ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الفقرة الأولى
دواعي المقال
لماذا الحديث عن هذا الوباء يا لطيف، و الذي بقي لفترة طويلة مقصورا على بعض المجتمعات الأفريقية و على فئات اللوطيين و ممارسي الدعارة و متعاطي المخدرات.
هذا المرض الذي أكتشف بالثمانينات ـ سنعود لاحقا لقصة أكتشافه و لتاريخه ـ و بعد أنتشار أنفجاري أنقلب الى وباء عالمي لم تعد تسلم منه أي دولة و لم تعد توقفه أية حدود.
دخل لمجتمعاتنا دون أذن... و بدأ يفتك بصمت رهيب. فمجتمعاتنا العربية لم تمّيزه و لم تعترف به، فطرق أنتشاره المعهودة مخالفة لقوانيننا و عاداتنا و تقاليدنا. فما كانت النتيجة.
وضع المرضى بالمحجر و حكم عليهم بالإعدام، رغم أن بعضهم وصلته العدوى رغم أنفه. أن كانت هذه الصورة قد تحمل بطياتها بعض المبالغة و لكنها ليست بعيدة جدا عن الواقع. فقد أعتبر مجتمعنا نفسه محصناَ ضد هذا الوباء. فأهمل كل طرق الوقاية من أنشار هذا المرض الذي وجد الساحة حالية له. لفظ المجتمع للمرضى المعلنين ترك المجال واسعا لكل من يحمل المرض و ينشره على هواه أو بدون أن يدري.
قرأت لكم بجريدة يوميات الطبيب الصادرة في باريس، و لفت نظري مقالة صغيرة بـ 25 /2/ 2003 تحت عنوان : أنتشار مقلق لمرض الإيدز بالشرق الأوسط. هذه المقالة مكتوبة بعد أجتماع بالقاهرة لخبراء بهذا المجال أتوا من 17 دولة و من 7 منظمات غير حكومية و أكدوا أن عدد المصابين بالشرق الأوسط قد تضاعف ثلاثة مرّات خلال السنوات الثلاثة الأخيرة بحين أن الإجراءات الطبية لمكافحة هذا الوباء تبقى غير كافية.
و استناداً الى احد المشاركين بالمؤتمر و الذي رفض أن يعلن عن أسمه للصحفي، فأن الأعداد المصرح عنها بالبلاد العربية هي أقل من الواقع بكثير. و أن المرض ينتشر بشكل مقلق ببعض البلاد مثل لبنان و جيبوتي و السودان. و يموت المرضى حتى دون أن يصرح عنهم لأنهم لا يجرأون الأعلان عن أصابتهم خجلا من لفظ المجتمع لهم.
و نذكر بهذا المجال أن الإعلان عن الوباء هو أول وسيلة لمحاربته. و كيف للمنظمات العالمية أن تمد بيد العون لبلد نامي يعاني من هذا المرض أن لم يعلن عن وجود بعض الإصابات بين مواطينه...
فأولى خطوات الحرب ضد هذا الوباء، هي كسر الطوق عنه و معالجته كأمر واقع لا كشيء مخجل. و أن نجت منه أجيالنا و هي واقفة مثل الصنم تتفرج عليه و تشمت بمرضاه، فأنه سيفتك لا محالة بالأجيال القادمة.
حسب تقارير منظمة الصحة العالمية نشر بالشهر السابع من العام 2002 يظهر أن غالبية الجيل الشاب بالعالم تجهل بشكل كامل طرق انتقال المرض و بالتالي لا تدرك كيف يمكن الوقاية منه. علما أن أكثر فئات المجتمع تعرّضا للمرض هم الشباب الذين يبدأون حياتهم الجنسية.
نشرت جمعية اليونيسيف بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية تقريرا تحت عنوان:
Young People and HIVIAIDS: Opportunity in crisis
http://www.who.int/inf/en/pr-2002-56.html
يظهر هذا التقرير بوضوح طرق التصرفات الجنسية للشباب بين سني الـ 15 و الـ 24 ، كما يظهر مستوى معرفة هذا الجيل للمشكلة.
يلفت هذا التقرير النظر الى أمرين يجتمعان ليشكلا أحد أهم وسائل انتشار الوباء:
ـ الأمر الأول هو حقيقة ممارسة هذا الجيل للجنس، سراً كان الأمر أم علنا. و الشرط الأساسي لأي برنامج وقائي هو أن يعي العالم لهذه الحقيقة و أن يتقبلها.
ـ الأمر الثاني أن هذا الجيل لا يملك المعرفة الكافية اللازمة له لكي يقي نفسه من الإصابة. مما يجعل منه أول ضحية لهذا الوباء.
يلعب الشباب إذا دورا مهما بهذا الوباء.. فبينهم نجد أكبر عدد للمصابين، و يالاحظ أن نصف عدد الإصابات الجديدة بالوباء نراها بين الشباب بين سن الـ 15 و الـ 24. و بنفس الوقت هم مفتاح الوقاية.
تظهر التحريات التي جرت بأكثر من 60 دولة أن ما يقارب 50% من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و 24 سنة يجهلون طرق أنتشار الإيدز. و في بعض البلدان الأكثر تعرضا للمرض لا تتجاوز نسبة الشباب الذين يعرفون طرق الوقاية الـ 20 %.