ضد مجهول
اخيرا .. اعترف الداعية أحمد الفيشاوى نجل الفنان فاروق الفيشاوى علنا انه أخطأ و سيظل يدفع ثمن خطأه طوال حياته بسبب علاقته مع مهندسة الديكور هند الحناوى ، كان الداعية قد أنكر تماما أى علاقة له بهند من قريب او بعيد ، وعندما حانت اللحظة التى سيكشف العلم فيها عن كذبه أمام الرأى العام الذى اهتم بالقضية أضطر الى الاعتراف ، ولكن والده لم يعدم وسيلة للتبرؤ من فعلة ابنه ، بعد ان حصل على فتوى من الشيخ جمال قطب تؤكد على حق الشاب فى التبرؤ من نسب الطفلة ثمرة علاقته اليه حتى لو كانت من صلبه ، على الرغم من صدور فتوى سابقة من دار الافتاء تؤكد على نسب الطفلة لوالدها طالما اثبت العلم ذلك وأقر القضاء ما اثبته العلم
قضية الحناوى / الفيشاوى تحتوى على اربعة ركائز اساسية
اولا : الفتاة هند الحناوى فهى الاولى فى مصر والعالم العربى التى تحدت المجتمع كله وذلك باحتفاظها بالجنين والاصرار على ولادته حيا على الرغم انه ثمرة لعلاقة لا يعترف بها المجتمع الذى تعيش فيه، ساندها فى ذلك والدها الاستاذ الجامعى الذى احترم ادميتها ودافع عنها وكذلك والدتها
ثانيا: العلم وذلك بتحليل الحامض النووى الذى لولاه لما حسمت القضية لصالح الفتاة واضطرت الفنان الداعية الى الاعتراف على رؤوس الاشهاد فى برنامج للزميل محمود سعد بالتليفزيون المصرى بفعله الذى ظل ينكره (بصدق وجرأة ) حتى آخر لحظة
ثالثا : الدين الذى مثّله الشيخ جمال قطب الذى أفتى دون مراعاة للتغيرات التى طرأت على الدنيا مما دعا الفنان فاروق الفيشاوى الى التمسك بأهداب الفتوى للتنصل من فعلة نجله والتخلص من نسب الطفلة
رابعا : المجتمع الدولى الذى اهتم بالقضية ووقف الى جوارالفتاة لنصرتها والدفاع عن حقها فى اثبات نسب طفلتها لوالدها الحقيقى ، وكذلك المجتمع المصرى الذى وان كان قد استنكر موقف الفتاة فى الاساس الا ان هناك من أكد على تضامنه مع قضيتها وبشكل علنى الامر الذى يعنى ان هناك تحولا كبيرا فى نظرة المجتمع التقليدية لمثل تلك القضايا
قضية الحناوى / الفيشاوى تعود بنا الى ضرورة معالجة مشكلة الازدواجية والانفصام التى يعانى منها المجتمع وما ينتج عنهما من( كذب) يتميز به الانسان العربى عموما والمصرى خصوصا عن غيره من البشر ، وبتحليل بسيط لشخصية الشاب سنجد انه فنان/ داعية / يمارس الجنس فى الخفاء / ينكر فعلته/ يعترف بها صاغرا امام تحدى العلم ، الذى لولاه لأصر على موقفه وردد مقولاته القديمه ...انه لا يقبل على نفسه ودينه ان يفعل شيئا كهذا وان الفتاة تكذب!
موقف الفتاة يؤكد اننا بصدد شخصية .. صادقة / مؤمنة بما فعلت / جريئة فى التصدى للمجتمع / تخلصت من الازدواجية
بالطبع أستنكر ما فعلته الحناوى لأنه تم فى الخفاء ، وعندما ظهرت اعراضه متمثلة فى الحمل الذى اعلن عن نفسه تمسكت به الفتاة ، ولا أحد يعلم ماذا سيكون موقفها اذا لم يحدث حمل ، هل كانت ستعلن بنفس الجرأة عن علاقتها السرية بالفيشاوى ؟
لقد طالعتنا الصحف المصرية فى الثالث عشر من مارس الحالى بحادث يجسد معنى الازدواجية التى أشرت اليها .. فتاة تدعى هبة عبد الكريم 21 سنة درست بمعهد لغات وتزوجت منذ عام ونصف ، انجبت طفلة وبدأت فى ممارسة الجنس مع صديقها خارج نطاق الزواج فى منزل خالتها التى باركت العلاقة مقابل بعض الهدايا من عشيق بنت اختها ، تطورت العلاقة الى رغبة العشيق فى التخلص من الزوج وبالفعل قتله .. الى هنا والحادث عادى ويقع كل يوم ، أما الغير عادى فى الموضوع فهو أن العشيق بعد ان مارس الجنس مع عشيقته على سرير الزوج ، وتخلص من الزوج... توضأ وقام بآداء الصلاة واستغفر ربه و بكي بشدة، ثم مارس معها الجنس مرة اخرى ،وأكد انه سيغادر المكان حتى يعود بسيارة ليتخلص من الجثة ، لكنه لم يعد واضطرت الفتاة الى الاعتراف امام الشرطة !
فمن يفسر لنا طلاسم تلك الحالة ، فنحن أمام شخص .. يمارس الجنس / يقتل / يصلى ويبكى / يمارس الجنس / يفكر فى التخلص من الجثة / يهرب
من الذى أفرز لنا هذا المسخ البشرى ؟
اثناء عملى بقسم الحوادث زرت العديد من السجون والتقيت العديد من المساجين والمسجونات.. لم يعترف أحد منهم بفعلته وأكد ان اعترافه وليد التعذيب .. فما الذى يدعو الجميع الى الكذب ؟
الفيشاوى لم يخرج عن هذا الاطار فى الحقيقة ، ولو كان بيده التخلص من الفتاة وجنينها لفعلها دون تردد وواصل دعوتنا الى الله !
تخيلوا مدى الزيف لو ان الحناوى لم تحمل من الفيشاوى وتزوجت من آخر وانجبت منه دون ان يعرف علاقتها القديمة ، وواصل الفيشاوى الداعية المؤمن دوره فى وعظ الشباب وتحذيره من الوقوع فى الزنا !
تخيلوا مدى الزيف لو ان عشيق هبة لم يقرر قتل الزوج وعاشت هبة مع زوجها وأدت دور الزوجة المخلصة و حملت وانجبت من العشيق الذى اعلنت انها تحبه ؟
كم فيشاوى وكم هبة فى مجتمعنا ، وماذا لو لم تكشف الصدفة وحدها عن هذا العالم السرى المرتدى ثوب الفضيلة والاخلاق ؟
ان هناك تحولا فى العلاقات والسلوكيات لابد ان يواكبه حلولا عملية لمثل تلك المشكلات ، والاجابة عن العديد من التساؤلات والافعال التى يمارسها الجميع فى الخفاء ويدينها فى العلن !ا
الى متى نضع رءوسنا فى الرمال .. فمن السبب فى هذه المشكلة ؟ هل هو الفتاة أم الفتى أم المجتمع وتقاليده وعاداته وازدواجيته، وكيف سنواجه ما يستجد من مشاكل مثيلة فى المستقبل ؟
القضية متشابكة ويتداخل فيها الاقتصاد والعادات والدين والعلم والقانون بل والسياسة أيضا ، علينا أن نحسم امورنا فى ظل اعلام وسماوات مفتوحة لن يجدى معها التعتيم والاغلاق ، فى النهاية .. قضية الطفلة لينا هى الوجه العارى للمجتمع العربى كله و لا يمكن بأى حال تقييدها ضد مجهول هذه المرة
http://arabtimes.com/writer/ibrahim/index3.htm