البقع السوداء على سطح القمر
منذ عصور يعرف الجميع ان الناظر الى القمر يرى بقع سوداء وكأن هناك اشكال مرسومة على وجهه. سكان هاواي مثلا كانوا يعتقدون ان القمر هو وجه امرأة، الغربيين يطلقون عليه رجل القمر، وبالتأكيد توجد الكثير من الاعتقادات عنها عند مختلف الشعوب.
وبالرغم من ان هذه البقع السوداء اطلق عليها "البحر الساكن"، بسبب إعتقاد سابق انها ممتلئة بالمياه، نعرف اليوم انها ليست إلا سهول من المصهورات المتجمدة. الى فترة قصيرة كان مجرد وجودهم لغزا محيراً، إذ كيف يمكن للقمر ان يملك سهولا من سطوح منصهرة ولايملك براكين على الاطلاق؟
الان نعتقد ان الاحجية قد تم حلها. على خلفية قياسات الجاذبية التي اجرتها ناسا بواسطة القمر الاصطناعي Clementine تمكن العلماء من جامعة اوهايو الامريكية التوصل خارطة جيلوجية جغرافية، تحدد مختلف طبقات القمر من النواة وحتى السطح. الخارطة تكشف ان ظهر القمر ، الذي هو في واقع الحال لايرى من جهة الارض، مصاب بضربة هائلة من جسم فضائي لربما نيزك قبل حوالي 4 مليارات سنة.
ضربة الامواج الصادرة عن الصدمة مرت من خلال نواة القمر وسببت تحطم قشرة القمر وتشققها في الجهة المقابلة ليخرج منها المادة المنصهرة من داخل القمر. تبرد هذه المادة السائلة وتصلبها شكلت السهول السوداء التي ترى من جهتنا وكأنها عيون وفم وانف للقمر.
مدار القمر ونتوءه
ماهو سبب عدم تكور القمر تكوراً تاماً؟
بالرغم من ان المراقب يعتقد ان القمر دائري ، إلا انه يملك في الواقع نتوء صغير في منطقة المدار الاستوائي له. كان من الصعب على العلماء ولفترة طويلة الوصول الى تفسير مقبول لسبب نشوء هذا النتوء، ولكن العلماء من معهد Massachusetts Institute of Technology استطاعوا الوصول الى التفسير.
حتى وبعد مرور مئة مليون عام على نشوء القمر لم تصبح المادة المشكلة له بالصلابة التي نعرفها عنها اليوم. إذا افترضنا ان مدار القمر حول الارض لم يكن مدارا دائريا منتظما كما هو الان، بل بيضاويا، يكون ذلك كافياً لتبرير اسباب نشوء النتوء القمري. اليوم نعرف ان كوكب ميركوريس يمتلك مدار بيضوي حول الشمس، ومن اجل التأكد من ان القمر كان له مدار مشابه في السابق قام العلماء بحسابات تراجعية انطلاقا من المدار الاقدم المعروف لنا للقمر والذي جرت مراقبته وتحديده منذ نشوء علم الفلك الحديث، وبمقارنة المدارات مع بعضها اكدت الحسابات توقعات العلماء.
لغز البقع المضيئة على القمر
[إضغط هنا لتكبير الصورة] يوم 19 يوليو من عام 1969 اصبح يوماً مشهوداً، في علم الفلك. لاول مرة اتيح للانسان رؤية ظاهرة فلكية غريبة من مكانين في نفس الوقت.
رواد فضاء مركبة ابوللو الذين سيصبحوا بعد يوم واحد ،من تاريخ ذلك اليوم، اول إنسان ينزل على سظح القمر انتبهوا الى ان الجهة الغربية من الفوهة البركانية المسماة Aristar-Chus إضيئت عدة مرات.
الاضواء كانوا من القوة الى درجة ان الفلكيين الذين كانوا يراقبون القمر من احد التلسكوبات في Bochum تمكنوا ايضاً من رؤية الاضواء. هذه الظاهرة الغير مفهومة نادرة للغاية ولكنها متكررة. لقد جرى تسجيل حدوثها 600 مرة خلال 800 عام.
الفلكي المشهور William Herschel, الذي ندين له بالفضل بمجموعة من الاكتشافات من بينها اكتشاف كوكب اورانوس، درس ايضا ظاهرة الضوء المنبعث. لقد توقع ان تكون اسبابه مرتبطة بنشاط بركاني، غير ان العلماء لم يجدوا اي بركان نشط على القمر على الاطلاق.
الضوء يظهر بشكل ومضات تشبه النجوم، ولكن يوجد نموذج آخر منه. عام 1964 رأى بحارة احدى المراكب الانكليزية، خلال ظاهرة كسوف جزئي للقمر، ان الجانب المظلم من القمر به مجموعة خطوط مضيئة. في نفس العام رأى فلكيين يابانيين منطقة على القمر غيرت لونها خلال العام من الرمادي الفاتح الى الاحمر الفاتح ومن ثم عادت الى لونها القديم.
هذه الاضواء من الندرة والتنوع واوقاتها غير منتظمة مما يجعل من الصعب دراستهم عن قرب. عالم الفلك الانكليزي Peter Grego يعتقد ان ذلك يمكن ان يكون جبل ثلج او بقعة ثلجية التي تعكس ضوء الشمس. غير ان نقطة ضعف هذا التوضيح اننا نعرف بأن طبقة من الثلج موجودة فقط في قعر فوهات البراكين الواقعة حول قطب القمر.
بعض الفلكيين توصل خيالهم الى تصور ان هذا الضوء هو برهان على وجود كائنات عاقلة تزور القمر في بعض الاوقات، غير انه لايوجد اي شئ يدعم مثل هذه الاعتقادات. والحقيقة ان العلماء لايوجد لديهم اي تبرير على الاطلاق.
ضوء من على الارض ايضاً
[إضغط هنا لتكبير الصورة] من المثير الاشارة الى ظاهرة اخرى مشابهة يمكن رؤيتها من الارض، بالرغم من انه لاعلاقة لها بالقمر من منطقة تسمى Hessedalen وتقع في النرويج،يرى سكان القرية والبالغ عددهم 150 ظاهرة ضوئية فوقهم تثير القلق. عند ذكر الحادثة للمرة الاولى في الصحف النرويجية عام 1985 لم يأخذ احد الامر على محمل الجد. مع قدوم المزيد من المتحمسين في خضم هلوسة البحث عن كائنات فضائية، إزداد عدد الحوادث الموثقة لظهور الظاهرة، مما اجبر العلماء على النظر بالقضية وبحثها بجدية.
اليوم اصبح من الصعب نفي صحة الظاهرة، واصبحت تحظى بإهتمام افضل العلماء. من بين العلماء المهتمين بالظاهرة عالم فيزياء الفلك Massimo Teodoran ، الذي يعمل في قاعدة القياسات الفلكية في بولوغنا بإيطاليا. قياساته اشارت الى ان البقع الضوئية المتحركة تتحرك بسرعة 100 الف كيلومتر في الثانية، اي مايعادل ثلث سرعة الضوء.
مراقبة مستمرة
المهندس النرويجي Erling Strand اهتم بالامر بعدما كان شخصياً شاهدا على هذه الظاهرة الغريبة عام 1986 مع عائلته اثناء زيارة سياحية للمنطقة. لقد قرر انشاء مركز مراقبة ودراسة لهذه الظاهرة، فأقام كاميرات مراقبة متحركة ورادار ومجموعة من اجهزة القياس لمراقبة مثالية لكل مايمكن ان يتحرك في السماء
(الرابط ادناه يوصلكم بموقع مركز ابحاث الظاهرة). وبالرغم من ان هذه الظاهرة اصبحت مدروسة ومراقبة بكثافة، لم يتمكن العلماء حتى الان من اعطاء توضيح مقبول لها.
[إضغط هنا لتكبير الصورة]
الغريب في هذه الظاهرة انها تظهر فقط في منطقة Hessedalen وانها تضئ بقوة إضاءة متغييرة وتتحرك بسرعة وبدون صوت على الاطلاق، كما انها تأخذ اشكالا متعددة، واحيانا يمكن ان يظهر شكلين في نفس الوقت .
العلماء ينحون الى الاعتقاد بأن الضوء ينشأ بسبب البلازما الحرة. هذه الحالة الرابعة للمادة بعد الحالات الثلاث الاخرى: السائلة، الغازية، والصلبة. العالم Reider Svein Sigmond لايعتقد بفرضية البلازما ولكن ليس لديه اي توضيح اخر على الاطلاق. من اجل نشوء بلازما يتتطلب الامر الى درجة حرارة عالية وحقل مغناطيسي قوي للغاية من اجل مسك البلازما الناشئة مع بعضها البعض. السبب الاخر لشك العالم بفرضية البلازما، اننا نستطيع تسجيل حركة الضوء المتحرك بواسطة الرادار، في حين لا يمكن ذلك إذا كان الامر فعلا بلازما، بإعتبار ان البلازما لاتعكس الموجات الكهرومغناطيسية التي يطلقها الرادار.
فرضية اخرى تحاول توضيح الامر بوجود ظروف جيلوجية خاصة للمنطقة، مما يسبب حدوث الظاهرة في هذه المنطقة فحسب، ولكن لااحد يستطيع التوصل الى جوهر هذه الخصوصية.
الفرضية الاخيرة لتبرير الامر تدور حول ان الضوء نتيجة طاقة حرة قادمة من الكون الخارجي. عمليا جرى البرهنة نظرياً على وجود طاقة حرة في الكون الخارجي، ولكن لايوجد توضيح يفسر اسباب إنجذاب هذه الطاقة الى هذه المنطقة بالذات وفقط. بالطبع توجد فرضيات ان تكون هذه الطاقة نتيجة تجارب عسكرية سرية او مركبات فضائية من كواكب اخرى، ولكن بعد سنوات من الدراسة والبحث لباحثين مستقلين، لم يستطع احد الوصول الى تفسير مقبول