اقتباس:أعتقد أنه علينا أن ننتظر كثيرا وربما لن يجيبنا أحد من أعزاءنا المسلمين لأنهم منشغلين فقط في طرح الأسئلة.
لكن إن أحب أحدهم الإجابة، فالمجال مفتوح.
الزميل براد لطالما اجبنا على الاسئلة و من ضمنها موضوع تعدد الزوجات. و لكن المحير في اصدقائنا المسيحيين انه يسألون و لا يريدون الاجابة الا بما يوجد في كتب التفسير . و هم يعرفون ما في كتب التفسير تماما فيصبح السؤال غير موضوعي, لاننا لو اجبناهم لا يقبلون اي اجابة غير تلك التي يريدونها. ساجاوب على هذا السؤال و سترى :
لفهم هذه الاية لا بد من فهم بضعة حقائق:
1) ان عدد الزوجات عند العرب قبل الاسلام لم يكن محددا.
2) للعرب قبل الاسلام عادات و سلوكيات اراد الاسلام التخلص منها و لكنه اتبع اسلوب التدرج للتخلص من هذه العادات لان القضاء عليها بضربة لازب ينتج عنه اضطراب في الحياة االاجتماعية و الاقتصادية.
لذلك فالاية 3 من النساء ليست في اباحة التعدد - اذ هو عادة ممارسة و موجودة في المجتمع العربي- و انما هذه الاية هي اول خطوة في سلم التخلص من التعدد.
قلصت عدد الزوجات من غير محدد الى اربعة بشرطين كل منهما اصعب من الثاني. و قبل ان اذكرهما اذكرك بامرين ايضا :
أ-الاية السابقة للاية 3 و الاية موضوع السؤال تتناولان موضوع اليتامى, لذلك فلا بد من قراءة الايتين سويا:
(وَآتُواْ الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوباً كَبِيراً {2} وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ )
فكما تلاحظ ان الايات تتناول اليتامى. فهذا تقييد للتعدد الا لظروف اجتماعية( اليتم) .
و تلاحظ انه قال فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى و ثلاث و رباع. و لم يقل ( و احدة و مثنى و ثلاث و رباع) .
ب-في حالة الخوف من عدم العدل قال ( فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ {3}) يعني منع اي زوجة غير واحدة.
لذلك فالشرطين الذين يبيحان الزواج اكثر من واحدة هما :
1- من اليتامى
2- العدل.
و اذا تذكرت ان هذه الاباحة المشروطة هي الخطوة الاولى نحو التقييد بزوجة واحدة, فهي كافية للتفكير جيدا قبل استخدام هذه الاباحة.
و تاتي الاية 129 من نفس سورة النساء لتنهي هذه الاباحة:
(وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِن تُصْلِحُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً )129
لقد ذكرت لك سابقا ان استئصال بعض العادات بصورة فورية في احيان كثيرة ياتي بنتائج سلبية وخيمة فيكنك ان تتخيل عدد النساء اللواتي سيواجهن مصاعب الحياة لو طلقهن ازواجهن اذا فرض الابقاء على زوجة واحدة و طلاق ما عداها.
منطقيا ان تبقى مؤسسة التعدد كما ي ثم يت تقييدها بشروط و من ثم تاتي التشريعات اللاحقة فنقرا في الاية 126 من نفس السورة النساء:
(وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاء قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي
الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاء الَّلاتِي لاَ تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ وَأَن تَقُومُواْ لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِهِ عَلِيماً {127})
و تختم هذه السلسلة من التدرج بالاية 130 من نفس السورة بان الله سيغني كل من الزوج الذي كان يستفيد من مال زوجته اليتيمة كما ان الزوجة التي تطلق سيغنيها الله فلا تخاف ان تفارق زوجهااذ لم يعد لها مال:
(وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللّهُ كُلاًّ مِّن سَعَتِهِ وَكَانَ اللّهُ وَاسِعاً حَكِيماً {130})