فضيلة الشيخ العارف بالله جورج بن دبليو بوش ... بـقـلـم : أحمد علي المصطفى


المكان : ( نورفولك _ فيرجينيا ) , حيث تتواجد أكبر قاعدة عسكرية , للولايات المتحدة الأمريكية , وفي يوم الجمعة المنصرم , و تحديدا , في الثامن والعشرين من تشرين الأول , اكتوبر 2005 م , وكأنما كتب علينا أن نستذكر خطبة الجمعة تلك تحديدا , دونا عن غيرها , خرج علينا بطلعته النورانية , وطلته المحببة , فضيلة الشيخ العارف بالله جورج بن دبليو بوش , كي يلقي علينا موعظة دينية في التفسير القرآني , ومتابعة حروبه على الإرهاب , واستشهد بآيات من كتاب الله , الآية الثانية والثلاثين من سورة المائدة , قائلا بإنكليزية أمريكية ذات نفحات دينية عطرة : أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا .....طبعا , هذا القول , لا يرد على لسان العارف بالله ابن دبليو , هكذا عبثا , لا , بالتأكيد لا , فمن يخطط لأكبر وأعظم قوة في الأرض , حاليا , فيهم علماء اجتماع , و جهابذة من محللي النفوس البشرية , يقومون بدراسة كل حرف , و كل كلمة يجب أن تطرح على المتلقين , وكل من تلك الحروف والمعاني , لها دلالاتها التي تحسب بدقة متناهية في دراسة أثر انعكاساتها على الجمهور , إن كان هذا الجمهور محليا , أو من الجمهور الآخر , الذي تقتطف له وبدهاء كبير , مقطوعات يراد لها شيء ما , كانعكاس يجب أن يدخل حيز الإيجاب كنتيجة , ممن قاموا بتلك الصياغة للخطاب , الأمر الذي حدث , أن المستذكر والمستشهد بتلك الآية , وأقصد فضيلة الشيخ دبليو , لم يبدأ بالآية من أولها , ولكن اقتطع منها الجزء الذي خصص له تماما , في ظنه دغدغة العواطف و المشاعر الدينية لدى عامة المسلمين , في أن الإسلام المعتدل , يدعو إلى نبذ العنف , وقبول الآخر , حتى وإن كان هذا الآخر قاطع طريق , ومحتل , وسليل يمين محافظ ومتطرف , نسي هذا الشيخ العارف بالله , أن بداية الآية , بل والآية نفسها , نزلت في بني إسرائيل تحديدا , وتذكيرا ببدايتها , التي بترها العارف عن قصد , أو بترت له بعناية , ممن رسموا له تلك الخطبة , كونه في الحقيقة لا ناقة له ولا جمل , في معرفة حقائق الدين الإسلامي , فلا أظنه بمطلع على الكتاب السماوي للمسلمين , ولكن نسرد نحن الآية من بدايتها , كي يستبين الرشد من الغي , وتتوضح الحقيقة للعارف بالله , الشيخ المستر بوش , ولكي ترتد المعاني التي أراد فيها منفعة له , ترتد عليه بخيبة المبتغى , (من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا ولقد جاءتهم رسلنا بالبينات ثم أن كثيرا منهم بعد ذلك في الأرض لمسرفون) المائدة/32". فلماذا لم يذكر العارف أن الآية نزلت في بني إسرائيل ......!!!؟؟؟؟ أنا لا ألومه , فلقد فندت السبب في ذلك .... ولكن ... كان حري به أن يصوب تلك الكلمات , ويوجه تلك المعاني , التي قصدتها الآية الشريفة , لأولئك الذين استمرأوا قتل النفس , و استباحوا الديار , وقاموا كشرذمة , وهجين ممسوخ الجينات , على الإفساد في الأرض , نعم .....نسي العارف بالله بوش ذلك ......

يذكرني هذا المنحى في تلك الخطبة الرنانة , بتلاقي الفكر لدى المستعمرين , ولدى مخططي السياسات الإمبريالية التوسعية , فالتاريخ متشابه , قريب ليس ببعيد , ففي العام 1798م , أيضا , خرج علينا عارف بالله آخر , بل وأكثر شهرة , هو الشيخ العلامة , والحبر الفهامة , حجة عصره , وإمام العارفين , الحاج التقي النقي الورع , صاحب مذبحة يافا , الإمام قائد الجيوش الفرنسية لغزو مصر , وصاحب الحملة الشهيرة , وضيء الجنبات , لطيف الخطوات , لما قد فات وما هو آت , نابليون بونابرت , حين دخل مصر في العام آنف الذكر , وهو يرتفق بيده أعظم منشور هزلي في التاريخ , والذي جاء في بدايته ما يلي : "بسم الله الرحمن الرحيم: لاإله إلا الله، لا ولد له ولا شريك له في ملكه.. من طرف الفرنساوية المبني على أساس الحرية والتسوية (السيرعسكر) الكبير أمير الجيوش الفرنساوية بونابارته. يعرف أهالي مصر جميعهم أن من زمن مديد ـ الصناجق ـ الذين يتسلطون في البلاد يتعاملون بالذل والإحتقار ويظلمون تجارها بأنواع الإيذاء والتعدي، فحضر الآن ساعة عقوبتهم، وأخرنا من مدة عصور طويلة هذه الزمرة المماليك المجلوبين من بلاد الأبازة والجراكسة يفسدون في الإقليم الحسن الأحسن الذي لا يوجد في كرة الأرض كلها. فأما رب العالمين القادر على كل شىء فإنه قد حكم على انقضاء دولتهم ......... !!!!

فرب العالمين إذن , اختار نابليون , كي يكون الوسيلة والأداة , التي تقضي على الدولة التي قصد , فخاب مسعاه ولم تكتمل له من السنون سوى ثلاث ..... رحلت فيها جيوشه عن مصر , وترك منشوره الشهير , لتبوخ أحباره في مياه النيل , وتترهل الورقة التي حوت المنشور الفضيحة , تحت شمس الأهرامات , ثم تتلاشى بعدها تلك الكذبة , ولم يلتصق في الذاكرة من تلك الواقعة , سوى الفعل المخزي في ادعاء زائف , كي يبقى الدليل الأقوى على توحد العقلية التي جبلت عليها طباع المستعمرين ........

والله سبحانه وتعالى , جلا شأنه , وعلت قدرته , حين خاطب الشيخ نابليون بن بونابرت , تماما , خاطب الشيخ جورج بن دبليو بوش , قائلا له : قم وحارب الإرهاب , قم وحرر العالم , قم وانشر رسالة العدل والديمقراطية ... وهذه حقيقة , بالفعل , لا أماري فيها , من أن بوش بالفعل , ادعى خطاب الله إليه , حيث قال : بأن الله قد طلب منه أن يقوم بكل تلك الأعباء , لخلاص الإنسانية مما علق بجسدها من ربقة الظلم , و جبروت الظلمة , والظلاميين ....... فما أعظمك يا تاريخ ......ما أعظم اجترارك للأحداث , و لبوس الأشخاص , و استنساخك لحوادث الأزمان .....!!!!!

فماذا أقول أنا بعد ذلك كله ....!!؟؟ هؤلاء اعتادوا الرحمة , ولا يغمض لهم جفن , ساعة يؤرقهم العذاب الذي يقع على شعب من الشعوب , فيهبون لخلاصه , ويتهافتون سراعا لنجدته , وهم من يقرر ذلك , بغض النظر عن رأي لهذا الشعب أو ذاك , لا...فالرحمة شيء واقع لا محالة , ولا راد لتلك الابتلاءات , فما أرحمكم يا ورثة القديسين والأولياء والصالحين ....!!!

لكن المضحك في الأمر , أنه خلال طرح الشيخ بوش لخطابه المذكور , خرج من بين الحضور صحفي , وهو يسأله بصوت جهوري عال , بل وبطريقة هي أقرب ما توصف بالصراخ , كي يسأل العارف بوش ,قائلا : "سيدي الرئيس ما هو الإرهاب.....؟ ما هو الإرهاب......؟ الحرب هي إرهاب....... استقل الآن", ثم ينهي الأمن الرئاسي الواقعة , بسحب الرجل المتسائل وعلى الفور خارجا , ولا يعلم أحد إلى أين .......فالديمقراطية ....تحتم عليك أن تلجم لسانك , في حضرة رئيس الديمقراطية العالمية , الشيخ العارف عن الحزب الجمهوري ...... جورج دبليو بوش.

مرة أخرى .........

ختامي ................بسـلامي



شام برس

(f)
رائعه عزيزي هملكار
يبدو اننا سنسمع قريبا عن المذهب البوشي:bisou: