مفكرة الإسلام :
نزلت أخبار مجزره يوم الأربعاء الماضي التي راح ضحيتها أكثر من 32 طفلاً قتلى تتراوح أعمارهم ما بين خمسة الأعوام إلى اثني عشر عامًا بردًا وماءً أثلج صدور قوات الاحتلال الأمريكيه والحكومة العراقية المعينة من قبله, حيث سرعان ما تهافتوا على القنوات الفضائية معلنين مقتل الأطفال بالعشرات على يد المقاومة العراقية كتأكيد منهم على أن المسلحين في العراق هم قتلة يهدفون إلى إبادة الشعب العراقي, كما يحرصون في كل مرة على نعتهم بتلك الصفات؛ فقد صرح الجعفري رئيس الحكومة المعين من قبل الاحتلال الأمريكي أن [الإرهابيين التكفيريين] - على حد قوله - استهدفوا الأطفال كونهم شيعة, ولا يريدون أن يكون لتلك الطائفة جيل من الشباب الواعي بأمور وطنه - على حد وصفه-.
فيما أعلن المجلس الأعلى للثورة الإسلامية الشيعي بزعامة عبد العزيز الحكيم أن الحركة [الوهابية التكفيرية] تهدف إلى قطع نسب الرسول صلى الله عليه وسلم من استهدافها للشيعة, حيث إن سلالة محمد صلى الله عليه وسلم انحصرت بخاصته الشيعة على حد ما نقله تليفزيون العراقية.
وللوقوف على حقيقة الموضوع وأبعاده بكل أمانة وصدق, حرص مكتب 'مفكرة الإسلام' في العاصمة العراقية بغداد على تقصي الحقيقة المجردة التي حاول الاحتلال وأعوانه طمسها في زمن سهل فيه على الكثيرين إخفاء الحقيقة.
من تلك النقطة توجه مراسلو 'مفكرة الإسلام' إلى مكان الحادث حيث شرق بغداد, وأجروا عدة لقاءات مع ذوي الأطفال القتلى, وتحدثوا إليهم حول كيفيه وظروف الانفجار, وسبب تجمع الأطفال وبذلك الرقم المهول والكبير حول قوات الاحتلال أثناء محاولتهم إبطال مفعول تلك السيارة المفخخة, خاصة إذا ما علمنا أن الشارع الذي كانت فيه تلك السيارة لا تتجاوز عدد المنازل فيه سبعة منازل!! فهل يعقل أن يكون أطفال ذلك الشارع عددهم 41 طفلاً, وقتل منهم 32 وجرح الآخرون؟!! وهذا غير منطقي بالنسبة للمطلع على المجتمع العراقي وتعداد نفوس كل عائله, حيث لا يتجاوز تعداد أية عائلة عراقية عشرة أفراد مع الأم والأب؟!! وإذا افترضنا جدلاً أن أطفالاً من شوارع مجاورة تهافتوا على مكان الحادث, فإن شهود العيان وأهالي الأطفال الجرحى أكدوا أن قوات الاحتلال أغلقت الشارع من الرأس إلى الرأس كما يقال في العراق.
وإذا كان الشارع مغلقًا فمن أين جاء الشخص الآخر الذي فجّر نفسه وسط تجمع الأطفال؟! وكيف تمكن من الدخول؟! حيث إن العاقل العراقي يعلم جيدًا أن العبوة الناسفة كفيلة بأن تجعل قوات الاحتلال تغلق مدينة بكاملها من أجل إبطالها, فكيف بالسيارة المفخخة؟!
ومما دفعنا أكثر للتقصي حول حقيقة الانفجار والواقف خلفه, إعلان المقاومة العراقية بكافة فصائلها يوم أمس الخميس بضمنها جماعه تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين براءتها من العملية.
حيث أصدرت بيانًا وزعته على أغلب وكالات الإعلام من ضمنها مكتبنا في بغداد تعلن أنها بريئة من تلك العملية, وأنها تعلن براءتها ليس من منطلق خوف من أحد, فهي لا تخشى إلا الله تعالى, إلا أنها بالفعل ليس لها أي يد لا من قريب ولا من بعيد بتلك العملية التي أدانتها واعتبرتها مجزرة أمريكية تهدف إلى تشويه سمعة المقاومة العراقية.
مؤكدة أن ثوابت العمل الجهادي لا تقوم على قتل الأطفال الذين لم يبلغوا الحلم أو النساء, استنادًا إلى أخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته في فتوحاتهم ومعارك تحريرهم للبلدان والأمصار.
ولوضع المتابع والقارئ الكريم على مجريات وملابسات الحادث, توجه عدد من مراسلينا في بغداد إلى موقع الحادث, وكونوا فريق عمل لتقصي الحقائق من منبعها بعيدة عن الإعلام المغرض العربي والذي لم ينقل أكثرُه بيانَ المقاومة الذي أعلن براءته من تلك العملية, في حين يتهافت إلى بيانات أخرى يصفها بالإرهابية إرضاءً للاحتلال الأمريكي في العراق والحكومة المعينة من قِبله.
إنها الساعة العاشرة صباحًا حيث دخلت قوات الاحتلال الأمريكية مسرعة برتل يتكون من أربع عربات من طراز همفي, وثلاث أخرى من طراز همر, تحمل حسب ما يقول الحاج محمد الساعدي والد الطفل حسين الذي قُتل في الهجوم والذي تكلم وقال: 'دخل حسين مسرعًا إلى الدار وصاح على إخوته - الراقدين الآن في المستشفى والذين جرحوا في الانفجار - أن أسرعوا لأن القوات الأمريكية توزع الحقائب الدارسية والحلوى ولعب [البوكيمون] المعروفة, فخرج الأطفال إلى الشارع, ووجدوا العربات الأمريكية وهي تحاول سحب أكبر عدد ممكن من الأطفال إليهم لتوزيع الهدايا, بينما انشغل عدد من الجنود بسياره من طراز 'كيا' صالون زرقاء اللون قالوا: إنها مفخخة'.
ويتساءل الوالد المفجوع: 'فهل يعقل أن تكون سياره مفخخة قربهم وهم يوزعون الهدايا على الأطفال بجوارها, صِحت على أبنائي أن ادخلوا إلى المنزل, إلا أنهم وبسبب دلعهم الزائد رفضوا طلبي واستمروا بالوقوف عند الجنود للحصول على هدايا أكثر وأكبر, حتى إن قوات من الجيش العراق كانت تقف في نهاية الشارع حاولت منع أطفال من الشارع الثاني بعد سماعهم بنبأ توزيع تلك الهدايا, إلا أن الجيش الأمريكي طلب من عناصر الجيش العراقي السماح لهم بدخول الشارع للحصول على الهدايا, مؤكدين لهم أن معلومة السيارة المفخخة بلاغ كاذب, ولا يوجد فيها شيء.
بعد ربع ساعة تجمع عشرات الأطفال على الرتل الأمريكي وجنوده لنفاجأ بحركة سريعة من قوات الاحتلال, وحرّكت معداتها وأسرع الجنود بالصعود بعد أن رموا اللعب والحلوى بشكل كوم وسط الشارع, تاركين الأطفال يتعاركون عليها, بحيث أدت سرعتهم واستعجالهم في الخروج من الشارع إلى دهس أربعة أطفال بينهم ابني محمد, وما هي إلا ثوانيَ حتى انفجرت السيارة التي كانت متوقفة من طراز 'كيا', والتي قال عنها الجنود: إنها غير مفخخة وإنها بلاغ كاذب, مؤكدًا أن أحدًا من جنود الاحتلال لم يصب بأذى على خلاف ما أعلنه جيش الاحتلال من مقتل أحد جنوده وإصابة آخر, وكل ذلك من أجل محاولة إثبات الكذبة'.
أما قطاع مرور نجدة بغداد الجديدة حيث مكان الانفجار, فقد ذكر ملازم مرور طلب عدم الكشف عن اسمه أن قوات الاحتلال خرجت مسرعة من ذلك الشارع بشكل جنوني وانفجرت السيارة بعد أقل من دقيقة من خروجهم من الشارع, بحيث لم تعد إلى مكان الانفجار, وإنما واصلت مسيرها مسرعة إلى خارج المنطقة.
فيما أكد نقيب في قوات الإطفاء لمراسلنا - والذي رفض هو أيضًا الكشف عن اسمه - أن الانفجار كان قويًا جدًا وخلّف حفرة في الأرض, وهو ما لا يحدثه انفجار بقية السيارات المفخخة بسبب كون العبوات التي يضعها المسلحون في السيارات هي من مادة 'TNT' روسية الصنع التابعة سابقًا للجيش العراقي, وكل العسكريين السابقين يعلمون ما تخلفه تلك المادة, حيث إن عصفها أثناء الانفجار يكون إلى الأعلى وليس إلى الأسفل, وهو ما دفع قوات الاحتلال إلى منع تصوير مكان الانفجار في أماكن محددة بسبب عدم تخطيطها المسبق للعملية, وفي سؤال لمراسلنا حول فحوى كلامه وهل يتهم قوات الاحتلال؟ قال: 'تم فصل مدير قطاع مرور المنطقة أحمد كمال بسبب تصريحه بعد الانفجار بساعة واحدة أن قوات الاحتلال تقف خلف الانفجار, وهو ما اعتبر تصريحًا غير مسؤول منه بسبب فقدان توازنه وعدم السيطرة على نفسه بعد الحادث, وكونه سنيًا لا يريد أن يعترف أن ما يحصل في العراق إرهاب'.
وللجواب حول سؤال يمكن أن يطرح نفسه عن غاية الاحتلال الأمريكي في العراق من تلك العملية وما تهدف إليه, فإنها كعادتها تهدف إلى تشويه سمعة المقاومة العراقية لكي تعطي لنفسها الغطاء بحجة قتال من تسميهم الإرهابيين, ولتقوم بتدمير مدن بأسرها مثل القائم وتلعفر والرمادي.
والسؤال المطروح هنا: هل سيكون هناك أطفال ونساء آخرين في القائمة الأمريكية الملطخة بالدماء لتنسبها إلى المقاومة؟! أم أنها خاتمه لتلك الأعمال بعد أن افتضح أمر تلك اللعبة الأمريكية القذرة من قبل العراقيين, ولكن ليس من مسمع لأصواتهم بعد أن أخرست تلك القنوات؟!!
وقد علم مكتب 'مفكرة الإسلام' في بغداد أن مسؤول قطاع النجدة فصل بعد تصريحه لقناة عربية لدولة خليجية هي الأكثر نفوذًا في العراق باتهامه قوات الاحتلال. فلماذا لم يتم عرض تصريحات مسؤول يعتبر شاهد عيان بينما تم عرض أشخاص من داخل المنطقة الخضراء من فيلق بدر وشاكلته تكلموا على أنهم شهود عيان, وأن المفجر كبر وصاح بسم الله وانغمس وسط الأطفال؟!! نترك الإجابة للقارئ الكريم.
ولم ينس سكان بغداد جريمة مقتل أكثر من خمسة وعشرين شخصًا أمام مركز شرطة الكرخ عن طريق صاروخ أمريكي قبل سنة ونصف, وتحدث الاحتلال والحكومة المعينة عن سيارة مفخخة, بينما كان الشهود يتحدثون عن صاروخ أطلق من مروحية أمريكية من نوع أباتشي, وتحدث الشهود لوسائل الإعلام العربية, ومع ذلك لم يبث لهم أي مقطع, وظلت 'مفكرة الإسلام' تتحدث عن الصاروخ وتنقل شهادة الشهود, وبعد يوم واحد فقط وقفت الجارديان موقفًا مشرفًا فنقلت الصورة كما قالها الشهود, أما إعلامنا العربي وللأسف الإسلامي فقد بقي على النقل المجافي للحقيقة.
ومازالت قصة المدائن قبل عدة أشهر تنضح بالحقائق والعجائب, وكلنا يذكر كيف كانت عجائز فيلق بدر واللاتي تجاوز بعضهن الثمانين يبكين بطريقة هستيرية أمام الإعلام ألهبت مشاعر الجميع, وكن يصرخن ويطالبن بإنقاذ أولادهن المخطوفين, ونطقت بعضهن بأنها شاهدت [الإرهابيين الوهابيين] وهم يأخذون ولدها من منزله, شاهرين السلاح على رأسه, حتى ظننا أنهن قد تجاوزن في براعة التمثيل ممثلات هوليود, وما هي إلا أيام حتى ظهرت الحقيقة وبانت المسرحية الكبرى, وأنه لا يوجد أي مخطوف, وكان أول من أشار إلى هذه المسرحية مكتبا الصدر وهيئة العلماء العراقية, وكان لـ'مفكرة الإسلام' الشرف في نقل أول بيانين منهما بخصوص هذه الحادثة, ثم تتابعت بعد ذلك عليها وكالات الأنباء العربية والعالمية, وبعد افتضاح هذه المؤامرة الأمريكية السيستانية لم تخرج أية وكالة أو صحيفة أو قناة عربية تعتذر عن جريمتها الكبيرة في هذا النقل المزيف, بل واصلت محاولاتها في تشويه صورة نضال شعب أبي.