{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
طريق النهضة 5 (أغلوطة "الدول الاسلامية"، القسم الأول)
خالد غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 7,660
الانضمام: Apr 2004
مشاركة: #1
طريق النهضة 5 (أغلوطة "الدول الاسلامية"، القسم الأول)
بسم الله الرحمن الرحيم

بعد إجازة من عالم الفكر المرهق، قضيتها في التجول بين الساحات وفي ساحة الأديان، أعود لاستئناف ما انقطع من موضوع طريق النهضة.

قبل كل شيء زملائي الكرام،
تحية طيبة لكم جميعا
وبعد، كنت قد تحدثت في الحلقة السابقة حول "بين يدي العالمانية" عن غياب أو تغييب الإسلام عن الحياة العامة في "العالم الإسلامي"، واعتبرت ذلك مبررا لبدء البحث بالعالمانية كمنهج ممكن ومجرّب للنهضة. وحتى لا يقول قائل بأن الإسلام موجود ومتمثل بمجموعة دول، قررت أن أناقش هنا مجموعة الدول القائمة في "العالم الإسلامي" ومدى حقيقة ارتباطها بالاسلام. حتى نتخلص من أي مظهر من مظاهر الخداع السياسي توهم ارتباط الإسلام وغيره بهذه الدول، وحتى نعطي طرحا حقيقيا وواضحا من العالمانية أو غيرها قد تمكن من البدء بالنهضة.

فلنقسم الدول القائمة في "العالم الإسلامي" إلى أربعة مجموعات:
1- دول قد أعلنت عالمانيتها صراحة: تركيا، تونس.
2- دول أعلنت في دستورها بأن "دين الدولة الإسلام" أو "دين رئيس الدولة الإسلام": المغرب، الأردن.
3- دول أعلنت الشريعة الإسلامية كأحد مصادر التشريع: مصر.
4- دول أعلنت إسلاميتها وهي أظن حصرا: السعودية، السودان، إيران، ونظام طالبان الحاكم سابقا في أفغانستان.

وقبل تفصيل البحث في المجموعات الأربعة، هلم فلنقرأ على عجالة حول الأنظمة المطلوب وجودها لصبغ الدولة والمجتمع والأفراد بصبغة فكرية معينة، ولنبدأ قبل كل شيء بالقاعدة وهي هنا الدولة والمجتمع، حيث لا خلاف حسب ما أظن بأن الشؤون الفردية لا أثر كبير لها بالنهضة بشكل مباشر.

أما عن المجتمع، فذلك أن المجتمع ينشأ لطبيعة الإنسان ككائن اجتماعي، يعجز عن تحقيق مصالحه ودرء المفاسد عنه دون الاجتماع مع غيره من بني البشر. وحتى يكون هذا الاجتماع مجتمعا لا بد من انشاء شبكة من العلاقات الدائمية بين البشر، ولا نعني هنا بدائمية بأنني إذا أقمت علاقة تجارة مع زيد من الناس فلا بد من دوام هذه التجارة إلى الأبد، بل نعني أنه إذا أردت إقامة تجارة فتتم هذه التجارة ضمن عرف معين، يحتكم الناس إليه أدبيا حتى قبل نشوء الدولة. سواء أقمت العلاقة مع زيد أو عمرو. وبالمثل إذا أردت إقامة علاقة مع أنثى من حيث أني ذكر وهي أنثى، فالعلاقة لا تتعين غالبا بدعد أو هند، بل بالأعراف المتعلقة بالمجتمع من حيث المخادنة أو الزواج أو تعدد الزوجات أو تعدد الأزواج، إلى آخر ما يقتضيه ما تعارف عليه المجتمع من علاقات دائمية.

لما تقدم أعلاه، أتجرأ أن أضع تعريفا أوليا غير مفصل للمجتمع وهو :" مجموعة بشرية تربط بينهم علاقات دائمية".
وحتى تكون هذه العلاقات دائمية، لا بد من بناءها على أصل فكري ظاهر مشترك بين المجموعة، بمعنى آخر وجود قناعة عامة ظاهرة بصحة العلاقة ومشروعيتها، وغالبا ما تربط هذه القناعات عند المجتمع الناهض بقاعدة فكرية واحدة لتحقيق التجانس المجتمعي المولد للنهضة.
وحيث أن الإنسان كائن اجتماعي وليس صناعيا، ونظرا لأهمية مشاعر الإنسان وأخذها دور الوقود لطاقته الحيوية، فإن رضا الناس بالعلاقة الدائمة أو سخطها عنها يأخذ دورا لا بأس به للمحافظة على ديمومة العلاقة، فلن يبقي الناس على أي علاقة غير مرغوبة حتى لو اقتنعوا بنظريتها الفكرية، مع ملاحظة أن المشاعر تنبثق عادة من القناعات. والمشاعر المعنية هنا هي المشاعر العامة الظاهرة البادية للملاحظ في المجتمع والمسموح لها بالمشاركة في تشكيل الرأي العام والذوق السائد، وليس المشاعر المكبوتة والمقموعة.

وبعد هذا وذاك، قبل إعادة تعريف المجتمع، يصح أن نذكر قانونا كونيا ينطبق على الذرة والكون والحيوانات والنباتات والانسان سلوكا وتركيبا، وهو :"كل نظام يسعى إلى الحد الأدنى من الطاقة والحد الأعلى من الفوضى". والمجتمع يصدق عليه ما يصدق على غيره، لذا احتجنا إلى صمام أمان يحافظ على المجتمع من التحلل إلى الفوضى.

لكل ما تقدم نخلص إلى أن المجتمع هو "مجموعة من البشر تربطها علاقات دائمية، مبنية على أفكار ومشاعر وأنظمة مشتركة".

هذا عن المجتمع، أما عن الدولة فهي بالمصطلح الجغرافي مشهورة عند العوام فضلا عن الخواص، أما عن المصطلح الفكري والذي يعنينا هنا، فالدولة هي "كيان تنفيذي لمجموعة من الأفكار"، وتنسب الدول إلى أفكارها، وتتغير بتغيرها. ويبرز تنفيذ هذه الأفكار على شكل أنظمة سبعة وهي:

1- نظام الحكم: ينظم علاقة الحاكم بالمحكوم.
2- نظام السياسة الخارجية: ينظم علاقة الدولة بوصفها عضوا في المجتمع الدولي بغيرها من الدول.
3- النظام الإقتصادي: وينظم كيفية حيازة الثروة وكيفية انفاقها، وهو غير علم الاقتصاد الذي يبحث في كيفية تنمية الثروة.
4- النظام الإجتماعي: وينظم علاقة الرجل بالمرأة من حيث أنه ذكر وأنها أنثى، وما يتفرع عن ذلك من أسرة وأطفال وأحفاد وغبره من الأقارب بالإضافة إلى شؤون الميراث والنفقة وكافة الشؤون المالية المرتبطة بالعلاقة.
5- نظام التعليم والإعلام: وينظم عملية تشكيل عقلية ونفسية الأطفال والبالغين لتحقيق الانسجام مع قناعات ومشاعر المجتمع الذي قامت الدولة على أساسه.
6- النظام الإداري: وينظم عملية قضاء الدولة لمصالح الأفراد.
7- نظام العقوبات: وينظم عملية منع التجاوزات على الأنظمة السابقة، وكيفية محاكمة ومحاسبة ومعاقبة المتجاوز.

ولا بد لهذه الأنظمة من قاعدة واحدة تجمعها وتحقق تجانسها منعا من التسبب بانفصام شخصية المجتمع، ولتحقيق الحد الأدنى من الصدق السياسي المؤدي إلى طمأنينة المجتمع. فلا يقبل كوكتيل من الأنظمة يستعمل الإسلام في النظام الإجتماعي والعقوبات والتعليم والإعلام والعالمانية في نظام الحكم والسياسة الخارجية، والاشتراكية في النظام الإداري والاقتصادي، هكذا نظام يجمع برأيي التقزيز والدجل السياسي، إذ لا يمكن العذر بالجهل ههنا، ويؤدي هذا الحال إلى التنافر المولد للعنف المتبادل بين الدولة والمجتمع، هذا إن لم يؤدي إلى انشقاقات مولدة للحرب الأهلية في المجتمع.

عودة إلى تقسيم "العالم الإسلامي" المذكور آنفا:

1- قد كفتنا الدول المتعلمنة تصنيفها، فهي لا تزعم أنها محسوبة على الإسلام، بل لا تترك فرصة إلا وتغتنمها للتعبير عن براءتها من الإسلام السياسي، فيخلو الإسلام منها وإن لم يخل منها المسلمون. وهذه الدول تحسب غالبا على العالمانية الاستبدادية.

2- تزعم بعض الدول أنها إسلامية، كون الدستور ينص على أن "دين الدولة الإسلام" أو "دين رئيس الدولة الإسلام"، مثل هذه الدول قد تقع بورطة الدجل السياسي، إذ أن الإسلام وغيره من الأديان إنما هو مخاطب به البشر ليتدينوا به، وليس الدول كشخصية اعتبارية، إذ لا دين للدولة واقعا، فلم يُذكر في الإسلام أن الله يوقف الدولة يوم القيامة كشخصية اعتبارية مسؤولة أمامه، نعم ورد أنه يحاسب الحاكم حسابا مطولا، لكن ذلك بوصفه إنسانا احتمل مسؤولية مختارا وليس بوصفه دولة. نعم لا دين للدولة، لكن يمكن بناؤها على الدين كمبدأ، ونعني هنا بالمبدأ "فكرة عملية ينبثق عنها نظام"، ولا تزعم أي من الدول المنصوص في دستورها على "دين الدولة الإسلام" على أن العقيدة الإسلامية هي وحدها أساس الدولة ودستورها، أو أن أنظمتها منبثقة عن العقيدة الإسلامية. أما الدول التي تنص دساتيرها على أن "دين رئيس الدولة الإسلام" فهي ترفع عيار الدجل السياسي، فلا معنى أبدا على كون الرئيس مسلما أن الدولة إسلامية أو لا. هذا وإن كان الإسلام ينص فعلا على وجوب كون رئيس الدولة مسلما لقوله (ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا) وقوله (وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) فدلت كلمة منكم أي ليس من غيركم. إلا أن ذلك تبعا لعدم منطقية أن يحكم غير مسلم بالإسلام. وحيث أن واقع الحال أن الحكم في الدولة غير مبني على العقيدة الإسلامية، أضحت المادة غير منطقية، فقد يستطيع غير المسلم أن يحكم بالعالمانية أو غيرها سواء بسواء مثل المسلم، بل قد يكون النصراني متوازنا مع نفسه بهذا أكثر من المسلم، حيث ينص دينه على "أعط ما لله لله وما لقيصر لقيصر" وقد يتجاوز اللاديني كليهما حيث أن نظام الدولة الفعلي بعيدا عن الدجل السياسي إنما هو لا ديني. ولا يفيد هذا النص الدستوري إلا في تحديد العطل الرسمية.

3- أما الدول التي تزعم أن العقيدة الإسلامية مصدر من مصادر التشريع، فهذا لا يعني أن الدولة إسلامية بحال، حيث أن الإسلام يطلب كون العقيدة الإسلامية هي مصدر التشريع الوحيد لقوله(فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما) وقوله (وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع اهوائهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله اليك) وقوله (ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع اهواء الذين لا يعلمون). وما هذا المنصوص عليه في الدستور إلا لغو سواء أقيل أن الشريعة هي المصدر الرئيس أو أحد المصادر وهو أمر باعث على تناقض الدستور لاحتوائه على مصادر متناقضة لا تقبل الجمع (ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك و ما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت و قد أمروا أن يكفروا به و يريد الشيطان أن يضلهم ضلالاً بعيداً). لذا فإن من الحكمة، كل الحكمة أن تكون الدولة شجاعة وواضحة، وتحذف هذه المواد المشكلة حيث ينبغي وضوح الدستور عند إرادة النهضة، فلا يفهمه كل كما يريد ويهوى. وأما عن واقع نظام هذه الدول المعنية إن أخذنا مصر كمثال، فقد اشتهر عند القاصي والداني من طلبة القانون، أن مجمل القوانين المصرية من أصل فرنسي، ولا علاقة حقيقية للاسلام أو لغيره من الأديان سوى بالأحوال الشخصية والعطل الرسمية.

4- نظرا لطول موضوع هذه المجموعة من الدول، فقد ارتأيت مناقشتها مفصلة في الحلقة القادمة.
07-20-2004, 05:09 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
خالد غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 7,660
الانضمام: Apr 2004
مشاركة: #2
طريق النهضة 5 (أغلوطة "الدول الاسلامية"، القسم الأول)
4- نحن جميعا نعلم أنه ليس الزعم بشيء يلزم بحقيقة واقعه أو صدق الزاعم به، إذ لا يلزم زعم دول أوروبا الشرقية سابقا بأنها ديمقراطية بأنها كانت حقيقةً ديمقراطية. وبالمثل فإن زعم بعض الدول بأنها إسلامية لا يعني ضرورة بأن هذه الدول إسلامية. فقد تكون إسلامية فعلا وعندها يلزم معرفة دور الاسلام في نهضتها ان كانت ناهضة او في انحطاطها ان كانت منحطة. وقد يكون زعم هذه الدول باسلاميتها كاذبا، فعندها تصنف ضمن الدجل السياسي وضمن استغلال الدين كوسيلة استبداد.
هذا وبعد تعقب الدول القائمة في "العالم الإسلامي"، وجدت بأن الدول التي تزعم بكون نظامها إسلاميا إنما هي:
- السعودية، نظام طالبان الحاكم سابقا في أفغانستان وتدعيان تمثيلهما اتجاهين مختلفين ضمن المنهج الوهابي.
- السودان، وتدعي تمثيلها اتجاها سنيا تقليديا.
- إيران، وتدعي تمثيلها اتجاها شيعيا يمثل وجهة نظر ولاية الفقيه.

وسأحاول هنا بحث حقيقة ادعاء هذه الدول، بعيدا عن مناقشة صلاحية الاسلام بذاته كمنهج محتمل للنهضة، إذ أنني كما أسلفت أفضل البدء بمناقشة النظريات الموجودة في أرض الواقع قبل دراسة النظريات الأخرى.

أما عن الإسلام، فهو بغض النظر عن الدراسات المحدثة والتي التي تفترض خلوه من أي شكل لنظام الحكم، إلا أن نصوص الإسلام الموجودة تقدم عكس ذلك نظاما خاصا للحكم، سواء اتفقنا معه أو دعونا لغيره. وهذه النصوص تتلخص في القرآن والسنة ، فإن الله سائلهم عما استرعاهم". ولا ينكر هنا وجود خلاف بين المسلمين الأوائل على تطبيق النصوص، إلا أن هذا الخلاف الذي لا يعنينا كثيرا هنا، إنما انصب على الأشخاص وليس على النظام بذاته.
بالعودة إلى النصوص الشرعية الإسلامية، نرى نظام الحكم في الإسلام قد ارتبط بأربعة أركان، لا يعتبر الحكم إسلاميا دونها، لم يرتبط نظام الحكم بارتداء النسوة للحجاب، أو بتطبيق شيء من نظام العقوبات الإسلامي، فليس نظام الحكم هو نظام العقوبات، وليس قانون الآداب العامة هو دستور البلاد.
أما أركان نظام الحكم في الإسلام فهي:
1- السيادة للشرع: لقوله(فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرج مما قضيت ويسلموا تسليما) وتعني السيادة هنا تسيير الإرادة العامة للدولة والمجتمع.
2- السلطان للأمة: لقوله(وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) فلم يقل عليكم لوجوب اختيار الأمة حاكمها ابتداء، ثم لنص رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على البيعة كطريق وحيد لتولي السلطة، والبيعة إنما هي عقد مراضاة واختيار بين الأمة وشخص مرشح أن يكون خليفة.
3- للمسلمين خليفة واحد: لقوله صلى الله عليه وآله وسلم :"إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما" وقوله:"من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد يريد أن يفرق جماعتكم ويشق عصاكم فاقتلوه"
4- أمر الإمام يرفع الخلاف ونافذ ظاهرا وباطنا: لقوله(وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم). والامام هنا مترادفة مع كلة الخليفة، ولا تعني إمام الصلاة.

ولا يعنينا ليس من باب أن هذا النظام خطأ محض أو صواب مطلق، بل لأن البحث يتجه الآن نحو العالمانية كمنهج ظاهر وبارز ومجرب، وليس إلى منهج يكمن في بطون الكتب. وإنما أبرزناه من بطون الكتب لنفحص القوم الذين يزعمون أنهم يحكمون به، لنحاكمهم بناء على الإسلام إن كانوا يزعمون تطبيقه.

* أما السعودية، فتزعم أنها مملكة إسلامية، وتزعم أن دستورها هو القرآن الكريم، فيا ليت شعري أين نص القرآن الكريم أن نظام الحكم ملكي مطلق؟ وأين نص القرآن الكريم على جعل الحدود بين بلاد المسلمين؟
نظام السعودية إنما هو نظام ملكي مطلق، لأن السيادة فيه للملك وله وحده السلطان، وهذا الملك سلطانه على ما يملك وليس على المسلمين جميعا، وأمره ليس نافذ إلا ظاهرا. لما تقدم، وحيث أن كلمة بت خير من عشر عد، لا ينطبق على السعودية تعريف نظام الحكم الأسلامي وإن زعمت ذلك، وإن طبقت شيئا من نظام العقوبات الإسلامي أو نظام الآداب العامة الإسلامي.
* أما طالبان، فبعيدا عن الكره المطلق لطالبان، والتي قد يكون لها من حسنات منها تقلص زراعة المخدرات والرقيق الأبيض في مناطق نفوذها ومنها عدم تضحيتها بسيادة الدولة لحساب قوة عظمى كما صنعت جارتها النووية، إلا أن طالبان وإن طبقت نظام العقوبات الإسلامي ونظام الآداب العامة كالسعودية، إلا أن ذلك غير كاف لاعتبارها إسلامية. فكما أسلفنا لم يكن الملا عمر أمير النظام خليفة ولا نائبا لخليفة. ولم تختر الأمة هناك حاكمها، فالسلطان للحركة وليس للأمة. هذا وقد اعترفت طالبان بالحدود السياسية بينها وبين غيرها من الدول الإسلامية مخالفة قاعدة للمسلمين خليفة واحد. أما عن السيادة للشرع، فنظرا لنقص المعلومات الموثقة عن تفاصيل إدارة طالبان فلا علم لنا بحقيقة السيادة إن كانت لطالبان أم للشرع.
* أما السودان، فهي دولة يصدق عليها الدجل السياسي أكثر من سابقتيها، فيكون شكل الحكم فيها متمشيا مع الموضة المطروحة في "العالم الإسلامي"، هذا وقد اقتضى الحال نطبيق نظام العقوبات الإسلامي لإعطاء النظام ثوبا إسلاميا. لكن نظام العقوبات سواء إن كان إسلاميا أو فرنسيا أو جرمانيا أو غيره لا شأن له حقيقة بنظام الحكم.
فنظام الحكم يبحث العلاقة بين الحاكم والمحكوم وأسسها وتنظيمها، أما نظام العقوبات فيبحث في كيفية زجر الناس عن التعدي على القوانين والنظم. وحيث أن الناس قد تولعت بالحكم على الأساس الإسلامي ردحا من الزمن، فجيء بنظام العقوبات بديلا عنه ليتلهى الناس به. وهذا يشبه زعم مصر بأنها ديمقراطية على النسق الفرنسي إذ كان قانون العقوبات المصري مشتق من أصل فرنسي.
* أما إيران، فهي مشكلة من نوع آخر، ذلك بأن القوم يزعمون بأنهم يطبقون نظام حكم إسلامي على المذهب الجعفري، وهو مؤقت ريثما يرجع الإمام الغائب. لكن بغض النظر عن الجانب الفقهي لنظرية ولاية الفقيه في المذهب الجعفري، إلا أن نظام الحكم في إيران إنما يستند إلى دستور مكتوب ومنه يمكن محاكمة واقع إيران من كونه إسلاميا أم لا، أضف إلى أن نظرية ولاية الفقيه إنما هي اجتهاد، وقد اشتهر عند القوم كما عند باقي المسلمين أن لا اجتهاد في مورد النص.
أما عن دستور إيران فيخالف العقيدة الإسلامية من عدة جوانب بينة لا علاقة لها بنظرية ولاية الفقيه وتطبيقاتها السياسية،
يخالف العقيدة الإسلامية من كونه ينص على أن شكل الحكم جمهوري، مما يعارض شكل الحكم المنصوص عليه في الأحاديث الشريفة من كون شكل نظام الحكم هو الخلافة، هذا ولم يختلف الشيعة فقهيا مع باقي المسلمين قط في شكل نظام الحكم في أنه الخلافة أو لا، إنما اختلفوا معهم في من يشغل هذا المنصب وكيفية تعيينه. هذا ويعارض النظام الجمهوري النظام الإسلامي من كونه يقصر مدة حكم رئيس الدولة ضمن مدة محدودة، بينما يقيد الإسلام حكم رئيس الدولة بمدى حكمه بالإسلام دون نظر إلى المدة. فقال عليه الصلاة والسلام "اسمعوا وأطيعوا ما لم تروا كفرا صراحا عندكم من الله فيه برهان"، ومعلوم إجماع الصحابة وفيهم الإمام علي عليه السلام والحسنين على لزوم طاعة ولي الأمر حتى تنتهي ولايته بموته أو بخروجه عن الولاية، فلم يخلعوا يدا من طاعة الخلافاء الثلاثة الذين سبقوا الإمام، ومن ثم أنكر علي عليه السلام على أهل الجمل والخوارج إذ كانوا بايعوه ثم خرجوا عن طاعته، احتج عليهم أن طاعته ملزمة لهم كونهم قد بايعوه وكونه لم يخل بشروط الولاية. ثم إن الحسنين قد التزما ببيعتهما لمعاوية مع كراهتما لما يصنع ذلك أن عقد البيعة الذي ألزمهما بطاعة معاوية لم يؤقت ذلك بمدة معينة، بل بشروط ضمن عقد غير مؤقت. ثم إن عقد رئيس الجمهورية يجعله أجيرا عند الدولة برتبة، بينما عقد الخلافة يجعل الخليفة وكيلا عن الأمة.
ويخالف العقيدة الإسلامية لكونه لا يجعل رئيس الدولة هو المرجع الأصلي للسلطة بعد توليته الحكم من قبل الأمة، بل المرجعية للفقيه أو العالم. ونحن لا ننكر على القوم أن العالم في أي شأن يجب أن يقدم ويحترم رأيه، لكن لا يقبل من العالم أن يتجاوز صلاحية النصيحة المأمور بها من قوله صلى الله عليه وآله وسلم "الدين النصيحة..."، إلى الرعاية نظرا لأن الرسول عليه وآله صلوات الله قد حصر الرعاية بولي الأمر وهو هنا رئيس الدولة لقوله "والإمام الذي هو على الناس راع وهو مسؤول عن رعيته" والولي الفقيه ليس إماما على الناس فكان تدخله في ولاية رئيس الدولة تدخلا فضوليا وافتئاتا على السلطة وممارسة لما لا يعنيه ومن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه.
ويخالف العقيدة الإسلامية كونه يشترط فئة معينة لتولي رئاسة الدولة، فيشترط كون الرئيس فارسيا مما يعارض نص الحديث "اسمعوا وأطيعوا ولو ولي عليكم عبد أسود كأن رأسه زبيبة"، ويشترط كون هذا الرئيس من مذهب معين مخالفا شروط رئاسة الدولة السبعة التي نص عليها الشارع من قبل : "الاسلام" و"الذكورة" و"العقل والرشاد" و"العدالة" و"الحرية" و"البلوغ" و"القدرة والكفاية". فلم يشترط أن يكون رئيس الدولة متمذهبا بمذهب معين.
ويخالف العقيدة الإسلامية لكونه يجعل الحدود بين الدول الإسلامية ويجعل "الجمهورية الإسلامية الإيرانية" إنما هي دولة للإيرانيين فقط، وهذا لا يتفق مع الحديث "إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما".
مما سبق عن إيران نرى أنها دولة إيرانية بحتة، وليست دولة إسلامية، بمعنى أنها لا تتخذ الإسلام كاساس وكنظام حياة، هذا وإن كان أغلب أهلها مسلمين، وإن كانت شعائر الإسلام بارزة فيها، وإن طبق فيها شيء من نظام العقوبات الإسلامي والآداب العامة الإسلامية، إلا أنه وكما أسلفنا فليس نظام العقوبات هو ذاته نظام الحكم، وقد قام القانونيين مشكوريين بتفصيل وضع نظام الحكم في الدستور مسمين فقهه بالفقه الدستوري، ووضعوا نظام العقوبات في القانون الجزائي ليظهر التباين.

هذه كلمات أحاول توضيح فيها واقع الدول القائمة في "العالم الإسلامي"، وبطلان أو زيف نسبة بعضها أو كلها إلى الإسلام، إذ أنني وكما أسلفت في الحلقة الرابعة فلا أرى أن الإسلام موجود في واقع حياة المسلمين، وبالتالي فلا تصح محاكمته بتهمة جلب الانحطاط للمسلمين، وأما عن النهضة فقد أردنا دراسة النموذج العالماني قبل دراسة النماذج الأخرى، وذلك لبروز المنهج والعلماني ووضوحه في هذه الفترة وسهولة دراسته نسبة لكثرة نماذجه الفرعية المطبقة عمليا الآن ونظرا لقلة أعدائه الظاهرين.

هذا وأتمنى أن لا يقرأ هذا البحث شخص ثم يأتيني بعض قراءة بعض السطور ناعتا إياي بما تيسر من الألقاب الجاهزة، ذلك أنه من أراد دراسة الإسلام وأنظمته فعليه حتما أن يرجع إلى مصادر الإسلام، ولا تقبل هنا تصورات المستشرقين وأوهام المستغربين.
وأما عن القسم الثاني من البحث الذكور بين أيديكم فيرجع فضل في تنبيهي له لكلة قالها ويقولها الزميل العزيز Mirage Guardian أنه لا علاقة للخوف بمنتجات الألبان، ولا دخل للخطايا بالأسنان من باب مشابهة سن العربية وsin الانجليزية. لذا أردت أن أضع حدا حول نسبة بعض الدول نفسها إلى الإسلام، وهم بريئون من الإسلام براءة الذئب من دم يوسف.
لعلنا زملائي الأعزاء نبدأ بالبحث الجاد في كيفية النهضة دون التفات لأقرب مشجب نعلق عليه آلامنا و مصائبنا، فـ (كل نفس بما كسبت رهينة)، وقعود المصلحين عن إبراز وتفعيل وإحقاق طريق النهضة لا يمكن أبدا أن يبرر بأخطاء الغير وكذبهم وافتراءاتهم.
هذا وبما أنه توضح بدراسة الواقع خلو الزمان من "الدولة الإسلامية"، فلا معنى من القاء اللوم على الإسلام لدوره في انحطاط البشر وحتى في نهضتهم، إذ نحن المسؤولين مباشرة ونحن الملامين، فلنقبل المسؤولية متحملين أخطاءنا وباذلين البديل للتصحيح والتغيير.
أما لوم من سمى عند البعض بـ"الإسلاميين" وعند الآخر المذهول بالفرنسية وعجائبها اللغوية بـ"الاسلامويين"، إنما هو ضرب من التلهي في الهرش ومبدأ "حكلي لحكلك"، فيصبح وجود "الاسلاميين" سببا لتغول السلطة الأمنية، وتغول السلطة الامنية سببا لتطرف "الاسلاميين" إلى انتهاج العنف المسلح أسلوبا للتغيير، أو كما يسمى العنف والعنف المضاد، والذي بنتيجته يصبح وجود قرد على سدة الحكم ضروري إن كان وجوده مؤديا لتوقف لعبة القمع والارهاب، ويصبح طلب التغيير ضربا من المستحبل، بل جريمة يحاسب عليها القانون بالاعدام أحيانا. لذا فلنتوقف عن اللوم، ولنطرح المشروع الكامل ضمن آليات التنفيذ العملية، والتي يمكن تطبيقها بعيدا عن الخيال واختراع الأعداء الوهميين.


07-31-2004, 05:25 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
السلام الروحي غير متصل
عروبي لا عرباني لا انبطاحي
*****

المشاركات: 1,791
الانضمام: May 2003
مشاركة: #3
طريق النهضة 5 (أغلوطة "الدول الاسلامية"، القسم الأول)

من جهتي أجد صعوبة في اقناع هذا الشعب الذي نعيش فيه بتبني الفكر العلماني لإقامة الدولة وذلك كمرحلة أولى والسبب هذا التوظيف الصارخ للدين الذي جليته هنا بشكل واضح ، واصبحت كلمة إسلام تدخل في كل شأن ومجال حتى في أمور قد لا تبدو لها علاقة واضحة وساعطيك مثالا عن إرسال قوات عربية إسلامية للعراق الذي يتحدث عنه حاضرا، لم نسمع يوما بارسال قوات تحت مسمى قوات مسيحية!

السؤال يا عزيزي كيف نفكك هذا التوظيف للدين ،
هل نفككه بلبرالية إسلامية أو بعلمانية، وكيف سيؤثر ذلك على الزخم الدافع للشارع العربي والإسلامي ، وكما ترى الأمريكان أيضا يوظفون الدين في المنطقة لمصالحهم ويبدو أنهم تعلموا ذلك من الأنظمة العربية!

تحياتي وتقديري:wr:
07-31-2004, 08:08 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
خالد غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 7,660
الانضمام: Apr 2004
مشاركة: #4
طريق النهضة 5 (أغلوطة "الدول الاسلامية"، القسم الأول)
زميلي العزيز السلام الروحي،

البحث الآن لا يزال في مراحله الأولى، وبالنسبة لي فإني أقبل أي أسلوب لطرح الأفكار على المجتمع لتغييره بشرط خلو الاسلوب من الاستبداد.

أما عن النماذج المذكورة، فهي نظرا لانحطاط المجتمعات وضعف كفاءتها الفكرية، فهي تتبع نظام على الموضة، واذكر ان شئت الموجة الاشتراكية في خمسينات و ستينات القرن الفائت، ذلك نظرا لتقدم الاتحاد السوفيتي السريع، تولعت مجتماعتنا بالنموذج الاشتراكية فتمسحت حكوماتنا بالمظهر الاشتراكي بعيدا عن الفكر المولد للنهضة.
وبالمثل حصل في أخريات سبعينات وفي ثمانينات القرن العشرين، عند يأس الناس من كل شيء والتجاءهم إلى جذورهم الثقافية، والدين الإسلامي منها، أضحى موضة الحكومات هو التمكيج بمظاهر إسلامية، مع العلم أنهم بعيدين عن تطبيق ذات الجانب السياسي للدين، حتى في أكثر صوره ضعفا.

ولا يفوتني أن أذكر موضة الوطنية إبان ما سمي "بحروب الاستقلال" عن المستعمرين.

لذا زميلي العزيز نحن جماعة على الموضة، و "مسعدة وبيتك على الشط، وين ما ملتي بتغرفي".

آخخخخخخخ آخ

الطير يرقص مذبوحا من الألم.
07-31-2004, 08:22 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
خالد غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 7,660
الانضمام: Apr 2004
مشاركة: #5
طريق النهضة 5 (أغلوطة "الدول الاسلامية"، القسم الأول)
لا تعليق ؟!؟!؟!
08-19-2004, 05:39 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
AntiVirus غير متصل
عضو متقدم
****

المشاركات: 303
الانضمام: Apr 2003
مشاركة: #6
طريق النهضة 5 (أغلوطة "الدول الاسلامية"، القسم الأول)
تحية طيبة للزميل خالد على بحثه القيم ومجهوده الرائع وأفكاره المرتبة بشكل جميل وواضح .. وليسمح لي بالتعقيب:

* بتطبيق المقياس الذي ذكره الزميل خالد عن الدولة الإسلامية نستطيع أن نقول أن هذه الدولة لم توجد إلا لمدة أربعين سنة منذ خمسة عشر قرنا وبعد ذلك لم تعد هناك دولة إسلامية لأن نظام الحكم أصبح وراثيا ومحصورا في أسرة واحدة .. كانت هناك حضارة إسلامية متفوقة بينما الحكم لم يكن ملتزما بمبدأ الشورى بالكامل حيث أصبحت البيعة صورية ومحسومة قبلا دون اختيار من الشعب .. كان الإطار العام إسلاميا وإن كانت هناك جوانب فيها قصور .. لو قلنا هذه الدول كانت غير إسلامية والدول الحالية غير إسلامية أيضا فنحن نساوي بين شيئين بينهما فارق بعيد جدا .. فليحمل المقياس شيئا من التدريج :)

* يهمني جدا أن تُتحرى الدقة في تحديد أركان الحكم الإسلامي .. لأنها لن تستخدم فقط لتحدد ما إذا كانت الدول الحالية إسلامية أم لا لكنها أيضا تعطي صورة عن الملامح الأساسية للنظام الإسلامي والدولة الإسلامية مما يؤثر في الحكم عليها .. ولذلك فإنني أريد الفصل بين ما هو ثابت وقطعي وبين ما هو متغير ومتروك الخيار فيه للأمة .. وهذا ما سأوضحه في النقاط تالية:

# أحد أركان الحكم عند الزميل خالد هو أن يكون هناك خليفة واحد للمسلمين .. وبالتالي فإن "الدول الإسلامية" لا يمكن أن تكون إسلامية أبدا مادامت دولا وليست دولة واحدة! لا أعتقد أن هذا شرط لازم وقد يكون صعب التحقيق جدا في أزمنة كثيرة .. عندما يجتمع المسلمون في قطر معين ويختارون إقامة نظام إسلامي فإنهم يقيمونه في قطرهم وحدهم وليسوا مطالبين بالانضمام تحت لواء خلافة كبرى .. والأحاديث التي أوردها الزميل خالد تفهم في إطار من يريد أن يشق عصا الجماعة الواحدة .. ولا تعني بالضرورة أن المسلمين يجب أن يكونوا جماعة واحدة تحت حاكم واحد.. فإن هناك عوائق عدة تحول دون القيام بهذا الأمر .. والتاريخ الإسلامي عرف قيام دول وإمارات مختلفة في مناطق متعددة وفي زمن واحد .. تكون قوية أحيانا .. وفريسة سهلة في يد أعدائها أحيانا أخرى! .. ما يهمني هنا أن هناك نماذج عدة وليس بالضرورة أن خليفة المسلمين واحد ..

# اعترض الزميل خالد على نظام الدولة الإيرانية بأنه يحدد مدة الحكم بمدة محدودة ويجعل الحاكم موظفا عند الدولة بينما يفترض أن يكون وكيلا عن الأمة وحاكما حتى يموت أو يتنازل عن الحكم .. وفي رأيي أن هذا أيضا هو خيار بيد الأمة .. فلو شاءت جعلت الحكم حتى الممات أو حددته بفترة محدودة تضمن بها التجديد والتطوير .. ولا يوجد في النصوص الإسلامية ما يحدد هذه المسألة .. وبالنسبة لي فإنني أميل إلى الحكم الذي يتم تحديده بفترة زمنية وأجده الخيار الأفضل ،فلسنا نستفيد شيئا بحاكم هرم!.. وخصوصا وهو المفترض به أن يكون الوكيل عن الأمة! .. وأنا أرى أن الوكيل عن الأمة هو موظف عندها وأنها تسميات لشئ واحد ..

# أنظمة الحكم والاقتصاد والاجتماع هي أنظمة تديرها مؤسسات ولا تدار من قبل فرد واحد.. إن الحديث عن الخليفة والتركيز عليه كشخص واحد بيده كل الأمور يبدو غير واقعي وغير صحيح.. لذلك فإنني أصلا لا أحبذ استخدام لفظة (خليفة) للتعبير عن الحكم الإسلامي لأنني أراها لا تعطي الصورة الصحيحة المقصودة منها ..

# الشروط المشروطة في الحاكم (الإسلام والذكورة والكفاية ... الخ) هي من استنباط الفقهاء وليست بنص من الشارع (أي من الكتاب والسنة) .. وفي ظني أن الخوارج لا يسلمون بشرط الذكورة في الحاكم .. وعموما نحن نجد في القرآن أن قوم سبأ كانت تحكمهم امرأة ولم يكن ذلك في موضع ذم.. ألاحظ أيضا أن الزميل العزيز خالد يستخدم لفظ "العقيدة الإسلامية" ليشير إلى نظام الحكم الإسلامي .. أعتقد أن هذا غير دقيق لان لفظ "العقيدة الإسلامية" له معناه الخاص ..

* أستطيع أن أقول باختصار أن النظام الإسلامي هو النظام الذي يستند في مرجعيته إلى الأصول الإسلامية (القرآن وصحيح السنة) ويستمد صلاحيته من اختيار الأمة لمن يحكمها وفق هذه المرجعية مع احتمال وجود آليات حكم و اجتهادات مختلفة ضمن هذه المرجعية .. وأتصور مثلا أن حكما إسلاميا قد يكون ملكيا لكن بجعل السلطة بيد رئيس الوزراء المنتخب من قبل الشعب! ..الدول الحالية هي دول متخمة بالفساد السياسي والإداري والاقتصادي .. ولا تلتزم بالإسلام إلا بمقدار ما يبقي السلطة بيدها .. ولا يمكن وصفها بأنها إسلامية أوأنها تتخذ الإسلام مرجعا لها وأساسا لأنظمتها! نحن بحاجة إلى مشروع نهضة تتكاثف فيه جميع الجهود وتتشارك فيه جميع العقول من أجل الخروج بالأمة من مأزقها بدلا من إلقاء اللوم على الآخرين أو اتخاذ أحد الأطراف ذريعة ومشجبا للوم والانتقاد دائما .. وهذا ما ذكره الزميل خالد في فقراته الأخيرة التي أعيدها هاهنا
اقتباس:لعلنا زملائي الأعزاء نبدأ بالبحث الجاد في كيفية النهضة دون التفات لأقرب مشجب نعلق عليه آلامنا و مصائبنا، فـ (كل نفس بما كسبت رهينة)، وقعود المصلحين عن إبراز وتفعيل وإحقاق طريق النهضة لا يمكن أبدا أن يبرر بأخطاء الغير وكذبهم وافتراءاتهم.
هذا وبما أنه توضح بدراسة الواقع خلو الزمان من "الدولة الإسلامية"، فلا معنى من القاء اللوم على الإسلام لدوره في انحطاط البشر وحتى في نهضتهم، إذ نحن المسؤولين مباشرة ونحن الملامين، فلنقبل المسؤولية متحملين أخطاءنا وباذلين البديل للتصحيح والتغيير.
أما لوم من سمى عند البعض بـ"الإسلاميين" وعند الآخر المذهول بالفرنسية وعجائبها اللغوية بـ"الاسلامويين"، إنما هو ضرب من التلهي في الهرش ومبدأ "حكلي لحكلك"، فيصبح وجود "الاسلاميين" سببا لتغول السلطة الأمنية، وتغول السلطة الامنية سببا لتطرف "الاسلاميين" إلى انتهاج العنف المسلح أسلوبا للتغيير، أو كما يسمى العنف والعنف المضاد، والذي بنتيجته يصبح وجود قرد على سدة الحكم ضروري إن كان وجوده مؤديا لتوقف لعبة القمع والارهاب، ويصبح طلب التغيير ضربا من المستحبل، بل جريمة يحاسب عليها القانون بالاعدام أحيانا. لذا فلنتوقف عن اللوم، ولنطرح المشروع الكامل ضمن آليات التنفيذ العملية، والتي يمكن تطبيقها بعيدا عن الخيال واختراع الأعداء الوهميين.

تحياتي
08-25-2004, 03:49 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
خالد غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 7,660
الانضمام: Apr 2004
مشاركة: #7
طريق النهضة 5 (أغلوطة "الدول الاسلامية"، القسم الأول)
الشكر الجزيل للزميل AntiVirus إذ أحيا بتعقيبه الأخضر' صحراء يأسي من التفاعل

فلأجب على النقاط المثارة ما وافقتك منها وما خالفتك لتعم الفائدة،

*في الوضع "كان" يصبح الأمر دراسة تاريخية بعنوان: هل وجدت الدولة الإسلامية يوما ما؟، وهو موضوع مثير وشيق فعلا، لكنه يبقى تاريخيا، وليس له عظيم أثر في التغيير اليوم، اللهم إلا إن أردنا المنهج الإسلامي للتغيير، فيلزم عندئذ دراسة تاريخ الرسول محمد -صلى الله عليه وآله وسلم- وتاريخ الخلفاء الأربعة الراشدون -رضي الله عنهم- فقط لا غير، لما ورد في الحديث :"...فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ..."، إلا أنني إذ لم أطرح الإسلام بعد كمشروع نهضة، فلا لزوم لبحث هذا الشأن إلا إن أثبتت العالمانية الديمقراطية فشلها في تحقيق النهضة، عندها قد نلجأ لبطون الكتب باحثين عن الإسلام أو الإشتراكية. ما أردته في هذا الجزء هو إخراج الإسلام من البحث نظرا لعدم مسؤوليته المباشرة عما يجري الآن في "العالم الإسلامي" من أحداث. ذلك أن الأحداث المباشرة إنما هي صناعة الدول، وليس للإسلام دولة حقيقة. باختصار أردت من هذا الجزء الخروج من لعبة القط والفأر -مع الاحتفاظ بالأدوار- الممارسة من قبل من يظن أنهم يريدون النهضة ويسعون إليها، بغض النظر عن توجهاتهم.

*الإسلام يؤخذ من مصادره، والتاريخ إنما هو التجربة البشرية التي قد تقترب من المبدأ وقد تبتعد عنه حسب فهم وإخلاص وقوة القائمين بالأمر، وقد اعتبر الأصوليون المصدر بأنه ما ثبت بالدليل القطعي أنه مصدر، فثبت ذلك لأربعة مصادر، وهي القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة وإجماع الصحابة والقياس الشرعي.

* أن يكون هناك خليفة واحد للمسلمين، فهم من آية كريمة وهي (وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون) وفهم من الأحاديث المذكورة آنفا، فليس للمسلمين جماعات، بل هم كانوا وما زالوا بنظر الشارع أمة واحدة وليس جماعات. أما ما نشأ في تاريخ المسلمين فليس دليلا شرعيا.
وأما من إجماع الصحابة، فقد اجتمعوا ولا يعلم منكر في مشروعية قتال الخليفة للبغاة المنازعين، فرأينا أن الصحابة وإن اختلفوا في الموقف السياسي زمن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، إلا أن الموقف من الحكم الشرعي بقي واحدا وهو وجوب قتال من خرج على الخليفة. لذا كانت حجة الإمام عليه السلام أقوى من غيره قبل أن يكره على التحكيم، ثم ضعفت الحجة في نفوس الناس بوجود الاحتمال والشك بعد التحكيم. أما عن العوائق والأقطار المذكورة، فهي وإن لم ندع إلى حكم إسلامي هاهنا، إلا أن الحق يقال أن الحكم الشرعي يطبق على الواقع لتغييره وليس العكس، وقد رأينا الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يتحدى الواقع لتغييره وكذا رأينا خلفاءه الأربعة فمنهم من نجح ومنهم من قضى.

* واقع الحاكم في النصوص الشرعية أنه ليس أجيرا، بل هو وكيل، ومعلوم أن الأجير مقيد بسلطان من أجره، وليس مطلق اليد، وهذا يتنافى مع السلطان. أما الوكيل فهو مطلق اليد في وكالته مادام وكيلا. وقد علمنا أنه لم يفرض لأحد من الخلفاء الأربعة أجرا، بل كان مبلغا نظير تفرغ لمن احتاج منهم، وما احتاج غير عمر رضي الله عنه وعلي عليه السلام.أما عن تحديد المدة للخليفة، فقد جاءت النصوص تطلب من الأمة اختيار الخليفة وجعل السلطان بيدها ابتداء، ثم أمرت الأمة بطاعة من تختاره راضية، وكان النص على ذلك عاما ومطلقا، ثم قيد النص بنصوص أخر، تشتمل على بقاء الإمام على ما كان عليه من حال يؤهله لتسنم المنصب، فإن كان الإمام شابا، وأصيب بعجز يعزل. هذا ما فهمته من النص، ولم أجد أي نص إسلامي من المصادر الأربعة أو من غيرها مما يظم كونه مصدرا ما يشير إلى التأقيت للخليفة، فإن وجدت فأطلعني، مع جزيل الشكر مقدما.

* لم أقل أن الأنظمة تدار لزوما من قبل الخليفة، إلا أن وجود الخليفة يقتضيها لزوما، فأنت تضمن بقاء الأنظمة السبعة بوجود الخليفة، إلا أنه ليس شرطا، بل الشرط هو أن يكون المجتمع أصلا مبنيا على العقيدة الإسلامية فيشكل مؤسساته وأنظمته طبيعيا دون تسلط قانوني، والحال بالمثل عندما يبنى المجتمع على الفكر الديمقراطي العالماني، عندها تبرز المؤسسات الديمقراطية العالمانية طبيعيا، وتقوم الدولة في جميع الأحوال بالإشراف على التطبيق، وباحتكار العنف، وبمنع الخروج على القانون. أما عن لفظة خليفة وما تدل عليه، فأنا لا أحاول السيطرة على النص هنا، إلا أنني قد وجدت أن أحاديث الرسول تنص على لفظ الخليفة كوصف ظاهر منضبط على من يحمل الكافة على مقتضى الشرع، ووجدت أن الأحاديث تنص على حصر رعاية الشؤون العامة بيده. إلا أن الفكر البشري واسع، فإن أردنا التوجه إلى العقل كمصدر للتشريع فلا أحد يحجر علينا، إلا أننا من باب تسمية الشيء باسمه، ولمنع اضفاء صفة القداسة على نتيجة البحث، يتعين علينا أن لا ننسب الأمر إلى الإسلام، وعندها يصبح رأيي ورأيك، وحكم الله غيرهما.

* كافة الشروط المذكورة للحاكم هي منصوص عليها بلفظ صريح من الشارع،
1- الإسلام: (ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا)،(يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ودوا ما عنتم) وليس مجال الآية الثانية الصداقة واتخاذ الخلان.
2- الذكورة: "لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة" والحديث وإن كان في مناسبة تولي بنت كسرى الملك، إلا أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
3- العقل والرشد البلوغ: "رفع القلم عن ثلاثة..."
4- العدالة: قياسا على رد شهادة الفاسق.
5- الحرية: قياسا على أن الرقيق لا يملك أمر نفسه فكيف يملك أمر غيره؟
6- القدرة والكفاية: لقوله لأبي ذر عندما طلب الولاية:"إنك امرؤ ضعيف..." معللا رفضه.
أما الخوارج فقد نفوا شرط القرشية، واشترطوا الذكورة.

-للعقيدة الإسلامية معنى خاص معتبر، ومعنى عام بصفتها فكرة سياسية تتطلب طريقة للتنفيذ، فكانت كفكرة سياسية بمعنى أنها تبحث في رعاية شؤون العامة وطريقة تنفيذها تؤخذ منها ذاتها، وليس من غيرها، وكذا كل مبدأ معتبر. فالعالمانية كفكرة سياسية توجد من خلال مجموعة من التطبيقات التي أدت إليها دراسة الفكرة، وكان من أبرز طرقها الديمقراطية، وقد توجد بالديكتاتورية كما هو الحال في تركيا أو في الدكتاتوريات الأوروبية العالمانية التي برزت عشية الحرب العالمية الثانية.

*وجود الملك في النظام الإسلامي أمر ممتنع، المُلك هو حمل الكافة على مقتضى الهوى والشهوة، أما الملك الدستوري، فأرى أن عائلة ما كانت مستبدة، لا يجب أن تكافأ بتنصيب أفرادها ملوكا دستوريين. وأرى إن كان ولا بد نريد ملكا، فامرؤ أولى من أي شخص أن يكون ملكا دستوريا على نفسه، ولننصب رئيس وزراء، وعاش الشعب ملكا.

لا تزعل زميلي من الملاحظة الأخيرة، فهي ليست شخصية.

'لا شأن للأخضر هنا بأي دولة إفريقية.
08-27-2004, 12:53 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
AntiVirus غير متصل
عضو متقدم
****

المشاركات: 303
الانضمام: Apr 2003
مشاركة: #8
طريق النهضة 5 (أغلوطة "الدول الاسلامية"، القسم الأول)
تحية لك أيها الزميل الفاضل .. يهمني أن تبقى متفائلا وأن تستمر في بحثك المهم .. ويهمني أيضا أن لا أفوت فرصة الحوار معك التي أراها مثمرة جدا ..

في الحلقة الرابعة كانت البداية مع (العالمانية) بوصفها النموذج الحاضر بقوة والمرشح من قبل الكثيرين(كما وضح استطلاع الرأي السابق للحلقة)كسبيل للنهضة، كما أنها النموذج التي تسعى قوى عدة إلى عولمته وتعميمه .. بحيث يبدو السير في طريقهاأسهل و أقل أعداءًا ..

فمادامت العالمانية حاضرة وبقوة فلماذا لا نلجأ إليها ونحن في طريقنا لبناء النهضة وهي الحاضر القوي بمقابل الغائبين الآخرين (الإسلام وغيره) مادمنا قادرين على القول بأنها صالحة ومناسبة؟ .. وهكذا ختم الزميل خالد حلقته الرابعة بالأسئلة الأولية التي يمكن بحث (العالمانية) على أساسها ..

لكن في الحلقة الخامسة عاد الزميل خالد لإحدى مقدماته التي وصل بها إلى اختيار (العالمانية) وهي (غياب الإسلام عن واقعنا المعاصر) وتناولها بشيء من التفصيل تضمن :أولا تحديد معنى غياب الإسلام ليوضح أنه غياب "الدولة الإسلامية" التي هي الكيان التنفيذي لمبادئه ، ثم تحديد الأركان الأساسية للدولة الإسلامية ،ومن ثم تطبيقها على الدول المعاصرة ..

بالطبع تضمن هذا العودة إلى نقطة (من يحمل وزر تخلفنا) ولو من جانب واحد وهو أنه(يجب أن لا نحمل الإسلام وزر تخلفنا لأنه لا دولة له) .. وكذلك فإن الحديث عن أركان الدولة الإسلامية هو حديث عن المشروع الإسلامي للنهضة من ناحية أخرى .. وكلا النقطتين تمثلان ابتعادا عن الخطة الأصلية للبحث .. واعتقد أن تعمقي فيهما يشكل نوعا من التعطيل والتأخر للزميل الفاضل عما هو أهم وأولى.. لذلك فإني سأذكر بعض النقاط باختصار وأترك التفصيل لحينه :)

* هناك سياقان أرى أنهما مختلفان جدا .. الأول: أن يكون هناك للأمة خلافة مختارة مجتمع عليها من قبل الأمة الإسلامية وهناك من يريد أن ينازعها ويشق وحدة الأمة .. والثاني: أن لا تكون الخلافة باختيار الأمة أو لا يكون هناك خليفة أصلا وتكون هناك محاولات متفرقة من المسلمين لبناء دولة إسلامية في أقطار
مختلفة تفصل بينها حدود جغرافية أو سياسية.. لا أستطيع اعتبار الحالة الثانية مخالفة لمبدأ وحدة الأمة (التي هي وحدة في المبادئ والمعتقدات بالدرجة الأولى .. تجمع بينها وبين الأنبياء في كل زمان ومكان) بل هي فن المستطاع والمقدور عليه .. وباختصار فإنني أعتبر وجود خليفة واحد للمسلمين (أو قيادة موحدة لهم) درجة كمال ورتبة أعلى لكن عدم تحقيقها لا يعني انتفاء وجود الدولة الإسلامية :)

* بالنسبة لتأقيت الحكم وجعله محدودا بفترة محددة ، فأنا هنا أتبع ما ذكره الدكتور يوسف القرضاوي والشيخ محمد الغزالي من اعتبار الأمر خيارا بيد الأمة .. وأنه شرط يجوز لها أن تشترطه على من يحكمها (ونحن نجد أن عبد الرحمن بن عوف قد اشترط على علي بن أبي طالب أن لا يخالف سيرة أبي بكر وعمر -لوجود
مواطن خالفهم في اجتهاده فيها- فلم يقبل هذا الشرط وآلت الخلافة لعثمان بن عفان)..وأن كون الحكم في العصور فائتا مؤبدا إنما هو عرف هذا الزمن وليس من ثوابت الدين .. المصادر ليست بيدي الآن لكن متى ما وجدتها فإني أذكرها لك بإذن الله

* بالنسبة لشرط الذكورة فإن تعميم اللفظ يتعارض مع قصة ملكة سبا الواردة في القرآن الكريم والتي قال فيها الملأ (نَحْنُ أُوْلُوا قُوَّةٍ وَأُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ {27/33} والآيات تظهر كيف أنها كانت تمارس الشورى بكفاءة وكيف منعت قومها من الهلاك على يد جيش سليمان وكيف أسلمت في آخر الأمر .. وعلى كل حال .. فإن الفقهاء يجعلون هذا الحديث في الولاية الكبرى فقط(أي أنه ليس معمما على أي ولاية) وإلا فإن المرأة تتولى المناصب الأخرى دونها .. وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ {9/71}

* لا للعائلات المستبدة! .. كنت أريد فقط أن أقول أني أعتقد أن المجال واسع في مجال الآليات لطرق اختيار وإدارة مختلفة .. واحببت أن آتي بمثال متطرف بعض الشيء ;)

مع فائق الاحترام والمودة (f)
08-28-2004, 04:10 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
خالد غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 7,660
الانضمام: Apr 2004
مشاركة: #9
طريق النهضة 5 (أغلوطة "الدول الاسلامية"، القسم الأول)
الزميل العزيز AntiVirus،

لكم أثلجت صدري إذ أشعرتني بمدى جدية البحث، حيث أن البحث الذي لا يناقش يموت، فيسعدني الحوار معك زميلي العزيز.

الزملاء الأعزاء،

قد خرجت فعلا عن خط البحث الرئيسي، واستطردت في بحث المشروع الإسلامي للنهضة، وما دفعني إلى ذلك هو وجود إشكال ما عند العديد من الساعين للنهضة في "العالم الإسلامي". هذا الإشكال هو تخيل العديد من الأعداء الوهميين، والتسلي بتضييع الوقت بمحاربتهم، عوض البحث الجاد فيما يمكن أن يفيد.
لا ينكر وجود الخصومة بين البشر على جميع المستويات، وهو شيء طبيعي وصحي، ووجد عند كافة المخلوقات الحية، إلا أنه شتان ما بين الخصومة لواقع والخصومة لخيال، وهو ما أردت بحثه في هذا التفرع حتى نعود إلى محاورة العالمانية كمشروع ممكن للنهضة دون التلهي بمغامرات دونكيشوتية. وما دفعني إلى التفرع في بحث وجود الإسلام، هو أن المشروع الآخر المطروح للنهضة في وقتنا الحالي خلا العالمانية إنما هو المشروع الإسلامي، بعد انحسار الإشتراكية ودعاتها إثر انهيار الإتحاد السوفييتي والمنظومة الشرقية.

أما عن تعليقي الأمر على الدولة، فليس هو من باب تعليق النهضة على عاتق الدولة، بل لأن الدولة الطبيعية من حيث هي تجسيد لفكرة تنفيذية في واقع المجتمع، تعتبر هي صلة الوصل ما بين التصور النظري للنهضة والتطبيق العملي لها، لكن تنهار الدولة وتفشل حين تبنى بما لا يتفق مع قناعات المجتمع ومشاعره. الدولة تقوم بحراسة النهضة وتعزيزها ونقلها، وليست هي الموجدة للنهضة. وأيضا فإن الأفكار السياسية المرتبطة بالنهضة لا يمكن تصورها دون دولة، ولا يمكن تصور بناء المؤسسات المجتمعية في ظل دولة مبنية على أساس مخالف، فلا يمكن تصور مؤسسات المجتمع المدني المرتبطة بالعالمانية الديمقراطية مترعرعة في أحضان دولة شيوعية. أو في أحضان شبه دولة، كما نحن مبتلين في "العالم الإسلامي".

حاصله، حيث أن الإسلام كما يعرف نفسه ضمن نصوصه يشتمل على عقيدة سياسية بفروعها، بغض النظر عن صلاحيته من عدمها، وبغض النظر عن اتفاقه مع العصر من عدمه، وحيث أن الإسلام يقدم نفسه ككل لا يتجزأ ولا يقسم، وحيث أن هذا الإسلام غير موجود في هذا الزمان، وحيث أن الدولة الإسلامية كتطبيق سياسي للعقيدة الإسلامية هي الآن شيء تاريخي لا وجود لها في واقع الحياة، لذا فليس من العدل أن ننسب إلى الإسلام ما نحن مبتلين به من تخلف وانحطاط. فلو فرضنا جدلا أن الإسلام يتمثل في دولة الخلافة، وفرضنا في أحسن الظروف أن آخر دولة سميت بهذا الإسم بغض النظر عن واقعها هي الدولة العثمانية، فالسؤال هو لم حافظنا على انحطاطنا الفريد بعد 80 عاما ونيف من إلغاء الدولة العثمانية؟ مع ملاحظة أن المجتمع مر بفترات موغلة في البعد عن الإسلام بل وحتى في مفهومه الشعائري ، عشية النكبة وحتى النكسة. بل وأوغل الباحثون في التعمق في كل المذاهب الغربية، وانتشرت الدعوات المستندة إلى اللادين في "العالم الإسلامي". مما سبق نستنتج أن الإسلام لا شأن له بتخلفنا وانحطاطنا، ومحاربته بصفته رمز للانحطاط تبعد عن الذهن الحركة الصحيحة للنهضة إن لم يكنها الإسلام، بل وتستعدي على الباحث مشاعر الناس إذ كانت أغلبيتهم مسلمة ولا تحب التعرض إلى دينها بسوء أو بغمز ولمز.
صحيح أن المشروع الإسلامي للنهضة قد بدأ بالبروز نتيجة ظروف دولية معينة في نهاية السبعينات إلى الآن، رغم وجوده سابقا خافت الصوت. لكن لم يحقق هذا المشروع إلى الآن دولة أو نهضة يمكن خصومتها لإثبات فشلها.

عودة إلى النقاط الجديدة المثارة:

* ابتداء أنا أرى أن من يريد أن يلزم نفسه بمبدأ معين مع حصر الإسم عليه، عليه أن يكون دقيقا ما أمكن في تطبيق هذا المبدأ، حيث أنه أولا وآخرا هو مشروع الغير، والشخص إنما هو مجند نفسه في هذا المشروع، فإن أراد أن يخالف مبادئ المشروع، فلا بأس أن يؤسس مشروعا منفصلا باسم خاص، وليترك المشروع الأصلي لأهله.
بعد المقدمة، فإن وجهة النظر الإسلامية تفترض أن الواقع مشكلة تحتاج إلى معالجة، ويأتي النص لمعالجتها، وليس النص مشكلة تحتاج إلى معالجتها حتى يتلاءم النص مع الواقع. فنجد أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه عندما بويع بالخلافة قد بويع من قبل أهل المدينة فحسب، ولم يتم له بيعة في أي إقليم آخر، بل وأن جل الجزيرة العربية قد خرج عليه بدعاوى مختلفة، منها ما لم يرفض الإسلام جملة ومنها ما اتبع متنبئين كذابين. لكنه شن حربا لا هوادة فيها حتى أخضع القوم بالقوة لسلطان الخلافة، ونجد أن الصحابة لم ينكروا ذلك عليه فيما ينكر مثله، فكان إجماعا على أن للخلافة سلطان لا ينقضه تغير الحاكم، ولا نشوء أحوال غير إسلامية على أقاليم الدولة، ووجوب ضم كافة أقاليم الدولة إليها حتى لو كان الأمر حربا. ونجد في مثال آخر أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام قد بويع من كافة الأقاليم التي كانت خاضعة لخلافة أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه خلا إقليم الشام، فهذا الإقليم لم يبايع ابتداء، ولم يقر بشرعية الإمام عليه السلام، ولم يكن في الشورى التي بايعته، ولم يعتبره خليفة مختارا من جميع الأمة، بل وإن معاوية قد زعم أن هناك معه من الصحابة من يرى رأيه في قتال علي عليه السلام. إلا أن عليا قام بقتال معاوية قتالا ليعيد الشام إلى الخلافة، ولم يلتفت إلى حجة معاوية في أنه لم يبايع ولا أهل الشام، بل ألزمه البيعة لانعقادها لعلي بأهل المدينة والعراقين ومصر، وببيعة من بايع أبي بكر وعمر وعثمان لعلي.
أما عن الواقع الحالي للمسلمين، فهو ليس دليلا شرعيا، وهذا كله إن أردنا المنهج الإسلامي في التغيير.

* أما بالتسبة لتأقيت حكم الخليفة، فقد يكون في القضية اجتهاد لم أدركه، إذ يتعين علي إذن مراجعة الأمر، لكن فيما أذكر أن شروط المسلمين للخليفة لا تلزمه إن كان فيها خروج عن حكم شرعي، وحتى إن قبل الخليفة بهذا الشرط، فينقض الشرط ويبقى العقد قائما. وقد وردني من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن تحديد حكم الخليفة كان بصلاحيته وببقائه على شروط البيعة الشرعية وبكفايته، ولا يلزم الزمان، إلا أنه إن كان هناك دليل يفيد في التأقيت فلا بأس من ذكره.

* في قضية ملكة سبأ، أذكرك أن القصة أولا حدثت عند قوم سابقين، وأن الملكة كانت ملكة قبل أن تسلم على يد نبي الله سليمان عليه الصلاة والسلام، فحكمها غير مستند إلى الوحي ابتداء، ثم لم يرد أن سليمان أقرها أو لم يقرها على ما صنعت، وبعد ذلك كله فسليمان نبي الله إلى بني إسرائيل وليس إلى المسلمين، فيجب التصديق به وبنبوته ولا يجب اتباعه، وخصوصا بعد ورود النص من رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم بتحريم ولاية المرأة ولاية عامة. ومن وجهة نظر إسلامية بحتة، لا أرى أن الإسلام قد منع المرأة من تولي أي منصب خلا ما كان حكما، فورد أن الشفاء بنت عمرو كانت قاضية على عهد عمر، وأم سلمة كانت مستشارا سياسيا، وغيرهن إن أردنا الكثير.

أذكرك أن البحث ليس لتفصيل مشروع الحكم الإسلامي، فنحن نستطيع أن نطيل فيه الكثير، وما أكثر المراجع وما أخصب وجهات النظر وما أكثر المذاهب، ونحن لم نعرض إلا لشق منها، فإن أردنا بحث وجهة نظر الشيعة الإمامية أو الزيدية مثلا لبان لنا أمور أخر، فضلا عن الخوارج وغيرهم كثير. إلا أن البحث الفرعي هذا يهدف إلى الخروج من عنق الزجاجة بتخيل أن الإسلام والإسلاميين هم المسؤولين عن انحطاطنا، فأردت أن أبين أن ليس الإسلام قائما وليس الإسلاميون في معرض قوة حتى لو وجد لهم مؤخرا ميليشيات مسلحة فهذا يعني أن الدولة التي وجدوا فيها في موقف ضعف وليس أنهم في موضع قوة. لذا فعلينا أن ننصرف إلى تصور حل بعيد عن توهم عمالقة من طواحين الهواء.

لا ينكر أن الإسلام خصم لا يستهان به أمام العالمانية، لكن إن كانت العالمانية مقنعة وناجحة وعقلانية، فلم لا نرى مشروعها المناظر للإسلام والمتفوق عليه كما يقول العالمانيون. لم لا نطرح هذا المشروع على بساط البحث، ونرى ما هي الأساليب العملية الممكنة لإيصاله إلى التطبيق العملي؟ لعل امرأ قادرا أن يقيض له نقل المشروع إلى التطبيق؟
08-28-2004, 05:45 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
AntiVirus غير متصل
عضو متقدم
****

المشاركات: 303
الانضمام: Apr 2003
مشاركة: #10
طريق النهضة 5 (أغلوطة "الدول الاسلامية"، القسم الأول)
الزميل العزيز خالد .. تحية طيبة لك

في الحقيقة فإنه ربما يتعذر الحصول على مشروع نهضيّ حقيقي من الجانب العلماني في وقتنا الحالي .. لأن السادة العلمانيون في الغالب لا يميلون إلى محاولة فهم الواقع وإدراك مشكلاته للخروج بالحلول المناسبة له .. إذ ربما ليس عندهم القدرة على ابتكار الحلول أصلا .. وهكذا فإن العلمانية تحولت إلى الحل السحري البسيط الذي سيتحقق في طرفة عين وبمجرد إقصاء الأطراف الأخرى لتصبح العلمانية الخيار الوحيد .. وهذا ما ظهر جليا في نماذج عدة وجدت في نادي الفكر العربي ..

وعلى كل حال فالأمر بيد السادة العلمانيين ليبرهنوا على العكس ويثبتوا أن لديهم مشروعا حقيقيا لنهضة البلاد بعيدا عن تكسير الرؤوس والقدوم على ظهور الدبابات والحديث عن الحلول السحرية ..

ومن المهم في نظري أن ندرك أن النهضة هي نهضتنا جميعا .. وأنه من المتعذر أن تقوم النهضة من طرف واحد.. وإذا لم يكن لدينا شعور الشراكة هذا فليس بعيدا أن ندمر بلادنا بأيدينا ونفني بعضنا بعضا .. إنني أحب أن أعرض ما عندي ويعرض الآخرون ما عندهم لنتواصل ونتشارك ونبني بلادنا سوية ..

...

عودة إلى النقاط المثارة:

* من أجل فقه التغيير يا سيدي الفاضل علينا فهم شيئين .. فهم النص(الذي يمثل المبادئ) وفهم الواقع .. وعلينا أن نحدد بدقة مدى انطباق النص على الواقع ومدى الاختلاف .. وتعدد الآراء ينجم غالبا عن اختلاف في تقدير هذا التطابق أو الاختلاف .. ثم إن هناك فقه الأولويات الذي يعنى بترتيب القضايا بحسب أهميتها وقابليتها للمعالجة .. ومن هذين المنطلقين تكلمت عن قضية الخليفة الواحد للمسلمين .. ففهمي أن النص ينطبق على واقع مغاير (حيث أن النص ينطلق من وجود خلافة قائمة ومتمركزة ويعالج مسألة الإنشقاق عليها).. وأن توحيد المسلمين تحت خلافة واحدة يأتي في الأولوية بعد قيام هذه الخلافة! .. لذلك كنت اعترض على الحكم على أي نظام حالي بأنه غير إسلامي بسبب أنه ليس منضويا تحت خلافة كبرى .. أو أن هناك حدودا بينه وبين المجتمعات الإسلامية الأخرى التي تحكمها أنظمة مختلفة .. والتي ليس في مقدوره تغييرها

وبالنظر إلى الأحاديث التي أوردتها فإنني أجدها تتكلم عن الواقع أولا ثم عن المعالجة المترتبة عليه:

- "إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما "
- " من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد يريد أن يفرق جماعتكم ويشق عصاكم فاقتلوه"

فإن لم يكن هناك خليفة مبايع ولا أمر المسلمين جميع على رجل واحد فما الحل؟ إقامة خلافة موحدة؟ فإن كان ذلك متعذرا وكان في الإمكان إقامة دول إسلامية متفرقة فهل هذا الوضع مقبول؟

وأما الآية (وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ {23/52}) فهي بالأساس تتحدث عن وحدة الأمة الإسلامية بشكل يتعدى حدود الزمان والمكان (حيث تشمل الأنبياء السابقين أيضا ، وهو مما يفهم من الآيات السابقة لها والتي تذكر الرسل السابقين) .. والاستنتاج أنه يجب أن يكون للمسلين خلافة واحدة من هذه الآية هو استنتاج غير مباشر وليس مبنيا على نص صريح ..

فلست اعمد إلى مخالفة النصوص بحيث يصبح ما أقوله هو مشروعي الخاص الذي يجب أن ينتسب لي وحدي (ولمؤيديّ فيه :) ) .. أنا أراه اجتهادا ومحاولة فهم لا تزال داخل الإطار الإسلامي العام ولا تتجاوزه .. وهكذا أطرح الأمور دائما محاولا التفريق بين الأمور القطعية الصريحة وبين ما قد يكون فيه أخد ورد :)

* بالنسبة لمسألة التأقيت فاعتقد أن مالم يرد فيه نص يمنعه كان مباحا وجائزا( فالأصل في الأشياء الإباحة ما لم يرد دليل بالتحريم )، يعني لسنا بحاجة إلى نص يقول أنه يجوز تأقيت الحكم لنقول أنه جائز، والأحاديث التي تنص على وجوب الطاعة مالم يأمر بمعصية لا تعني بالضرورة أن حكم ولي الأمر يستمر إلى أن يموت مادام لم يأمر بمعصية ولم يصبه عجز أو مانع يمنعه من إدارة بلده .. وهنا ألحظ أنك تعتبر أن عمله بمقتضى الشريعة هو المقياس لبقاءه في الحكم .. بينما أعتبره مقياس للسمع والطاعة للحاكم .. والأمران مختلفان .. والحاكم لو أمر بما يخالف الشرع فإنه لا يطاع لكن هذا لا يقتضي بالضرورة أن يخلع من حكمه .. بل ربما ينصح ويصوب فيعود عن أمره هذا ويبقى على منصبه ..

وهكذا فمن حق الأمة أن تشترط على الحاكم ما تراه في مصلحتها مادام لا يخالف الشرع .. ولم يرد فيه نص بالمنع ..

ولعلي إن رجعت إلى المصادر (التي لا تتوفر لدي الآن) أجد تفصيلا أكثر أوافيك به بإذن الله .. وللأسف فإن هذا ليس في الأصل مدار البحث والتفصيل فيه أكثر ليس بالأمر الصائب!

* لاحظ يا سيدي الفاضل أن النص يحدد أنه (لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة) .. وربما هناك رواية أخرى (ما أفلح قوم ولوا أمرهم امرأة) .. فالنص لا يقول (لا يجوز أن تكون المرأة خليفة على المسلمين) أو شيئا من هذا القبيل .. ولو كان النص كذلك لصح اعتراضك من أن القوم لم يكونوا مسلمين والملكة لم تكن مسلمة وكل هذا تم قبل الإسلام .. لاحظ أن منع المرأة من الولاية العامة هو استنتاج من الحديث أخذ في الاعتبار أن المرأة غير مهيأة لتحمل أعباء الحكم و الخلافة ..

ونحن إن أردنا أخد عموم اللفظ فإنه وعيد بعدم الفلاح لكل من ولوا أمرهم امرأة .. سواء كان ذلك حكما أو قضاء أو غيره .. وسواء كان القوم مسلمين أو غير مسلمين .. وهكذا فإن أي امرأة تشغل منصبا يكون فيها أمر الناس إليها فهي نذير شؤم وهلاك! .. وهذا ما لا يمكن الاعتبار به .. فمن أخد منه منع تولية المرأة حدده بالولاية العامة فقط .. ولكن أيضا نحن نجد أن نساء تولين الحكم وقدن قوهم إلى انتصارات ولم يكنّ سببا في عدم فلاحهم .. وأولهن ملكة سبأ التي كانت تمارس الشورى وقدرت على أن تنجي قومها من الهلاك على يد جند سليمان .. ومثلها في تاريخ الأمم كثر ..

الحديث النبوي كان تعليقا على تولي امرأة من فارس شئون الحكم بشكل وراثي دون أن تمتلك من المؤهلات ما يرشحها لذلك .. وكان في فارس من الرجال من يقدرون على إدارة الدولة وتنجيتها من الهلاك .. لكنه الاستبداد البغيض! .. أنا أرى الحديث متعلقا جدا بمناسبته ولعل التنكير فيه من باب التصغير للفُرس وليس التعميم ..

...

عودة إلى العلمانية!

يطرح البعض العلمانية باعتبارها المشروع الأمثل للنهضة لأنها تزيح الدين جانبا وبذلك تزيل العائق الأساسي أمام النهضة .. وهكذا فإن الدين هو المشكلة والحل هو تبني النظرة العلمانية للحياة .. التي ستزيل الأحقاد وتحل جميع المشاكل وتفتح الطريق أمام الرقي والتطور .. وحالما يوضع الدستور وتمارس الديمقراطية فإن جميع المتعاقدين مع الدولة (بغض النظر عن أجناسهم أو أديانهم) سيحصلون على حقوقهم كاملة ولن تنجح أغلبيات قومية أو دينية في قمعهم أو الحد من حرياتهم .. والحقوق هنا هي حقوق شخصية والحريات هي حريات شخصية وحسب .. حيث أن الجوانب الأخرى يجب أن تكون تحت التحكم الكامل ويجب أن تكون الدولة هي المرجعية الوحيدة فيها ..

وبإزاحة المرجعيات الدينية .. فإن الدول تصبح مرجعيات نفسها لتحدد مصالحها وأخلاقياتها كما تشاء .. فالعلاقات الخارجية وأنظمة الاقتصاد والإعلام وغيرها محكومة بفلسفة المصالح المادية البحتة دون الاعتبار لمسألة الاخلاق التي تصبح قضية فردية تدور حول اللذة والمتعة وراحة الضمير وحسب .. بلا غاية نهائية وراء هذه الأنظمة .. فالدولة موجودة للحفاظ على بقاء الأفراد والأفراد يعملون لأجل بقاء الدولة .. ولا يوجد عالم متجاوز أخروي يحاسب فيه المرء على أعماله الحسنة والسيئة .. وبالتالي فلا يهم الدولة ما يفعله الفرد في حدود حريته الشخصية مادام يدفع الضرائب ويؤدي وظيفته ولا يتعدى على الآخرين ..

العلمانية لا تجعل للإنسان قداسة خاصة .. فهو كائن طبيعي متطور عن عناصر طبيعية ولا يحمل في داخله شيئا متجاوزا لها (الروح) .. وهكذا فإن العلمانية ترجع الجوانب الروحية(كالدين والأخلاق) في الإنسان إلى أصول مادية وتعتبر أن وجودها هو تطور مادي يهدف لإبقاء النوع الإنساني متزنا ومستقرا .. وهكذا يمكنها فصل الدين والأخلاق عن الحياة أو دمجهما فيها.. وفي النهاية يتم وضع الإنسان تحت المجهر ويتعرض لعبث علمي لامحدود!
هل هكذا يكون طرح العلمانية كمشروع نهضة؟! أم أن هناك آراء وتصورات أخرى مخالفة؟



تحياتي :)
08-29-2004, 01:48 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  الطريق الوحيد للسلام مع اليهود ...... طريق ميكو بيليد فلسطيني كنعاني 18 1,615 06-18-2014, 05:42 AM
آخر رد: فلسطيني كنعاني
  الهيروغليفية الاسلامية ومعركة سورية.. الاغتيال الثاني للشيخ حسن البنا أم انقاذه؟ فارس اللواء 0 846 07-20-2012, 01:13 AM
آخر رد: فارس اللواء
  موسم التزاوج بين الراديكالية الاسلامية والاشتراكية fares 8 2,670 05-23-2012, 05:14 PM
آخر رد: fares
  إعلان السابع من مايو “يوم الليبرالية” الأول في السعودية .. بسام الخوري 1 849 05-08-2012, 02:32 AM
آخر رد: بسام الخوري
  أمامك طريق واحد: إسقاط النظام ! العلماني 0 675 04-06-2012, 02:48 AM
آخر رد: العلماني

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS