مساء الفل
مرحبا يا VeAn
قرأت مشاركتك وأشكرك عليها
موضوع استطلاعي لم يكن "موقفك من تغيير الدين".
لو كان هذا هو فقط السؤال، لأمكن القول طبعاً أن الكثيرين لن يبالوا بهذا الأمر..أن يغير أحد أصدقائهم المقربين جداً دينه.
وبالتالي يصبح موقف السيد البريطاني وخطيبته عادي جداً.
ولكن سؤال استطلاعي كان "موقفك من تغيير
الفكر/الدين.
وأنا فقط ركزت على الدين في الاستطلاع لأنني أعلم أنني أخاطب عرباً هنا في النادي وأن أغلبيتهم متدينين.
موقف الصديق البريطاني مع خطيبته لا يدل على أن حضرته ليس عنده خطوط حمراء.
أو على أنه يعني وصل مرحلة من التسامح لا يمكن أن نجدها إلا في مكانين لا ثالث لهما: الفردوس الأعلى أو بريطانيا.
ولكنه فقط يدل ببساطة على أن الصديق البريطاني لا يكترث للدين.
ولكن "حد الردة" عنده ينطبق على شيء آخر غير الدين.
ممكن جداً أن الصديق البريطاني سينفصل فوراُ عن خطيبته لو علم مثلاً أنها تنكر محرقة اليهود.
أو إذا علم أنها تكره مانشستر يونايتد ، فريقه المعبود.
وممكن جداً في يوم من الأيام تجدينهما وقد "شلفطا" وجهيهما من كثرة الضرب في بعض.
وعند السؤال تجدين الصديق البريطاني يقول لك : أنا لا أكترث إذا كانت تعبد بوذا أو موهاميد ، ولكن أن تهين مايكل شوماخر
فهذا يعني عندي شيئاً واحدا : الإنفصال.
ممكن يكون الإنسان مغيّباً عن الدين ، أو متديناً ولكن ليس لديه حساسية فيمن لا يدين بدينه.
أو يكون مغيباً عن السياسة والدين وتبلغ به درجة التفاهة إلى أن "حد الردة" الخاص به سينحصر في شيء من كماليات
الحياة. مثل العداء الشديد لكل من هو "أهلاوي" أو "زملاكاوي" .
في بريطانيا مثلاً...لن يكترث أحد لو أصدر الإيرلنديون إعلاناً يقولون فيه أنهم لا يريدون الانفصال عن بريطانيا ولكنهم
قرروا أن يعبدوا إله المريخ ذو الأنف المفلطحة له كل المجد. فليعبدوه حتى هو وزوجته ذات الشعر الوسائدي! من يكترث من البريطانيين لهذه التفاهة؟ لا أحد.
لكن أن يقولوا "ننفصل بدولتنا عن بريطانيا" فالموضوع أصبح شائكاً وخطا أحمر ينزف دماً ...وسوف يتطوع معظم البريطانيين في الجيش لضرب الخونة الكفرة الفسقة والاحتفاظ بهذا الجزء من الإقليم تحت حكم التاج.
في العالم العربي الدين هو العنصر الفاعل الأساس وهو الخط الأحمر.
لهذا يا VeAn لم يكن سؤالي أبداً ينحصر في الدين فقط...وإنما جاء الدين فيه لأن الاستطلاع كان موجهاً إلى عرب في منتدى عربي.
ولم أغفل أن أقرن معه "الفكر" والذي أصلاً قصدته من الاستطلاع ، الذي لا زلت أرى كونه غبياً ، لأن الذي سيحصل عندما يطرق الإنسان "الخط الأحمر" عند الإنسان الآخر...هو حد الردة بلا شك. وأخفه القطيعة وأشده الحرب والقتل.
أرجو أن يكون ما رميت إليه قد اتضح الآن .
شكرا لك أنت أيضاً سيدتي
وتفضلي ... ما تغلاش عليكي أبداً
كما أنني أود أن ألفت انتباه الزعيم رقم صفر إلى أنه قد تطرف كثيراً في نقطة محددة.
ألا وهي فكرة "أنه كل من ليس متديناً فهو لا بد خمورجي وزاني".
إذا كنت تقول هذا فقط لمجرد أن دمك حامي وأنك تتحاور وأنت غاضب في هذا الموضوع ، فهذا شيء آخر، ولكن إذا كنت جاداً في هذا الكلام فعليك مراجعة نفسك فيه لأنه غير صحيح.
فطبقاً للمعتقد في الإسلام، فهناك أناس يحسنون العمل ومع ذلك لا يدخلون الجنة لأنهم لم يدينوا بالدين الذي ارتضاه إله الإسلام.
هناك من "ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا - أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه فحبطت أعمالهم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا" .
يعني ممكن تكون أعمالهم صالحة جدا. ولكنها "حبطت" بسبب عدم إيمانهم بالدين الإسلامي. فلم يحسبها الله لهم.
كما أنك يا زعيم رقم صفر ، تعلم ولا شك أن من يترك الدين ينقسم إلى فئتين : فئة المفرطين بضم الميم وتسكين الفاء، وفئة المفرطين بضم الميم وفتح الفاء. أو بعبارة أخرى فئة المستهترين الذين تتحدث أنت عنهم وفئة الغلاة الذين تشددوا أكثر في الآخلاقيات بحيث أنهم لم يعودوا يعترفون بالدين (سواء إسلام أو مسيحية أو إلخ) بأنه دين سماوي ، وذلك لأنهم يرون بأنه "متدن" أخلاقياً . ولهذا يتركونه ويتجهون إلى ديانات إلحادية مثل البوذية تنهى مثلاً عن كل ما ينهى عنه الإسلام والمسيحية وتزيد عليهما النهي عن ذبح أي كائن حي وتعده جريمة أو عن رفع السلاح في وجه أي كان لأي سبب . وهم ملحدون. تجد منهم الآلاف المؤلفة ممن لم يذوقوا الخمر أبدا أو يمارسوا الجنس . هناك أيضاً اليوم ملايين ممن يتبعون مذهب الـ New Age الذي لا يتبع دينا أو إلهاً محدداً ، ولا يشربون الخمر ولا يمارسون الجنس بدون علاقة حب مع فرد واحد ولا يأكلون اللحم وأكثر صرامة من تعاليم الإسلام ، أو على حسب مصطلح الإسلام "أكثر غلواً " .ولا يكذبون ولا يسرقون .. الخ .. ولو مسك واحد منهم فقط مسئولية صغيرة في أي بلد عربي لاستقام حال مؤسسته التي نخرها الفساد من أدعياء التدين والتقوى الذين مسكوها من قبله ونهبوها ومصوا دماء الناس عن طريقها والسبحة من أيديهم تتدلى وكأنها لسان أخلاقهم الميتة.
فأرجو أن تترك حكاية الخمورجية والزناة هذه، فهذا تفكير متطرف جداً وإقصائي ، وأن لا تعمم على الكل مثلما لا تحب أن يضعك الآخرون في بوتقة واحدة مع كل المسلمين أيضاً. هناك الكثير جدا من الملحدين كان من الممكن (طبقاً لمعتقدك) أن يدخلوا الجنة فوراً لولا فقط عدم نطقهم بالشهادتين . وذلك لكثرة وعظم أعمالهم الصالحة وقلة وندرة أعمالهم السيئة طبقاً للمعايير الإسلامية نفسها.
أراكم بعد حين