محمد حامد – إيلاف : ما الذي حلمت به الليلة الماضية؟ هل كان هناك شبح يطاردك في أماكن مظلمة؟ هل تقابلت مع أحد المشاهير؟ أم كنت تقوم بالتسوق ؟ الآن بات بالإمكان التوصل لتفسيرات مقنعة لما نراه في أحلامنا، فقد تم تحليل أكثر من 22 ألف حلم، من بينها أحلام تعود إلى أواخر القرن التاسع عشر كانت مخزنة في ما يسمى بنك الأحلام في جامعة كاليفورنيا. حيث أن السهولة التي تم توفيرها للناس كي يتصلون بالجامعة ليتحدثوا عن الأحلام التي رأوها أثناء نومهم، قد وفرت للباحثين رؤى جديدة عن طبيعة ومحتوى الأحلام، ومنحتهم فرصة هائلة للتعرف إلى الأنماط المختلفة للحلم وإخضاعها للتفسير العلمي بقدر المستطاع وفق ما جاء في تقرير للتايمز اللندنية.
ويفترض البحث أن فكرة أن الأحلام مليئة بشكل كبير برموز عن الجنس والدين ربما تكون خطأ، وأن المعظم – بمعدل ثمانية من عشرة – هي عن اهتمامات الحياة اليومية مثل الوالدين والأصدقاء والقيادة والتسوق والرياضة. وقد يفكر الرجال في الجنس كل سبع ثوانٍ، ولكنهم لا يحلمون به بشكل يتقارب مع ذلك.
فقد أصبحت الأحلام مصدرًا للفتنة بسبب محتواها السريالي، وعدم قدرتنا على السيطرة عليه، وغياب الشرح المقبول علميًا عما هي حقيقة الأحلام بالفعل وإذا كان لها هدف أو غرض أم لا. وعلى الرغم من أنه لا يوجد هناك اتفاق في الآراء حول الهدف أو الغرض من الأحلام ، إلا أن هناك العديد من النظريات. وترى أحد تلك النظريات أن الأحلام هي صور عشوائية يخلقها المخ وتعمل على أحداث اليوم الماضي، بينما ترى نظريات أخرى أن الأحلام هي عملية يشغل المخ نفسه بها في صنع أفلام متحركة أثناء نوم الجسد.
ومع ذلك فهناك نظرية أخرى ترى أن الأحلام هي جزء من استراتيجية البقاء على قيد الحياة التي تطورت لدى الإنسان الأول من أجل مساعدته على التعلم أثناء نومه مما يساعده على التعرف إلى والتعامل مع العوامل المهددة في عالم قاسي معاد له. بينما ترى نظريات أخرى أن الأحلام هي نوع من التسامي على الأثر حيث تساعد في حل المشكلات التي لا يمكن التعامل معها أثناء اليقظة، أو التي تكون جزءًا من تذكر أحداث اليوم المنصرم، أو التنبؤ بشكل ما بالمستقبل.
هل للأحلام وظيفة؟
على الرغم من أن هناك العديد من النظريات التي تنقسم إلى قسمين: تلك النظريات التي ترى أن هناك وظيفة للأحلام، والنظريات التي تقترح أن الأحلام ليس لها هدف. إن تذكرنا للقليل من أحلامنا، يقف ضد القول بأن أحلامنا لها وظيفة ما. فإذا كانت الأحلام هامة جدا، إذن فلماذا لا نتذكر الكثير منها؟ وإذا كانت الأحلام هامة، فلماذا لا يستفيد الأشخاص مما يتذكرونه منها؟ إننا مخلوقات تفكر بأن التفكير هو ميزة قيمة، ولكن هذا لا يعني أن كل أنواع التفكير لها وظيفة. إن الأحلام حتى هذه اللحظة في النتائج الجماعية للباحثين في ظاهرة النوم يبدو أنها منتج موقت يتلاشى بعد انتهاء الليل.
وقد استخدم البروفيسور دومهوف وزملاؤه أدوات بحثية جديدة من أجل تقصى محتوى الأحلام الفردية في بنك الأحلام، وهي قاعدة بيانات يتوزع المشاركون فيها بدءا من العلماء والأكاديميين والمراهقين والنساء العجائز وأصحاب المعاشات. وتضم 86 حلمًا قدمها طالب خريج من قسم وظائف الأعضاء من معهد ماساشوتس للتكنولوجيا منذ عام 1897، و 900 حلما سجلها عالم متخصص في العلوم النفسية فيما بين عامي 1913 وحتى عام 1965. وعندما بحث علماء النفس في بنك الأحلام وجدوا أن الإشارات الجنسية والإشارات الدينية كانت نادرة. وقد كانت الإشارات الجنسية تمثل 2 في المئة لدى الرجال و 0.4 في المئة لدى النساء. وحوالى 33 في المئة فقط من تقارير الأحلام ذكرت الكنائس والكاتدرائيات والمعابد والمساجد ، وحوالى 0.8 في المئة فقط كانت إشارات إلى الأديان أو الطوائف الدينية.
وقد أثارت نتائج هذا البحث السؤال العام: لماذا يعد التفكير في الجنس أكثر انتشارًا أثناء اليقظة منه أثناء الحلم؟ يجيب الباحثون قائلين بأنه على الرغم من أن الأحلام والجنس مرتبطان معًا في الثقافة العامة، بسبب نظرية فرويد عن المضامين الجنسية الخفية في الأحلام، فإن الدراسات ترى أنه لا يوجد في الأحلام أية مضامين جنسية إلا القليل فقط.
الجنس حاضر في اليقظة أكثر من الحلم؟
كما أن النتائج أثارت أسئلة عما يحلم به الناس. ووفقا للبحث، فإن حوالى 75 إلى 80 في المئة من الأحلام تتعامل مع اهتمامات ومشاكل الحياة اليومية. فمن خلال مجموعة أحلام لرجل تم تحليلها بالتفصيل قد أظهرت أن أمه وأبوه قد ظهرا في أحلامه بمعدل 23.9 في المئة، وأن الأصدقاء ظهروا بمعدل 53.9 في المئة، والقيادة ظهرت بمعدل 24.5 في المئة، أما الأنشطة التي تتم خارج المنزل فظهرت بمعدل 17 في المئة، والأكل ظهر بمعدل 13.7 في المئة والرياضة ظهرت بمعدل 6.1 في المئة.
وإن النظرية التي ترى أن الأحلام ليست مليئة بالعوالم السحرية والخيالات الغريبة ولكنها تدور حول الأحداث اليومية في حياتنا قد أيدها البحث العلمي. فعلى سبيل المثال، فقد وجد الباحثون في جامعة فلورنس أن الموسيقيين يحلمون بالموسيقى أكثر من غير الموسيقيين مرتين. وقد أظهر بحث آخر أن عدد النساء اللواتي يحلمن بالعمل قد تزايد في نفس الوقت الذي تزايد فيه عدد النساء العاملات.
هدف تطويري للأحلام
على الرغم من أن مضمون الحياة اليومية يبدو أنه يدعم فكرة أن الأحلام ليس لها وظيفة، فإن باحثون آخرون قد أظهروا العكس. فالباحثون في جامعة توركو في فنلندا قد وجدوا ما يؤيد وجود هدف تطويري للأحلام. فعندما حللوا ما يقرب من 600 حلما وجدوا أن ثلثيهم احتوى على الأقل على عامل مهدد، وأن أكثر من 60 بالمائة من تلك العوامل المهددة كانت من العوامل التي واجهها الشخص في خبراته في الحياة الواقعية. إن فكرة أنه أثناء الحلم يقوم المخ ببناء نموذج للعالم، واضعا في اعتباره ما حدث في العالم الواقعي، لهذا يمكنه وضع استراتيجيات وحل للمشكلات.
ويقول الدكتور آنتي ريفونسو، المتخصص في الطب النفسي في جامعة توركو: إن الوظيفة الحيوية للحلم هي استثارة الأحداث المهددة الخطرة وتكرارها من أجل تجنبها. فالحياة البشرية في البيئة القديمة كانت قصيرة و محاطة بالتهديدات. كما أن آلية إنتاج الحلم التي تميل إلى انتقاء الأحداث المهددة أثناء اليقظة واستثارتها مرات ومرات ثانية ربما يكون مفيدا في تطوير مهارات تجنب التهديد أو الخطر.
نقلا عن ايلاف
http://65.17.227.80/Web/Health/2008/11/385711.htm