حكم البابا
في محاكمة يـبدو انها ستفتح بابا واسعا للنقاش والجدل والانتقاد، تعقد اليوم الخميس أمام محكمة صلح الجزاء بدمشق، الجلسة الأولى لاستجواب الصحفي والكاتب السوري حكم البابا.. على دعوى شخصية رفعها عليه الاستاذ الجامعي عماد فوزي الشعيـبي "بجرم الذم والقدح والتشهير وفق المادة 570 وما بعد من قانون العقوبات".
والدعوى كان قدمها الشعيـبي، ممثلا بالمحامين خليل و زهير احمد تعلوبة، لدى النيابة العامة في دمشق بتاريخ الثامن عشر من نيسان الماضي، ومما جاء فيها ان "الموكل الشعيـبي، هو استاذ جامعي مدرس في جامعة دمشق، و محلل استراتيجي متمرس، سياسي، ذو باع في فن السياسة، همه الدفاع عن الوطن الذي نربو فيه كشركاء، وتشهد له بذلك محطات العالم الفضائية والعادية".
وفي المقابل اعتبرت الدعوى، التي حصلت "سيريانيوز" على نسخة، "المدعى عليه بأنه موظف في جريدة تشرين المحلية، وهو حاقد على ابناء هذا الوطن رغم كونه احدهم، لا يرتاح له بال الا ببث سمومه في جسد هذا الوطن والمواطنين الشرفاء المحاربين بالقلم لما تتعرض له سورية بشكل يومي".
وقالت الدعوى ان "المدعى عليه، حكم البابا، اعد كتابا اسماه "كتاب في الخوف"، تطرف فيه من ذم وقدح وتحقير الى فرسان الكلمة وحقرهم وذمهم، ولم يكتف بذلك بل سارع عقب ذلك، الى كتابة عدة مقالات نشرها على صفحات الانترنت والصحف العربية باشر فيها اسباب الازدراء والذم والتحقير والقدح للموكل، الشعيبي، وامثاله".
وبعد ان ضرب الادعاء امثلة على مقالات كان نشرها حكم البابا على الانترنت وفي صحيفة النهار اللبنانية، خلص الى الطلب، باعتبار "الموكل مدعيا شخصيا بحق المدعى عليه، وتحريك الدعوى العامة بحقه بجرم الذم والقدح والتشهير وفق المادة 570 وما بعد من قانون العقوبات، والمطالبة بتقرير محاكمته امام محكمة صلح الجزاء بدمشق وانزال اعلى العقوبة به"، اضافة الى المطالبة "بالحكم عليه بمبلغ لا يقل عن خمسة ملايين ليرة سورية تعويضا ادبيا للموكل على الجرم الواقع عليه، وتضمين المدعى عليه الرسوم والمصاريف والاتعاب".
وفي تعليقه على الدعوى المقامة عليه قال حكم البابا لـ"سيريانيوز" ان "الاتهام السابق انما يمثل تهمة قديمة وصارت مملة لكل من يخالف الرأي، أولئك الذين ينصبون انفسهم موزعي شهادات الوطنية، التي يمنحونها من يشاءون ويحجبونها عمن يشاءون".
واعتبر البابا ان الشعيـبي "وفي نص ادعائه الشخصي يناقض نفسه، حين يتحدث عن الوطن الذي نربو فيه كشركاء، ثم يضعني بعد سطرين خارج هذه الشراكة ويصنفني من اعدائه والحاقدين عليه".
وألمح البابا الى انه سيقاضي الشعـبي على ما ورد في نص ادعائه وقال "بغض النظر اذا ما كنت سأرفع دعوى مقابلة للتشكيك في وطنيتي ام لا، لكن كلام الدكتور الشعيبي سمعته من كثيرين وسمعه غيري ايضا، واعتقد انه صار الان موضة قديمة".
وفي اشارة منه الى تقدم اجهزة الامن على مثقفي السلطة قال البابا: ان مثل الكلام السابق "سحب من التداول حتى من قبل الاجهزة الامنية التي كانت تكيل لنا مثل هذه الاتهامات فيما مضى".
واضاف: "
اعتقد ان الحوار عادة بين الكتاب يتم على صفحات الجرائد، ولكن يبدو ان حجة الدكتور الشعيـبي خاصة بعد تكذيـبه علنا لموضوع المصافحة (بين الرئيس الاسد والرئيس الاسرائيلي خلال تشييع البابا السابق"، ومن ثم تأكيدها بعد فترة قصيرة من الجهات الرسمية، اعتقد ان هذه الحجة اصبحت واهية، فلجأ الى القضاء، وانا اعتبر ان هذه القضية قضية رأي عام لا تخصني وحدي ككاتب وانما تخص كل الكتاب والصحفيين من مخالفي الشعيـبي الرأي".
واكد البابا "ان سورية ليست حكرا على الدكتور الشعيـبي، ولم تعد ذات صوت واحد، كما يحب ان يظهرها، وانما هي ذات اصوات متعددة، ولا استغرب ان ينوب الدكتور الشعيـبي في دعواه عن تحقيقات الاجهزة الامنية التي لم تعد تستدعينا في الفترة الاخيرة"، متسائلا ايضا "اذا ما كان هذا هو الاسلوب الجديد في التعامل مع الكتاب والصحفيين في سورية"؟
وذكر البابا انه و "على اعتباره عضوا في اتحاد الصحفيين السوريين، فقد اتصلت مع رئيس الاتحاد صابر فلحوط، فطلب مني ان احضر له محضر الادعاء لتكليف محام اتحاد الصحفيين للدفاع عني"، واضاف: "وكونه يحرك ادعائه علي بتوصيفي موظفا في جريدة تشرين فإني سأطلب من جريدتي التدخل ايضا للوقوف معي في الدعوة".
وفي تعليقه على نص الادعاء قال المحامي خليل معتوق، وهو وكيل البابا، ان "الكلام السابق اذا كان من قبل المحاميين فإننا سنطلب سحبه، اما اذا كان من الدكتور الشعيـبي فإننا سنرفع عليه الدعوى".
وبين معتوق ان "الادعاء تم تحريكه على قانون العقوبات العام وليس على قانون المطبوعات، مع ان القاعدة تقول انه عندما يوجد نص قانون خاص واخر عام فإن ما يطبق هو النص الخاص"، واضاف ان مثل هذه الدعاوى هي من اختصاص محاكم بداية الجزاء وليس محاكم صلح الجزاء".
وتقول المادة 570 من قانون العقوبات العام: "يعاقب على القدح بأحد الناس، المقترف بإحدى الوسائل المذكورة في المادة 208، وكذلك على التحقير الحاصل باحدى الوسائل الواردة في المادة 373، بالحبس من اسبوع الى ثلاثة اشهر، وبالغرامة من 100 ليرة الى 200 ليرة".
وتنص المادة ايضا على انه "يقضى بالغرامة وحدها اذا لم يقترف القدح علانية، كما يمكن للقاضي ان يعفي الفريقين او احدهما من العقوبة اذا كان المعتدى عليه قد تسبب بالقدح بعمل غير محق، او كان القدح متبادل".
وعلق معتوق على تحريك الدعوى على موكله البابا بالقول: "يجب اولا ان نضمن حقوقنا في المحاكم، ولابد من يكون هناك قانون مطبوعات غير الموجود حاليا، حضاري ويتماشى مع العصر والتكنولوجيا، اضافة الى وجود قضاء نزيه ليبت بمثل هذه الامور".
الصحفية السورية سعاد جروس "أميركية وصهيونية وطارئة.. ومن جماعة عون"
وعبر معتوق عن تخوفه من ان "يقف القضاء الى جانب الشعيـبي"، موضحا ان "هذا القضاء حكم للممثل جمال سليمان على دعوى قدح وذم كان رفعها على الصحفي راشد عيسى بمبلغ 200 الف ليرة، في حين ان المحكمة لم تحكم للصحفية سعاد جروس التي تعرضت لهجوم لاذع من احد قيادات احزاب الجبهة الوطنية التقدمية تم خلالها وصفها بأنها اميركية وصهيونية، وانها مواطنة طارئة ومن جماعة العماد ميشيل عون، لم تحكم المحكمة لجروس الا بـ 25 الفا ".
واضاف: "ان ما سبق يؤكد التميـيز وعدم النـزاهة في القضاء السوري".
وكتاب البابا "كتاب في الخوف" كان صدر اخيرا في دمشق، وهو عبارة عن مجموعة المقالات التي نشرها البابا في العديد من الصحف المحلية والعربية، وقد حصل على موافقة وزارة الاعلام من اجل طباعته وتداوله داخل سورية.
واعتبر البابا قرار السماح بطباعة كتابه من وزارة الاعلام انما "يمثل نقلة نوعية في رفع سقف الرقابة على اعتبار ان المقالات المنشورة في الكتاب كانت سببا لاستدعائي اكثر من مرة الى اجهزة الامن".
(نقلاً عن موقع "أخبار سوريا")
http://www.metransparent.com/texts/law_sui..._hakam_baba.htm