"زياد الرحباني" يحتل «قلب» دمشق بموسيقاه وصوته
أحيا الفنان اللبناني "زياد الرحباني" في قلعة دمشق التاريخية، حفلة كانت أول لقاء يجمعه بالسوريين، وتحوّلت قلعة عاصمة الأمويين مكاناً لغرام تخطى العلاقة بين الموسيقي وجمهوره.
وقال "زياد": إن حفاوة الجمهور كانت فوق تصوري، سأقول شيء بصراحة: (لست متوقع هيك شي.. ولا شايف هيك شي من قبل).
ورافقت عاصفة من التصفيق ظهور "زياد الرحباني" على المسرح، ليفتتح الحفل بمقطوعة موسيقية، قبل أن ينشد "شو هالأيام اللي وصلنالا.."، وغنى "الرحباني" ومعه الجمهور الذي يحفظ معظم أعماله غيباً "تلفن عياش" "عايشة وحدها بلاك" "بلا ولا شي"، كما قدم مجموعة من المقطوعات الموسيقية مع اوركسترا تضم عازفين معظمهم من سوريا وأرمينيا بقيادة المايسترو الأرمني "كارين دورغريان"، إلى جانب عازفين من فرنسا وهولندا.
وشاركت "زياد" الغناء جوقة مكونة من ست مغنيات سوبرانو سوريات منهن رشا رزق وليندا بيطار.
ساعة ونصف ساعة الساعة من الغناء والموسيقى تخللتها استراحة قصيرة، كان "زياد" كريماً بصوته، ولم يكن الجمهور أقل كرماً، تشجيع وحماسة وهتاف وتصفيق، وحال إصغاء واستماع عالية لا تشوبها أي فوضى.
حال الجمهور فاجأت المنظمين أنفسهم، وفاجأت "زياد" كما جاء على لسانه في ختام الحفلة، بعد أغنية «عودك رنان»، وقف زياد وتوجه إلى الجمهور شاكراً على طريقته، وقال: إنه منذ أن تلقى الدعوة من احتفالية دمشق والأخبار تصله عن «جوكم» الاستعدادي للقاء، وإذ ذاك حاول أن يتصوّر بقدر إمكانه ما يحصل في دمشق، وعندما سأل عن البرنامج والاقتراحات له، جاءه الجواب أن الجمهور «حافظين كل شي».
وأهدى الجمهور الرافض لمغادرته إعادة لآخر مقطع من «عودك رنان»، وغافل الجمهور إذ أوحى وكأنه يريد استشارة المايسترو الأرمني "دورغريان" في أغنية أخرى، ثم غادر في شكل خاطف، اعتصم الجمهور أمام المسرح وتابع الغناء «الحالة تعبانة يا ليلى»، وصرخ «صامدون هنا»، لكن المنظمين أخبروهم أن لا أمل من الانتظار.
بطاقات الحفلات الأربع نفدت سريعاً (20 دولاراً مع حسم للطلاب والصحافيين) في بعض المدن السورية، ومطالبة من لم يحالفهم الحظ ببطاقات، دفعت احتفالية دمشق إلى تمديد الحفلات يوماً إضافياً قبل بدايتها، ليطول اللقاء حتى الثلاثاء المقبل.
ولد "زياد الرحباني" في أوائل كانون الثاني من عام 1956، أمه هي نهاد حداد "فيروز"، ووالده الفنان "عاصي الرحباني"، وكانت بداية أعماله الشعرية بعنوان (صديقي الله) الذي كتبه بين عامي 1967 و1968، وفي عام 1973 قام "الرحباني" الصغير بتقديم أول لحن لوالدته "فيروز"، حين كان والده في المشفى حيث كان من المقرر أن تلعب "فيروز" الدور الرئيسي في مسرحية "المحطة" للأخوين "رحباني"، ولهذا كتب "منصور الرحباني" كلمات أغنية تعبر فيها "فيروز" عن غياب "عاصي" لتغنيها في المسرحية، وألقى بمهمة تلحينها إلى "زياد"، وكانت تلك الأغنية "سألوني الناس" التي لاقت نجاحاً كبيراً وأدهشت الجمهور بعبقرية ابن السابعة عشرة تلك وقدرته على إخراج لحن يضاهي ألحان والده.
وكان أول ظهور لزياد على المسرح في نفس المسرحية "المحطة" حيث لعب فيها دور المحقق، كما ظهر بعدها في رائعة الأخوين "رحباني" ميس الريم بدور الشرطي الذي يسأل "فيروز" عن اسمها الأول والأخير وعن ضيعتها.
بعدها توالت المسرحيات الزيادية، ولكن بأسلوب مختلف جداً عن أسلوب الأخوين رحباني، حيث اتخذت مسرحيات زياد الشكل السياسي الثوري والواقعي جداً الذي يمس جوهر الشعب في حياته اليومية، بعد أن كانت مسرحيات الأخوين رحباني تغوص في المثالية وتبتعد قدر الإمكان عن الواقع ويعيش فيها المشاهد خيالاً آخر وعالماً آخر، هذا ما لم يقبله "زياد" لجمهوره، وخاصة أن الحرب الأهلية كانت قد بدأت.
تميز أسلوب "زياد الرحباني" بالسخرية والعمق في معالجة الموضوع كما أنه يعتبر صاحب مدرسة في الموسيقى العربية والمسرح العربي المعاصر.
ومن أعماله الفنية في مجال المسرح نذكر، مسرحية سهرية ومسرحية نزل السرور و مسرحية بالنسبة لبكرا شو وفيلم أميركي طويل و أمرك سيدنا و شي فاشل و لولا فسحة الأمل والفصل الآخر.
أما ألحانه للمغنية "فيروز" وللرحابنة فله ألبوم "وحدن بيبقو" وألبوم "معرفتي فيك" وألبوم "كيفك إنت" وألبوم "سلملي عليه" وألبوم "ولا كيف"، ومقدمة مسرحية "ميس الريم" ومقدمة مسرحية "بترا" وأغنية "سألوني الناس" وأغنية "قديش كان فيه ناس"، ودبكة "يا جبل الشيخ" وأغنية "نطرونا" وأغنية "حبو بعضن"، إضافةً إلى أغاني حفل "بيت الدين".
كما كتب ولحّن العديد من الأغنيات بصوت السيدة "فيروز"، وأصوات جوزيف صقر وسامي حواط وسلمى مصطفى وغيرهم.