عزيزي Awarfie،
النقاط التالية من مداخلتك رقم 36 فيها بعض التقارب بين وجهتي نظرنا:
عبارة "عبثية الحياة" التي ذكرتها أكثر من مرة في مداخلتك تؤيد وجهة نظري بعدم وجود مبررات مقنعة للتمسك بالحياة، ولكنك في نفس الوقت تحاول تبرير هذا التمسك.
اقتباس:لكي لا نفكر كثيراً، حيث اتضح أن التفكير سيؤدي إلى "الأزمة الوجودية" والتي قد تؤدى بمن تبقوا على الأرض بعد الحروب والمرض والموت جوعاً إلى الانتحار بدلاً من انتظار الموت وعلى وجوههم نظرة بلاهة بعد احتمال آلام الحياة المتعددة، حرصت الحياة على ابقاءنا في احتياج مستمر يدفعنا للعمل كالثيران المربوطة في السواقي، فلا نجد أي وقت أو طاقة للتساؤل عن جدوى هذا الوجود العبثي، ربما تأمل الحياة في أن نستمر في الولادة والتكاثر حتى يظهر نوع أكثر جدوى من هذا النوع البشري المخزي.
إذا أخذنا الجملة الملونة بالأحمر كجملة تامة بذاتها خارج سياق النص الكلي، فيمكن اعتبارها دعوة لعدم التفكير كثيراً، هل هذا رأيك؟
هذا يذكرني بما يطلبه بعض رجال الدين من أتباعهم بعدم التفكير كثيراً في قضية وجود الله خشية أن يؤدي بهم هذا التفكير إلى الكفر والإلحاد.
أو عندما يسأل طفل والده أسئلة محرجة عن الجنس فيقول له أن التفكير في هذه الأمور عيب!
رفضت َ في إحدى مداخلاتك السابقة أن تكون الحياة كائناً مستقلاً، ولكن الكلمات الملونة بالأزرق تشير بوضوح إلى ذلك.
وهذه النظرة تقترب من وجهة نظري التي عبرت ُ عنها في مداخلة سابقة، فهذه القوة التي تسيطر علينا وتستغلنا لخدمة أهدافها تسميها أنت الحياة بينما قد يسمـّيها آخرون الله أو الطبيعة.
أما الهدف الذي تقودنا إليه هذه القوة، فقد لا يكون إيجابياً كما تظن، بل ربما يكون سلبياً مثل انقراض الكائنات الحية على كوكبنا، وإذا وسعنا دائرة ذلك الهدف قد يشمل انهيار الكون وعودته إلى حالة العدم.
فإذا رجحنا الاحتمال الثاني (السلبي)، يكون الموت أقصر الطرق لخدمة ذلك الهدف.
اقتباس:ان الاغراق في الذاتية هو ما يجر المرء الى النظر الى هذه الحياة ( العبثية اصلا ) بشكل عبثي !
أليست الذات مصدر كل أفعالنا ورغباتنا؟ حتى عندما نفكر بمساعدة الآخرين، أليس الدافع تلبية حاجة ذاتية؟ وهل الضمير بعيد عن الذاتية؟
اقتباس:لذا فان من المهم ان يبتعد المرء قدر الامكان عن تلك الحقيقة المؤلمة
ما هي هذه الحقيقة المؤلمة؟ هل تقصد حتمية الموت؟
قد يكون الموت مؤلماً لأهل الميت، ولكن هل هو مؤلم للميت نفسه؟
اقتباس:و يعيش حياته ، بنوع من التعايش مع العبث و اللاجدوى .
المدمن على التدخين يمكنه أن يتعايش مع إدمانه العبثي، ولكن هل هذا التعايش مبرر كاف للاستمرار بالتدخين؟
اقتباس:أفضل طريقة لان نتمكن من الوصول الى حالة من الطمانينة المرافقة لعبثية العيش في عالم خواء ، هو ، ان نفعل كما فعل سارتر ، ان نضع لانفسنا هدفا مجديا
هل يمكن أن نصل إلى الطمأنينة من خلال خداع أنفسنا بوضع أهداف وهمية لحياتنا العبثية الخاوية؟
إذا كانت حياتنا عبثية وخاوية، كيف تكون أهدافنا مجدية؟ مجدية لمن؟ للآخرين؟ وما الذي يدفعنا إلى مساعدة الآخرين؟ الرضى عن النفس؟ راحة الضمير؟ عدنا إلى الذات لندور في حلقة مفرغة.
اقتباس:انه الالتزام بقضايا تساعد على التخفيف من يبابية هذا العالم و سرابيته و لامعقوليته . وكانت لسارتر قضاياه ، اذا فلتكن لنا قضايانا التي تلهينا عن البحث غير المجدي عن مبررات الحياة !
كيف نخفف من يبابية وسرابية ولامعقولية هذا العالم إذا كنا نحن بهذه الصفات؟ فاقد الشيء لا يعطيه.
كيف نفسر هذا التناقض في الأقوال؟ بل كيف نفسر عدم اقتران القول بالفعل؟ فأنا مثلاً أتكلم بحماس واضح للتشكيك بجدوى الحياة والدفاع عن الانتحار، فلماذا لا أتخذ موقفاً عملياً يوافق كلامي؟
إذا استبعدنا مرض ازدواجية الشخصية:97_old:يمكن أن يكون السبب أن أصحاب هذا الفكر البعيد عن التطبيق ما زالوا غير متأكدين تماماً من حقيقة ظنونهم، فكما قلت سابقاً أن حالة الموت نهائية وغير قابلة للتراجع عنها عند حصولها.
تحياتي.