رأيي
هناك تحامل على "الدين" و نقص موضوعية في النظر اليه.
فليس الدين وحده هو ما يسبب هكذا "أمراض" و صراعات داخلية أو مع المحيط.
كما أن الدين من ناحية ثانية يمد المتدين براحة نفسية و عقلية اذ يحميه من شقاء التساؤل و البحث و محاولات بناء عالمه الخاص بنفسه. لأن كل شئ مجهز له قبل أن يولد. و هذا كثيرا ما يكون مصدر سلام داخلي و توازن نفسي.
و لذلك يعتبر علاجا نفسيا في بعض الحالات و على طريقة "ألا بذكر الله تطمئن القلوب" (بغض النظر عن هل هو علاج أم أداة لاجهاض تساؤل مشروع أو أزمة تبحث عن مخرج حقيقي أو تغريب للمتدين عن العالم كله) فهو يفعل فعله لدى المتدين. كم نسمع مأزوما يقول لك: توضيت و صليت لي ركعتين أو قعدت و قرأت القرآن و كم هدأت و ارتحت. أو "بعد صلاة الاستخارة انتهت حيرتي و الحمد لله اذ عرفت أي خيار آخذ و قلبي مطمئن الآن". أنا مرة ذهبت الى طبيب نفسي لمساعدتي في التعامل مع ال stress و بعد أن سمع الشورت ستوري عن الضغوط و اذا به يقول لي: استهدي بالله و روقي كدة و أكثري من الصلاة و قراءة القرآن و اصبري و ربنا سبحانه بيقول بعد العسر يسرا
سيبك انت من ردة فعلي
بس هذا الرجل اعتبر أن الدين نجح معه و مع آخرين و لذلك أوصاني به.
ثانيا:
اقتباس:ان الدوجما الدينية الملقمة منذ الصغر يمكن ان تشكل ضغطا نفسيا يبقى تأثيره سنوات حتى بعد ترك الدين.
في رواية "سنوات الحريق" للعراقي "حمزة الحسن" يتعارف عراقيان مشردان عن بعد و يقرران بعد فترة أن يلتقيا شخصيا بسفر أحدهما الى المدينة الأوربية التي يعيش فيها الآخر. و يصل ألآخر المطار و يعرفه صديقه دون عناء. فيسأله عن السر ليجيب أنه كان يبحث بين المسافرين القادمين عن انسان يمشي و يتطلع خلفه و على جانبيه خوفا و قلقا. يقصد انه ملاحقة المخابرات البعثية لا زالت متمكنة من الذاكرة رغم مرور السنين. و هذا لا علاقة له بالدين.
اقتباس:اجبار الطفل على الذهاب الى الجامع او الكنيسة لايظهر انه جريمة. غير ان الضرر الحقيقي يتجلى عندما ينضم الطفل لاحقا الى جماعات متطرفة او مغلقة تملك مفاهيمها وطقوسها الخاصة، بما فيها طقوس التحفيز على الانتهاكات.
المؤسسات الدينية تملك مصلحة في منع النقد واعطاء تصورات وكأن كل الامور بخير، في حين ان السيطرة على الارادة والاعتداءات العاطفية هي في الواقع قيم شائعة في ممارسة المتنفذين من اتباع الاديان الرئيسية.
و الأنظمة الشمولية تفعل نفس الفعل و لها مصلحة في المنع و تشكيل التصورات و التحفيز على الانتهاكات بخلق نماذج و صور منها.
اقتباس:هي المعاناة النفسية التي يعايشها الانسان عند قراره بترك سيطرة شخص (رئيس طائفة دينية) او دوجما دينية والعمل على معالجة الاضرار النفسية لهذا الخروج. هؤلاء الناس يمكن ان يتحطم عالمهم الشخصي والمعاني التي كانوا يعايشونها على انها قيمة حياتهم او الايمان بشخص او رموز وتصورات كانت عزيزة الى حد الخضوع والانتقال من مجتمع ونمط حياة ممتلئ بالوصاية الى مجتمع يمتلك فيه المرء القرار.
في الوقت الذي يكون فيها العالم القديم يتآكل يكون التآكل نفسه بفعل بذور العالم الجديد. هناك تقويض و بناء في نفس الوقت. لا يتحطم العالم القديم دفعة واحدة كما تقول المقالة. و طبيعي أن المرحلة الجديدة عالم مجهول يعج بالتساؤل و ينتظر الأجوبة و يشكل مصدر اضطراب توازن معرفي و نفسي. و هذا لا يحدث فقط في حالات ترك الأديان بل أي ثقافة جمعية استلابية. قلت لنفسي من الممكن أن هذا المقطع المقتبس يتكلم عن صدمة تحدث ردة فعل قاسية و اضطراب و اعادة تقييم لدى المتدين. لكني استبعدت ذلك لأن الدكتورة تتكلم عن "قرار".
اقتباس:Religious Trauma Syndrome or RTS:
هي المعاناة النفسية التي يعايشها الانسان عند قراره بترك سيطرة شخص (رئيس طائفة دينية) او دوجما دينية والعمل على معالجة الاضرار النفسية لهذا الخروج
هذه المعاناة ليس سببها الدين ذاته. بل هي من خصائص الانتقال و التغير. حتى الطلاق يسبب هكذا معاناة و حتى الانتقال جغرافيا من منطقة للعيش في أخرى.
اقتباس:اولا، التعاليم والتطبيقات يمكن ان تكون قاتلة عاطفيا وروحيا وتسبب ، للفرد، اضرار عقلية ونفسية تبقى طيلة الحياة.
القتل العاطفي و الروحي يأتي من كل أشكال الاستلاب و الهيمنة. ف"آنا كرنينا" مثلا لم يقتلها خروج من دين لآخر بل خروج على ثقافة مجتمع. و الدين نعم يسبب اضرار عقلية و نفسية لكن حاله حال غيره هو ثقافة و مصدر استلاب و و اخضاع و وسيلة هيمنة.
اقتباس:والمصابين يملكون اربعة اختلالات رئيسية:
خلل معرفي، Cognitive:
صعوبة في إتخاذ القرار والتفكير النقدي، والتفكك وإرتباك الهوية.
خلل وجداني، Affective:
معاناة من القلق والخوف والتفكير في الانتحار والغضب والحزن والشعور بالذنب والشعور بالوحدة وإفتقاد المعنى.
خلل وظيفي، Functional:
اضطراب النوم والاكل ورؤية كوابيس والعجز الجنسي واستخدام المهدئات.
خلل اجتماعي ثقافي، Social/cultural:
تمزق شبكة الاسرة والقضايا الاجتماعية والعمل وضغوط مالية ومشاكل في إعادة التلائم، وعدم ثقة بالنفس.
كل هذه الأعراض ليست وقفا على ترك الدين فنحن نجدها مثلا عند بطلة "وليمة لأعشاب البحر" التي تجرعت مرارة ما مرت به الجزائر بعد كل التضحيات و البطولات و الشهداء. و كانت شيوعية. و السبب سياسي و لا علاقة له بالدين من قريب أو بعيد.
اقتباس:شدة الامور تعتمد على الكثير من العوامل، ولكن الجماعة الاكثر تعرضا للخطر هي التي تترك الدين، وتضطر لمغادرة عالمها، وتملك عواطف باقية في الدين، وتنحدر من جماعة دينية شديدة السيطرة.
لا ليست الجماعة التي تترك الدين هي الأكثر تعرضا للخطر. الأمر نسبي. هل كان يهم صدام ان كنت متدينا أو ضاوي العالي
؟ لكن الويل كل الويل لمن لا يؤمن بوحدانية القيادة البعثية للعراق (و سوريا) أو من لا يؤذن ب "الله أخضر" عند القذافي أو يفند بعض هلاوس نجاد أو غيرهم.
و ثانكس على الموضوعات الدسمة و الممتعة.