أخي أبي عاصم
السلام عليكم
أستأذنك في أن أرد غدًا حتى أتمكن من قراءة مداخلاتك وأشكرك على التفاعل وأرجو أن تضع إضافاتك
لكن من قراءتي السريعة جدًا للكلام أعلاه أقول أن لا حرج من المناقشة لأن الإسلام حق والحق أبلج لا يخشى الطرح والمناقشة أخي الفاضل وغن وجدتَ (انت) خطئأً فقم بتصحيحه فورًا فما هدفي إلا الدفاع عن: صفات الله عز وجل
وعن رسوله صلى الله عليه وسلم
وكتاب الله الكريم
وصحابة الرسول (ص) وآل بيته.

حتى أرد غدًا أستأذنك في أن أضع مداخلاتي حول "قصة الغرانيق" خاصة أنني لم أجد لسيادتكم إلحاحًا في إجابة سؤال أو رد على نقد او شيئًا من هذا القبيل

ذكرنا من قبل قصة الغرانيق وأن بعض رواتها كما هو مذكور في سلسلة الرواة من الثقات. أولًا نقرأ ما جاء في البخاري ومسند أحمد:
1009 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَجَدَ بِالنَّجْمِ وَسَجَدَ مَعَهُ الْمُسْلِمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ وَالْجِنُّ وَالْإِنْسُ. وَرَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنْ أَيُّوبَ. (البخاري)

3499 - حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَجَدَ بِالنَّجْمِ وَسَجَدَ الْمُسْلِمُونَ إِلَّا رَجُلًا مِنْ قُرَيْشٍ أَخَذَ كَفًّا مِنْ تُرَابٍ فَرَفَعَهُ إِلَى جَبْهَتِهِ فَسَجَدَ عَلَيْهِ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَرَأَيْتُهُ بَعْدُ قُتِلَ كَافِرًا. (مسند أحمد)

ونقرأ في شرح ابن بطال:
(1)/48 - فيه: ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - ، قرأ والنَّجْمِ فَسَجَدَ، وَسَجَدَ مَعَهُ الْمُسْلِمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ وَالْجِنُّ وَالإنْسُ.(شرح ابن بطال. ب3. ج5)

لأن سجود المشركين لم يكن على وجه العبادة لله والتعظيم له، وإنما كان لما ألقى الشيطان على لسان الرسول من ذكر آلهتهم من قوله: {أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى} [النجم: 20، 21]، فقال: تلك الغرانيق العُلى، وإن شفاعتهم لترتجى، فسجدوا لما سمعوا من تعظيم آلهتهم، فلما علم الرسول ما ألقى الشيطان على لسانه من ذلك أشفق وحزن له، فأنزل الله عليه تأنيسًا له وتسلية عما عرض له: {وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبى إلا إذا تمنى ألقى الشيطان فى أمنيته} إلى {حكيم} [الحج: 52] (شرح ابن بطال. ب3. ج5)

بل إن الحافظ ابن حجر يؤيد ذلك ويستنبط من هذه القصة الباطلة حكمًا فقهيًّا:
"وَيُؤَيِّدهُ أَنَّ لَفْظ الْمَتْن " وَسَجَدَ مَعَهُ الْمُسْلِمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ وَالْجِنّ وَالْإِنْس " فَسَوَّى اِبْن عَبَّاس فِي نِسْبَة السُّجُود بَيْن الْجَمِيع ، وَفِيهِمْ مَنْ لَا يَصِحّ مِنْهُ الْوُضُوء فَيَلْزَم أَنْ يَصِحّ السُّجُود مِمَّنْ كَانَ بِوُضُوءٍ وَمِمَّنْ لَمْ يَكُنْ بِوُضُوءٍ ، وَاَللَّه أَعْلَم ." (فتح الباري. ج4)

ولكنه ينفي ما قيل من وضع الشيطان كلامًا على لسان الرسول صلى الله عليه وسلم:
"قَالَ الْكَرْمَانِيُّ : سَجَدَ الْمُشْرِكُونَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ لِأَنَّهَا أَوَّل سَجْدَة نَزَلَتْ فَأَرَادُوا مُعَارَضَة الْمُسْلِمِينَ بِالسُّجُودِ لِمَعْبُودِهِمْ ، أَوْ وَقَعَ ذَلِكَ مِنْهُمْ بِلَا قَصْد ، أَوْ خَافُوا فِي ذَلِكَ الْمَجْلِس مِنْ مُخَالَفَتهمْ قُلْت : وَالِاحْتِمَالَات الثَّلَاثَة فِيهَا نَظَر ، وَالْأَوَّل مِنْهَا لِعِيَاضٍ ، وَالثَّانِي يُخَالِفهُ سِيَاق اِبْن مَسْعُود حَيْثُ زَادَ فِيهِ أَنَّ الَّذِي اِسْتَثْنَاهُ مِنْهُمْ أَخَذَ كَفًّا مِنْ حَصًى فَوَضَعَ جَبْهَته عَلَيْهِ فَإِنَّ ذَلِكَ ظَاهِر فِي الْقَصْد ، وَالثَّالِث أَبْعَد إِذْ الْمُسْلِمُونَ حِينَئِذٍ هُمْ الَّذِينَ كَانُوا خَائِفِينَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ لَا الْعَكْس ، قَالَ : وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ بِسَبَبِ إِلْقَاء الشَّيْطَان فِي أَثْنَاء قِرَاءَة رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا صِحَّة لَهُ عَقْلًا وَلَا نَقْلًا." (فتح الباري. ج13)

(لاحظ سيد "أنا مسلم" أن علماء السنة والجماعة يلجأون إلى العقل والمنطق. فابن حجر يقول لك: "لَا صِحَّة لَهُ عَقْلًا وَلَا نَقْلًا"، وسيقول لك الرازي أدناه: هذه الرواية باطلة موضوعة واحتجوا عليه بالقرآن والسنة والمعقول.")

وكما ذكرت أن الروايات بها العسل المختلط بالسم وإن لم يكن المسلم على بصيرة من أمره ضل وأضل. وكذلك انخدعت بهذه القصة الباطلة تفاسير كثيرة. لذلك يقول ابن تيمية رحمة الله:
"وأما أسباب النزول فغالبها مرسل ليس بمسند لهذا قال الإمام أحمد: ثلاث علوم لا إسناد لها. وفي لفظ: ليس لها أصل: التفسير والمغازي والملاحم. يعني أن أحاديثها مرسلة ليست مسندة والمراسيل قد تنازع الناس في قبولها وردها. وأصح الأقوال: أن منها المقبول ومنها المردود ومنها الموقوف. (الألباني. نصب المجانيق. ص 42)
ويحذر الألباني من تصديق كل ما جاء في كتب الروايات. فيقول:
"ولكن أعداء الدين الذين قعدوا له في كل طريق وترصدوا له عند كل مرصد لا يرضيهم إلا أن يدسوا فيه ما ليس منه ولم يقله رسوله فذكروا ما ستراه في الروايات الآتية مما لا يليق بمقام النبوة والرسالة وذلك ديدنهم منذ القديم كما فعلوا في غير ما آية وردت في غيره صلى الله عليه وسلم من الأنبياء كداود وسليمان ويوسف عليهم الصلاة والسلام فرووا في تفسيرها من الإسرائيليات ما لا يجوز نسبته إلى رجل مسلم فضلا عن نبي مكرم . كما هومبين في محله من كتب التفاسير والقصص فحذار أيها المسلم أن تغتر بشيء منها فتكون من الهالكين و دع ما يريبك إلى ما لا يريبك كما قال نبيك صلى الله عليه وسلم. (الألباني. نصب المجانيق. ص 42)

وبعد أن يفند كل الروايات يتجه إلى المراسيل مُجَوِّزًا أن الثقات الكبار أخذوا عن مجهول أو عن ضعفاء. فيقول:
"فيبقى النظر في هذه المراسيل وهي كما علمت سبعة صح إسناد أربعة منها وهي مرسل سعيد بن جبير وأبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث وأبي العالية ( رقم 1 - 3 ) ومرسل قتادة رقم ( 5 ) وهي مراسيل يرد عليها أحد الاحتمالين السابقين لأنهم من طبقة واحدة : فوفاة سعيد بن جبير سنة ( 95 ) وأبي بكر بن عبد الرحمن سنة ( 94 ) وأبي العالية - واسمه رفيع مصغرا - سنة ( 90 ) وقتادة سنة بضع عشرة ومائة والأول كوفي والثاني مدني والأخيران بصريان فجائز أن يكون مصدرهم الذي أخذوا منه هذه القصة ورووها عنه واحدا لا غير وهومجهول. وجائز أن يكون جمعا ولكنهم ضعفاء جميعا فمع هذه الاحتمالات لا يمكن أن تطمئن النفس لقبول حديثهم هذا لا سيما في مثل هذا الحدث العظيم الذي يمس المقام الكريم." (الألباني. نصب المجانيق. ص 45، 46)
ويقول ابن كثير في تفسير سورة الحج:
"ذكر كثير من المفسرين هاهنا قصة الغَرَانيق، وما كان من رجوع كثير من المهاجرة إلى أرض الحبشة، ظَنا منهم أن مشركي قريش قد أسلموا. ولكنها من طرق كلها مرسلة، ولم أرها مسندة من وجه صحيح، والله أعلم."

يقول الرازي في تفسير سورة الحج:

"هذا رواية عامة المفسرين الظاهريين، أما أهل التحقيق فقد قالوا هذه الرواية باطلة موضوعة واحتجوا عليه بالقرآن والسنة والمعقول. أما القرآن فوجوه: أحدها : قوله تعالى : { وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأقاويل * لأَخَذْنَا مِنْهُ باليمين * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الوتين } [ الحاقة : 44 46 ] ، وثانيها : قوله : { قُلْ مَا يَكُونُ لِى أَنْ أُبَدّلَهُ مِن تِلْقَاء نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ } [ يونس : 15 ] وثالثها : قوله : { وَمَا يَنطِقُ عَنِ الهوى إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يوحى } { النجم : 3 ] فلو أنه قرأ عقيب هذه الآية تلك الغرانيق العلي لكان قد ظهر كذب الله تعالى في الحال وذلك لا يقوله مسلم ورابعها : قوله تعالى : { وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الذى أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتفْتَرِىَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذاً لاَّتَّخَذُوكَ خَلِيلاً } [ الإسراء : 73 ] وكلمة كاد عند بعضهم معناه قرب أن يكون الأمر كذلك مع أنه لم يحصل وخامسها : قوله : { وَلَوْلاَ أَن ثبتناك لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلاً } [ الإسراء : 74 ] وكلمة لولا تفيد انتفاء الشيء لانتفاء غيره فدل على أن ذلك الركون القليل لم يحصل وسادسها : قوله : { كذلك نُثَبّتُ بِهِ فُؤَادَكَ } [ الفرقان : 32 ] . وسابعها : قوله : { سَنُقْرِئُكَ فَلاَ تنسى } [ الأعلى : 6 ] . وأما السنة فهي ما روي عن محمد بن إسحق بن خزيمة أنه سئل عن هذه القصة فقال هذا وضع من الزنادقة وصنف فيه كتاباً." (التفسير الكبير)

ومعنى ذلك أن الثقة يمكن أن ينخدع بالرواية فيرويها وهو لا يدري أنه يضع السم لعباد الله. ننظر في الآيات أولًا:

أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى(19)وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى(20)أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى(21)تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى (22)إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَءَابَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى(23) (النجم)

وسورة النجم مكية وترتيب نزولها بين سور القرآن الكريم هو 23.

{وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} (52) (الحـج)

سورة الحج مكية وترتيب نزولها هو 103.

يقول الزنادقة في روايتهم الباطلة أن سورة النجم نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وألقى الشيطان على لسانه تمجيدًا لأصنام قريش فلما سجد، سجد معه المسلمون وكذلك المشركون بعد أن مجد آلهتهم. فأنزل الله عليه آية سورة الحج أعلاه. وعندما ننظر في ترتيب نزول سور القرآن الكريم على رسولنا صلى الله عليه وسلم نرى أن الفارق بين سورة النجم وسورة الحج هو 109 سورة. أي نزلت سورة النجم ثم أنزل الله على رسوله 109 سورة ثم أنزل سورة الحج. ذلك ليعلم أخي المسلم أنه لا رابط البتة في هذا الشان بين آية سورة النجم وآية سورة الحج.

يقول الألباني:

إن ( تمنى ) من " الأمنية " وهي التلاوة كما قال الشاعر في عثمان رضي الله عنه حين قتل:
تمنى كتاب الله أول ليلة ............. وآخرها لاقى حمام المقادر
وعليه جمهور المفسرين والمحققين وحكاه ابن كثير عن أكثر المفسرين. وبينه القرطبي فقال في " تفسيره " ( 12 / 83 ) : وقد قال سليمان بن حرب : إن ( في ) بمعنى : عند أي ألقى الشيطان في قلوب الكفار عند تلاوة النبي صلى الله عليه وسلم كقوله عز وجل : ( ولبثت فينا ) ( الشعراء : 18 ) أي عندنا وهذا هومعنى ما حكاه ابن عطية عن أبيه عن علماء الشرق وإليه أشار القاضي أبوبكر بن العربي. (الألباني. نصب المجانيق. ط3. 1996م)

ويؤيده ذلك المفسر العظيم الإمام الرازي:

"ولنشرع الآن في التفصيل فنقول التمني جاء في اللغة لأمرين: أحدهما: تمنى القلب والثاني: القراءة قال الله تعالى: { وَمِنْهُمْ أُمّيُّونَ لاَ يَعْلَمُونَ الكتاب إِلاَّ أَمَانِيَّ } [ البقرة : 78 ] أي إلا قراءة لأن الأمي لا يعلم القرآن من المصحف وإنما يعلمه قراءة، وقال حسان:
تمنى كتاب الله أول ليلة ... وآخرها لاقى حمام المقادر

وفي لسان العرب (مادة "منى"): وتَمَنَّى الكتابَ قرأَه وكَتَبَه.
وفلانٌ قَرَأ عليك السلام وأقْرأك السلامَ. (مختار الصحاح: ق ر أ)

ومن ثم يكون معنى الآية:
ما من نبي أرسله الله إلا وقد خاطب قومه يبلغهم رسالته. وهنا يبرز دور الشيطان في صدهم عن سبيل الله عز وجل، فيلقي..
لكن "يلقي" ماذا ولمن؟
لم يبين الحق عز وجل هنا المفعول به لأنه سبحانه يخاطب أصحاب العقول لا من حفظوا الروايات بدون الرجوع لكتاب الله فرانت على قلوبهم فهم لا يفقهون.
الشيطان يلقي ماذا ولمن؟
يجيبك الحق عز وجل في آيات أخر. مثل:
{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيدًا} (60) سورة النساء
{يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُورًا} (120) سورة النساء
{تَاللّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (63) سورة النحل

إذن يلقي بوساوسه. لكن لمن؟ هل يوسوس للرسول صلى الله عليه وسلم؟!
يوسوس لمستمعي الرسول ليصدهم عن ذكر الله وعبادته وتنزيهه عن الشريك.
ألقي الشيطان في أمنيته، في قراءة النبي، في خطابه لقومه يدعوهم إلى الله في أي مكان وأي زمان من رسالته. وحرف الجر "في" هنا بمعنى "أثناء" (في 2007م مثلًا) فهو دال على الزمن وليس على المكان (في البيت مثلًا). فيلقي الشيطان بوساوسه أثناء خطاب النبي –أي نبي- لقومه.
يلقي وساوسه في صدور المستمعين جميعًا أثناء قراءة ذلك النبي. فينسخ الله (أي يمحو) ما يلقيه الشيطان في صدور الذين آمنوا بأن يُحْكِم آياته أي يبينها فيفهمها الذين آمنوا فلا يفتتنون. أما الذي في قلوبهم مرض فيميلون بأهوائهم إلى ما يلقيه الشيطان ويفتتنون به فيزيدون ضلالًا على ضلالهم. وقد وقع هذا مع كافة أنبياء الله عز وجل مثل سيدنا عيسى. فقد دعا تلاميذه ليحثهم على الثبات في الإيمان وبرز دور الشيطان الذي ألقى في (أثناء) مخاطبة سيدنا عيسى لتلاميذه. إلا أنه لم يستطع إغواءهم إلا يهوذا الذي كان هواه في غير رضا الله فغوى وهوى في الضلال والكفر.

وَنَحْنُ قَدْ آمَنَّا وَعَرَفْنَا أَنَّكَ أَنْتَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ الْحَيِّ». أَجَابَهُمْ يَسُوعُ: «أَلَيْسَ أَنِّي أَنَا اخْتَرْتُكُمْ الاِثْنَيْ عَشَرَ؟ وَوَاحِدٌ مِنْكُمْ شَيْطَانٌ!» قَالَ عَنْ يَهُوذَا سِمْعَانَ الإِسْخَرْيُوطِيِّ لأَنَّ هَذَا كَانَ مُزْمِعاً أَنْ يُسَلِّمَهُ وَهُوَ وَاحِدٌ مِنَ الاِثْنَيْ عَشَرَ. (يو 6: 69 – 71)

أَمَّا يَسُوعُ قَبْلَ عِيدِ الْفِصْحِ وَهُوَ عَالِمٌ أَنَّ سَاعَتَهُ قَدْ جَاءَتْ لِيَنْتَقِلَ مِنْ هَذَا الْعَالَمِ إِلَى الآبِ إِذْ كَانَ قَدْ أَحَبَّ خَاصَّتَهُ الَّذِينَ فِي الْعَالَمِ أَحَبَّهُمْ إِلَى الْمُنْتَهَى. فَحِينَ كَانَ الْعَشَاءُ وَقَدْ أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي قَلْبِ يَهُوذَا سِمْعَانَ الإِسْخَرْيُوطِيِّ أَنْ يُسَلِّمَهُ. (يو 13: 1، 2)

فَدَخَلَ الشَّيْطَانُ فِي يَهُوذَا الَّذِي يُدْعَى الإِسْخَرْيُوطِيَّ وَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الاِثْنَيْ عَشَرَ. (لو 22: 3)

Then entered Satan into Judas. (KJV)
But Satan went into Judas. (ISV)
Entered and adversary into Judas. (Diaglot)
Then Satan entered Judas. (GWV)
And the Adversary entered into Judas. (ylt)

{وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} (52) (الحـج)

{تَاللّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (63) سورة النحل

نعم إن البخاري لم يذكر هذه القصة الباطلة ولكنه ذكر سجود المشركين خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذلك مسند أحمد. وهذا باطل أيضًا لمخالفته الصريحة لكتاب الله وللمنطق والعقل:

{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا*} (60) سورة الفرقان

نقرأ روايتي البخاري وأحمد مرة ثانية:

1009 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَجَدَ بِالنَّجْمِ وَسَجَدَ مَعَهُ الْمُسْلِمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ وَالْجِنُّ وَالْإِنْسُ. وَرَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنْ أَيُّوبَ. (البخاري)

3499 - حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَجَدَ بِالنَّجْمِ وَسَجَدَ الْمُسْلِمُونَ إِلَّا رَجُلًا مِنْ قُرَيْشٍ أَخَذَ كَفًّا مِنْ تُرَابٍ فَرَفَعَهُ إِلَى جَبْهَتِهِ فَسَجَدَ عَلَيْهِ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَرَأَيْتُهُ بَعْدُ قُتِلَ كَافِرًا. (مسند أحمد)

ولنطرح أسئلة لمن يعقل:
هل كان المشركون يسمحون للرسول صلى الله عليه وسلم بترتيل القرآن الكريم هكذا في عند الكعبة وقد كان يصلي فيها ليلًا إذا لم يحضروها. (انظر التفسير الكبير للرازي)؟
ثم هل سيجد هكذا المشركون دون أن يقفوا على حقيقة الأمر وقد كانوا أذكياء ومفاوضين مهرة لدرجة أن مفاوضهم في صلح الحديبية اعترض على عبارة "محمد رسول الله" في نص الصلح؟
العجيب أن الجن سجدوا!!! والأعجب من ذلك أن يراهم الرواة الذين لم يراعوا للدين حرمة!!!
يقول البعض أن المشركين سجدوا لآلهتهم وأن الرسول لم يمتدح آلهتهم. فلماذا يسجدون خلف الرسول صلى الله عليه وسلم إذن؟
يقول الإمام أحمد "إِلَّا رَجُلًا مِنْ قُرَيْشٍ أَخَذَ كَفًّا مِنْ تُرَابٍ فَرَفَعَهُ إِلَى جَبْهَتِهِ فَسَجَدَ عَلَيْهِ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَرَأَيْتُهُ بَعْدُ قُتِلَ كَافِرًا" والمعنى أن الراوي يقول أن المشركين سجدوا لله ما عدا هذا فقتل كافرًا بعد ذلك لا ستكباره. وهذا لا يصدقه من له مسحة من عقل.

يقول الألوسي في تفسيره (الحج 52):

"والمعنى وما أرسلنا من قبلك رسولاً ولا نبياً إلا وحاله أنه إذا قرأ شيئاً من الآيات القى الشيطان الشبه والتخيلات فيما يقرؤه على أوليائه ليجادلوه بالباطل ويردوا ما جاء به كما قال تعالى : { وَإِنَّ الشياطين لَيُوحُونَ إلى أَوْلِيَائِهِمْ ليجادلوكم } [ الأنعام : 121 ] وقال سبحانه { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلّ نِبِىّ عَدُوّاً شياطين الإنس والجن يُوحِى بَعْضُهُمْ إلى بَعْضٍ زُخْرُفَ القول } [ الأنعام : 112 ] وهذا كقولهم عند سماع قراءة الرسول صلى الله عليه وسلم { إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الميتة } [ القرة : 173 ] إنه يحل ذبيح نفسه ويحرم ذبيح الله تعالى ، وقولهم على ما في بعض الروايات عند سماع قراءته عليه الصلاة والسلام : { إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم } [ الأنبياء : 98 ] إن عيسى عبد من دون الله تعالى والملائكة عليهم السلام عبدوا من دون الله تعالى { فَيَنسَخُ الله مَا يُلْقِى الشيطان } أي فيبطل ما يلقيه من تلك الشبه ويذهب به بتوفيق النبي صلى الله عليه وسلم لرده أو بأنزال ما يرده { ثُمَّ يُحْكِمُ الله ءاياته } أي يأتي بها محكمة مثبتة لا تقبل الرد بوجه من الوجوه ، و { ثُمَّ } للتراخي الرتبي فإن الإحكام أعلا رتبة من النسخ ، وصيغة المضارع في الفعلين للدلالة على الاستمرار التجددي ، وإظهار الجلالة في موقع الاضمار لزيادة التقرير والإيذان بأن الألوهية من موجبات أحكام آياته تعالى الباهرة".

وبعد هذا التحليل اللغوي ومن خلال علماء السنة والجماعة نقول أن كل ما قيل في هذا الشأن يخالف مخالفة صارخة ما اشتهر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بل وكل انبياء الله ورسله، ويخالف التحليل اللغوي لآيات القرآن الكريم، ويخالف الفارق الزمني بين سورتي الحج والنجم، ويخالف أبسط قواعد العقل والمنطق. لذلك نحكم على هذه الروايات بالنكارة ولو جاء في أصح كتب الروايات.
ونلاحظ أن الإمام مسلم لم يروها البتة في صحيحه وهي بين يديه لأنه رآها رواية منكرة ولو كان سندها صحيحًا فربما هناك علة وتدليس في السند خفي عليه. ليقول لنا أن الروايات انتقائية eclectic وليست وحيًّا ولا إلهامًا، وأن جامع الروايات ينتقي منها ما يروق له فإذا رأى المتن فاسدًا -في نظره- فلا عبرة عنده بالسند.

يتبع بعون الله عز وجل
النظر فيما استجد

اقتباس:  zaidgalal   كتب/كتبت  
أخي أبي عاصم
السلام عليكم
أستأذنك في أن أرد غدًا حتى أتمكن من قراءة مداخلاتك وأشكرك على التفاعل وأرجو أن تضع إضافاتك
لكن من قراءتي السريعة جدًا للكلام أعلاه أقول أن لا حرج من المناقشة لأن الإسلام حق والحق أبلج لا يخشى الطرح والمناقشة أخي الفاضل وغن وجدتَ (انت) خطئأً فقم بتصحيحه فورًا فما هدفي إلا الدفاع عن: صفات الله عز وجل
وعن رسوله صلى الله عليه وسلم
وكتاب الله الكريم
وصحابة الرسول (ص) وآل بيته.

حتى أرد غدًا أستأذنك في أن أضع مداخلاتي حول "قصة الغرانيق" خاصة أنني لم أجد لسيادتكم إلحاحًا في إجابة سؤال أو رد على نقد او شيئًا من هذا القبيل

خذ راحتك أخي الكريم ولا حرج علي أو عليك أو على الأخ الكريم (أنا مسلم) وإنما نحن طلاب علم وحقيقة، ولكني كنت ولا زلت أرجو طرح نقطة فنقطة حتى نهتدي فيها إلى الحق والصواب ونتفق عليها، فما نحن هنا للمناكفة والرد على هذا القول وذاك كما في غير هذا من المواضيع، وأنا معك في الحوار هذا بإذن الله وحتى آخره، فإن العلم لا يبلغه المرء إلا بالمناظرات والمناقشات لكن التي تقوم على طلب الحقيقة طبعا.

أشكر لك وللأخ (أنا مسلم) وللأخ (حسن سلمان) غيرتكم على الدين وأرجو أن أكون صاحب ظل عليكم خفيف.

هداني الله وإياكم للخير والصواب.

بسم الله والصلاة والسلام على الرسل أجمعين

الأخ زيد
أولا أحب ان أوضح انك أهملت كثير من كلامي ولا أعرف السبب فى ذلك

اقتباس:خبر الواحد لم ينسخ سنة متواترة أخي الكريم. الذي نسخ السنة المتواترة هو القرآن الكريم فقط.

عذراً كأنك تتجاهل الحديث الصحيح لأنه لا يخدم غرضك
الحديث ياأخي يوضح ان الذين كانوا فى الصلاة قد تلقوا أمر الثقه الواحد بدون نقاش حتي فى تعارضه مع تواتر مشهور بل وحتي لم يهملوه حتي يتثبتوا فيه
فعندما قال (( الثقه )) لهم بأن القبله قد تحولت لم يقولوا مثلما تقول حضرتك ده خبر واحد قد يخطأ ويصيب بل أنه يتعارض مع ما نعرفه من الرسول صلى الله عليه وسلم بل أنظر إلى رد فعلهم المباشر وهو (( فَمَالُوا كَمَا هُمْ نَحْوَ الْقِبْلَةِ ))

وتدبر ان التوجه بالقبله نحو بيت المقدس كان أمرا راسخاً ومعلوم على وجه اليقين

اما عن قولك:

اقتباس: كما اختلف العلماء في التوجه إلى بيت المقدس هل هو سنة متواترة أم أمر من الله لم يذكره القرآن الكريم. وإني أميل إلى أنه أمر غير قرآني من الله عز وجل

يعارضه قولك التالي مباشرة:
[QUOTE]والمعنى أن الرسول كان يريد قبلة غير التي كان عليها ومن ثم لا يمكن أن يكون هو الذي اختارها

فما كان للرسول صلى الله عليه وسلم ان يتوجه نحو بيت المقدس من تلقاء نفسه إلا بأمر منه تبارك وتعالي وحتي لو لم يكن قرآن كريم فهو أمر إلهي
ومن السنه أيضا ما جاء بصورة الوحي

الغرض الأساسي من ذكر الحديث هو قبول خبر الواحد الثقه حتي ولو فى تبليغ قرآن كريم ... وهذا مالم ترد عليه حضرتك وإنما تحوم حوله !!

اقتباس:المعجزات ليست خارج إدراك العقل. إنما هي خارج المألوف وقوانين المادة.

عذراً مكابرة وهذل لا معني له لأن المعجزه لو أحاطها العقل بعلمه لما سميت معجزة ...... وبالإضافة إلى المعجزات فكل الأمور الغيبية لا تجري عليها أحكام العقل

اقتباس: فالمنطق يقول أن خالق السموات والأرض هو إله قدير وقدرته مطلقة وإلا لما كان إلهًا وخالقًا ..الخ

لا منطق ولا يحزنون الله عزوجل عرفناه بما أثبت هو لنفسه

اقتباس:. وقد ألقى الله باللائمة على هؤلاء الذي لا يُعْمِلُون عقولهم

للأسف حق يراد بها باطل لأن الله عزوجل يطلب إعمال العقل فى حدود ما هو مطلوب منه
ولأن العقل مرتبط بالعلم وفق المراحل الزمنية
فيقول تعالي:
{وَاللّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ الْسَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }النحل78

ولأن البشر لم يمن الله عزوجل عليهم من العلم إلا بما شاء
فيقول تعالي:(( وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً ))

فلا يجوز إعمال العقل وفق هذا العلم البسيط فى الإحاطة بكل نواميس الله عزوجل فى حياتنا

وإلا فمن منا رأى الجنه او النار .. ام ان العقل هنا سيتوقف وسيعمل وفق السماع فقط بدون إحاطه علم بها .. فتدبر فى نفسك

اقتباس:والمعقولية ليست مطاطية بل هي في إطار كتاب الله تعالى وما اشتهر عن رسولنا صلى الله عليه وسلم وفي إطار حقائق العلم الثابتة.

خطأ المعقوليه مطاطية إلى أبشع حد ...
والله عزوجل ولا السنه النبوية الصحيحة وضحت مجال او منهج للتدبر او التعقل إلا فى حدود معينه لا يجوز التعدي فيها

ولعل أبلغ مثال علي ذلك نهيه صلي الله عليه وسلم عن التدبر فى ذات الله عزوجل والإستعاذة بالله من الشيطان الرجيم فى ذلك

ولهذا قال تعالي : (( وَمَا قَدَرُواْ اللّهَ حَقَّ قَدْرِهِ ))
وفي ذلك إشارة إلى ان العقل مهما فهم إلى علم (( من الله عليه بمعرفته )) لن يصل إلى مرحلة الإحاطة الكاملة بمعرفة خوارق الله عزوجل فى كونه


بل انه حتي فى قولك (( إطار حقائق العلم الثابته )) دليل على ان العقل لم يكن بشرط فى تلقي قبول الخبر وإلا لكان واجباً على كل رسول او رسول رسول ان يشرح علمياً كل ماذكر من حقائق علمية لم يصل إليها العقل فى زمنه مثل حديث (( ليس من كل الماء يكون الولد ))

اقتباس:ما رأيك أن العلماء ردوا كلام فاطمة وأيدوا سيدنا عمر

قلت لك اننا لسنا فى مبحث قضيه فقهيه ومع ذلك تصمم ؟!
إقراً شرح (( عون المعبود )) ص 159:
قَالَ اِبْن عَبْد الْبَرّ : أَمَّا مِنْ طَرِيق الْحُجَّة وَمَا يَلْزَم مِنْهَا فَقَوْل أَحْمَد بْن حَنْبَل وَمَنْ تَابَعَهُ أَصِحّ وَأَرْجَح لِأَنَّهُ ثَبَتَ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَصًّا صَرِيحًا ، فَأَيّ شَيْء يُعَارِض ، هَذَا إِلَّا مِثْله عَنْ النَّبِيّ الَّذِي هُوَ الْمُبَيِّن عَنْ اللَّه مُرَاده ؟ وَلَا شَيْء يَدْفَع ذَلِكَ وَمَعْلُوم أَنَّهُ أَعْلَم بِتَأْوِيلِ قَوْل اللَّه تَعَالَى : { أُسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ }

ورأى الإمام أحمد هو:
(( أَحَدهَا : أَنَّهُ لَا سُكْنَى لَهَا وَلَا نَفَقَة وَهُوَ ظَاهِر مَذْهَبه . وَهَذَا قَوْل عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب ، وَعَبْد اللَّه بْن عَبَّاس وَجَابِر وَعَطَاء وَطَاوُس وَالْحَسَن وَعِكْرِمَة وَمَيْمُون بْن مِهْرَانَ وَإِسْحَاق بْن رَاهْوَيْهِ وداود بْن عَلِيّ وَأَكْثَر فُقَهَاء الْحَدِيث وَهُوَ مَذْهَب صَاحِبَة الْقِصَّة فَاطِمَة بِنْت قَيْس وَكَانَتْ تُنَاظِر عَلَيْهِ ))

ويمكنك قراءة باقي الشرح والرد على كل ماذكرت هناك حتي لاأطيل

وأذكر اننا لسنا فى بحث قضيه فقهيه وإنما فى تدبر قبول النص من عدمه
وهذا ماأرجوا ان تركز عليه وليس فى بحث إختلافات العلماء

اقتباس:"قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَيْسَ لَك عَلَيْهِ نَفَقَة ). وَفِي رِوَايَة : ( لَا نَفَقَة لَك وَلَا سُكْنَى ) وَفِي رِوَايَة : ( لَا نَفَقَة ) مِنْ غَيْر ذِكْر السُّكْنَى."
لتتأكد من خطأ الرواة كطبيعة بشرية وهم ينقلون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولتتأكد أن الرواية لابد من عرضها على كتاب الله عز وجل لأننا لا نأمن ما اعتراها على مر السنين والأجيال فنحن ب

قلت لا إختلاف إلا فى نظرك لأن لكل حديث مقامه
ولأن العلماء يضربون الأسانيد ببعضها البعض فيخرج مايعرف منها بالمدرج وزيادة الثقات ومخالفه الثقات ويظهر الرواي الحافظ من السيئ من الثابت من المضطرب

وكل هذا معروف قبل ان تولد حضرتك فلا مجال لسحب هذا الكلام وبناء عليه قواعد مضلله

اقتباس:يقول الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" تعليقًا على رواية مصحفي السيدة عائشة وحفصة وفيه "والصلاة الوسطى وصلاة العصر":
" ثَالِثهَا مَا جَاءَ عَنْ عَائِشَة وَحَفْصَة مِنْ قِرَاءَة " حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى وَصَلَاة الْعَصْر " فَإِنَّ الْعَطْف يَقْتَضِي الْمُغَايَرَة ، وَهَذَا يَرِد عَلَيْهِ إِثْبَات الْقُرْآن بِخَبَرِ الْآحَاد وَهُوَ مُمْتَنِع."
ويقول "شرح النووي على مسلم":
"هَكَذَا هُوَ فِي الرِّوَايَات : وَصَلَاة الْعَصْر بِالْوَاوِ ، وَاسْتَدَلَّ بِهِ بَعْض أَصْحَابنَا عَلَى أَنَّ الْوُسْطَى لَيْسَتْ الْعَصْر ، لِأَنَّ الْعَطْف يَقْتَضِي الْمُغَايَرَة ، لَكِنَّ مَذْهَبنَا أَنَّ الْقِرَاءَة الشَّاذَّة لَا يُحْتَجّ بِهَا ، وَلَا يَكُون لَهَا حُكْم الْخَبَر عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لِأَنَّ نَاقِلهَا لَمْ يَنْقُلْهَا إِلَّا عَلَى أَنَّهَا قُرْآن ، وَالْقُرْآن لَا يَثْبُت إِلَّا بِالتَّوَاتُرِ بِالْإِجْمَاعِ وَإِذَا لَمْ يَثْبُت قُرْآنًا لَا يَثْبُت خَبَرًا."

المعذرة لا أري فى كلامك تناقض مع قولي:

اقتباس:تصحيح علماء السنة قالوا لا يثبت القرآن الكريم فيما بين الدفتين إلا بالتواتر
ولكنهم لم ينكروا أحاديث الآيات المنسوخة حتي ولو كانت آحاد

شكراً

بسم الله والصلاة والسلام على الرسل أجمعين

كنت أكتب ردي الأخير بينما كان الزميل يواصل مايكتبه

اقتباس:ذكرنا من قبل قصة الغرانيق وأن بعض رواتها كما هو مذكور في سلسلة الرواة من الثقات.

الغريب ان الزميل يعلم جيداً ان حادثة الغرانيق لا تصح سنداً وهو نفسه يعلم جيداً ان الإمام الألباني رحمه الله عندما بدأ التصدي لها فى كتابه (( نصف المجانيق )) طرقها من زاوية السند أولاً ...!!

أما المشكلة الكبري فهي خلط الزميل الحابل مع النابل فى إطار تدعيم منهجه السقيم فهو يضعف روايات السجود بأخر سورة النجم بناء على تضعيفه لروايات الغرانيق التي لم تصح أصلا

اقتباس:لاحظ سيد "أنا مسلم" أن علماء السنة والجماعة يلجأون إلى العقل والمنطق

لا حظ يا محترم اننا لسنا آلالات صماء لا تفهم وإنما عندنا شئ إسمه تقديم وتأخير

فالسند مقدم على المتن والعقل فإذا فسدالسند فلا حاجه أصلا للنظر في المتن
وحادثة الغرانيق باطله سنداً قبل ان تكون فاسده متناً فلا وجه لإستشهادك بها أصلا

اقتباس:وسيقول لك الرازي أدناه: هذه الرواية باطلة موضوعة واحتجوا عليه بالقرآن والسنة والمعقول

المعذرة اي رواية تقصد أهي رواية السجود المجرده من دون تفصيل ام هي رواية الغرانيق ؟؟

إذ ان الحادثتين لا علاقة بينهما

فالأولي حادثة الغرانيق ويكفي فيها قراءة كتاب العلامة الألباني رحمه الله وفق المنهج العلمي القويم وليس وفق منهج المنطق

والثانيه متعلقه بسجده أخر سورة النجم
وتلك الحادثة مروية من طريق عبد الله بن مسعود وابن عباس والمطلب بن أبي وداعه ويشهد لها رواية أبي هريرة

وهذه هي المشكلة ان الزميل ليس الأمر عنده مرتبط برواية الواحد بل يتعداها إلى غير ذلك فالمقدم عند الزميل العقل وما يفهمه بعقله المجرد يطبقه
لذا فهو مستعد لنقض أي رواية لا تتفق مع عقله المجرد

اقتباس: أي نزلت سورة النجم ثم أنزل الله على رسوله 109 سورة ثم أنزل سورة الحج. ذلك ليعلم أخي المسلم أنه لا رابط البتة في هذا الشان بين آية سورة النجم وآية سورة الحج

جميل .. وأنا أعرف ذلك إذ لا دخل فى الحادثة الثانية بقصه الغرانيق المزعومة ولا أنا أصلا أؤمن بها ...
ولا أعرف حتي الأن ما الذى يتحدث عنه الزميل فى قصه أطبق العلماء على سقوطها سنداً ومتناً !!!

اقتباس:هل كان المشركون يسمحون للرسول صلى الله عليه وسلم بترتيل القرآن الكريم هكذا في عند الكعبة وقد كان يصلي فيها ليلًا إذا لم يحضروها. (انظر التفسير الكبير للرازي)؟

وهذه هي مشكلة الزميل إعتماده الكلي على تفسير الرازي فكل ماقاله قبله
الزميل المحترم ذكر ابن حجر العسقلاني فى فتح الباري ص448

قَوْله : ( أَوَّل سُورَة أُنْزِلَتْ فِيهَا سَجْدَة وَالنَّجْم ، قَالَ فَسَجَدَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ )
أَيْ لَمَّا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَتهَا ، وَقَدْ قَدَّمْت فِي تَفْسِير الْحَجّ مِنْ حَدِيث اِبْن عَبَّاس بَيَانَ ذَلِكَ وَالسَّبَب فِيهِ . وَوَقَعَ فِي رِوَايَة زَكَرِيَّا عَنْ أَبِي إِسْحَاق فِي أَوَّل هَذَا الْحَدِيث " أَنَّ أَوَّل سُورَة اِسْتَعْلَنَ بِهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَرَأَ عَلَى النَّاسِ النَّجْمُ " .

اقتباس:ثم هل سيجد هكذا المشركون دون أن يقفوا على حقيقة الأمر وقد كانوا أذكياء ومفاوضين مهرة لدرجة أن مفاوضهم في صلح الحديبية اعترض على عبارة "محمد رسول الله" في نص الصلح؟

قلت والمعذرة كلام (( خائب )) لأن الكفار كان منهم المعاند وهؤلاء واقعون تحت ما قال الله عزوجل فيهم:
{وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ }النمل14

بل كان منهم من يقر بالله عزوجل وهذا أشار الله عزوجل إليه فى أكثر من موضع مثل :
{وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ }الزخرف87
{وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ }لقمان25

فلا غضاضة فى سجود الكفار فى أخر سورة النجم فهو القائل عزوجل:
أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ (59) وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ (60) وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ (61) فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا (62)

اما عن تعللك بقوله تعالي:
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا*} (60) سورة الفرقان

فهو تعلل فاسد لأن المشركين لم يعترضوا على السجود وإنما كان إستنكارهم إدعاء الجهل بالرحمن وهذا واضح فى قوله تعالي (( قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ ))

وكأنهم يقولون من هو ذا الذى تأمرنا بالسجود له أهو ما تدعوا إليه ام الذى نعرفه وهو من قوله تعالي:
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ }لقمان21

اقتباس:العجيب أن الجن سجدوا!!! والأعجب من ذلك أن يراهم الرواة الذين لم يراعوا للدين حرمة!!

العجيب انك تعرف جيداً ان هذا سرد لحادثة وليس بأمر متعلق بوحي
وابن عباس رضي الله عنه بعلمه الواسع ومعرفته ان القرآن الكريم كان ككتاب موسي عليه السلام موجه للإنس والجن من باب قوله تعالي:
{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ }الأنبياء107

وباب قوله تعالي:
{وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى آمَنَّا بِهِ فَمَن يُؤْمِن بِرَبِّهِ فَلَا يَخَافُ بَخْساً وَلَا رَهَقاً }الجن13

فهو رضى الله عنه رأى بفقهه وسعه علمه ان ماجري على الإنس فى ذلك الموضع يصح ان يكون قد جري أيضاً على الجن من باب التعميم بالفعل وإرداته تبارك وتعالي التى جعلت المشركين يسجدون وهم معاندون (( فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا ))
فالأمر بالسجود كان علي العموم على تلك الزيادة لا تقدح فى القصه أيضاً لأنها زيادة رأى وإستنتاج وليست زيادة إقراريه مخالفه للقرآن الكريم

اقتباس:والمعنى أن الراوي يقول أن المشركين سجدوا لله ما عدا هذا فقتل كافرًا بعد ذلك لا ستكباره. وهذا لا يصدقه من له مسحة من عقل.

لا أعرف ولا أدري اين بمسحه العقل تلك فهمت ان الراوي علل موته بعناده عن السجود !!

الغريب ياأخوه اننا نتحدث عن حادثة تنقل لنا من واقع نظره الصحابي وليس فيها أمر وحي وفهم وتعليل الصحابي لأمر الحادثة بما يراه هو لا يقدح أبداً فى سقوط الرواية لأنه بشر

لكن الزميل يريد تدعيم منهجه بأي شئ حتي لو كان أمراً مبني على وجهه نظر الصحابي المجرده التى لم يذكر فيها رفع للرسول صلى الله عليه وسلم

فأنظر عزيزى المنصف المتدبر لمدي إضطراب منهج الزميل

اقتباس:ونلاحظ أن الإمام مسلم لم يروها البتة في صحيحه وهي بين يديه لأنه رآها رواية منكرة ولو كان سندها صحيحًا فربما هناك علة وتدليس في السند خفي عليه.

الطريف انه هناك الكثير من الروايات مما تفرد به البخاري عن مسلم فإعتبار هذا المنهج الغريب ستعد كلها منكره مشكوك في صحتها

على ان الأغرب ان الزميل أصلا لايهم عنه مدي إتفاق الشيخين على الرواية من عدمه

لكننا نلتمس القدرات الخفيه عند الزميل إذ أنه يعلم الغيب وبقدرة الله عزوجل علم ان الإمام مسلم رأى انها منكره لذا لم يخرجها فى صحيحه ...!!
فسبحان الله له فى خلقه شؤون

أرجوا ان يكون القارئ المنصف قد لاحظ مدي غلو الزميل فى إستخدام عقله فى تنقيح الأحاديث مثل مسألة (( شهر يناير )) التى لم يثبتها حتي الأن

شكراً