Enki
عضو رائد
المشاركات: 1,490
الانضمام: Mar 2007
|
لماذا تفشل الماركسية في تحليلها للنظام الرأسمالي
مرحباً
قديماً قيل ان على الفيلسوف ان يكون معتدلاً في استنتاجاته التي يستنبطها من التأمل في الواقع، ذلك ان صحة الاستنتاج مرتبطة بمدى فهم الانسان للواقع، وبما ان الانسان قد يكون مخطئاً في فهمه للواقع فانه من غير الاخلاقي التعصب للاستنتاج مبني على فهم من مستوى معين للواقع في حين ان هذا الفهم قد يكون خاطئاً.
هذا هو لب ما حصل للماركسية ولماركس نفسه ولمن تبعه من المفكرين الماركسيين فيما يخص تحليلهم للنظام الرأسمالي وعلاقة العامل بصاحب رأس المال. كل هذه الثورات الدموية وكل هؤلاء الناس الذين ماتوا او شردوا او تم اعتبارهم لصوص او مصاصي دماء، كله مبني على فهم خاطئ للواقع. فليعتبر ذوي العقول.
نظريات الاقتصاد الكلاسيكية
يمكن القول ان ماركس في نظريته الاقتصادية – كما هو الحال في معظم افكاره الاخرى – لم يأت بجديد، فماركس اعتمد في تحليله للنظام الرأسمالي على نظرية قيمة العمل Labor Theory of Value وهي نفس النظرية التي استعملها كل من ادم سميث وديفيد ريكاردو من اجل الترويج للنظام الرأسمالي. إلا ان ماركس دفع النظرية باتجاه اخر واضعاً بنفسه النهاية المأساوية لنظرية قيمة العمل لما اوضح ماركس – دون ان يدري – مواطن الخلل فيها. (1)
بحسب نظرية قيمة العمل، فان ما يحدد قيمة السلعة هو مقدار الوقت والعمل المستغرق لانتاج هذه السلعة، فالسلعة التي تستغرق عملا وزمناً طويلاً في انتاجها فان قيمتها تكون اعلى من تلك التي تستغرق زمناً قصيراً وعملاً هيناً في انتاجها.
يعرف ماركس في تحليله لاقتصاد النظام الرأسمالي ما اسماه قوة العمل Labor Power على انه: مجموع القابليات الجسمية والذهنية التي يمتلكها الانسان والتي يستخدمها عند العمل، ويرى ماركس ان الانسان حينما يعمل فان مقداراً من عضلاته واعصابه ودماغه "يهدر" وان الانسان بحاجة الى تعويض هذا الهدر.
قوة العمل هذه هي ما يبيعه العامل للرأسمالي مقابل الاجر الذي يحصل عليه من صاحب رأس المال، وقد رآى ماركس ان مقدار ساعات العمل التي يقوم بها العامل يتناسب مع ما يحتاجه العامل ليقيم اوده من مأكل ومشرب في مجتمع ما بحيث انه يستطيع ان يستعيد كامل قوته ويعمل من جديد في اليوم الثاني، فاذا فرضنا ان هذا المقدار هو خمس ساعات في اليوم وكانت قيمة ساعة العمل هي دينار واحد فان على الرأسمالي ان يدفع للعامل خمسة دنانير.
بناءاً على ما سبق، يتساءل ماركس: إذا كان الرأسمالي يبيع السلعة بحسب قيمة العمل المتضمنة فيها، ويعطي العامل كامل قيمه عمله فكيف يمكن ان يحصل الرأسمالي على ربح؟ كيف يمكن ان يكون هناك فرق بين مقدار المال الذي بيعت به السلعة والاجور المعطاة للعمال؟ (1)
استنتج ماركس من هذه المعضلة ان الرأسماليين لابد ان يكونوا على درجة من التنفذ بحيث انهم يجبرون العامل على ساعات عمل اضافية تزيد عن مقدار "قوة العمل" وان الرأسمالي يسلبهم قيمة عمل هذه الساعات الاضافية. بكلام اخر: فان الرأسمالي قد يفرض على العامل عشر ساعات عمل، بقيمة عشرة دنانير، لكنه يعطيهم فقط خمسة دنانير وهي مقدار قوة العمل.
بناءاً على هذا "التحليل" استنتج ماركس ان الرأسماليين يستغلون العمال ويظلمونهم ويسرقون تعبهم....وكلنا نعرف بقية القصة ونعرف ملايين الناس الذين ماتوا بناءاً على هذا "التحليل" الدموي الرائع.
أين اخطأ ماركس
بصراحة انا اتعجب ان يسقط رجل مثل ماركس بهذه المستوى من الخطأ، لا سيما وانه قد اكتشف بنفسه موطن المغالطة في منطق هذا التحليل...وانني احسب انه لو طال به العمر اكثر لكان انكر ما كتبه ورفضه كلياً، على العموم فنحن الان لا نعرف ما قد يحدث على وجه التمام.
نحن نعلم ان هناك الكثير من الاشياء لها سعر على الرغم من انه لم يقم احد باي عمل لانتاجها.
على سبيل المثال:
1- الارض الغير مستغلة والغير محروثة، لها سعر على الرغم من انه لايوجد اي عمل قد اجري على انتاجها.
2- الغابات العذراء التي لم يطأها انسان لها سعر على الرغم من انه لم يقم احد باجراء اي عمل عليها.
3- الضمير والاخلاق والشرف والمبادئ لها سعر على الرغم من انه لم يقم احد بصناعتها.
اضف الى هذا فان سعر ماسة لايحدده اذا كنت وجدت الماسة تحت صخرة او حفر منجم وقضيت الاف الساعات لاستخراجها...ان السعر في الحالتين لا علاقة له بمقدار العمل اللازم لانتاج الماسة.
نفس الشيء سنقوله عن النفط، فسعر برميل النفط لا يحدده مقدار العمل المبذول في استخراجه، فسواءاً كان النفط في البر وقريباً من سطح الارض او يستخرج من اعماق البحار فان السعر لا علاقة له بمقدار ما تبذله من جهد لاستخراج النفط.
لكي نفهم كيف يدل تحليل ماركس على ان نظرية قيمة العمل خطأ، لابد ان نكون على المام – ولو بسيط – بالمنطق ...ففي المنطق حينما تتناقض قضيتان فان احدى القضيتين لابد ان تكون خاطئة، انظر مثلا:
1- زيد دكتور في الفلسفة (هذه قضية)
2- كل دكتور في الفلسفة لابد ان يكون قد تخرج من جامعة
3- لكن زيد لم يتخرج من الجامعة
هنا لدينا، تناقض فلابد ان تكون احدى القضيتين خاطئة، فاما ان تكون الاولى خطأ، ويكون زيد ليس دكتور في الفلسفة، او تكون القضية الثانية خطأ ويكون ليس من الشرط ان كل دكتور في الفلسفة متخرج من الجامعة، وبناءاً على معرفتنا المسبقة بان القضية الثانية صحيحة (على سبيل المثال) نستنتج ان زيد ليس دكتور في الفلسفة.
هذا هو المنطق، لكن السفسطة هي ان تحاول التوفيق بين القضية الاولى والثانية، كأن تقول: ان زيد كان ذكي جداً وعظيم وصاحب اراء عظيمة وان الجامعات اعطته شهادة حتى لو لم يكن متخرج فيها.
هكذا هو الامر بالنسبة لتحليل ماركس، فماركس يفترض صحة الفرضيتين التي افترضهما في بداية تحليله:
1- ان الرأسمالي يبيع السلعة بناءاً على مقدار العمل اللازم لانتاجها
2- انه يعطي العامل كامل مقدار العمل الذي بذله
لكن يوجد فائض في القيمة.
لذا اما واحد او اثنين خطأ، ولن نحتاج عميق تأمل حتى ندرك ان القضية رقم واحد خطأ. فماركس لم يحلل السوق في النظام الراسمالي والسوق يلعب دوراً مهماً ومركزيا في هذا النظام.
اي ان السلع في النظام الرأسمالي لاتباع بناءاً على مقدار العمل اللازم لانتاجها.
فاذن بناءاً على ماذا؟
نظرية المنفعة الحدية
يمكن القول انه تقريباً كل الاقتصاديين الحاليين قد تركوا نظرية قيمة العمل والتجئوا الى نظرية المنفعة الحدية Marginal Utility وبحسب هذه النظرية فان ما يحدد سعر السلعة هو منفعة السلعة او الخدمة، ويعرفها القاموس الاقتصادي (تأليف: حسن النجفي) على انها: منفعة الوحدة الأخيرة من ذلك الشيء(سلعة او خدمة)، أو الوحدة التي تشبع أقل الحاجات بحيث يمتنع الشخص - عند الوصول إليها - عن طلب وحدات إضافية جديدة من ذلك الشيء(سلعة او خدمة)، اما لأن المنفعة منها تنعدم، أو لأنه يفضل أن يشبع حاجات جديدة. (انظر ويكيبديا مثلا: منفعة حدية)
تستطيع نظرية المنفعة الحدية ان تجيب على كثير من المعضلات التي تواجه نظرية قيمة العمل، فرمال الصحراء لا سعر لها لانه لافائدة لها ...بينما الاشياء مثل الضمير والاخلاق والشرف يكون لها سعر حينما تصبح لها منفعة.
ماهو مصدر الربح عند الرأسماليين
من المهم ان ندرك ان الرأسمالي ايضاً يعمل مثله مثل العامل، اذ ان ماركس نفسه رآى ان قوة العمل ليست هي الامكانيات الجسمية فقط وانما العقلية ايضاً. المشكلة ان بعض الماركسيين يظنون ان الرأسمالي يربح لانه يملك مالاً، فكأنه لو اعطيت كل واحد منهم مبلغ مليون دولار فانهم كلهم سيأسسون اعمالاً رابحة وتتضاعف اموالهم بين ليلة وضحاها. وهذا امر غير صحيح تماماً، فكل يوم نسمع عن العديد ممن تضيع اموالهم نتيجة سوء الاستثمار.
ان الرأسمالي يعمل حينما يكون عليه ان يتخذ القرارات المعقدة التي قد تكون خطيرة...فالرأسمالي يتوجب عليه ان يقرر في اي حقل من حقول الاستثمار يتوجب عليه ان يستثمر ماله فيها؟ انه اذا اختار ان يستثمر في مورد خاطئ فانه قد يخسر كل ماله، ثم عليه ان يقرر مقدار المال الذي يتوجب عليه ان يخصصه لهذا المورد...وعليه ان يقرر امور التسويق ومقدار المواد الاولية وكمية الانتاج في حال انه قرر ان يبني معملاً.
يرى الاستاذ Lester C. Thurow استاذ الادارة والاقتصاد في معهد MIT ان الربح للراسمالي يأتي من ثلاث نقاط (2):
فاولاً: الرأسمالي على استعداد لتأخير ما يرضي حاجاته الشخصية، فبدل ان يصرف كل ما يملكه من اموال اليوم، فانه يدخر بعض ماله ويستثمره غداً في النشاطات المختلفة (مثل المعمل والمكائن) التي ستنتج سلعاً في المستقبل، وحينما تباع، فان هذه السلع تنتج ربحاً قد يستخدم في تمويل المزيد من الاستثمار. لهذا فان الرأسمالي يستحق اجراً نتيجة تأخيره صرف المال على رضاه الشخصي.
ثانيا: بعض الربح هو مقابل المخاطرة، نحن نعلم ان من يعمل في مهنة خطرة فانهم يحصلون على اجر اعلى ممن يعمل في مهنة آمنة. لهذا فان من يخاطر بمقدار اكبر من المال في الاستثمار فانه يستحق ربح اعلى.
ثالثاً: بعض الربح هو بمقابل القدرات التنظيمية والتأسيسية وطاقة صاحب المشروع، فصاحب المشروع (الرأسمالي) عن طريق اختراعه سلعة جديدة او عملية جديدة لانتاج سلعة جديدة، او طريقة جديدة لايجاد سلعة فانه يستحق ربح.
----------------------
(1) انظر الى التحليل الرائع الذي قام به David L. Prychitko هنا:
http://www.econlib.orgbrary/Enc/Marxism.html
(2) انظر الى المقال هنا:
http://www.econlib.orgbrary/Enc/Profits.html
|
|
09-08-2008, 01:06 AM |
|
{myadvertisements[zone_3]}
{myadvertisements[zone_3]}
{myadvertisements[zone_3]}
{myadvertisements[zone_3]}
{myadvertisements[zone_3]}
{myadvertisements[zone_3]}
{myadvertisements[zone_3]}
{myadvertisements[zone_3]}
{myadvertisements[zone_3]}
{myadvertisements[zone_3]}