{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 3 صوت - 4.67 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
صدمة الحداثة .
العاقل غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 753
الانضمام: Jun 2002
مشاركة: #41
تأملات حرة .


مرحبا عزيزي بهجت...
لقد أسأت فهمك، ولعل السبب أني لم أدرك أن هذا الموضوع حلقة ضمن سلسلة، وبعد توضيحك، أجدني لا أختلف عنك كثيرا.
يبقى السؤال هو التالي:

لماذا ينجر العالم كله، بكافة أطيافه - تحت مسمى "العودة إلى الجذور"- للتمسك بالهوية الدينية وإبرازها؟
كيف عاد الدين بهذه القوة بعد أن عاش العالم أكثر من سبعين سنة دون إله؟ فالحرب العالمية الأولي والحرب العالمية الثانية والحرب الباردة وثورات الاستقلال الوطنية وكافة الحركات التحررية، كانت كلها لا تصدر أبدا عن أي هوية دينية. ما السر وراء هذه العودة؟

جورج قرم، أحد الذين طرحوا إجابة على هذا السؤال في كتابه "المسألة الدينية في القرن الواحد والعشرين"... وسأثبت هذه القراءة التي كتبتها قبل عدة أشهر عن هذا الكتاب، لعلها تكون خادمة لك في ما تبغيه:


قراءة في "المسألة الدينية في القرن الواحد والعشرين"


منذ انهيار جدار برلين، وسقوط الاتحاد السوفييتي، وتحول الولايات المتحدة الأمريكية لقوة عظمى وحيدة على هذا الكوكب... تشكلت أيديولوجيا تحاول بناء "نظام عالمي جديد"، هي أيديولوجيا المحافظون الجدد التي تنطلق من تراث تدعوه "مسيحي-يهودي"، وتدعو لحرية التبادل الاقتصادي، والدفاع عن الحضارة ضد عدوها الأهم "الإرهاب"، الذي – ومنذ 11\9- لن يعني شيئا سوى الإسلام.

هذه الرؤية التي يحاول جورج قرم في كتابه "المسألة الدينية في القرن الواحد والعشرين" فهم كيفية انبعاثها المفاجئ: كيف تلاشت الديكورات القديمة (العلمانية) التي حكمت رؤيتنا للعالم، لتحل محلها كل هذه الديكورات (الدينية)؟

تبدأ القصة عنده من النقد المكثف الذي تم توجيهه للحداثة وتراث فلسفة الأنوار والثورة الفرنسية، والذي من خلاله سيتم إرجاع كافة مظاهر العنف التي شهدتها أوروبا، ابتداء من سنوات الإرهاب التي أعقبت الثورة الفرنسية، مرورا بنشوء أنظمة شمولية قمعية، وانتهاء بحربين عالميتين، وما تخلل الأخيرة من كم هائل من العنف تجسد بشكل خاص بالـ"هولوكوست" التي أقامته النازية بحق اليهود. في أعمال كـ "التفكير بالثورة الفرنسية" (1978م) لفرانسوا فوريه، الذي سيرجع كافة الفضائع والعنف الذي شهدها العالم الحديث للفكر الثوري الذي أبدعته الثورة الفرنسية، فعمل هذه الثورة بالنسبة إليه "يستنفد عالم القيم، إذاً معنى الوجود". مثل هذا النمط يرصده قرم عند مفكر آخر هو باتريك غنيفي الذي يعتبر أن "المنطق الداخلي للثورة هو الذي يدعو إلى دينامية الإرهاب...". يتابع قرم رصده لهذا الرفض للثورة والأنوار عند مفكرين آخرين كفريدريك روفيوا وألان بزانسون.

في هذا السياق- سياق النقد الجذري للثورة الفرنسية وتراث الأنوار وتحميلهما كافة مسؤوليات العنف والأهوال الحديثة؛ وبمجرد انهيار الاتحاد السوفييتي، تم الاعلان عن "موت الايديولوجيا"، والازدراء بالفكر القومي والثوري، وطبعا: "انتهاء التاريخ". هذا كله لم يكن- في نظر قرم- سوى ولادة لأيديولوجيا حديثة، أيديولوجيا العولمة. يصف قرم هذه الأيديولوجيا بأنها تنطلق من نظرة "جوهرانية" للهوية، أي أن هوية الإنسان هي معطى فطري غير قابل للتبدل والتغير مهما اختلفت الظروف التاريخية والاجتماعية من حوله، أن تولد مسلما، هذا يعني أن تظل مسلما... ومن هنا يعتبر الدين "رحما للهوية"، وأن (عودة الديني) التي تفجرت منذ ثمانينيات القرن العشرين، ليست شيئا سوى عودة الانسان إلى جوهره الأول، عودة حالت دون تحققها الآيديولوجيات القومية والتقدمية المنطلقة من تراث الأنوار. وكما أن الإنسان "كائن ديني"، فهو "كائن اقتصادي". ومن هنا، وتماما كما أدى انهيار النظم الشمولية إلى استعادة الإنسان لجوهره الأصلي... لدينه؛ فإن هذا الانهيار نفسه سيلغي للأبد الأنظمة التي تسمح للدولة بالتدخل في نشاطه الاقتصادي. هكذا يستعيد الإنسان- بعودته إلى دينه، وتحطم القيود المفروضة على ابداعه الاقتصادي؛ يستعيد "طبيعته الأولى"... فطريته. هذه هي البطانة الفلسفية التي ينهض عليها مذهب المحافظين الجدد والمنظرين الجدد لنظام عالمي جديد يتصالح فيه الديني مع الاقتصادي، بكيفية فشلت الفلسفات الانسانية فشلا ذريعا من تحقيقها. ولتحقيق هذه الرؤية لا بد من شن حرب لا هوادة فيها على أعداء الحرية والحضارة، أو بكلمة واحدة: الإرهابيين. ومن هذه الزاوية تجد القوة الأمريكية في هذه الأيديولوجيا تسويغا فكريا واقتصاديا وأخلاقيا، لكل ما تقوم به من حروب... تسويغا يشبهه قرم بالتسويغات القديمة التي قدمت للنازية كي تدافع عن أوروبا من "الخطر البولشيفي" أو الشيوعي. هذا هو النظام الفلسفي الذي سيكرس جورج قرم بقية كتابه لتوضيح مدى تهافت وسطحية أسسه ومقدماته.

يبدأ قرم مشروع نقضه، بالتساؤل: إلى أين يعود نسب أعمال العنف الشمولية الحديثة بشكل دقيق؟ هل تنحصر أصوله – كما يصور فوريه ومن معه- فقط بالثورة الفرنسية وتراث الأنوار؟ وهل هذه الأخيرة منعزلة تماما عما قبلها بحيث يمكن تفسير الثورة بأفكار روسو وفولتير وأعمال الموسوعيين؟ عند هذه الأسئلة يعمل قرم معوله ساردا تاريخا يكاد يكون شبه منسيا من تاريخ أوروبا: تاريخ الحروب الدينية ومحاكم التفتيش وقمع الهرطقات. يقوم قرم في الفصل المعنون بـ "الأنماط الأولية لأشكال العنف الحديثة: الحروب الدينية في أوروبا"، بسرد كافة أشكال العنف والمذابح والحروب التي قامت في أوروبا، مركزا على انجلترا وخصوصا ثورة كروميل التي تم فيها إعدام الملك، مثبتا أنها ثورة دينية بحتة. وعلى طول الفصل يؤكد قرم أنه في كل مرة تم تسييس الدين واستخدامه، حدثت أعمال عنف وحروب. وهو هنا لا يستعيد أطروحات القرن التاسع عشر التي تربط بين العنف والدين ربطا عضويا، فقرم يؤكد أنه "لا يتوجب امتلاك ثقافة واسعة حتى نفهم أن حاجتنا إلى الدين والتسامى صادرة عن خوفنا من الموت، كما أنها صادرة عن حيرتنا الفكرية أمام الكون وأسرار خلقه... إن عالما بلا خالق أو بلا مبدأ تفسيري لحيواتنا الفانية... يثير لدى الكثيرين نفورا كثيرا"، فهو يؤكد أن الدين أمر ضروري للإنسان يلبي حاجته للتسامي... ولكن تبدأ مشاكل الدين عندما "يتمأسس"، عندما يتم استغلاله من قبل أنظمة الحكم، يقول قرم: "الواقع أن الدين، ما إن يتمأسس وينظم ويدار، فهو يصبح تاليا، وبشكل مفارقة، معرضا للترهل التاريخي وفقدان طابع تساميه الأول. فهو حتما يقع فريسة اللعبة السياسية، بمعنى أنظمة الحكم ومؤسسات تسيير المجتمع التي تنهشه". ولا يكتفي قرم فقط بتوضيح أن العنف مورس قبل الثورة الفرنسية وباسم الدين، بل يؤكد أن مذاهبا بروتستانتية كانت "ثورية"، وأخرى كانت تطالب بنوع من "الاشتراكية"... هذه الشعارات التي تم تحميلها وزر كل العنف الحديث وإرجاع نسبها حصرا بالثورة الفرنسية.

بعد هذا، يحاول قرم ربط هذه العودة للديني- والتي يرفض نعتها بـ "عودة"مصرا على أنها استعانة واستغلال للديني- بأزمة هوية يعيشها الغرب منذ انهيار الاتحاد السوفييتي: آخر المحاولات الفاشلة لإيجاد سلطة شرعية سياسية جديدة. وبالاستعانة بآراء حنة أرندت حول أزمة الثقافة، ينتهي قرم في تحليله إلى أن الاستعانة بالديني هو اللجوء النهائي لمحاولة إيجاد سلطة شرعية لهوية حضارية غربية ذات أصول يهودية-مسيحية، في حالة حرب (حضارية) مع عالم منغلق، همجي، إرهابي، لجوء هو بمثابة تعويض "عن فقدان معمم لمصداقية معاني الحياة المجتمعية الخاصة بمختلف مسارات مرحلة ما بعد الحداثة". يذكّر قرم أن القبول بالهوية الدينية ليست ظاهرة حديثة، فقديما تقبلت أوروبا باكستان الإسلامية واسرائيل اليهودية، وفيما بعد إيران الاسلامية... بل أكثر من ذلك، قامت بتوظيف واستغلال الهوية الدينية في معاركها الجيوبولوتيكية إبان الحرب الباردة، خصوصا في إيفاد الشبان العرب والمسلمين إلى أفغانستان لدحر الجيش السوفييتي. ثم يعود للتأكيد على الأهمية المركزية التي باتت تحتلها حادثة المحرقة في الوعي الأوروبي، فهو – أي هذا الوعي- بعد أن يجعل من العنف النازي حدث استثنائي، مغرق في استثنائيته، مرجعا نسبه لتراث الأنوار. يجعل من الاعتراف بأهواله، وإحياء ذكراه، نوع من التأكيد النرجسي لنقاء (الرجل الأبيض) وسموه الأخلاقي، وذلك بفضل توبته من هذه الأهوال التي حدثت في الحرب العالمية الثانية. وبالمحرقة أيضا يبدأ تاريخ العودة للديني، وتماما في عام 1979 عندما سن كارتر رسميا سنة الاحتفاء بذكرى إبادة يهود أوروبا.

بعد ذلك، وفي فصل "الأزمة الدينية والسياسية المزدوجة"، يخلص قرم إلى أن أزمة الحداثة لا يمكن حلها باللجوء إلى الديني، خصوصا الأديان التوحيدية، مرجعا السبب في ذلك للكم الهائل من الوقائع الذى أدى فيها استغلال الحداثة للأديان إلى مفاقمة أزمة هذه الأديان، فهذه الأديان المرتبطة بنصوص مقدسة، تتمزق فورا إلى مذاهب يسعى كل منها لتثبيت فهمه الخاص للنص، وذلك بالاستنجاد بالسياسي الذي سيودي به تحالفه هذا لقمع كل المخالفين للفهم "القويم" مما يستدعي الكثير من العنف والفتن والحروب لا تختلف أبدا عن تلك التي أنتجتها الايديولوجيات العلمانية الحديثة. وبعد هذه الخلاصة ينتقل قرم لهدم الركن الأخير من هذه الأيديولوجيا التي تعتبر استخدام القوة الامريكية، والحروب الامريكية، نوعا من حرب الحضارات، نوعا من الدفاع عن "حضارة الغرب"... ضدا على حضارة الإسلام. يؤكد قرم على عدة قضايا، فأولا الإسلام الذي يصور على أنه حضارة متجانسة، صحيح أنه ساهم في إنشاء حضارة في السابق، لكنه الآن ليس شيئا سوى دين. ويستنكر من إصرار الغرب على التعامل معه كإثنية (فقنبلة باكستان النووية تدعى "إسلامية"ولا يقال نفس الأمر عن صواريخ إسرائيل والهند وغيرها)؛ فهو يؤكد على أنه ليس أكثر من كونه دين، ويستدل على ذلك بعدة أمور منها على سبيل المثال أن معظم دول هذه "الحضارة"هي دول حليفة بالكامل لأمريكا تستعمل أراضيها كقواعد عسكرية، وأن حروبا متعددة نشأت بين هذه الدول نفسها. وثانيا، ينكر قرم وجود نموذجا حضاريا أوحدا هو الغرب، ويبحث في جذور هذا المفهوم منطلقا به من انقسام الكنيسة إلى شرقية وغربية، وقيام الامبراطورية الجرمانية فيما بعد، وقيام حلف الناتو إزاء الاتحاد السوفييتي. يتابع قرم سوق أدلته لتحطيم مقولة "الحضارات"، التي يروج لها هنتنغتون، الحضارات التي قدر لها أن تتحارب وتتصارع، وهو في الوقت الذي يحطم فيه هذا المفهوم يحطم معه المفهوم الآخر الذي يدعو لحوار الحضارات، لأنه من وجهة نظره ينطلق من نفس التصوير المشكوك فيه للواقع.

بعد هذا التفكيك لهذه الأيديولوجيا، يختم قرم كتابه بدعوة لميثاق علماني عالمي، يطالب فيه بإعادة التقدير للتراث الجمهوري الفرنسي، الذي ينظر للإنسان كإنسان باستطاعته التكيف والانخراط دون أن يكون مأسورا بهوية جوهرانية، والذي يقدم مفهوم للمواطنة يرتفع عن تلك التي قدمتها آثينا المحصورة بالمواطنين الأصليين، ورفض مواطنة القادمين والوافدين. ويطالب فيه بالتحرك نحو ممانعة استغلال الديني، وحصر تساؤلات الانسان الوجودية في حيزه الخاص، وكذلك ممانعة اصطناع قوميات حضارية ثم الترويج لشبح التصادم والتحارب فيما بينها. وأخيرا يدعو إلى رد الاعتبار للدولة، وحماية المجتمع الدولي من الوصول إلى حالة "امبراطورية الفوضى".
في رأيي، أن الكتاب يقدم رؤية جديدة، ويعطي تفسيرا أعمق وأضح من التفسيرات التسطيحية التي تروج لنا في الخطابات العامة والأطروحات الإعلامية، لكافة هذه الأحداث العظمى التي تتابع في السنوات الأخيرة. لكن أعتقد أن الكتاب، بقدر الجهد الذي كرسه لتفكيك الآيديولوجيا التي تشرعن لعودة الديني وتستحثه، لم يكرس مثله لشرعنة ضرورة التمسك بتراث فلسفة الأنوار، خصوصا بعد النقد الجذري الموجه له... والسؤال الذي خرجت به بعد إغلاق الكتاب والذي لا أعلم له إجابة: هل على البشرية أن تسلك أحد هذين الطريقين؟
[indent]
09-10-2008, 05:00 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
بهجت غير متصل
الحرية قدرنا.
*****

المشاركات: 7,099
الانضمام: Mar 2002
مشاركة: #42
تأملات حرة .
Array
عزيزي بهجت

أحيانا يكون الأدب هو الوسيلة المثلى في إيصال فكرة ما وربما يتقبلها القارئ او السامع او المشاهد أكثر من بحث أكاديمي بإسلوب علمي متكامل ولذا سأنحو نحو كتابة بعض من المشاهدات الواقعية وإسقاطها على موضوعنا هذا .
.................................
أكتفي هذه الليلة

خالص التحية
[/quote]
الأخ جعفر علي .
تحية طيبة .(f)
أحيانا يكون الأدب هو الوسيلة المثلى في إيصال فكرة ما وربما يتقبلها القارئ او السامع او المشاهد أكثر من بحث أكاديمي بإسلوب علمي متكامل .
من المصادفات الغريبة أن هذه الفكرة تحديدا ألحت علي في الفترة الأخيرة ؟ ، أشعر أني استغرقت كثيرا في التجريدات النظرية ، و ابتعدت أكثر عن التفاصيل الحياتية و الأحاسيس التي يفجرها الأدب الحقيقي ، و لعلني قد شعرت بالغيرة ( الخلاقة ! ) من الإبنة العزيزة بسمة ، عندما قرأت لها موضوعا اليوم تتحدث فيه عن روائي لم أسمع به !، بينما أمضي وقتي كله بين مفكرين يصنعون الفكر المعاصر في الغرب ،و لكنهم إن عمروا العقل فهم يربكونه ،و إن اقتربوا من القلب فهم يجففونه .
سوف أشاركك ذكرياتك أيضا و لكن من الجانب الاخر ، من جانب ثقافتنا المسكينة العرجاء ، إن روايتك عن اليابان تذكرني بروايات ثلاث ، إن افتقدت الطرافة ، فلا تفتقد المعنى و الإيحاء .
الرواية الأولى .. أتذكر أنه عندما أعلنت الولايات المتحدة عن هبوط أرمسترنج على سطح القمر ، كنت أسير في شارع المنيل بالقاهرة متجها إلى المسجد لصلاة الجمعة كأي قروي مؤمن ، و بينما كنت أسير بجوار سور قصر الأمير محمد علي سمعت خطيب المسجد يصيح في الميكرفون بصوت غاضب ، محذرا المسلمين من تصديق مثل هذه الخزعبلات ، مستشهدا بالآيات القرآنية البينات ،و كان يقول أن تلك كلها دعايات الغرب الملحد المسيحي كي يثبط هممنا ، فهو يعلم في كتابه بصدق نبوة محمد و أن أمته ستظهر على كل الأمم و ...وأن الغرب يحاول إثنائنا عما هو فرض علينا من قتاله و قتله و... ، و هكذا بدلا من الذهاب إلى المسجد استقليت الباص إلى وسط البلد و ذهبت مباشرة إلى السينما ، ومنذ ذلك الوقت لا أتذكر أني (عتبت) تلك المساجد إلا كعمل إجتماعي .
الرواية الثانية . جمعني لقاء بزميل حاصل على الدكتوراة في الفيزياء من الدفعات الأحدث ( جيل الصحوة الإسلامية الميمونة ) و يعمل مدرسا بإحدى الجامعات المصرية العريقة ، و لأننا كنا مجموعة كبيرة و الحديث يتشعب بنا إلى مجالات مختلفة يغلب عليها مسامرة الأصدقاء و مداعباتهم ، فلم أتابع ما يقوله زميلنا الشاب ( نسبيا ) حتى كنت على وشك الإنصراف ، عندئذ سمعته يردد بعض العبارات عن السفياني و ما أشبه فاعتقدت أنه يشكو من إنصراف الشباب عن الثقافة الجادة إلى الخرافات ، مثل أحاديث آخر الزمان تلك ، و لكن ما أصابني بالذهول و أعادني إلى مقعدي ما لاحظته عليه من جدية و استرسال في الحديث و متابعة بعض الزملاء له ، و اقتربت منه فوجدته يشرح كيف ستكون نهاية الكون التي يراها وشيكة ، مرددا ما تمتلأ به الكتب التراثية الصفراء ، وراح يفيض في حديثه عن العلامات الصغري ليوم القيامة ، التي يراها قد حدثت بالفعل مثل ارتفاع المباني !، و العلامات الكبرى التي بدأت مقدماتها ، مثل ظهور المسيخ وهو ( الخوميني ) كما يؤكد ، و غير ذلك من السخافات التي يرددها الجهلة ، تمالكت نفسي مستعينا بالتدريبات التي أمارسها في نوادي الحوار ، عندما يلعب البعض ممن تعدهم محترمين دور المهرج على غرة !، و شرعت أحاوره بهدوء مسترشدا بالنظريات العلمية عن نشأة الكون و طبيعته ، و هذا قادني لسؤاله عن رأيه في ما جاء بكتاب ستيفن هوكنج ( الكون في قشرة جوز ) ،و هوكنج - لمن لا يعرف من الزملاء -عالم انجليزي شهير يعرفه كل من له إهتمام بالفيزياء (أو المعرفة عموما) ، خاصة بعد كتابه الأشهر ( تاريخ موجز للزمن ) الذي ظل الأعلى مبيعا لسنوات ، و لكنه أخبرني ببرود أنه لا يعرف هوكنج هذا و لعله أحد اليهود أبناء القردة الذين أواليهم ، مثل اليهودي أينشتين و اليهودي الكافر داروين ( للزملاء أيضا - داروين ليس يهوديا !) ، هذا لم يثبطني فشرعت أحدثه عن نموذج الكون و تطوره ، وصولا إلى نموذج أينشتين ثم النموذح متعدد الأبعاد لهوكنج ، كعادة الإسلاميين لم يكن عالم الفيزياء الورع مستعدا للحوار ، لهذا حسم الأمر قائلا : " أقول لك قال الله و قال الرسول ،وتقول لي هوكنج و أنشتين و ما أدرك إيه ، يا رجل اتق الله و أترك ما أنت فيه من ضلال و أفكار هؤلاء المستكبرين في الأرض ، فلن تبلغوا السماء طولا !" .لم يعد هناك ما يقال فانصرفت مبتسما ، بينما يتمزق قلبي حزنا ، فليس هذا هو المجتمع الذي كرسنا له حياتنا و قاتلنا من أجله بصدورنا العارية .
الرواية الثالثة : هناك واقعة أراها رغم بساطتها طريفة و غريبة ، قرأت موضوعا في نادي الفكر منقولا عن صحيفة عكاظ السعودية ، يتحدث عن قيام مسؤول خطير في السعودية بتفقد الأسواق ، خشية ما يشاع عن غش بول الإبل الذي يستخدم في التداوي ، طبعا كانت التعليقات ساخرة ، و منها ما كتبته عن خشيتي أن يكون غش بول الإبل باستخدام عصير الفواكه ، و على سبيل الدعابة نقلت الخبر إلى موقع حواري ناشيء و نسيته لفترة طويلة ،و لما عدت لتصفح ذلك لموقع ،و جدت موضوع غش بول الإبل يتصدر الموضوعات تعليقا و قراءة ، و لكن ما استرعى انتباهي هي تعليقات طبيب مصري ، فهو يؤكد أهمية بول الإبل و أنه يرتكز في أفكاره على بحوث علمية موثقة صادرة عن جامعة الخرطوم ، حيث أجرى مجموعة من علماء السودان بحوثا طويلة ، أكدت أن بول الإبل هو أهم دواء في العالم لأنه بركة ، و أنه بهذه البركة يعالج كل شيء تقريبا ،و أن التداوي به من الإيمان ،و التشكيك فيه نوع من الكفر و العياذ بالله ، و كان هناك بحمد الله طبيب آخر ، حاول أن يفند هذا الهراء ، مؤكدا أن جامعة الخرطوم ليست مصدرا موثوقا للأبحاث الطبية ، فما كان من طبيبنا المؤمن سوى أن كفره لأنه يوالي جامعات اليهود و النصارى، و يعادي جامعة الخرطوم المؤمنة !، القصة حقيقية تماما ، و معنا في هذا النادي أصدقاء شهود عليها ، بالطبع فمثل هذه الرواية لن يصدقها احد في العالم حولنا ،ولو سمعوا بها لربما طردوا كل الأطباء العرب من الغرب ،وهذا شيء ليس مستبعدا لو استمرت بحوث جامعة الخرطوم و مؤتمرات جامعة القاهرة على أشدها .
يبقى هناك ما يحيرني طالما ذكرنا الأطباء في مصر .. إني أيضا لا أعلم ماهي العلاقة بين الطب و الأصولية و العداء للعلم ، فلي أربع أقرباء يعملون في هيئة التدريس بإحدى كليات الطب ، ثلاث سيدات تحولن إلى الحجاب من النوع الثقيل جدا و الرابع أطلق لحيته ، و هو يعادي كل الأفكار التنويرية بلا استثناء، بل و يسخر من العلوم الطبية نفسها ، حتى أطلقنا عليه أبو جهل !، ربما كان إطلاع الأطباء على ما بداخل أجسام المرضى جعلهم يشاهدون الجان و العفاريت مصدقا لما بين أيديهم من كتاب ! ، كان برنارد شو يقول (إننا لو لم نتخلص من التوراة فستتخلص منا التوارة ) و يمكننا أن نقول شيئا مشابها عن كتب نقدسهاوهي تحيل الخرافات دينا .
(تم إجراء آخر تعديل على هذه المشاركة: 09-06-2009, 02:08 AM بواسطة بهجت.)
09-10-2008, 06:10 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
بهجت غير متصل
الحرية قدرنا.
*****

المشاركات: 7,099
الانضمام: Mar 2002
مشاركة: #43
تأملات حرة .
أحوال ثقافية
( 1 من 4 )
..................
تفضل الأخ جعفر علي فأثرى الشريط ببيانات حول مدى تخلف المسلمين ، و من يتابع تقارير التنمية البشرية الصادرة عن صندوق النقد الدولي و غيره من الهيئات الدولية ، سيجدها تضع الدول الإسلامية بين أكثر دول العالم تخلفا ، إن هذا التخلف ليس ماديا فقط ، بل هو تخلف ثقافي أيضا ، وهذا التخلف الثقافي يمثل أخطر أشكال التخلف من وجهة نظري .
كان لدى العرب ثلاثون مليون أمي قبل خمسين سنة ثم أصبح لديهم اليوم سبعون مليوناً، معظمهم في مصر أول مجتمع بدأ التحديث في العالم العربي ، هذا يعني أنه بدلا من أن يتقدم العرب كغيرهم من شعوب العالم فإنهم يتخلفون ، ومما يزيد الصورة قتامة أن المتعلمين العرب لا يختلفون كثيرا في وعيهم الحضاري عن الأميين ، فالجميع ضحايا لثقافة سمعية ضحلة ، أي أن عقولهم غالبا في آذانهم ولا تذهب إلى العيون ، فالعرب لا يقرأون و لكنهم يعرفون كل شيء ما شاء الله ، سأتوقف هنا مرة أخيرة لأني أفاجئ بتدني فهم منطق اللغة العربية لدى البعض ، أقول لهم هامسا .." تعبير أن العرب لا يقرأون يعني أنهم لا يمارسون القراءة بشكل جدي كغيرهم من الشعوب ،و لكنهم بالطبع يقرأون أخبار سوزان تميم في الصحف و أيضا يقرأون الأوراق الرسمية في العمل !" ، رغم هذه الأمية الثقافية فهناك من يكفر مفكرين لم يقرأ لهم كتابا واحدا ، و هناك من يخون روادا لا يعرف عنهم شيئا ، و هناك من يعتبر نفسه عارفا بالله لأنه قرأ درسا في الدين ، و هكذا يبدوا أن قدرنا هو أن نمضي حياتنا كلها بين أنصاف الأميين .
دعونا نقرأ سويا بعض الأرقام التي تكشف لنا واقع الثقافة العربية من خلف قناع الإدعاء ، إن ما سأعرضه الآن يؤكد بكل لغات العالم أننا - كحداثيين - على صواب في نقدنا للثقافة السائدة .
1- يترجم العرب في العام حوالي 330 كتابا سنويا أي ثلث ما يترجمه اليونانيون ، الذين لا يزيد تعدادهم عن تعداد قطر عربي واحد كالعراق ، و يبلغ معدل ترجمة الكتب حوالي 0.9 كتاب لكل مليون نسمة من العرب سنويا ، بينما تصل النسبة إلى 519 كتاب لكل مليون في المجر و حوالي 920 كتابا لكل مليون في أسبانيا ، و نحن نعرف أن هناك الكثير من المعرفة تنشر بالأسبانية أصلا أي أن حاجة الأسبان للترجمة تقل من حاجة العرب.
2- هل تعلمون أن جميع الكتب المترجمة إلى اللغة العربية منذ عهد المأمون لا تزيد عن 100.000 كتاب ، وهذه الأعداد تعادل بالكاد ما تنتجه دولة مثل أسبانا في العام الواحد ، و أن عدد النسخ الموزعة من روايات كاتب واحد مثل باولو كويلو ، تفوق كل ما يوزعه كتابنا العرب في 30-40 سنة .
3- و أن 12 % من العناوين الصادرة سنويا في العالم العربي هي كتب دينية معظمها كتب شعبية ممتلئة بالخرافات ، بينما لا يزيد المعدل العالمي للكتب الدينية شاملا دولا مثل الدول العربية أيضا عن 4 % مما يعني أن العقل العربي سلفي و يزداد تخلفا .
4- إن عدد الكتب الأدبية و الفنية الصادرة في العالم العربي عام 1996 لم يتجاوز 1945 و هو ما يمثل فقط 0.8% من الإنتاج العالمي ، وهو أقل من إنتاج الكتب المناظرة في تركيا التي يبلغ عدد سكانها ربع الدول العربية .
5- المصريون الذين يبلغ تعدادهم حوالي 75 مليون ، لا يصدرون سنويا سوى 9000 عنوان جديد ، بمعدل120 عنوان لكل مليون نسمة بينما لا يتعدى شعب إسرائيل 6 مليون و لكنه يطبع 20000 عنوان سنويا بمعدل 3333 عنوان لكل مليون نسمة ، أي 28 مرة تقريبا مثل المعدل المصري ، و رغم معدل القراءة المتواضع للمصريين فحوالي 30% من الكتب المنتجة ، هي كتب دينية من النوعية المتدنية التي تتناول موضوعات من عينة زواج الجني من أنسية و علامات الساعة ، بينما لا تتجاوز الكتب العلمية بما في ذلك الجامعية 10 % ، غير ذلك فكتب أدبية و فنية و ... و هذه عادة لا توزع سوى أعدادا محدودة لا تتجاوز 1000 نسخة للعنوان.
و النتيجة .. أن عدد العلماء في إسرائيل يزيد عن عدد العلماء في كل العالم العربي ، ففي إسرائيل 11600 باحث علمي ينتجون 169 بحثا رئيسا بمعدل 37 بحث رئيس لكل مليون نسمة بينما في مصر وهي الأعلى عربيا 3800 باحث تقريبا ينتجون 1 بحث رئيس بمعدل 0.02 بحث رئيسي لكل مليون نسمة ، هكذا نلاحظ فارق النوعية الهائل لصالح العالم الإسرائيلي ، و هذا الفارق يقاس بالإنتاج العلمي المعترف به و المنشور في مجلات علمية دولية محددة في كل نشاط .
و على رأي عمنا نزار جربوا أن تقرأوا كتابا .. أن تكتبوا كتابا
هذا يعني أن المثقف العربي هو عملة نادرة جدا ، ولو وجد فهو كسول و مدعي يثرثر في أشياء كثيرة لم يقرأ عنها شيئا ، و من النادر أن تجد أوروبيا لا يقرأ على الأقل كتابا واحدا في الأسبوع أو حتى في الشهر على أسوأ الفروض ، رغم هذا نجد بطلا قوميا تقام له التماثيل في مصر هو المرحوم صالح سليم ، كان يتباهى بأنه لم يقرأ كتابا واحدا خلال 50 عام منذ تخرجه من كلية التجارة ، ربما كان صالح سليم صريحا و أمينا ، و لكني على ثقة أنه ليس حالة نادرة بل هو الحالة القياسية السائدة بين النخب المصرية .
و للتأملات بقية .
(تم إجراء آخر تعديل على هذه المشاركة: 09-06-2009, 02:11 AM بواسطة بهجت.)
09-12-2008, 10:57 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
بهجت غير متصل
الحرية قدرنا.
*****

المشاركات: 7,099
الانضمام: Mar 2002
مشاركة: #44
تأملات حرة .
إن العالم ليس حقيقة مؤكدة مكتملة الصنع ، و لكنه عمل علينا أن ننجزه .

( 2 من 4 )
..........................

في العصر الحديث تقوم الجامعات بدور الأنبياء و الحكماء و العلماء معا ، لذلك هي قدس أقداس الحضارة وروحها المتوهجة ، و يمكننا الحكم على حضارة المجتمع من حالة جامعاته أكثر من مؤشراته الإقتصادية ، فالمجتمعات المتقدمة هي التي تمتلك الجامعات المستقلة الباحثة المفكرة ، ومازالت بريطانيا تحتل مركزها العالمي المتقدم بكامبريدج و أكسفورد ، و ليس بقوتها العسكرية التي أحيلت للتقاعد ، أما في المجتمعات العربية فالجامعات تعاني من مختلف صور القصور و التخلف ، فلا توجد على سبيل المثال جامعة عربية واحدة مرموقة ولو على المستوى الإفريقي ، ولا تحتل أفضل الجامعات المصرية سوى المرتبة 4500 على سلم التقييم الصيني المتعاطف ، هذه النتيجة ليست بسبب تدني الأداء الحضاري و الثقافي العربي فقط ،و لكنها نتيجة طبيعية تماما للأصولية المتغولة وتفشي التفكير الغيبي الخرافي ، إن الذي يزور الجامعات المصرية الآن لابد أن يصاب بالإكتئاب و الحزن ، خاصة لو قدر له زيارة الجامعات في العالم المتقدم ،و أخطر ما يهدد المؤسسات الجامعية ليس نقص التمويل رغم أهميته ، و لكن بالأساس نقص الحرية .. حرية التفكير و البحث و التعبير ، إن الإسلام الأصولي سيقضي على العلم و جامعاته في العالم العربي ، و كلي خوف أن يكون الوقت الذي يمكننا فيه الهروب من مشنقة الأصولية قد ولى .
و لكن هل نتوقع نتيجة مختلفة ، عندما لا يتوقف حملة الدكتوراه عن تدمير العلم ؟، و هل نتوقع نتيجة مختلفة عندما يكفَر المثقفون الثقافة التي يحملون لوائها كالقرود؟ ، بل ماذا نتوقع أن يحققه العرب و لدينا باحث سعودي # يكفر 200 من ألمع الشعراء و المثقفين العرب ، فتكافأة جامعة الملك عبد العزيز بدرجة الدكتوراة مع مرتبة الشرف ، و هناك زميل له مصري يكفر جريدة عمرها 80 عام هي روز اليوسف فيحصل عن نفس الدرجة العلمية من جامعة الأزهر ، لنتأمل العالمة الجليلة رئيسة قسم علوم الوراثة في كلية جامعية في مصر عندما تنفي علمها بنظرية داروين ، و تقول أنه لو قال بالتطور فهو كافر بالطبع ، و تطالب مزج العلم العصري بالعلم النقلي !، جاهلة أن ذلك ( العلم النقلي ) كان عصريا في زمنه السحيق !. هل يصدق أحد أنه تأصيلا لدورها في البحث العلمي ، أقامت إحدى كليات الطب و تحت إشراف أساتذتها من رواد الصحوة الإسلامية الميمونة مؤتمرا للعلاج من مس الجان ، كما شمل النقاش فوائد التداوي ببول الإبل ، ومن المعروف أن كتب السحر و الخرافة و العفاريت تنتشر بين أيدي الطلبة ،و بعضها يباع في المكتبات داخل الحرم الجامعي ، هذه المعلومات ليست مرسلة و لكنها و لغرابتها و لأني لم أصدقها في البداية طالبت محدثي بمصادره واحتفظت بتوثيقها لدي ، أما جامعة الخرطوم فهي تبذل جهودا جبارة في البحوث العلمية حول فوائد بول الإبل و بركته في الشفاء من الأمراض كلها ، لن أتحدث عن رجل مثل زغلول النجار فهو شكلا وموضوعا نموذج بالغ الفجاجة للتردي الثقافي ، ولن أتحدث عن عشرات غيره ممن يرتزقون بالعبث بالنصوص الدينية و لي رقبتها كي تدر لهم اللبن و العسل و المرسيدس و الفيللا ، فقط أتسائل:" أليس من الطبيعي وهؤلاء علماؤنا أن تنطفأ كل المصابيح ، ولا يبقى منها سوى شموع الوهابية السوداء ، و نيران الحوزة المحرقة؟" .
و هنا أتذكر ما حدث للدكتور مراد وهبة شيخ الفلاسفة المصريين ، و ربما كان المصري الوحيد المعروف عالميا في مجاله ، هو كعالم أصيل يؤمن بأن الفلسفة غير منعزلة عن الحياة ، لهذا استضاف العالم و الفيلسوف ( ماريو بونجيه ) كأستاذ زائر في الكلية التي يعمل بها ، و أعد له قاعة لإلقاء بعض المحاضرات في الفيزياء و لشرح نظريته العلمية ، كان من الطبيعي أن يدعو د . مراد وهبة رئيس قسم الفيزياء في كلية العلوم لحضور المحاضرات و التعليق العلمي عليها ، و لكن هذا الرجل لم يترك لأحد فرصة ، لأنه و منذ بداية المحاضرة انبرى مرعدا ممطرا يكاد يسقط صريعا من الانفعال وهو يصيح : هذه النظرية خاطئة لأنها غير مستمدة من القرآن الكريم ! ، حدثت مشادة بين الأستاذ الزائر و عالم الفيزياء الإسلامية المصري ، فشل خلالها الأستاذ الزائر ضعيف الإيمان إفهام الجهبذ المصري متفجر الإيمان (حتى أنه يطرطش حواليه أحيانا ) أن هناك نظريات علمية لم ترد في الكتب السماوية دون جدوى ، وهكذا أنهيت المحاضرات و على إثرها عاد العالم الفرنسي إلى بلده ، متعجبا أن هناك من يفتي في العلوم بنصوص دينه ، حتى لو كان مصريا حاصلا على الدكتوراه من الإتحاد السوفيتي !، وهكذا أصبح العلماء المصريون في القرن 21 يتعاملون مع العلم بالفتوى و لا يفرقون بين اللولب المزدوج وحلة الفتة !، ولأن د . مراد وهبة طويل النفس و لا يعلم أن العقلية المصرية تصحرت منذ السبعينات ، فإنه لم يتعظ و هكذا عقد بعد قليل سيمنار بالكلية بهدف دراسة أبعاد مشروع تقدم به إلى الجامعة ووزارة التربية و التعليم عن الإبداع و التعليم العام ، بعد فترة قصيرة فوجيء مراد وهبة بالعميد يطلب منه إغلاق السمنار ، لأن الأساتذة الأفاضل حملة مشعل العلم و التنوير معترضون بشدة ، و أنهم يرون الدعوة للإبداع ما هي إلا دعوة للإلحاد ، و بالتالي هي ضد مبدأ لا إله إلا الله الذي عليه يعيشون و به يموتون ، و عليه يبعثون مع المساكين إن شاء الله .
هناك أيضا قصة الأستاذ المصري المدرس بكلية التربية ، طلب هذا الأستاذ من طلاب البكالوريوس إعداد بحث دراسي عن حضارة الفراعنة ، و كانت دهشة المعلم بالغة عندما وجد أن الطالب الجامعي النبيه يذكر أن الفراعنة من جنس العماليق البائدة لا يقل طول أحدهم عن 40 مترا حتى أنه يشوي السمك بحرارة الشمس ، و أن عمر أحدهم لا يقل عن 200 عام و بعضهم يصل من العمر أرذله ، و عند مناقشة الطالب أبرز له مراجعا دينية معروفة و بعضها يدرس في جامعة الأزهر ، وعندما سأل الأستاذ تلميذه إذا كان يزور المتحف المصري و هل شاهد التوابيت هناك و عددها يناهز 10 توابيت معروضة للجمهور و كلها تؤكد أن الفراعنة كانوا يميلون للقصر ، أجابه الطالب ألا علاقة له بالكفرة هؤلاء ،و أنه يكره الفراعنة و حضارتهم المزعومة لأنهم ( زعلوا سيدنا موسى ) .
# إذا تناول الإنسان تبنا فلا نعجب أن ينهق كالحمار ،هذا ما يفعله التكفيريون الذي لا يكفون عن تناول مختلف أنواع علف الحيوانات ، فلو قدم الباحث المشار إليه و يدعى سعيد بن ناصر الغامدي رسالته تلك إلى أي جامعة في مجتمع آخر ، لأودعوه مستشفى الأمراض العقلية ، و لكن جامعة الملك عبد العزيز أجازت رسالته و بها حصل على درجة الدكتوراة بامتياز في العقيدة والمذاهب المعاصرة ،وهو حاليا يعمل أستاذا في نفس الجامعة ، في رسالته يصم هذا الباحث السعودي الجهبذ 200 من أشهر المبدعين العرب بمجموعة من التهم الشنيعة ليس منها الإلحاد و الكفر و الزندقة فقط ، و لكنها تشمل أيضا بافة من التهم الفاحشة كالفساد و الإنحلال الخلقي و عبادة الشهوات و غيرها من الموبقات ، سعيد هذا منتج طبيعي لثقافته الوهابية التي تكفر المخالف ، فهو لا يختلف في شيء عن ابن لادن و غيره من الإرهابيين فقط هو لا يستخدم الرصاص لتدمير الحضارة و الحياة و لكنه يستحدم الكلمات ، هو رجل كريم لا تقتصر شتائمه على بلد دون آخر أو عصر بعينه، فالكل عنده كفرة فسقة ، قائمته طويلة خصبة ممتلئة ، تشمل ساسة بوزن محمد علي باشا و جمال عبد الناصر ، و مفكرين كبار مثل رفاعة رافع الطهطاوي وطه حسين و أحمد لطفي السيد ، حظى الشعراء بأكبر قدر من شتائم الباحث السعودي المهرج ، فصلاح عبد الصبور كافر مات في ليلة رقص و خمر و عربدة ، و لم يفته الشماتة في أمل دنقل الذي مات بالسرطان لأنه متشكك و كافر في رأيه ، كأن النبي نفسه لم يمت بانفجار الزائدة الدودية ، و أن كثيرا من كبار رجال الدين ماتوا بالسرطان أيضا ، لا يعرف هذا المهرج الإقليمية في كراهيته ، فهو يلعن نزار قباني كعابد للجنس و عاشق للنساء و ملابسهن الداخلية ( أليس هذا أفضل من عشق الغلمان؟) ، و يشمل بكراهيته أيضا أدونيس و محمود درويش و محمد أركون و جابر عصفور ، حظى نجيب محفوظ بنصيب الأسد من شتائم الغامدي ، فهو في رأيه متقلب و زنديق و ملحد ، لم ينس الغامدي المرأة فانهال سبا و لعنا على أم رأس نوال السعداوي ، و كثير من الأديبات اللائي لا يقرن في بيوتهن طلبا للإحليل ، و لكنهن يستخدمن عقولهن أيضا و يتبرجن تبرج الجاهلية . هذه البلاهة موجودة في كل مكان خاصة في المصحات العقلية ، و لكن قائلها يضرب بالنعال ولا يحصل على درجة الكتوراة، سوى في بعض المجتمعات الإسلامية شديدة التخلف !.[/size]
(تم إجراء آخر تعديل على هذه المشاركة: 09-06-2009, 02:10 AM بواسطة بهجت.)
09-13-2008, 03:19 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
نسمه عطرة غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 11,293
الانضمام: Jan 2005
مشاركة: #45
تأملات حرة .
قرأت ما خطت يا سيد بهجت عن الحالة التعليمية في الجامعات المصرية
والتي بعثت بنفسي الهم والغم ,, زيادة عما أنا به حاليا :brock:
ومنذ أمس وأنا أشاهد وأتابع السيرك الفرنسي ( الديني ) المنصوب حاليا في عاصمة النور والجمال
وأساس العلمانية في العالم الحر
وأنت تشاهد هذا السيرك الديني الكاثوليكي وهو يطل برأسه بشدة
وحينما تفاجأ بأن ظهرت " حالة التدين " على الشعب الفرنسي
وأنا التي أعلم جيدا درجة ايمانهم من عدمها
الا أن الحكاية نسخة طبق الأصل من ماتش كورة قدم سيئة للغاية
فزيارة هذا " البابا " لفرنسا بهذا الزخم الاعلامي والهالة لهي نابعة من قصور عقل وتدني فكر
من على رأس هذا البلد في هذا التوقيت
فانه يريد أن يرد بخيبة " ايمانية " على المد للهوس الديني في العالم المسلم والذي وصل الى أحشاء بلده
وبدلا من أن يعالج هذا الأمر بحكمة وسعة أفق وبتكريس العلم والعلماء وانجازاتهم المذهلة
تبجح أمس بالقول بأن العلمانية الفرنسية لا تتعارض مع الدين ...!!!!
ونسي السيد " البابا " يشد من اذن كارلا ويقل لها عيب صورك العارية تماما يتسلى بها المراهقون والعوام بكل مكان ,,,,,,,,,,,

يا سيد بهجت
العالم أصبح يتاجر بالأديان فهي أسهل الطرق وأكثر كسبا ماليا ومعنويا ولا تحتاج الى مجهود يذكر
سوى الاستعانة بعامل التخويف والترهيب من غضب الرب
فاذا أردت أن تسيطر على الآخر عليك الاستعانة بهذا السلاح الجبار الذي أسمه الخوف من الله
والكل أصبح عليم بهذا الأمر
.
انتهى
09-13-2008, 06:00 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
بهجت غير متصل
الحرية قدرنا.
*****

المشاركات: 7,099
الانضمام: Mar 2002
مشاركة: #46
تأملات حرة .
و أنت تعد فطورك فكر بغيرك
( لا تنس قوت الحمام ) .
و أنت تخوض حروبك فكر بغيرك
( لا تنس من يطلبون السلام )
و أنت تسدد فاتورة الماء فكر بغيرك .
( من يرضعون الغمام ) .
محمود درويش – كزهر اللوز أو أبعد .

Array


مرحبا عزيزي بهجت...
لقد أسأت فهمك، ولعل السبب أني لم أدرك أن هذا الموضوع حلقة ضمن سلسلة، وبعد توضيحك، أجدني لا أختلف عنك كثيرا.
يبقى السؤال هو التالي:

لماذا ينجر العالم كله، بكافة أطيافه - تحت مسمى "العودة إلى الجذور"- للتمسك بالهوية الدينية وإبرازها؟
كيف عاد الدين بهذه القوة بعد أن عاش العالم أكثر من سبعين سنة دون إله؟ فالحرب العالمية الأولي والحرب العالمية الثانية والحرب الباردة وثورات الاستقلال الوطنية وكافة الحركات التحررية، كانت كلها لا تصدر أبدا عن أي هوية دينية. ما السر وراء هذه العودة؟

جورج قرم، أحد الذين طرحوا إجابة على هذا السؤال في كتابه "المسألة الدينية في القرن الواحد والعشرين"... وسأثبت هذه القراءة التي كتبتها قبل عدة أشهر عن هذا الكتاب، لعلها تكون خادمة لك في ما تبغيه:


............................................
التي تشرعن لعودة الديني وتستحثه، لم يكرس مثله لشرعنة ضرورة التمسك بتراث فلسفة الأنوار، خصوصا بعد النقد الجذري الموجه له... والسؤال الذي خرجت به بعد إغلاق الكتاب والذي لا أعلم له إجابة: هل على البشرية أن تسلك أحد هذين الطريقين؟[/size] [/indent] [indent]
[/quote]

الزميل المحترم العاقل .:97:
خالص تقديري .
قرأت بدقة العرض الذي قدمته لكتاب جورج قرم "المسألة الدينية في القرن الواحد والعشرين"، و هناك عرض آخر للكتاب وجدته منشورا في مجلة العربي (عدد أكتوبر 2007 ) ، و لكنه يقف شامخا مع غيره من القراءات المؤجلة !، من الواضح أن هناك تقارب بين موضوع الكتاب ، و ما أحاول عرضه منذ 3 أشهر تقريبا ، و هو رفض أن يكون العالم مجرد فيدرالية أديان و طوائف ، و أن نشرع بحماس في تطوير نموذج بديل أكثر إنسانية و حضارة ، يرسخ فكرة الهويات المتعددة المتداخلة للجنس البشري ، أما عن عودة الخطاب الديني ، فقد طرحته في موضوع منفصل هو (عودة (المقدس) ., حوار في السياسة الدولية ) .
هنـــــــــــــــــــا
الشريط يتبنى موقفا سلبيا من عودة الصيغ المقدسة إلى الخطاب العام ،و يرى أن عودة المقدس يعكس أزمات حقيقية في النظام السياسي العالمي ، خاصة في تطبيق فكرة الدولة القومية ، و هذه الفكرة كما نعلم هي أساس هذا النظام كله ، فتعميم نموذج الدولة القومية بعناصرها التاريخية ( الإقليم و السيادة و الأمن ) ، هو الذي أدى إلى تقسيم العالم إلى أجزاء مؤسسية شرعية ذات سيادة و متشابهة تنظيميا ،هذه الأزمات تفاقمت نتيجة تضافر عوامل عديدة ربما أهمها :
1- نقص عناصر ثقافية مطلوبة في فهم و استيعاب مفهوم الدولة في المجتمعات النامية خاصة في المجتمعات الإسلامية .
2- ظاهرة الاستيلاب الثقافي حيث يصبح البشر عبيدا لنصوص دينية و يعاملون كمجرد أشياء .
3- الإحباطات نتيجة عدم تحقق التوقعات من عمليات التنمية ، و انتقال كثير من شرائح البرجوازية الصغرى إلى نوعية معيشة البروليتاريا و تهديد شبح الفقر لها .
كل هذا يؤدي إلى عملية مراجعة واسعة في الجماعات القائمة ، و يقود إلى نزع الطاعة عن السلطة المدنية و التشهير بها كسلطة فاسدة أو عميلة ، و هنا يعود المقدس من بياته التاريخي الطويل ليقوم بدور منبع الإنتماء و مخزون الشرعية المفتقدة ،هذا الإنتماء ليس جديدا أو حتى من طبيعة دينية .
لكنه يعكس الرغبة في صناعة لاعبين جدد يزرعون الأمل في الحياة العامة ،ولو في سياقات فوضوية و بدون مشروعات عقلانية واضحة ، بل لم تعد العقلانية معيارا مقبولا من الجميع ،و لكنها تخلي عرشها للدوجما و الشعارات و النصوص الغيبية و شراحها .
إن المقدس يقدم ثقافة بديلة مضادة للعقلانية بل تقصيها ،وهو يرسخ بالتالي في عقول الجماهير صورة المجتمع الذي يقوم بصياغته وفقا لمعايره هو ، و تكون عودة المقدس أنجح ما يمكن في المجتمعات التي تنتشر بها ظاهرة الإستلاب الثقافي ،و حينما يزداد الإقصاء لأكبر عدد من المواطنين خاصة الذين يعيشون في العشوائيات على حدود المدن الفقيرة .
لعلنا نتفق أن التلاعب بالرموز الدينية يزدهر عندما تتلاقح الإحباطات الداخلية مع التحديات الخارجية ، وهذا ما يحدث في كل ماكان من العالم الثالث خاصة المجتمعات الإسلامية ، هذه المجتمعات تشرع في إعادة بناء ما يمكن أن يكون المتلازمات الإجتماعية للبنى الدينية السلفية ، كما أن عودة المقدس لا تقتصر على أتباع عقيدة دون أخرى ، فالمقدس المسيحي مثله مثل الإسلامي و الهندوسي قد استفاد من التقاء الأزمات الداخلية و الخارجية على السواء و الفوضى الضارية في النظام الدولي ،
و النتيجة هي اتساع عدد اللاعبين الدوليين الذين يتمتعون بقوة و نفوذ كبيرين خارج إطار الدولة ،وهم في هذا يستفيدون من حركة ( العودة إلى المقدس ) ، هذا الإتساع الفوضوي في عدد اللاعبين يجعل من الصعب حتى متابعتهم ، و يزيد بالتالي من حدة المشاكل و تفجرها وشيوع الفوضى في العلاقات الدولية و غياب قواعد معروفة و عقلانية للعبة الدولية ،ومع إنتشار أسلحة التدمير الشامل بما في ذلك السلاح النووي سيكون الإنفلات التنظيمي مرادفا لتدمير البشرية . إن طغيان الخطاب الديني له تأثيرات مدمرة على الحياة العامة فهو :
1. ينحي الولاء الوطني إلى الظل و يعطي الأفضلية للتكافلات الدينية عبر القومية ، و أوضح مثال لذلك هو الصهيونية التي تجعل القومية دينية المحتوى غير مرتبطة بالأرض ، فاليهودي الفرنسي ينتمي لشعب آخر مركزه في فلسطين ، و لا تمثل فرنسا له سوى مجرد مكان جغرافي لا يحمل لها مشاعر الإنتماء ، مع شيوع هذا الخطاب فالشيعي اللبناني لن يكون لبنانيا ، بل سيكون فقط شيعيا ينتمي لفضاء لا يحده سوى التجمعات الشيعية حول العالم ،و هكذا .. و هكذا .
2. تحويل نظام الإتفاق الحر بين المجتمعات إلى نظام سيادة مبدأ المقدس ، و بدلا عن محاولة ارتياد أفاق مشتركة جديدة بين الفرقاء سيحاول كل أن يخضع الآخر لمقدسه الخاص و المختلف بالتأكيد عن مقدسات من يتم إخضاعه ،وهذا يعني سيادة مبدأ القوة و الإرغام في العلاقات الدولية .
3. تحويل النسق البشري المرن إلى نسق ميتافيزيقي مصمت ، مما ينهي أي إمكانية لحوار حقيقي بل الشعوب و الثقافات .
4. ديمومة النزاعات الدولية و تفاقمها و استبعاد التفاوض كأداة لحلها ،وهذا ما يحدث بالفعل في القضية الفلسطينية نتيجة شرعية حماس كممثل للشعب الفلسطيني خلال صناديق الإنتخاب .
5. اللاتسيس أي خروج الأفراد طوعيا من الفضاء السياسي كما يفعل الصوفيون مثلا ، وهو ما حدث لأقباط مصر نتيجة شيوع الخطاب الديني الإحيائي في الكنيسة الأرثوذكسية ،وهذا ما يحدث أيضا لماروني لبنان .
6. إعادة تشكيل النظام الدولي على أسس من الفوضى الشاملة ، تعرقل بل تمنع وضع هياكل تمثيلية قابلة للتعايش ، فالمنطق الدولي يقوم على عدد محدود من الممثلين الشرعيين يمكنهم الوصول إلى نتائج عملية، بينما يتسع المنطق الديني إلى عدد لا نهائي من اللاعبين الدوليين ، الذين لا يخضع أي منهم سوى لمنطقه الداخلي بدون أي مرجعية عقلانية مشتركة .
7. تحويل كلي لمفهوم الدولة من النموذج القومي المتماسك إلى كيان هلامي متعدد الثقافات و المرجعيات ، وهذا يحدث بالفعل في دول مثل العراق و لبنان و السودان و بشكل أقل حده في باقي الدول العربية .
8. الإنفجارات الإجتماعية نتيجة تعدد و تناقض الإنتماءات و ثأرها التاريخي .
خالص نقديري .
(تم إجراء آخر تعديل على هذه المشاركة: 09-13-2008, 11:00 PM بواسطة بهجت.)
09-13-2008, 10:56 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
بهجت غير متصل
الحرية قدرنا.
*****

المشاركات: 7,099
الانضمام: Mar 2002
مشاركة: #47
تأملات حرة .
Array
.....................................
ومنذ أمس وأنا أشاهد وأتابع السيرك الفرنسي ( الديني ) المنصوب حاليا في عاصمة النور والجمال
وأساس العلمانية في العالم الحر
وأنت تشاهد هذا السيرك الديني الكاثوليكي وهو يطل برأسه بشدة
وحينما تفاجأ بأن ظهرت " حالة التدين " على الشعب الفرنسي
وأنا التي أعلم جيدا درجة ايمانهم من عدمها
الا أن الحكاية نسخة طبق الأصل من ماتش كورة قدم سيئة للغاية
فزيارة هذا " البابا " لفرنسا بهذا الزخم الاعلامي والهالة لهي نابعة من قصور عقل وتدني فكر
من على رأس هذا البلد في هذا التوقيت
فانه يريد أن يرد بخيبة " ايمانية " على المد للهوس الديني في العالم المسلم والذي وصل الى أحشاء بلده
وبدلا من أن يعالج هذا الأمر بحكمة وسعة أفق وبتكريس العلم والعلماء وانجازاتهم المذهلة
تبجح أمس بالقول بأن العلمانية الفرنسية لا تتعارض مع الدين ...!!!!
ونسي السيد " البابا " يشد من اذن كارلا ويقل لها عيب صورك العارية تماما يتسلى بها المراهقون والعوام بكل مكان ,,,,,,,,,,,
.....................................
.
انتهى
الزميلة المحترمة نسمه عطرة .
في الحقيقة لدي بعض الأفكار البسيطة عن مستقبل الدين في الغرب ، هذه الأفكار وليدة قراءات و ليست وليدة متابعة للحياة اليومية ، و بالتالي فهي تحتمل الصواب كما تحتمل الأفكار الصواب ، أي الصواب العام و على مدى زمني طويل ، و ليس الصواب المطلق في كل لحظة و كل مكان ، فالتاريخ لا يسير في خطوط مستقيمة ، و لكنه يسير في خطوط متعرجة و يغير مساره باستمرار ، و بالتالي لا يمكن التنبؤ بمساره ، و لهذا فمن المربك مراقبة الأحداث لأنها تخالف توقعاتنا الصائبة دائما !.
أرى أن العولمة و على عكس المتوقع تؤدي إلى تنشيط الروح الدينية ،و لكنها تغير أيضا مجال عمل الدين ، فالدين في الغرب لم يعد مصدرا للمعرفة ، أو مخزونا للشرعية و مستودعا للتشريعات ، و لكن الدين يجري استدعاؤه مرة أخرى إلى الحياة العامة ، كي يشارك في الإجابة على مجموعة جديدة من القضايا الأخلاقية ، مثل تأسيس منظومات أخلاقية جديدة و الإستنساخ و أخلاق البيئة ( الإيكولوجية ) و ..، وهو في ذلك يختلف عن دور الدين في العالم الثالث ، حيث يجري تسويق الدين كهوية انفرادية و مرجعية معرفية ، تهيمن على الحياة العامة بكافة مفاصلها المادية و الروحية ، إن المسيح يقوم بوظيفة حيوية في شوارع أوروبا و أمريكا ، فهو يقوم باسعاد الناس و مواساتهم ، وهو يفعل ذلك باتقان و بتكلفة محدودة ، و بالتالي لن يشكل خطرا على أحد ، خاصة أنه تقاعد عن ممارسة الوظائف السيادية منذ زمن طويل ، فالآلهة طيبون جدا عندما يمسحون على جبين المرضى و المحبطين ،و لكنهم يكونون في منتهى الخطورة عندما يذهبون إلى أماكن مثل الإليزيه أو البيت الأبيض و الجمعية الوطنية الفرنسية و البنتاجون ،لا يوجد ما يخيف في استعراض البابا للجماهير المؤمنة في الشانزليزيه ، الخطورة كلها هي فيمن يستعرض الجيوش ولو في حواري مظلمة ، كما يفعل حسن نصرالله و اسماعيل هنيه ، فعندما تلتقي العمامة بالكلاشينكوف تنهال المصائب .
لا أرى أيضا سببا كي يوبخ البابا كارلا على جسدها الجميل ، بل يجب أن يهنأها عليه بلا ضغينة ، هكذا يفعل ظل المسيح على الأرض ، فالمسيح الذي وهب المرأة كل تلك الدوائر ، عليه ألا يعاقبها عما وهب .
كل تقدير .
(تم إجراء آخر تعديل على هذه المشاركة: 09-06-2009, 02:11 AM بواسطة بهجت.)
09-14-2008, 05:42 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
بهجت غير متصل
الحرية قدرنا.
*****

المشاركات: 7,099
الانضمام: Mar 2002
مشاركة: #48
تأملات حرة .
( 3 من 4 )
............................................
تم تصحيحها في مداخلة كاملة
(تم إجراء آخر تعديل على هذه المشاركة: 09-06-2009, 02:15 AM بواسطة بهجت.)
09-16-2008, 02:15 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
بهجت غير متصل
الحرية قدرنا.
*****

المشاركات: 7,099
الانضمام: Mar 2002
مشاركة: #49
تأملات حرة .
مداخلة مكررة و معادة .
كان من الواجب حذفها .
(تم إجراء آخر تعديل على هذه المشاركة: 09-06-2009, 02:14 AM بواسطة بهجت.)
09-16-2008, 02:15 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
بهجت غير متصل
الحرية قدرنا.
*****

المشاركات: 7,099
الانضمام: Mar 2002
مشاركة: #50
تأملات حرة .
( 3 من 4 )
........................
عبرت دائما عن اعتقادي أن النخب العربية ، هي السبب الرئيسي في الضياع و التخلف الذي يعيش فيه العرب ، فتلك النخب التي تتحكم في مفاصل المجتمعات العربية ، إما إقطاعية عشائرية أو عسكرية ديكتاتورية أو دينية سلفية ، أما نخب البرجوازية المتعلمة فعادة ما تكون جماعات هامشية ، هذا التهميش يدفعها إلى توظيف إمكانياتها في خدمة مختلف الإتجاهات و المصالح المتناقضة ، متخلية عن دورها التقليدي في صناعة النهضة ، هذه النخب لا تتوقف عن بيع الوهم للشعوب ، و استيلاب وعيها بزعم اليقظة الإسلامية الموهومة ، إن الأصولية المغيبة أصبحت الآن النموذج الثقافي السائد و أكاد أقول الوحيد .
إن الأصولية و الطائفية الدينية و التمايز العرقي و العشائرى و الشوفينية الوطنية ، كلها أنواع من الأفيون الذي يدمر الوعي و يقتل الثقافة و العلم في العالم الثالث المتخلف ( النامي للتجمل ) ، وهنا تحديدا يبرز الدور المحوري للمثقف البرجوازي في صناعة التنوير ، و لكن هذا الدور لا يجد من يقوم به في المجتمعات العربية لهذا نتدهور بإستمرار ، هذه هي قناعتي فحتى الحركات السياسية التي قادها مثقفون ، مثل الليبرالية المصرية ما قبل 1952 ، كذلك حركة القومية العربية ممثلة في نموذجها الأشهر (حزب البعث) سرعان ما استولى عليها العسكر ، و حولوها إلى تنظيمات ثم انظمة فاشية ، و أخذوا يمارسون باسمها الفساد و القهر ، موازيا لتلك السلبية ، أخذت الثقافة تتحول من كونها منتجا فرديا مستقلا إلى عمل مؤسساتي ، و هكذا أصبح النسق الوظيفي للناشط السياسي ، مستقلا عن النسق الوظيفي للمثقف الذي يقتصر دوره على إنتاج الأفكار ، وفقا لهذا التصور يمكن أن يرى بعض الزملاء أنني سأكون متناقضا ، عندما أتعامل مع المثقفين كطبقة أو جماعة ذات رسالة حضارية ، تتميز عن غيرها بالطابع التبشيري الرسولي ، نعم من المبالغة أن نتوقع من المثقف المصري مثلا ، أن يبقى وحده مجسدا للقيم المثالية للمثقف الإنساني عالمي الرسالة، تلك القيم المهجورة ، و لكني لا أطالب بهذا النموذج ، فقط أتوقع الحد الأدنى المقبول للمثقف ، فمازال المثقفون يشكلون مجموعات متميزة داخل المجتمعات المتطورة حتى في أشدها حداثة ، و لعل بعضنا مازال يتذكر الرسائل العلنية المتبادلة بين المثقفين الأمريكيين و الألمان قبل غزو العراق ، فمع بروز تحديات ثقافية كبرى يشعر المثقفون في المجتمعات الحية أن هناك رسالة ثقافية عليهم توجيهها إلى الآخرين ، و أنهم في ذلك يعبرون عن الضمير الجمعي للمجتمع الذي يجسدون نموذجه الأرقى ، أذكر كنموذج البيان الذي أصدره 59 من المثقفين الليبراليين العرب ينتمون إلى 11 دولة عربية بعنوان ( ليبراليون عرب: صرخة ضد التبسيط) وهو البيان الرافض ربط الليبرالية بالسياسات الأمريكية ، هذا البيان كان في جوهره يعكس إحساسا بوجود كيان ثقافي ليبرالي عربي ولو في حده الأدنى أيضا .
دعونا نسأل الآن .. ماهي فرصة المفكر التنويري العربي في نشر أفكاره ، بل ما هي فرص تكوين الفكر التنويري من الأساس ؟، الإجابة هي .. تقريبا لا شيء ، فليس هناك قوى محلية أو دولية تدعم الفكر التنويري و تحميه ، كما لا توجد مؤسسات إعلامية قوية تنشره ، ماذا يدفع أي كاتب محترف كي يعرض نفسه للتكفير و تدمير مستقبله المهني ، ناهيك عن تهكمات الرعاع و الجهلة و ربما الإعتداءات الإجرامية ، و في النهاية لن يجد ما يسد به رمقه ؟ ، في الجانب الآخر يمكن حتى لمتوسط الموهبة إحراز نجاحات مرموقة و دخلا مرتفعا ، بمجرد أن يعلن توبته على يد النبي في الرؤية المباركة إن شاء الله ، ثم يبدأ في ترويج الفكر الوهابي الإخواني ، ما أيسر هذا كله على أي إنسان متدني الموهبة يجيد القراءة و الكتابة لا غير ، لهذا لا نعجب أن يتحول الناشط الماركسي الرفيق محمد عمارة إلى المفكر الإسلامي الشيخ محمد عمارة ، حتى الكاتب الذي يكتب في الصحف المصرية المحلية تكون عينه ( مفنجلة ) على صحف الخليج ، و بالتالي يحاول أن يتفادى القائمة السوداء و يتمسك بقائمة المكافآت ، بل هب أن هذا الكاتب الفدائي قد وجد فعلا فأين يكتب أو ينشر أفكاره ؟.
في مصر كغيرها من المجتمعات العربية توجد مجموعة من المثقفين المستنيرين ، و لكن لا توجد حركة تنويرية من أي نوع سواء خاملة أو نشطة ، إن المفكر المستنير يتمتع بمنتجات الحضارة و لكنه يراها امتيازا لا يلائم العامة ، أما التنويري فهو ناشط ثقافي يرى أن واجبه نشر الفكر التنويري ، و هذا التنويري لا يمكن أن يعمل مستقلا ، بل لابد أن ينشط في إطار منظومة ثقافية فاعلة ، وهي غير موجودة نهائيا في العالم العربي ، التنويريون لدينا يعدون على أصابع اليد وغالبا من الهواة، يمارسون مهنا خارج دائرة الإعلام، إنهم يتصدون لعرض الفكر التنويري بشكل تطوعي ، و بدافع وطني إستجابة لنداء الضمير لا غير ، وهكذا فالتنوير يتم خلال ثقب إبرة كما عبر بحق د. رفعت السعيد في كتابه الذي يحمل نفس العنوان ( التنوير من ثقب إبرة ) ، إن الذي يبحث عن مكسب مادي أو موقع سياسي أو منصب كبير لن يفكر أبدا في الإرتباط بالفكر التنويري ، و لكنه سيتفرغ للحديث عن القيم التقليدية و الأخلاق الشعبية و الدين المظهري الطقوسي ، و أن الحجاب فريضة إسلامية و أن الإسلام دين و دولة .. مصحف و سيف .. الخ ،و بالقطع لن ينسى الداعية الإسلامي المجيد أن يلعن داروين و نظريته النجسة ، و أينشتين و نسبيته الشيطانية، وفولتير العاهر بن العاهرة !.
و حتى الإنجازات الثقافية النادرة ندرة العنقاء و الخل الوفي يتم فورا تفريغها من المحتوى ، ففي عام 1990 أعلن عن تشكيل المجلس الأعلى للثقافة برئاسة وزير الثقافة ، يتكون المجلس من 20 لجنة بكل منها 20 عضو من كبار المثقفين العاملين في نفس المجال إضافة إلى أمانة عامة مشكلة من 50 عضو ، و منذ إنشائه و إلى وقت قريب كان د . جابر عصفور يقوم بدور أمينه العام ، من المفترض أن يقوم المجلس بالتعبير عن طبقة الإنتليجنسيا و قيادة الحركة الثقافية في مصر، في مواجهة الخطاب الأصولي ، و لكن هل قام المجلس بدوره المأمول ، بل ما هي محصلة هذا الحشد من المثقفين المصريين ؟، الإجابة هي لا شيء كبيرة بكبر مأساة الثقافة المصرية ، يؤمن المجلس الأعلى بالحكمة أولاد البلد القديمة أن (الجبن سيد الأخلاق) ، فلا نذكر له موقفا جديرا بالإحترام في أي تحد واجه المثقفين المصريين ، بما في ذلك الحرب الشرسة ضد رئيسه بشأن قضية الحجاب ، لم نسمع للمجلس صوتا استنكارا لجريمة بحجم إغتيال فرج فوده و هي الجريمة التي حركت المثقفين العرب في كل مكان حتى أولئك المخالفين لتوجهات المثقف الشهيد ، و لكن أشباه المثقفين في مصر و مجلسها الأعلى للثقافة ، كانوا ما يزالون يجففون سراويلهم التي أبتلت فزعا من رأس الذئب الطائر ، لم يحرك المجلس ساكنا عند الإعتداء على نجيب محفوظ ، الذي لا يتوقف مثقفونا الأشاوس عن محاولة التكسب مستغلين اسمه ، و إذا كان المجلس يجد مبررا للجبن في مواجهة خناجر الإسلاميين و رصاصهم الطاهر المتوضأ ، فما هي حجتهم في الصمت حيال قضية نصر حامد أبو زيد ، التي كانت من التجاوز لأي معايير حضارية ، أن أصدرت جامعة دمشق بيانا تندد فيه بالقضاء المصري ، و تدينه في مشهد غير مسبوق ولا متبوع .. وليمة أعشاب البحر و روايات الثقافة الجماهيرية المصادرة ، بل سلسلة المصادرات التي لا تنتهي بناء على ضغوط الأزهر ، و متاجري جماعة الإخوان المحظورة ، تلك المصادرات التي أصبحت معتادة ، والتي تدنت لتصبح أشبه بالمهزلة و المسخرة ، لتشمل أعمالا تراثية مثل روايات ألف ليلة و ليلة تلك التي علمت أوروبا فن الرواية !، كل ذلك لم يخرج المجلس الجبان عن صمته ولم يعلمه الكلام ، لم يتحرك المجلس سواء خلال رئيسه أو أعضائه للتعبير .. مجرد التعبير عن عدم رضائه عن تدمير الثقافة، و انتهاك المثقفين بهذا الشكل الفج ، حتى البغل يرفس إذا غضب و لكن المجلس المثقف لا يغضب ولا يرفس .
بعيدا عن تقييم الفترات التاريخية التي مرت بها السياسة المصرية ، يمكن للعين المدققة أن ترى تهاوي الدور القيادي للمثقف المصري في إدارة المجتمع منذ انقلاب عام 1952 ، فمع اندلاع الثورة المباركة تحول المثقف من قائد للعمل العام إلى مجرد تابع و مروج ( أو مهرج ) سياسي ، و بالتالي إلى موظف في آلية إنتاج الخداع أو التوجيه و الإرشاد في أرق العبارات الممكنة ، حتى لا يكون كلاما مرسلا علينا أن نقارن بين قيادات الأحزاب السياسية المصرية الآن و في عهدها الليبرالي قبل 1952 ، و لكن دعونا نتوقف أولآ و نسأل هل هناك إسم واحد من قيادات العمل السياسي بعد انقلاب 1952 يمكن أن نطلق عليها وصف الثقافة ، دون أن نكون مخاصمين للحقيقة حتى في أكثر صورها تساهلا ؟.
1. سعد زغلول كما وصفه المندوب السامي الإنجليزي (وينجت) هو زعيم الزعماء ،ويعرف معظمنا سعد زغلول باشا كقائد لثورة 1919 ورئيسا للوزراء في أول وزارة للشعب تشكلت بناء على نتائح انتخابات وطنية نزيهة ، و لكن الذي لا يعرفه الكثيرون أن سعد زغلول هو أيضا رأس الطبقة المثقفة في زمنه ، فسعد زغلول عقلية قانونية و ثقافية متميزة ، وهو الذي تبنى فكرة إنشاء أول جامعة مصرية و من بيته صدر أول نداء للإكتتاب فيها ،وهو الذي رأس اللجنة التي جمعت التبرعات و أشرفت على إنشائها ، و سعد زغلول كان خلف إصدار قاسم أمين لكتابيه في تحرير المرأة وهو الذي مولهما ، أثناء رئاسة سعد زغلول للوزارة الشعبية رفض الإتجار الرخيص بالمواقف الدينية كما يفعل زعماء الحزب الوطني اليوم ، ذهب وفد من الأزهر طالبا من سعد زغلول مصادرة كتاب شبلي شميل ( لماذا أنا ملحد ؟) ، فرفض و رد على من طالبه بالمصادره بأن يكتب هو كتابا يرد فيه على ما جاء بكتاب شبلي شميل و يقول ( لماذا أنا مؤمن ؟) . في زمن اليقظة يرفض سعد زغلول الأزهري مصادرة الكتب التي تنتقد الأديان ،وفي عصر الغيبوبة الكبرى يتحول كل داعر و لص إلى رقيب ، يصادر الكتب بإسم الله و يقيم دعاوى الحسبة ، تطهيرا للفروج التي لا يعلو عقله فوقها قيد أنملة .
2. تشكل الوفد المصري الذي قابل المندوب السامي البريطاني عام 1919 ممثلا للشعب و مطالبا بالإستقلال من 3 زعماء ، هم سعد زغلول و علي شعراوي و عبد العزيز فهمي ، و سنجد أن اثنين منهم من أكبر مثقفي مصر هما سعد زغلول ، و عبد العزيز فهمي الفقيه الدستوري ومصمم دستور 1923 الليبرالي، أكثر الدساتير المصرية مطابقة لمواصفات الديمقراطيات الحديثة ، هذا الدستور ألغته مصر لأنه فضفاض جدا و اكتفت بمحاكاة ديمقراطيات ستالين و سالازار و طالبان و حسبة الوهابية اللعينة .
3. كان حزب الأمة القديم و صحيفته نموذجا للدور الريادي الذي تلعبه النخب المثقفة المصرية ، فقد تشكل الحزب و أنشأ صحيفته ( في الواقع أنشئت الصحيفة أولا ثم تبعها الحزب ) للتأكيد على فكرة القومية المصرية في مواجهة الجامعة الإسلامية و التبعية لتركيا العثمانية ، كان الحزب بقيادة أحمد لطفي السيد أستاذ الجيل و مترجم أرسطو الشهير ، و معه مجموعة من أعظم المثقفين المصريين الليبراليين ، أمثال أحمد فنحي زغلول و قاسم أمين و طلعت حرب ، هذا مجرد مثال للدور الذي لعبته النخب المثقفة في الحياة السياسية ، فهل هناك من يريد مقارنة هذا الحزب بحزب الأمة الجديد ، بقيادة قارئ الكف أحمد الصباحي الكمساري المتقاعد ، و الذي استولى أخيرا على أموال الحزب و تزوج بها من فتاة تصغر أحفاده مستعينا عليها بالفياجرا ، مما أدى إلى انهياره في ليلة عرسه ، فحملته عروسه الشابة على كتفيها و أودعته غرفة العناية المركزة في إحدى المستشفيات !( القصة حقيقية حرفيا ) ، هذه المقارنة وحدها تعبر ببلاغة عن مدى تردى المثقفين المصريين و حياتهم الحزبية .
4. طه حسين و عباس محمود العقاد لم يكنا فقط قطبي الحركة الأدبية و الثقافية في مصر ، و لكنهما كانا من قيادات الأحزاب المصرية ، كان عباس محمود العقاد نائبا في البرلمان عن حزب الوفد و صديقا لزعيمه خالد الذكر سعد زغلول ، الذي وصف العقاد بقلم الوفد الجبار ، بعد ذلك اختلف العقاد مع النحاس فغادر الوفد مع النقراشي و أحمد ماهر ، و كان أيضا من كتاب حزب السعديين المرموقين ، كذلك كان طه حسين من أعمدة حزب الأحرار الدستوريين ثم وزيرا وفديا قياديا ،وهو صاحب سياسة مجانية التعليم و أنه مثل الماء و الهواء ، هذا التعليم الذي أصبح الآن فاسدا مثل الماء و الهواء أيضا .
5. محمد حسين هيكل باشا هو صاحب رواية زينب أول رواية حديثة في الأدب العربي ، كما أنه صاحب كتاب محمد و الفاروق عمر وغيرهما من الكتب العمدة في التاريخ الإسلامي ، وهو أيضا صاحب الكتاب البديع عن جان جاك روسو ، كان هيكل رئيسا لحزب الأحرار الدستوريين المنافس الشرس لحزب الوفد في بداية العصر الديمقراطي المصري ، و لكنه لم يكن المثقف الكبير الوحيد من قيادات الحزب ، فقد عرف الحزب أسماء بوزن طه حسين و مصطفى عبد الرازق ( شيخ الأزهر بعد ذلك ) و علي عبد الرازق (صاحب كتاب الإسلام و أصول الحكم ) و عدلي يكن ( رئيس لجنة دستور 1923 ) و أحمد ثروت و عبد العزيز فهمي و غيرهم من كبار الفقهاء الدستوريين .
6. محمد فهمي النقراشي باشا رئيس حزب السعديين الذي انشق عن الوفد ( عام 1937 ) و هو نفسه الذي اغتاله الإخوان المسلمون الوسطيون !، لم يكن النقراشي مجرد زعيم سياسي و لكنه كان زعيما للطلبة أثتاء ثورة 1919 و أحد نشطاء لجنة الكفاح المسلح ، ثم واحدا من أفصح خطباء مصر أثناء الثورة و بعدها ، و أيضا من أكثر سياسي مصر نزاهة و ذكاء و ثقافة .
7. مكرم عبيد رئيس الكتلة الوفدية ( تشكلت 1943 ) و ابن سعد البكر كما كان يطلق عليه ، كان واحدا من الخطباء التاريخيين و المثقفين البارزين، و ما زالت خطبه تردد إلى اليوم نموذجا لأفضل تقاليد مصر الثقافية و .. وحدتها الوطنية .
8. عبد الرحمن الرافعي هو شيخ مؤرخي الحركة الوطنية المصرية ، و كتبه مرجع لا غنى عنها لكل من يتصدى للكتابة في هذا الموضوع ،و لكن الرافعي كان أيضا رئيسا للحزب الوطني القديم ، ورغم العداء المستحكم بين الحزب الوطني و حزب الوفد ، فإن الرافعي حاول دائما أن يفصل بين عمله كمؤرخ الذي ينصف خلاله الوفد و مواقفه السياسية المعارضة لنفس الحزب ! .
هل لنا أن نقارن الآن بين طه حسين و كمال الدين حسين وكلاهما كان وزيرا للتعليم أو بين أحمد لطفي السيد و أحمد الصباحي وكلاهما كان رئيسا لحزب يحمل نفس الإسم ( الأمة )، و هل لنا أن نقارن بين مكرم عبيد و صفوت الشريف أو كمال الشاذلي ، و كلاهما شغل نفس المنصب تقريبا في حزب الأغلبية ؟.[/size]
(تم إجراء آخر تعديل على هذه المشاركة: 09-06-2009, 02:14 AM بواسطة بهجت.)
09-16-2008, 02:15 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  أزمة الحداثة الغربية وإبداع الحداثة الإسلامية مراجعة لكتاب: روح الحداثة فارس اللواء 11 1,944 03-06-2012, 09:07 PM
آخر رد: فارس اللواء
  ماهي الثورة ؟ اسلام السلفية أم إسلام الحداثة يسرى عبد السلام 0 1,443 04-07-2011, 07:00 PM
آخر رد: يسرى عبد السلام
  مطارحات حول صدمة العقيدة وصدمة الشعوب السلام الروحي 0 1,146 09-11-2010, 11:09 AM
آخر رد: السلام الروحي
  إشكالية الحداثة و الهوية: دبي نموذجا Awarfie 16 4,095 10-22-2008, 07:28 PM
آخر رد: هاله
  الحداثة بعد فوات الاوان Enki 23 3,922 08-08-2008, 12:43 PM
آخر رد: Awarfie

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 4 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS