رجل لكل العصور
A Man for All Seasons
الفلم إنجليزي من إنتاج عام1966 .
في عام 1967 نال الفلم جوائز الأ وسكار لأفضل فلم ، أفضل ممثل دور أول ، أفضل مخرج ،و أفضل سيناريو مأخوذ عن عمل أدبي .
الفلم مأخوذ عن مسرحية شهيرة للكانب المسرحي " روبرت بولت " و التي تحمل نفس الإسم ، و تتناول حياة المفكر و السياسي الإنجليزي الشهير " سير توماس مور" ، وهو يعرف أيضا بالقديس " توماس مور" ، و كثير منا يعرف أنه هو الذي أطلق اسم " يوتوبيا " "utopia " على العالم المثالي في رواية له تحمل نفس الإسم ، و قد استخدم الإسم بعد ذلك للتعبير عن كل المدن الفاضلة .
إنتاج و إخراج فريد زينمان Fred Zinnemann، هو مخرج أمريكي شهير من أصل نمساوي ( يهودي ) ، أخرج مجموعة من أهم الأفلام ، فبالإضافة لرجل لكل العصور أخرج " منتصف الظهيرة " و " من الآن حتى الخلود " و " العجوز و البحر " ، و نال كمخرج 4 جوائز أوسكار ، بالإضاة لحصول أفلامه على العديد من الجوائز .
البطولة للنجم المسرحي " بول سكوفيلد " ،Paul Scofield و الذي قام بدور " سير توماس مور " و نال عليه جائزة الأوسكار ، و معروف أنه قام بتجسيد نفس الدور أيضا على المسرح البريطاني ، من المثير للتأمل أن المنتجين رأوا أن بول سكوفيلد ليس نجما للشباك ، لهذا رشحوا ممثلين آخرين أكثر شعبية للقيام بالدور منهم " ريتشارد بيرتون" و " لورنس أوليفيه " ،و لكن المخرج أصر على قيام بول سكوفيلد بنفس الدور الذي قام به على المسرح . شاركه البطولة " ويندي ميللر Wendy Hiller " في دور " أليس مور " زوجة سير توماس مور ، ورشحت للأوسكار عن أفضل ممثلة مساعدة لنفس الفلم ، وما زلت أتذكر بتأثر بالغ المشهد الختامي الذي جمعها مع بول سكوفيلد ، ولأنها كانت تشبه كثيرا الممثلة الرائعة كاترين هيبورن ، فوجئت بأنها ليس هي عندما قرأت التيتر . شارك في الفلم أيضا " ليو ماككيرن Leo McKern " في دور توماس كرومويل ، أما دور هنري الثامن فقد ذهب إلى " روبرت شو" ، الذي شاهدناه بعد ذلك في فلم شهير هو " شارك " في دور الصياد " كوينت " ،و قد رشح للدور أولآ الممثل الإنجليزي الشهير " بيتر اوتول " ثم " ريتشارد هاريس ". هناك أيضا العبقري " أورسون ويلز" في دور الكاردينال " و لسي" وهو الظاهرة الفريدة في القرن 20 و الذي عرف بأفلام ذات قيمة فنية استثنائية مثل فلم المواطن كين ، و قد ترشح للدور أولآ الممثل " إليك جينيس " . هناك أيضا الجميلة " سوزانا يورك " Susannah York في دور " مرجريت مور" إبنة سير توماس ،و قد ترشحت الرائعة " فانيسا ريدجريف " للدور أولآ ، و لكنها اعتذرت و اكتفت بمشهد شرفي في دور " آن بولين " .
العنوان يعكس رؤية روبرت بولت للسير توماس مور كالرجل الرمز للضمير ، ليس رجل الزمن الواحد ، بل هو رجل كل الأزمنة و كل العصور ، رجل يجد في مبادئه وروحة العظيمة التي لا تساوم ما يدفع عنه وحشة الزمان . هذا العنوان " رجل لكل العصور " اقتبسه المؤلف عن كاتب معاصر لتوماس مور و صفه فيه بأنه " يتمتع بفطنة الملائكة ،و التعليم الإستثنائي .. رجل لكل العصور " . المحير أن تعبير رجل لكل العصور شاع في مصر في وقت الفلم للإشارة إلى الرجل الذي يأكل على كل الموائد ، و كما هو متوقع سقط الفلم سقوطا ذريعا في مصر ! .
الفلم مأخوذ عن القصة الحقيقية للسير توماس مور ( 1478-1535 ) الذي عمل كمستشار إنجلترا في عهد الملك هنري الثامن في القرن 16، وفي فترة من أكثر فترات إنجلترا اضطرابا و،وهي الفترة التي انتهت بفصل الكتيسة الإنجليزية عن الكنيسة الرومانية الكاثوليكية , هذا المنصب السامي كان يجعل " مور" بمثابة الشخصية التفيذية التالية للملك مباشرة . رغم هذا يرفض سير " توماس مور " كتابة إلتماس إلى بابا روما من أجل إبطال زواج هنري الثامن من " كاترين آرجون " ، التي كانت أرملة أخيه ثم تزوج بها ، و التي قدر لها أن تكون زوجته الأولى من 6 زيجات متتالية ، و ذلك بناء على رغبة الملك و إلحاح منه .
يبدأ الفلم بلقاء الكاردينال "ولسي" لتوماس مور في مقره ،و هناك يطلب "ولسي" مساندة "توماس مور" في تأمين موافقة البابا على فسخ زواج الملك هنري بزوجته الإسبانية " كاترين " تمهيدا لزواج الملك من عشيقته " أن بولين " ، و يخبر ولسي مور أنه سيكون الوحيد في " مجلس الأمناء " الذي يعارض الطلاق ،و لكن توماس مور يرفض المشاركة في هذا الجهد مؤكدآ أن البابا سيرفض ،و أنه ككاثوليكي مخلص يرفض أن يمارس ضغطآ على البابا كي يفعل ما يتناقض مع عقيدته المسيحية .
أثناء عودة سير توماس مور إلى منزله يقابل شخصية انتهازية فاسدة سيكون لها دور مأساوي في نهاية توماس مور ، هي شخصية "ريتشار ريتش" الطالب السابق في كمبريدج و الذي يطلب من مور منصبا في البلاط و لكن مور المستقيم يرفض . في منزله يجد مور شابا كاثوليكيا هو " ويليام روبر " يطلب ابنته ميج للزواج ،و لكن مور يرفض أن يزوج ابنته لشاب بروتستانتي مهرطق !.في النهاية يتخلى الشاب المحب عن عقيدته البروتسانتية تقديرا لشجاعة توماس مور في مواجهة الملك لاحقا .
بموت " ولسي" مطرودا من البلاط بسبب فشله في تأمين موافقة البابا على فسخ عقد الزواج . على إثر وفاة "ولسي" يعين الملك هنري الثامن سير توماس مستشارا لإنجلترا ، رغم هذا يرفض الأخير أن يساعد الملك في سعيه لفسخ الزواج ، غير مستجيب لتهديدات الملك و إغراءاته .
في وقت لاحق يتأكد سير توماس مور و أفراد عائلته أن تلميذه " ريتشارد ريش" يتجسس عليه لصالح ألد اعدائه في البلاط " توماس كرومويل " . يحاول "" أن يتفي عن نفسه تهمة العمالة لكرومويل و لكنه يفشل و يخرج مجللآ بالعار من منزل "توماس مور" . و تحاول أسرة مور أن تجعله يأمر بالقبض على ريتشارد بسبب ما يشكله من خطورة على مور . هنا نتابع ربما أرقى حوار مماثل في كل الأعمال الفنية ، عندما يرفض سير توماس مور أن يؤمن نفسه ضد إنسان غاية في الشر مستغلآ سلطته القانونية ، في حين أنه رغم خطورته لا يخالف هذا القانون ، مذكرا الجميع أننا لو انتهكنا القانون للقضاء على الشيطان ، فلن نجد هذا القانون الذي سيحمينا عندما ينقلب الشيطان علينا .
يضجر الملك هنري الثامن من الإنتظار الطويل لتصريح بابا روما بفسخ العقد ، و هنا يقرر الملك أن يصبح هو الرئيس الأعلى للكنيسة الإنجليزية ،و يأمر بإعداد قسم ينكر فيه كل أعضاء البرلمان و المستشارون و القساوسة أية علاقة تربطهم بالبابا في روما ، في مواجهة هذا الموقف يستقيل " توماس مور" مفضلآ الصمت ، فلم يعد هناك ما يقال .
في محاولة أخيرة يطلب الملك من توماس مور حضور حفل زواجه من آن يولين ، و التي تقوم بدورها في مشهد وحيد قصير الرائعة " فانيسا ريدجريف " كضيفة شرف و بلا أجر ، و لكن مور يرفض الحضور ، و أخيرا يفاجئ بقسم جديد عليه أن يقسمه معترفا بالزواج الجديد أو المحاكمة كخائن ، هنا يرفض سير توماس مور أن يخون ضميره حتى لو فقد حياته ، و يمتنع عن القسم و يسجن في برج لندن .
في السجن يظل توماس مور صامدا رغم توسلات أسرته و أصدقائه و محبيه ،ورغم مؤامرات و ضغوط كرومويل الذي أصبح مستشارا و كبير الأساقفة الجديد " توماس كارنمير" . و في النهاية يقدم توماس مور إلى محاكمة صورية ،و يدان بناء على شهادة مجحفة من " ريتشارد ريش" ، ثم يعلم بعد ذلك أن " ريشتارد" عين نائبا عاما لويلز مكافاة له على خيانته .
يشعر توماس مور أن واجبه الآن أن يعلن الحقيقة كما يراها ، يدين غاضبا كل الإجراءات المتعسفة التي قام بها الملك إرضاءا لنزواته ، و يقرر أيضا حصانة الكنيسة ضد تدخل الدولة بناءا على " الماجنا كارتا" و حتى قسم التنصيب للملك نفسه .
خارج برج لندن يقوم توماس برسم علامة الصليب و تسليم رأسه للجلاد . كان توماس مور مدفوعا بمبدئيته القويمة إلى إتخاذ مواقفه التي أغضبت الملك ،و دفعته لتقديمه إلى محاكمة هزلية انتهت بقطع رأسه . وهو مصير مناسب تماما لرجل عظيم في زمن حقير
في نهاية الفلم نسمع صوت المعلق مصاحبا الكتابة التي تعلن أن " علقت رأس توماس مور على بوابة الخونة ، و أن ابنته مرجريت حملت تلك الرأس النبيلة و احتفظت بها حتى مماتها . أما كرومويل فقد قطعت رأسه بعد خمس سنوات فقط من موت توماس مور أيضا بسبب خيانته ، أما كبير القساوسة فقد أحرق ، هناك فقط الخائن ريشارد ريش الذي مات في فراشه بعد أن أصبح مستشارا لإنجلترا !" .
.................
معلومة : مسرحية رجل لكل العصور مترجمة و صدرت ضمن روائع المسرح العالمي .