{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
آراء زملاء لي بالفيسبووك عن الثورة السورية
بسام الخوري غير متصل
Super Moderator
******

المشاركات: 22,090
الانضمام: Feb 2004
مشاركة: #1
آراء زملاء لي بالفيسبووك عن الثورة السورية
شجون .. من زمن الثورات ..


بقلم: يوسف بحصاص

مقالات واراء
شارك

من يتجاهل الأزمة العميقة التي يعيشها بلدنا اليوم ,يحاول أن يغطي الشمس بغربال كبير الفتحات , ويخلق أجواء من الاطمئنان دون الاكتراث بالواقع . بل أكثر من ذلك يحاول أن يخلق واقع مُتخيل يناسب وينسجم مع تصورات البعض الذي يحب أن يعيش كما يهوى ويُخضع الآخر للعيش ضمن هذا الخيال , حتى ينتزع منه أية قدرة حتى على استزراع الأمل أو التوالد .

لقد كان " الرفض " عنوان العقود السابقة , رفض الاعتراف بالمشاعر الإنسانية وتكوين الإنسان الفطري , ونزوعه إلى السير نحو الأفضل , دخلاً , وقيمة , وحرية .. كل ذلك تحت ستار أن الإنسان يمكن أن يكون آلة نديرها كيفما شئنا , فيكون الجميع نسخة واحدة , يحبون ويكرهون ويهللون ويصفقون , كأنهم فرد واحد في أجساد متعددة إلى أن يُقتل في هذا الفرد كل رغباته وتنتهك كل حقوقه.


حدث كل ذلك ونحن على مر السنين وبغفلة منا نتوقف تحت لافتات الشعارات نتلقف الوعود بتخليصنا من الشرور والفاقة , وإيلاجنا إلى مداخل الكرامة والعزة والرفاه . لكننا للأسف سرنا بعكس ذلك فزادت أزماتنا وشحت جيوبنا وفقدنا الرجاء في غد أفضل.



لم تكن تلك الأزمة وليدة الصدفة أو وليدة الساعة . بل نشأت نتيجة تراكمات عديدة استحالت إلى هرم من التجاوزات والأخطاء والمآسي , بدأت برفض الاعتراف بالآخر وإشراكه بالقرار . رفض حتى أن يكون له صوتاً ناقداً أو شاكياً , والتمادي في جعله مسخاً يحاول استكشاف سبيل أهداف لم نعرف حتى الوسائل الصحيحة للوصول إليها .



سار جل دول العالم في طريق واضح المعالم نحو التنمية والديمقراطية وعدالة التوزيع وسُخِّرت الأفكار السياسية كلها لخدمة مواطنيها , بينما نحن غارقون في الاختلاف حول التراث والقومية , وحول تحقيق الأهداف التي دفعنا الكثير في سبيلها دونما جدوى .. الوحدة العربية .. التعاون العربي .... الاشتراكية .. والحرية .. والتصدي للمؤامرات الأزلية ... كلها اندثرت فصارت تلك الدعوات بالنسبة لبعضنا مهزلة ساخرة , وبالنسبة للبعض الآخر سراباً تصيغه مخيلتهم إلى حقيقة .



ليس من الإنصاف والحصافة القول بأن ما ذكر أعلاه من أهداف ومفاهيم ومذاهب لم يكن ذا معنى أو وجود . ولكن المصارحة والموضوعية تقتضي القول أن تطبيقها وترجمتها كان خاطئاً . ذلك أن الأيديولوجيات السياسية التي وصلت إلى الحكم أرادت أن تطبق تلك الأهداف وفق مفهومها الخاص , طالما أنها تملك الصواب المطلق وتوجه كيف يجب أن يسير الآخرون وكيف تجعل حياتهم رفاه ورغدا . لكن الأهداف وللأسف تحولت إلى شعارات منمقة ملونة على اللافتات التي ستزين الساحات التي ستلقى بها الخطب العصماء , دونما الاكتراث بتحقيقها متناسين أن الأهداف الكبيرة لا تحقق بوسائل صغيرة وبمصالح شخصية.



لقد أثبتت العقود الخمسة الماضية عجز رفض الآخر وفشله في بناء قوة اقتصادية وحضارية جديدة , فركبت السلطة السلحفاة في محاولة للحاق بالقطار, وفشلت في استنباط الحلول الناجحة لمشكلات وطننا , وكان الأقرب لبعضها الصياح والعويل والهدم والإقصاء بدلا من المصارحة والمشاركة والتضحية , وأقعدت أزمة الحوار مع الشعب إمكان التطور السلمي , وتم استخدام الموارد في تنمية جيوب فئة قليلة , بدلاً من إنماء حياة المواطن .



إن الآتي من الزمن يجب أن يكون شعاره " القبول " بدلاً من " الرفض " الذي كان شعار الماضي . ويجب أن يكلل هذا القبول بالاعتراف بالتعدد والاختلاف لكل فئات المجتمع , والابتعاد عن النظر إلى الجماهير على أنها قطيع مسلوب الوعي والإرادة يمكن تلقينه بما نشاء . غير قادر على الاجتهاد دون ترويع أو تهويل أو قمع . إن مجتمعنا زاخر بالأقليات والاجتهادات الطائفية , وإصرار السلطة جعل هذا النسيج متماثل وصبه في قالب واحد يعمل تحت أيديولوجياتها ,لن يساهم بما هو مأمول من تغيير وبناء الدولة المدنية الديمقراطية , وهذا القبول يجب أن يصبغ كل نقاشاتنا وحواراتنا بعيداً عن الأيديولوجيات الراسخة التي تغرقنا حتى آذاننا في أفكار بالية ومقولات صدئة , تبرر لنا تحتها الولوغ في الدماء واحتقار القيم الإنسانية, التي أثبتت الأحداث الأخيرة مدى ابتعادنا عنها فعلاً واقترابنا منها تنظيراً وتجميلاً



لا أحد ينكر بأن مرحلة الانتقال تلك هي مرحلة صعبة كالمخاض , وإذا أردنا العبور يجب أن لا ينظر أولو الأمر إليها باستخفاف وهزل . فالمطلوب تحقيق تغييرات جذرية وحقيقية بعيداً عن الوسائل والأساليب القديمة والمتهرئة والتي أوصلتنا إلى تلك الأزمة , فالحوار لن يكون مجدياً في ظل ظروف صعبة لا يمكن أن تتيح له الوصول إلى نتائج إيجابية , والتفاعلات السلبية على الأرض لا يمكن أن تؤسس لحوار ديمقراطي جليَّ الأهداف واضح المعالم . يراد به في النهاية وطنا سليماً معافىً خالياً من كل مورثات الماضي .. وقوياً بكل قيم المدنية المعاصرة والديمقراطية الحقيقية
07-11-2011, 01:35 PM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
بسام الخوري غير متصل
Super Moderator
******

المشاركات: 22,090
الانضمام: Feb 2004
مشاركة: #2
الرد على: آراء زملاء لي بالفيسبووك عن الثورة السورية
Youssef Bahssas
تجارب التظاهر عبر التاريخ – خاصة في الدول الديمقراطية – تدل على أن المتظاهرين لا يمكنهم العودة إلى بيوتهم دون تحقيق ما يريدون وخلال فترات زمنية محددة .. وربما يكون هذا أحد أقوى البنود التي ضمنها الدستور لتحقيق مطالبهم . فإذا عدنا إلى فرنسا ديغول وفرنسا شيراك .. والسويد بالمه .. وبريطانيا بلير .. وأمريكا نيكسون .. لوجدنا أن المتظاهرين لا يمكن أن يتوانوا عن مطالبهم دون تحقيق أهدافهم التي قاموا بالتظاهر من أجلها في الأصل .

في الأزمة السورية هناك اختلافات كبيرة وكثيرة عن الدول الديمقراطية .. فالثقة معدومة بين السلطة والشعب نتيجة تراكمات عبر عقود من الإقصاء والرأي الواحد .. وأيضاً المشاكل الداخلية تكاد تكون أعظمية بالنسبة لأي دولة من العالم الثالث . فإذا اطلعنا على التصنيف السوري على قوائم الأمم المتحدة في مختلف المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية لوجدنا كم هائل من الخطوط البيانية المنحدرة . ونتيجة الضغوط الداخلية للاحتجاجات قررت السلطة أن تقوم بعملية إصلاح – مازالت مبهمة في كل مفاصلها – وهذه العملية أراقت الباقي اليسير من الثقة في آبار سحيقة لأنها اعتمدت أساليب المرحلة السابقة في التسويف واللجان وأيضا التحويل إلى شعارات وهذا مما زاد المشهد تعقيداً على تعقيد

هناك من يقول أنه لا بد من إعطاء فرصة للإصلاحات ويمكن أن نرى نتائجها خلال فترة قصيرة .. وأتفق مع هذا الرأي في ما خص الإصلاحات الدستورية والإدارية والإعلامية .. الخ .. ولكن هناك إجراءات ( وليست إصلاحات ) لا بد من القيام بها تبني الثقة المفقودة وتعيد إلى الأجواء نوعا من التفاؤل قد يفضي إلى تخفيف حدة التظاهر

هذه الإجراءات لا تتعلق بتقديم تنازلات من السلطة بقدر ما تتعلق بترجمة لأقوال وقرارات اتخذتها ولم تعمل بها .. فمثلا تبييض السجون من معتقلي الرأي لا يستوجب لجان ودراسة .. محاسبة المسؤولين عن قتل كل فرد من الشعب السوري كائناً من كان .. إيقاف القمع للمتظاهرين ( السلميين ) لا يتطلب لجاناً ودراسة .. وقف حملات التحريض ضد المحتجين في الوسائل الإعلامية السورية وجعل تلك الوسائل ملكاً لكل الأطياف لا ملكاً لطيف واحد .. فكيف يدفع المحتج مالاً لتلك الوسائل لتنعته في النهاية بأنه حثالة وأزعر .. وأكثر من ذلك يجب إبادته من الساحات حسب أساطين التحليل السياسي للسلطة ؟ وقف كل أعمال البهرجة القومية التي تزيد في تعميق الجراح لدى عائلات الشهداء الذين استشهدوا في سبيل الوطن وأمنه .. فكيف يتسنى لنا أن نقبل وجود خيم عزاءات في بيوت سورية لأفراد من الجيش والأمن والمدنيين وعلى بعد أمتار ساحات تعج بالرقص والطرب ؟ وكيف يتسنى لنا المفاخرة بأطوال الأعلام وأسر من شعبنا تعيش على الحدود ؟ لماذا لا تدعو السلطة إلى يوم لتنظيف المدينة وتحرج المحتجين ؟ لماذا لا تدعو إلى يوم لتنظيف أحواض فروع نهر بردى أو العاصي أو الفرات ؟

اعتقد أن كل ما ذكر أعلاه ربما يعزز روح المواطنة التي مافتئت السلطة تدعو إليها ولكن بالشعارات وبإعلام ضعيف مهلهل غير قادر حتى أن يقنع ذاته .. ودون الإصلاحات ( الآنية ) التي ذكرت أعلاه لن تتمكن السلطة من المضي قدما في إصلاحاتها المعلنة والتي يمكن أن ينتظرها المحتجون

http://www.facebook.com/nedal.malouf/pos...ment_reply
07-20-2011, 09:54 AM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
بسام الخوري غير متصل
Super Moderator
******

المشاركات: 22,090
الانضمام: Feb 2004
مشاركة: #3
الرد على: آراء زملاء لي بالفيسبووك عن الثورة السورية
قصة رئيسين
von حسان محمد محمود, Mittwoch, 20. Juli 2011 um 16:07

ما أن شرعت بكتابة هذه القصة، بادئاً بالاستهلال المعروف ( كان يا ما كان) حتى ثارت ( إن )، داعيةً بمظاهرةٍ حاشدةٍ في دماغي إلى إسقاط النظام العائلي لـ (كان و أخواتها) واستبدادها في تصدر رواية أي قصة، فسلمت أمري، ورضخت لهذه المطالب، وقررت أن أبدأ قصتي بعبارة (إن ياما إن).

إن يا ما إن..

الشعب الليبي، ومن كثرة إشفاقه على القذافي خرج بمظاهرات تطالبه بالتقاعد قائلةً له: "كفاك تضحيةً من أجلنا، كفى وأنت تعطينا من خزنة (اللي خلفك) وتنيرنا بأفكارك، لذلك نريدك أن ترتاح، آن لك أن ترتاح ".

قام القذافي مباشرة بجمع مستشاريه طالباً منهم النصيحة، وطبعاً ـ وكما هو متوقع ـ أشاروا عليه بكل شفافية أنهم يوافقون الشعب رغبته، فكلفهم بوضع خطة لانتقال سلمي للسلطة، و كم غضب وثار عندما سمع أن بعض الجنود أهان المتظاهرين، فألقى على الفور كلمةً للقوات المسلحة شاع منها المقطع التالي:

"إلى الوراء..إلى الوراء..أريدكم أن توزعوا الماء البارد و الورود على المتظاهرين في كل أرجاء ليبيا، شبر شبر، زنقة زنقة، دار دار".

ففعلوا، و استجابوا لطلبه، و لم تمض ستة أشهر على هذا الخطاب حتى تولى السلطة مجلس انتقالي، وضع مشروع دستور لليبيا وطرحه على الشعب، ثم قام بالدعوة لانتخابات تشريعية ورئاسية على أساس الدستور الجديد، و أجريت الانتخابات، وهكذا أصبح لليبيا دستور جديد وبرلمان (خلنج) ورئيس (طخ، بشحمو، بورق الوكالة) ، و(كان) مشهد تسليم القذافي مقاليد السلطة للرئيس (الطخ) من المشاهد النادرة التي قلما تتكرر.

ولقاء خدماته، ولأنه فقير وضحى بكل ما يملك من أجل الشعب، قام الليبيون بجمع تبرعات، فبنوا للقذافي بيتاً جميلاً وبسيطاً تعكس بساطته روحية الرئيس المتنحي وملامح شخصيته المتواضعة التي اعتادت التضحية، وعاش معززاً مكرماً طيلة حياته، هو و أولاده وأحفاده.

القذافي اليوم مرحب به أينما حل، ودخل التاريخ من أنظف أبوابه، وصوره تطبع وتوزع بعد أن صار رمزاً من رموز الديمقراطية و الحرص على الوطن و وحدة شعبه. وخطاباته تطبع على أقراص وكتيبات في كل أنحاء المعمورة لما تحويه من تحليل عميق وأفكار غنية وعدم تفاخر ونرجسية وتعالي.

(إن) القذافي أيقونة ومنارة لليبيا وأفريقيا، و (إن) الجميع يقارن بينه وبين (السفاح المجرم) نيلسون مانديلا الذي لم يتنازل عن السلطة، مخاطباً شعب جنوب أفريقيا بما معناه: "نيلسون مانديلا و أولاده هم الوحيدون القادرون على قيادة البلد" وقام بقتل كل من طالبه بالتنحي ومجازره أشهر من يعاد التذكير بها.

عزيزتي إن:

ياما إن لم تكفِ للتعبير عن بعض المواقف الناقصة، فاعذرينا يا (إن)، لأننا لا نستطيع أن نحذف (كان) وأخواتها، للسيدة (كان) سطوتها، و لابد أن يأتي يوم تفرض فيه (كان) كامل هيبتها (الناقصة)، فنحن مثلاً لا يمكننا القول: (إن) نيلسون مانديلا رئيس جنوب أفريقيا، لا بد من استخدام (كان) بكل حضورها المهيب، فعلاً ماضياً ناقصاً، ربما لم يشهد التاريخ مثيلاً لنقصانه
07-20-2011, 06:02 PM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
بسام الخوري غير متصل
Super Moderator
******

المشاركات: 22,090
الانضمام: Feb 2004
مشاركة: #4
الرد على: آراء زملاء لي بالفيسبووك عن الثورة السورية
ثلاثة أيام في الاعتقال / الجزء-2/ إياد شربجي
von Eiad Shurbaji, Mittwoch, 20. Juli 2011 um 13:20

تحدثت في الجزء الأول عن ظروف اعتقالنا حتى وصولنا لباب فرع الأمن الجنائي بدمشق، وفاتني أن أذكر لكم أننا كنا قد قررنا أن نرفع الأقلام في مظاهرتنا انسجاماً مع صفتنا التي خرجنا بها كمثقفين، وعندما أعلنّا عن ذلك على صفحة "مثقفون لأجل سورية" ظهرت صفحة أخرى على الانترنت تدعو لمظاهرة مؤيدة قبلنا بنصف ساعة تدعو لحمل الدفاتر وذلك سخرية بأقلامنا، وقد قالوا في دعوتهم تلك "إذا ما رضيوا يكتبوا على دفاترنا رح ندحشلهن أقلامهن بطـ....." وبالفعل كانت سبقتنا هذه المظاهرة بربع ساعة لكنها التأمت في مكان آخر في الميدان ولم نصادفها نحن، لذا اقتضى التنويه.

في فرع الأمن الجنائي:

وصل الباص الذي يقلّنا إلى فرع الأمن الجنائي بمنطقة باب مصلى بدمشق حوالي الساعة السادسة إلاً عشر دقائق، بمعنى أننا اعتقلنا فعلياً وصرنا في الاحتجاز حتى قبل انطلاق التظاهرة المزمعة بعشر دقائق.

أنزلونا واحداً واحداً على شكل طابور وسط عشرات البنادق الروسية التي تحيط بنا، والنظرات الحاقدة التي كانت تلاحق كلاً منا، دخلنا من باب الفرع وأوقفونا إلى الجدار عند المدخل وكان الجميع ينظر إلينا كمجرمين، طبعاً هكذا سيكون الحال في فرع الأمن الجنائي المعدّ أصلاً لاستقبال المجرمين وأصحاب السوابق والدعارة والمخدرات وغيرها.

تقدم أحدهم من أحمد ملص الذي غطى الدم وجهه وتفحّص رأسه وأعطاه منديلاً ورقياً، رفض أحمد أخذ المنديل وقال له بلهجة لئيمة: "يسلموا ايديك...ما بدنا منكن شي" لكن هذا العنصر كان مهذباً وتقبل الأمر مبتسماً، وأصرّ إلا أن يأخذ أحمد إلى الحمامات ليغسل دماءه وهذا ما حصل، في المكان ثمة عناصر كانوا ينظرون إلى مي سكاف ويتهامسون، باختصار (صرنا فرجة) أمام كل من في فرع الأمن الجنائي. بعد قليل تقدّم منا ضابط برتبة رائد، عرفنا لاحقاً أن اسمه "أمين هواش" وهو من دير الزور(احترامي لكل أهالي دير الزور لكنني أصف واقع الحال فحسب)، كان يتحدّث بعنجهية وأنفة كبيرة وينظر إلينا بازدراء شديد، وطلب أن ينفصل الفتيات عن الشباب ففعلنا، تفحّصنا واحداً واحداً، سأل يم مشهدي عن اسمها فأجابته، ثم قال لها: "شو بتشتغلي؟" ردت: "كاتبة سيناريو" فرد عليها بغباء شديد: "شو يعني؟" قالت: "بكتب مسلسلات" قال: "وبتمثلي فيها يعني؟" فتنهّدت وقال "لأ...أنا بكتب القصة يللي بيمثلوها الممثلين" قال "تبع التلفزيون يعني؟" قالت:"إي"، ثم عاد إلى الخلف... نظر الينا جميعاً وقال: "مين زعيمكن؟" فقلت له أنا: "ما عنا زعيم...كلنا متل بعضنا" لم أكن أدري ماذا ستجني علي هذه الكلمة لاحقاً، أشار لي بإصبعه وقال" تعا لهون لشوف" تقدمت فقال لي: "مين انت؟" فرددت عليه مباشرة : "أنا مواطن سوري" وإذ بوجهه ينتفخ وعيناه تجحظان، ثم مدّ يده وسحبني من قبة كنزتي بعنف، فتقدمت مي سكاف من خلفي وأرجعوها لمكانها، ثم جرّني الرائد أمام الجميع إلى الغرفة التي تقع مباشرة خلف باب الفرع(غرفة بعرض حوالي 3 أمتار وعمق 8 تقريباً) ولحق به بعض العناصر وأغلقوا الباب خلفهم، وقال وهو يرمي الدفتر من يده على الكرسي استعداداً للهجوم "يعني إنت العرص تبع هالشراميط" فقلت له: "لوسمحت نحنا كلنا ناس مثقفين ومتعلمين ما بسمحلك تحكي معنا بهالطريقة" وبالكاد أكملت جملتني وإذ بلطمة قوية تصفق خدي حتى أن النظر غاب عني لثوان، فصرخت بأعلى صوتي ورجعت إلى الخلف وأنا أضع يدي على خدي فاتحاً فمي بدهشة، وقلت له "عم تضرب!!"، حدثت بلبلة وهمهمة في الخارج على صوت صرختي وعلمت لاحقاً أن ساشا أيوب ركضت نحو باب الغرفة فنالت لكمة على وجهها هي الأخرى.

أخرج الرائد "أمين هواش" رأسه من باب الغرفة وقال لمن في الخارج "مافي شي مافي شي عميعيط لحالو" ثم أغلق باب الغرفة ورجع إليّ والشرر يتطاير من عينه وشهر أصبعه بوجهي مهدداً بصرامة "إذا بسمع صوتك أقسم بالله بقبرك هون يا منـ...."، كان وجهه مرعباً، جانب شفته اليميني التصق بعينه فظهرت أسنانه الوسخة التي تشبه سياج المنازل الصدأ، ومع إشارات مهددة من يديه لم أرها من أيام شغب طلاب المدارس صار هذا الرائد أشبه بالوحش، فعلاً كانت هذه هي المرة الأولى التي أرى فيها وجهاً فيه كل هذا التفاصيل الحاقدة، ثم اقترب مني، وبدون سابق إنذار بدأ ينهال على وجهي وبطني لطماً ورفساً وأخذ يلكمني على رأسي، وكان يشتم طوال الوقت وهو يضرب " يا بن الشر.....، راسك والثقافة تبعكن بحطهن تحت صرمايتي يا ابن العر......، أنا هون ما عندي هالأكل خرى تبعكن، حقكن صرماية على راسكن وراس وراس أهاليكن يا ولادين الشرا......، أنا بدوي وما أفهم حقكن نص فرنك عندي" كانت الامر صادماً جداً لي، فمنذ 25 عاماً لم يصفعني أحد على وجهي، لا أدري لماذا صمتّ في هذه اللحظات، كان يصفقني ويصفعني ويلكمي وأنا أنظر إليه وعيناي مدهوشتان دون أن أتلفّظ بحرف، حتى اللحظة لا أعرف كيف جبنت وسكتُّ وأنا الذي تعوّدت المواجهة دائماً، لن أنسى تلك اللحظات ما حييت، ولن أنسى أنها أطاحت ببقية خوفي للأبد، رغم ذلك فقد كان الأمر صادماً جداً لثقافتي وأخلاقي وكل شيء، لحظتها طار كل شيء من دماغي، لم أكن أشعر سوى بالألم على رجولتي، وكيف يطيح بها أخ سوري لي بهذه الطريقة، هذه اللحظات ستبقى تحفر مكاناً لها في وجداني حتى أموت.

عندما انتهى الرائد من ضربي فكرت بالرد أخيراً، لكن شيئاً ما أخرسني، كنت خائفاً جداً ومذعوراً على مصير الفتيات اللاتي معي، وكنت أقول في نفسي "إذا على باب الفرع بلشوا معنا بهالطريقة....شو رح يعملوا بالبنات تحت..!!" وتداعت إلى دماغي ما كنت أسمعه عن قصص الاغتصاب والاعتداء على الفتيات في السجون، هذا ما كان يأسرني، فشعرت برعب جديد، وأنني أنا من ورّطت من معي بهذه البهدلة، فصمتّ كي لا أجعلهم يفقدون بقية عقلهم إن كان تبقى لديهم منه.

جلس الضابط خلف مكتبة وقال لأحد العناصر "نبشوه لهالكلب" تقدم مني العنصر الذي لن أنسى أبداً رائحة فمه التي تشبه رائحة كيس الزبالة العفن، وبدأ بتفتيشي بطريقة عنيفة جداً، وعندما وصل إلى جيوب (البدريسة) التي كنت ألبسها وجد قلماً، فسحبه وصفعني على وجهي بقوة، وقال لي: "شو هاد يا خرة" كانت كرامتي تزأر لكن الشلل أصاب لساني في هذه اللحظة، تابع تفتيشي وإخراج الأغراض من جيوبي إلى أن قال له الضابط: "حاجتو" وقبل أن يتركني العنصر ودّعني بصفعة أخرى على وجهي ورجع إلى الخلف، أشار لي الضابط بإصبعه لآتي وأقترب إلى طاولة مكتبه فلم أردّ في البداية، فوقف وصرخ "قرّب يا أمريكي يا كلب" نعم...قال لي أمريكي..!!!، تقدمت منه، فقال وهو يضرب يده على الطاولة: "شو اسمك" قلت له: "اياد شربجي" قال: "شو بتشتغل يا خرة؟" نظرت إليه بطرف عيني وقلت له "صحفي" فردّ "وين" قلت: "أنا رئيس تحرير مجلة" قال: "مجلة..شو اسمها؟" قلت: "شبابلك" فرد علي "شو..؟؟" أعدت عليه اسم المجلة أكثر من 4 مرات حتى لفظها بشكل صحيح، ثم قال لي: "ومرخّصة؟" قلت: "اي مرخصة" قال "يعني نظامية..!!" قلت: "مرخصة ونظامية" ثم قال ساخراً "وشو هيّ...عن شو بتحكي؟" اعتقدت للحظة هنا أن معاملته ستتغير بالتأكيد بعد أن عرف صفتي، قلت له: "تتحدث عن قضايا الشباب ومشاكلهن وعن الثقافة وهيك" وإذ به يشهر إشارته التهديدية المعهودة(ضمّ السبابة للابهام وإشهار الأصابع الثلاثة الباقية)، ثم قال بلهجة مهددة "شوف ولا خرة...تكون صحفي تكون طيزي بتقعد بأدبك وبتخرس أحسن ما حطك تحت القندرة وإمعس راسك...فهمت ولا حيوان" فقلت له "أنا مالي حيوان" فانتصب واقفاً كالنابض وأشار للعناصر وقال لهم والبزاق يتطاير من فمه "عم ترد بعد..!! نزلوه لتحت لهالكلب خليه يعرف لوين جاية" فجاء اثنان من العناصر وامسكا بي من تحت ابطي وجرّاني، وكان إظفر خنصر أحدهم الطويل المقرف مغروزاً في ساعدي، وعندما وصلا بي إلى الباب قال لهما الرائد: "انتظروا شوي...وقفوه عندك" فأوقفوني خلف الباب، ثم قال لعنصر آخر: "هاتولي هي الفنانة شو اسمها..!!" يجيب أحدهم "مي سكاف سيدي" قال: "هاتوها لهون لشوف" نادوا على مي سكاف فدخلت، دخلت وعيناها معلقتان بي تستفسران عما حصل معي، ولم تلتفت للضابط إلى أن ناداها، وخلال حديثها اللاحق معه كانت مي تلتفت بين الفينة والأخرى لتنظر إلي.

قال لها الضابط "انتي ممثلة ما هيك؟" ردت: "نعم" قال "وليش طلعتوا بالمظاهرة؟" قالت مي وهي تظنّ نفسها تتحدّث مع آدمي: "بالنسبة إلي طلعت لعبّر عني رأيي انو ما بدي ابني يشوف نفس الرئيس اللي أنا شفتو" فخبط الرائد يده على الطاولة بعنف وقال "يعني انتي ضد السيد الرئيس..؟؟!!" عندها أدركت مي جسارة الموقف وجديته، فأجابت "أنا مشكلتي مو مع الرئيس كشخص" قال: "لكان شو؟" قالت "أنا بدي ابني هو اللي ينتخب رئيسه" فقال لها شاتماً وكاتماً غيظه: "هلأ بلا أكل خرا...ليش ما أخدتو ترخيص للمظاهرة!!" لا ترد مي، يتابع الضابط "يعني خدو ترخيص وتعوا تظاهروا ضدي ما عندي مشكلة" مي صمتت أيضاً، فكيف تستطيع فعلاً محاورة هكذا شخص..!!، يرن اللاسلكي، يرفع الضابط الجهاز ويتحدث بلهجة رصينة"إي سيدي.. صاروا عندي...19 سيدي...حاضر سيدي...حاضر سيدي"، في هذه الأثناء نظرت إلى شاشة التلفزيون، فرأيت الخبر الهام على شريط الإخبارية السورية "بعض الشباب يتجمّعون في الميدان بدمشق، وأهالي المنطقة يتفرّجون عليهم" هكذا كان الخبر بالضبط، نظرت إلى مي، وبدون أن نتكلم شعرنا ببعض القوة لأننا أحسسنا أن شيئاً ما حدث بغيابنا، فنحن نعرف مسبقاً أن الإعلام السوري عندما يريد أن ينفي شيئاً فهو يؤكّده فعلياً.

النزول إلى الأقبية:

بعد قليل يقف الضابط، ويقول لعناصره: "خدوهن لبرّة"، فيأخذوننا حيث يقف أصدقاؤنا في الخارج، كانت هذه من أقسى لحظات الإحراج في حياتي، فكيف لي وأنا الذي أتنطّع للمواجهة دائماً أن أبرر ما حصل بي دون أن أردّ، كان الجميع ينظرون إلي بأسف شديد، حاولت أن أهرب بوجهي من نظراتهم، وأن أكبت دموعي التي تغرغر في عيني وأنا أشعر بخليط غريب من المشاعر(القهر، الغضب، الأسف، الألم، الخوف...كل شيء) لكن ساشا أيوب وجيفارا نمر أصرتا على رؤية عيني، قاومت كثيراً، لكن في لحظة ما هربت دمعتان شعرت بسخونتهما الحارقة على وجنتي، فحاولت بشتى الطرق إخفاءهما، لكنني عرفت انني فشلت عندما بدأ الجميع يناولني المناديل الورقية.

بعد لحظات يقول الضابط "يللا نزلوهن لتحت" فيأمرنا العناصر بالنزول، يقترب الجميع مني وأشعر بأيديهم وهي تداعب وتفرك كتفي.....ننزل للأسفل، باب حديد، وراءه باب آخر ثم فسحة، على الجانبين توجد زنزانتان، ثم سلسلة من الزنازين والمنفردات في ممرين على جانبي تلكم الزنزانتين، عند دخولنا كانت تطلّ من الشباك الصغير لأحدى الزنازين فتاتان في مقتبل العمر وهنّ يمسكن بقضبان النافذة وينظرن إلينا بشوق، من يعيش تجربة الاعتقال يدرك أن أثمن ما يمكن أن يحصل عليه هو خبر جاء من الخارج.

أوقفونا إلى الجدران على شكل صفين متقابلين واحد للشباب وآخر للفتيات، وصدف أن كان خلفي(شوفاج) تدفئة، وكان المكان المناسب لأرمي فيه دفتري الصغير الذي كتبت عليه الشعارات التي كان من المزمع الهتاف بها في المظاهرة(في الجزء القادم سأحكي لكم قصة هذا الدفتر وما أثاره لاحقاً) . بعد قليل أمرونا أن ندخل إلى مكتب التحقيق واحداً واحداً لنسلّم أماناتنا، الأمانات التي كان يجب أن نسلمها هي كل شي معنا سوى ملابسنا، وبما فيها الحزام(القشاط)، ورباطات الأحذية(الشواطات) بالإضافة طبعاً للهويات والجزادين والموبايلات، حتى إن الخيط الذي ربطه فادي حسين على معصمه أُجبر على قطعه وتسليمه.

وضعوا أمانة كل شخص في كيس، وكتبوا ما فيه على ورقة، وأعطونا إياها لنستلمها عند الخروج، وبعد أن انتهوا من ذلك أعادونا إلى حيث كنا، في هذه اللحظة تصل الدفعة الثانية من المتظاهرين، كانوا 9 شباب جميعهم يغرقون بدمائهم، وثيابهم ممزقة مهللة،كانت إصاباتهم كبيرة، معظمها في الرأس والوجه، وهم:

المخرج الشاب: باسل شحادة، الطالب بكلية العلوم:عبد العزيز دريد، المهندس محمد أبو زيتون، الموسيقي: رامي العاشق، الطالب الجامعي: محمد ذاكر الخليل، المسرحي: سالم حجو شقيق المخرج الليث حجو، الطالب بكلية العلوم عبد الرحمن حصين، الطالب بالهندسة المعلوماتية عبد الهادي بازرباشي.



هنا ينتهي الجزء الثاني .......في الجزء الثالث غداً سأروي لكم كيف تم توزيعنا على الزنازين ثم إعادة جمعنا معاً، والإضراب عن الطعام الذي أعلنّا عنه، وغيرها من الأحداث والتفاصيل المثيرة
ثلاثة أيام في الاعتقال / الجزء-1/ إياد شربجي
von Eiad Shurbaji, Dienstag, 19. Juli 2011 um 13:05

تقديم:

لعلكم تابعتم عبر الانترنت ووسائل الإعلام المختلفة تداعيات مظاهرة المثقفين السوريين التي خرجت يوم الأربعاء 13 تموز الجاري في منطقة الميدان بدمشق، ولأجل الحقيقة، ولأن المشاهد شاهد، كان لا بد توثيق ما حدث معنا خلال وبعد ذلك اليوم المشهود الذي أثار الكثير من التداعيات التي صبّت في النهاية في صالح الانتفاضة السورية، ولتطّلعوا عن قرب على سلوك هذا النظام ضد شعبه بمختلف أطيافه وتنوعاته، حتى يتبيّن من في عقله بعض من شك حقيقة ما يحدث في البلاد.

كان من المستحيل علينا - كمثقفين- أن نبقى مجرد مراقبين لما يحدث في الشارع من تنكيل وإذلال بحق الشعب السوري المنتفض لاستعادة حريته المسلوبة على مدى أربعة عقود متواصلة، المشهد المصبوغ بدماء الأطفال والشباب والنساء كان وما يزال قاسياً جداً، وقد حانت اللحظة التي بتنا نعتبر فيها دموعنا التي نذرف مجرد تبرير فاشل لعجزنا عن النزول لدعم انتفاضة شعبنا الحر.

كنت في كل يوم أرى السخط والألم في وجوه كثير من زملائي من كتاب وممثلين وصحفيين، الشعور الضياع والعجز كان هو السائد، الكل لديه الرغبة بفعل شيء لكنه لا يدري ما هو ، وكيف هو...بعضهم فضّل الاستمرار بالتعبير عن رأيه على الفيسبوك سواء بالتلميح أو التصريح، آخرون استسلموا لحزنهم وقهرهم ثم أشهروا استسلامهم فأغلقوا الأبواب على أنفسهم وعائلاتهم وقاطعوا الأخبار وانسحبوا، لكن ثمة منهم من قرر التحرّك فاندسّ في المظاهرات التي تخرج أيام الجمعة من المساجد، أسامة غنم كان الحالة البارزة مؤخراً، لكنني كنت أعرف الكثيرين من زملائي ومن مختلف الاهتمامات والطوائف ممن فعلوا ذلك، وحتى منذ بداية الثورة عندما كانت كالولد اليتيم...خرجوا وهتفوا، وركضوا وهربوا، وبعضهم أكل (اللي فيه النصيب)، ولمن لا يعرف فقد حان الوقت لنقول أن أكثر من 40 من خيرة الكتاب والصحفيين السوريين خرجوا في مظاهرة الأسبوع الأول للثورة السورية في الجامع الأموي بدمشق، وكنت سأذكر لكم أسماءهم لولا أنني أعلم حجم الضغط الرهيب الذي من الممكن أن يتعرضوا له، ولعلكم سمعتم ببعض ما جرى مع من وقعّوا على ما سمي بـ "بيان الحليب" لكن الذي لم تسمعون به أن كثيراً ممن وقّعوا عليه هددوا بأغلى ما يملكون لو لم يتراجعوا ويعلنوا التوبة على الشاشات، وسيأتي يوم وتعرفون حقائق مرعبة حول هذه الحادثة بالتحديد التي وصلت إلى حدّ التهديد بتصفية بعض الفنانين.



البداية:

تداعينا نحن مجموعة من المثقفين والفنانين والصحفيين للمشاركة بالمظاهرة التي أعلنت عبر صفحة "مثقفون لأجل سورية" والتي كان من المقرر خروجها في تمام الساعة السادسة من يوم الأربعاء 13 تموز الجاري، وقد كان نصّ إعلان هذه المظاهرة قوياً وذكياً جداً لجهة اختيار الزمان والمكان، بالإضافة إلى أن فيه نبرة تحدٍ كانت تكفي لأن تطيح بخوف البعض، وقد لاحظت أنه رغم قصر مدة الإعلان الذي ظهر قبل يومين فقط من التظاهرة إلا أن معظم الوسط الثقافي كان يتداوله باهتمام شديد، وخرج كثيرون ليعلنوا على الملأ مشاركتهم فيها رغم كل التحدّيات، وتبنّت الحدث تنسيقيات دمشق وريفها وروّجت للمشاركة به، كذلك بدأ الإعلام العالمي بالاهتمام به ونشرت العديد من الصحف ومواقع الانترنت الخبر، وقد تحدّثت معي إذاعة "مونتي كارلو" بشأنها قبل يوم من خروجها، وكذلك عدد من الفضائيات في صبيحة اليوم التالي، كل ذلك منح الحدث زخماً كبيراً، خصوصاً مع تأكيدات العديد من الفنانين والكتاب مشاركتهم بالتظاهرة التي كان الجميع ينتظرها طوال الأشهر السابقة.

في حوالي الساعة الخامسة والنصف من ذلك اليوم، استقلّيت برفقة أولاد حماي الممثلان التوأم " محمد وأحمد ملص" السيارة في طريقنا إلى جامع الحسن بمنطقة الميدان بدمشق، سلكنا الطريق الواصل من ساحة باب مصلى حيث يقبع فرع الأمن الجنائي الذي عدنا إليه معتقلين لاحقاً، وكنت في هذه الأثناء أتواصل مع بعض الأصدقاء المشاركين لتحديد مكان ملاقاتنا، في الطريق إلى الجامع كنّا نلاحظ التواجد الأمني يزداد كثافة كلما اقتربنا، لكن حجم هذا التواجد تبّدا واضحاً حين وصلنا تحت جسر الميدان، المئات منهم كانوا بانتظارنا، بالإضافة إلى أعداد غفيرة من البلطجية الذين يحملون العصي والهراوات والذين افترشوا الرصيف تحت الجسر وهم يلوّحون بهراواتهم بتوتر، اقتربنا حتى وصلنا إلى أمام جامع الحسن حوالي الساعة الخامسة وأربعين دقيقة، نزلنا إلى هناك، كان في الانتظار كل من الممثلة مي سكاف، والكاتبتان ريم فليحان ويم مشهدي، والمخرج السينمائي نضال حسن، والمصور فادي الحسين، والمصور الصحفي مظفر سلمان، والسينمائية ساشا أيوب، والمخرج الفني فادي زيدان، والحقوقية مجدولين حسن، والناشطة دانا بقدونس، والناشط وطبيب الأسنان بلند حمزة، والفنانة غيفارا نمر، والإعلامي مهند منصور، والناشطتان سارا الطويل ونور بوتاري، بالإضافة لي والتوأم ملص، كنا بالضبط 9 فتيات و10 شبان، ولم نكد ننتهي من تبادل السلام والتحية حتى تدافع إلينا من بعيد عدد من الضباط برتب عالية بينها عميدان وثلاثة عقداء، وخلفهم جموع من رجال حفظ النظام، ورجال الأمن المدرّعين، وحوالي 20 من الشبيحة ، لكننا لم نهرب كما كانوا يتوقّعون، بل لم نبرح مكاننا وتجمعنا وارتصصنا إلى جانب بعضنا بعضاً، وفي وجه كل منّا اشتعلت ثقة غريبة لم نكن نتوقعها حتى نحن، فاقتربوا مناً أكثر وأكثر وتحلّقوا حولنا كحبل مشنقة.

تقدم الضباط وسألونا من يمثّل المجموعة؟، تقدمت أنا ولحقني جميع زملائي دعماً لي، وقلت لهم بلهجة واضحة: "لا أحد يمثّل أحداً، كلّ يمثل نفسه" بدؤوا ينظرون إلينا بنظرة تحدٍّ، لم نأبه، طلب منا الضابط أن نتفرّق ونذهب فوراً لأننا لا نملك ترخيصاً بالمظاهرة، وقبل أن نجيب اندفع أحد الشبيحة وكان يلبس بنطالاً مموهاً وكنزة مطبوع عليها خريطة سورية تتوسطها صورة للرئيس وقال لنا بلهجة متحدّية مستفزّة: "جايين تخربوا البلد انت وياه" فأجبته: "جايين نعبّر عن موقفنا"، فردّ مباشرة: "وليش جايين قدام جامع الحسن... لإنن كلهن مجرمين...؟ أنا انضربت هون الأسبوع الماضي من الكلاب اللي طلعوا من الجامع" فأجبته بكل بساطة: "يعني واضح حضرتك ما بتصلّي فيك تقللي ليش إجيت عالجامع الأسبوع الماضي؟"

عندما قلت ذلك ارتعد الرجل وبدأ الشرر يتطاير من عينيه وتأهّب للانقضاض، كل ذلك حدث وسط صمت مريب ومباركة واضحة من الضباط، عندها اندفع فادي زيدان وساشا أيوب ويم مشهدي وقالوا للضباط،: "بصفتو شو عم يحكي معنا هاد؟"

فقال أحد الضباط للشبيح مشيراً بيده بالرجوع فرجع للخلف وذهب، لكن شبيحاً أخر تقدّم وهو يقول بلهجة متحدّية لمي سكاف ومشيراً لها بإشارة بذيئة جداً: "وقعتي على بيان الحليب مهيكي...بدك حليب...أعطيكي حليب؟؟" فتعالى صوته هو ومي سكاف الذي صارت تصرخ فيه "احترم حالك...نحنا سوريين متلنا متلك"، فيجيبها: "انتو سوريين يللي عمتحكوا عن جيشنا البطل اللي عمينقتل من هالعرصات" وبدأنا جميعاً نصرخ مستنكرين، عندها تدخل أحد الضباط وأشار إليه بالصمت فصمت.

تابعنا الحديث مع الضباط، قلنا لهم إن المظاهرة لم تبدأ بعد، وأننا أتينا لنعبّر عن موقفنا بكل سلمية، وأن أشكالنا وهيئاتنا لا تدلّ على أننا سلفيون، فاغتاظ أحد الضباط وقال مهدداً بالحرف الواحد: "بتروحوا على رجليكن ولاّ منشوف شغلنا معكن...وانتو بتعرفوا شغلنا كيف؟"، فقلت للضابط: "ممكن لنعرف نحكي معك تبعّد هدلول اللي عميلوحولنا بالعصي قدامنا كإنهن حاملين قتّالة دبّان وجايين بدهن يقتلونا؟" فتوسعت عيناه دهشة وردّ بعصبية: "عمتقول قتّالة دبّان...عمتقول قتّالة دبان؟!!" (لم أعرف حتى اللحظة لماذا استفزّه هذه الكلمة رغم أنها تسيء إلينا لا لهم) فأجبته بسرعة: "شكلك يا سيادة العقيد واضح بدك تفتعل مشكلة"، ولم أكد أكمل جملتي حتى عاد الشبيح الأول ومعه العشرات من أمثاله وكان بينهم فتيات أشباه رجال وكنّ بشعات ومفتولات العضلات، وكان الجميع يلبسون نفس لباس زعيمهم، والتصقوا بنا وبدؤوا يهتفون بتحدّي "الله سورية بشار وبس" نظرنا في وجوه الضباط فلم نرَ فيها أية معالم تدلّ على أنهم يرفضون ما يحصل، فالتفتّ إلى زملائي ومباشرة انطلقنا نهتف بأعلى صوتنا "الله سورية حرية وبس" وكأنها كانت صافرة الهجوم، وفجأة بدأ الهرج والمرج واندفع إلينا عناصر الأمن بكل عنف وهمجية وبدؤوا يقبضون علينا والضباط يصرخون " هاتوا الباص...هاتو الباص" التمّ على كل منّا أكثر من 5 أشخاص وسحبوني لي أولاً ثم محمد ملص ثم أحمد ملص ثم البقية وجرّونا تحت جسر الميدان باتجاه الباص، أحد الذين مسكوني قال لي وهو يكزّ على ساعدي بعنف "بدك حرّية؟...هلأ مندوقك طعم الحرية بضيافتنا " قلت له: "بدي الحرية إلي وإلك" فردّ بغضب:"كول خرة"وهمّ ليضربني لولا أن أتى من الخلف عنصر آخر وهو يصرخ "قال العميد لا حدا يضربهن هون" فخفض يده مغتاظاً وتابع جرّي بعنف مع ثلاثة آخرين، في هذه الأثناء سمعت محمد ملص يصرخ من الخلف "الله أكبر...يا أهل الميدان... يا أهل الأشمر" فقام من يمسكوه بشدّ الشال الذي يلبسه على رقبته وكادوا يخنقونه، وقد رأيت بياض عيني محمد وهو يحاول عبثاً تنشّق بعض الهواء، وكاد يسقط أرضاً قبل أن يحلّوا الشال عن رقبته أخيراً....كان الهرج والمرج والصراخ يعمّ المكان، ومع وجود جسر الميدان فوقنا كانت الأصوات ترتدّ لتبدو مهيبة، رغم هذا الجو المهيب فقد كنت أراقب كل شيء لأنني أعلم مسبقاً أنني سأخرج لأكتبه، قررت التصرّف كصحفي يجب أن يكون دقيق الملاحظة، نظرت إلى البنايات المطلّة على الشارع فوجدت الجميع على الشرفات ينظر إلينا بأسف واضح، وثمة امرأة في العقد الخامس من عمرها تلبس ثوب الصلاة كانت تضع يدها على فمها رعباً وباليد الأخرى كانت تضرب بعنف شديد على حديد البرندة أمامها، صدقوني رغم ما بي فقد خفت أن تكسر يدها لأنها كانت تضرب بعنف شديد دون أن تشعر.

في هذه الأثناء جاء الباص من بعيد وتوقف بعنف في عرض الشارع الذي كان شرطي المرور قد قطع السير فيه، وبدؤوا بدسّنا في الباص وهم يشتمون " بدكن حرية يا ولاد الشر....؟"، في هذه الأثناء يقذفون بأحمد ملص وكان رأسه ينبع بالدماء التي ملأت وجهه، وكانت ثيابه ممزقة، وأجلسونا فوق بعضنا كعلبة سردين، باص مخصص لـ 12 شخصاً جلوساً وضعوا فيه حوالي العشرين، علماً أن هذه المساحة الضيقة كانت مقسومة بساتر حديدي على شكل زنزانة داخلية.

بالنسبة لمي سكاف كانت الوحيدة التي لم يقبضوا عليها، ربما لأنها فنانة ووجهها معروف، لكن مي كانت تركض وراءنا وتصرخ على عناصر الأمن "لك وين آخدينن...وين آخدينن...يخرب بيتكن هدلول سوريين...هدلول سوريين" إلى أن وصلت إلى الباص ودخلت عن طيب خاطر وصعدت وهي تنظر إلينا برعب إلينا كأم، هذا ما أستطيع أن أصف به وجهها حقاً، كان أحمد ملص ينزف بشدّة الكل أخذ يناوله المناديل، لكن الدكتور بلند اهتم به بشكل خاص ووضع المنديل على رأسه وضغط عليه طوال الطريق.

أغلقوا الباب الحديد علينا وانطلق الباص، بدأنا ننظر إلى بعضنا وكل منا يطمئن على الآخر، لم يكن أحدنا يشعر بأدنى خوف، كنّا قلباً واحداً وقد أزعجهم هذا كثيراً، في هذه الأثناء أحنيت رأسي تحت المقعد واتصلت بزوجتي علا ملص وأخبرتها بالتفاصيل أولاً بأول، رغم أنهم قالوا لنا مهددين أن أغلقوا الموبايلات، وكانوا يريدون سحبها منّا لولا أن المكان مزدحم جداً.

الناشطة مجدولين وهي محامية أخذت تصرخ: "بأي حق آخدينا....هاد انتهاك للقانون.؟"، فيجيبها ضابط برتبة رائد: " ما تحكي عالقانون وانتو خرقتوا القانون؟" فتردّ عليه مجدولين: "هلأ هدلول اللي كانو عميهتفوا بشار معهن ترخيص..، على مين عمتضحك؟؟" فقال لها أحدهم: اخرسي، فردّت عليه : "ما بسمحلك...احترم حالك" فصمت فعلاً، كنّا كلّنا مغتاظون، نظرنا لبعضنا وبدأنا بالإنشاد "حماة الديار عليكم سلام...أبت أن تذلّ النفوس الكرام" ولأنهم لا يستطيعون قول "اخرسوا" على إنشاد النشيد الوطني صاروا يصرخون: "خلص اسكتوا....اسكتوا حنوصل"، لكننا لم نسكت وأكملنا النشيد، ثم بدأنا نتحدّث عن البقية الذين كانوا سيأتون إن كانوا سيخرجون بالمظاهرة أو أنها انتهت على هذه الحال وكفى ، هذا ما كان يقلقنا فعلاً...أن لا تخرج المظاهرة.

بعد قليل وصلنا إلى فرع الأمن الجنائي بباب مصلىّ بدمشق، حيث كانت البنادق الروسية تطلّ من كل مكان، وكأنها تنتظر عدواً كاسراً يريد الهجوم عليها......سأتوقّف هنا اليوم



يمكنكم مشاهدة فيديو الاعتقال وإصابة أحمد ملص على الرابط:

http://www.youtube.com/watch?v=QZW0rfJeCFo

++++++++++++++++++++

غداً سأحدّثكم عما حدث داخل الفرع وكيف تم استقبالنا وكيف قام أحد الضباط بضربي وصفعي على خدي ولكمي على بطني، ثم توزيعنا على الزنازين وإذلالنا، بالإضافة للكثير من التفاصيل المثيرة الأخرى
(تم إجراء آخر تعديل على هذه المشاركة: 07-21-2011, 01:44 AM بواسطة بسام الخوري.)
07-21-2011, 01:43 AM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
بسام الخوري غير متصل
Super Moderator
******

المشاركات: 22,090
الانضمام: Feb 2004
مشاركة: #5
الرد على: آراء زملاء لي بالفيسبووك عن الثورة السورية
حسان المعري
الفساد في سوريا: باب رزق جميل!(1)
على مدرج الطائرة يصعب علي فعلاً أن أصف شعوري عندما نزلت إطارات الطائرة مؤذنة باقتراب هبوطها في مطار دمشق.. أكثر من ربع قرن من الغربة كانت كفيلة بأن تقضي على ما تبقى لي من مشاعر هرستها الغربة وبددتها في اتجاهات متباعدة، حتى أصبحت خليط غير متجانس من القهر، الشعور بالظلم، الحقد، الخوف، الترقب.. يلفها جميعها الشوق في غلالة وإن بدأت بيضاء ناصعة في ظاهرها، إلا أن باطنها لا يشي بذلك أبداً. أكثر من ربع قرن للاشئ، لا شئ على الإطلاق.. أفهم أنني أنتمي لأسرة معارضة، كانت معارضة، وقبل المعارضة كانت معارضة، وأخشى أنها ستسمر كذلك بفعل التراكم الجيني، وأفهم أن من يرث المغنم يرث المغرم أيضاً، لكن لا أفهم أبداً كيف يمكن لنظام في الدنيا أن يؤجج هو بذاته أوار الاعتراض عليه، ويصنع معارضيه بمهارة أكبر بكثير من صناعة أصدقائه، الذين بدأ بخسارتهم أيضاً. منظر مطار دمشق وما حوله من منشآت متواضعة ليس بالمنظر الجميل لمن يبحث عن الجمال، وفي حقيقة الأمر، كان اقتراب الطائرة من المدرج يزيد من قبح الشخوص التي بدأت تظهر على حقيقتها أكثر، إلا أن هذا المقياس لم يكن شاغلي أساساً، بقدر ما كانت تعصف بي رهبة اللحظة، فبعد قليل ستحتك أقدامي بأرض الوطن لأول مرة، وبشكل أعيه وأستطيع تلمسه بإدراك أكبر من ذلك الذي كان عندما غادرت الوطن فتىً يافعاً.. تلك لحظات كانت تساوي عمري كله، ما ذهب منه وما سيأتي. أعرف أن مسماراً صغيراً على مدرج المطار قد يأتي به حظي الذي أعرفه كأنفي تحت إطارات الطائرة، كان كفيلاً بأن يقضي على حلمي قبل حياتي ومن معي في الطائرة، للحظة بدأت أتخيل الأمر فعلاً، ليس خوفاً من المسمار العابث، بل عدم استيعاب للأمر برمته، إذ بالكاد بدأت أصدق أنني في مطار دمشق فعلاً. ولا يطول اغترابي.. فباطن مطار دمشق كان أقبح من ظاهره، سقف مستعار متهالك، بلاط بلاستيكي أكل من أحذية الركاب وأكلت هي منه، جهاز تكييف بالكاد يأخذ أنفاسه كعجوز أرهقه الزمن والتدخين، ووجوه ترهقها قترة، تتفرس الركاب بمشاعر مختلطة من الشك والطمع، الشك الذي تؤججه الطبيعة الأمنية المتطرفة التي شربوها في مهاجعهم مع شوربة العدس، إن كانت عدس فعلاً، والكمع في أن يتعثر أحد القادمين المنعمين من المغتربين بمعاملة ما ، ليلتقطها أحد الأشاوس وينهيها بمهارة لا تظهر إلا مع رأس حافظ الأسد المطبوع على الليراتـ، والذي يتبسم لنا ولهم بخبث، نعم، لقد حولتكم إلى أصنام تعكف على أصنام!. كأي مغترب عادي، عادي جداً، أو هكذا سولت لي نفسة الأمارة بالمواطنة، وقفت بالصف أمام كوة الضابط الذي يختم الجوازات بانتظار أن أشخص أمامه ليرميني بابتسامة عذبة، وبكلمات ترحيب تليق بمن لم يرَ الوطن منذ ربع قرن، إلا أن هذا لم يحدث: - إنت ليش واقف هون بالصف، روح راجع المحفوظات. تلقفت جواز سفري بذهول.. محفوظات يا حفظك الله؟ إنت صدقت إني مواطن؟ أحد عساكر المطار الذي كان يترقب - كغيره - زلة كتلك كما يترقب الغراب انجلاء المعركة، تقدم مني بأدب خبيث مصطنع: - أي أوامر إستاز.. ليش رجعك الضابط؟ - أبداً، وجهني للمحفوظات. - شِكلك ما بتعرفووو؟ - لا والله يا أخي، هاي أول مرة بجي على سوريا من شي تلاتين سنة. - إي بسيطة، عطيني هالجواز وغبلك شي ربع ساعة وتعال، بس لا تنسى خيك أبو حسين. إي على راسي أبو حسين.. فبذكائي السوري الذي يتمتع به كل السوريين، لم يكن صعباً علي أن أدرك كيف سأتذكر خيي أبو حسين.. لا بوردة، ولا ببوسة شارب أو كلمة شكر على المعروف الذي أولانا إياه خيي أبو حسين.. بل بما يفهمه أي سوري يقف بموقف مشابه.. في تلك اللحظة، ومع تلمس أصابعي لرأس حافظ الأسد الذي بدأ ينسل من محفظتي، زالت كل رومانسية اللحظة وما صاحبها من ذهول، وعادت لي ذاكرتي الوطنية، وبدأت جملتي العصبية بالاستجابة للمؤثر الحقيقي، وآمنت وصدقت أنني في سوريا.. في سوريا الأسد. يتبع
Von: حسان
07-25-2011, 10:59 PM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
بسام الخوري غير متصل
Super Moderator
******

المشاركات: 22,090
الانضمام: Feb 2004
مشاركة: #6
RE: آراء زملاء لي بالفيسبووك عن الثورة السورية
لأثر الرجعي للمسيرات "العفوية" ...رؤية ذاتية.....بقلم عبد الكريم أنيس




لن أفشي سراً إن تحدثت عن كيف تصنع المسيرات العفوية في بلادي، حيث كل شيء عفوي، بعيد عن التصنع وبعيد عن التكلف، وبإمكان المرء فيه أن يعبر عن كل ما يجول بخاطره من آراء سياسية بكل أريحية وبكل ندية.
لن أتكلم هنا عن المظاهرات كما سيطالب البعض، ويثور الآخر، والسبب ببساطة أن التلفاز الرسمي والرديف أشبعوها تجريحاً وتحليلاً وأسبغوا عليها من مفرداتهم اللبقة والأنيقة ما يجعل منها ومن المشاركين فيها مجرد خونة وشياطين وسفاحين وعصابات مأجورة, تستباح دمائهم لأنهم يحرضون على عدم الاستقرار في البلاد.
ما يحز في نفسي أن الجميع، موالاة ومعارضين, يعرفون كيف هي قصة المسيرات التي كانت تعقد في هذه البلاد, وكيف كانت ولا زالت تجمع الجموع وتحشد الحشود (على التفقد), وتزين الشوارع, وتحضر المواكب, ويتراقص في طول البلاد وعرضها الراقصون, ويدبك فيها الدبيكة على ألحان الأغاني الوطنية, ويتجرع فيها المحتشدون القادمون بعفوية وبكل طيب خاطر (لا أحد منهم على الإطلاق يتثاءب أو يلقط نائماً على الواقف), الخطابات الرنانة وحشو الكلام عن الانجازات التي حققها المسؤولون الأفاضل الكرام, الذين عجزت النساء السوريات عن إنجاب مثيل لهم في طول البلاد وعرضها, ولذلك تراهم ينتقلون من موقع لآخر دون أي اعتبار سوى لكمِّ الولاء للسلطات, ضمن منظومة وراثة المناصب أو القفز فوق القوانين التي تسوى بلحظات.

أما كيف يتم إسقاط الحالة الشعبية العفوية فعليك لزاماً أن تتابع جلسات مجلس السيرك السوري, حيث تجد كل ما له علاقة بانعكاس العفوية الصادقة والأمينة على أرض الواقع, فتلاحظ كماً كبيراً وهائلاً من الابتذال والمبالغة في إظهار مشاعر الولاء, وحالات الموهبة "التمثيلية" التي تخولهم دخول أحد فرق الرقص الشعبي بكل أريحية واحترافية.
دعونا نتساءل كيف يتم حشد المسيرات العفوية.... هل يحدث هذا في المؤسسات الرسمية التي تتبع للدولة والتي من المفترض أنها تعامل كل أفراد الشعب على قدر واحد من المساواة في الحقوق المترتبة عليها لهم, من حيث أن هذه المرافق هي مرافق مؤسساتية تمثل الشعب, كل الشعب, وأنه لا يجوز إطلاقاً وبتاتاً التعامل معها وكأنها ملكية خاصة مفرزة حسب الولاء السياسي بالبلاد؟
دعوني أسال دستورياً، هل يحق لأولئك أن يروجوا لآرائهم السياسية عبر حشد الحشود من الموظفين الرسميين لديهم وفي أوقات الدوام الرسمية؟ أليس هذا انتفاع يشخصن المؤسسات والمرافق العامة للدولة وفقاً للقناعات السياسية لبعض الأفراد فيها؟
لم يسلم المتظاهرون من تهمة قبض بعض الليرات السورية سواء تلك الضئيلة وبالعملة الوطنية ( لحد سندويشة الفلافل) أو تلك التي وصلت لبضع ألوف من الدولارات واليوروهات, ولكن الذي يتهم غالبية الخارجين بهذه التهمة, عليه أن يعلم أن موظفي القطاع الحكومي والذين نالوا ترفيعاً بالرواتب، هو بالمناسبة حقهم بالحصول على أجر كريم يتناسب مع الحال المعاشي، لكن هناك من تصرف من هؤلاء وهم كثر كأنهم حصلوا على "براني" وأصبحوا خرطوشاً بمسدس الحكومة يعادي كل من يسائلها عن الأخطاء, وينصبون من أنفسهم وطنيين شرفاء فوق الجميع ويوزعون صكوك البراءة على هذا وذاك.
لم أحسب يوماً أن العلم السوري الذي ينبغي أن يستفيء بفيئه كل السوريين قد أضحى مثار تفرقة بناء على الفرز السياسي بالانتماء, فقد أضحت سورية عند البعض تقاس بمدى طول العلم الذي شارك في حمله, وتضمحل بالمقابل كلما كان هذا العلم أقصر في أماكن أخرى!!! ناهيك عن حمل صور رئيس البلاد, الذي صدر مرسوم جمهوري يمنع فيه هذا الابتذال, لهذه الحالة التي تثير الاستياء.
بالمناسبة لا يوجد فقرة واضحة عن العلم السوري في دستور الثمانينات أرجو أن يتم التنبه لهذه الفقرة وتوضيح ما غيب فيها وإيضاحه بشكل مباشر، لأنه وحسب إحصائية قام بها أحد المواقع السورية، منذ فترة ليست بعيدة جداً، كانت نسبة الذين رفعوا العلم بشكل مقلوب ضمن مؤسسات الدولة كبيرة جداً وكان من المعيب أن بعضها قد أكل عليه الدهر وشرب!!!
سأحاول أن أصنف الفئات التي تنزل للمسيرات الـ"عفوية":
- أولها هم الأبواق والمتسلقون والطبول الفارغة حيث تجد هؤلاء السباقين لإقامة "الأعراس" الوطنية خصوصاً وأن هذا سيجلب "براني للجيبة" بموجبه يتم فتح حساب مفتوح ليس فيه تدقيق, حيث يعامل كبند من بنود التلفيات التي لا بد منها كي تظهر هذه المؤسسة أو تلك كل ما لديها من "طاقات" لإظهار الولاء السياسي للسلطات.
هؤلاء متواجدون منذ الأزل وسيظلون متواجدين لأنهم يتناسخون عبر الأزمان, ونسبة وجودهم هي ما تحدد حصيلة فساد سلطات ما وفق مقياس الشفافية في رصد التجاوزات والفساد في أي مؤسسة رسمية ما. هم أقرب للمهرجين, حين يطلب منهم التهريج وحتى وجودهم في أماكن عملهم ينبغي النظر فيه حسب المنفعة التي يقدمونها في تبادل عزائم الإفطارات والقهوة والشاي و"نتر التقريرات" و"طق البراغي" لتقديم صورة مخلصة من الحرص على نيل رضى "اللي فوق" غالباً هم المسؤولين عن التفقد للحضور "العفويين".
- يدعى لهذه المسيرات "العفوية" أيضا الكثير من السذج، كما يدعى جحا لأي احتفال، فهم لا قيمة لهم إلا بقدر ما تلهج حناجرهم بالثناء والدعاء للمسؤولين الأكارم أصحاب الانجازات, التي قلصت الحدود بين الطبقات, فتراهم يكيلون المديح بصدق بالغ السذاجة وهم لا يعرفون شيئاً عن حقوقهم ولا عن ما ينبغي أن يقدم لهم هذا الموظف الرسمي أو ذاك من خدمات لا تحتاج لكل هذا المقدار المبالغ فيه من الثناء. حين تعرف حالهم تصاب بلوثة من البكاء، هم فئة مسكينة تحزن من داخلك كلما وجدتهم أغرقوا بالبساطة, حتى لتجدن الفاسد من أولئك المسؤولين يرمقهم شزراً بصورة تصل حد القرف, ترى ذلك في قرارة نفسه, يدعو ويحوقل حتى ينتهي هذا السيرك عاجلاً ليس آجل فهو يعرف الطبخة وكيف تدار الأمور!!!
- المنتفعون من العامة الغوغاء حيث صار لافتاً أن كل مخالف وكل متاجر بالوطنية وكل أصحاب مخالفات البناء يتصورون أن منفعتهم الآنية في احتلال الساحات الرئيسية والأرصفة المخصصة للعامة وتعمير المزيد من الطوابق التي تزيد الوطن تشويهاً وتمزيقاً، هؤلاء تجد العلامة الفارقة أنهم يضعون صورة رئيس البلاد كحام بمقابل الانتفاع منهم بالزيادة العددية واستخدامهم كمشبحين نباحين في أوقات الحاجةً، فالقانون لديهم تحت مستوى هذه الصورة ومن يمثلها من سلطات تنفيذية!!!

- هناك منهم وفي هذه المرحلة بالذات شرفاء نال منهم الخوف من المجهول ووقعوا رهينة لإعلام يختزل كل ما يحدث في البلاد وفق رأي السلطات وأتخموا بالحديث اليومي عن المؤامرات وخافوا على سوريتهم من الضياع تلك التي ليس مثلها في كل البلاد, أولئك ترى منهم المكره على تقبل النفاق لأنه لا يثق بالطرف المقابل من الاحتجاجات, حيث يجد أولئك أن هذه التحركات شابها العنف والوقوع في الأخطاء ولكنهم يعلمون في قرارة أنفسهم أن هناك شيئاً كبيراً من حالة التقسيم الحالية لا يريدون الوقوع في جرمه, حين يجدون الدماء تسير في شوارعهم, وآخرون يتراقصون كما الأنعام بل هم أضل بعد أن أصاب منهم داء قلة الإحساس مصابه. ترى هذه الفئة مكرهة تجر نفسها جراً فهي تعلم أن الألم ألم كل السوريين وأن الفرح يجب أن يكون في حالة نصر مبين على عدو أثيم، تربيتهم تقول لهم أن يخفضوا من صوت مذياع إذا ما علموا بجار لهم مريض فكيف والوطن كله يعاني من حالة من الفوضى ويتم فيه القتل وأصبح فيه نازحين!!!

- لا يمكن أن ننسى الفئات العمرية التي لما ترشد بعد, وهي الأكثر من حيث الشرائح الشابة التي لا تعرف بعد نضجاً سياسياً أو نظرة شمولية على الأحداث المتوالية والمتداخلة, هؤلاء لم يعرفوا في حياتهم سوى عائلة واحدة حكمت البلاد, تتصرف هذه الشريحة وفق ما في البلاد من منظمات علبت وأطرت ولائهم للحزب الواحد والقائد الأوحد،هم بحاجة الكثير من الوعي الوطني, ومعرفة حقوق المواطنة, وكيف يجب أن تدار البلاد بعيداً عن الارتهان لشخص أو حكومة تتغير ويبقى تراب البلاد. يتم تحريك عواطف هؤلاء الشباب بتقديم صورة واحدة فقط مما يحدث في أطراف البلاد.

ترسخ هذه العفوية غير الصادقة حالة انحراف مسلكي وتزيد من حالة الفرقة وتفاقم من شدة فقدان الحس والضمير وخصوصاً عندما يتراقص أولئك المساكين، بقصد أو بدونه، فوق آهات الدم السوري المسكوب والمسفوح.إن كان المقصد من هذا المسيرات "العفوية" إرسال رسالة لخارج البلاد فالأولى أن تكون الرسالة لرص الصف بالداخل بدل المزيد من توجيه رسائل التخويف عن طريق استعراض الأعداد.
العفوية يا سادة تقتضي أن يكون هؤلاء قادرين على التعبير على اعتراضاتهم على وقائع يومية معاشة للحصول على خدمة وطنية رسمية أو خاصة بشكل محترم ومعقول لا مجرد تقديم شكاوي هي حبر على ورق, يبت الأمر فيها موظفون حكوميون فاسدون بدون إعمال وجهة نظر الصالح العام فيها للشعب, وهنا الغلبة تكون غالباً للفئة التي تمرر من تحت الطاولات بل وفوقها بكل وقاحة ما استشكل على هذا الطرف الاقتصادي الجهبذ أو ذاك حين يتناول الموضوع استثماراً حكومياً فوضته الحكومة بموجبه مشاريع تغدو مجرد احتكارات في ظل الاستئثار بها وتخصيصها بطرف دون آخر.

"البارحة، أثناء تشييع شهيد في دير الزور، أعلنت طفلة عمرها عشر سنوات انشقاقها عن منظمة طلائع البعث! هكذا كتب المفكر السوري ياسين الحاج صالح البارحة على جداره الالكتروني.
فهل سيصل إلينا يوماً حس كحال هذه الفتاة نتصرف فيه بعفوية بعيداً عن طقوس صناعة التخوين والكراهية والأدلجة المؤسساتية؟
08-13-2011, 01:30 PM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
بسام الخوري غير متصل
Super Moderator
******

المشاركات: 22,090
الانضمام: Feb 2004
مشاركة: #7
الرد على: آراء زملاء لي بالفيسبووك عن الثورة السورية
أي تغيير نريد في سورية..؟ بقلم: ميشال شماس
المحامي ميشال شماس : كلنا شركاء
خمسة أشهر مضت على الاحتجاجات التي تشهدها سورية سالت فيها دماء كثيرة واعتقالات واسعة، ووعود كثيرة بالإصلاح لم يتحقق منها شيء جوهري على أرض الواقع.. قوانين ومراسيم وقرارات كثيرة صدرت لم تغير من الأمر شيئاً،في ظل استمرار الحل الأمني، فالدم السوري مازال يسيل على أرض الوطن، ويستمر التضييق على حرية الناس..بالقمع والاعتقالات، ولم يعد هناك أمامنا متسع من الوقت للخروج من هذه الأزمة الوطنية التي تعصف بسورية بأقل الخسائر..
إن التغيير الذي يطمح إليه كافة السوريات والسوريين هو تغيير يقوم على قاعدة احترام حريات الناس وحقوقهم الأساسية، ولن يتحقق ذلك إلا من خلال دستور جديد يعيد صياغة العلاقة القائمة بين الدولة ومواطنيها على أساس عقد جديد يقوم على الالتزام الطوعي والاحترام المتبادل والمساواة بالمشاركة الفعالة لجميع السوريين في تحمل مسؤولية بناء الوطن، بعيداً عن أي ولاء قسري أو تهميش أو عزل أو إهمال، وهذا يتطلب أولاً وقف الاعتقالات وإطلاق سراح جميع اللذين اعتقلوا على خلفية مشاركتهم في التظاهرات، وإطلاق سراح من تبقى في السجون من معتقلي الرأي والضمير وإغلاق ملف الاعتقال السياسي نهائياً، ومحاكمة جميع اللذين تسببوا بعمليات القتل والتخريب أياً كانوا محاكمة علنية عادلة، وإعادة المظالم لأصحابها، وإطلاق الحريات العامة الأساسية للناس، ضمن إطار قوانين ديمقراطية تضمن حرية العمل السياسي والتعددية السياسية والحزبية والنقابية والإعلامية. فلا معنى لصدور قانون الأحزاب السياسية في ظل عدم النص على مبدأ تداول السلطة سلمياً الذي يعتبر وجوده جوهر الحياة السياسية والديمقراطية، ولا معنى لقانون الأحزاب في ظل بقاء المادة الثامنة من الدستور التي تسمح بهيمنة حزب واحد على الحياة السياسية، واحتكاره سلطة قيادة الدولة والمجتمع . ولا معنى لقانون ينظم عمل وسائل الإعلام ما لم يكون حراً ومفتوحاً أمام الرأي الأخر المختلف..
ولا بد من تعديل قانون الانتخاب بما يضمن وصول جميع ممثلي الشعب السوري الحقيقيين إلى البرلمان، ويعيد الاعتبار لمبدأ الانتخاب الحر والمباشر والسري في جميع المستويات، مع التأكيد خصوصاً على ترك الخيار للشعب أن يختار مرشحه لرئاسة الجمهورية من بين عدد من المرشحين تحت إشراف القضاء.إذ ليس من المعقول أن ينحصر الترشيح لرئاسة الجمهورية بدين وحزب معين يفرض مرشحاً وحيداً كي "يختاره" الشعب .
كما يجب إعادة النظر بوضع الأجهزة الأمنية وتقليص عددها وحصر مهمتها في مكافحة الجاسوسية وحماية أمن المواطن وسلامته، وحصر مهمة الجيش بالدفاع عن الوطن واستقلاله سيادته وتحرير الأراضي السورية المحتلة وحماية النظام الديمقراطي وتأكيد لحمته الوطنية بعيداً عن أي تمييز عقائدي أو سياسي أو فئوي. وذلك بضمان قيام سلطة قضائية ذات نظام قوي تتألف من رجال أكفاء نزيهون يتمتعون بالاستقلال المطلق تجاه السلطة السياسية، مع توفير الاحترام من قبل الحكام والمحكومين للأحكام التي تصدرها هذه السلطة القضائية، والتأكيد على مبدأ فصل السلطات واستقلال كل منها بوظائفها التي يحددها الدستور..
وبالتوازي مع الإصلاح السياسي، لابد من إصلاح الإدارة باعتبار أن الإصلاح السياسي والإداري يتكاملان مع بعضهما البعض، فهما وجهان لعملة واحدة لا يتحقق وجه الواحد منها إلا إذا كان ملتصقاً بالآخر.
ويشكل إصلاح الإدارة الطريق الأقصر إلى إصلاح مؤسسات الدولة . شرط أن يستند ذلك على قاعدة محاربة الفساد ومحاسبة الفاسدين أياً كانت مراكزهم ، وإصلاح أجهزة الرقابة التي أصبحت سيفاً مسلطاً على الكفاءات الوطنية الشريفة، وجعلها إدارة مستقلة بعيداً عن أي تدخل سياسي أو امني، وتحصينها ضد كل ترهيب أو إغراء. واعتماد مبدأ الكفاءة والنـزاهة في تعيين الموظفين خاصة في المراكز والمناصب المهمة، لأن المدير النظيف الكفء العادل هو الضمانة الكبرى لنجاح الإدارة وتحصينها ضد الفساد، لأن الإدارة الفاسدة هي التي تفسد المواطن، أما إذا صَلُحت الإدارة واستقام عمل مؤسساتها فسيؤدي ذلك بالنتيجة إلى قطع الطريق أمام الوساطات والولاءات، وسيختفي مشهد المواطنين وهم يتسكعون أمام أبواب المؤسسات العامة بانتظار استلام معاملاتهم التي سوف تنجز بوقتها المحدد بعيداً عن دفع الرشاوى لانجاز تلك المعاملات ..
وحيث أن هذا المواطن يدين بالولاء لهذه الدولة ، ويلتزم بالقوانين والأنظمة ، فمن واجب هذه الدولة بالدرجة الأولى أن تقدم لمواطنيها إدارة كفوءة ونزيهة وحيادية وعادلة تشرف على تقديم أفضل الخدمات التي هي حق لكل مواطن ومقيم على أرض الدولة ، مادام يلتزم بدفع قيمة تلك الخدمات على شكل ضرائب ورسوم لتلك الإدارة.
باختصار ، فإن عميلة الإصلاح والتغيير لا يمكن أن تكون موسمية أو منحصرة في جانب معين، بل هي عملية متكاملة مترابطة ودائمة، ولابد أن تشمل مختلف الجوانب، ويشكل إصلاح القضاء بما يضمن استقلاله ونزاهته وكفاءته المدخل الحقيقي لنجاح عملية الإصلاح ككل. وبجب أن يترافق ذلك مع تطوير مناهج التربية والتعليم في مدارسنا، وذلك بتقديم مواد تتدرج في أفق التربية على احترام القانون وحقوق الانسان، وإنشاء مقاعد في الجامعات تهتم بالقضايا الفكرية والسياسية والقانونية التي يطرحها موضوع حقوق الانسان في بلادنا والعالم، علنا نساهم في تكوين وعي حقوقي وأخلاقي ذو محتوى إنساني لدى الناس جميعا ً، بدءاً من البيت والمدرسة والجامعة والمعمل ..الخ ، وجعله منطلقاً وأساساً في بناء وتطوير وطننا وإعلاء رايته عالياً بين الأمم ، فما قيمة نصوص الدستور والقوانين إذا لم يقم على تطبيق تلك النصوص نقابة محامين حرة مستقلة وسلطة قضائية مستقلة كفأة وعادلة.
08-18-2011, 10:33 PM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
بسام الخوري غير متصل
Super Moderator
******

المشاركات: 22,090
الانضمام: Feb 2004
مشاركة: #8
الرد على: آراء زملاء لي بالفيسبووك عن الثورة السورية
Haytham Manna
اليوم تبلغ أهل الشاب عبيدة سعيد أكرم /23سنة/ بنبأ استشهاده
عبيدة أوقف بتاريخ 17 حزيران من الشارع من قبل الأمن و اقتيد لفرع الأمن العسكري بحمص و اليوم وصل خبر استشهاده تحت التعذيب على أيدي عناصر الأمن الفاشيين
ولن تسلم جثته حتى صباح الغد
المضحك المبكي في الموضوع أن والده كان أمين الفرقة الحزبية لسنوات في المؤسسة العامة للكهرباء بحمص وهو عضو مجلس مدينة سابق عن حزب البعث ورئيس قسم التأمينات الإجتماعية في الشركة
08-24-2011, 12:46 PM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  الثورة السورية والصراع السنّي - العلوي / إياد شربجي بسام الخوري 2 713 12-23-2013, 11:28 PM
آخر رد: بسام الخوري
  الثورة السورية the special one 0 854 08-23-2011, 07:55 PM
آخر رد: the special one
  مقالات عن الثورة الليبية بسام الخوري 6 5,303 03-10-2011, 02:42 PM
آخر رد: بسام الخوري
Wink استفزازيات الثورة Blue Diamond 3 1,907 02-11-2011, 11:54 PM
آخر رد: Blue Diamond

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS