حدثت التحذيرات التالية:
Warning [2] Undefined variable $newpmmsg - Line: 24 - File: global.php(958) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(958) : eval()'d code 24 errorHandler->error_callback
/global.php 958 eval
/showthread.php 28 require_once
Warning [2] Undefined variable $unreadreports - Line: 25 - File: global.php(961) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(961) : eval()'d code 25 errorHandler->error_callback
/global.php 961 eval
/showthread.php 28 require_once
Warning [2] Undefined variable $board_messages - Line: 28 - File: global.php(961) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(961) : eval()'d code 28 errorHandler->error_callback
/global.php 961 eval
/showthread.php 28 require_once
Warning [2] Undefined property: MyLanguage::$bottomlinks_returncontent - Line: 6 - File: global.php(1070) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(1070) : eval()'d code 6 errorHandler->error_callback
/global.php 1070 eval
/showthread.php 28 require_once
Warning [2] Undefined variable $jumpsel - Line: 5 - File: inc/functions.php(3442) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/inc/functions.php(3442) : eval()'d code 5 errorHandler->error_callback
/inc/functions.php 3442 eval
/showthread.php 673 build_forum_jump
Warning [2] Trying to access array offset on value of type null - Line: 5 - File: inc/functions.php(3442) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/inc/functions.php(3442) : eval()'d code 5 errorHandler->error_callback
/inc/functions.php 3442 eval
/showthread.php 673 build_forum_jump
Warning [2] Undefined property: MyLanguage::$forumjump_select - Line: 5 - File: inc/functions.php(3442) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/inc/functions.php(3442) : eval()'d code 5 errorHandler->error_callback
/inc/functions.php 3442 eval
/showthread.php 673 build_forum_jump
Warning [2] Undefined variable $avatar_width_height - Line: 2 - File: inc/functions_post.php(344) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/inc/functions_post.php(344) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/inc/functions_post.php 344 eval
/showthread.php 1121 build_postbit
Warning [2] Undefined array key "tyl_unumrcvtyls" - Line: 601 - File: inc/plugins/thankyoulike.php PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/inc/plugins/thankyoulike.php 601 errorHandler->error_callback
/inc/class_plugins.php 142 thankyoulike_postbit
/inc/functions_post.php 898 pluginSystem->run_hooks
/showthread.php 1121 build_postbit
Warning [2] Undefined array key "tyl_unumptyls" - Line: 601 - File: inc/plugins/thankyoulike.php PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/inc/plugins/thankyoulike.php 601 errorHandler->error_callback
/inc/class_plugins.php 142 thankyoulike_postbit
/inc/functions_post.php 898 pluginSystem->run_hooks
/showthread.php 1121 build_postbit
Warning [2] Undefined array key "tyl_unumtyls" - Line: 602 - File: inc/plugins/thankyoulike.php PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/inc/plugins/thankyoulike.php 602 errorHandler->error_callback
/inc/class_plugins.php 142 thankyoulike_postbit
/inc/functions_post.php 898 pluginSystem->run_hooks
/showthread.php 1121 build_postbit
Warning [2] Undefined array key "posttime" - Line: 33 - File: inc/functions_post.php(947) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/inc/functions_post.php(947) : eval()'d code 33 errorHandler->error_callback
/inc/functions_post.php 947 eval
/showthread.php 1121 build_postbit
Warning [2] Undefined variable $lastposttime - Line: 9 - File: showthread.php(1224) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/showthread.php(1224) : eval()'d code 9 errorHandler->error_callback
/showthread.php 1224 eval
Warning [2] Undefined variable $lastposttime - Line: 9 - File: showthread.php(1224) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/showthread.php(1224) : eval()'d code 9 errorHandler->error_callback
/showthread.php 1224 eval
Warning [2] Undefined variable $lastposttime - Line: 9 - File: showthread.php(1224) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/showthread.php(1224) : eval()'d code 9 errorHandler->error_callback
/showthread.php 1224 eval
Warning [2] Undefined variable $lastposttime - Line: 9 - File: showthread.php(1224) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/showthread.php(1224) : eval()'d code 9 errorHandler->error_callback
/showthread.php 1224 eval
Warning [2] Undefined variable $lastposttime - Line: 9 - File: showthread.php(1224) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/showthread.php(1224) : eval()'d code 9 errorHandler->error_callback
/showthread.php 1224 eval





{myadvertisements[zone_1]}
الجاهلية الثالثة - الدكتور كامل النجار
Gkhawam غير متصل
عضو متقدم
****

المشاركات: 331
الانضمام: Jun 2007
مشاركة: #1
الجاهلية الثالثة - الدكتور كامل النجار


قال القرآن يخاطب نساء الرسول: " وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى " (الأحزاب 33). وبما أن القرآن قد نزل بلسان عربي مبين، وأمر عثمان زيد بن ثابت أن يكتبه بلهجة قريش لأنه نزل فيهم، فنتوقع أن تكون قريش على علم بمفردات هذا القرآن. ولكن لم يكن الأمر كذلك إذ اختلف المفسرون في أعداد كبيرة من ألفاظ القرآن. فعندما جاؤوا لتفسير " الجاهلية الأولى " قال بعضهم: هي الزمن الذي ولد فيه إبراهيم عليه السلام، وقال الحكم بن عيينة: ما بين آدم ونوح وهي ثمانمائة سنة. وقال ابن عباس: ما بين نوح وإدريس. وقال الكلبي: ما بين نوح وإبراهيم. وقالت فرقة منهم: ما بين موسى وعيسى. وقال الشعبي: ما بين عيسى ومحمد. أما أبو العالية فقال: هي زمان داود وسليمان. ولا يخفي علينا ما ذهب إليه أبو العالية، فقد قصد أن يقول إن الجاهلية الأولى هي فترة ازدهار الحضارة اليهودية في زمن داود وسليمان. ولا يخفي علينا كذلك أن كل هؤلاء المفسرين قد اتبعوا الظن في تعريف " الجاهلية الأولى " ولم يكن منهم من يعرف المقصود منها. والمنجد في اللغة والإعلام يفسر الجاهلية بأنها " حالة الجهل/ الوثنية في بلاد العرب قبل الإسلام ." أما أبو العباس المبرد فعرّف الجاهلية الأولى " بأن نقول الجاهلية الجهلاء، وكان النساء في الجاهلية الجهلاء يُظهرن ما يُكره إظهاره حتى كانت المرأة تجلس مع زوجها وخليلها فينفرد خليلها بما فوق الإزار إلى الأعلى، وينفرد زوجها بما دون الإزار إلى الأسفل. وربما سأل أحدهما صاحبه البدل." فها هم العرب أخيراً، رغم جاهليتهم وجهلهم، قد سبقوا الأوربيين في اكتشاف حفلات تبادل الزوجات. والجاهلية طبعاً متأتية من الجهل الذي غالباً ما يكون نتيجة الأمية وعدم تمكن العامة من القراءة والكتابة التي تبيح للناس اقتناء شتى صنوف العلم دون أن يتكبدوا مشاق السفر لجمع العلم شفوياً من أصحابه. ولكننا، مثلنا مثل المفسرين الأوائل، نجهل قصد القرآن من الجاهلية الأولى. وليس مهماً أن نعرف إن كانت الفترة المعنية تمتد من آدم إلى موسى أو من موسى إلى محمد، إنما المهم أن نعرف أن الإنسان مرت عليه فترة جاهلية قبل اختراع الكتابة، وحتى بعد اختراع الكتابة التي ظلت محصورة في القصور الملكية والأديرة الدينية لمئات السنين قبل أن يعم نفعها غالبية الناس. والقرآن يخبرنا في سورة " القلم " أن الله أقسم بالقلم لأهميته " نون والقلم وما يسطرون ". ويقول المفسرون إن أول شئ خلقه الله كان القلم وبه كتب اللوح المحفوظ قبل أن يخلق الأرض والسموات. ولكن رغم أهمية القلم والعلم نجد أن الله قد خلق الإنسان، في شكله الحالي، قبل حوالي خمسين ألف سنة، ولم يتعلم الإنسان اللغة والتفاهم مع غيره إلا بعد العصر الجليدي الأخير قبل حوالي اثني عشر ألف عام. وأول ما بدأت الكتابية، بطريقة بدائية جداً، بدأها السومريون في بلاد ما بين النهرين حوالي عام 3000 قبل الميلاد. وكذلك ظهرت الكتابة الهيروغروفية في مصر في نفس الفترة وفي الصين في حوالي عام 1300 قبل الميلاد. وظلت الكتابة البدائية محصورة في الدواوين الملكية التي استعملتها لتدوين جمع الضرائب من المزارعين الفقراء. ثم جاء رجال الكهنوت الذين حصروا الكتابة في ما بينهم حتى لا يتعلم العامة من الناس القراءة والكتابة ويخرجوا عن الديانات. ومما لا شك فيه أن جميع الأنبياء قبل موسى كانوا أميين ولم يكتبوا رسالاتهم ولم يصلنا منها أثر. وحتى موسى، الذي تربي في البلاط الفرعوني، كما تخبرنا كتب التراث، نعتقد أنه كان أمياً رغم أن يهوى أنزل إليه ألواحاً من السماء. فلو تعلم موسى القراءة والكتابة، لا بد أنه تعلم القراءة الهيروغروفية من البلاط الفرعوني، غير أن الألواح لا بد أن تكون نزلت باللغة العبرية المشتقة من اللغة الأرامية التي لم تكن مكتوبة في تلك الأيام. والتوراة كُتبت بعد موسى بحوالي ستمائة سنة. فأغلب الظن أن موسى كان أمياً. أما عيسى فقد ولد دون أب وكان جده زكريا نجاراً، ولا بد أنه كان أمياً فلم يعلّم عيسى القراءة. وكانت فلسطين وقتها تحت الاستعمار الروماني الذي كان جل أهله أميين ولم يفتح الرومان مدارساً في فلسطين لتعليم الفلسطينيين القراءة والكتابة. وحتى لو تعلم عيسى القراءة فلا بد أنه تعلم القراءة الرومانية, والأناجيل كُتبت باللغة الأرامية كذلك وترجمت إلى الإغريقية فيما بعد، ولم يترك لنا عيسى أي أثر كتابي يدل على أنه كان يقرأ ويكتب.

ورغم أن الكتابة ظهرت أولاً في سومر بين دجلة والفرات وبالتدريج تعلم أهلها القراءة والكتابة وخاصة بعد انتشار المسيحية بينهم، إلا أن عرب الحجاز ظلوا أميين لا يعرف الكتابة منهم إلا تجار مكة وبعض " الأحناف " الذين احتكوا بعرب الشمال وتعلموا منهم المسيحية والتوحيد، وكذلك الكتابة، وبعض اليهود في المدينة لحاجتهم إلى الكتابة لتسجيل الديون على الأوس والخزرج. أما عرب اليمن فقد تعلموا القراءة والكتابة بأعداد كبيرة نسبة للتأثير المسيحي عليهم ونسبة كذلك لنشوء الدولة عندهم حتى قبل الميلاد. فقد أظهرت الحفريات أعداداً كبيرة من الحجارة المنقوش عليها بعض الجمل الدينية وبعض قواعد جمع الضرائب وقيادات الجيش وأسماء الملوك والأمراء. ورغم نشوء الدولة وانتشار التجارة والحضارة والدين في شمال شبه الجزيرة العربية، وافتتاح جامعة بالقسطنطينية لتدريس الآداب عام 420م، وظهور المعاهدات والسفارات الدبلوماسية بين قريش وجيرانها، فقد أصر المفسرون الإسلاميون على تسمية الفترة التي سبقت ظهور الإسلام ب " الجاهلية ". والقارئ للشعر العربي قبل الإسلام، رغم أن طه حسين يُشكك في أنه نُظم في تلك الفترة، يكتشف مدى فهم العرب في تلك الحقية لفكرة التوحيد وخلق الكون والرسل والأنبياء وقصصهم، وحتى علم الفلك وأسماء النجوم والكواكب ومعرفة الاستدلال بالنجوم ليلاً في البحر وفي الصحراء. وكانت عندهم قواعد للزواج والطلاق والميراث والحج والعمرة وما إلى ذلك. وكان فيهم من يقرأ بدليل أن وهب بن منبه وأخاه كانا يستوردان الكتب من الشام ( تاريخ العرب قبل الإسلام، جواد علي، ج8، ص 323) . وذُكر أن عمر بن الخطاب قال ذات مرة: أيها الناس، إنه قد بلغني أنه ظهرت في أيديكم كُتب، فلا يبقين أحد عنده كتاب إلا أتاني به، فأرى فيه رأيي. فظنوا أنه يريد أن ينظر فيها ويقومها على أمر لا يكون فيه اختلاف، فأتوه بكتبهم فأحرقها بالنار. ( جواد علي، ج8،ص 325). ولكن لو وافقنا المفسرين وقبلنا أن الفترة التي سبقت ظهور الإسلام كانت فترة " الجاهلية "، فلا بد أنها كانت الجاهلية الثانية، وليست الجاهلية الأولى التي ذكرها القرآن عندما أمر نساء النبي أن يقرن في بيوتهن ولا يتبرجن تبرج الجاهلية الأولى. فإذاً هناك جاهلية أولى، قال بها القرآن، وجاهلية ثانية، فسروها بأنها فترة كان العرب فيها لا يعرفون القراءة والكتابة ولا التوحيد بإله واحد في السماء. وجاء الإسلام ورفع من قدر العلم وأقسم الله بالقلم الذي كان أول ما خلق. وأول آية نزلت على الرسول كانت " إقرأ باسم ربك الذي خلق ". فما دامت القراءة والكتابة بهذه الأهمية لله، لماذا يا ترى خلق الله الإنسان الأول جاهلاً بالكتابة ولم يسخر له اختراعها إلا بعد مرور ما يزيد على الأربعين ألف عام؟ ولماذا اختار كل أنبيائه ورسله من الأميين الذين لا يقرؤون ولا يكتبون؟ وحتى خاتم الأنبياء كان لا يقرأ ولا يكتب، كما يزعمون: " وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذاً لارتاب المبطلون. بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم وما يجحد بآياتنا إلا الظالمون " ( العنكبوت 48،49). فآيات القرآن كانت في صدور الذين آمنوا وليست في كتبهم.

على العموم جاء الإسلام ولم يحاول تعليم الناس الكتابة ولم يفتح الرسول لهم مدارس، وإنما اكتفي بحفظ القرآن في الصدور، رغم أن بعض المتعلمين قد كتبوا أجزاء من القرآن في حياة الرسول، وأصبحت الآيات من سورة القلم: " علّم بالقلم، علّم الإنسان ما لم يعلم " محفوظة في الصدور وظل أغلب الصحابة أميين لا يتعلمون بالقلم إنما يتعلمون بالحفظ. وإمعاناً من المسلمين في كسر القلم وعدم التعلم به فقد أحرقوا المكتبات في الإسكندرية وبلاد فارس وفي قرطبة لأن الكتب التي كانت في تلك المكتبات كانت كتب فلسفة وعلم، قالت بما لم يقره الإسلام، فحرقوها. واستمر الوضع على ما هو عليه حتى جاءت الدولة العباسية وبنى الخليفة المنصور دار الحكمة لترجمة التراث اليوناني، وانتشر العلم وانتشرت القراءة والكتابة والفلسفة، وتألق نجم الفلاسفة من معتزلة وقدريين وحتى بعض الصوفيين، ناهيك عن الملحدين من أمثال ابن الراوندي الذين شككوا في الرسالة. وانتشرت المدارس والمكتبات في العراق عامة وبغداد خاصةً. وانتشرت الموسيقى والغناء والرقص.

ثم بدأت بوادر الجاهلية الثالثة في الظهور عندما انبرى بعض المتشددين من أمثال " أبو حامد الغزالي " في الرد على الفلاسفة حينما كتب " تهافت الفلاسفة " الذي ضرب المسمار الأخير في نعش الفكر الحر وأعطى المتزمتين العذر لإقامة محاكم التفتيش للمفكرين من المعتزلة والصوفيين وحرقهم وحرق كتبهم بحجة الزندقة. وقد دفع هذا الموقف من الفلسفة الفيلسوف الغزالى إلى حافة الهاوية عندما اصطدم عقله الفلسفي مع اللاشعور الديني لديه فتولدت في نفسه تناقضات أدت به إلى التصوف واعتزال التدريس بالنظامية في بغداد. وأخذ يتجول مع الصوفيين إلى أن أصابته حالة " اكتئاب " Depression منعته من الكلام عدة أشهر. وأخيراً رجع إلى ما كان عليه وزاد تشدده في أحكام الدين وخاصة أحكامه ضد النساء. وقد حاول الفيلسوف ابن رشد إصلاح التلف الذي نتج عن كتاب الغزالي، بكتابه " تهافت التهافت " ولكن التلف كان أكبر من أن يُصلح. وبالتدريج تعتم العقل العربي الإسلامي وحل الظلام الدامس بحلول القرن الثاني عشر الميلادي عندما قرر " علماء " بغداد قفل باب الاجتهاد، وبدأت رسمياً فترة الجاهلية الثالثة.

وتميزت هذه الفترة بإفول نجم العقل وارتقاء نجم الدجل والسحر وتعاليم السلف بكل طالحها وصالحها ( إن كان هناك صالح ." فعم الظلام في أوربا الشرقية التي بدأت ترزح تحت نير الاستعمار العثماني الغاشم، كما رزحت الدول العربية التي كانت قد وقعت تحت سيطرته. وحتى الشمعة الوحيدة التي كانت تضئ بعض هذه العتمة، وأعني الجامع الأزهر الذي أنشأه الفاطميون وظل لفترة من الزمن ينير العقول المسلمة لأنه اتبع المذهب الفاطمي الشيعي المتحرر نسبياً، حتى هذه الشمعة خبا نورها تدريجياً عندما انتشر المذهب الشافعي بمصر. وبالتدريج أصبح الجامع الأزهر أداة من أدوات تسخير الشعب في طاعة الحاكم وظل يصدر الفتاوى التي تحث على الطاعة وتحرّم الخروج على ولي الأمر. وأصبحت فتاوى الأزهر من معوقات التقدم. فقد أصدر الأزهر، على سبيل المثال، فتوى بتحريم الفونوغراف وبتحريم الغناء والموسيقى. وبعض الفتاوى شجعت العامة على اتباع الشعوذة والسحر، كالفتوى التي تقول: " إذا سمعت نهيق الحمار استعذ بالله من الشيطان لأن صوت الحمار هو صوت الشيطان، وإذا سمعت صياح الديك فكبّر لله لأن الديك يوقظ الناس لصلاة الصبح. وبالتدريج أصبح الأزهر رقيباً على ما يقرأ ويشاهد المسلمون، فصادروا الكتب ومنعوا عرض الأفلام السينمائية والروايات المسرحية التي لا توافق أمزجتهم. وحاربوا بعض المثقفين في أرزاقهم عندما أصروا على فصل الشيخ عبد الرزاق والدكتور طه حسين من وظائفهم، وأفتوا بارتداد البعض مما أدى إلى اغتيالهم. وأصبحت مصر عدو العقل العربي الأول ومستودع الكتب الصفراء، بعد أن كانت منارةً للعلم.

وظهر خارج مصر " علماء " من أمثال ابن تيمية (ت عام 1328 ) وتلميذه ابن كثير (ت عام 1373) الذين حاربوا العقل والتزموا التعصب الفكري الذي لا يحيد عن تعاليم السلف الصالح. وقد كفّر ابن تيمية كل المذاهب الشيعية وحرّم ذبائحهم وطعامهم وأفتى بقتلهم. وكان تأثير ابن تيمية على المجتمع الإسلامي عامة والمجتمع الشامي كبيراً، خاصة وأن المجتمع الشامي قد عُرف بطاعته العمياء لولي الأمر حتى أن معاوية عندما كان في طريقة إلى موقعة صفين، صلى بهم صلاة الجمعة يوم الأربعاء، ولم يعترض أحد. أما تركيا والعراق فقد كانتا تحت سيطرة وعاظ السلاطين الذين أفرزوا من الفتاوى ما يسعد كل حكام العالم مجتمعين. فقد قتل السلطان سليم كل إخوانه حين اعتلى العرش حتى يمنعهم من الغدر به، وسانده في ذلك مفتي السلطنة الذي أصدر فتوى تبيح قتلهم لمنع الفتنة في ديار الإسلام. ولم يُعرف عن الخلافة العثمانية افتتاح المدارس في أي بلد كان تحت سيطرتهم، ولذا انتشرت الأمية في البلاد الإسلامية التي كان معظمها يرزح تحت نير الاستعمار العثماني.

وحتى بعد سقوط الخلافة العثمانية في الحرب العالمية الأولى واحتلال الإنكليز بعض البلاد العربية، حاولوا تعليم الشعوب العربية ففتحوا المدارس في العراق وغيرها، ولكن " علماء " العراق أصدروا الفتاوى التي حذرت المسلمين من إرسال أولادهم إلى المدارس لأنها من عمل الشيطان. وتكرر نفس الشئ في عدة بلاد عربية. وحتى بعد استقلال هذه البلاد، عندما حاول بعض حكامها الوطنيين إنشاء مدارس للبنات هاج الشعب بتشجيع من أئمة المساجد و " العلماء " ومنعوا البنات من الذهاب إلى المدارس. وحدث نفس الشئ في باكستان وفي شمال نيجريا المسلم وفي عامة البلاد الإسلامية الإفريقية. ثم ازداد الطين بلة عندما ظهرت الحركات السلفية في البلاد العربية في النصف الأول من القرن الفائت، مثل جماعة الأخوان المسلمين (1924) التي حارب منظرها سيد قطب النظم الديمقراطية ودعا للحاكمية التي تعني أن الحكم لله وحده وليس للبشر. واستعملوا قوة السلاح لفرض معتقداتهم ، التي كان أهمها حجاب المرأة ومنعها من الاختلاط بالرجل. واستعملوا الاغتيالات لفرض آرائهم السياسية. ودفع الخوف منهم معظم بنات الجامعات في مصر والسودان والجزائر وغيرها لارتداء الحجاب كزي رسمي. وزادت الأمور تعقيداً في العقود الأخيرة من القرن الماضي بظهور الثورات الدينية في إيران، التي تدهورت فيها الأوضاع تحت ديكتاتورية النظام الإسلامي الذي سجن وعذّب الطلاب والإصلاحيين واغتال المعارضين، وحكم على بعضهم، مثل المفكر هاشم أغاجاري بالإعدام لانتقاده حكم الموالي. وظهرت جماعة الطلبان في أفغانستان التي رجعت في فترة وجيزة للغاية إلى القرن السابع الميلادي وتوقف تعليم وتوظيف النساء ومُنعن من الخروج من منازلهن. ولم يكن السودان أسعد حظاً تحت بطش الدكتور حسن الترابي وزبانيته من القوات المسلحة الذين اغتصبوا الحكم في انقلاب عسكري. وكنتيجة حتمية لهذه الممارسات انتشرت الأمية في البلاد الإسلامية فبلغت 40 بالمائة في البلاد العربية ( 52 بالمائة من النساء العربيات ). وفي موريتانيا تبلغ نسبة الأمية 60 بالمائة وفي مصر 44 بالمائة وفي السودان 42 بالمائة. ورجع المسلمون من باكستان إلى بوركينا فاسو إلى عبادة الأصنام الحديثة المتمثلة في الحكام الذين تزيّن صورهم جدران المكاتب وقاعات الفنادق وصالات الاجتماعات وزوايا الطرقات. ويقبل البعض أيديهم وتلهج ألسنتهم بالثناء عليهم في الصحف والمجالس، ولا شك أن بعضهم قد ردد قول الشاعر العباسي لهارون الرشيد:
ما شئتَ لا ما شاءت الأقدارُ أحكم، فأنت الواحد القهارُ
وكنتيجة لهذه الأوضاع المتدنية في العالم الإسلامي والعربي، أصبحت الأمية السياسية هي المنوال والوضع الطبيعي للشعوب والأقطار المسلمة حيث ينعدم مفهوم الحرية وحقوق الإنسان وحقوق الأقليات، وتكثر السجون ويكثر السجانون الذين أصبحوا أحسن خبراء العالم في التنكيل بالسجناء السياسيين. وأصبح التعتيم على العقول الحرة بين المسلمين كاملاً وفي جميع أنحاء العالم بعد نشر كتاب سلمان رشدي " آيات شيطانية " الذي أفتى الخميني بإباحة دم كاتبه رغم أنه لم يقرأ الكتاب، وهاجت الجماهير المسلمة في البلاد الإسلامية وفي الأقطار الأوربية وحرقوا المكتبات التي تحمل كتاب " آيات شيطانية " رغم أن معظمهم، إن لم يكن كلهم، لم يقرأ الكتاب. وعندما اقتنيت الكتاب وحاولت قراءته وجدته كتاباً مملاً يصعب على القارئ متابعته، ولم أكمل قراءته. ولو لم يفت الخميني لما علم أحد بالكتاب. وهذا يثبت "للعلماء " المسلمين أن محاولة كبت الفكر الحر دائماً تأتي بنتائج عكسية وتزيد من محاولات العقل للإفلات من سجن الكبت. فهل حان الوقت للمسلمين لدفن الكتب الصفراء والمفتين بها في متاحف التاريخ في محاولة للخروج من جاهليتهم الثالثة؟
06-30-2007, 07:14 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  بعض من كتاب الدكتور علي شريعتي – التشيع العلوي والتشيع الصفوي ح8 زحل بن شمسين 0 117 09-26-2014, 01:30 AM
آخر رد: زحل بن شمسين
  بعض من كتاب الدكتور علي شريعتي – التشيع العلوي والتشيع الصفوي ح زحل بن شمسين 0 113 09-19-2014, 04:47 AM
آخر رد: زحل بن شمسين
  بعض من كتاب الدكتور علي شريعتي –ح4 زحل بن شمسين 0 148 09-12-2014, 05:41 AM
آخر رد: زحل بن شمسين
  بعض من كتاب الدكتور علي شريعتي التشيع العلوي والتشيع الصفوي ح زحل بن شمسين 0 154 09-08-2014, 05:04 AM
آخر رد: زحل بن شمسين
  الدكتور عدنان إبراهيم يصف أحاديث النبي -ص- في الدجال بالكلام الفارغ . جمال الحر 15 2,138 03-08-2013, 09:30 PM
آخر رد: جمال الحر

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS