اقتباس: maryam كتب/كتبت
لماذا لايقاتل الشيعة العراقيون في غالبيتهم أو على الأقل غالبيتهم الرسمية المحتل الأمريكي في العراق ؟
مريم يا ملاك، ممكن فقط أحاول أرد عالسؤال من نظرة أنتروبولوجية؟
طيب رح أضع فقط بعض مفاتيح للفهم من وجهة نظري الخاصة التي قد تصيب وتخطئ.
إذا أخذنا بعين الاعتبار بأن القيادات هي من تعطي لأي حركة هيكليتها ثم تستطيع أن تقولبها بحسب قدرتها على ذلك، فيمكن القول بأن المقاومة بالعراق ذات طابع سني، لا عراقي ولا وطني، ذلك لأنه ملغي فيها الأغلبية (الشيعة والأكراد)، فهذا يعني بأن المقاومة ليست كذلك من مفهوم أنتروبولجي لأنها غير جامعة، ولكنها فعالة بالطبع.
نتساءل هنا عن أمرين، سبب عدم وقوف الشيعة والأكراد مع مقاومة المحتل، وسبب وقوف السنة معها.
أول شي لا بد لنا من الاعتراف أن تركيبة العراق قبلية بغالبيتها، عدا بعض الفئات التي تغيرت بتركيبتها دون أن تتغير بانتمائها حين الحاجة. وأن وضع العراق من الأساس متشكل على توازنات قبلية وطائفية منذ أيام صدام حسين (وحتى قبله) .. وكذلك فإن الأمر ذاته يمكن أن ينطبق على بعض مناطق سوريا البعثية مثلاً.
فأول سؤال يمكن الإجابة عليه بأنه أنتروبوجياً فإن السنة كمجموعة "إثنية" متناسقة وكمجموعة تم عزلها بجهل أمريكي كبير بالعراق بتسرع كبير من قبل أمريكا (حل الجيش وحزب البعث) مما أدى لتعارض موضوعي اقتصادي مباشر بين المحتل وهذه الفئة من المجتمع، والتي أيضاً تملك قوة مسلحة تفوق الآخرين بمراحل.
من ناحية فإن المقاومة إذاً ليست وطنية بالتأكيد وهي غامضة بالنسبة للجميع. (مافي داعي الحكي عن مثاليات الوطنية والثورية، فهذه تُلاحظ دوماً بمجتمعات متجانسة وهذه ليست حالة العراق).
الشيعة والأكراد كفئات أنتروبولجية مختلفة ومتعارضة بمصلحتها في فترة صدام عن البقية السنية ولا يمكنها أن تنطوي تحت ظلال مقاومة وطنية مع السنة، لأن هناك تعارض مصالح مباشر معها (أغلبية القدرة التعبئية لدى السنة كانت بسبب المصالح الاقتصادية بعهد صدام، وهنا يستحيل جمع مصلحتين متعارضتين تماماً).
لذلك فلا يمكن نهائياً أن تتعارض بالوقت الحالي (رغم التعارض الفكري السافر بين مراجع الشيعة وأمريكا) مصلحة الفئة الشيعية مع أمريكا.
كذلك فإن الأكراد الذين عانوا كثيراً لا يريدون أن تهمش رغبتهم التاريخية بإنشاء دولة مستقلة على كردستان التاريخية (وهذا حقهم الطبيعي برأيي والذي لم يقتنصوه لسذاجة سياسية شديدة خلال سقوط الدولة العثمانية).
أرى إذاً بأنه لا يمكن منطقياً وموضوعياً أن تتحالف القوى الشيعية العراقية أو الكردية العراقية مع أي معارضة سنية، بسبب بسيط وهو تعارض وطني مع المقاومة تلك وعدم وضوح مشاريعها، فالمقاومة المثالية التي يمكن أن نتحدث عنها هي مجرد وهم لمغتربين لا يعرفون واقع الأمور. فالأغلبية الشيعية بالعراق لا تريد أن تُهمََّش مجدداً إن هي همشت من قبل فئات أنتروبولوجية ذات تركيبات متخلفة، مع ملاحظة تخلف كل الفئات العراقية والعربية بشكل عام. وعدم وجود قيادة عامة مطمئنة لمقاومة حقيقية جامعة.
مثلاً للفهم قليلاً فإن الشيعة والسنة وقفوا ضد المحتل الإنكليزي وقاموا بأكبر مناهضة للمحتل في فترة سابقة نتج عنها تهميش الأغلبية ومجازر جماعية بحقهم. كذلك فإنه بسوريا اجتمع الجميع ضمن مشروع وطني لدى الاستقلال بين سنة ودروز وعلويين. كما كان مؤسس حزب البعث الذي لاقى نجاحاً كبيراً مسيحي سوري (ميشيل عفلق) ومن كبار كباره علويين كالأرسوزي.
لقد فشلت في شرقنا للأسف هذه الوصفات للتلاقي، ليس لأن هذه الفئة أو تلك غير وطنية .. بل لأن المجتمع بشكله العام غير متلاحم ولم يكنه يوماً وساهمت الفئات المثقفة بذر الرماد والتغافل عن التركيبة المتخلفة للمجتمع وتصوير الأمر كأنه لم يكن وأن الاختلافات العميقة تاريخياً واجتماعياً غير موجودة "بنوب"، لقد كانت تلك الحكومات الديكتاتورية تخفي ما هو أعظم في تركيبات تعلمت النفاق وحسب.
غيري السني بالعلوي والشيعي بالسني بين سوريا والعراق، وستفهمي قصدي.
لا يوجد وطنية، لأنه لم تُبنَ بعد هذه الهوية الوطنية الجامعة بأي مكان من بلادنا.
هذه فقط مفاتيح أعرضها لفهم سؤال مريم.
وإذا بدك ممكن أتابع.
مع فائق محبتي.
(f)