.. أنه العيد الأول الذي ااستقبله وأنا يتمية مهزومة مقهورة ..تائهة مذهولة غير مصدقة بأنه رحل الى الأبد ...أنه العيد الأول الذي كنت أود أن لا أراه أبداً ... العيد الذي ذكرني بمن اشترى -لأسرته -الأضحية والعيدية وذهب في غيبوبة قبل صباح العيد ..غيبوبة استمرت 55 يوماً وليلة ذقنا خلالهم كل أنواع العذاب والحزن والقهر والعجز والرحمة..كان ذلك في العام الماضي عام 2006 الذي ذهب بكل خيباته وأحزانه وحربه وظلمه ..عام شاهد العالم كله كيف تصلب العدالة ..وكيف ترقص الفئران على جثث الأسود ....عام كان له كله خيبات وحزن .. لم اعرف قبله الحزن الحقيقي المدمر .. بوفاة والدي رحمه الله وبموت الحقيقة .. كنت أخاف ملاقات وجه العيد من بعد رحيل والدي ..لكنني ما كنت أتوقع أن يكون العيد بذالك الوجه اللئيم ...
ماجرى من أحداث صباح العيد اللئيم كان بمثابة صدمة تنذر بأن للحزن محيطات وأنهار تحيط بنا ..فقد أعدم صدام حسين والشعوب العربية في غيبوبة تردد : -
"بالروح بالدم نفديك يا صدام"
هكذا رحل شامخ الرأس والقامة
كنت اتابع الحفل بقدسية شديدة بعد رعبة العيد واستبدال الضحية من خروف استرالي الى رئيس عربي..صباح لا ينسى كدت أشنق نفسي به لألحق بقائمة من فعلوها في الجزائر واليمن والهند وامريكا ..كنت سأكون السورية التي شنقت نفسها حزنا على صدام حسين ..ولا أدري أن كان حزنا أم جنون...صباح شعرت به بتسونامي مشاعر متناقضة..
حزن اختناق ذل قهر بكاء نحيب غضب ..رغم أن صدام لم يكن يمثل لي إلا رئيس عربي حاول ايذاء بلدي ولعب دور المخرب يوما....كنت اسميه
"صدا الدم." وعدو سابع جار .لكن يوم استشهاده التبس علي الأمر فقد ضننته المرحوم والدي وتحولت مشاعري لصالحة احببته ميتا وكرهت من كانوا وراء اعدامه حتى الإحتقار ..احبتته وكرهت العيد اللئيم .. أنه العيد الأول الذي أستقبله وأنا يتمية مهزومة مقهورة بوفاة والدي رحمه الله ..ماكنت بحاجة لتسونامي عربدة الغرب في ايذاء مشاعر العرب والمسلمين ..ما كنت بحاجة لتسونامي اعدام الرئيس الراحل صدام حسين ..لكنه أبى أن يرحل دون معايدة لكل أشراف العالم..أبى أن يرحل ذليلا خانع..رفض أن يرحل مطأطأ الرأس ..رفض طاعة العملاء والإمبريالين حتى النفس الأخير
.فكيف لا أفرق بينه وبين - صدا الدم - حتى لو كان هو قاتل أبي - رحمه الله - ..رحيله العزيز الكريم هو كرت معايدة لكل الشرفاء بهذا العالم ..رحيله كما رحيل عمر المختار ..كما رحيل تشي غيفارا ..كما رحيل كل الأبطال ..لذا أحببته وكرهت العيد وكل من كان سببا في إعدامه.
نعم عزاء العرب بأن صدام حسين رحل وهو شامخ القامة مرفوع الرأس متحديا باستشهاده فئران الطاعة العمياء لإدارة بوش الأرعن وكل الطائفيين الجبناء .
يوم استشهاده كنت اتنقل من فضائية الى فضائة ومن موقع لموقع أبحث عن كلمة عزاء تعيد لنا كرامتنا المهدورة..تعيد لنا بعض القوة لنتغلب على الضعف والهوان..كلمة حق تعيد لنا الثقة بهذا العالم المتحرك على برك الدم ..واذ بصوت مصطفى بكري الثائر الرائع يصدح ضد العملاء والخونة وضد سياسة أمريكا الإرهابية ....ومن خلفه وأمامه كانت أصوات مريبة تعبر عن التقولب الذي نعيشه
.".بالروح بالدم نفديك ياصدام.".
تساءلت كيف سيفدوه بالروح وبالدم..؟ كيف ومتى ..الرجل انتقل الى ربه ولم يفديه أحد. حوصر واعتقل وأعدم وما رأينا نقطة دم تفديه..
تساءلت الى متى سيردد الجمهور المغيب هذه الأكاذيب وهذه الشعارات المعلبة ثقيلة المعنى والدم....وتمنيت لو أن الرؤساء العرب يصدروا مراسيم تمنع التفدي .. لكي لا يحل بهم ماحل بصدتم ....وعلى الصعيد الشخصي لقد قاطعت كلمة "فديت روحك " هذه الكلمة الخليجية التي كنت أقولها لأبني أو لزوجي .أو للأصدقاء الأعزاء تحبباً ..نعم قاطعتها ..وحرمتها على لساني ولسان كل من يعيش بمملكتي ..
إذاً " لا بالروح ولا بالدم نفدي أحد ياسيادة الرئيس " ..لكلننا سنفدي سوريا بالعمل والعلم والإبداع ..بمحاربة الفساد والمفسدون لأنها الباقية كما وجه الله بينما نحن وأنت الى زوال ..
. لن افديك بشيء لكني أردد معك كلنا فداء للوطن ..كلنا فداء لمهد الحضارات كلنا نفدي سوريا لأنها الباقية كما وجه الله بينما نحن وأنت مثلنا الى الزوال ولن يخلدنا إلا صدق العمل .
في كل خطاب ومع كل مرسوم يصدره الرئيس يثبت لنا حبه لسوريا واصراره على الرقي بنا شعباً وحكومة ..ومع كل خطاب له نجد انقلابا على الخطابات العربية المعلبة التي تعودت عليها الجماهير المطبلة المزمرة ..يحاول الرئيس الغاء قولبة الخطاب ولكن قولبة هتافات الجماهير حالة مزنمة لم تتغير.
مع كل خطاب لأي رئيس عربي تنتابني حالة رعب من سماع هتافات الجماهير..أخرها هتافات الجماهير المصرية في حفل تأبين عزاء الرئيس الراحل مجبرا الى جوار ربه.- صدام حسين .. كانت الجماهير تردد خلف مصطفى بكري رجل الحرية والنضال صاحب الصوت العربي المعذب.."
والرئيس الأسد أعتبره أول رئيس عربي يحترم الجماهير ، يخاطب بهم العقل دون استلابهم..أول رئيس يحاول أن يصارح الجمهور بخصوص الشأن العام ومايدور خلف كواليس السياسة ..أول رئيس عربي حظر الشعارات المعلبة وممارسة الكذب على شعبه..أملة أن يرقى هذا الشعب ويمتنع عن استلاب الرئيس وأن لايتفداه لا بالروح ولابالدم.
.وأتمنى أن تفدى الوطن بالعلم والعمل والتقوى لابالروح والدم..لنعتمد الشفافيته في مخاطبةالعقول و الرئيس كما يعتمد الرئيس الشفافية مع الجماهير لأنه وفي كل مرة يؤكد لنا سيادته صدفة ومطالبته لنا بالصدق والجدية والعمل.. وبعض الجماهير لاتريد ان تصغي للخطاب الجاد والجديد على الشعوب العربية ..بعضهم لايفهم أو لايريد أن يفهم أن الشعارات المعلبة لم تعد صالحة للإستخدام الأدمي الراقي المسؤول ويصر البعض أن لايكف عن الهتاف الببغائي ليفسد على البقية متعة الإصغاء والفهم والفداء بطريقة العمل والاحترام للقانون وليس بالرضوخ والرشوة والنفاق لإفساد الحلم ..كما يفسد رجل المرور كل صباح وكل الطرق بيده الممدوه بعد ان تحول من رجل مرور الى متسول بالزي الرسمي ..!
بعض من الجماهير الغفيرة حفظت عن ظهر قلب بعض الشعارات الببغائية وكأن اللغة العربية عقيمة لاشيء فيها إلا ( بالروح بالدم ) وشعار جديد وثقيل جدا ( الله سوريا بشار وبس) . وأنا اذ اتوقع أن أصاب بالجلطة فليس من معنى الشعار الغير منطقي والمبالغ فيه وحسب ,. بل من حشر الشعار في غير مكانه ليقطع روح التواصل الحقيقي بين الرئيس وشعبه وبين المواطن ووطنه لنختصر الوطن بشخص أو مئة اومليون .. واليكم بعض الأمثلة :
كان الرئيس يلقي خطابه الأخير بمنتهى الشفافية ، وقد اشاد بخطابه
وأيده كل صاحب ضمير لأنه خطاب واضح وصريح من رئيس يحترم شعبه ويخاطبه بصدق مصارحا إياه بما يحاك للوطن من دسائس ..بينما ينافقه البعض بين كل مصارحة ومصارحة ..ليردد شعارات خارج الموضوع ولا علاقة لها بالقول لا من قريب ولا من بعيد ..!
وفي مكان أخر كان الكاتب " د يفيد ديوك " مؤلف كتاب الصحوة يخاطب الشعب السوري مندداً بما تفعله الحكومة الأمريكية ضد شعوب العالم وضد الشعب سوريا حصراُ فقال لهم : جئتكم من شعب أمريكا المحب للسلام الى الشعب السوري المحب للسلام ...مؤيدا الى الرئيس السوري المحب للسلام ... بعضهم لم يفهم القول و بدأ يردد تلك الشعارت المزعجة المستهلكة على مستوى الوطن العربي وكأن اللغة نفذت ....تابع ديفيد ديوك مصارحا الشعب السوري بأن الشعب الأمريكي هو ايضا محتلا من قبل اسرائيل وحكومة امريكا محتلة ومخترقة ايضا الى أن وصل الى شعار رائع جدا كنت اتمنى لو أن الجماهير رددته لأنه ضمن الخطاب ولأنه شعار بسيط جدا ومهم يساوي الف شعار من شعارات محبي النفاق والمبالغة .. لأن من ينافق لايفدي أحد بالدم ولا حتى بالماء الملوث ..كنت اتمنى ان يكون الجمهور مع الكلمة ومع الحس العالي عند ديفيد ديوك بمصيبتنا ..لكنه لم يكن حتى بعد ان همست لهم المترجمه ليكفوا عن الشعارات الببغاية لم يتعضوا ... كان شعار ديفيد ديوك حي وشعاراتهم ميتة .. حيث ردد وكان يتوقع منهم أن يرددوا معه " لا للحرب من أجل اسرائيل " كررها ولكن البعض كان مغشيا عليه بشعار النفاق حتى أصابتني الذبحة ..ومن هنا اقول لك سيادة الرئيس ..شعار جديد جدا " لا بالروح ولا بالدم نفديك " بل اتمنى عليك ان تمنع هذه الشعارات على الإطلاق كما منعت حمل صورك لأن المبالغة في الحب قمة في النفاق .. !
همسة :
يحكى ان احدى المطربات في سوريا أصيبت بجلطة جراء عدم احساس الفرقة الموسيقية بها.. فخرجت عن المسرح ولم تعد اليه لآن بلادة الفرقة أدت لموتها ...هذا ما أشعر به - أنا - اثناء اي خطاب يلقيه أي رئيس عربي أو ي مدير حفل خطابة..لأن الجماهير العربية دائما خارج النص والمضمون .تردد شعاراتها الخالية من كل صدق وكل معنى ... وفي كل مناسبة وطنية اترقب الوضع مرغمة و أتشهد على روحي
من هتافات فكر الدمار العربي الشامل .!