العديد يعتقد ان الاديان عبارة عن قيم اخلاقية سامية، بما فيها تحريم السرقة، ولذلك سيندهش البعض من هذا العنوان. غير ان الحقيقة ان الاديان، وبالذات السماوية هي التي وضعت الحجر الاساس لاكبر عملية سرقة في تاريخ البشرية، واستمرت على اخفاء العلمية حتى اليوم.
العديد من المؤمنين يعتقدون ان الانسان يسأل بفطرته السؤال التالي: من اين اتى الانسان ومن الذي خلقنا.
غير ان الوثائق البابلية تشير الى ان المعضلة التي كان يقف امامها الانسان في المدن القديمة مختلفة تماما. من حيث ان المدن كانت قليلة وصغيرة وكانت هي الاستثناء، في حين ان حياة البرية والانسان البري كان هو القاعدة. لهذا السبب كان انسان المدن يتساءل: من اين جاءت المدن، ولماذا نحن افضل من الانسان البري العاري الذي يعيش الى جانب الحيوانات لايفقه شيئا ، يلتقط الحبوب ويصيد ولايراعي مزروعاتنا ولماذا نسعى لتغطية سوءتنا ونعرف الزراعة وشق القنوات وتربية الحيوان؟
من الذي علمنا مالايعلمه الانسان البري؟
من الذي انعم علينا بالسكن في المدينة؟
لماذا نلبس الملابس؟
لماذا نعرف الزراعة؟
وكما هي العادة جاء الدين ليغطي الثقوب المعرفية. الالهة هي التي بنت المدن الاولى، وبالتالي فهي المسؤولة عن انتزاع الاراضي البرية المشاعية من يد الانسان البري وتحويلها الى اراضي مقدسة وضعتها في يد " ابنها" الانسان الذي علمته الزراعة لينتج ويكافئ الالهة على نعمتها بالعطايا ..
حسب الاسطورة البابلية يعتبر الانسان البري اسبق من " ادم" الذي علمه الله مالايعلم. الانسان البري يعيش في الاراضي المشاعية وجميع مافي الارض ملك للجميع. الارض بالنسبة له هي مثل الهواء، حق للجميع وحق طبيعي لايجوز الاسئثار به، لذلك فهو لم يوافق على إدعاء ببابل بملكية الاراضي التي انتزعتها واصبحت تزرعها بإسم الالهة وبتشريع الهي.
وفي الحقية دعونا نتساءل: من هو الشخص الاول الذي انتزع الارض المشاعية وجعلها ملكيته الخاصة؟ ماهي الصلاحية التي يملكها لتحقيق هذا الامر ومنع الاخرين من دخول " ارضه"؟
بالتأكيد لايوجد شخص لديه الحق على انتزاع جزء من الاراضي المشاعية وتحويلها الى اراضي خاصة واخراجها من حق الانسان الحالي والاجيال القادمة، على اعتبار ان الارض هو الام الاولى.
غير اننا نرى اليوم ان الملكية الخاصة اصبحت هي القاعدة ولم تعد الاستثناء، لذلك ننظر للامر وكانه هو الطبيعي، لانعلم ان الارض جرى انتزاعها بواسطة تشريع ديني سماوي (على اعتبار ان البابلية هي الدين السماوي الاول واصل بقية الاديان السماوية جميعها). الايعني ذلك ان الاديان السماوية حافظت على انتزاع الارض من الانسان لتحولها الى ملكية خاصة على حساب الاجيال التي ليست مسؤولة عن الانتزاع؟
الايعني ذلك تحويل الاجيال الى عبودية العمل، وحتى العبودية المباشرة او التعرض للجوع ؟
الايعني ذلك ان الاديان اليوم تساهم في اخفاء حقيقة ان الارض مشاعية ( مثل الهواء) وحق من حقوق جميع البشر جرى سرقتها والاستئثار بها بمساعدة وقبول وحماية الدين؟
بالتأكيد لاعلاقة لهذا الامر في كون المجتمع الزراعي هو مرحلة اعلى من الناحية الاقتصادية، إذ ان ذلك اقتصادي وليس اخلاقي، بل من حيث الجوهر لااخلاقي وبالتالي يتعارض مع الدين، فكيف حدث ان الاديان اخفت السرقة وقدمت لها الشرعية؟
للمزيد من التفاصيل عن المرحلة البابلية المبكرة والمتوسطة، فيما يخص موضوعنا، راجع الموضوع التالي
اضغط هنا