بافتراض أن الإسلام هو كائن آت من أعماق العصور يتمنع الحوار اساسا حول الموضوع ويخنق التفهم في المهد كموؤودة في صحراء الجاهلية.
قال زميلنا:
اقتباس:الجميع تأذى و آن الأوان لإعادة تأهيل الإسلام في أي مصحة عقلية أو نفسية و عصبية ...
لأنني لا أعتبره كائنا عاقلا و إنما هو مثل مجنون يؤذي في غير وعي ..
نهايته ...
ومجرد إلغاء الإسلام ومصادرته في المصحة يقطع التحاور حول أي إصلاح مفترض أو مزعوم.
أما عن تطوير الإسلام بفرض حاجتنا له، فينبغي إن فكر بهكذا موضوع أن تكون رغبة روسيا والهند وأوروبا وأمريكا وإسرائيل هي آخر ما يلتفت إليه حين النظر بمصالحنا. بل لا ينبغي النظر مطلقا إلى رغبات هذه الدول.
لا ننظر رغبة روسيا التي نفت شعبا كاملا من وطنه إلى سيبيريا، والتي تعامل الشيشان وغيرهم من أهل القوقاز كمواطنين درجة عاشرة، يكون ذنب عزلهم أنهم تواجدوا قرب الجنود الروس حين أراد هذا الجندي أن يمارس الجنس أو أن يقتل بدم بارد.
لا ننظر رغبة الهند التي حرضت متطرفي الهنود على حرق وقتل المئات من المسلمين في كوجرات بسبب أن أحد قطارات الهندوس احترق فيه شيء قضاء وقدرا بينما يمر في مقاطعة المسلمين. أو حين يريدون أن يدمروا مساجد بزعم أنها معابد لهم دون أن ينقل الموضوع إلى محكمة حتى. أو حين احتلت الهند كشمير رافضة إعطاء أهلها أي فرصة لتقرير مصيرهم كما قد قررت الأمم المتحدة التي لا تنبثق قراراتها من الإسلام.
لا ننظر رعبة أوروبا، وهي المسؤولة ابتداء عن وجود المسلمين في بلادها على إثر استعمارها لبلادهم وامتصاصها لخيراتهم، وأشياء أخرى.
لا يريد المسلمون أن يكونوا نسخة كربونية عن الأوروبيين، إذ يحق لهم أن يكونوا غير المجتمع الكبير، بخصوصيتهم وثقافتهم التي لا تتماهى مع أوروبا بحال.
لم حق لليهود أن يحتفظوا بثقافتهم في أوربا ولا يحق لغيرهم ذاك؟
لا ننظر رغبة أمريكا، وهي التي تركت مكانها وراء البحار وأتتنا بقضها وقضيضها لتعالج مشاكلنا على نحو يعقدها ويزيدها حدة لمصلحة أمريكا البحتة، ثم تتهمنا أننا نريد إيذاء أمريكا!
لا ننظر رغبة إسرائيل أبدا، ولا نقرها على شيء.
ثم ما هي سلطة المسجد التي تفرض على القصر الجمهوري وغيره؟؟ ما هو هذا الأكليروس الإسلامي الذي له من السلطة ما كان للكنيسة الكاثوليكية في القرون الوسطى؟
زميلنا قد أحطأت المعركة، فالإسلام ليس موجودا حتى تعاركه أو يعاركك، بل إن وجود العالمانية عند الناس هو أعمق وأكبر أثرا من وجود الدين عموما والإسلام خصوصا!
وجود حركات إسلامية تطالب بإعادة الإسلام وتحكيمه في الحياة لا يعني أبدا أن الإسلام هو المسيطر على المجتمع والمتحكم به.
تحرك الجماهير بين حين وآخر في مظاهرات انفعالية بدعوة من حركة إسلامية ما لا يعني أن هذه الحركات قد سيطرت على المجتمع.
تطبيق السعودية لشيء من نظام العقوبات الإسلامي لا يعني بالضرورة أن السعودية هذه هي دولة إسلامية!
وجود حركات عنيفة تتبنى الإسلام لا يعني أن الناس قد غدوا تبعا لهذه الحركات. ألا تذكر الحركات اليسارية في أمريكا اللاتينية وقيادتها لأعمال عنيفة؟ هل يعني أن هذه الحركة أو برنامجها في الحكم فعلا؟ أو حتى في موضع التأثير المجتمعي؟
الموجود على الساحة اليوم هو الاستبداد لا أكثر ولا أقل، وقد اكتوى منه الإسلاميون كما اكتوى عيرهم، وقد تأذى منه الإسلام كما تأذى عيره، فمن نافلة القول الانشغال عن معاركة الاستبداد القوي البارز بمعاركة شيء غير موجود.
وختاما زميلنا، فأنت إنما تدعو إلى إيجاد شيء آخر غير الإسلام وإحلاله محله، وهو شيء يشبه الكنيسة الكاثوليكية بعد علمنة أوربا.
لكن لم أعرف هذه المكة التي ستكون فاتيكان المسلمين، هل سيوجد فيها بابا لهم؟