{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
قصة عنوانها «محنة مكرديبح»..
بسام الخوري غير متصل
Super Moderator
******

المشاركات: 22,090
الانضمام: Feb 2004
مشاركة: #1
قصة عنوانها «محنة مكرديبح»..
محنة «مكرديبح»


دمشق
صحيفة تشرين
آفاق
الاحد 4 أيلول  2005
د. غسان رفاعي
­1­ شغلني الكتاب عن رفاق المسيرة واصدقاء العمر، وكاد أن يغيّب عني زفاف ابنة أخي في حلب، وقد اتيت خصيصاً من باريس للمشاركة فيه، مؤلفه باحث ارمني يدعى د. يفيا نجاريان. و مراجعه ومقدمه الصديق الكبير الدكتور محمد محفل، الاستاذ العلامة في جامعة دمشق، وموضوعه: «النهضة القومية الثقافية العربية» من وجهة نظر «موضوعية وناقدة» وقد جاء في الاهداء الودي الذي وجهه الدكتور محفل على الصفحة الاولى من الكتاب: «اخي غسان. تكلمنا كثيرا عن عصر النهضة، فهل كانت نهضة فعلياً؟ وإلا، فما معنى الوضع الذي نحياه؟ هذا خيط من نور، في الظلام الدامس! أوجعني الاهداء، واسلمني الى ذكريات واخزة، ما زلت اختزنها.

­2­



في مطلع حياتي الثقافية ادمنتُ على قراءة كاتب ارمني استثنائي أثارني بتمرده المعربد وجنونه اللطيف، اسمه وليام سارويان، وقد ترجمت جزءاً كبيراً من اقاصيصه ومذكراته في مجلة «النقاد» التي كانت تستقطب الكتاب الشباب في ذلك الزمن فاستقبلها النقاد بالترحاب والاعجاب. وما زال القراء يذكرون قصة عنوانها «محنة مكرديبح» استأثرت باعجابهم الشديد. وقد اعترتني دهشة ممزوجة بالغبطة حينما عرفني صديق الشباب المبكر فاروق الحناوي بوجيه ارمني حدثني مطولا عن زيارة وليام سارويان الى حلب، حيث اقامت له الجالية الارمنية المزدهرة احتفالات باذخة، وكم كانت دهشتي كبيرة حينما فاجأني الوجيه الارمني، بقوله: «إن مكرديبح شخصية حقيقية، وقد عاش في حلب فترة من الزمن ثم اختفى!». ‏

مكرديبح، بطل اقصوصة وليام سارويان، عامل بسيط يعمل في ورشة لاصلاح السيارات في حلب، وقد اشتهر باستقامته وحرفيته واتقانه لعمله، ولم يمض عليه بعض الوقت حتى اشترى ورشة مستقلة. وتدفقت عليه الزبائن، والثروة، والجاه وتكلل نجاحه بالاقتران بأجمل فتاة في الجالية. وفي ذات يوم حدثت له محنة مروعة، اذ تملكه اليقين بانه مطلوب للقيام بمهمة أخرى، هي «اصلاح الناس بدل اصلاح السيارات». وقد انقلبت حياته رأساً على عقب، بعد هذه الرؤية اخذ يطوف في الحارات والقرى يطالب الناس باليقظة، والنهضة، والاصلاح مردداً جملته المألوفة: «ما لم نبدل جلودنا لا مستقبل لنا، يا ناس، اطردوا الكسل والفرقة، والجشع المادي، وفكروا باستعادة حضارتكم، والدفاع عن مقدساتكم» وانفض الناس من حوله، وتوقفت ورشته لاصلاح السيارات، واعلن افلاسه، وباع كل شيء، وغافله منافسه في الشارع المقابل، فاشترى كل ما تركه وحينما اختفى، اختطف زوجته الحسناء، ولم يعد الناس يذكرون مكرديبح الآن وهم يتحسرون :«مسكين، لقد انتحر، ولم يكسب شيئاً». ‏

ما كدت افرغ من قراءة كتاب يفيا نجاريان حتى تلامحت امامي صورة مكرديبح البائس. لقد هجر الكثير من المصلحين العرب أعمالهم ومتاجرهم ومزارعهم ليكرسوا كل وقتهم للاصلاح السياسي والاجتماعي ولكنهم اخفقوا جميعاً في مهامهم، وبقي المجتمع العربي آسناً متكلساً، متمنعاً، ولم تنجح كل الدعوات الثوارة للانقاذ في احداث التغيير المنشود في المجتمعات العربية ومن هنا تراجيدية السؤال الذي طرحه الدكتور محمد محفل في اهدائه:«ما معنى الوضع الذي نحياه، وهل ما نسميه عصر النهضة كان نهضة فعلاً؟» [SIZE=5]ام ان محنة مكرديبح تطارد كل المصلحين من كل الملل والنحل؟

09-04-2005, 10:31 AM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  محنة الشعر ... (لماذا تراجع "الشعر" في عالمنا العربي المعاصر) .. العلماني 0 793 06-20-2012, 01:38 AM
آخر رد: العلماني
  محنة لغويّة عربيّة - سلمان مصالحة fast 2 1,446 12-09-2009, 07:27 PM
آخر رد: ديك الجن

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS