Arrayلو لاحظت جيداً فأنت تصف التشكيك بالنفس ذاتها؛ ’مرضاً‘، لأنهم لا يستطيعون نفيها عملياً، لكني ههنا سأسأل ما الفرق بين الحقيقة العملية والنظرية إذاً؟ وهل اللون الأسود والأحمر هو حقيقة بحد ذاتها؟ هل هناك حقيقة معرفية ترتبط بها بدون الجانب العملي؟ أراك وأعتقد بأنك بمرحلة تقلب فكري، أليس كذلك؟ أنت تذكر شيئاً ما حجج العدميين بعصر نيتشة. وكأنك تقبل بتشكيك المشككين بكل شيء ولكن على مضض، ثم تنفيهم ثم تعود لهم بنقاشك مع لوجيكال مثلاً. بل إنك تذهب لتنفي وجود "بديهيات"، هل يعقل لعاقل أن ينفي وجود بديهيات، ولولاها لانعدمت علوم أولها الفلسفة والمنطق والرياضيات؟![/quote]

أولا ، أنا قلت أنها تحتاج لإثبات عند من بلغ بهم الشكّ حدا مرضيا، ولم أقل أن تشكيك النفس في ذاتها مرضا.

ثانيا، لا أعلم ماذا تقصد بالتفريق بين الحقيقة العملية والحقيقة النظرية .. ولكن الذي أقوله أن التشكيك النظري أمر سهل وبسيط، تستطيع ان تشكك بكل شيء وانت جالس على أريكتك، لكن أن تقوم باعمال تتضمن إقرارا ضمنيا بهذا الذي شككت به، فتشكيكك السابق لا معنى له .

ثالثا، أما الحديث عن البديهيات فسسنرجئه لمكانه المناسب، بعد قليل.

Arrayوكيف نستطيع تقدير مقدار اقترابنا منها أكثر فأكثر؟ إن نفيت حقيقة الأشياء لذاتها فأنت تنفي حقيقة نفسك والحقيقة بحد ذاتها.
أنا أرى أننا نجهل الحقيقة، ولكن التقارب هو تقارب عملي فقط، مقياس الحقيقة هو ما قاله لوجيكال: الكثرة. وهو المقياس الوحيد، وهو الذي يجعل للحقيقة النسبية التي تتحدث عنها وتسميها البراغماتية معنىً. وحتى لو تبين خطلها لاحقاً. لا غنىً عنها، كيف نتفق أن الأسود أسود وأن الأحمر أحمر؟ فقط لأن مجموعة كبيرة من الناس اتفقت على أنه ذات اللون، ونفت المصابين بالدالتونية منهم.
أتفق بعدها معك بصراحة بكل شيء، وأحس أني متفق معك حول هذه الحقيقة (النسبية/ البراغماتية) ولكني أراك أنت من يحملها أكثر مما تحتمل، وجود ذاتك بحد ذاته نابع عن براغماتية، إذ ما فائدة نفي الذات؟ غير الجنون والانتحار إذاً. ومن أين تنبع معرفة الإنسان بذاته، إن اعتبرنا مكمن الوعي هو العقل أو المخ بتعبير أدق، وبذلك قد يكون بقية الجسد خارج مكان الوعي بالذات أساساً.[/quote]

أولا ، نستطيع تقدير ذلك عبر أكثر من معيار: فهناك معيار استعصاء هذه المعرفة والنظرية على التفنيد والنقد، وكذلك من خلال تلمّس قوتها التفسيرية ، وقدرتها التنبؤية .

ثانيا، أنا لم أنفِ حقيقة الأشياء، أنا أقر بوجودها، ولكني أقول باستحالة معرفتها معرفةً كاملة. وشتّان بين الأمرين !

ثالثا، مقياس الحقيقة ليس الكثرة، فالعالم كلّه في عصر كوبرينسكو ينكر دوران الشمس حول الأرض ... وهل يكفي تجميع مجموعة كبيرة من الأشخاص ليكون الشيء حقيقيا ؟
ستقول : أقصد الكثرة من العلماء ، فأقول لك .. أن كلمة "علماء" هنا مضللة ، والعلم لا يبنى على اختيارات الأفراد .. بل يبنى على المناقشة النقدية.

فهناك معايير من خلالها نحدد كون نظرية ما ، نظرية علمية تجريبية أم لا. فالمادية الجدلية الماركسية رغم ادعاءها العلمية إلا أنها ليست علمية، كما ان المانوية ليست علميّة ، في حين أن النسبية علميّة . مالمقياس ؟ الكثرة ؟! هذا كلام لا معنى له مطلقا أبدا ..

هناك مقياس يسمى "القابلية للتفنيد". يقول : " حتى تكون النظرية : علمية، فيجب عليها ان تحدد حدودها، بمعنى أن عليها أن تصف الحالات والوقائع التي بمجرد حدوثها ووقوعها تكون هذه النظرية باطلة".

فمثلا ، تقوم النسبيّة الخاصة على مسلمة أن سرعة الضوء أقصى سرعة ولا يمكن تجاوزها. هذه النظرية علميّة لأنها ترضى أن تخضع لمحكّ التجربة، فبمجرد إثباتنا أن هناك سرعات تتجاوز الضوء، فإنها تتلاشى تماما، كما فعلت هي بنظرية الأثير السابقة عليها.

في حين أن نظريّة المؤامرة نظريّة غير علمية، لأنها تستطيع تفسير كل حدث وكل واقعة وكسبها لصالحها، إذ أنها لا تعين لنفسها حدودا.

فاختبار نظريّة علميّة ما يقوم على أمرين :
1- أن تحدد النظرية حالات ، بمجرد وقوعها ، تكون هذه النظريّة لاغية .
2- أن تكون التجارب التي تستند عليها هذه النظرية، هي تجارب تهدف لاختبار هذه النظريّة. ( كارل بوبر، أسطورة الإطار، ص 115-117).

وبتجاوز النظرية لهذه الخطوات نستطيع وصفها بالعلمية ، وغنيّ عن البيان أن هذا الوصف لا يترادف مع الصدقية والصحّة ..إلخ.

رابعا ، لا أعلم ماذا تقصد بـ"الحقيقة النسبية" .. فأنا أراها عبارة متناقضة في ذاتها. ولكن الذي اقوله أن كون النظرية لا تعبر عن حقيقة ، هذا لا يعني أنها غير مفيدة .. وهذا هو الجانب العملي الذي تتحدث عنه انت ، وهو الفائدة .

خامسا، تخلط انت بين أمرين : تواطؤ الناس على أسماء وافكار ، اعتماد هذا التواطؤ معيارا للحقيقة.

فكون اللون الذي نسميع أحمرا ، تسمى بهذا الاسم، وتواطا الناس على تسميته بهذا الاسم، فهذا لا يعني بحال ، أن اتفاقهم على كونه "شعاع يخرج من العين" صحيح ، كما أثبت ابن الهيثم بطلانه.

فالتواطؤ يكون مهما وضروريات لأغراض التواصل بين البشر، ولكن لا قيمة له في "المعرفة"... فتاريخ العلم لا يخبرنا بشيء أكثر من أن أكثر النظريات التي وثق بها العلماء تم تفنيدها وتجاوزها.

سادسا ، معرفة الانسان بذاته تختلف عن معرفته بغيره .. إذ أنا لا أعي ذاتي بالحس أو الحدس أو بالتحليل .. إنما هو شعور أشعر به، وبالتالي تصبح مقولة ديكارت لا معنى لها .. فهو يقول "أنا أفكر ، إذن أنا موجود" .. فبمجرد أن قال "أنا" فقد أثبت وجود ذاته، دون أن ينتظر كونه مفكرا.


Arrayفي فيزياء الكم لا وجود لمعادلات؟ وحد ربك يا مواطن !
الفيزياء الكمية بحد ذاتها هي فيزياء الرياضيات، وفيزياء المعادلات، هذا تبسيط وتسطيح كبير لفيزياء الكم، عن أي متراجحات تتحدث؟ أنت تتحدث عن نتائج لمعادلات، أصلاً مبدأ هايزنبرغ ناتج عن معادلة بالأساس وليس متراجحة.
هذا لو تحدثنا عن الشكل، أما عن العمق، فأنت تضرب حقيقة بحقيقة، ألم تلاحظ ذلك؟!
أنت وضعت حقيقتك أمام حقيقة أخرى وتضرب علماً بعلم فتخرج هكذا منهما خالي الوفاض، فهل أنت مؤمن بمبدأ هايزنبرغ وبأن المراقب لا يمكنه تحديد السرعة والمكان للإلكترون بنفس الوقت؟ (إذاً تعتبرها حقيقة مطلقة) أم تعتبرها كمبدأك الذي اعتمدته ممكنة أو بشكل أكثر دقة حسب تعبيرك "كل ما هنالك أننا نقترب أكثر فأكثر من معرفتنا بها"؟ وبحال إمكانية نفيها يكون بإمكاننا تحديد السرعة والمكان بنفس الوقت.[/quote]

صدقت، الفيزياء الكمية فيزياء رياضية . وفاتك أن الاحتمالات والمتراجحات هي رياضيات أيضا. لنستعرض أهم قوانين الفيزياء الكميّة التي هي بالتعريف :

1- مبدأ هايزنبرج عبارة عن متراجحة.
2- تفسير "ماكس بورن" للوظيفة الموجية : " احتماليّة - لنرمز لها بـ ب (س) - أن يوجد جسيم في فترة متناهية الصغر (دس) حول النقطة س هي : ب(س) دس = | و (س،ز)| (تربيع) دس .. حيث ز: الزمن ، و "و" : الوظيفة الموجية ، التي لابد أن تكون متسقة مع معادلة شرودنجر.
3- وقوانين الديناميكا الحرارية تصبح غير فعّالة في العالم المتناهي الصغر ، لذلك أستحدث فرع جديد من الفيزياء يسمى "statistical physics".

وهكذا ، لن تجد في الفيزياء الكميّة إلا حديثا "أحتماليّا" ومقاربات احصائيّة .. ومتراجحات.

أما بخصوص كوني أضرب علما بعلم. فمبدأ هايزنبرج لا يدعي معرفة حقيقة، بل يقول أننا لن نتمكن من المعرفة الكاملة. والقول : هل عدم معرفتنا للحقيقة : حقيقة ؟ هو سفسطة .. إذ أن الحقيقة هي المطابقة بين التصور والماهية، والقول باستحالتها ليس "حقيقة" إذ لا وجود لماهية، بقدر ما هو إقرار.

فعندما أقرّ أني لن أستطيع معرفة أكثر من هذا الذي أعرفه، فإن كان إقراري ذاتي - أي لعجز في ذاتي - فإقراري هذا قابل للتجاوز .. أما إن كان إقراري لا علاقة له بذاتي .. أي أن طبيعة الموضوع لا يمكننا من هذه المعرفة ... فهذه ليست حقيقية بل التعرف على حدود، وهي ليست نهائية طبعا .. إذ أنها تستمد قوتها من رهانها على عدم وجود تجربة تستطيع تحديد سرعة ومكان الإلكترون.

Arrayلم يكف عن طرح الأسئلة، أي علم هذا الذي يتوقف عن طرح الأسئلة، كل ما هنالك وكما ورد هنا، لم يتعرف بعد الإنسان على الضوء بشكل دقيق، فيعامله نموذجياً وعلمياً بتقريبات تمكنه من دراسته بأفضل شكل، وحسب ما ذكرت أنت، ولكنه لم يتوقف عن شيء، العلم الذي يتوقف عن طرح الأسئلة ومحاولة المعرفة ليس علماً، بل يصبح أيدولوجيا ثابتة.[/quote]

لم أقل أنه كفّ عن طرح الأسئلة، بل قلت أنه كفّ عن طرح أسئلة بعينها ، إذ لا جدوى منها.

Arrayربما أنت متأثر بمعنى ديني للكلمة، البديهية هي شيء نراه صحيحاً بداهة، هي شيء نسلم به، بالفرنسي لم أجد فرقاً بين ما يُسمى بالعربي البديهية والمسلمة، ولكننا بحاجة للبديهيات (أمر نعرفه بداهةً ونسلم به) وبدونه لا وجود للعلم، فالمنطق (الرياضي على الأقل) له جانبين الصورة والمادة بالفلسفة. ورياضياً المنطق هو الصورة أي طريقة الاستقراء والاستنتاج، ولكنه بحاجة للمادة أي البديهيات ليتشكل.
لا بد أن تعترف بوجود ذاتك مثلاً، لوجود شيء اسمه عد وأعداد، وأن واحد بجانبها واحد تشكل اثنان. وأن مستقيمين متوازيين لا يلتقيان .. الخ
يمكنك بعد ذلك أن تشكك بأي شيء، ولكن لذلك أصوله المنطقية، البناء المنطقي إن أدى لتناقض داخلي يُنفى ويعدل لإيجاد منطق آخر أو حقل آخر.
لذلك حديثك عن الهندسة الإقليدية وغيرها من هندسات أخرى (لا تتعارض مع بعضها أصلاً) هو حديث من هو غير متبين بالمنطق الرياضي، لأنه بناء لحقل رياضي له تطبيقاته، وهو فضاء رياضي متماسك داخلياً، له صفة "الهندسة" (من ناحية اللفظ) ولكن لا يعني أنه يعكس عالمنا الجيوغرافي، هو بناء رياضي حافظ على أسماء تاريخية ولكن له تطبيقات في مجالات أخرى غير البناء والهندسة المدنية، وذلك بعدما تعدت أصلاً الهندسة الرياضية الإقليدية مجالات الجغرافيا، هذه هندسات تدخل حتى في حسابات الأعداد الأولية.[/quote]

نحن لا نتحدث عن المسلمات هنا ، نحن نتحدث عن البديهيات .. تلك التي سميتها انت "نراه صحيحا بداهة".

أتمنى ان تجود علي ببعض الأمثلة ..
فمعرفتي لوجودي ليست معرفة بديهيّة إذ أنها بحاجة لإثبات.
واستنتاج الاثنين من عملية جمع الواحد مع الواحد، ليس بديهية، إذ أنها تحتاج لإثبات وهناك مواد باكملها في الجامعات لإثبات هذه العمليّة.
وكون المتوازيين لا يلتقيان، هي مسلمة ، وليست بيديهة، مسلمة قابلة للعكس ، ومسلمة تقوم عليها هندسة اقليدس.

أين البداهة هنا ؟

أخيرا ، شكرا لك ..

Array
بينما أنا أقول أن هذا الدليل فاسد، ولا يعطي يقينا. وإنما هو مفيد فقط.
...
هذا التعميم، تعميم فاسد تماما .. وكما يقول كارل بوبر : " مهما رأيت من البجع الأبيض ، فهذا لا يعني أبدا أن كل البجع أبيض !".
[/quote]


حين يضطر المرء للتشكيك بكل شيء، حتى بحواسنا و وجودنا، فقط ليتهرب من الاعتراف بصحة نظرية ما لا تعجبه او تناقض يقينياته الدينية، فهذا ضعف في موقفه و ليس في موقفنا.

و على رأي شخص حين قلتُ له، "أثبت أن اللـه موجود،" أجابني قائلا، "أثبت أنني أنا موجود. قد تكون تحلم و أنا جزء من الحلم!"

Array
أولا ، عندما يقول دين أن الارض كروية، ودين آخر أن الارض مسطحة. فهما لا يقولان ذلك استنادا للمنهجية العلمية، وإنما ينسبان هذه الأقوال لخالق الأرض الذي هو أعلم بمن خلق.[/quote]

طبعا حين ينسب دين معين الى "الخالق" أقوالا ساذجة، او خاطئة، او تافهة، فالعاقل (و لا أقصدك شخصيا) تقل ثقته بهذا الدين.


Arrayوبالتالي مناقضة هذا القول بالعلم هو مناقضة لا معنى لها .. لأن إدراك الله يختلف عن إدراك البشر، وبالتالي من الظلم إلزام الله بإدراكاتنا. [/quote]

شوف ازاي.. قال اذا ناقض العلم الدين، فهذا إدراك اللـه المختلف عن ادراكنا. يعني لو قال الدين أن الارض منبسطة و ليس كروية، فلا بد أن إدراكنا ناقص و أن لهذا القول مغزى لا نفهمه، و علينا حينها أن نتبع الدين مثل الحمير و نشك بعقولنا و فهمنا و كل ما نراه و نعرفه.

طريقة التفكير هذه هي سبب تخلف اوروبا في العصور الوسطى و مقاومتها للعلم.



Arrayواما التناقض المضحك فهو في التالي :
العلم أثبت كذا = يقين.[/quote]

عزيزي، اليقين الوحيد هنا هو أنك تكذب على لساني باستمرار. لماذا تصر على نسبة أقوال لي أنا لم أقلها؟ أين قلتُ أن العلم يؤدي الى اليقين؟؟


Arrayطفل صغير جدا، يستطيع ان يرد قائلا : ألا يمكن أن يتغير العلم ويجد ان الارض مسطحة ؟
"ثقتنا بالعلم مبنية على المشاهدات المثبتة والتفسيرات المنطقية"[/quote]

حين يتغير العلم و يجد ان الارض مسطحة، ساعتها تزداد ثقتنا بالدين الذي قال انها مسطحة، و تقل ثقتنا بالدين الذي قال انها كروية. علينا ان نبني نتائجنا على المعطيات، و لا يتبنى النتائج مسبقا و ينتظر تغيّر المعطيات!

لا نستطيع أن نتبنى النتائج اولا، و بعدها تزيد ثقتنا او تقل ثقتنا بالمعطيات! اذا ناقضت المعطيات النتائج، ستقل ثقتنا بالنتائج و ليس بالمعطيات، خصوصا اذا تراكمت تلك المعطيات و توافقت فيما بينها.


Arrayمن يبحث عن مبررات الثقة بالعلم، هو شخص خاضع تماما لسلطة العلم.[/quote]

مبررات الثقة بالعلم لا تحتاج الى البحث الطويل: العلم أثبت نجاعته فيما الاديان اثبتت فشلها. و اذا كان لديك بديل للعلم كمصدر للمعلومات، فأعلمنا به.

نعود مرة اخري للسؤال الاساسي للموضوع وهو هل يكفي العلم لحسم النقاش عن التطور؟

والاجابة هي نعم.

اما لماذا نعم ؟ فببساطة لان العلم هو مجرد تكاثف لطرق تفكير معينة تطورت علي مر التاريخ البشري.

هذه الطرق اثبتت صداقتها للانسان ، فالانسان الذي يملك تصوراً للبيئة ، وللكون ، مستمداً من العلم ، يكون اقدر علي الاستفادة من البيئة وبالتالي ..الاقدر علي البقاء.

فمحل الجدل ، والذي يحاول السفسطائيون طمره باي طريقة لهو " تصور الانسان للكون" .
البعض يملك تصوراً للعالم مستمد من العلم
والبعض يملك تصورا مستمدا من تجاربهم الذاتية وخرافات محلية تربوا عليها

عندما اقول ان العلم يقول الحقيقة فانني اعني في الحقيقة انني املك" تصوراً للكون" مستمد مما يقول العلماء انه صحيح (بابحاثهم واستنتاجاتهم).

والقول بان العلماء لايقولون بان اي شئ هو صحيح لهو ضرب من ضروب السفطسة العدمية التي يصل الجدل مع اصحابها الي اللاجدوي .

كل قضية في العلم لها قيمة اما 1 او صفر ، وان كان لاجدوي من استحصال هذه القيمة من العلم لما كان هناك جدوي من العلم ككل.

صحيح ان بعض التطورات قد تحدث علي مسار نظرة العلم لشئ ما ، ولكن هذا يتم في اطار التطور الطبيعي وليس التعارض .مثلاً تصور العلماء للذرة تطور من نظرية دالتون لرذرفورد للنظرية الحديثة ولكن كل نظرية كانت تدع مكانا لتطوراتمستقبلية قد تحدث بحيث اننا نقول ان النظرية الحديثة هي مجرد "انضاج" للتصور الاول هذا الانضاج له اسبابه المستمده من ابحاث واستنتاجات ترتبت عليها فأنت عزيزي القارئ لاتنضج قطعه من اللحم لتجد سمكة في االاناء (فدالتون لم يقل مثلاً ان هناك كائن اسمه لالولا يعيش في الذرة والالكترونات هي غائطه واتي رذرفورد فاثبت كذبه مثلا) .. يعني ما اقصد قوله انه كون العلم يمر بمراحل تطور مختلفة لايعني ان احد هذه التصورات هي خاطئة ولكنه لايعني ايضا ان العلم لايفرق بين الصح والخطأ.

هناك شئ لايعرفه البعض هنا اسمه state of the art ومعناه تصور العلم الحالي لشئ ما ، والانسان الواعي الناضج عليه ان يملك تصوراً عن الكون مستمد من هذا ال state of the art .

ببساطة التطور هو ال state of the art في البيولوجيا تماما كما ان النظرية الذرية الحديثة هي الstate of art في الفزياء الذرية وكما ان النظرية التكتونية هي الstate of the art في تفسير الزلازل.

الرؤية العلمية للتطور تشبه كثيراً عمليه الزوم بالكاميرا ، فالصورة في البداية تكون ليست واضحة Blurred ثم يقوم المصور بتوضيحها بتحريك الزوم بحساسية.. وكلما اقترب من النقطة الافضل نشعر اننا بدأنا نتعرف علي الصورة .. مثلاً نخمن انه حيوان ثم نحدد انه قطة ثم نبدأ بمعرفة تفاصيل دقيقة كلون القزحية ونمط الفرو وماالي ذلك..
كذلك التطور ، العلماء الان هم بصدد عملية "التزويم" هذه ، فهم عرفوا الخطوط العريضة لما حدث ..هناك طفرات عديدة واليات اختيار.. صحيح ان التفاصيل الدقيقة ليست معروفة ، ولكننا لن نصحوا غدا من النوم لنجدهم يقولون ان الحيوانات وجدت لان المريخ قرر لعب التنس مع المشتري مثلاً .. يعني الوضع تماما يشبه عمليه التزويم فانت عندما خمنت انه "حيوان" لن تجده في النهاية زهرة .. التفاصيل ليست واضحة صحيح ..لكنها واضحة بما يكفي لاستبعاد الكثير واعطاء خطوط عامة تبدو بها قصة الخلق قصة ملفقة من شخص جاهل لا أكثر.

اقول هذا لأن السفسطائيون يعني يشعرونك بحديثهم وكأن مبدأ "عدم التأكد" لهايزنبرج يعني انك قد تخمن انها صورة قطة ثم تجدها في النهاية "زهرة" .:Asmurf:

يعني حتي لو ان هناك جدل .. فهو جدل "في" التطور وليس "عن" التطور.. جدل صحي داخلي يهدف للوصول لنظرة اكثر نضجا.

نأتي الان لنقطة يثيرها الدينيون كثيراً فهم يقولون (طنطاوي ، خرافاتي لا تتعارض مع العلم ، تصورك عن خرافاتي خاطئ ، انت جاهل حاقد علي خرافاتي، خرافاتي قالت كذا وكذا )
عندها ارد عليهم بمثال العربة التي يجرها حصان
فانت عندما تشاهد عربة يجرها حصان فانك تعرف بيهيا ان الحصان هو العنصر الاساسي في حركة العربة ، العربة والجالسون فيها والزينة فوق رأس الحصان هذه كلها اشياء لاتؤثر علي قوة دفع الحصان.
عضلات الحصان هي من يقوم بالعمل كله
وكذلك الوضع بالنسبة للحضارة الان ، اذ انه من الثابت ان العلم هو القوة الدافعة للحضارة ، كون خرافات معينة قد تم "تقليمها" بحيث تستطيع الركوب بعربة الحضارة فانه يماثل تماما ان احدهم قد وافق ان يجلس في العربة ، وليس انه صار القوة المحركة لها.
ببساطة اعادة تفسير الخرافات بحيث تتوائم مع العلم هو يثبت ان الدين مجرد تابع جالس في العربة الخلفية ، ولايؤثر علي شئ.
اذ انه اكثر المؤدلجين الاسلاميين شراسة لم يدع ان الاسلام هو من وضع منهجيات العلم ، وانما اقصي ادلجتهم هي ان الاسلام قد "حض" علي العلم ، او دعا للعلم او الخ...

تحية

Arrayنعود مرة اخري للسؤال الاساسي للموضوع وهو هل يكفي العلم لحسم النقاش عن التطور؟

والاجابة هي نعم.

اما لماذا نعم ؟ فببساطة لان العلم هو مجرد تكاثف لطرق تفكير معينة تطورت علي مر التاريخ البشري.[/quote]
تحية لك سيد طنطاوي
فجوابك دقيق جدا ومبسط جدا
العلم يكفي لحسم النقاش حول اي موضوع مع مراعاة أن العلم هو تابع زمني متغير كل لحظة
لأنه متطور باستمرار :
في الماضي القريب كان بستطاعة الأطباء رؤية ظلال مقبولة الوضوح للعظام داخل الجسم (ضمن الأنسجة) يحددون من خلالها الكسور والأمراض وغيرها
وخلال فترة قصيرة أصبحت هناك صور أكثر وضوحا هي (الطبقي المحور)
ثم وبسرعة تطور ذلك إلى طريقة تصوير بالمرنان المغناطيسي الذي يعطي صورا أوضح (عن طريق الأمواج المغناطيسية) للعظام والأنسجة فالرؤية ممكنة وازدادت وضوحا

كذلك العلم هو طرق تكاثفت عبر التاريخ البشري

تحياتي عزيزي عبدين وشكرا علي التعقيب.

مثالك عن تطور رؤية الاطباء للانسجة هو دقيق جدا وفي صميم الموضوع ، فليس معني ان الاشعة السينية لا تستطيع توضيح ورم معين بدقة ليس معناه انه ليس موجودا ، بالمقابل لو طلب الطبيب عمل اشعة مقطعية فان ادق تفاصيل هذا الورم ستظهر.

كذلك بالتطور ، نحن نعرف الخطوط العامة للشئ ولكن مازلنا لانملك اداه تماثل في دقتها الاشعة المقطعيه مثلا ، لكن من الادوات التي نملكها نسطيع استبعاد اشياء كثيرة ، تماما كما يستطيع "اي" طبيب ان يطرد "اي" مشعوذ يدعي علاج الاورام بالدجل وهو مطمئن البال.

بالممناسبة ، اسلوبك يذكرني باسلوب الدكتور أحمد وهو زميل طبيب سوري كتب تعقيبات ممتازة في موضوع اخطاء في تصميم الكائنات الحية .

علي حال اهلا بك وارجو ان تكتب اكثر معنا(f)

Arrayهل يكفي العلم لحسم النقاش عن نظرية التطور ؟[/quote]

لا , لايكفي العلم لحسم النقاش حول نظرية التطور.

وماهو البديل أو الشئ الذي يستطيع حسم الموضوع?

شكرا طنطاوي

يقول neutral
Arrayلا , لايكفي العلم لحسم النقاش حول نظرية التطور.

وماهو البديل أو الشئ الذي يستطيع حسم الموضوع?[/quote]
عزيزي العلم هو البديل الوحيد قطعا
لأنه بواسطته يتم البرهان على جميع القضايا المعروفة في العالم
حتى لوكانت غير مرئية كالثقوب السوداء أو الحقل المغناطيسي للأرض أو الطاقة الكهربائية في المدخرة(البطارية) مثلا
أنت لاترى بالنظر المجرد الطاقة الكهربائية الموجودة في بطارية الكهرباء لكن بالعلم تتأكد من وجودها عن طريق آثارها (كأن تشعل مصباح أو تدير محرك )أو قياسها بمقاييس خاصة
أوجدها العلم طبعا
وبدون العلم لايمكنك أن تثبت شيئا
أعطني شيء يمكن ان تثبته بدون علم

يمكن تحميل كتاب أصل الأنواع لـ داروين وبالعربية من الرابط على هذه الوصلة:
http://www.4shared.com/file/28197334/55ad6...rified=3bef13d5

مع العرفان بالشكر للزميل العظيم "ثائر" في ساحة قرأت لك إذ هو صاحب الفضل في توفير هذا الكتاب القيم.

للرفع.

Array
للرفع.
[/quote]

ليش؟ :grin: