ص 1:

فهو مسيح يحب الجميع لأقصى درجة بل قل إلى المنتهى و لم يسلك أبدًا بالعنف لنشر دعوته مثلما فعل محمد. لو لم يلجأ محمد للمدينة و اكتفى بالمقاومة السلمية في مكة، فعندي إحساس قوي أني عندها لن أتركه أبدًا لأنه قاوم بالحب و ليس بالغزوات و سفك الدماء كما قام محمد بدءًا من الحقبة المدنية فصاعدا.
......................................

الجزية في الإسلام
د. منقذ بن محمود السقار
تمهيد

استشكل البعض ما جاء في القرآن من دعوة لأخذ الجزية من أهل الكتاب، وذلك في قوله تعالى: } قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون { ( ) ، ورأوا – خطأً - في هذا الأمر القرآني صورة من صور الظلم والقهر والإذلال للشعوب التي دخلت في رعوية الأمة المسلمة.
ولا ريب أن القائل قد ذهل عن الكثير من التميز الذي كفل به الإسلام حقوق أهل الجزية، فقد ظنه كسائر ما أثر عن الحضارات السابقة واللاحقة له، فالإسلام في هذا الباب وغيره فريد عما شاع بين البشر من ظلم واضطهاد أهل الجزية، كما سيتبين لنا من خلال البحث العلمي المتجرد النزيه.

أولاً : الجزية في اللغة
الجزية في اللغة مشتقة من مادة (ج ز ي)، تقول العرب: "جزى ، يجزي، إذا كافأ عما أسدي إليه"، والجزية مشتق على وزن فِعلة من المجازاة، بمعنى "أعطوها جزاء ما منحوا من الأمن"، وقال ابن المطرز: بل هي من الإجزاء "لأنها تجزئ عن الذمي". ( )

ثانياً : الجزية قبل الإسلام
لم يكن الإسلام بدعاً بين الأديان، كما لم يكن المسلمون كذلك بين الأمم حين أخذوا الجزية من الأمم التي دخلت تحت ولايتهم، فإن أخذ الأمم الغالبة للجزية من الأمم المغلوبة أشهر من علم ، فالتاريخ البشري أكبر شاهد على ذلك.
وقد نقل العهد الجديد شيوع هذه الصورة حين قال المسيح لسمعان: " ماذا تظن يا سمعان؟ ممن يأخذ ملوك الأرض الجباية أو الجزية، أمن بنيهم أم من الأجانب؟ قال له بطرس من الأجانب.قال له يسوع: فإذاً البنون أحرار " (متى 17/24-25).
والأنبياء عليهم السلام حين غلبوا على بعض الممالك بأمر الله ونصرته أخذوا الجزية من الأمم المغلوبة، بل واستعبدوا الأمم المغلوبة، كما صنع النبي يشوع مع الكنعانيين حين تغلب عليهم "فلم يطردوا الكنعانيين الساكنين في جازر.فسكن الكنعانيون في وسط افرايم إلى هذا اليوم وكانوا عبيداً تحت الجزية" (يشوع 16/10)، فجمع لهم بين العبودية والجزية.
والمسيحية لم تنقض شيئا من شرائع اليهودية، فقد جاء المسيح متمماً للناموس لا ناقضاً له (انظر متى 5/17)، بل وأمر المسيح أتباعه بدفع الجزية للرومان، وسارع هو إلى دفعها ، فقد قال لسمعان: " اذهب إلى البحر وألق صنارة، والسمكة التي تطلع أولا خذها، ومتى فتحت فاها تجد أستارا، فخذه وأعطهم عني وعنك" (متى 17/24-27).
ولما سأله اليهود (حسب العهد الجديد) عن رأيه في أداء الجزية أقر بحق القياصرة في أخذها "فأرسلوا إليه تلاميذهم مع الهيرودسيين قائلين: يا معلّم نعلم أنك صادق، وتعلّم طريق الله بالحق، ولا تبالي بأحد لأنك لا تنظر إلى وجوه الناس. فقل لنا: ماذا تظن ، أيجوز أن تعطى جزية لقيصر أم لا؟ .. فقال لهم: لمن هذه الصورة والكتابة.قالوا له: لقيصر. فقال لهم: أعطوا إذاً ما لقيصر لقيصر، وما للّه للّه" (متى 22/16-21).
ولم يجد المسيح غضاضة في مجالسة ومحبة العشارين الذين يقبضون الجزية ويسلمونها للرومان (انظر متى 11/19)، واصطفى منهم متى العشار ليكون أحد رسله الاثني عشر (انظر متى 9/9).
ويعتبر العهد الجديد أداء الجزية للسلاطين حقاً مشروعاً، بل ويعطيه قداسة ويجعله أمراً دينياً، إذ يقول: "لتخضع كل نفس للسلاطين، السلاطين الكائنة هي مرتبة من الله. حتى إن من يقاوم السلطان يقاوم ترتيب الله، والمقاومون سيأخذون لأنفسهم دينونة... إذ هو خادم الله، منتقم للغضب من الذي يفعل الشر. لذلك يلزم أن يخضع له ليس بسبب الغضب فقط، بل أيضا بسبب الضمير. فإنكم لأجل هذا توفون الجزية أيضاً، إذ هم خدام الله مواظبون على ذلك بعينه، فأعطوا الجميع حقوقهم، الجزية لمن له الجزية، الجباية لمن له الجباية، والخوف لمن له الخوف، والإكرام لمن له الإكرام" (رومية 13/1-7).


ثالثاً : الجزية في الإسلام
لكن الإسلام كعادته لا يتوقف عند ممارسات البشر السابقة عليه، بل يترفع عن زلـلهم، ويضفي خصائصه الحضارية، فقد ارتفع الإسلام بالجزية ليجعلها، لا أتاوة يدفعها المغلوبون لغالبهم، بل لتكون عقداً مبرماً بين الأمة المسلمة والشعوب التي دخلت في رعويتها. عقد بين طرفين، ترعاه أوامر الله بالوفاء بالعهود واحترام العقود، ويوثقه وعيد النبي صلى الله عليه وسلم لمن أخل به ، وتجلى ذلك بظهور مصطلح أهل الذمة، الذمة التي يحرم نقضها ويجب الوفاء بها ورعايتها بأمر النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد أمر الله بأخذ الجزية من المقاتلين دون غيرهم كما نصت الآية على ذلك } قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون { ( ) قال القرطبي: "قال علماؤنا: الذي دل عليه القرآن أن الجزية تؤخذ من المقاتلين... وهذا إجماع من العلماء على أن الجزية إنما توضع على جماجم الرجال الأحرار البالغين، وهم الذين يقاتلون دون النساء والذرية والعبيد والمجانين المغلوبين على عقولهم والشيخ الفاني".( )
وقد كتب عمر إلى أمراء الأجناد: (لا تضربوا الجزية على النساء والصبيان، ولا تضربوها إلا على من جرت عليه المواسي)( ) أي ناهز الاحتلام.
ولم يكن المبلغ المدفوع للجزية كبيراً تعجز عن دفعه الرجال، بل كان ميسوراً ، لم يتجاوز على عهد النبي صلى الله عليه وسلم الدينار الواحد في كل سنة، فيما لم يتجاوز الأربعة دنانير سنوياً زمن الدولة الأموية.
فحين أرسل النبي معاذاً إلى اليمن أخذ من كل حالم منهم دينارا، يقول معاذ: (بعثني النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن، فأمرني أن آخذ من كل ثلاثين بقرة تبيعا، أو تبيعة، ومن كل أربعين مسنة (هذه زكاة على المسلمين منهم)، ومن كل حالم ديناراً، أو عدله مَعافر(للجزية))( )، والمعافري: الثياب.
وفي عهد عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- ضرب الجزية على أهل الذهب: أربعة دنانير، وعلى أهل الورِق: أربعين درهما؛ مع ذلك أرزاق المسلمين، وضيافة ثلاثة أيام.( )
1. التحذير من ظلم أهل الذمة
يأمر الله في كتابه والنبي في حديثه بالإحسان لأهل الجزية وحسن معاملتهم، وتحرم الشريعة أشد التحريم ظلمهم والبغي عليهم، فقد حثّ القرآن على البر والقسط بأهل الكتاب المسالمين الذين لا يعتدون على المسلمين } لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين {( ) ، والبر أعلى أنواع المعاملة ، فقد أمر الله به في باب التعامل مع الوالدين ، وهو الذي وضحه رسول الله e في حديث آخر بقوله : (( البر حسن الخلق ))( ) .
ويقول صلى الله عليه وسلم في التحذير من ظلم أهل الذمة وانتقاص حقوقهم: (( من ظلم معاهداً أو انتقصه حقه أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئاً بغير طيب نفس فأنا حجيجه يوم القيامة)) ( )، ويقول: ((من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة ، وإن ريحها توجد من مسيرة أربعين عاماً )). ( )
وحين أساء بعض المسلمين معاملة أهل الجزية كان موقف العلماء العارفين صارماً، فقد مرّ هشام بن حكيم بن حزام على أناس من الأنباط بالشام قد أقيموا في الشمس، فقال: ما شأنهم؟ قالوا: حبسوا في الجزية، فقال هشام: أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن الله يعذب الذين يعذبون الناس في الدنيا)). قال: وأميرهم يومئذ عمير بن سعد على فلسطين، فدخل عليه، فحدثه، فأمر بهم فخُلوا. ( )
وأما الأمر بالصغار الوارد في قوله: } وهم صاغرون {، فهو معنى لا يمكن أن يتنافى مع ما رأيناه في أقوال النبي صلى الله عليه وسلم من وجوب البر والعدل، وحرمة الظلم والعنت، وهو ما فهمه علماء الإسلام ، ففسره الشافعي بأن تجري عليهم أحكام الإسلام، أي العامة منها، فالجزية علامة على خضوع الأمة المغلوبة للخصائص العامة للأمة الغالبة.
وفسره التابعي عكرمة مولى ابن عباس بصورة دفع الجزية للمسلمين، فقال: "أن يكونوا قياماً، والآخذ لها جلوساً"، إذ لما كانت اليد المعطية على العادة هي العالية، طلب منهم أن يشعروا العاطي للجزية بتفضلهم عليه، لا بفضله عليهم، يقول القرطبي في تفسيره: "فجعل يد المعطي في الصدقة عليا، وجعل يد المعطي في الجزية سفلى، ويد الآخذ عليا". ( )
2- بعض صيغ عقد الذمة في الدولة الإسلامية
وقدم الإسلام ضمانات فريدة لأهل الذمة، لم ولن تعرف لها البشرية مثيلاً، ففي مقابل دراهم معدودة يدفعها الرجال القادرون على القتال من أهل الذمة، فإنهم ينعمون بالعيش الآمن والحماية المطلقة لهم من قبل المسلمين علاوة على أمنهم على كنائسهم ودينهم .
وقد تجلى ذلك في وصايا الخلفاء لقادتهم ، كما أكدته صيغ الاتفاقات التي وقعها المسلمون مع دافعي الجزية، ونود أن نلفت نظر القارئ الكريم إلى تأمل الضمانات التي يضمنها المسلمون وما يدفعه أهل الجزية في مقابلها.
ونبدأ بما نقله المؤرخون عن معاهدات النبي صلى الله عليه وسلم لأهل الجزية، ونستفتح بما أورده ابن سعد في طبقاته من كتاب النبي لربيعة الحضرمي، إذ يقول: " وكتب رسول الله e لربيعة بن ذي مرحب الحضرمي وإخوته وأعمامه، أن لهم أموالهم ونخلهم ورقيقهم وآبارهم وشجرهم ومياههم وسواقيهم ونبتهم وشِراجهم (السواقي) بحضرموت ، وكل مال لآل ذي مرحب ، وإن كل رهن بأرضهم يُحسب ثمره وسدره وقبضه من رهنه الذي هو فيه ، وأن كل ما كان في ثمارهم من خير فإنه لا يسأل أحد عنه ، وأن الله ورسوله براء منه ، وأن نَصْرَ آل ذي مرحب على جماعة المسلمين ، وأن أرضهم بريئة من الجور ، وأن أموالهم وأنفسهم وزافر حائط الملك الذي كان يسيل إلى آل قيس ، وأن الله جار على ذلك ، وكتب معاوية" ( )
وقوله: (( وأن نصر آل ذي مرحب على جماعة المسلمين )) فيه لفتة هامة، وهي أن المسلمين يقدمون حياتهم وأرواحهم ودماءهم فدىً لمن دخل في حماهم ، وأصبح في ذمتهم ، إنها ذمة الله تعالى وذمة رسول الله e . يقول القرافي: "فعقد يؤدي إلى إتلاف النفوس والأموال صوناً لمقتضاه عن الضياع إنه لعظيم". ( )
كما كتب النبي صلى الله عليه وسلم كتاب ذمة وعهد إلى أهل نجران النصارى، ينقله إلينا ابن سعد في طبقاته، فيقول: " وكتب رسول الله e لأسقف بني الحارث بن كعب وأساقفة نجران وكهنتهم ومن تبعهم ورهبانهم أن لهم ما تحت أيديهم من قليل وكثير، من بيعهم وصلواتهم ورهبانهم وجوار الله ورسوله، لا يغير أسقف عن أسقفيته ، ولا راهب عن رهبانيته ، ولا كاهن عن كهانته ، ولا يغير حق من حقوقهم ، ولا سلطانهم ولا شيء مما كانوا عليه، ما نصحوا وأصلحوا فيما عليهم غير مثقلين بظلم ولا ظالمين ، وكتب المغيرة". ( )
وانساح أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يطبقون ما تعلموه من نبيهم العظيم، ويلتزمون لأهل الجزية بمثل الإسلام وخصائصه الحضارية، وقد أورد المؤرخون عدداً مما ضمنوه لأهل الذمة، ومن ذلك العهدة العمرية التي كتبها عمر لأهل القدس، وفيها: "بسم الله الرحمن الرحيم ؛ هذا ما أعطى عبد الله عمر أمير المؤمنين أهل إيلياء من الأمان ، أعطاهم أماناً لأنفسهم وأموالهم ، ولكنائسهم وصلبانهم وسقيمها وبريئها وسائر ملتها، أن لا تُسكن كنائسهم ولا تُهدم ولا يُنتقص منها ولا من حيزها ، ولا من صليبهم ولا من شيء من أموالهم .
ولا يكرهون على دينهم، ولا يُضار أحد منهم ، ولا يُسَكَّن بإيلياء معهم أحد من اليهود ، وعلى أهل إيلياء أن يعطوا الجزية كما يعطي أهل المدائن، وعليهم أن يُخرجوا منها الروم واللصوص ، فمن خرج منهم فإنه آمن على نفسه وماله حتى يبلغ مأمنه ، ومن أقام منهم فهو آمن، وعليه مثل ما على أهل إيلياء من الجزية ...ومن شاء سار مع الروم ، ومن شاء رجع إلى أهله فإنه لا يؤخذ منهم شيء حتى يحصد حصادهم.
وعلى ما في هذا الكتاب عهد الله وذمة رسوله وذمة الخلفاء وذمة المؤمنين إذا أعطوا الذي عليهم من الجزية ، شهد على ذلك خالد بن الوليد ، وعمرو بن العاص ، وعبد الرحمن بن عوف، ومعاوية بن أبي سفيان ، وكتب وحضر سنة خمس عشرة". ( ) ، وبمثله كتب عمر لأهل اللد.( )
وحين فتح خالد بن الوليد دمشق كتب لأهلها مثله، "بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا ما أعطى خالد بن الوليد أهل دمشق إذا دخلها أماناً على أنفسهم وأموالهم وكنائسهم وسور مدينتهم لا يهدم، ولا يسكن شيء من دورهم ، لهم بذلك عهد الله وذمة رسول الله e والخلفاء والمؤمنين، لا يُعرض لهم إلا بخير إذا أعطوا الجزية". ( )
ويسجل عبادة بن الصامت هذه السمات الحضارية للجزية في الإسلام، وهو يعرض الموقف الإسلامي الواضح على المقوقس عظيم القبط ، فيقول: "إما أجبتم إلى الإسلام .. فإن قبلت ذلك أنت وأصحابك فقد سعدت في الدنيا والآخرة ، ورجعنا عن قتالكم، ولم نستحل أذاكم ولا التعرض لكم ، فإن أبيتم إلا الجزية، فأدوا إلينا الجزية عن يد وأنتم صاغرون، نعاملكم على شيء نرضى به نحن وأنتم في كل عام أبداً ما بقينا وبقيتم ، نقاتل عنكم من ناوأكم وعرض لكم في شيء من أرضكم ودمائكم وأموالكم، ونقوم بذلك عنكم إن كنتم في ذمتنا ، وكان لكم به عهد علينا ...". ( )
ونلحظ ثانية كيف يتقدم المسلم بنفسه لحماية أهل الجزية وأموالهم، ونرى فداءه لهم بماله ودمه "نقاتل عنكم من ناوأكم وعرض لكم في شيء من أرضكم ودمائكم وأموالكم، ونقوم بذلك عنكم" .
3- حرص المسلمين على الوفاء بعقد الذمة
وقد خشي الخلفاء أن يقصر المسلمون في حقوق أهل الذمة ، فتفقدوا أحوالهم، ومن ذلك ما رواه الطبري في تاريخه، في سياقه لحديث عمر إلى وفد جاءه من أرض الذمة " قال عمر للوفد: لعل المسلمين يفضون إلى أهل الذمة بأذى وبأمور لها ما ينتقضون بكم؟ فقالوا:ما نعلم إلا وفاء وحسن ملكة". ( )
ولما جاءه مال الجباية سأل عن مصدره مخافة العنت والمشقة على أهل الذمة، ففي الأثر عنه رضي الله عنه "أنه أتي بمال كثير، أحسبه قال من الجزية فقال: إني لأظنكم قد أهلكتم الناس؟ قالوا: لا والله ما أخذنا إلا عفوا صفوا. قال: بلا سوط ولا نوط؟ قالوا: نعم. قال: الحمد لله الذي لم يجعل ذلك على يدي ولا في سلطاني ". ( )
ولما تدانى الأجل به رضي الله عنه لم يفُته أن يوصي المسلمين برعاية أهل الذمة فقال: " أوصي الخليفة من بعدي بأهل الذمة خيراً، وأن يوفي لهم بعهدهم ، وأن يقاتلوا من ورائهم ، وألا يكلفوا فوق طاقتهم ". ( )
وكتب علي رضي الله عنه إلى عماله على الخراج: "إذا قدمت عليهم فلا تبيعن لهم كسوة، شتاءً ولا صيفاً، ولا رزقاً يأكلونه، ولا دابة يعملون عليها، ولا تضربن أحداً منهم سوطاً واحداً في درهم، ولا تقمه على رجله في طلب درهم، ولا تبع لأحد منهم عَرَضاً في شيء من الخراج، فإنا إنما أمرنا الله أن نأخذ منهم العفو ، فإن أنت خالفت ما أمرتك به يأخذك الله به دوني، وإن بلغني عنك خلاف ذلك عزلتك". ( )
وأجلى الوليد بن يزيد نصارى قبرص مخافة أن يعينوا الروم فردهم يزيد بن الوليد الخليفة بعده، يقول إسماعيل بن عياش عن صنيع الوليد: فاستفظع ذلك المسلمون، واستعظمه الفقهاء، فلما ولي يزيد بن الوليد ردهم إلى قبرص ، فاستحسن المسلمون ذلك من فعله، ورأوه عدلاً.( )
ولما أخذ الوليد بن عبد الملك كنيسة يوحنا من النصارى قهراً، وأدخلها في المسجد، اعتبر المسلمون ذلك من الغصب، فلما ولي عمر بن عبد العزيز شكى إليه النصارى ذلك، فكتب إلى عامله يأمره برد ما زاد في المسجد عليهم.( )
4- من أقوال الفقهاء المسلمين في حراسة وتقرير حقوق أهل الذمة
ونلحظ فيما سبق الإسلام لحراسة حقوق أهل الذمة في إقامة شعائر دينهم وكنائسهم ، جاء في قوانين الأحكام الشرعية : "المسألة الثانية: فيما يجب لهم علينا، وهو التزام إقرارهم في بلادنا إلا جزيرة العرب وهي الحجاز واليمن، وأن نكف عنهم، ونعصمهم بالضمان في أنفسهم وأموالهم، ولا نتعرض لكنائسهم ولا لخمورهم وخنازيرهم ما لم يظهروها". ( )
وينقل الطحاوي إجماع المسلمين على حرية أهل الذمة في أكل الخنازير والخمر وغيره مما يحل في دينهم، فيقول: "وأجمعوا على أنه ليس للإمام منع أهل الذمة من شرب الخمر وأكل لحم الخنازير واتخاذ المساكن التي صالحوا عليها، إذا كان مِصراً ليس فيه أهل إسلام (أي في بلادهم التي هم فيها الكثرة)".( )
وتصون الشريعة نفس الذمي وماله ، وتحكم له بالقصاص من قاتله ، فقد أُخذ رجل من المسلمين على عهد علي رضي الله عنه وقد قتل رجلاً من أهل الذمة، فحكم عليه بالقصاص، فجاء أخوه واختار الدية بدلا عن القود، فقال له علي: "لعلهم فرقوك أو فزّعوك أو هددوك؟" فقال: لا ، بل قد أخذت الدية، ولا أظن أخي يعود إلي بقتل هذا الرجل، فأطلق علي القاتل، وقال: "أنت أعلم، من كانت له ذمتنا، فدمه كدمنا، وديته كديّتنا". ( )
وصوناً لمال الذمي فإن الشريعة لا تفرق بينه وبين مال المسلم، وتحوطه بقطع اليد الممتدة إليه، ولو كانت يد مسلم، يقول المفسر القرطبيُّ: "الذمي محقون الدم على التأبيد والمسلم كذلك، وكلاهما قد صار من أهل دار الإسلام، والذي يحقِق ذلك أنّ المسلم يقطع بسرقة مال الذمي، وهذا يدل على أنّ مال الذمي قد ساوى مال المسلم، فدل على مساواته لدمه، إذ المال إنّما يحرم بحرمة مالكه". ( )
قال الماورديّ: "ويلتزم ـ أي الإمام ـ لهم ببذل حقَّين: أحدهما: الكفُّ عنهم. والثانِي: الحماية لهم، ليكونوا بالكفِّ آمنين، وبالحماية محروسين". ( )
وقال النوويّ: "ويلزمنا الكفُّ عنهم، وضمان ما نُتلفه عليهم، نفسًا ومالاً، ودفعُ أهلِ الحرب عنهم". ( )
وتوالى تأكيد الفقهاء المسلمين على ذلك، يقول ابن النجار الحنبلي: "يجب على الإمام حفظ أهل الذمة ومنع من يؤذيهم وفكُّ أسرهم ودفع من قصدهم بأذى". ( )
ولما أغار أمير التتار قطلوشاه على دمشق في أوائل القرن الثامن الهجري، وأسر من المسلمين والذميين من النصارى واليهود عدداً، ذهب إليه الإمام ابن تيمية ومعه جمع من العلماء، وطلبوا فك أسر الأسرى، فسمح له بالمسلمين، ولم يطلق الأسرى الذميين، فقال له شيخ الإسلام: "لابد من افتكاك جميع من معك من اليهود والنصارى الذين هم أهل ذمتنا، ولا ندع لديك أسيراً، لا من أهل الملة، ولا من أهل الذمة، فإن لهم ما لنا، وعليهم ما علينا" ، فأطلقهم الأمير التتري جميعاً. ( )
وينقل الإمام القرافي عن الإمام ابن حزم إجماعاً للمسلمين لا تجد له نظيراً عند أمة من الأمم، فيقول: "من كان في الذمة، وجاء أهل الحرب إلى بلادنا يقصدونه، وجب علينا أن نخرج لقتالهم بالكراع والسلاح، ونموت دون ذلك، صوناً لمن هو في ذمة الله تعالى وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم، فإن تسليمه دون ذلك إهمال لعقد الذمة". ( )
5- صور ناصعة من معاملة المسلمين لأهل الذمة
وحين عجز المسلمون عن أداء حقوق أهل الذمة وحمايتهم من عدوهم ردوا إليهم ما أخذوه من الجزية لفوات شرطها، وهو الحماية، فقد روى القاضي أبو يوسف في كتاب الخراج وغيره من أصحاب السير عن مكحول أن الأخبار تتابعت على أبي عبيدة بجموع الروم، فاشتد ذلك عليه وعلى المسلمين ، فكتب أبو عبيدة لكل والٍ ممن خلَّفه في المدن التي صالح أهلها يأمرهم أن يردوا عليهم ما جُبي منهم من الجزية والخراج ، كتب إليهم أن يقولوا لهم: إنما رددنا عليكم أموالكم، لأنه قد بلغنا ما جمع لنا من الجموع ، وإنكم قد اشترطتم علينا أن نمنعكم، وإنا لا نقدر على ذلك، وقد رددنا عليكم ما أخذنا منكم، ونحن لكم على الشرط وما كان بيننا وبينكم إن نصرنا الله عليهم". ( )
وحين قام أهل الذمة بالمشاركة في الذود عن بلادهم أسقط عنهم المسلمون الجزية، كما صنع معاوية رضي الله عنه مع الأرمن، يقول لوران المؤرخ الفرنسي في كتابه "أرمينية بين بيزنطة والإسلام" : "إن الأرمن أحسنوا استقبال المسلمين ليتحرروا من ربقة بيزنطة، وتحالفوا معهم ليستعينوا بهم على مقاتلة الخزر، وترك العرب لهم أوضاعهم التي ألفوها وساروا عليها، والعهد أعطاه معاوية سنة 653م، إلى القائد تيودور رختوني ولجميع أبناء جنسه ماداموا راغبين فيه، وفي جملته: ((أن لا يأخذ منهم جزية ثلاث سنين، ثم يبذلون بعدها ما شاؤوا، كما عاهدوه وأوثقوه على أن يقوموا بحاجة خمسة عشر ألف مقاتل من الفرسان منهم بدلا من الجزية، وأن لا يرسل الخليفة إلى معاقل أرمينا أمراء ولا قادة ولا خيلا ولا قضاة... وإذا أغار عليهم الروم أمدهم بكل ما يريدونه من نجدات. وأشهد معاويةُ الله على ذلك)). ( )
ولا يتوقف حق أهل الذمة على دفع العدو عنهم، بل يتعداه إلى دفع كل أذى يزعجهم، ولو كان بالقول واللسان، يقول القرافي: "إن عقد الذمة يوجب لهم حقوقاً علينا لأنهم في جوارنا وفي خفارتنا (حمايتنا) وذمتنا وذمة الله تعالى، وذمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودين الإسلام، فمن اعتدى عليهم ولو بكلمة سوء أو غيبة، فقد ضيع ذمة الله وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم، وذمة دين الإسلام". ( )
وواصل المسلمون بهدي من دينهم عطاءهم الحضاري حين تحولوا من آخذين للجزية إلى باذلين للمال رعاية وضماناً للفقراء من أهل الذمة، فقد روى ابن زنجويه بإسناده أن عمر بن الخطاب رأى شيخاً كبيراً من أهل الجزية يسأل الناس فقال: ما أنصفناك إن أكلنا شبيبتك، ثم نأخذ منك الجزية، ثم كتب إلى عماله أن لا يأخذوا الجزية من شيخ كبير.( ) وكان مما أمر به رضي الله عنه : "من لم يطق الجزية خففوا عنه، ومن عجز فأعينوه". ( )
وأرسل الخليفة عمر بن عبد العزيز إلى عامله على البصرة عدي بن أرطأة يقول: "وانظر من قبلك من أهل الذمة، قد كبرت سنه وضعفت قوته، وولت عنه المكاسب، فأجرِ عليه من بيت مال المسلمين ما يصلحه". ( )
أما إذا امتنع الذمي عن دفع الجزية مع القدرة عليها فإنه يعاقب، من غير أن تنقض ذمته، يقول القرطبي: "وأما عقوبتهم إذا امتنعوا عن أدائها مع التمكين فجائز، فأما مع تبين عجزهم فلا تحل عقوبتهم، لأن من عجز عن الجزية سقطت عنه، ولا يكلف الأغنياء أداءها عن الفقراء". ( )
لقد أدرك فقهاء الإسلام أهمية عقد الذمة وخطورة التفريط فيه، وأنه لا ينقض بمجرد الامتناع عن دفع الجزية، يقول الكاساني الحنفي: "وأما صفة العقد (أي عقد الذمة) فهو أنه لازم في حقنا، حتى لا يملك المسلمون نقضه بحال من الأحوال، وأما في حقهم (أي الذميين) فغير لازم". ( )



رابعاً : شهادة المؤرخين الغربيين
ولسائل أن يسأل : هل حقق المسلمون هذه المثُُل العظيمة ، هل وفوا ذمة نبيهم طوال تاريخهم المديد؟ وفي الإجابة عنه نسوق ثلاث شهادات لغربيين فاهوا بالحقيقة التي أثبتها تاريخنا العظيم.
يقول ولديورانت: "لقد كان أهل الذمة، المسيحيون والزرادشتيون واليهود والصابئون يتمتعون في عهد الخلافة الأموية بدرجة من التسامح، لا نجد لها نظيرا في البلاد المسيحية في هذه الأيام، فلقد كانوا أحراراً في ممارسة شعائر دينهم، واحتفظوا بكنائسهم ومعابدهم، ولم يفرض عليهم أكثر من ارتداء زيّ ذي لون خاص، وأداء ضريبة عن كل شخص باختلاف دخله، وتتراوح بين دينارين وأربعة دنانير، ولم تكن هذه الضريبة تفرض إلا على غير المسلمين القادرين على حمل السلاح، ويعفى منها الرهبان والنساء والذكور الذين هم دون البلوغ، والأرقاء والشيوخ، والعجزة، والعمى الشديد والفقر، وكان الذميون يعفون في نظير ذلك من الخدمة العسكرية..ولا تفرض عليهم الزكاة البالغ قدرها اثنان ونصف في المائة من الدخل السنوي، وكان لهم على الحكومة أن تحميهم..." ( )
يقول المؤرخ آدم ميتز في كتابه "الحضارة الإسلامية": "كان أهل الذمة يدفعون الجزية، كل منهم بحسب قدرته، وكانت هذه الجزية أشبه بضريبة الدفاع الوطني، فكان لا يدفعها إلا الرجل القادر على حمل السلاح، فلا يدفعها ذوو العاهات، ولا المترهبون، وأهل الصوامع إلا إذا كان لهم يسار". ( )
ويقول المؤرخ سير توماس أرنولد في كتابه "الدعوة إلى الإسلام" موضحاً الغرض من فرض الجزية ومبيناً على مَن فُرضت: "ولم يكن الغرض من فرض هذه الضريبة على المسيحيين - كما يردد بعض الباحثين - لوناً من ألوان العقاب لامتناعهم عن قبول الإسلام، وإنما كانوا يؤدونها مع سائر أهل الذمة. وهم غير المسلمين من رعايا الدولة الذين كانت تحول ديانتهم بينهم وبين الخدمة في الجيش في مقابل الحماية التي كفلتها لهم سيوف المسلمين".
وهكذا تبين بجلاء ووضوح براءة الإسلام بشهادة التاريخ والمنصفين من غير أهله، ثبتت براءته مما ألحقه به الزاعمون، وما فاهت فيه ألسنة الجائرين.

هذا والله أسأل أن يشرح صدورنا لما اختلفنا فيه من الحق بإذنه إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

عرفات

لم اكن بحاجة لتقدم لى وصلة تبشير مملة انا سالتك فقط

هل كتبت مذكراتك ووصفت كيف انك كنت فى حالة اكتئاب نفسى وكيف انك كنت تبكى كالاطفال وتضع راسك بين يديك بسبب تناقض الاسلام وفجاة وبدون مقدمات غمرتك السعادة وانتصب عضوك الذكرى عندما اكتشفت الرب اليسوع ...ليقوموا بعدها بنشر مدفوع الاجر لها فى المواقع التبشيرية المسيحية التافهة

[CENTER][size=5]الحرب في الإسلام[/CENTER][/size]

إن مبدأ الدفاع عن النفس والدين والعِرْضِ والأرض قد كفلته القوانين والمواثيق الدولية ويحدثنا إنجيل لوقا أن يسوع المسيح لما شعر بما يُدَبَّر ويُحَاك ضده، قال لتلاميذه:
"من ليس له كيس فليأخذه ومزود كذلك. ومن ليس له فليبع ثوبه ويشتر سيفاً ... فقالوا ... هو ذا هنا سيفان. فقال لهم يكفي" (لوقا 22 : 36 – 38).
ولقد عاش المسيح – من بداية دعوته – فترة قصيرة لا تُمَكِّنَه من جمع أتباع وتكوين جيش يدافع به عن دعوته. ولو عاش طويلاً لفعل كما خطط في لحظة يأسٍ أن يشترى سلاحاً يدافع به هو وتلاميذه عن أنفسهم. ولقد أيد بولس اللجوء إلى السيف للقضاء على الشر والفساد:
"السلطان ... خادم الله للصلاح ... لا يحمل السيف عبثاً إذْ هو خادم الله منتقم للغضب من الذى يفعل الشر" (رومية 13 : 3، 4)
وقد أدلى الرئيس الأمريكي الأسبق "رونالد ريجان" بتصريح أكد فيه أهمية القوة. فقال بشأن الدب الروسي (الاتحاد السوفيتي سابقاً):
"هناك دب سائب في الغابة ... بعض الناس يقولون أن الدب أليف، وغيرهم يقولون إنه ضار وخطير. ولما كان من الصعب أن نعرف أيهم على صواب، أَلا يكون من الفطنة أن تكون قوتنا مساوية لقوة الدب؟" (الصراع على القمة. لستر ثارو. ترجمة أحمد فؤاد بلبع. عالم المعرفة. الكويت. ديسمبر 1995م. ص 7)
ولم يفهموا المقصد أولئك الذين يتخوفون من الإسلام عندما يقرأون قوله سبحانه وتعالى:
"وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم وما تنفقوا من شئ في سبيل الله يُوَفَّ إليكم وأنتم لا تُظْلَمُون" (الأنفال 60)
إن رباط الخيل ليس لإعدامه، وإنما للسيطرة على تصرفاته الحيوانية واندفاعه بلا هدف. كذلك القوة تجبر الظالم على التصرف في حدود الأعراف والمواثيق الدولية، وتمنعه من التفكير في الاندفاع لظلم الناس. فالآية تريد من المسلمين أن يكونوا "مُرْهِبِين" لا "إرهابيين". وهذا ما عبَّر عنه – ولكن بمبالغة كبيرة – رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة، الجنرال "كولين باول" حين قال:
"إننا نريد أن يشعر العالم بالهلع حتى الموت من القوة العسكرية الأمريكية ولو بعد تخفيض نفقات الدفاع لأن هذه القوة سَتُطَمْئِن حلفاء أمريكا وتجعل أعداءها يرتعدون من الخوف" (كيف اغتلنا السادات. محمود فوزى. ط3. القاهرة. يناير 1993م. ص 51).
إذنْ لابد من قوة لأهل الحق تضفي عليهم احترام العالم الذي لا يحترم ضعيفاً. فلم يلجأ النبي إلى السيف إلاّ للدفاع عن حرية العقيدة بعد أن وقف في وجهه أعداء الحرية. يقول الكاتب البريطاني المرموق "كارليل":
"كانت نية هذا النبي قبل عام 622م أن ينشر دينه بالحكمة والموعظة الحسنة وقد بذل في سبيل ذلك كل جهد جهيد، ولكنه وجد الظالمين لم يكتفوا برفض رسالته ودعوته وعدم الإصغاء إليها، بل عمدوا إلى إسكاته بشتى الطرق من تهديد ووعيد واضطهاد حتى لا ينشر دعوته ... وهذا ما دفعه إلى الدفاع عن نفسه والدفاع عن دعوته" (الإسلام وخرافة السيف. ص 64)
لم يكن الرسول يهدف إلى دنيا يصيبها، وإنما إلى مبادئ سامقة ينشرها. فلم يدخل مكة دخول الفاتحين المتكبرين، وإنما دخلها دخول الخاشعين الشاكرين. فقد دخلها يوم الفتح خاشعاً ساجداً على سرج راحلته. (البداية والنهاية. ج4. ص 254)
وقد أمر الله رسوله ومن دعا إلى الله أن يبلِّغوا رسالة الله حتى لا تكون لأحد حجة على الله يوم القيامة. وليكن نشر الدعوة باللين والإقناع:
"ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضلَّ عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين" (النحل 125)
ومع أن فرعون كان طاغية متجبراً، إلاّ أن الله أمر موسى وهارون باللين. فقال:
"اذهبا إلى فرعون إنه طغى. فقولا له قولاً ليِّناً لعله يَتْذَّكّر أو يخشى" (طه 43، 44)
ويمكنك مطالعة القرآن الكريم ولن تجد نبيّاً واحداً لجأ إلى العنف في دعوته، وإنما كان منهجهم الدعوة إلى الله بأسلوب راقٍ متحضرٍ، والصبر على المكاره مهما بلغت حتى يحكم الله.
وامتثل الرسول لأمر ربه. فكان يبعث السرية للدعوة إلى عبادة الله ويوصى أميرها بقوله:
"إذا لقيت عدوك من المشركين فادْعُهُم إلى أحد ثلاث خصال. فأيتها أجابوك إليها فاقبل منهم وكُفَّ عنهم: ادعهم إلى الإسلام ... فإن أبوا فادعهم إلى إعطاء الجزية ... فإن أبوا فاستعن بالله وقاتلهم" (حياة الصحابة. م1. ص 82)
وقد بعث النبي سرية فأغاروا على حي من العرب. فَسَبَوْا مقاتليهم وذريتهم. فقالوا: يا رسول الله. أغاروا علينا بغير دعاء. فسأل النبي أهل السرية فصدقوهم. فقال: "ردوهم إلى مأمنهم ثم ادعوهم" (المصدر السابق. م1. ص 84).
وكان النبي إذا بعث بعثاً قال:
"تألفوا الناس ولا تغيروا عليهم حتى تدعوهم. فما على الأرض من أهل مدر ولا وبر إلاّ تأتوني بهم مسلمين أحب إلىَّ من أن تأتوني بنسائهم وأولادهم وتقتلوا رجالهم" (نفس المصدر. م1. ص 82).
ونهى الرسول جيشه عن اقتراف الذنوب والوقوع في الظلم. فقال:
"لا تغدروا، ولا تغيروا، ولا تقتلوا وليداً ولا امرأة ولا كبيراً فانياً ولا منعزلاً بصومعة، ولا تقطعوا نخلاً ولا شجرة، ولا تهدموا بناءً" (الرحيق المختوم. ص 46)
ونفذ الصحابة تعليمات النبي حتى في المواقف التي يصعب على الإنسان أن يكبح جماح نفسه. ففي معركة أحد رأى الصحابي "أبو دجانة" فارساً من قريش يقاتل بحماس شديد. فحمل عليه بالسيف، ولكن الفارس ولول. فعرف الصحابي أنه امرأة فأعرض عنها وقال:
"أكرمت سيف رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أن أضرب به امرأة" (البداية والنهاية. ج4. ص 15).
وسار الصحابة على درب الرسول في تبليغ المنهج. فلم تأسرهم الدنيا بزخرفها فيقاتلوا الناس لاحتلال أرضهم والعلو عليهم، وإنما جاهدوا لتصل كلمة الله إلى كل عبد من عباد الله. فإذا بلغته الرسالة فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، فقد أدوا ما عليهم، وحساب العباد على الله. وهذا ما طبَّقه "النعمان بن مقرن" خير تطبيق عندما أرسله "سعد بن أبى وقَّاص" في جماعة إلى كسري – ملك الفرس – يدعونه إلى الله. فقال النعمان لكسري:
"إن الله رحمنا فأرسل إلينا رسولاً يدلنا على الخير ويأمرنا به، ويُعَرَِفَنا الشرَّ وينهانا عنه ... فنحن ندعوكم إلى ديننا وهو دين الإسلام ... فإن أبيتم فالجزية. فإن أبيتم فالمناجزة (أي القتال). وإن أجبتم إلى ديننا خَلَّفنا فيكم كتاب الله وأقمناكم عليه على أن تحكموا بأحكامه ونرجع عنكم وشأنكم وبلادكم وإن أتيتمونا الجزية قبلنا منكم ومنعناكم (أي قاتلنا من يعتدي عليكم) وإلاّ قاتلناكم" (المصدر السابق. ج7. ص 36، 37)
وقد لخَّص المغيرة بن شِعْبَة أخلاق ومبادئ الحرب في الإسلام وهو يفاوض "رستم" – قائد الفرس – قبيل المعركة. فقال له:
"إنّا ليس طلبنا الدنيا، وإنما همُّنا وطلبنا الآخرة. وقد بعث الله إلينا رسولاً بدين الحق. عموده شهادة أن لا إله إلاّ الله وأن محمداً رسول الله، والإقرار بما جاء من عند الله، وإخراج العباد من عبادة العباد إلى عبادة الله. والناس بنو آدم. فهم إخوة لأب وأم" فقال رستم:
"أرأيت إن دخلنا في دينكم أترجعون عن بلادنا؟ قال:
"إي والله ثم لا نقرب بلادكم إلاّ في تجارة أو حاجة"
(نفس المصدر. ج7. ص 34، 35)
ولم يأمر الإسلام جنوده بالانتقام حتى من حيوانات البلاد التي يدخلونها، وإنما أمرهم بالرفق في كل شئ. وقد نهى أبو بكر – الخليفة الأول – قائد جيشه عن ذبح البهائم. فقال:
"ولا تذبحوا شاةً ولا بقرةً ولا بعيراً إلاّ لمأكلة" (الإسلام وخرافة السيف. ص 125)
ونهى الإسلام عن تدمير التراث الإنساني. ففي إحدى معارك المسلمين مع اليهود، وقعت في أيدي المسلمين بعض صحف التوراة. فطالب بها اليهود. فأمر الرسول بردها.
ولما كانت هذه هي مبادئ الإسلام في الحرب، فإنك لن تجد أكثر من 1018 رجل قتلوا في جميع غزوات الرسول من الطرفين: 259 من المسلمين و 759 من غيرهم. (المصدر السابق. ص 283)
ولما دخل المسلمون البلاد، لم يهدموا على الناس معابدهم، بل تركوهم أحراراً. فعندما دخل عمرو بن العاص مصرَ، كتب لأهلها كتاب أمان. جاء فيه:
"بسم الله الرحمن الرحيم: هذا ما أعطى عمرو بن العاص أهل مصر من الأمان على أنفسهم وملتهم وأموالهم وكنائسهم وصلبانهم وبَرَّهم وبحرهم ... وعلى أهل مصر أن يعطوا الجزية ... وإنْ نقص نهرهم من غايته رُفِعَ عنهم بقدر ذلك" (البداية والنهاية. ج7. ص 88)
وكان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب يأمر قائد الجيش بالدفاع عن البلاد التي اختارت أداء الجزية فيقول له:
"فإن أقرُّوا بالخراج (أي الجزية) فقاتلوا عدوهم من ورائهم وفرِّغوهم لخراجهم ولا تكلفوهم فوق طاقتهم" (حياة الصحابة. م1. ص 181)
ولكن ما العمل إذا أخذ المسلمون الجزية ثم عجزوا عن الدفاع عن الناس؟ هذا ما حدث عندما جمع "هيرقل" الجموع لقتال المسلمين في المدن السورية. فقال قادة المسلمين للناس:
"إنّا كنا قد أخذنا منكم أموالاً على أن نحميكم وندافع عنكم، ونحن الآن خارجون عنكم لا نملك حمايتكم. فهذه أموالكم نردها إليكم"
فقال أهل المدن:
"ردكم الله ونصركم. والله لحكمكم وعدلكم أحب إلينا من جَوْر الروم وظلمهم" (الإسلام وخرافة السيف. ص 127)
إن المنصف ليقف مشدوهاً لا يملك إلاّ أن يحنى رأسه احتراماً إزاء ما وقع في خلافة عمر بن عبد العزيز. فقد دخل جيش المسلمين مدينة "سمرقند" دون أن ينذروا أهلها مع أنهم نقضوا العهد. فغضب بعض علماء المسلمين وأوعزوا إلى أهل المدينة بإرسال شكوى للخليفة الذي نصَّب قاضياً مسلماً للنظر في الأمر. وحكم القاضي بخروج الجيش وأن ينذرهم قبل البدء في الحرب. وخرج جيش المسلمين ونبذ إلى أهل المدينة وأنذرهم. إلاّ أنهم خرجوا مكبرين مهللين لهذا الدين العظيم يرددون" لا إله إلاّ الله، محمد رسول الله"
(منار الإسلام. عدد 2. الإمارات. ديسمبر 1982م. ص 52)
وهذا ما دفع جوستاف لوبون ليطلقها شهادة مدوية في التاريخ عندما قال:
"لم يشهد التاريخ حاكماً أعدل ولا أرفق من العرب، لا لأنهم عرب، بل لأنهم مسلمون يسوسون الناس بهدى الإسلام" (الوعي الإسلامي. عدد 48. الكويت 18 / 2 / 1969م. ص 68).
وإذا ألقينا نظرة تاريخية على خريطة العالم الإسلامي سنجد أن البلاد الإسلامية التي دخلها الإسلام بجيوشه هي الربع من مجموع الدول الإسلامية التي أسلمت اقتناعاً وطوعاً. فهناك دول كثيرة أسلمت عن طريق التجار المسلمين لما لمسوه فيهم من أخلاق سامية تتمثل في تقوى الله وأداء الأمانة وحفظ العهد. (الإسلام وخرافة السيف. ص 114، 115)
وهكذا يتضح بجلاء لا لبس فيه أن الإسلام انتشر بغير سيف إلاّ سيف العقل والبرهان الساطع على العكس من الأديان التي سبقته. فقد كانت شراً وبيلاً على البلاد التي دخلتها. يقول د. جوستاف لوبون في كتابه "حضارة العرب":
"ولقد أكرهت مصر على انتحال النصرانية. وهبطت بذلك إلى حضيض الانحطاط الذي لم ينتشلها منه سوى الفتح العربي" (ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين. ص 48).
واشتد الخلاف في طبيعة المسيح في القرنين السادس والسابع بين الكنيسة الكاثوليكية الرومانية والكنيسة الأرثوذكسية المرقسية ووقع اضطهاد فظيع على يد قيروس في مصر استمر عشر سنين وقع خلالها ما تقشعر منه الجلود. فقد قتل حوالي 100 ألف مصري لرفضهم اعتناق مذهب الدولة الرومانية. وفر كثير من المسيحيين إلى قلب الصحراء وأقاموا فيها المعابد السرية. (المصدر السابق. ص 43، 44 + لمحات من تاريخ العالم. جواهر لآل نهرو. ص 184)
ولما فتحت مصر كان الفلاح المصري يدفع للدولة البيزنطية أكثر من 13 ضريبة، اختصرها المسلمون إلى ضريبتين متناسبتين مع الوضع الاقتصادي للفلاح المصري. (رسالة التوحيد. محمد عبده. ط3. مركز الحضارة العربية للإعلام والنشر. الجيزة 1989م. ص 174).
فكان طبيعياً أن يسارع المسيحيون إلى مساعدة جيش المسلمين في بناء الجسور عند دخولهم مصر لِمَا سمعوه من العدل الذي يحكم به المسلمون كل بلد فتحوه، وما كاد الأمر يستقر للمسلمين حتى سارع كثير من المسيحيين إلي دخول الإسلام. (الإسلام وخرافة السيف. ص 115 + ما بعد عام 2000 د. ميلاد حنا. ص 13، 113).
ولم يكن الإسلام رحمة أهداها الله لمصر فقط، بل لكل بلد دخلها الإسلام في الشرق والغرب. تقول دائرة المعارف اليهودية العامة:
"إن فتح العرب للبلاد أنقذ يهود فلسطين من الدمار الكامل"
ويقول المؤرخ اليهودى "هيامسون":
"وعمليّاً فيما يتعلق بيهود فلسطين فإن المسلمين قد جاءوا كمنقذين وليس كمضطهدين"(منار الإسلام. عدد 9. الإمارات 21 / 1 / 1996م. ص 83)
أما أسبانيا فقد كانت تعانى من الحروب بين مدنها المتناحرة. وكان الكثير من أرضها قفر لا يسكنه أحد. وتحدثنا كتب التاريخ عن الشكل الذي كانت عليه في ظل الحكم الإسلامي حتى أن ملوك أوروبا كانوا مبهورين بالتنظيم الإداري والرقى العلمي في أرضها. (الشاهد. عدد 125. شركة الشاهد للنشر المحدودة. نيقوسيا. قبرص. يناير 1996م. ص 71 + العربى. عدد 446. الكويت. يناير 1996م. ص 166).
يقول "بول كولينز" في كتابه "العثمانيون في أوروبا":
"لم يكن العثمانيون استبداديين طغاة إذا ما قارناهم بما كان يدور في أوروبا وقتها، فرعاياهم الأوروبيون كانوا يتمتعون بأقصى درجات التسامح الديني، لهذا انتشر الإسلام بالبلقان، وكانت شعوبه تستقبل قوات الفتح العثماني كمحررين أكثر من كونهم غزاةً غاصبين" (منبر الإسلام. عدد 7. القاهرة. ديسمبر 1994م. ص 66)
ويقول القس الألماني "بيتر":
"كان انتشار الإسلام أسرع من انتشار المسيحية وكان التحول للإسلام يتم من خلال بلدان مسيحية كاملة في أفريقيا وآسيا وأسبانيا" (التاريخ الأسود للكنيسة. بيتر دى روزا. ص 113)
ولما انتهى حكم المسلمين في أسبانيا، تركت أعداداً لا حصر لها من اليهود البلاد لاجئين إلى بلاد المسلمين مفضلين حياة المغترب في ظل حكم المسلمين. (الحل الإسلامي للمشكلة العنصرية. أحمد ديدات. المختار الإسلامى. القاهرة 24 / 8 / 1992م. ص 78).
ولقد اعتصر المفكر الفرنسي "أناتول فرانس" حزناً وهو يقرأ أحداث المعركة التي هُزِمَ فيها المسلمون على يد الفرنسيين والتي لولاها لدخل الإسلام أوروبا كما دخل إفريقيا. فيقول:
"إن أسود عام في التاريخ الأوروبي هو العام الذي حدثت فيه معركة بواتييه التي اندحرت فيها الحضارة العربية أمام البربرية الفرنسية" (الشعب. عدد 1071. القاهرة 28 / 6 / 1996م. ص 12)
وصدق الرجل، فلم يكن المسلمون من ذوى الميول الدنيوية، وإنما كانوا ذوى مبادئ سماوية عشقوها وعشقوا نشرها بين الأمم فعَلَّمُوا الناس الإنسانية بكل معانيها والحضارة بكل فروعها. وهذا ما شهد به ملك أسبانيا "خوان كارلوس" حين قال:
"إن فترة الخلافة الإسلامية هي فترة عظيمة في التاريخ الأسباني" (المصدر السابق. ص 12)
لقد انتصر الإسلام بعقائده التي لا يجد حيالها العقل إلاّ التسليم، وبمبادئه الكريمة التي تغزو القلوب بنورها، وبالقرآن الكريم ذي الأسلوب المُعْجِزِ المحكم الرهيب. فبسط الإسلام أجنحة عدله ورحمته على مناطق شاسعة من العالم. ولم يستطع الشيطان أن يسكت وهو يرى علم الحق يرفرف عالياً. فحرض أتباعه على تنكيسه. فكانت محاكم التفتيش والحروب الصليبية التي عرضنا لها. وقد ارتكبوا جرائم حرب لا حصر لها كعادتهم في كل حين. وكان من المنتظر أن يكون للمسلمين رد فعل عنيف إذا واتتهم الفرصة. ولكن شيئاً من هذا لم يحدث. بل قوبل الإجرام بالعفو والصفح والكرم. يقول المؤرخ "أيوركا":
"عَلِمَ صلاح الدين بمرض خصمه ريتشارد قلب الأسد، وبأنه في حاجة إلى بعض الفاكهة والثلج. فبعث إليه صلاح الدين بحاجته، وأرفقها بالدواء والشراب. ولم يكد ريتشارد يشفي من مرضه حتى عاد مرة أخرى إلى قتال صلاح الدين وحربه" (الإسلام وخرافة السيف. ص 168)
ولما استعاد صلاح الدين مدينة القدس أبقى على حياة 100 ألف صليبي كانوا في المدينة، واستوصى بهم خيراً. واكتفي بأن ضرب فدية عادلة، وعجز البعض عن دفعها. فأدى الملك العادل – أخو صلاح الدين – فدية عن ألف صليبي، واقتدى به صلاح الدين فأعفي كثيرين منها. (المصدر السابق. ص 167)
العجيب أن أسقف بيت المقدس تركه المسلمون يغادر القدس حاملاً كنوزاً من الذهب والمال ولم يُؤَدِّ الفدية عن صليبي واحد، مع أن الأساقفة هم الذين حرضوا شعوبهم على الحرب ورغبوهم فيها ملوحين لهم بالمكاسب المادية.
فلا غرو أن نفراً من الفرسان المسيحيين، قد بلغ من قوة انجذابهم إلى صلاح الدين أن هجروا ديانتهم المسيحية وهجروا قومهم وانضموا إلى المسلمين. (ماذا خسر العالم. ص 20، 21).
إن قوماً هذه هي أخلاقهم، لابد أن يكونوا قد استظلوا بمبادئ سامقة وأخلاق رفيعة. ولكن هل يمكن للإنسان أن يصل إلى مرتبة كهذه هكذا؟ أم لابد من وجود منهج سامق رفعه من الحضيض إلى العلاء؟ إنه المنهج الإلهي المتمثل في القرآن الكريم وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم.

[CENTER][size=5]الإنسان في الإسلام[/CENTER][/size]
كرم الله الإنسانَ وشرَّفه بأداء الرسالة وحَمْلِ الأمانة:
"ولقد كرمنا بنى آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا" (الإسراء 70)
وأكد القرآن أن الناس كانوا من قبل جماعة واحدة تؤمن بالله الواحد الأحد، ولكنهم اختلفوا فأرسل الله إليهم الرسل بالبينات. وبدأت رحلة الخلافات ليتعصب كل قوم لنبيهم ويُنَصِّبُوا أنفسهم شعباً مختاراً:
"كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه وما اختلف فيه إلاّ الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغياً بينهم فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه والله يهدى من يشاء إلى صراط مستقيم" (البقرة 213)
ولمَّا كان الناس أمة واحدةً، فقد أمر الرسول بإفشاء السلام بين الناس جميعاً. فقد سأله رجل: أي الإسلام خير؟ قال:
"تطعم الطعام وتقرئ السلام على من عرفت ومن لم تعرف"
(البخاري. دار إحياء الكتب العربية. م1 ج1. ص 14)
وفي حجة الوداع خطب الرسول في الناس. فقال:
"يا أيها الناس. إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على عجمي ولا لعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود، ولا لأسود على أحمر إلاّ بالتقوى إن أكرمكم عند الله اتقاكم" (حياة الصحابة. م3. ص 344)
وتجلى احترام الإنسان عندما مرت بالنبي جنازة فقام، فقيل له: إنها جنازة يهودي. فقال: أليست نفساً؟ (البخاري. م1 ج1. ص 228)
ولم يقسُ النبي على أسرى الحرب، بل كان يطعمهم ويسقيهم ويهتم بهم. ولم يُمَثِّل بإنسان، بل نهى عن ذلك بشدة. فبعد انتهاء معركة بدر، أطلق النبي سراح "سهيل بن عمرو". فاتجه إلى مكة، ولقيه عمر بن الخطاب. فجاء به إلى الرسول وطلب منه أن يكسر مقدمة أسنانه حتى لا يتمكن من هجاء النبي إذا قام في قومه خطيباً كما كان يفعل من قبل. فقال النبي لعمر:
"والله لا امثِّل فيمثل الله بي ولو كنت نبياً" (الخطب المنبرية. ج22. عبد الحميد كشك. مكتبة الصحافة بالعباسية. القاهرة 1995م. ص 17، 18).
وتوعَّد النبي من ظَلَمَ غير المسلمين وخاصة أهل الكتاب (المسيحيين واليهود) بأنه سيكون خصمه يوم القيامة. واقتفي الصحابة أثر الرسول فأحسنوا إليهم، ووضع عمر بن الخطاب الجزية عن غير القادرين من أهل الذمة (أهل الكتاب) وأجرى لبعضهم راتباً من بيت المال.
(حياة الصحابة. م2. ص 79، 80 + المختار الإسلامي. القاهرة 16 / 1 / 1996م، ص 22)
وهذا ما فعله عمر بن عبد العزيز عندما أمر عامله على البصرة أن يُجْرِىَ راتباً لمن تقدمت به السنُّ وضعفت قوته من أهل الكتاب. (النور. عدد 42. لندن. نوفمبر 1994م. ص 41)
ونهى الإسلام بشدة عن انتهاك حقوق الإنسان وإذلاله. ولذلك عندما زار عمر بن الخطاب الشام ووجد رجلاً يقف في الشمس الحارقة لأنه لم يؤدِ الجزية، انتفض عمر وأمر بوقوفه في الظل. وقال:
"سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلَّم – يقول: إن الله يعذب الذين يعذبون الناس في الدنيا" (الخطب المنبرية. ج26. عبد الحميد كشك. مكتبة الصحافة بالعباسية. القاهرة. يولية 1996م. ص 89).

[CENTER]معاملة اليهود[/CENTER]

وسع الإسلام الناسَ جميعاً برحمته وعدله وعالميته. ولم يفرِّق بين الناس على أساس الجنس أو اللون أو الدين. فقد ضمَّ تحت لوائه الإنسان العربي والمسيحي واليهودي والفارسي. وتزوج النبي "مارية" المسيحية و "صفية" اليهودية" التي علمها كيف ترد على السيدة عائشة وحفصة عندما عيراها بأصلها اليهودي. فقال لها:
"قولي لهما: أبى موسى، وعمى هارون، وزوجي محمد" (مسئولية فشل الدولة الإسلامية في العصر الحديث. جمال البنا. دار الفكر الإسلامى. القاهرة. ديسمبر 1994م. ص 71).
ووقف النبي بجانب صاحب الحق من أهل الذمة حتى استرد حقه. فقد كان ليهودي أربعة دراهم على مسلم. فقال اليهودي: يا محمد. إن لي على هذا أربعة دراهم وقد غلبني عليها فأمر الرسول الرجل برد الحق لليهودي. فباع بردته التي كان يتقى بها البرد، وأعطى اليهودي حقَّه. (حياة الصحابة. م2. ص 69)
وردَّ الصحابة المظالم لأصحابها سيراً على نهج القرآن والسُنَّة. وقد روى "بورتر" في كتابه "خمس سنوات في دمشق" أنه بالقرب من بصري رأى بيت اليهود وحكى أنه كان أرض فضاء استولى عليها الوالي وأقام عليها مسجداً. فلما علم عمر بن الخطاب بذلك، هدم المسجد وردَّ الأرض المغتصبة لصاحبها اليهودي. (علماء الغرب يدخلون الإسلام. محمد حلمي. ط1. النهضة العربية للصحافة والإعلان. القاهرة 1994م. ص 82).
وهكذا ضرب الصحابة المثل الرائع في تطبيق أحكام الإسلام وتعاليمه حتى في "القضاء" الذي كان مُنَزَّهاً لا يفرق بين حاكم ومحكوم. ففي خلافة علىِّ بن أبى طالب فُقِدَ منه درع. فوجدها مع يهودي ادعى ملكيته لها. فرفع الأمر للقضاء. فحكم لصالح اليهودي لأن الخليفة لا يملك دليلاً على ادعائه. (الوعي الإسلامي. عدد 353، الكويت. يونيو 1995م. ص 53).
ولننصت إلى "جيمس بيرك" وهو يدلى بشهادته. فيقول:
"عاش في ظل حكم الخلفاء المسلمين آلاف اليهود والمسيحيين في سلام وانسجام كامل ... والأهم من هذا كله أن الدين والثقافة تعايشا معاً في تواؤم. فحينما وُجِدَ الإسلام، وُجِدَ معه التعطش إلى المعرفة وتطبيقاتها على شتى مناحي الحياة" (عندما تغير العالم. جيمس بيرك. ترجمة ليلى الجبالي. عالم المعرفة. الكويت. مايو 1994م. ص 50)
فهل ردَّ اليهود الجَمِيلَ للإسلام والمسلمين؟ هل تأثروا بأخلاق الرسول الذي أحسن إليهم وكان إذا ذبح شاةً، قال: "هل أهديتم منها إلى جارنا اليهودي"؟ وهل رد اليهود الجميل لأنبيائهم حتى يعرفوا فضل النبي محمد؟! لقد خرج عشرون رجلاً من زعمائهم إلى قريش يحرضونها على غزو المسلمين. فتسببوا في غزوة الأحزاب التي زلزلت قلوب المسلمين. ونقض يهود بنى النضير عهدهم مع المسلمين. وكادوا يسمحون للأحزاب بالهجوم على المسلمين من الخلف من أرضهم، لولا حالت دون ذلك حيلة يهودي أسلم سرّاً. فكان لابد من قتالهم. (الرحيق المختوم. ص 355 وما بعدها)
وهذا ما شهد به البروفيسور اليهودى "إسرائيل ولفنسون": في كتابه "تاريخ اليهود في بلاد العرب". إذ يقول:
"إن الذى يُؤْلِم كل مؤمن بإله واحد من اليهود والمسلمين على السواء، إنما هو تلك المحادثة التي جرت بين نفر من اليهود وبنى قريش الوثنيين، حيث فضّل هؤلاء النفر من اليهود أديان قريش على دين صاحب الرسالة الإسلامية ... كان من واجب هؤلاء اليهود ألا يتورطوا في مثل هذا الخطأ الفاحش، وألا يصرِّحوا أمام زعماء قريش بأن عبادة الأصنام أفضل من التوحيد الإسلامي ولو أدَّى بهم الأمر إلى عدم استجابة مطلبهم ... كان من واجبهم أن يُضَّحُوا بحياتهم وكل عزيز لديهم في سبيل أن يخذلوا المشركين" (الإسلام وخرافة السيف. ص 103، 104).

[CENTER]معاملة المسيحيين[/CENTER]

أوضحنا فيما سبق أن الإسلام عامل أهل الذمة – يهوداً ومسيحيين – معاملة متحضرة راقية فوجدوا تحت ظلاله الأمن والسلام والحرية. وقد أنبأ الرسول صحابته بفتح مصر، وأوصى بأهلها القبط خيراً. فقال:
"أوصيكم بقبط مصر خيراً فإن لكم فيها رحماً وذمة" (الغد المشتعل. د. مصطفي محمود. أخبار اليوم. القاهرة. يوليو 1995م. ص 137)
ولذا عندما اتجه عمرو بن العاص بجيشه إلى مصر، خرج إليه راهبان مصريان. فقال لهما:
"إن الله بعث محمداً بالحق وأمره به، وأمرنا به محمد – صلى الله عليه وسلَّم – وأدى إلينا كل الذي أُمِرَ به، ثم مضى وتركنا على الواضحة، وكان مما أمرنا به الإعذار إلى الناس، فنحن ندعوكم إلى الإسلام. فمن أجابنا فَمِثْلَنا، ومن لم يجبنا عرضنا عليه الجزية وبذلنا له المَنَعَة (الحماية). وقد أعلمنا أنا مفتتحوكم، وأوصانا بكم حفظاً لرحمنا منكم، وأن لكم إن أجبتمونا بذلك ذمة إلى ذمة. ومما عهد إلينا أميرنا: استوصوا بالقبطيين خيراً، فإن رسول الله أوصانا بالقبطيين خيراً لأن لهم رحمة وذمة"
فقالا: "قرابة بعيدة لا يصل مثلها إلاّ الأنبياء" (البداية والنهاية. ج7. ص 87)
ولما استقر الأمر للمسلمين في مصر، وقعت ذات يوم حادثة تستحق التأمل، إذ قام ابن عمرو بن العاص بالاعتداء على ابن قبطي. ورفع الأمر إلى عمر بن الخطاب الذي استدعى عمرو وابنه إلى المدينة. وأمر ابن القبطي أن يقتص لنفسه من ابن عمرو بن العاص، فضرب ابنُ القبطي ابنَ عمر وأعلن عن رضائه التام. وهنا صاح عمر بغضبٍ مردداً مقولته المشهورة:
"يا عمرو متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً"
لقد بلغ إعجاب المسيحيين بأخلاق المسلمين أن انضم بعضهم إلى صفوف المسلمين وقاتلوا الصليبيين تحت لواء صلاح الدين. وقاتل المسيحيون جنباً إلى جنب ضد المغول، ووقع بعضهم في الأسر. وعرض المغول تسليم الأسرى المسلمين فقط. فرفض المسلمون في مصر وأصروا أن يأخذوا الأسرى المسيحيين معهم قائلين: "هؤلاء القبط في ذمتنا" (الغد المشتعل. ص 136)

[CENTER][size=5]الخارجية الإسلامية[/CENTER][/size]

أيد الرسول عقد المؤتمرات وقيام المنظمات التي تدافع عن حقوق الإنسان. وقد حضر – قبل البعثة – حلف الفُضُول الذي عقدته قبائل قريش لنصرة المظلوم. ووصفه الرسول بعد البعثة بقوله:
"لقد شهدت في دار عبد الله بن جدعان حلفاً ما أحب أن لي به حُمُرَ النعم، ولو أُدْعَى به في الإسلام لأجبت" (الرحيق المختوم. ص 314)
إذنْ فمصلحة الإنسان العامة وكرامته هي هدف الإسلام. وظهر هذا المبدأ في أروع صوره في معركة أُحُد عندما أصيب الرسول. فجعل يمسح الدم من وجهه، مكث فترة، ثم قال:
"اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون" (المصدر السابق. ص 314)
ولما كان الله قد أرسل رسوله إلى الناس كافة، فقد دعاهم الرسول إلى الحق. فكتب رسالته إلى يهود خيبر يدعوهم فيها إلى الله ورسوله. فكتب:
"بسم الله الرحمن الرحيم. من محمد رسول الله صاحب موسى وأخيه والمصدِّق بما جاء به موسى ... أَنْشُدُكُم الله وبالذي أُنْزِلَ عليكم إلآّ أخبرتمونا هل تجدون فيما أنزل الله عليكم أن تؤمنوا بمحمد؟ فإن كنتم لا تجدون ذلك في كتابكم فلا كُرْهَ عليكم. قد تبين الرشد من الغي، وأدعوكم إلى الله وإلى نبيه" (البداية والنهاية. ج2. ص 292)
وانطلاقاً من تبنى الإسلام للسلام، أبرم الرسول مع اليهود معاهدة نصت على الوحدة الوطنية وأن اليهود والمسلمين أمة واحدة. فكانت المعاهدات مثالاً للتعددية وحرية العقيدة. ومما جاء في هذه المعاهدة:

1- إن يهود بنى عوف أمة مع المؤمنين. لليهود دينهم وللمسلمين دينهم، مواليهم وأنفسهم كذلك لغير بنى عوف من اليهود.
2- وأن بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة.
3- وأن بينهم النصح والنصيحة، والبر دون الإثم.
4- وأن النصر للمظلوم.
5- وأن اليهود يتفقون مع المؤمنين ماداموا مُحَارَبين.
6- وأنه لا تُجَار قرش ولا من نصرها.
7- وأن بينهم النصر على من داهم يثرب (المدينة) ... على كل أناسٍ حصتهم من جانبهم الذي قِبَلَهُم.
8- وأنه لا يحول هذا الكتاب دون ظالمٍ أو آثم.
(الرحيق المختوم. ص 225، 226)

كما بعث الرسول برسالة إلى نصارى نجران – بعد أن زاره وفد منهم في المسجد – فكتب إليهم:
"بسم الله الرحمن الرحيم. من محمد النبي للأسقف أبى الحارث وأساقفة نجران وكهنتهم ورهبانهم وكل ما تحت أيديهم من قليل أو كثير. جوار الله ورسوله، لا يُغَيَّر أسقف من أسقفيته، ولا راهب من رهبانيته، ولا كاهن من كهانته، ولا يغير حق من حقوقهم، ولا سلطانهم، ولا ما كانوا عليه من ذلك. جوار الله ورسوله أبداً ما أصلحوا ونصحوا عليهم غير مبتلين بظلم ولا ظالمين"
(حياة الصحابة. م1. ص 110، 111)
وبعث صلى الله عليه وسلم برسالة إلى هرقل ملك الروم بالشام. قال فيها:
"بسم الله الرحمن الرحيم. من محمد بن عبد الله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم. سلام على من اتبع الهدى. أما بعد. فإني أدعوك بدعاية الإسلام. أَسْلِم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين. فإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين. ويا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواءٍ بيننا وبينكم أن لا نعبد إلاّ الله ولا نشرك به شيئاً ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنّا مسلمون" (حياة الصحابة. م1. ص 101)
(و"الأريسيين" طائفة مسيحية أسسها آريوس الذي نادى ببشرية المسيح وعبوديته لله، فلقي هو وأتباعه اضطهاداً عظيماً. وهذا إعجاز من النبي محمد الذي كان أمياً ولم يطلع على أحداث التاريخ المطوية في صفحات الغيب حينئذٍ)
وهكذا كانت رسائل الرسول إلى من حوله من الملوك والحكام والشعوب تفيض رحمة وعدلاً، لا إرهاب ولا عنف ولا تجبر، وإنما دعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة.
ولما فتح المسلمون مدينة القدس، رفض أسقفها تسليم مفاتيحها إلاّ لعمر بن الخطاب. واحترم أمير المؤمنين رغبة الأسقف، وتجشم مشقة السفر قاصداً بيت المقدس. وهناك رفض عمر أن يصلى في كنيسة القيامة حتى لا يتخذها المسلمون بعده مسجداً. وكتب لأهل القدس كتاب أمان. جاء فيه:
"بسم الله الرحمن الرحيم. هذا ما أعطى عبد الله عمر أمير المؤمنين أهل إيليا من الأمان. أعطاهم أماناً لأنفسهم وأموالهم، ولكنائسهم وصلبانهم، وسقيمها وبريئها وسائر ملتها. ألاَّ تسكن كنائسهم ولا تهدم ولا يُنْتَقَص منها ولا من خيرها، ولا من صليبهم، ولا من شئ من أموالهم، ولا يُكْرَهُون على دينهم، ولا يُضَار أحد منهم ... وأنه لا يؤخذ منهم من شئ (من الجزية) حتى يُحْصَد حصادهم" (الإسلام وخرافة السيف. ص 126)

ويمكن تلخيص مبادئ السياسة الخارجية في الإسلام كما يلى:

1- نشر السلام وعدم اللجوء إلى الحرب إلاّ في حالة الضرورة القصوى:
"وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله إنه هو السميع العليم" (الأنفال 61)
2- احترام المعاهدات والمواثيق، وضرورة إعلان الطرف الآخر بإنهائها عند الضرورة:
"إلا الذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقصوكم شيئاً ولم يظاهروا عليكم أحداً فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم إن الله يحب المتقين"
(التوبة 4)
"وإما تخافنَّ من قومٍ خيانةً فانبذ إليهم على سواء إن الله لا يحب الخائنين" (الأنفال 58)
3- العدل الدولى:
"ولا يجرمنَّكم شنآنُ قوم على ألاَّ تعدلوا اعدلوا هو اقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون" (المائدة 8)
4- معاملة المعتدى بنفس معاملتهم:
"فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين" (البقرة 194)
(الخلافة والملك. أبو الأعلى المودودى. تعريب أحمد إدريس. ط2. المختار الإسلامى. القاهرة 1995م. ص 24، 25)
وضح لك مما سبق عالمية الرسالة الإسلامية، وإيمان الإسلام بحرية العقيدة حتى أن الرسول دخل عليه "عدى بن حاتم" المسجدَ ليناقشه في الإسلام وهو يلبس الصليب فما أخرجه. (المسلمون. عدد 560. السعودية 27 / 10 / 1995م. ص 16)
يقول "ول ديورانت":
"لقد ظل الإسلام خمسة قرون من عام 700 إلى 1200م يتزعم العالم كله في القوة والنظام وبسطة الملك وجميل الطباع والأخلاق، وفي ارتفاع مستوى الحياة، وفي التشريع الإنساني الرحيم، والتسامح الديني والآداب والبحث العلمي والعلوم والطب والفلسفة" (قصة الحضارة. عصر الإيمان. م4 ج2. ول ديورانت. الإدارة الثقافية بالجامعة العربية. ص 382)
ورفع الإسلام من كرامة الإنسان، فعمل على إزالة الرق (العبودية) والقضاء عليه. فحبب إلى الناس عتق العبيد، وجعله كفارة لبعض الذنوب، وخصص جزءً من الزكاة لتحرير الرقيق وأوصى الرسول بحسن معاملتهم. فقال:
"لا يقل أحدكم عبدي وأَمَتِي وليقل فتاي وفتاتي" (رواه البخاري ومسلم)
(الوعي الإسلامي. عدد 353. الكويت. يونيو 1995م. ص 53)
ولم يقتصر احترام الإسلام على الإنسان، بل تعداه إلى الحيوان والجماد حيث أمر الإسلام بحسن رعايته. فقد ورد في السنة أن رجلاً رأي كلباً يأكل الثرى من العطش، فخلع حذاءه ونزل بئراً، فاغترف منه وسقى الكلب، فشكر الله له وغفر له. وكان الصحابي عدى بن حاتم يفتت الخبز للنمل. ويقول:
"إنهن جارات لنا ولهن علينا حق" (الوعي الإسلامي. عدد 86. الكويت. مارس 1972م. ص 85)
قادت هذه المبادئ الرفيعة رجالاً إلى الدخول في الإسلام. فقد أسلم كثير من الجنود الأمريكيين أثناء حرب الخليج الثانية. كما أسلم عدد من سفراء الغرب لدى الدول الإسلامية، لأنهم لم يطيقوا العيش في الخداع الذي تقوده أحدث وسائل الإعلام العالمية. فمزقوا أستار الزيف والكذب، مقبلين على الله رب العالمين، مرددين:
"سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير"

يمكن لصاحب دين أن يستنكر استشهادك بتاريخ دينه الدموي ويقول لك إن الدين غير مسئول عن أناسٍ خالفوه. لذلك لنضع التاريخ جانبًا وننظر في دين السيد Timothy من خلال النصوص المقدسة فقط لنر أي دين دموي. تعالوا بناك

[CENTER][size=5]آراء يهوه[/CENTER][/size]
أرسل يهوه نوحاً إلى قومه فعصوا وأصروا على كفرهم، فثارت ثائرته وقرر إهلاك الناس جميعاً بما فيهم قوم نوح بطوفان رهيب. ولما هدأت الأمواج وغارت المياه في الأرض، نزل نوح من سفينته، وبنى ليهوه مذبحاً، وأصعد محرقات على المذبح، فانتعش يهوه وهو يشم الرائحة، وأخذ عهدين على نفسه:
"لا أعود ألعن الأرض من أجل الإنسان" (تكوين 8 : 21)
"لا أعود أميت كل حي كما فعلت" (تكوين 8 : 21)
ولكن سرعان ما سال لعاب يهوه لما وجد التعاون بين الناس الذين ضربوا مثلاً رائعاً وهم يشيدون مدينة بابل. فقال لنفسه:
"ننزل ونبلبل لسانهم حتى لا يسمع بعضهم لسان بعض" "فبددهم يهوه من هناك على وجه الأرض. فكفوا عن بنيان المدينة" (تكوين 11 : 7 – 9).
فيهوه هنا نزل من عليائه، ولقنهم لغات مختلفة بسرعة البرق لينسف أي تفاهم بينهم. ولم يكتف بذلك بل شردهم في أنحاء الأرض.
ومن هنا صمم يهوه على زرع بذور الكراهية بين الناس حتى لا يتعاونوا من أجل البناء ثانيةً فوعد إبراهيم – الذي كان يعيش في العراق – أن يعطيه أرض كنعان (فلسطين) له ولنسله ملكاً أبدياً" (تكوين 17 : 8). وأمره بالتوجه على الفور لاستلامها (تكوين 12 : 1) من سكانها الأصليين وهم الكنعانيون والفرزيون وغيرهما (تكوين 13 : 7). ولم يكن إبراهيم ساذجاً فيطالب السكان بالنزوح من أرضهم فيوسعوه ضرباً. فانتظر أن يقوم يهوه بتنفيذ وعده. ولكن إبراهيم مات ولم ينفذ يهوه وعده.
وهكذا كلما جاء نبي أمره يهوه بالتوجه إلى أرض كنعان ليلقى نظرة عليها ويقسم له أنه سيعطيها له ولنسله ملكاً أبدياً. وسار الحال هكذا حتى جاء موسى، فجدد يهوه معه الوعد (خروج 3 : 8). ولكن يهوه تراجع في اللحظة الأخيرة تحت زعم أن موسى وهارون قد كفرا به (عدد 2. : 12). ومن ثم عندما جاء يشوع كان على دراية بحقيقة وعود يهوه. ولذلك قرر أن يستولي على أرض الميعاد بالقوة المسلحة.
كانت هذه من أساليب يهوه لجر القبائل إلى الفتن والحروب. وما إن يجد فرصة للقتل حتى يتدخل ليزيدها ناراً. فعندما نزل يهوه في مصر ليهلك فرعون وجنوده، قتل بكر كل أسير في السجن وبكر كل بهيمة، ولم يكن بيت في مصر إلاّ وفيه ميت (خروج 12 : 29، 30) مع أنه تعهد أن لا يميت أحداً بعد الطوفان.
ولما ضاق فرعون بأفعال يهوه، قرر أن يترك اليهود يرحلون. وهنا أوعز يهوه لموسى بخطة لسرقة المصريين. فقال لموسى:
"تطلب كل امرأة (يهودية) من جارتها (المصرية) ومن نزيلة بيتها أمتعة فضة وذهب وثياباً وتضعونها على بنيكم وبناتكم فتسلبون المصريين" (خروج 3 : 22)
وأصدر يهوه تعليماته التي تبث الشك وعدم الثقة في الصدور. فقال:
"لا تأمنوا صاحباً. لا تثقوا بصديق" (ميخا 7 : 5)
ولما تمكنت الكراهية والبغضاء من نفوس اليهود تجاه الآخرين، بدأ يهوه في تحريضهم ضد من حولهم. فسنَّ لهم "قانون التطهير العرقي" حيث أمرهم بطرد سكان كنعان الأصليين:
"إنكم عابرون الأردن إلى أرض كنعان. فتطردون كل سكان الأرض من أمامكم ... وتخربون جميع مرتفعاتهم ... وتقتسمون الأرض بالقرعة حسب عشائركم ... وإن لم تطردوا سكان الأرض من أمامكم يكون الذين تستبقون منهم أشواكاً في أعينكم ومناخس في جنوبكم" (عدد 33 : 51 – 55)
كانت هذه مراحل مر بها يهوه بدءً بكراهية التعاون بين الناس، ومروراً ببث الشك في النفوس وغرس الكراهية في القلوب، وانتهاءً بالتطهير العرقي وذبح الناس بلا شفقة، وعدم العفو عنهم مهما توسلوا:
"لا تشفق أعينكم ولا تعفوا. الشيخ والشاب والعذراء والطفل والنساء اقتلوا للهلاك" (حزقيال 9 : 5، 6)
"اضرب عماليق وحَرِّمُوا كل ماله ولا تعف عنهم بل اقتل رجلاً وامرأةً (أي كل رجل وكل امرأة). طفلاً ورضيعاً. جملاً وحماراً" (صموئيل أول 15 : 3)
وقد قرر يهوه طمس القلوب حتى يتمادى الناس في عدم الخضوع لليهود فيُبِيدَهُم يهوه:
"كان من قِبَل يهوه أن يشدد قلوبهم حتى يلاقوا إسرائيل للمحاربة فيُحَرَّمُوا (فيقتلوا) فلا تكون عليهم رأفة بل يُبادُون" (عدد 11 : 20)
ومع أن بنى إسرائيل كانوا عبدة أصنام كما حدثنا العهد القديم، إلاّ أن يهوه أمرهم بذبح عبدة الأصنام ممن حولهم:
"إن سمعت عن إحدى مدنك التي يعطيك الرب إلهك لتسكن فيها قولاً قد خرج بنو لئيم ... قائلين نذهب ونعبد آلهة أخرى لم تعرفوها. فضرباً تضرب سكان تلك المدينة بحد السيف وتحرمها بكل ما فيها مع بهائمها بحد السيف. تجمع كل أمتعتها إلى وسط ساحتها وتحرق بالنار المدينة وكل أمتعتها كاملة ليهوه إلهك فتكون تلاًّ إلى الأبد لا تُبْنَى بعد" (تثنية 13 : 12 – 17)
ومع هذا التحرك المحموم لطرد الناس أو ذبحهم إلاّ أن سفر يشوع والعدد والقضاة يؤكدون أن يهوه وشعبه المختار عجزوا عن طرد القبائل القوية من أرض كنعان. وهنا أحل يهوه لليهود أخذ الجزية:
"وكان لما تشدد بنو إسرائيل أنهم جعلوا الكنعانيين تحت الجزية ولم يطردوهم طرداً" (يشوع 17 : 13)

[CENTER][size=5]روح يهوه القدس[/CENTER][/size]
لما كان يهوه عاشقاً للبلطجة وسفك الدماء حتى دماء البهائم، فقد سار روحة القدس على نفس الخط في مؤازرة المجرمين الذين عينهم أنبياء له، ومنهم شمشون الذي أقام مأدبة حضرها 30 فلسطينياً من أقارب زوجته. وطرح عليهم شمشون بذكائه أحجية (فزورة) ليفسرها في مدة لا تزيد عن أسبوع، فيعطيهم 30 حُلَّةً و 30 قميصاً.
وأسرع الرجال إلى زوجته وهددوها بالقتل حرقاً إذا لم تساعدهم في حل الأحجية. فبكت وقد أصابها الفزع. ومارست ضغطاً على زوجها. فباح لها بالحل. فهرعت به إلى الرجال الذين أسرعوا بدورهم إلى شمشون قبيل انتهاء المدة. فقبل منهم تفسير الأحجية قائلاً:
"لو لم تحرثوا على عجلتي (أى زوجتى) لما وجدتم أحجيتي" (قضاة 14 : 14 – 18).
وهنا لابد لشمشون أن يعطيهم الرهان. ولكنه فقير لا يملك شيئاً. وهنا تدخل روح يهوه القدس:
"وحلَّ عليه روح يهوه فنزل إلى أشقلون وقتل منهم ثلاثين رجلاً وأخذ سلبهم وأعطى الحلل لمظهري الأحجية" (قضاة 14 : 10 – 19).

[CENTER]
[CENTER][size=5]أنبياء يهوه[/CENTER][/size]

ولد موسى بأرض مصر. وكبر وبلغ أشده. وخرج يوماً فرأى مصرياً يضرب عبرانياً:
"فالتفت (موسى) إلى هنا وهناك ورأى أن ليس أحد فقتل المصري وطمره في الرمل" (خروج 2 : 12)
ومن ثم حاز حبَّ يهوه الذي قرر استغلاله في نشر الكراهية والفتن. فأخرجه من مصر، وقال له:
"انتقم نقمة لبنى إسرائيل من المديانيين" (عدد 31 : 2)
وتنفيذاً لأوامر يهوه العسكرية: "تجندوا على مديان كما أمر يهوه وقتلوا كل ذكر. وملوك مديان قتلوهم فوق قتلاهم ... وسبى بنو إسرائيل نساء مديان وأطفالهم ونهبوا جميع بهائمهم وجميع مواشيهم وكل أملاكهم. وأحرقوا جميع مدنهم بمساكنهم وجميع حصونهم بالنار. وأخذوا كل الغنيمة وكل النهب من الناس والبهائم" (عدد 31 : 7 – 11).
ولما جاء الجنود بالسبي لموسى، هاج وماج وأمر بقتل الأطفال الشرعيين والنساء المتزوجات زواجاً شرعياً، والإبقاء على العاهرات وأبناء الزنى:
"اقتلوا كل ذكر من الأطفال. وكل امرأة عرفت رجلاً بمضاجعة ذكر اقتلوها. لكن جميع الأطفال من النساء اللواتي لم يعرفن مضاجعة ذكر أبقوهن لكم حيات" (عدد 31 : 17، 18)
وبذلك يكون تم إفناء المديانيين عن بكرة أبيهم. ولكن بعد 200 سنة فقط يحدثنا سفر القضاة أن المديانيين صاروا – بقدرة قادر – قوة مرهوبة الجانب، واستطاع جيشهم طرد اليهود الذين عاشوا مشردين في كهوف الجبال 7 سنوات (قضاة 6 : 1 – 6)
وبعد رحيل موسى، استأجر يهوه يشوع لذبح الناس مقابل تمليكه أرضهم. فأرسل جاسوسين نزلا في أريحا عند عاهرة خانت وطنها. فدخل المدينة بجنوده، وكرَّم العاهرة، وأسكنها وسط بنى إسرائيل، ثم قتل الجميع حتى البهائم:
"وحرموا كل ما في المدينة من رجل وامرأة من طفل وشيخ حتى البقر والغنم والحمير بحد السيف وأحرقوا المدينة بالنار مع كل ما بها. إنما الفضة والذهب وآنية النحاس والحديد جعلوها في خزانة بيت يهوه" (يشوع 6 : 21، 24، 25)
وسعد يهوه وفرح وانتشى وهو يرى دماء البشر ودماء البقر تجرى على الأرض. ولذا سمح ليشوع أن يستفيد من البهائم في المرة التالية. وهذا ما حدث عندما دمروا مدينة عاى:
"ويشوع لم يردَّ يده التي مدها بالمزراق حتى حَرَّمَ (أي قتل) جميع سكان عاى. لكن البهائم وغنيمة تلك المدينة نهبها إسرائيل لأنفسهم حسب قول يهوه الذي أمر به يشوع. وأحرق يشوع عاى وجعلها تلاًّ أبدياً خراباً إلى هذا اليوم. وملك عاى علقه على خشبة (مصلوباً) إلى وقت المساء" (يشوع 8 : 26 – 29)
وهكذا فعل يشوع بكل المدن التي دخلها بأمر مسبق من يهوه فسيطر على الجبل والجنوب والأرض بأكملها، وقتل كل فردٍ من الأمم الأخرى (يشوع 10 : 40).
ولما مات يشوع ومعاصروه، وجاء جيل جديد، لم نر لجيش إسرائيل الرهيب أثراً، بل وجدنا أن الناس الذين ذبحهم اليهود عن آخرهم يقومون من جديد لابسين عدة الحرب ويستولون على المدن التي احتلها اليهود ويبيعونهم عبيداً (قضاة 2 : 8 – 14). وكلما هزمتهم أمة وأذلتهم اتخذوا أصنامها وملوكها آلهة يعبدونها من دون الله ومن دون يهوه (قضاة 3 : 8، 14).
ولذلك ترى الباحثة البريطانية "كاشلين كينيون" أن مدينة أريحا العربية كانت مهجورة من بداية القرن 15 حتى القرن 11 ق.م وكذلك المدن المجاورة لها مثل عاى وحازور. (روزاليوسف، عدد 3524، القاهرة 25 / 12 / 1995م، ص 35)
ومعنى هذا أننا أمام تاريخ كتبه مؤلفوه وهم يشطحون في خيال مريض مقتبسين بعض الأحداث من تاريخ الأمم العظيمة المجاورة كالفراعنة. ألم يقتبسوا منهم "يهوه" و "أدوناى" من قبل؟!
المهم أن فرحة يهوه بذبح الناس أفسدت عليه ذاكرته. فأخطأ في تعريفنا بمكان قبر حليفه يشوع:
"فدفنوه في تخم ملكه في منة سارح التي في جبل أفرايم شمالي جاعش" (يشوع 24 : 30)
"فدفنوه في تخم ملكه في منة حارس التي في جبل أفرايم شمالي جاعش" (قضاة 2 : 9)
ولما جاء داود أمره يهوه بذبح سكان الأرض الأصليين:
"وصعد داود ورجاله وغزوا الجشوريين والجرزيين والعمالقة لأن هؤلاء من قديم سكان الأرض من عند أشور إلى أرض مصر وضرب داود الأرض ولم يستبق منهم رجلاً ولا امرأةً وأخذ غنماً وبقراً وحميراً وجمالاً وثياباً" (صموئيل أول 27 : 8، 9)
وامتد التخريب والتدمير فلحق بالبيئة:
"فتضربون كل مدينة محصنة وكل مدينة مختارة وتقطعون كل شجرة طيبة وتطمون جميع عيون الماء وتفسدون كل حَقْلَةٍ جيدة بالحجارة" (ملوك ثاني 3 : 18، 19)
وتفوق داود وأمصيا على أنبياء يهوه قسوةً وحقداً. أما داود فقد وضع أعداءه تحت مناشير ونوارج لطحن أجسادهم (صموئيل ثاني 12 : 31). وأما أمصيا فقتل 10 آلاف من الأدوميين وأسر منهم 10 آلاف آخرين، رماهم من فوق الجبل فتقطعت أوصالهم (أخبار ثاني 35 : 11، 12).
إذن فيهوه مغرم بالكذب والخداع والقتل والتدمير وإلاّ – مع أنه صنم – لما وضع يده في يد بنى إسرائيل، ويعيِّن عليهم القائد الذي لا يعرف للفضيلة معنى. بل إن يهوه نفسه قد مارس هواية الكذب كثيراً. ولنستمع إليه وهو يكلم إبراهيم ثم يُكَذِّب نفسه:
"نسلك سيكون غريباً في أرض ليست لهم ويستعبدون لهم. فيذلونهم أربع مئة سنة" (تكوين 15 : 3)
"وأما إقامة بنى إسرائيل التي أقاموها في مصر فكانت أربع مئة وثلاثين سنة" (خروج 12 : 40)
من هذا نخلص إلى أن اليهود لم يقتلوا ولم يذبحوا. ولكنهم لشغفهم بالإرهاب وحقدهم على العالم وشعورهم بالدونية والذلة وأنهم بلا تاريخ، نسبوا دوراً بطولياً شريراً لأنفسهم.
العنصرية:
تصف الترجمة الإنجليزية للعهد القديم إسماعيل بأنه سيكون حماراً وحشياً (تكوين 16 : 12). ولذلك أمر يهوه بطرده وأمه هاجر (تكوين 21 : 12). ولما توفي إبراهيم تولى يهوه رعاية ابنه إسحاق ورزقه عيسو ويعقوب. ونجح يعقوب في خداع أبيه وأخذ منه البركة بطرق غير شريفة. والتزم عيسو – الابن البكر – طريق الاستقامة والصدق. إلاّ أن يهوه ذا المزاج المريض يقول:
"أحببت يعقوب وأبغضت عيسو وجعلت جباله خراباً وميراثه لذئاب البرية" (ملاخى 1 : 2، 3)
إن العبد المستقيم هو إرهابي وظلامي في نظر يهوه وشعبه المختار. أما العبد المخادع المختلس السكير فهو مستنير و "مودرن" في نظرهم ونظر من والاهم.
ولذلك حرم يهوه عليهم أن يتخذوا من أنفسهم عبيداً بل ممن حولهم:
"وإذا افتقر أخوك عندك وبيع لك فلا تستعبده استعباد عبد. كأجير كنزيل يكون عندك. إلى سنة اليوبيل يخدم عندك. ثم يخرج من عندك هو وبنوه معه ويعود إلى عشيرته ... لأنهم عبيدي ... لا يباعون بيع العبيد. لا تتسلط عليه بعنف. بل اخش إلهك. وأما عبيدك وإماؤك الذين لك فمن الشعوب الذين حولكم منهم تقتنون ومن عشائركم الذين عندكم الذين يلدون في أرضكم فيكونون ملكاً لكم وتستملكونهم لأبنائكم من بعدكم ميراث مُلْكٍ. تستعبدونهم إلى الدهر (أي إلى الأبد)" (لاويين 25 : 39 – 46)
فاليهود شعب مقدس لا ينبغي أن يصاهر الأمم الأخرى. وهذا ما وقعوا فيه خلال عصور مختلفة ولذلك عاتبهم مؤلف سفر عزرا:
"اتخَذُوا من بناتهم (من بنات الشعوب الأخرى) لأنفسهم ولبنيهم واختلط الزرع المقدس بشعوب الأراضى" (عزرا 9 : 2)
ولذلك جاء في التلمود أن الجسد اليهودي يختلف كلية عن أجساد بقية الشعوب. إذ أن أصل أرواح شعوب العالم هو من طبقات النجاسة الثلاث، بينما أصل أرواح بنى إسرائيل هو من الروح القدس ذاتها. (القوى الدينية في إسرائيل بين تكفير الدولة ولعبة السياسة. د. رشاد عبد الله الشامى. سلسلة عالم المعرفة. الكويت. يونيو 1994م. ص 277)
وقد جاء في التلمود أن ثياب أهل الأرض تشكل نجاسة. ولذا قال "ديماس":
"على كل من يحاول أن يصبح حبراً أن لا يبيع سكان الأرض ولا أن يحل ضيفاً على أحدهم ولا أن يستقبل أحدهم كضيف. وبأن السماح لأيٍّ من سكان الأرض أن يدخل المنزل لأي سبب ما يعتبر خرقاً خطيراً" (عندما باعنى ابنى. كينيث بيلى. تعريب فؤاد بهنان. دار الثقافة. القاهرة. يناير 1995. ص 57)
ومادام كل شئ نجس فلابد من تدميره. فقد جاء في الوصية الجامعة في التلمود ما يلي:
"اهدم كل قائم، لوث كل طاهر، احرق كل أخضر كي تنفع يهودياً بفلس. اقتلوا جميع من في الأرض والمدن من رجل وامرأة. وطفل وشيخ حتى البقر والغنم والحمير بحد السيف" (الوعي الإسلامي. عدد 247. الكويت. ديسمبر 1994م. ص 27)
وعلى الأمم أن تتقبل هذا بطيب نفس لأن وجود اليهود هو شرط أساسي لاستمرار الحياة على الأرض. فقد جاء في التلمود:
"أنه لو لم يخلق يهوه اليهود لانعدمت البركة من الأرض، ولما خلقت الأمطار والشمس، ولما أمكن لباقي المخلوقات أن تعيش" (روزاليوسف. عدد 3521. القاهرة 4 / 12 / 1995م. ص 14).[/CENTER]

لا يؤمن الكتاب المقدس بحرية العقيدة، وإنما أمر يهوه بقتل المشركين وأطفالهم ونسائهم. ونفذ النبي إيليا أوامر يهوه وذبح 400 كاهناً من كهنة الصنم بعل (ملوك أول 18 : 40).
وأعلن يسوع المسيح انه ضد حرية العقيدة، وأنه يجب على اليهود كلهم أن يؤمنوا به:
"أما أعدائي أولئك الذين لم يريدوا أن أملك عليهم فأتوا بهم إلى هنا واذبحوهم قدامى" (لوقا 19 : 27)
وأعلن المسيح أنه لم يأتِ لنشر السلام والأمن، وإنما جاء ليشعلها حرباً وانقساماً بين الناس:
"لا تظنوا أنى جئت لألقى سلاماً على الأرض. ما جئت لألقى سلاماً بل سيفاً فإني جئت لأفرق الإنسان ضد أبيه والابنة ضد أمها والكُنَّةَ ضد حماتها وأعداء الإنسان أهل بيته" (متى 1. : 34 – 36)
وكما أمر يهوه بتقطيع الأشجار الطيبة وإتلاف جمال الطبيعة، فقد فعلها المسيح عندما عضه الجوع، فأسرع إلى شجرة تين في غير موسم التين. وبالطبع لم يجد تيناً. فلعنها فيبست في الحال (مرقس 11 : 12، 13).
وسلك بولس سبيل التعصب والعنصرية لجنسه مستنداً إلى ما جاء في العهد القديم. فقال بولس مقتبساً من العهد القديم:
"اطرد الجارية (هاجر) وابنها (إسماعيل) لأنه لا يرث مع ابن الحرة (إسحاق ابن سارة)" (غلاطية 4 : 30)
وقد وردت هذه الفقرة في (تكوين 21 : 10) ولم ترد فيها لفظة "الحرة"، إلاّ أن بولس أضافها ليبنى عليها قوله العنصري:
"إذاً أيها الأخوة لسنا أولاد جارية بل أولاد حرة" (غلاطية 4 : 31).
فهل نأمن أن كاتب سفر التكوين لم يضع لفظة "الجارية" من عنده كما وضع بولس لفظة "الحرة" من عنده أيضاً؟!

بسم الله الرحمن الرحيم و الحمد لله رب العالمين ..

أخي الحبيب زايد جلال لا تتعب نفسك مع تيموثي .. فالمسأله كما ذكر أخي فضل ..

صحي من النوم لقى نفسة مزاجة مش رايق .. قالك اتنصر و اخدلي قرشين .. و هلم جرا ..

لو سألتة عن منطق و عقل كلمك عن الأفلام الهندي بتاعت الروح و يسوع اللي بينور في الضلمة !! ..

و لو تكلمه عن الإسلام .. سيبتة ليه يا باشا ؟.. يقولك بيتناقض مع العقل في حاجات !!!!! .. و المصيبة انك لما تناقشه في الحاجات دي و ميعرفش يرد ..

يجيب ورا و يقلب ناعم .. و يقولك يسوع حبيبي و صليبوة من الخشب و قيمتة عندي أغلى من الدهب !!!!!!

دة عالم ضايعة يا أخ زايد .. " كبر دماغك " ..

نسأل الله سبحانه و تعالى حسن الختام ..

و الله لو يسوعك ظهرلي يوم القيامة هقولله أنا معذور مفيش واحد نصراني كلمني إلا و هرب زي الفران !! ..

و ربما أناظر يسوعك شخصياً .. و تأكد أنة مش هيعرف يجاوب .. و هخلية يعترف ان كتابة محرف ..

أصحاب العقول في نعيم !!!!!!!!!!!!!!!