساس هو مانسميه الجوع.
عليه فان الاستنتاج المنطقي الوحيد هو ان قصد المولى عز وجل من قوله لادم:إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ , ليس المقصود به احساسه بخواء البطن و الحاجة للاكل , بل المقصود به الا تصيبه مخمصة في الجنة ( اي مجاعة) لان الله تعالى تكفل له بتوفير الطعام.
يبقى ان ناتي للشق الثاني من الاية و هو قوله تعالى ( وَلَا تَعْرَى ) و الذي فهم منه صاحب الخواطر , عدم رؤيته لاعضائه التناسلية ( عورته).
اولا : نلفت النطر الى ان كلمة ( عورة) لم ترد ابدا في الكلام عن آدم في اي سورة من السور. و لكن الكلمة المستخدمة هي ( سوءة) , فماذا تعني سوءة؟
فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن
سَوْءَاتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ {الأعراف/20} وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ {الأعراف/21}
فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا
سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَآنَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ {الأعراف/22}
} يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي
سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ {الأعراف/26}
و كلمة سوءة لا تعني الاعضاء التناسلية و انما تعني سائر الجسد كما ورد في الاية التالية:
} فَبَعَثَ اللّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي
سَوْءةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ {المائدة/31}
فابن آدم المقتول لم يكن مكشوف العورة ( الاعضاء التناسلية ) ليواريها اخوه , بل ان المقصود ان يدفن جثمانه.
و منطوق القران واضح في ان آدم لم يكن مجردا من اللباس كما نصت الاية التالية:
يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ
يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ {الأعراف/27}
اذا فالقران يقصد بالسوءة الجسد و ليس العورة. و قد ورد كلمة العورة بالمعنى الذي يقصده صاحب الخواطر في الاية:
{وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى
عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (31) سورة النــور
العورة : وهي كل ما
يستحيا منه إِذا ظهر، ( لسان العرب)
و القول بانها السوءة لا يتفق مع سياق القران , و اعتبار ان سائر جسد المرأة عورة لا يتفق ايضا مع سياق الاية اعلاه.
يبقى ان نعرف ما المقصود بقوله تعالى ( و لا تعرى) مادمنا قد بينا ما معنى سوءاتهما و ما معنى عورة.
العرى والعراء في اللغة:
عري:
عراه أمرٌ يَعْرُوه عَرْواً إذا غشيه وأصابه، يقال: عراه البرد، وعَرَتْهُ الحُمَّى، وهي تَعْروه إذا جاءته بنافض، وأخذته الحُمَّى بعُرَوائها.
وعُرِيَ الرّجلُ فهو مَعْروّ، واعتراه الهمّ. عامّ في كلّ شيء، حتى يقال: الدّلف يعتري الملاحة. ويقال: ما مِنْ مؤمنٍ إلا وله ذَنْبٌ يعتريه قال أعرابيّ إذا طلع السّماك فعند ذلك يعروك ما عداك من البرد الذي يغشاك
وعَرِيَ فلانٌ عِرْوَةً وعِرْيَةً شديدة وعُرْيا فهو عُريانٌ والمرأة عُريانة، ورجل عارٍ وامرأة عارية. والعُريان من الخيل: فرس مقلّص طويل القوائم. والعُريان من الرّمل ما ليس عليه شجر.
وفرسٌ عُرْيٌ: ليس على ظهره شيءٌ، وأفراس أَعْراء، ولا يقال: رجلٌ عُرْيٌ، واعْرَوْرَيْتُ الفَرَسَ: ركبته عُرْياً، ولم يجئ افعوعل مجاوز غير هذا.
والعَراء: الأرضُ الفضاءُ التي لا يُسْتَتَرُ فيها بشيء، ويجمع: أَعْراء، وثلاثة أَعْرِيَةٍ والعرب تُذكّره فتقول: انتهينا إلى عَراءٍ من الأرضِ واسعٍ باردٍ، ولا يُجْعَلُ نعتاً للأرض.......
والعَراءُ: كلّ شيء أَعْرَيْتَهُ من سُتْرته، تقول: استُرْهُ من العَراء، ويُقال: لا يُعَرَّى فلانٌ من هذا الأمر أي: لا يُخَلَّصُ، ولا يُعَرَّى من الموت أحدٌ، أي: لا يُخَلَّص ( العين للفراهيدي).
فالمقصود بقوله ( و لا تعرى) الا يجد نفسه في ارض عراء لا يستتر فيها بشئ.