نصر اللّه: لن نسكت عن أي مؤامرة باسم التحقيق
أي ربط بين المقاومة ونتائج التحقيق سنتعامل معه على أنه صناعة إسرائيلية
قبل أن يقول الأمين العام لحزب الله كلمته غداً في ما يتعلق بمحاولات الربط بين اغتيال الرئيس رفيق الحريري والحزب، أطلّ رئيس الحكومة من صوفيا منزّهاً المحكمة الدولية عن أي خطأ أو غرض، مشيداً بصدقيتها وعملها الجدي
تشهد الحياة السياسية اللبنانية وانعكاساتها الخارجية انعطافة مهمة خلال الساعات الآتية. ويبدو أن المواقف التي سيطلقها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في شأن المحكمة الدولية والتحقيقات الخاصة بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، ستمثّل عنوان المرحلة المقبلة، ربطاً بقرار حزب الله التحذير مبكراً «من اللجوء إلى أمور من شأنها تهديد الاستقرار العام في البلاد».
وحسب مصدر مطّلع، فإن مقابلة نصر الله مع قناة «المنار» مساء غد، التي ستتناول موضوعات داخلية عدة وتعليقات على مستجدات إقليمية، ستتضمن إشارات ورسائل «درستها بعناية قيادة الحزب، وهي موجهة إلى كل المعنيين بملف التحقيقات الدولية، محلياً وإقليمياً وخارجياً»، وسيجدد نصر الله التحذير من «السير في مشروع الفتنة الذي تقف خلفه الولايات المتحدة وإسرائيل، والذي يستهدف المقاومة بطريقة مباشرة».
وقال المصدر إن نصر الله «سيشدد مجدداً على أن حزب الله معني بحفظ الاستقرار العام في البلاد، وأنه صاحب مصلحة في الهدوء على كل الجبهات، وهو ليس في وارد أي أمر من شأنه أن يعيد الأمور إلى فترة التوتر، وأن المصالحات الجارية على أكثر من صعيد تمثّل عنوان سياسته». لكن ذلك، يضيف المصدر، لن يمنع نصر الله «من التنبيه إلى أن ما يحاك من مؤامرة باسم التحقيق والمحكمة لن يواجه بالصمت أو بالحياد النسبي كما جرت عليه الأمور في السنوات الأولى لعمل لجان التحقيق الدولية».
وفي هذا الإطار، سيؤكد الأمين العام لحزب الله أن أي ربط من أي نوع سيعمل على إيجاده أو الإيحاء به بين المقاومة ونتائج التحقيق الدولي في اغتيال الحريري، سيُتعامل معه على أساس أنه صناعة إسرائيلية بامتياز، مع ما يترتب على هذا التوصيف من تبعات وتداعيات. وسيكون واضحاً في وضع هذا الربط في سياقه الطبيعي، الذي هو سياق استهداف سلاح المقاومة عبر محاصرته من الداخل، بعد أن سُدّ الأفق أمام الحلول العسكرية لاستئصاله.
وبحسب مرجع اطّلع على مناقشات تحضيرية لمواقف نصر الله، فإن الأخير سيقول غداً كلاماً يذكّر فيه من يعنيه الأمر، بأن محاولة مدّ اليد إلى خط هاتفي يخصّ المقاومة دفعت إلى ما وصلت إليه الأمور في 7 أيار عام 2008، وبالتالي فإن محاولة المس بشخوص المقاومة ورموزها وقياداتها ستعدّه المقاومة خطراً يتجاوز بمئات الأضعاف خطر التعرض لشبكة خطوطه الهاتفية».
وكشفت المصادر أن نصر الله «سيبقي الباب مفتوحاً أمام فريق المتورطين في مؤامرة اتهام حزب الله أو قياديين أو عناصر منه في جريمة اغتيال الحريري لتفادي الانعكاسات السلبية»، لكنه سيشدد على أن «حزب الله لا يقبل أن تمس كرامة مقاومته ولا كرامة شهدائه، وخصوصاً محاولة تشويه صورة القائد الجهادي الشهيد عماد مغنية».
ويوضح المرجع المذكور «أن الرسالة الفعلية التي يريد السيد نصر الله إبلاغها الجميع في لبنان والعالم هي أن التورط في مسألة اتهام الحزب سيقود حتماً إلى 7 أيار سياسي». ولفت إلى أن نصر الله الذي قال قبل أيام إنه «سيقول المناسب من الكلام في هذه المرحلة» يعطي إشارة إلى أن لديه الكثير من الأوراق في جعبته، وهو يحاول تنبيه الآخرين إلى خطورة ما يقدمون عليه. لكن المرجع نفى علمه بما إذا كان نصر الله سيكشف عن خفايا بعض الاتصالات التي جرت بشأن هذا الموضوع مع حزب الله من قبل جهات محلية وخارجية».
❞الحريري: المحكمة الدولية ذات صدقية كبيرة بالنسبة إلينا وسنتعامل مع أي قرار يصدر عنها كما هو.
في هذا الوقت، كان رئيس الحكومة سعد الحريري يستبق من العاصمة البلغارية صوفيا إطلالة نصر الله، بتنزيه المحكمة الدولية عن أي خطأ أو أي غرض، بوصفه لها بأنها «ذات صدقية كبيرة بالنسبة إلى لبنان الذي طالب بقيامها»، و«تعمل جدّياً من خلال الإثباتات والحقائق»، ملخّصاً موقفه منها ومن قراراتها بأن «هناك أخيراً محكمة ستقاضي من اغتال ومن قتل لأسباب سياسية وإرهابية، ونحن سنقبل بأي قرار يصدر عن المحكمة ونتعامل معه كما هو». واستبعد خطر وقوع حوادث أمنية نتيجة أعمال المحكمة، لا لعدم وجود هذا الخطر، بل لأن «أي مس بأمن لبنان سيتلقّى ضربة من حديد من القوى العسكرية ومن حكومة الوحدة الوطنية. لا مجال للعب بأمن لبنان، وسنقف بصرامة ضد أي محاولات لإجهاض المحكمة الدولية أو المس بأمن لبنان».
وقد اختتم الحريري زيارته لبلغاريا أمس، وكان عنوانها الأبرز الترويج للقطاع الخاص والاستثمارات، بلقاءات مع رئيس الجمهورية البلغاري جورجي بارفانوف ورئيسة الجمعية الوطنية تسيتسكا تساشيفا ورئيس الحكومة بويكو بوريسوف، وأعضاء السلك الدبلوماسي العربي في صوفيا، وأبناء الجالية اللبنانية.
وفي الصيفي، وقبل أن يقول نصر الله كلمته، رأى المكتب السياسي الكتائبي في ما سمّاه «عودة نغمة تسييس المحكمة الدولية كأن هناك أطرافاً تخشى حكم العدالة وتحاول استباق الأحكام من خلال إلقاء الشبهات على حيادية المحكمة وصدقيتها». ودعا إلى احترام عمل المحكمة، والتمسّك بمبدأ أن «كلّ متهم بريء إلى أن تثبت إدانته».
في المقابل، لم يستغرب الوزير السابق وديع الخازن، من «الذين استخدموا مخيّلة المحقق الدولي ديتليف ميليس لقلب الوقائع والحقائق» و«استعانوا بدسائس مجلة دير شبيغل الألمانية لإحداث فتنة مذهبية»، أن «يلجأوا أخيراً إلى بث الشائعات التي تستهدف النيل من سمعة المقاومة وزجّها في مواجهات داخلية على خلفية مذهبية لتحويل الأنظار عن هدفها الوطني الحقيقي في الدفاع عن لبنان». ووصف النائب السابق أسامة سعد ما يقال عن حزب الله بأنه «تسريبات إعلامية لإثارة التوتر في الساحة اللبنانية، وإعادة الحالة المذهبية».
الانتخابات البلدية في مجلس النواب
على صعيد آخر، تتجه الأنظار إلى ما سيسفر عنه اجتماعا هيئة مكتب مجلس النواب ورؤساء ومقررو اللجان، غداً، وهل سيدعو الرئيس نبيه بري إثرهما إلى هيئة عامة للمجلس لمناقشة مشروع قانون الانتخابات البلدية. وخصوصاً أن لجنتي الدفاع والداخلية والبلديات، والإدارة والعدل، قد قررتا أمس تعليق دراستيهما للمشروع بانتظار الاجتماعين غداً. وأعلن رئيس اللجنة الأولى سمير الجسر أنه سيرفع إلى بري خلاصة ما توصلت إليه اللجنة، فيما قال رئيس اللجنة الثانية روبير غانم إن رفع تقريره «مرتبط بإنهاء الدراسة، ونحن لم ننته بعد». أما رئيس لجنة المال والموازنة إبراهيم كنعان، الذي توقف الأسبوع الماضي عن دعوة اللجنة إلى الاجتماع، فأكد أمس أنه أرسل إلى رئيس المجلس، يوم الجمعة الماضي، تقريراً بخلاصة نقاشات اللجنة على مدى أسبوعين، مشدداً على أهمية انتقال مشروع القانون إلى الهيئة العامة لمناقشته «وبالتالي إيجاد بدائل وصيغ مقبولة لتطبيق قانون النسبية، إذا كانت التباينات متعلقة فعلاً بالآلية لا بمبدأ النسبية».
عدد الثلاثاء ٣٠ آذار ٢٠١٠
http://www.al-akhbar.com/ar/node/183360