اقتباس: طارق القدّاح كتب/كتبت
اقتباس: تموز المديني كتب/كتبت
اشعر لسبب او لآخر بان تكون هذه القصيدة اهداء الى طارق القداح
تسلم لي يا أمير :kiss:
اهلا عمي
طارق و كل عام و انت بخير
اليك هذه الهدية
قصة رمضانية قصيرة:
[CENTER]"
ان تنشق الأرض و تبلعك
ان تنشق الأرض و تبلعك.. احساس قاس لابد من العبور به في يوم من ايام اي منا...
بعد ان عشت هذه الحادثة التي ساقصها هنا تأكد لي وزادت قناعاتي ان فوضى الحقائق وعشوائية العيش وصدف الحياة التي تشكل مسارها، مهما سميناها، قدرا او مصيرا او حتى ارادة.. هي غير خاضعة ابدا لأي مسار او نظام خارج منطق الصدفة والفوضى ولذلك لابد في حالة ما من التقاء عشوائي بين حقيقتين لا توافق بينهما، فلاتعود مثلا قادرا على التنصل من حقائق عنك بعد هذا اللقاء العشوائي والتوافق اللامنطقي مع نقيضك..
هذه التطابق يثير فيّ الاحساس السابق:
ان تنشق الارض وتبلعني
طبعا لا يوجد اكثر من رمضان، بطقوسه القاسية التي تتعلق اساسا بمصدر الغذاء الجسدي والروحي الاساسي للجنس البشري، تعبيرا عن حالات اللقاء والمناسبات الاجتماعية بين افراد وجماعات بينهما الكثير من التناقض الفكري والاجتماعي، فما بالك اذا كان التناقض نابع اصلا في الخروج عن المألوف في مجتمعاتنا القروية البسيطة مما توجبه طقوس الصيام والاجتماعات العائلية؟؟؟ وما حدث معي كان في هذا الشهر الفضيل حيث اجتمع افراد اسرتنا من كل ارجاء المعمورة والمغتربات في القرية.. و كنت انا الذي لا التزم ابدا بهذه الاجتماعات الطقسية عادة.. متواجدا هناك بحكم تطابق هذا الشهر مع اجازتي الصيفية وكانت رغبتي ان امضي الاجازة هنا هذه السنة بعد سنة من العمل القاسي في بلاد الصقيع الاوربي الرمادي..
بالاختصار المفيد تواجد في سهرة الافطار هذه عند عمي، الذي يعتبر كبير العائلة، كل افراد العائلة/القبيلة المغتربين مع اؤلئك المقيمين في القرية، وبينهم الكثير من المهمين على نطاق الفكر والتاريخ الشخصي، وبينهم ايضا ما يمثل منتهى الغباء والغلظة القروية التي يشتهر بها ريفينا المتوسطي في بلاد الشام ومنهم المدعو شحرورو الذي يمكن اطلاق كل هذه الاوصاف عليه:
ابن ثري ريفي متوسط التعليم الى موظف وهمي لا يداوم على وظيفته الا في سبيل الراتب وشرب الشاي و طق الحنك، مدعي الثقافة و الجمال و الذكاء... بالاختصار مدعي كل الاشياء التي لاتعد ولا تحصى التي يظن انه اهلا لها.. من عزف نشاز على العود الى صوت رديء الى نمط تفكير متخلف يمزج بين الأصولية والانتهازية يلبس رداء الحداثة الى فقيه حتى في الدين احيانا، مشهور بالنمية ونقل اخبار العائلات والنساء، فضولي وطفيلي، حافظ غبي لبعض ابيات الشعر القديم ذات العبرة والامثولة يجود بها دائما دون مناسبة او داع..
شحرورو المشَحْوَر، كما كان يطلق عليه وامامه احيانا بكل صفاقة اصحاب الالسنة اللاذعة من اهل القرية، كان دائم الالتصاق بالمغتربين وابناء العمومة والتشبه بهم والتباهي بانه الوحيد في القرية الذي يصل مستواهم، وللاسف كنت محبوبه الاول بما انني امتهن ما يمت الى الثقافة والفن بصلة ، كنت بدوري طويل الصبر مطاط الروح في الاستماع اليه والتجاوب معه.. هو اللذي يمثل مآثر القرية بالتخلف والدونية..
طبعا كان هناك ايضا العديد من المغتربين في دول الخليج و واحد من استراليا و اثنان من امريكا اللاتينية وبعض اخر من الدول المجاورة بحكم موقع القرية القريب من الحدود المتشابكة او من العاصمة العامرة.. كان لقاء الاختلاف والتميز والتنوع بكل مقايسيه رغم وحدة الدم التي اشك بها في منطقة تعتبر معبرا للحضارات و ممرا للقوافل ومهدا للتخلف الزراعي الذي نشتهر به..
بعد الافطار الشهي والرائع الذي يعبر تماما عن قسوة الامتناع عن هذه المآكل والمشارب اللذيذة بسبب الصوم كان اللقاء دافئا والنفوس صافية بعد اداء صلاة من كل الحاضرين تقريبا، قام العم الغالي اللذيذ بسؤال عام الى الجميع وطلب الاجابة عليه بكل صدق وصراحة :
_:
من منكم مفطر في هذا الرمضان؟؟؟
ساد صمت طويل تعجبت خلاله من ابن عمي لي في استراليا طبيب ومثقف بانه صائم ويواظب على صيامه وان كان يقصر في مواضيع الصلوات، كانت العيون تنتقل من واحد الى آخر وما ان تصل الى احدهم حتى يتمتم بالحمد لله على صيامه مبتسما وينتقل بالنظر الى مجاوره.. و ما ان وصلت النظرات اليَّ حتى شعرت بثقل اللحظة وبثقل العيون التي تتطلع الي مستفهمة
_:
انا لست بصائم و ربنا الكريم...
علت همهمة جماعية تناوبت فيها استنكارات البعض واستغرابهم وبنفس الوقت تفهم ومعرفة هذه الحقيقة عني من البعض الآخر..
بالطبع انا لم اكن في اي شكل من الاشكال محرجا بالتصريح، رغم محبتي للعم واحترامي للعديد منهم، كنت متأكدا ان سؤال العم في الاساس كان موجها اليّ، رغم معرفته شبه الأكيدة عني بما انا عليه، لذلك كان جوابي طبيعيا، بالنسبة لي على الاقل.
لم تكد تصمت الهمهمة حتى صعد صوت شحرورو قائلا بزقزقة متحشرجة
_:
و انا ايضا مفطر
هنا تحولت وتيرة الهمهمة وطبيعتها نحو الضحك الساخر، الذي احسست تماما انه يشملني انا يضا ، خصوصا بعد ان تسربت الى اذني عبارة : وافق شن طبقه او "طنجرة ولقت غطاها"... ثم تنقلت نظرات العشرات من ابناء العائلة الكريمة بيني وبين شحرور، وبالتتابع مع الضحكات المنفلتة، كأنها تقوم بالمقارنة والدمج الذي لا يمكن ان يحدث بيني وبين شحرورو بأن كلانا :
مفطر.
في الحقيقة ولاول مرة في حياتي للاسف اشعر وبصدق انه عليّ ان اصوم واقاسي من كل طقوس هذا الشهر كي لا اضطر ان اشبه او اقارن قط بالسيد شحرورو.
و
عسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم
و لطااااااااارق
:redrose: