{myadvertisements[zone_3]}
إبراهيم
بين شجوٍ وحنين
    
المشاركات: 14,214
الانضمام: Jun 2002
|
مقتطفات صوفية
"أبو يزيد البسطامي"
و الخلل في "شطحات صوفية" لعبدالرحمن بدوي
المجموعة الصوفية الكاملة لـ "أبو يزيد البسطامي" تكشف الخلل في نصوص كتاب عبدالرحمن بدوي "شطحات صوفية"
الشوق قصبة مملكة المحبين، فيها عرش عذاب الفراق منصوب، وسيف هول الهجران مسلول، وغصن نرجس الوحدة على كف الأمل موضوع، وفي كل آن يطيح السيف بألف من الرقاب، قالوا: إن سبعة آلاف من السنين قد مضت، ولكن النرجس لا يزال غضاً طرياً لم يصل إليه كف أي أمل بعد...
البسطامي
يهدف الكتاب الصادر مؤخرا عن دار المدى بدمشق تحت عنوان "المجموعة الصوفية الكاملة" ل "أبو يزيد البسطاطي" الذي قام بتحقيقه محمد عباس إلى تقديم رؤية تفصيلية محققة للبسطامي، عن طريق اقتراح جمع كتاباته الصوفية التي تتركز في مساحة كبيرة منها في النص الشطحي الذي انتشر في البيئة الصوفية الإسلامية في القرن الثالث الهجري، واهتم الكتاب بتقديم موقف ايتمولوجي عن مفهوم الشطح، وعرض خصائص هذا النص الذي يرتبط بمضاعفات اللغة الصوفية ونظمها وبنيتها، عن طريق فحص علاقة هذا المفهوم بمحددات فكرة التأويل التي أنتجت بشكل أو بآخر جانباً فعالاً من المعرفة الإسلامية، وكشفت عن تجليات البناء المعرفي للظاهرة الصوفية.
تتوزع الرؤية المقترحة على تحليل مفهوم الشطح ومحاولة كشف محدداته الجوانية وموقعها في التجربة الصوفية، فقد بدا من المتعثر تقديم تراث هذا الصوفي الذي يعدّ الجذر الأوَّل للمشروع الصوفي في الإسلام، وكانت نصوصه الحقل الذي نشأت فيه مباني العقيدة الحلاجية، نقول: بدا من المتعثِّر أن تُقدمَ النصوص دون محاولة فهم حركة ظهور هذه النصوص، بسبب أن مزاعم الفهم المتداول أبقت النظر في نص البسطامي خارج مكوناته المعرفية، فذهبت بمقاصده نحو فكرة أن النص نتاج خيال شعري يمكن التعامل معه من زاوية تأملية نستطيع أن نفرضها على أي نص لغوي للكشف عن مقاصده، ومعرفة أسباب التفكير داخله.
ويثبت المحقق بعض دوافع هذا الكتاب حول تراث البسطامي الذي بقي متاحاً لدراسات تأثرت بنصوص مقتطعة، وقُدِّمَت هذه النصوص تحت عنوان الشطح الصوفي، كما هو الحال في كتاب عبد الرحمن بدوي "شطحات صوفية" الذي أسهم في إشاعة تصور نفسي انفعالي عن هذه النصوص التي كتبت حقيقة طبقاً لتجربة صوفية عنيت بالوجود بمجمل طبقاته، وقدمَّت نظريتها المعرفية ضمن مفاصل المسلك الصوفي الذي تحدى الشرع بنص بديل يتصل بجوهر الشرع ذاته، لينتشر كتاب بدوي بوصفه الوثيقة المتفردة عن هذا الموضوع، فكيف والحال هذه لو عرف القارئ أن الكتاب الذي نشره بدوي ليس هو الكتاب المقصود؛ بسبب أن كتاب شطحات الصوفية الأصلي لا وجود له على الإطلاق، هذا ولو استثنينا مخطوطا وحيدا يقترب من فكرة كتاب بدوي لم يزل يغطيه التراب في إحدى مكتبات بغداد.
ويبين المحقق ان الكتاب الذي قدّمه بدوي اعتمد على مخطوط يتناول ذكر مناقب البسطامي وشذراته وأقواله فقط، ولا علاقة له بشطحات الصوفية، ولم نعرف لِمَ غيّر بدوي اسم الكتاب واختلق له تسمية من خياله، بينما المخطوط الذي أشرنا إليه ويتناول معظم شطحات الصوفية لم يزل مخطوطاً، وبقدر تعلق الأمر بكتابنا هذا، فإننا أُلزمنا بمراجعة كل هذه الملابسات، فراجعنا المخطوطات التي اعتمدها بدوي أولاً وقابلناها بكتابه المطبوع فصُدمنا للمسافة بين المخطوط والمطبوع، ودهشنا للجناية التي ارتكبها بدوي بحق البسطامي، فمنها ما يتعلق بتلك القراءة الناقصة للنصوص، والنواقص التي تجاوزها بدوي بقلب شجاع من جهة، والاخفاق الكبير في ترشيح النص الكامل، الذي كان من الممكن الوصول إليه عن طريق المقابلة بين النصوص من جهة ثانية، وكان لابد من جمع كل المخطوطات التي ورد فيها ذكر البسطامي، فضلاً عن المخطوط الذي اعتمده بدوي، وعند اكتمال المصادر المتعلقة بآثار هذا الصوفي استخرجنا كل الشذرات والشطحات، وقمنا بالمقابلة بين النسخ التي حصلنا عليها، فتوصلنا إلى مجموعة صوفية نادرة أضاءت لنا لحظة البسطامي الصوفية، فاقترحنا شكلاً لهذه الشطحات ينسجم والسياق الصوفي المتعلق بالبسطامي، من خلال التنبه للبنية المكثفة لهذه.
وقد رتب المحقق أجزاء الكتاب طبقاً لموقع النتاج الصوفي في سياق الثقافة الإسلامية في عصر البسطامي، فمراعاة طبيعة الترتيب قد يشكل خط قراءة هذا النتاج، فجاء ترتيبنا لنطاق مادة الكتاب وفقاً لهذه النظرة.
وتناول في الجزء الأوَّل من المقدمة مفهوم الشطح بالتحليل والتأصيل، وتحدثنا في الجزء الآخر عن فكرة الكتاب وعلاقتها بمشروع بدوي المختلق، ولم يتأثر موقف الكتاب بهذا الموضوع لولا أننا حاولنا أن نشير إلى كتاب بدوي بقدر علاقته بفكرة تقديم النصوص الكاملة للبسطامي ومن هنا وجدنا ضرورة الكشف عن حقيقة كتاب بدوي.
إن هذ ا الكتاب قد انشدّ إلى مقترح توفير وثيقة تتضمن كل نصوص البسطامي، تلك النصوص التي أثبت التحقيق نسبتها إلى البسطامي، فابعد المحقق مجموعة - وهي قليلة لحسن الحظ - من هذه النصوص عن متن الكتاب لكونها لا تنتسب إلى البسطامي، ومعظمها قد ورد في كتب التصوف المتأخرة، ففضلنا اعتماد كبريات المصادر الصوفية بين مخطوط ومطبوع لترشيح مادة هذا الكتاب، فخلصنا إلى مجموعة رائعة من النصوص الشطحية تشكل متن الكتاب الذي لا غنى عنه عند قراءة القرن الثالث الهجري قراءة صوفية كونه يتضمن كل نتاج البسطامي، وألحقنا كتاب (شطحات الصوفية) الأصلي بآخر الكتاب، بعد أن قمنا بتحقيقه على نسختين فريدتين، وبذلك نكون قد قدّمنا كل ما له علاقة بالشطح من جهة، وكشفنا عن مخطوط نادر ونفيس له تأثير مباشر في دراسة الشطح من جهة ثانية، وفضلاً عن ذلك أننا بعملنا هذا نكشف عن اللبس الذي تسبب فيه عبد الرحمن بدوي، وربما حققنا له في الوقت نفسه رغبة قديمة كانت تداعب خياله لزمن طويل وهي اصدار كتاب شطحات الصوفية الأصلي.
الشطح
التجربة ودلالة المعنى المزدوج
@ تشكل المغامرة الصوفية في الإسلام الجوهر الأساسي الذي دفع التفكير الإسلامي إلى منطقة البحث المؤثر عن المطلق، ونموذج هذه المغامرة هو الصوفي الذي تقترب صورته من صورة الرومانسي الحالم في المخيال العام، الذي يتعامل مع هذا النموذج بفهم أنه يحيا خارج الذات، وخارج حقائق العالم.
والتصور الإسلامي العام، هو ذلك التصور الذي منح ذاته جوهراً يحلل من خلاله الديني والزمني، والابتعاد عن أية مغامرة يصعب احتواؤها من جهة، والتصدي لأي خطاب معاكس من جهة ثانية، ليترتب على ذلك شيوع تصور تفسيري ملتبس أخذ به التصور الإسلامي العام وهو بصدد تأويله لثقافته الخاصة.
إن انتشار صفة الرومانسي الحالم كمرادف للصوفي، لم يستطع إلغاء حقيقة أنه لم يكن حالماً أبداً... أنه الممثل الوحيد في الإسلام للفكر الواقعي، وهذا الفكر في حقيقته جهد صادق من المطابقة بين التجربة والقول... وقد نبَّه روجيه ارنالديز إلى فكرة أن صوفية الإسلام قد كشفوا عن العمى الذهني وهم يواجهون المشاكل الفلسفية الحقيقية (3)، وأشار إلى أن فكر الصوفية قد تطوَّر في لا واقعية واضحة؛ بسبب أن ما يلفت انتباه الصوفية في أثناء بحثهم ليس الوجود وخفاياه، وإنما المصاعب التي يضعها أمام عقليتهم هذا النص لأفلاطون، وذلك النص لأرسطو، أو مفاصل الخلاف بين نظمها المنظور إليها في إطار التجريد (4)، بفهم أنها أنظمة مغلقة، انعزلت عن الوسط الذي ولدت فيه..
لقد أثار الشطح لبساً كبيراً حول اللغة الصوفية عموماً، وضاعف من تعقيد المساحة التقنية للاصطلاح الصوفي، ففي حال عرض الاصطلاح على المعاجم العربية فإنها لا تكشف لنا حقيقة عن تفصيل دقيق للكلمة...
والشطح في لغة العرب هو الحركة، يقال: شَطَحَ يَشءطح إذا تحرك، فالشطح لفظة مأخوذة من الحركة، لأنها حركة أسرار الواجدين إذا قوي وجدهم، فعبّروا عن وجدهم ذاك بعبارة يستغرب سامعها..
ومن خلال التعريفات التي أشرنا إليها آنفاً يتوفر أن نحدد مدلول التلقي الذي يقوم على محددين أساسيين، الأول: ارتباط فكرة الشطح بفكرة (الدعوى)، والثاني: إن شكل التعبير محكوم بالغرابة والغموض إلى حد بعيد لعدم مطابقته لمعرفة المتلقي، أو لعدم إمكانية مقايسته مع أي منهج أو مفهوم لدى المعرفي الديني للمتلقي، وسنعالج فكرة الدعوى في ما بعد بسبب اعتقادنا أنها تشكل أحد أهداف الشطح...
حول التصور السابق دارت مواقف الصوفية في القرنين الثالث والرابع الهجريين، والبؤرة الأساسية التي تم تحديدها لفهم الشطح تتركز في (المفارقة الإلهامية)؛ لأنها الوحيدة التي توفر لنا فرصة فهم مبالغات الصوفية..
إن صدور الشطح عن الصوفي بفعل حركات تثير أعماقه المحضة، وعندما يزداد عنف الشطح باجتياح أنوار التجلي لهذه الأسرار سيدخل المشطوح وعياً (ما فوق شخصي) يتمظهر على شكل تصريحات وكشوفات، في الوقت الذي يتخلل عقله في أنوار الإلهام الذي أقامه، ليشتعل بنيران الرغبة الجامحة في المحبوب السرمدي على الرغم من وصوله إلى رؤية الحجاب الموضوع على عتبة الجلال كما اصطلحت الصوفية.
يعدّ البسطامي من مؤسسي مدرسة الشطح في الإسلام، كان جده زرادشتياً واتفقت المصادر التي ترجمت له على هذا النسب: طيفور بن عيسى بن آدم بن سروشان من بسطام إحدى مدن إقليم قومس في الجنوب الشرقي لبحر الخزر طبقاً لمتابعة المستشرق رينولد نيكلسون، لم تفصِّل المصادر التي ترجمت للبسطامي في تفاصيل حياته وتلخصت المعلومات التي ذُكرت في قضية جده الزرادشتي، وصراعه مع السالمية، وخروجه من بسطام أكثر من مرة بسبب ذلك الصراع، ومن ثم تحدثت المصادر عن بقائه ببسطام وتثبيت سنة وفاته بسنة 261ه.
كانت هذه المعلومات المقتضبة هي الانعطافات التي تتوقف عندها المصادر دون أن تفصِّل في طبيعة كل منها، ولا يتوفر لنا الجزم بما ذكرته المصادر الفارسية المتأخرة عن طفولته، بسبب أنها تشكل في مجالها النهائي صياغة متأخرة لفكرة بطل التصوف الفارسي، الذي ألهب خيال شعراء فارس وصوفيتها، بسبب انحداره عن الأصل الفارسي، ولا يمكن حقيقة أن ننكر تلك النزعات التي اجتاحت فكر البسطامي ليقوم ببثها في فضاء الثقافة الإسلامية، فنَقلت لنا بتلك اللغة التي تقترب من لغة الشعر المناخ الشرقي وأخلاقياته الروحانية، ولكن أفكاره ومواقفه احتوت الكثير من خصائص الفكر الهندي والفارسي واليوناني، وكان البسطامي بحق ذلك الثيوصوفي الهلليني الذي هيأ الأرضية المناسبة لظهور الحلاج. ورغبة من المحقق في إتمام الفائدة واستكمال الأدلة على ما ذهب إليه ألحق كتاب (شطحات الصوفية) الأصلي المسمّى ب (الفتح في تأويل ما صدر عن الكمَّل من الشطح) بآخر الكتاب ليتبين القارئ المشهد الشطحي بأكمله، والكتاب يعد وثيقة هامة لم تنشر من قبل تشكل حلقة جديدة في النص الصوفي، ستسهم دون شك في توسيع الدرس الصوفي عموماً، واللغة الصوفية.
محمد أحمد طيارة
http://www.alimbaratur.com/All_Pages/Shait...aitalaika35.htm
|
|
05-14-2005, 03:29 AM |
|
{myadvertisements[zone_3]}
Albert Camus
مجرد إنسان
    
المشاركات: 1,544
الانضمام: Jun 2004
|
مقتطفات صوفية
مساء الفلّ
وأنا بدوري سوف أشارك بمكتبة كاملة. للأوكيولتيّة الغربيّة العظيمة أليس بيلي، ورفيقها ساثيا سي بابا رائد التأمّل الهندوسيّ.
http://laluni.helloyou.ws/netnews/
ويمكن تحميل جميع الكتب من هناك ، والحصول على الكثير من أضواء نحو المعرفة الدّاخليّة على طريق مدرسة ال New Age ، ووصفات العلاج والسحر والتنويم والسّفر الكونيّ الذّاتي.
ومع تأمّلات هندوسيّة ، حيث لا يترك لك ساثيا سي بابا طريقاً إلى الخارج إلاّ ليوصد بابه في وجهك، ولا باباً إلى الدّاخل إلاّ ليشرعه مفتوحاً أمامك
مع تمنّياتي بقراءات مجدية.
أراكم حين استنارة (f)
|
|
05-14-2005, 04:38 AM |
|
{myadvertisements[zone_3]}
اسحق
عضو رائد
    
المشاركات: 5,480
الانضمام: Jul 2004
|
مقتطفات صوفية
عطف الألف المألوف علي اللام المعطوف
بقلم: د. علي جمعـة
هذا عنوان كتاب لأبي الحسن الديلمي من رجال القرن الرابع الهجري, فهو نص قديم من أكثر من ألف عام يتناول مسألة الحب الإلهي والحب بوجه عام, فيقارب مقاربة بارعة ويدرس درسا مستوعبا ويحلل بدقة ظاهرة الحب.
1- أبو الحسن الديلمي هو عالم صوفي سني, وهو مجهول تاريخ الميلاد والوفاة ولكنه عاش أكثر أعوام حياته ـ إن لم يكن كلها ـ في القرن الرابع الهجري, وتربي في مدرسة شيخ شيراز الكبير أبي عبد الله محمد بن خفيف الذي توفي عام(371 هـ982 م) وكان الديلمي قد التقي بابن خفيف سنة352 هـ ومكث معه عشرين عاما يتلقي منه الأخلاق الكريمة بتربية صافية قد افتقدناها في حياتنا الثقافية والروحية ـ نرجو الله أن تعود ـ ولقد تتلمذ العلامة ابن خفيف ـ أستاذ الديلمي ـ علي شيخ الشافعية ابن سريج المتوفي عام(306 هـ), ودرس العقيدة علي الإمام أبي الحسن الأشعري المتوفي عام(324 هـ), ولبس خرقة التصوف علي يد شيخه رويم وهو أبو الحسن رويم بن أحمد وقيل بن محمد بن يزيد بن رويم البغدادي شيخ الصوفية توفي عام(303 هـ), وصحب الجريري المتوفي عام(344 هـ) وأبا العباس بن عطاء المتوفي عام(309 هـ), وكان صديقا للحلاج المتوفي عام(309 هـ), ولكنه نصح مريديه أن يسلموا له حاله ولا يقتدوا به في شطحاته.
2- كتب الديلمي سيرة شيخه ابن خفيف وقد فقدت النسخة الأصلية التي كتبها بالعربية, وبقيت النسخة المترجمة إلي الفارسية والتي ترجمها ابن جنيد الشيرازي, ونشرت بتركيا عام1955 علي يد الأستاذة المنصفة الألمانية( أنا ماري شيمل) ثم نقلها إلي العربية عن نشرة أنا ماري الدكتور إبراهيم الدسوقي شتا رحمه الله في القاهرة عام.1977
3- ورث الديلمي عن شيخه ابن خفيف مذهبه الفقهي فكان شافعيا, ورأيه الاعتقادي فكان أشعريا, ومشربه الصوفي المعتدل, واهتمامه العميق بموضوع( المحبة), ونزعته القوية إلي السياحة والرحلة, وعاش بين فارس والعراق وغيرهما من أقطار العالم الإسلامي, في هذا القرن الزاهر الذي بلغت فيه الحضارة الإسلامية أوج ازدهارها, إلي أخريات القرن الرابع, كما صحب الفيلسوف أبا حيان التوحيدي المتوفي سنة(400 هـ), وروي عنه في كتاب( العطف), والطبيب أبا عبد الله البيطار المتوفي سنة(383 هـ), والعديد من شيوخ الصوفية, وكتب خمسة مؤلفات لم يصلنا منها إلا كتاب( العطف) الذي نتكلم عنه, وترجمة كتاب( السيرة) الذي كتبه في سيرته شيخه والذي ذكرناه آنفا.
وقد ترك الديلمي ومؤلفاته خاصة كتابه( عطف الألف المألوف علي اللام المعطوف) أثرا واضحا في التقاليد الروحية لمدرسة شيراز الصوفية, من خلال الشيخين البارزين ابن بكران الشيرازي الذي روي كتاب العطف عن الديلمي, ثم المقاريضي المتوفي(509 هـ) الذي رواه عن ابن بكران ـ حسب السند المثبت علي المخطوطة الوحيدة الباقية من الكتاب في مكتبة جامعة توبنجن بألمانيا ـ ورواها بعدهما الصوفي الشهير( روزبهان البقلي الشيرازي) المتوفي سنة(606 هـ) الذي تمتلئ مؤلفاته الثلاثة المتداولة( مبهر العاشقين, وشرح شطحيات, ومشرب الأرواح) بالاقتباسات والنقول عن كتب الديلمي, وبخاصة كتابه( عطف الألف المألوف علي اللام المعطوف).
وقد يبدو عنوان الكتاب غريبا, وهو نتاج تقليد متداول حينذاك في التعبير الرمزي عن علاقة الخالق ـ عز وجل ـ بخلقه; وهي علاقة المحبة والتعاطف; فالألف رمز للذات الإلهية التي هي معدن الحب الحقيقي والجمال الخالص, واللام ـ عندهم ـ رمز للوجود الإنساني أو الكون الجامع المتمثل في آدم أو الإنسان, والعلاقة المتبادلة بين الجانبين يرمز لها بالألف واللام أو اللام ألف( لا) التي هي علاقة الألفة والتعاطف والمحبة في أكمل صورها وأصفاها, وهي التي تتجلي في نفوس العارفين, وتملأ حقائقها أفئدتهم حين يجذب الرب زمام إرادة العبد إليه ـ وذلك هو العطف ـ فيشغله به عما سواه, وإن كان يتذوق في الوقت نفسه مظاهر الجمال في كل شيء, ويعيش الحب بمستوياته وأبعاده الكونية المتعددة, والحب دوما هو للحبيب الأول ـ سبحانه ـ والحنين إنما هو لأول منزل( في الجنة) كما قال أبو تمام:
نقل فؤادك حيث شئت من الهوي
ما الحب إلا للحبيب الأول
كم منزل في الأرض يألفه الفتي
وحنينه أبدا لأول منزل
4- لقد بقيت هذه الدرة الثمينة في أصدافها, حتي كشف عن جوهرها باحث فرنسي هو الأستاذ( فاديه) فأخرج الكتاب للناس أوائل الستينيات من القرن الماضي بالقاهرة, دون تحقيق علمي للنص العربي, ثم أصدر ترجمة فرنسية له في مطلع الثمانينيات, ثم اشتغل الباحثان الأمريكي( جوزيف بل) ـ أستاذ اللغة العربية بجامعة برجن بالنرويج ـ والمصري الدكتور( حسن الشافعي) ـ الأستاذ بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة وعضو مجمع اللغة العربية وهو مجمع الخالدين بمصر, ورئيس الجامعة الإسلامية بباكستان سابقا ـ بترجمة الكتاب إلي الإنجليزية فتوافرت لخدمة نصه النفيس خبرات تعرف طبيعة الموضوع في أبعاده الروحية ولغته الفنية ومضامينه الفكرية بشكل عميق, ثم في حساسية التذوق والتعبير عن ذلك كله في ترجمة إنجليزية رائقة صافية ـ كما يقول النقاد المتخصصون.
5- ويبدأ المؤلف كتابه ـ بعد المقدمة ـ بالخطة التفصيلية للموضوعات, ثم يقدم استدلاله علي جواز إطلاق وصف العشق والمحبة علي الله تعالي, ثم يتحدث عن الجمال وارتباطه بالحب وفضله وفضل المحب والمحبوب والحب, ثم يورد بابا رابعا عن سر التسمية وأصل كلمتي الحب والعشق في العربية مزاوجا بين أقوال اللغويين وتأويلات الصوفية.
وبعد ذلك يدخل المؤلف في صميم الموضوع فيفرد بابا للكلام في المحبة, فيوضح أصل الحب وماهيته, ويبين الخلاف في حقيقته ومنبعه, ووصفه, ويبين الحب الممدوح, ويفصل في منكري الحب, ثم يتكلم عن أثر الحب وعلاماته, وآراء المحبين في علامات الحب والعشق, وتقسيم الحب إلي أنواع كحب الله للعبد, وحب العبد لله, وحب العباد في الله, ويتكلم عن علامات كل قسم من هذه الأقسام, ثم يتكلم عن حب الخواص وحب العوام وحب كل ذي روح من إنسان وحيوان وطير. ويختم كتابه بالحديث عن كمال الحب ويذكر أخبار موت المحبين الإلهيين من الأنبياء والأولياء ـ سلام الله ورضوانه عليهم أجمعين ـ وقد يعجب القارئ لهذا الكتاب الذي مضي علي تأليفه أكثر من ألف عام, لما يتسم به من طابع صوفي ونزعة روحية بطبيعة الحال يتدفقان في طرافة محببة, وبساطة موحية, ممتزجا بمشاعر حميمة, وملاحظات دقيقة, تنم عن نفس نبيلة, وعقل متفتح, وتأمل طويل, وذات تكاد تختلط بطبيعة الموضوع.
6- لا نشك في أن سيكون لهذه الترجمة الإنجليزية من هذين العالمين الجليلين الأثر الحميد بإذن الله في تجاوب العقول المنصفة والقلوب النزيهة في الغرب, مع هذا الخطاب الموضوعي المعبر في تلقائية وصدق عن حقيقة ديننا وثقافتنا, بعيدا عن الخطاب الاعتذاري واللهجة الدفاعية التي قلما تستهوي تلك العقول والقلوب.
ولئن كانت الترجمة الإنجليزية قد صدرت بحمد الله في ثوبها القشيب في( إدنبرة) خلال الأشهر الأخيرة من العام الماضي واسم الكتاب بالإنجليزية(ATreatiseonMystical(Love, فعسي أن يصدر النص الأصلي العربي عما قريب, وقد أنجزه الباحثان علي نهج علمي بمقدماته وفهارسه, وتدقيقاته وتعليقاته الخصبة الغنية ـ بإذن الله ـ في القاهرة علي نحو يليق بعاصمة الثقافة العربية, فتتعانق الجهود, وتتعاطف القلوب علي الضفتين في لقاء فكري وروحي حميم ببركات الديلمي وشيخه ابن خفيف ـ رحمهما الله, فيصدق في ذلك الحال قول الشاعر ابن خفاجة:
فلما اجتمعنا قلت من فرحي به
من الشعر بيتا والدموع سواقيا
وقد يجمع الله الشتيتين بعدما
يظنان كل الظن أن لا تلاقيا
هذا هو العمل الصالح والكلم الطيب الذي يرفعه الله تعالي ويقبله, وهذا نموذج يحتذي به, عسي أن يدرك كثير من أصحاب الطاقات كيف يعملون في صمت علي منهج مستقيم في عرض إسلامنا علي العالمين من غير ضجيج مفتعل أو صمت مريب.
|
|
06-25-2005, 10:39 PM |
|
{myadvertisements[zone_3]}
اسحق
عضو رائد
    
المشاركات: 5,480
الانضمام: Jul 2004
|
|
06-25-2005, 10:41 PM |
|
{myadvertisements[zone_3]}
{myadvertisements[zone_3]}
{myadvertisements[zone_3]}
{myadvertisements[zone_3]}
اسحق
عضو رائد
    
المشاركات: 5,480
الانضمام: Jul 2004
|
مقتطفات صوفية
43300 السنه 129-العدد 2005 يونيو 25 18 من جمادي الاولي 1426 ه السبت
عطف الالف المالوف علي اللام المعطوف
بقلم: د. علي جمعه
هذا عنوان كتاب لابي الحسن الديلمي من رجال القرن الرابع الهجري, فهو نص قديم من اكثر من الف عام يتناول مساله الحب الالهي والحب بوجه عام, فيقارب مقاربه بارعه ويدرس درسا مستوعبا ويحلل بدقه ظاهره الحب.
1- ابو الحسن الديلمي هو عالم صوفي سني, وهو مجهول تاريخ الميلاد والوفاه ولكنه عاش اكثر اعوام حياته ان لم يكن كلها في القرن الرابع الهجري, وتربي في مدرسه شيخ شيراز الكبير ابي عبد الله محمد بن خفيف الذي توفي عام(371 ه982 م) وكان الديلمي قد التقي بابن خفيف سنه352 ه ومكث معه عشرين عاما يتلقي منه الاخلاق الكريمه بتربيه صافيه قد افتقدناها في حياتنا الثقافيه والروحيه نرجو الله ان تعود ولقد تتلمذ العلامه ابن خفيف استاذ الديلمي علي شيخ الشافعيه ابن سريج المتوفي عام(306 ه), ودرس العقيده علي الامام ابي الحسن الاشعري المتوفي عام(324 ه), ولبس خرقه التصوف علي يد شيخه رويم وهو ابو الحسن رويم بن احمد وقيل بن محمد بن يزيد بن رويم البغدادي شيخ الصوفيه توفي عام(303 ه), وصحب الجريري المتوفي عام(344 ه) وابا العباس بن عطاء المتوفي عام(309 ه), وكان صديقا للحلاج المتوفي عام(309 ه), ولكنه نصح مريديه ان يسلموا له حاله ولا يقتدوا به في شطحاته.
2- كتب الديلمي سيره شيخه ابن خفيف وقد فقدت النسخه الاصليه التي كتبها بالعربيه, وبقيت النسخه المترجمه الي الفارسيه والتي ترجمها ابن جنيد الشيرازي, ونشرت بتركيا عام1955 علي يد الاستاذه المنصفه الالمانيه( انا ماري شيمل) ثم نقلها الي العربيه عن نشره انا ماري الدكتور ابراهيم الدسوقي شتا رحمه الله في القاهره عام.1977
3- ورث الديلمي عن شيخه ابن خفيف مذهبه الفقهي فكان شافعيا, ورايه الاعتقادي فكان اشعريا, ومشربه الصوفي المعتدل, واهتمامه العميق بموضوع( المحبه), ونزعته القويه الي السياحه والرحله, وعاش بين فارس والعراق وغيرهما من اقطار العالم الاسلامي, في هذا القرن الزاهر الذي بلغت فيه الحضاره الاسلاميه اوج ازدهارها, الي اخريات القرن الرابع, كما صحب الفيلسوف ابا حيان التوحيدي المتوفي سنه(400 ه), وروي عنه في كتاب( العطف), والطبيب ابا عبد الله البيطار المتوفي سنه(383 ه), والعديد من شيوخ الصوفيه, وكتب خمسه مولفات لم يصلنا منها الا كتاب( العطف) الذي نتكلم عنه, وترجمه كتاب( السيره) الذي كتبه في سيرته شيخه والذي ذكرناه انفا.
وقد ترك الديلمي ومولفاته خاصه كتابه( عطف الالف المالوف علي اللام المعطوف) اثرا واضحا في التقاليد الروحيه لمدرسه شيراز الصوفيه, من خلال الشيخين البارزين ابن بكران الشيرازي الذي روي كتاب العطف عن الديلمي, ثم المقاريضي المتوفي(509 ه) الذي رواه عن ابن بكران حسب السند المثبت علي المخطوطه الوحيده الباقيه من الكتاب في مكتبه جامعه توبنجن بالمانيا ورواها بعدهما الصوفي الشهير( روزبهان البقلي الشيرازي) المتوفي سنه(606 ه) الذي تمتلئ مولفاته الثلاثه المتداوله( مبهر العاشقين, وشرح شطحيات, ومشرب الارواح) بالاقتباسات والنقول عن كتب الديلمي, وبخاصه كتابه( عطف الالف المالوف علي اللام المعطوف).
وقد يبدو عنوان الكتاب غريبا, وهو نتاج تقليد متداول حينذاك في التعبير الرمزي عن علاقه الخالق عز وجل بخلقه; وهي علاقه المحبه والتعاطف; فالالف رمز للذات الالهيه التي هي معدن الحب الحقيقي والجمال الخالص, واللام عندهم رمز للوجود الانساني او الكون الجامع المتمثل في ادم او الانسان, والعلاقه المتبادله بين الجانبين يرمز لها بالالف واللام او اللام الف( لا) التي هي علاقه الالفه والتعاطف والمحبه في اكمل صورها واصفاها, وهي التي تتجلي في نفوس العارفين, وتملا حقائقها افئدتهم حين يجذب الرب زمام اراده العبد اليه وذلك هو العطف فيشغله به عما سواه, وان كان يتذوق في الوقت نفسه مظاهر الجمال في كل شيء, ويعيش الحب بمستوياته وابعاده الكونيه المتعدده, والحب دوما هو للحبيب الاول سبحانه والحنين انما هو لاول منزل( في الجنه) كما قال ابو تمام:
نقل فوادك حيث شئت من الهوي
ما الحب الا للحبيب الاول
كم منزل في الارض يالفه الفتي
وحنينه ابدا لاول منزل
4- لقد بقيت هذه الدره الثمينه في اصدافها, حتي كشف عن جوهرها باحث فرنسي هو الاستاذ( فاديه) فاخرج الكتاب للناس اوائل الستينيات من القرن الماضي بالقاهره, دون تحقيق علمي للنص العربي, ثم اصدر ترجمه فرنسيه له في مطلع الثمانينيات, ثم اشتغل الباحثان الامريكي( جوزيف بل) استاذ اللغه العربيه بجامعه برجن بالنرويج والمصري الدكتور( حسن الشافعي) الاستاذ بكليه دار العلوم بجامعه القاهره وعضو مجمع اللغه العربيه وهو مجمع الخالدين بمصر, ورئيس الجامعه الاسلاميه بباكستان سابقا بترجمه الكتاب الي الانجليزيه فتوافرت لخدمه نصه النفيس خبرات تعرف طبيعه الموضوع في ابعاده الروحيه ولغته الفنيه ومضامينه الفكريه بشكل عميق, ثم في حساسيه التذوق والتعبير عن ذلك كله في ترجمه انجليزيه رائقه صافيه كما يقول النقاد المتخصصون.
5- ويبدا المولف كتابه بعد المقدمه بالخطه التفصيليه للموضوعات, ثم يقدم استدلاله علي جواز اطلاق وصف العشق والمحبه علي الله تعالي, ثم يتحدث عن الجمال وارتباطه بالحب وفضله وفضل المحب والمحبوب والحب, ثم يورد بابا رابعا عن سر التسميه واصل كلمتي الحب والعشق في العربيه مزاوجا بين اقوال اللغويين وتاويلات الصوفيه.
وبعد ذلك يدخل المولف في صميم الموضوع فيفرد بابا للكلام في المحبه, فيوضح اصل الحب وماهيته, ويبين الخلاف في حقيقته ومنبعه, ووصفه, ويبين الحب الممدوح, ويفصل في منكري الحب, ثم يتكلم عن اثر الحب وعلاماته, واراء المحبين في علامات الحب والعشق, وتقسيم الحب الي انواع كحب الله للعبد, وحب العبد لله, وحب العباد في الله, ويتكلم عن علامات كل قسم من هذه الاقسام, ثم يتكلم عن حب الخواص وحب العوام وحب كل ذي روح من انسان وحيوان وطير. ويختم كتابه بالحديث عن كمال الحب ويذكر اخبار موت المحبين الالهيين من الانبياء والاولياء سلام الله ورضوانه عليهم اجمعين وقد يعجب القارئ لهذا الكتاب الذي مضي علي تاليفه اكثر من الف عام, لما يتسم به من طابع صوفي ونزعه روحيه بطبيعه الحال يتدفقان في طرافه محببه, وبساطه موحيه, ممتزجا بمشاعر حميمه, وملاحظات دقيقه, تنم عن نفس نبيله, وعقل متفتح, وتامل طويل, وذات تكاد تختلط بطبيعه الموضوع.
6- لا نشك في ان سيكون لهذه الترجمه الانجليزيه من هذين العالمين الجليلين الاثر الحميد باذن الله في تجاوب العقول المنصفه والقلوب النزيهه في الغرب, مع هذا الخطاب الموضوعي المعبر في تلقائيه وصدق عن حقيقه ديننا وثقافتنا, بعيدا عن الخطاب الاعتذاري واللهجه الدفاعيه التي قلما تستهوي تلك العقول والقلوب.
ولئن كانت الترجمه الانجليزيه قد صدرت بحمد الله في ثوبها القشيب في( ادنبره) خلال الاشهر الاخيره من العام الماضي واسم الكتاب بالانجليزيه(ATreatiseonMystical(Love, فعسي ان يصدر النص الاصلي العربي عما قريب, وقد انجزه الباحثان علي نهج علمي بمقدماته وفهارسه, وتدقيقاته وتعليقاته الخصبه الغنيه باذن الله في القاهره علي نحو يليق بعاصمه الثقافه العربيه, فتتعانق الجهود, وتتعاطف القلوب علي الضفتين في لقاء فكري وروحي حميم ببركات الديلمي وشيخه ابن خفيف رحمهما الله, فيصدق في ذلك الحال قول الشاعر ابن خفاجه:
فلما اجتمعنا قلت من فرحي به
من الشعر بيتا والدموع سواقيا
وقد يجمع الله الشتيتين بعدما
يظنان كل الظن ان لا تلاقيا
هذا هو العمل الصالح والكلم الطيب الذي يرفعه الله تعالي ويقبله, وهذا نموذج يحتذي به, عسي ان يدرك كثير من اصحاب الطاقات كيف يعملون في صمت علي منهج مستقيم في عرض اسلامنا علي العالمين من غير ضجيج مفتعل او صمت مريب.
|
|
08-10-2005, 01:56 PM |
|
{myadvertisements[zone_3]}
{myadvertisements[zone_3]}
|