الحكم على صدام حكم على تاريخ الحاكم المسلم من أوله لآخره
--------------------------------------------------------------------------------
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سيتصور البعض أنني أريد أن أتكلم في موضوع سياسي لأن متعلق الموضوع سياسي. ولكن الحقيقة إنما أتكلم عن موضوع ديني حساس يتعلق بالحاكم المسلم الذي أُلبس لباس الدين وأصبح جزءً من الدين.
صدام حسين نال إعجاب جماهير عربية وعراقية ووصف بالبطل وعبد الله المؤمن والعربي الشهم، ولكن صيحات خافتة هنا وهناك كانت تنادي بظلمه وجريمته، فلم يصدّق العالم العربي إلا البطل العربي المحبوب ، الذي تحوّل فجأة إلى إسلامي مؤمن بعد أن كان من أهل الحانات، بعد أكثر من عشرين سنة من بقائه بالمراكز العليا في السلطة.
الكل لم يصدق بجرائمه.
والآن بعد إن حكم عليه وبعد متابعة محاكمته ... ماذا تبين؟
تبين انه يعترف بجرائمه ولكنه يبررها بكونه حاكم يعادي ويقاتل من يعتقدهم ضده حتى لو أدى إلى الجرائم الإنسانية.
يعترف بأنه قتل وعذب وشرّد قرية الدجيل وقرى في الشمال ، لمجرد اتهامهم بالتخابر مع إيران من دون أن يستطيع إثبات دعواه. ومن دون أن يفرق بين من يصفهم بجريمته المفتعلة وبين البريئين من عامة الناس.
يحاكم الناس في ظرف ساعات ويحكم بإعدامهم بالجملة.
يقتل الناس بلا محاكمة ويدفنهم بقبور جماعية يُكشف عنها تباعا لحد هذا اليوم.
يدخل الناسُ إلى محاكمه الخاصة عراة معذبين، ويُحكمون بعد النطق باسمائهم مباشرة في أغلب الأحيان (كما تبين بشكل واضح) من دون محاكمة، حين يكون الموضوع حول شبهة انتماء للطائفة الشيعية أو القومية الكردية.
يتبين أنه قد وجد وسائل للقتل غير اعتيادية بالنسبة للحاكم فقد استخدم مفرمة اللحم البشرية التي تبتلع جسم البشر بكامله ووسائل طريفة أخرى مثل تلغيم الأعداء وتفجيرهم للضحك عليهم ورميهم من الطائرات وتعذبيهم حتى الموت وذبحهم بالسكاكين وإنشاء فرقة وطنية تلبس اللباس والقناع الأبيض يسمونهم السيافة مهمتهم ذبح الناس.
وفي المحكمة تبيّن انه مرة يتظاهر بالأخلاق والدين (خصوصا مظهره وهو يحمل كتاب الله كما فعلها قبله جماعة من كشف عن سوءته) ثم لا يلبث أن يتحول هو وزبانيته إلى أخلاق أولاد الشوارع مشاغبين ومتلفظين ألفاظا سوقية تنم عن الجهالة والوقاحة وعدم الفهم لما يجري.
وفي المحكمة تبيّن أنه لا يفهم أي شيء في القانون فلا يفرّق بين البينة وبين الادعاء، ولا يفرّق بين حاكم التحقيق وبين حاكم المحكمة الجنائية ، ويدافع حين لا يطلب منه دفاع ويمتنع عن الدفاع حين يطالب بالدفاع عن نفسه، وقد ارتكب مخالفات قانونية عجز عن حصرها خبراء القانون أثناء المحاكمات، وهو يحمل شهادة دكتوراه في القانون كما تعلمون.
ولا يفهم الإدارة ولا إدارة دولته وتبيّن أنه لا يدري لماذا قتل مجموعة الدجيل؟ ويرمي تهمته على مديرية الأمن العامة، بينما القضية هي تهمة تخابر مع الأجنبي وهي من اختصاص المخابرات العامة، فحتى هذا لا يعرفه مع انه بنفسه قد حوّل الأمر إلى محكمة الثورة من المخابرات وليس من الأمن العام.
تبيّن انه لا يفهم من السياسة إلا الكذب والإدارة عن طريق القسوة والاغتيال. فحتى سياقات نشاط الدولة اظهر انه لا يعرف الكثير عنه.
أول قضية يقدم فيها للمحاكمة من مئات القضايا التي وضعت لمحاكمته استحق بها الإعدام، وكل القضايا هكذا، فقد قيل في الأروقة القانونية أنه ليس من قضية ضده لا يحكم فيها بالإعدام بموجب القانون الشرعي والإنساني.
فهذا التحوّل الكبير في صورة صدام من صورة عبد الله المؤمن إلى الجاهل المجرم.
من محاولة التعتيم وتقديس صورته حتى بدا كحاكم مسلم كلاسيكي يحكم بأمر الله وشريعته، بحيث يقول عنه سفر الحوالي بأنه قد تيقن من إيمانه بشهادة عبد اللطيف هميم.
إلى مجرم جاهل قد ثبت بالدليل الشرعي والمادي جريمته وجهله وانعدام أخلاقه. وحكم عليه بالإعدام في محكمة جنائية مكشوفة أمام جميع الناس وليس في محكمة سياسية ليقال إن الحكم عليه سياسي.
فهنا نقول بصراحة :
إن هذا الحاكم المسلم لا يختلف عن غيره من الحكام المسلمين منذ أول اغتصاب الإمارة من رسول الله إلى هذا اليوم . ولا نعلم أن الحكام المسلمين أفضل منه.
فمن يستطيع الآن أن يثبت إن هؤلاء الحكام لو حاكمهم القضاء لم يكونوا كصدام مجرمين جهلة عديمي الأخلاق؟
إذن علينا أن نعيد التفكير في كل ما يدعى من تقديس الحاكم خصوصا من كان حوله كلام بالخروج عن الشرعية مع النقل عن جرائمه ودعاوى القتل والاغتيال وتحليل دماء الناس من غير وجه حق، وإنما لمجرد تثبيت الكرسي.
فلا يغترن بعد الآن مسلم بمعاوية أو يزيد أو هارون الرشيد أو من كان قبلهم أو بعدهم.
فكلهم لو تعرضوا للمحاكمة لبانت جرائمهم ومخالفاتهم التي يستحقون عليها الحكم بالموت شرعا، كما وجه عبد الله المؤمن الذي لم يقبل مفارقة القرآن وإظهاره أمام الشاشة.
فهذا صدام نال في زمن التلفزيون والاتصالات التي تفضح كل شيء ، تغطية كاملة وستر على جرائمه واستبدلها بالولاء والمحبة من قبل من يعتقدون بالسلطان، ولكن كشفها الله بعد أن وقع بيد من يحاكمه علنا بطريقة واضحة لا لبس فيها. وقد شاهد الناس جرائمه وقتله للبشر على شاشات التلفزيون كما شاهد ضحاياه المسلمين الأبرياء من نساء وأطفال وعزل.
فكيف نقول في زمن انعدام وسائل التوثيق وانتشار المعلومات؟
كيف نقول في زمن قلة العقلاء؟
وكيف نقول في زمنٍ لا يوجد فيه من أهل العلم الحقيقيين إلا قلة محارَبون ؟
فماذا سيجري لو تمت محاكمة هذه الرموز التي يعتبرونها الدين بنفسه، وانكشف أنهم يستحقون العقوبة لأشد الجرائم بشاعة؟
الأدلة الجنائية قد تجمعت على بعضهم بشكل تام، ولكن لا يريدون تصديق ما يقرأون!!
فنقول لهم لم تصدقوا ما قرأتموه عن صدام، وقد ثبت عليه بالوجه القانوني والشرعي سواء بالنطق بالحكم أو بحكم القضاء وتجميع الأدلة التي يعرفها ابسط من مارس القضاء الشرعي والفقه الإسلامي.
فماذا تقولون الآن؟
متى يصحو المسلمون ؟
وهل سيبقى العالم الإسلامي لا يفرّق بين الناقة والجمل؟ فيقول: بأن الحكم على صدام لا يجوز لأن العراق تحت الإحتلال!
فهل واقع الاحتلال البغيض يوجب عدم تطبيق العدالة؟
وهل الجريمة جائزة ومغفورة حين يكون البلد محتلا؟
كل هذا لا ينفع.
كما لا ينفع التهرب من محاكمة كل التاريخ للحكام المسلمين الذين ارتكبوا أبشع الجرائم باسم الدين زورا وبهتانا.
فكل من نعرفهم من الظلمة والجائرين هم مثل صدام واقل منه إيمانا وتمسكا بالقرآن أمام الجمهور، والفرق إن هذا قد قيض الله له زمن يتمكن فيه الإنسان من التوثيق والتواصل والمحاكمة ببث حي لتكون محكمة الحاكم في بيوت الناس جميعا ، وأمام كل طبقات الجمهور. بينما أولئك الحكام القتلة السارقون للحكم من أصحابه الشرعيين لا يوجد لهم الصور والفيديو والمحاكمة العالمية التي تنقلها القنوات.
ولو تعرضوا لما تعرض له صدام لما كان حالهم أفضل من صدام.
فهل يعقل الجهلاء هذا ؟
وهل نستفيد نحن من هذا بدل أن نتلهى بالسفاسف؟
فعلينا جميعا ان نقرأ التاريخ السلطوي الغاصب بعين القضاة في محاكمة صدام
المنار
شبكة هجر
http://www.hajr-network.net/hajrvb/showthr...php?t=402814592