{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
أسئلة العروبة والقومية
ابن نجد غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 1,890
الانضمام: Mar 2004
مشاركة: #1
أسئلة العروبة والقومية
لا مفر من الاعتراف بأن الوطن العربي يواجه في زماننا مأزقا حادا، لم يسبق أن صادف مثيلا له. ذلك أني لا أعرف مرحلة في تاريخ المنطقة اجتمعت فيها عناصر تهديد كيان الأمة، كتلك التي اجتمعت في الظروف الراهنة. أخص بالذكر

في هذا الصدد ثلاثة عوامل هي:


رياح العولمة القوية والكاسحة، بما استصحبته من ثورة في الاتصالات تجاوزت الحدود واخترقت الحواجز. ومن ثم مكنت الأقوياء من فرض إرادتهم وبضاعتهم ومصالحهم على عوالم الضعفاء، بل ومكنتهم أيضا من بسط نموذجهم الحضاري على ثقافات الآخرين. الأمر الذي فتح الأبواب واسعة لامبريالية جديدة قامت هذه المرة على الإغواء بأكثر مما قامت على الإكراه.


تفرد الولايات المتحدة الأمريكية بقيادة النظام الدولي، الذي أصبح يقوم على إرادة القطب الواحد، الأمر الذي أدخل العالم في طور جديد اختل فيه التوازن الذي ظل قائما طيلة سنوات الحرب الباردة بين القطبين الكبيرين، الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة، اللذين قادا المعسكرين الشيوعي والرأسمالي. وقد أدى انهيار الاتحاد السوفييتي وغيابه عن الساحة الدولية إلى تنامي النزعة الامبراطورية لدى الولايات المتحدة التي روج لها نفر من الباحثين والمنظرين ومنهم الذين تحدثوا عن نهاية التاريخ وصراع الحضارات، ونادوا بأن يكون القرن الميلادي الجديد هو قرن الولايات المتحدة، الذي تبسط فيها إرادتها على العالم، ولا تسمح لأي قوة أخرى أن تتحداها أو تنافسها، وهي الأجواء التي شجعت على ظهور “المحافظين الجدد” في الولايات المتحدة ممن غدوا الأكثر حماسا لتبني تلك الأطروحات، وهذه ترجمت في العديد من برامج العمل والدراسات البحثية التي توالى صدورها خلال عقد التسعينات، مباشرة بعد انهيار الاتحاد السوفييتي وسقوط حائط برلين. وشاءت المقادير أن تقع أحداث 11 سبتمبر/ أيلول التي وفرت فرصة نادرة لتفعيل تلك المخططات من خلال ما سمي بالحرب ضد الإرهاب، حيث استثمرت تلك الحرب في مد الأذرع الأمريكية إلى مختلف أنحاء العالم، بتركيز خاص على العالمين العربي والإسلامي، بهدف بسط الهيمنة وإخضاع الآخرين. وتراوحت الوسائل التي اتبعت في ذلك بين الدعوة إلى إعادة رسم خريطة المنطقة “من خلال مشروع الشرق الأوسط الكبير” وإعادة صياغة العقلين العربي والإسلامي “من خلال تغيير برامج التعليم وسياسة الإعلام”، وبين الغزو العسكري المباشر، كما حدث في الحالة العراقية.


العامل الثالث الخطير الذي أسهم في صناعة المأزق تمثل في انهيار النظام العربي وهشاشة الأوضاع السياسية والثقافية في العالم العربي، وهو ما استصحب حالة من الهزيمة الحضارية، أشاعت قدرا لا يستهان به من الضعف والانكسار، ومن ثم الانصياع والقابلية للتشكيل، هذا الضعف شكل إغراء إضافيا لقوى الهيمنة شجعها على المضي قدما في التغول ومحاولة بسط الهيمنة.


طوال تاريخ الاستعمار كانت القوى المهيمنة تحرص على إخضاع الشعوب التي تحتلها بمختلف السبل، التي تراوحت بين القهر العسكري والقهر الثقافي. ورغم أن القهر العسكري لا يزال قائما في زماننا، في الحالتين العراقية والفلسطينية مثلا، إلا أنه يظل استثناء لا يلجأ إليه إلا في حالة الضرورة القصوى. ذلك أن ثورة الاتصالات بتقنياتها الجبارة وحالة الضعف الشديد المهيمنة على الأنظمة العربية، وفرتا ظروفا مواتية للغاية لممارسة القهر الثقافي والحضاري دونما حاجة للجوء إلى أساليب القهر العسكري.


من ناحية أخرى، فإن لافتة الحرب على الإرهاب فتحت شهية قوى الهيمنة لكي تتطلع إلى تفكيك خلايا العافية في العالم العربي، وهي بذلك تضرب عصفورين بحجر واحد، فمن ناحية يساعدها ذلك على إعادة صياغة منظومة القيم السائدة بما يؤدي إلى إضعافها وخلخلتها، ومن ثم إعادة تشكيلها على النحو الذي يخدم المصالح الغربية، ومن ناحية ثانية فإن ذلك التفكيك بإجهاضه للعناصر الرافضة للانصياع يوفر فرصة ممتازة لاستدامة الخضوع والامتثال للإرادة الغربية.


على سيبل المثال فإنه إذا ظلت العروبة عقبة في طريق تنفيذ مخططات الشرق أوسطية التي تدمج “إسرائيل” في المنطقة، أو مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي يكرس إلحاق المنطقة وإخضاعها للسياسة الأمريكية، فإنه يصبح مطلوبا إزالة تلك العقبة بكل السبل أو إضعافها وإنهاكها عند الحد الأدنى.


وإذا ظل الإسلام ملهما للمقاومة في فلسطين والعراق أو غيرهما، وإذا بقي مرجعا لمقاومة الظلم والتمرد على القهر الثقافي والحضاري، فإن تشويهه أو اختراقه وتفريغ قيمه من مضمونها، يغدو هدفا يتعين السعي لتحقيقه أيضا بكل السبل.


“السبل” التي أشرت إليها لا حصر لها، وخلخلة الانتماءين العربي والإسلامي لها ألف باب، وهو ما تدل عليه خبرتنا خلال السنوات الأخيرة التي اشتدت فيها الحملات على الانتماءين، تارة من خلال إذكاء النزعات القطرية والصراعات العرقية والخلافات المذهبية، وتارة أخرى من خلال الازدراء بقيم الوحدة وتخريب أي جهد يستهدف العمل العربي المشترك، وتشويه كل ما له صلة بالعمل القومي والوطني. ذلك فضلا عن اتهام العروبة بالانغلاق والعنصرية وتوليد الاستبداد، الأمر الذي يراد له أن يؤدي في نهاية المطاف إلى الانخلاع من العروبة وإعلان البراءة من قيمها ومفرداتها. وهي الخطوة الأولى على طريق الانسحاق الثقافي والحضاري، ومن ثم القبول بمخططات إعادة التشكيل، والالتحاق بمنظومة القيم والسياسات الأمريكية، باعتبار أن الانخلاع من العروبة هو المقدمة الطبيعية للارتماء في أحضان المنظومة الغربية، وفتح الطريق للتطبيع مع “إسرائيل”.

الحاصل على صعيد الانتماء العربي تكرر مع الانتماء الإسلامي، حتى بمفهومه الثقافي والحضاري، وغني عن البيان أن حملات التنفير من الإسلام تواصلت خلال السنوات الأخيرة على النحو الذي يعرفه الجميع، الأمر الذي لم يعد ينافسها فيه سوى التنفير من العروبة.


في هذا الصدد لا أستطيع أن أتجاهل هنا الأخطاء والممارسات التي صدرت عن قيادات وأنظمة رفعت لواء العروبة وأساءت إليها، أو الأخطاء المماثلة التي وقعت فيها أنظمة وجماعات انتسبت إلى الإسلام وكان لها دورها الذي لا ينكر في الإساءة إليه، لكننا ينبغي أن نفرق بين أخطاء تتداعى النخبة إلى تصحيحها دفاعا عن الثوابت وحفاظا على نبل القيمة وشرف الأمة، وأخطاء تستثمرها قوى معادية في الداخل والخارج لخلخلة الثوابت وهدم القيمة وإقصائها بهدف تيسير تركيع الأمة وإخضاعها.

هذا الذي نقوله ليس مجرد افتراضات أو انطباعات متأثرة بفكرة “المؤامرة”، ولكنه استقراء للواقع المعاش، سواء على مستوى الفعل أو التفكير أو التنظير. فالعراق الجديد الذي صمم تحت الرعاية الأمريكية أُريد له أن يكون منقوص العروبة، وقانونه الأساسي الذي صدر في ظل الوضع المستجد اسقط النص على عروبة البلد، وأشار فقط إلى أن الشعب العربي في العراق جزء من الأمة العربية، و”السودان الجديد” يصمم بنفس المواصفات، حتى قامت قيامة ممثلي الجنوب حين أعلن أن الخرطوم عاصمة للثقافة العربية، ولم يرتح لهم بال إلا حين رفعت الملصقات من الشوارع واستبدلت بها أخرى تحدثت عن الخرطوم عاصمة للثقافة فقط. فضلا عن ذلك فثمة جهود معلنة لمنظمات أمريكية نشطت في السودان لإحياء اللهجات المحلية واعتبارها لغات، وكتابتها بالحروف اللاتينية. وكانت فرنسا وراء إنشاء الأكاديمية “الأمازيغية” التي احتضنتها في باريس. وأبناؤها الأوفياء في الجزائر الذين مارسوا مختلف الضغوط المشروعة وغير المشروعة لمحاربة العربية لغة وانتماء، ونجحوا في إضعاف التعريب وفرض الأمازيغية لغة ثانية حتى أصبحت “ضُرَّة”! للعربية، وما حدث في الجزائر يكاد يتكرر الآن في المغرب.


تلك الجهود الغربية التي تبذل للنيل من عروبة الأمة على صعيد الانتماء أو على صعيد اللغة واللسان، تعد من تجليات تفكيك الهوية العربية وتقليصها، ولئن جرى إشهار الخطوات التي تمت على صعيد اللغة، إلا أن محاولات تفكيك بقية عناصر الهوية والتمهيد للالتحاق الحضاري بالنموذج الغربي تمارس على مستويات أخرى وبوسائل أخرى، وما تغيير مناهج التعليم، وبرامج المنظمات الأهلية التي تعتمد على التمويل الأجنبي، ومحطات البث التلفزيوني والإذاعي الأمريكية التي أنشئت في السنوات الأخيرة، إلا بعض تلك الوسائل التي تصب في ذات الوعاء.


في هذا الصدد فإنني اذكر بما سبقت الإشارة إليه، من أن الشعور بالهزيمة المهيمنة على عناصر النخب السياسية في العالم العربي -سواء كانت في الحكم أو في العمل السياسي الأهلي- مثّل ظرفاً مواتياً بدا مستعداً للتفاعل إيجابيا مع عملية التفكيك الجارية. بكلام آخر فإن سياسات وضغوط تفكيك الهوية من جانب قوى الهيمنة باتت تحقق مرادها بسهولة في المرحلة الراهنة، نظرا لشيوع حالة “القابلية للتفكيك” في أوساط النخب المذكورة.


بين يديّ نص يسلط بعض الضوء على الإسهام “الإسرائيلي” في إحداث التفكيك، الذي أريد به هدم فكرة “الأمة” العربية، من خلال شرذمة مكوناتها وإحياء النزعات العرقية التي تحيل المنطقة إلى مجرد شعوب متساكنة بجوار بعضها بعضا، تتقاطع فيها الانتماءات وتتعارض الهويات، الأمر الذي يقطع الطريق في نهاية المطاف على فكرة الأمة أو الوحدة العربية، (المؤلف اعتبرها خرافة). هذا النص ورد في كتاب لأحد ضباط المخابرات “الإسرائيلية”، العميد متقاعد موشي فرحي، حول “إسرائيل” وحركة تحرير جنوب السودان، وقد أصدره في عام 2003 مركز ديان لأبحاث الشرق الأوسط وأفريقيا، التابع لجامعة تل أبيب.


تحت عنوان “التحالف مع الأقليات العرقية والطائفية في الوطن العربي”، كتب ضابط المخابرات “الإسرائيلية” يقول: السياسة “الإسرائيلية” المنسقة نحو الأقليات -التي اعتمدت في بداية الخمسينات- ارتكزت على مبدأ استعماري معروف، وهو مبدأ: “فرق تسد”، وهذه السياسة -كما أفاض في شرحها وتفسيرها كل من “رؤبين شيلواح وايلياهو ساسون وموشى شاريت”-استهدفت العمل على تشتيت الطاقة العربية إما عن طريق افتعال المشاكل مع الدول الغربية عبر دول الجوار غير العربية، أو من خلال التحالف مع الأقليات التي تعيش في تلك الأقطار: كالأكراد في العراق، وسكان جنوب السودان، والموارنة في لبنان، والدروز والأكراد في سوريا، والأقباط في مصر وأقليات أخرى في دول عربية مختلفة.

إن نظرة متأنية وثاقبة إزاء الجهود “الإسرائيلية” في هذا المضمار -السرية منها والعلنية- لتؤكد أن “إسرائيل” جندت الخبراء المتخصصين في مجال العلاقات مع هذه الأقليات بهدف شحذها وتحفيزها على التمرد والانفصال وإقامة الكيانات العرقية الخاصة بها، فقد جندت الحكومة “الإسرائيلية” كلا من رؤبين شيلواح، ويؤرام نمردوي، واوري لوبراني، ومردخاي بن فرات، وشوشانا اربيلي للتحرك وإجراء الحوار مع الأكراد، وأسندت إلى كل من “ايلياهو ساسون” و”ايسر هرائيل” -وكان رئيس جهاز الموساد- التعامل مع الأقليات في كل من سوريا ولبنان.


لقد توخت “إسرائيل” من وراء تبني مبدأ دعم الأقليات العرقية -التي تعيش في عدد من الأقطار العربية- إلى تحقيق سياسة “فرق تسد” واتخاذها أسلوب عمل باعتبارها انجح الأساليب والوسائل لتفتيت الوطن العربي من خلال خلق كيانات انفصالية. وكانت الدوائر “الإسرائيلية” تأمل في إعادة توزيع القوى في المنطقة على نحو يجعل منها مجموعة من الدول الهامشية المفتقدة لوحدتها وسيادتها، مما يسهل على “إسرائيل” -وبالتعاون مع دول الجوار غير العربية- مهمة السيطرة عليها الواحدة تلو الأخرى في ما بعد.


مما يؤكد ذلك، أن جميع حركات التمرد التي فجرتها الجماعات الإثنية والطائفية استمدت الدعم والتأييد والإسناد من كل الأجهزة “الإسرائيلية” التي أنيطت بها مسؤوليات تبني هذه الحركات الانفصالية، كالحركة الانفصالية الكردية في العراق، وحركة التمرد في جنوب السودان.


ويعتبر هذا المحدد الأخير -الخاص بالأقليات- من الأهمية بمكان في فهم واستيعاب الاستراتيجية “الإسرائيلية” إزاء المنطقة العربية، والتي من خلالها يتم تشجيع وحث الأقليات في المنطقة في التعبير عن ذاتها إلى درجة الحصول على حق تقرير المصير والاستقلال عن الدولة الأم -أيا كانت طبيعة هذه الأقليات من حيث الحجم والنوعية- ولا شك في أن مثل هذا المنطق كان هدفه الأساسي تأكيد -أو السعي لتأكيد- حقيقة أن المنطقة العربية ليست كما يؤكد العرب دوما أنها تشكل وحدة ثقافية وحضارية واحدة، وإنما هي خليط متنوع من الثقافات والتعدد اللغوي والديني والإثني. وقد اعتادت “إسرائيل” تصوير المنطقة على أنها فسيفساء تضم بين ظهرانيها شبكة معقدة من أشكال التعدد اللغوي والديني والقومي، ما بين عرب وفرس وأتراك وأرمن و”إسرائيليين” وأكراد ودروز ويهود وبروتستانت وكاثوليك وعلويين وصابئة وشيعة وسنة وموارنة وشركس وتركمان وآشوريين.. الخ.


وبالتالي فإن المنطقة ما هي إلا مجموعة أقليات وانه لا يوجد تاريخ موحد يجمعها، ومن ثم يصبح التاريخ الحقيقي هو تاريخ كل أقلية على حدة، والغاية من ذلك تحقيق هدفين أساسيين:


أولهما: رفض مفهوم القومية العربية والدعوة إلى الوحدة العربية، فتبعا للتصور “الإسرائيلي” تصبح القومية العربية فكرة يحيطها الغموض، إن لم تكن غير ذات موضوع على الإطلاق، وقد برز في هذا المجال اتجاهان، واحد يتحدث عن خرافة “الوحدة العربية”، وتبعا لهذا الرأي فإن العرب يتحدثون عن أمة واحدة ولكنهم يتصرفون كدول متنافرة، وان ما يجمع هذه البلاد اللغة والدين، وهما ما يجمعان بعض الشعوب الناطقة بالإنجليزية أو الاسبانية دون أن يخلق منها أمة واحدة، وان ما يجمع دول افريقيا اللاتينية، على سبيل المثال، أكثر بكثير مما يجمع البلاد العربية. أما الاتجاه الثاني فيعترف بوجود القومية العربية بمعنى وجود مجموعة روابط ثقافية وعاطفية وتاريخية بين العرب، ولكن هذا الاتجاه يفصل بين ذلك وبين الدعوة إلى الوحدة العربية التي يعتبرها مستحيلة.


ثانيهما: تبرير شرعية الوجود “الإسرائيلي” - الصهيوني في المنطقة، التي هي وفق هذا التوجه خليط من القوميات والشعوب واللغات، وتصور قيام وحدة بينها هو ضرب من الوهم والمحال، ومن ثم فإن النتيجة المنطقية هي أن تكون لكل قومية من هذه القوميات دولتها الخاصة بها، وفي هذا الإطار تكتسب “إسرائيل” شرعيتها، باعتبارها إحدى الدول القومية في هذه المنطقة.


إذا أردنا أن نتصارح فينبغي أن نقر بأن الآخرين بما يفعلونه يتحرون مصالحهم ويدافعون عن استراتيجيتهم، ولا لوم عليهم في ذلك، إنما اللوم يظل من نصيب الطرف العربي المعني إذا وقف متفرجا على هذا الذي يحدث، أو اكتفى بفضح وإدانة ما يفعله الآخرون، ولم يكف عن إثبات أن الحق على “الطليان”! إزاء ذلك فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو: ما الذي على العرب أن يفعلوه، وعلى الإعلام بوجه أخص أن يقوم به دفاعا عن العروبة والقومية؟


في الإجابة عن السؤال تبرز ثلاثة أمور أحسبها من الأهمية بمكان، أولها مدخل أراه ضروريا، يتعلق بمفهوم العروبة ذاتها، ذلك أنني أزعم بأن من بين ما أساء كثيرا إلى العروبة وشوه صورتها، أن اغلب العروبيين تعاملوا معها باعتبارها انتماء عرقيا ينضوي تحته ذوو الأصول العربية، باختلاف أقطارهم وقبائلهم، وحين طرحت العروبة بذلك المفهوم فإنها تحولت إلى عصبية منغلقة، وإلى عنصر طارد لآخرين كثيرين من غير العرب، الذين عاشوا قرونا طويلة في أحضان العالم العربي، ومن هؤلاء البربر والفرنج والكرد والتركمان.


ليس ذلك فحسب، وإنما أصبح ذلك المفهوم عنصرا مشجعا للآخرين على الانسلاخ من الأمة، والتعلق بهوياتهم العرقية الخاصة، باعتبار أنهم ليسوا اقل شأنا من “العرب” وكان ذلك مدخلا للتفتيت حاول الآخرون استغلاله، كما رأينا في الخطاب “الإسرائيلي”.


هذا الموقف يمكن تصويبه إذا تعاملنا مع العروبة باعتبارها رابطة ثقافية وليست عرقية، وهو الفهم الذي أرساه الإسلام، إذ في الحديث النبوي: ليست العروبة منكم بأب وأم، ولكنها اللسان، بالتالي فكل من نطق العربية وتمكن منها عُدَّ عربيا بامتياز، وقد كانت خلية الإسلام الأولى تضم بلال الحبشي وصهيب الرومي وسلمان الفارسي، ورغم أن أصولهم العرقية ليست عربية إلا أن وجودهم في الجزيرة العربية وتشبعهم بثقافتها، جعلهم يصنفون ضمن أئمة العرب والمسلمين، وهو ما حدث مع آخرين كثيرين على مدار التاريخ الإسلامي.


الإشكال يحل بهذه الطريقة التي بها يتسع الصدر لاستيعاب الأعراق والأجناس الأخرى في عباءة العروبة دون إقصاء أو حساسية، إذ اللغة في هذه الحالة لن تكون لغة العرب، وإنما هي قبل ذلك لغة القرآن الكريم الذي يؤمن به ويتعبد به كل المسلمين، فضلا عن كونه الوعاء الثقافي للأمة، وغني عن البيان أن اعتماد ذلك المفهوم الثقافي للعروبة لا يعني على الإطلاق استبعاد لغة كل فئة أو إلغاءها، حيث يظل لكل جنس أو عرق آخر يعيش في كنف الأمة أن يعتز بلغته الخاصة. ولأن الهوية مركبة ومتعددة الطبقات، فلا ضير ولا غضاضة في أن يكون للمرء لغتان، بحيث يجمع بين العربية كلغة أم تمثل أحد القواسم المشتركة بين أهل كل الأقطار، ولغته الخاصة التي توارثها عن آبائه وأجداده، وتتعامل بها “جماعته”.


أهمية هذا المدخل -أكرر- تكمن في انه يطهر العروبة من شبهة العصبية والانغلاق، ويجعلها رحبة ومفتوحة على كل مكونات الأمة وأطيافها، فضلا عن انه يجعل من اللغة وشيجة تعزز الترابط في المجتمع العربي، وتقطع الطريق على الذين يحاولون اختراقه وتفتيته في ذلك الباب على الأقل.


الأمر الثاني الذي أراه هو إغلاق باب اللعب على التمايز المفتعل بين العروبة والإسلام، وفض الاشتباك بالتالي بين التيارين العلماني والإسلامي، وأحسب أن المدخل الثقافي للتعاطي مع فكرة العروبة يسهم بصورة نسبية في حل الشق الأول من المعادلة، إذ في هذه الحالة تصبح العروبة مفهوما حضاريا، وليس عرقيا أو عنصريا، يتفاعل مع الإسلام ولا يتصادم معه.


أما في ما يتعلق بالتيارين الإسلامي والعلماني، فينبغي أن ندرك أن استمرار الشقاق بينهما سيظل مصدرا لتفتيت الأمة وإهدار مصالحها العليا، الأمر الذي يقدم هدية مجانية ثمينة إلى كل المتربصين بها، الساعين إلى إضعافها وتركيعها، وأحسب أن ثمة تناميا ملحوظا في ذلك الإدراك المنشود، تجلى في تأسيس المؤتمر القومي الإسلامي الذي ولد منذ عدة سنوات ويعقد اجتماعات دورية كل عام، لكنه لا يزال جهدا نخبويا لم يتحول إلى تيار شعبي بعد.


أدري أن ثمة متطرفين على الجانبين يعمقون من المفاصلة والشقاق، وذلك يمثل تحديا يتعين على “المعتدلين” أن يتصدوا لإحباط مقاصده بكل قوة وحزم، أدري أيضا أن ثمة اختلافا في المرجعية وفي المقاصد النهائية بين الإسلاميين والعلمانيين، لكن ذلك الاختلاف ينبغي أن يوظف في إثراء الخبرة وليس في المفاصلة أو تفجير العلاقة.


وليس ثمة شك في أن انسياب العلاقة سيكون متاحا بشكل أفضل كثيرا بقدر ما يبتعد الإسلاميون عن التشدد والغلو والجمود من ناحية، وبقدر نجاح القوميين في استبعاد الربط التلقائي بين القومية والعلمانية، أو بين العلمانية والليبرالية، ذلك أن التسليم بمثل ذلك التلازم يضع عقبات أو حواجز تحول دون تحقيق التواصل والتفاعل المنشود، فأن تكون قوميا لا يشترط بالضرورة أن تكون علمانيا، وليس صحيحا من الناحية النظرية والعملية أن العلمانية وحدها باب مؤدّ بصورة تلقائية إلى الليبرالية، وفك مثل هذه الارتباطات يفتح الباب أمام تفاعل واسع النطاق، يسمح للإسلامي بأن يكون قوميا وليبراليا في نفس الوقت، ويسمح للقومي أن يتواصل مع الإسلام دون حساسية أو خصومة.


وحين يحدث ذلك فإن مساحة المشترك بين الطرفين ستتسع وتغتني ويصبح “الاحتشاد الوطني” حقيقة واقعة، وإذا كانت المرجعيات والمقاصد النهائية قد اختلفت بينهما، فإن الهموم الآنية والمرحلية مشتركة لا ريب، ولا شك في أن التعاون في ما هو مرحلي يوفر فرصا أفضل لتعزيز القدرة على مواجهة التحدي ومن ثم للتوصل إلى تفاهم قائم على الاحترام المتبادل في ما يخص المستقبل.


الأمر الثالث هو أن ذلك كله لن تكون له قيمة إلا إذا ترجم على ارض الواقع إلى نموذج حي لمجتمع ديمقراطي له نموذجه الحضاري المستقل، الذي تحترم فيه حريات الناس وكرامتهم. بسبب من ذلك فإن الاحتشاد الوطني الذي تحدثت عنه ينبغي أن يضع الديمقراطية والاستقلال الوطني على رأس أهدافه باعتبارها من ضرورات البقاء والصمود أمام رياح الاقتلاع ومحاولات التركيع، فضلا عن أنها من القيم والمقاصد التي لا يختلف عليها أي وطني شريف. بكلام آخر فإن الاحتشاد الوطني ينبغي أن يوظف لمصلحة النضال الديمقراطي، ومن ثم لمصلحة تجاوز الهزيمة السياسية والحضارية، لأجل النهوض بالأمة والانخراط في مجرى التاريخ.


أخيرا فإن النخبة الوطنية المثقفة ومنابرها المتاحة تتحمل مسؤولية تاريخية في هذا الصدد، من حيث إنها ينبغي أن تشحذ همتها وتلقي بكل ثقلها في الدفاع عن الاحتشاد الوطني والنضال الديمقراطي، الذي به وحده يمكن الحفاظ على الوجود أمام إعصار العولمة الكاسح، ولئن تخلت أغلب الأنظمة العربية عن القيام بذلك الدور، فإن النخب المثقفة تصبح خط الدفاع الأخير، الذي إذا تخاذل أو سقط فسوف يجرفنا الطوفان جميعا.


* فهمي هويدي

__________

الأقليات.. «حصان طروادة» لاختراق وتفكيك الأمة




قبل سنوات، كتب مستشار الأمن القومي الأمريكي الأسبق زبيجنيو بريجنسكي سيناريو متخيلا لمستقبل المنطقة العربية في القرن الحادي والعشرين قائلا: «سيكون هناك (شرق أوسط) مكون من جماعات عرقية ودينية تتحول الى كانتونات عرقية يجمعها إطار كونفيدرالي بما يسمح «للكانتون الإسرائيلي» ان يعيش في المنطقة بعد ان تصفى فكرة القومية العربية». تذكرت هذه الأطروحة لبريجنسكي في ضوء الأحداث العاصفة التي بدأت تلهب الساحة العربية من العراق شرقا الى السودان جنوبا وغربا في دارفور، والتي تتحرك على إيقاع واحد هو تغذية النعرات الانفصالية للأقليات والمجموعات العرقية والطائفية والدينية لتنسلخ عن بلدانها أو لتثير الاضطراب وعدم الاستقرار في ربوعها. ولم يكن مدهشاً ان نجد هذه الهبة الغربية الاستعمارية التي اعتدنا ان نراها منذ العهد الاستعماري لترفع شعارات «حماية الأقليات» في البلدان العربية لتتخذ من ذلك ذريعة للتدخل في الشئون الداخلية، ومطية لتنفيذ مخططاتها الرامية الى تمزيق الكيان العربي وتقوية شوكة اسرائيل في المنطقة. إن الإصرار على صياغة مستقبل هذه المنطقة من منظور «الشرق الأوسط» وآخر الصياغات في هذا الشأن هو المشروع الذي طرحته إدارة بوش عن «الشرق الأوسط الكبير أو الواسع» أنما يعني إصراراً أمريكياً على تقويض الهوية الثقافية والحضارية الجامعة لهذه المنطقة والمتمثلة في «الهوية العربية» وما تجسده من ثقافة وقومية عربية، ومحاولة استبدال هذه الهوية بهوية فضفاضة وفسيفسائية عنوانها «الشرق الأوسطية»، حيث لا يمكن لها ان تكتمل إلا بتمزيق وتفكيك وتفتيت المنطقة الى سلسلة لا نهائية من الكيانات القزمية على أسس دينية وعرقية ومذهبية وطائفية واثنية. والمدخل لذلك هو النفخ في قضية «الأقليات»، واللعب على المعزوفة الاستعمارية القديمة، وهي «اضطهاد الأقليات» في بلاد العرب والمسلمين، ليكون ذلك مدخلاً لتضخيم قضايا الأقليات وتصبح مسألة «الأقليات» بمثابة «حصان طراودة» الذي تقتحم به اسرائيل وأمريكا قلاع النظام العربي لتخترقه وتفتته من الداخل، وتمزقه الى كيانات قزمية صغيرة تشكل البيئة الإقليمية المواتية لتحقيق أهداف مشروع «الشرق الأوسط الكبير» في الهيمنة والإخضاع الاستعماري والسياسي والتحكم الاستراتيجي في كل تفاعلات المنطقة الراهنة والمستقبلية. ان طرح مسألة «الأقليات» ارتبط عادة بمشاعر تتسم بالسلبية بالنسبة للعقل العربي، لأنه اقترن دوماً بمحاولات استعمارية خارجية للتدخل في الشئون الداخلية العربية وإثارة الفتن الطائفية والعبث بالاستقرار من ناحية، ومن الناحية الأخرى، كان التركيز على مسألة الأقليات عنواناً لمحاولة عرقلة الطموحات العربية في السير باتجاه الوحدة الكبرى، ومحاولة خلق مشاكل قومية وعرقية داخلية تبعد الأنظار عن الهدف الأكبر للأمة في التوحد وحشد كافة الطاقات وضمان تكريس الوحدة الوطنية. وفي هذا السياق، فإن مفهوم الأقلية نفسه يثير كثيراً من الحساسيات سواء لدى الأقلية أم الأغلبية في المجتمع العربي. فالشعور السائد، غالباً، لدى الأفراد والجماعات التي يتم تصنيفها على أنها «أقلية» أو «أقليات» في المجتمع ان ذلك يعني وجود وضعية يتم فيها انتقاص حقوق ومصالح وتطلعات هذه الأقلية في المجتمع والدولة. وبالنسبة للأغلبية فإن طرح مسألة الأقليات يثير الشبهات لأنه يعني التركيز على أمور تقود الى تقويض الوحدة الوطنية والمساس بالاستقرار والسلام الاجتماعي. وفي مصر مثلاً، فإن الحديث عن «الأقباط» كأقلية يثير غضب المسلمين والأقباط على حد سواء، لأنه يعني محاولة إثارة نعرات التفرقة بين عنصري الأمة المصرية التي جسدت ثورة 1919 نموذجاً لتلاحمهما ووحدتهما الوطنية. وللسياسي المصري القبطي مكرم عبيد مقولة تاريخية تجسد هذا المعنى حين قال: «أنا مسيحي في ديني، مسلم في وطني». فالأقباط في مصر يعتبرون جزءً من السبيكة الحضارية والنسيج الاجتماعي للمجتمع المصري، وهناك صعوبة في ان تميز بين القبطي المصري والمسلم المصري إلا عندما يدخل ذاك الكنيسة والآخر المسجد، نظراً للتماثل والتشابه الكبير في الملامح والعادات والأذواق واللغة. ومنذ سنوات رفضت الجماعة الثقافية المصرية عقد مؤتمر ثقافي حاول تنظيمه أحد المراكز البحثية «مركز ابن خلدون»، عن موضوع الأقليات، لأنه طرح مناقشة مسألة الأقباط على أنها أقلية، وقد قاد هذه المعارضة الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل. ومؤخراً، عبر الدكتور اسامة الباز مستشار الرئيس المصري للشئون السياسية، مجدداً، عن هذا الموقف الوطني والحضاري عندما كرر لوفد من الكونجرس الأمريكي يمثل ما يسمى «لجنة الحريات الدينية» الرفض المصري للنظر الى أقباط مصر على أنهم «أقلية». والحقيقة ان الإصرار على إثارة مسائل الأقليات في الوطن العربي، إنما يعود الى استراتيجية إسرائيلية-أمريكية لإعادة صياغة الخريطة السياسية للمنطقة العربية، على نحو يكون فيه حماية أمن ومستقبل إسرائيل، من ناحية، وتأكيد هيمنتها الإقليمية من ناحية أخرى. إذ تتصور إسرائيل أنها لا يمكنها البقاء طويلاً، في المنطقة، إذا نجح العرب في تحقيق وحدتهم القومية، وظلوا يشكلون الكتلة السكانية والقومية الكبرى في المنطقة. ومن هنا انبثقت المخططات الصهيونية منذ السنوات الأولى لتأسيس الكيان الصهيوني، نحو العمل باتجاه تكريس الانقسامات داخل المجتمعات العربية. وتحدث بن جوريون وموشي شاريت في الخمسينيات عن كيفية قيام إسرائيل بالمساعدة على قيام دويلات طائفية وعرقية داخل الدول العربية تكون حليفاً لإسرائيل، ومن هنا جاءت فكرة إنشاء «الكيان الماروني المسيحي في لبنان» منذ ذلك الحين والتي بوشر بتنفيذها خلال السبعينيات والثمانينيات، لكنه مشروع أخفق في النهاية بفضل المقاومة السورية واللبنانية لذلك. غير أن ذلك، لم يدفع اسرائيل الى التراجع عن هذا المخطط، وتعددت الدراسات والاستراتيجيات الإسرائيلية في هذا الشأن، وقد كشفت النقاب عن ذلك دراسة أعدها الباحث الاستراتيجي الإسرائيلي عوديد بينون حملت عنوان «استراتيجية اسرائيل في الثمانينيات» والتي تحدثت بوضوح عن أن مستقبل اسرائيل انما يكمن في تحويل المنطقة العربية الى «موزاييك متنوع» من الكيانات الصغيرة والدويلات القزمية التي تقوم على أسس عرقية وطائفية ودينية ومذهبية وتغذية النزعات الانفصالية للأقليات في البلدان العربية، باعتبار ان ذلك سيضفي على وجود اسرائيل كدولة دينية شرعية سياسية وإقليمية باعتبارها كدولة يهودية قامت على أساس ديني ستكون جزءً من منطقة مليئة بالكيانات الدينية والدويلات الطائفية والعرقية والمذهبية. ومن هنا، كان التصور الاستراتيجي لإسرائيل هو ان تعمل بكل قوة لإقامة كيانات مارونية ودرزية وشيعية في لبنان، وتقسيم العراق الى ثلاث دويلات كردية في الشمال وسنية في الوسط وشيعية في الجنوب. ويواكب ذلك تعزيز نزعات انفصال الجنوب في السودان وتقسيمه على أسس عرقية، وتشجيع اقامة دويلة للأقباط في صعيد مصر، وللبربر في شمال الجزائر، وتقسيم الجزيرة العربية على ذات النهج الطائفي والمذهبي. وبالنسبة للعراق بالذات، تحدثت وثيقة عوديد بينون قائلة: «في العراق سوف يكون التقسيم الإقليمي والطائفي متاحا، ويمكن أن تقوم ثلاث دول أو أكثر حول المدن العراقية الرئيسية: البصرة (جنوب) وبغداد (وسط) والموصل (شمال). ومن هنا، رأينا كيف رأت إسرائيل في الاحتلال الأمريكي للعراق، فرصتها التاريخية التي انتظرتها طويلاً لتطبيق مخطط تقسيم العراق، فشجعت أمريكا على اتباع سياسات تحرك النزعات العرقية والطائفية كان برهانها تقسيم السلطة على أساس عرقي وطائفي كما حدث في مجلس الحكم الانتقالي ثم في الحكومة الانتقالية، يضاف الى ذلك، تحريض الطوائف العراقية الأخرى مثل التركمان والكلدان والصابئة على المطالبة بحقوق ثقافية وسياسية في الواقع العراقي الجديد. وقد كشف الصحفي الأمريكي الشهير سيمور هيرش عن خبايا التغلغل الإسرائيلي في منطقة كردستان، والتحالف الصهيوني مع جماعات كردية لتغذية المطالب الكردية الرامية إلى الانفصال، فإسرائيل لا تريد للعراق ان يعود كياناً موحداً، وهناك شكوك بأن أصابع الموساد الإسرائيلي تقف وراء إثارة الاضطرابات الكردية في سوريا، وتفجير الكنائس المسيحية في العراق بهدف خلق أجواء من الاضطراب تهيىء لتفجير النزعات الطائفية والعرقية والخلافات المذهبية في كل من العراق وسوريا. وهناك تقارير تتحدث عن العلاقات الوثيقة لإسرائيل مع حركة التمرد بزعامة قرنق في جنوب السودان، ودعم حركة التمرد أيضا في دارفور. ولعل النصيحة الخالدة التي يمكن ان توجه الى جميع الجماعات العرقية والطائفية والمذهبية في المجتمعات العربية، هي ألا تربط مصيرها بالمخططات الصهيونية والأمريكية المشبوهة مهما تكن إغراءات اللحظة الراهنة، التي يبدو فيها العرب في حالة ضعف وانقسام وتراجع استرايتجي، وتبدو اسرائيل وأمريكا في قمة التفوق العسكري والسياسي والاستراتيجي. ورغم أن قيادات كردية كثيرة نفت وجود روابط مع اسرائيل أو جود تعاون مع مخططات صهيونية لتقسيم العراق، إلا ان المأمول في كل الأحوال ان يستفيد الأكراد من دروس «التجربة المارونية الفاشلة» في لبنان. فالشعب العربي لن ينسى لأية جماعة عرقية أو طائفية أو مذهبية ارتباطها بمخططات اسرائيل، وتلك ستكون سقطة تؤثر على مستقبل تلك الجماعات في داخل الوطن العربي الكبير. غير، ان كل هذا، يفرض ضرورة ان يتجه العرب لبلورة استراتيجية لكيفية احتواء مشاكل الأقليات في المجتمعات العربية، وعدم إهمالها أو تجاهلها أو محاولة إنكارها، بعد ان أصبح التدخل في الشئون الداخلية للدول رغم تناقضه مع مبادىء القانون الدولي التي تحض على احترام سيادة واستقلال الدول، أمراً متداولاً في النطاق الدولي وتتبناه بالذات القوى الدولية الغربية الكبرى وخاصة أمريكا وبريطانيا باسم «حق التدخل الإنساني» وخاصة بعد أن أصدرت الأمم المتحدة عام 1992 ميثاق «حماية حقوق الأقليات» في العالم. وفي هذا السياق، وانطلاقاً من مبدأ «بيدي لا بيد عمرو»، يتعين على العرب أن يقلعوا عن النهج الذي اتبعوه منذ الاستقلال وحتى يومنا هذا، وهو رفض الحديث فيما بينهم عن المشاكل المحتملة لمسألة الأقليات داخل المجتمعات العربية. فالملاحظ، ان العرب قد صحوا فجأة ليجدوا مشكلة تهدد أمنهم القومي في غرب السودان اسمها «دارفور» وأصبحوا مواجهين باحتمال تدخل أو غزو عسكري لبلد عربي آخر هو السودان نتيجة تفجر مشكلة «دارفور» وجوهر مشكلة هذا النهج، ان الدول العربية تتستر على هذه المشكلات الداخلية حتى تنفجر، كما أن الدول العربية الأخرى تخجل أو تتعمد عدم إثارة هذه المسائل مع شقيقاتها العربيات خوفاً من الاتهام بالتدخل في الشئون الداخلية أو «التطفل السياسي» في شأن داخلي. وهو الأمر الذي يكشف عن وجود أجواء غير صحية في معالجة قضايا الشأن العربي يدفع ثمنها جميع العرب في نهاية المطاف وليس البلد العربي المعني بالمشكلة وحده، لأن انفجار أية مشكلة للأقليات في أي قطر عربي يهدد في النهاية الأمن العربي ككل، ويفتح جرحاً لاختراق النظام العربي والتدخل الأجنبي في الشئون الداخلية للمجتمعات العربية. وفي كل الأحوال، هناك ثلاثة مداخل أساسية تشكل قاعدة أية استراتيجية عربية لمعالجة مسائل الأقليات في المجتمعات العربية يمكن بلورتها في الآتي: أولا: مفهوم المواطنة فالمواطنة ركيزة أساسية ليس فقط لمعالجة مسائل الأقليات ولكن لبناء المجتمعات العربية على أسس حضارية عصرية تكفل في نهاية المطاف تحقيق التكامل القومي، وحماية الوحدة الوطنية. وتقوم هذه الفكرة على أساس المساواة الدستورية بين المواطنين كافة أمام القانون بغض النظر عن الاختلاف في أصولهم الدينية أو المذهبية أو القبلية أو العرقية. فالجميع مواطنون متساوون في الحقوق والواجبات أمام القانون، وهو الأمر الذي يدحض أي تفاوت أو تمييز على أساس عرقي أو طائفي أو قبلي، ويشعر الجميع بالولاء والانتماء لوطن مشترك، الجميع شركاء في بناء حضارته، والجميع يستفيد من عوائد تنميته. وفي هذا السياق، فلابد من الاستفادة من ثمار الفقه الإسلامي الحديث المستنير الذي وضع نهاية للجدل حول وضعية المسيحيين بالذات في المجتمعات العربية، إذ اعتبر أن من المهم التوقف عن وصفهم بأنهم «أهل ذمة» أو «ذميون» واعتبارهم «مواطنين» كاملي الأهلية يتمتعون بحقوق المواطنة كافة، فالإسلام أقر قاعدة ان أهل الذمة لهم ما لنا وعليهم ما علينا، وأن مسألة «أهل الذمة» أصبحت قضية تاريخية كانت مطروحة في صدر الإسلام لظروف أملتها ضرورات آنذاك. أما اليوم، فحقوق المواطنة يتمتع بها كل من يحمل جنسية وطنه بغض النظرعن ديانته مسلماً كان أم مسيحياً، كما أن المسيحيين باتوا يؤدون خدمة العلم أو الخدمة العسكرية في جيش الوطن أسوة باخوانهم المسلمين في تحمل مسئولية الدفاع عن الوطن، ولم يعودوا بحاجة الى «دفع الجزية»، كما انهم يدفعون في المجتمعات التي تفرض الضرائب ما يتقرر عليهم من ضرائب للدولة أسوة بباقي أفراد المجتمع. وبالتالي فقضية أهل الذمة أو دفع الجزية أصبحت مسألة منعدمة، ومن يصرون على إثارة المسألة وفق هذا المنظور إنما يقدمون تفسيراً غير واقعي وغير عصري للإسلام، ويصرون على مناقضة مفهوم «المواطنة» الذي أضحى أساس بناء الوحدة الوطنية في المجتمعات المعاصرة. ثانيا: الديمقراطية والتعددية الثقافية فاحتواء مسائل الأقليات ينبغي ان ينطلق من قاعدة أن التنوع الثقافي والديني والمذهبي هو مقوم ثراء للمجتمع وليس عنصر ضعف، وفي إطار من التسامح الفكري والديني والثقافي يستطيع المجتمع تحقيق مقومات تعايشه الحضاري. فالاعتراف بالاختلاف أو بالآخر المختلف ضرورة أملتها حكمة الخالق الذي شاء الاختلاف بين الناس أولا، وأملتها ضرورات الحياة في المجتمعات المتنوعة، فالدين لله والوطن للجميع، والناس جميعا، إما أخوة في الدين أو أخوة في الخلق، ولهذا فلا ينبغي ان يكون الاختلاف في المعتقدات أو المنابت والأصول العرقية وإما القبلية والاجتماعية عموماً حائلاً دون التعايش الأخوي والإنساني والحضاري. فكل يؤدي دوره في بناء المجتمع على قاعدة المواطنة، وتكفل الديمقراطية الاعتراف بهذا التنوع الثقافي وإدارة الحوار بين الجماعات المختلفة كافة في المجتمع، والسماح لها بالتعبير عن هويتها الثقافية والسياسية والدفاع عن حقوق المنتمين لها في إطار يكفله القانون والممارسة الديمقراطية بعيداً على أي قمع أو اضطهاد. وحين يشعر الجميع أنهم قادرون على التعبير عن هوياتهم الثقافية ومطالبهم الاجتماعية المتنوعة في إطار مجتمع ديمقراطي حر، فسوف تزول تلك الشوائب التي تثير الحساسية وتولد الاحتقان وتقود الى الشعور بالاغتراب عن المجتمع أو عدم الانتماء الى الوطن، لأن الجميع يكونون قادرين على التعبير عن هوياتهم ومطالبهم وأشواقهم بكل حرية في مجتمع حر تعمه قيم التسامح والتعايش الحضاري بين طوائفه وفئاته كافة. ثالثا: التنمية المتوازنة. وهي ضرورة تفرضها طبيعة المجتمعات التي تتسم بحالة من التوزيع الجغرافي والتركز السكاني لمجموعات معينة من السكان في أقاليم معينة، مثل حالة «جنوب السودان» الذي تسكنه غالبية مسيحية وأقوام وثنية، أو حالة الشمال الكردي في العراق، أو المنطقة الأمازيغية «البربرية» في شمال الجزائر (منطقة القبائل). فهناك حاجة ماسة، لأن تقوم سياسات التنمية على ضرورة ان تحظى هذه الأقاليم التي تمثل بشكل أو بآخر تركزا بشريا لأقليات سكانية بعينها باهتمام تنموي يساوي «على الأقل» ما تحظى به الأقاليم الأخرى التي تقطنها الأغلبية السكانية. وذلك، حتى لا يقود الشعور بالحرمان أو الأحساس بعدم العدالة أو الإنصاف في اقتسام الثروة أو توزيع عوائد التنمية الى تغذية مشاعر التمرد أو الرغبة في الانفصال عن الوطن الأم، والتي عادة ما تستغلها القوى الأجنبية ذريعة للتحريض على التمرد والمطالبة بالاستقلال. ولابد أن نعترف ان الحكومات العربية فيما بعد الاستقلال لم تنتبه جيداً الى التداعيات المتوقعة لهذه الاحتمالات، واتبعت سياسات تنموية لا تتسم بالتوازن بين الأقاليم، الأمر الذي راكم مع السنين شعوراً بالغبن الاجتماعي والاقتصادي والتنموي قاد تالياً الى نزوع للتمرد والانفصال (مثل حالة جنوب السودان) وأيضا «جنوب لبنان» قبل الحرب الأهلية. ومن هنا، الأهمية البالغة لتلافي هذه الأخطاء مستقبلاً وإعادة التفكير في سياسات التنمية على نحو ديمقراطي متوازن إقليميا وعادل اجتماعيا، لأن هذا هو السبيل لسد الذرائع أمام التدخلات الأجنبية وبناء مجتمعات عربية عصرية قادرة على تحقيق التكامل القومي والحفاظ على وحدتها الوطنية على أسس حضارية وإنسانية وديمقراطية سليمة. الاختراق الصهيوني للشخصية العربية (1) مجدي ابراهيم محرم مؤتمر الصحافيين المصريين يطالب برفض محاولات الاختراق الأمريكي .

*عبد المالك سالمان


(تم إجراء آخر تعديل على هذه المشاركة: 05-06-2008, 11:27 PM بواسطة ابن نجد.)
05-06-2008, 11:20 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
سيستاني غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 3,809
الانضمام: May 2006
مشاركة: #2
أسئلة العروبة والقومية
المد القومي الامازيغي في الحالة المغربية لم يكن وليد دعم خارجي كما يحاول فهمي هويدي و سالمان ان يحكما على الظاهرة باسقاط نماذج الاقليات الشرقية على الوضع في بلاد المغارب . تحريك المطالب الثقافية كما انطلق الامر اساسا و تسييسها في ما بعد كان بايعاز من الحكم لصد المد الاسلامي في المجتمع و الجامعة المغربيين بعدما فشل رهانها على اليساريين لكي يتولوا هاته المهمة ( هاته الوصفة تستعمل بطريقة او باخرى في كل الانظمة الشرقية منذ أيام السادات ) .
حتى عراب الحركة الثقافية الامازيغية و أباها الروحي لم يكن سوى مدير المعهد المولوي ( الثانوية التي يدرس بها الامراء و صفوة من ابناء الاعيان و المتفوقين المختارين بعناية ليكونوا رفاق دراسة لولي العهد و باقي افراد الاسرة الحاكمة ) ، المهم حصلت انفلاتات و بروز حالات شاذة لخطابات فاشية مغرقة في الشوفينية و العربوفوبيا تحولت الى اسلاموفوبيا فيما بعد ، اغلب مناضلي الحركة الامازيغية و مناضلوها في شقها الثقافي جرى احتواؤهم في اطار المعهد الملكي للثقافة الامازيغي و هذا اطار انشأه النظام بغية بلورة مطالب الحركة في الاعتراف بالامازيغية كلغة رسمية و ادماجها في اسلاك التعليم و الاعلام ، اما بقية لغربان الفاشية الشاردة فتحولت للعمل السياسي من خلال انشاء حزب عنصري هو الحزب الديمقراطي الامازيغي الذي كان بوقا لكل الخطابات العنصرية و لمعاداة القضايا العربية بشكل مجاني و في نفس الوقت الدعوة للتطبيع مع اسرائيل ، هذا الحزب فرخ جمعيات للصداقة الامازيغية الاسرائيلية في مناطق نفوده كجمعية سوس العالمة للصداقة الامازيغية اليهودية و جمعية الذاكرة المشتركة للصداقة الريفية الاسرائيلة ، و هنا تحركت مسطرة وزارة الداخلية لمنع الحزب بدعوى قضائية للمحكمة الادارية بحله لخرقه لميثاق تأسيسه الذي صيغ بشكل ملتبس و متحايل على قانون الاحزاب الذي منع قيام احزاب على اساس عرقي ، لغوي أو ديني ، مسطرة واجهتها قيادة الحزب بزيارة جماعية لتل ابيب اجتمعت خلالها بأعضاء في الحكومة الاسرائيلية و ممثلين للاتحاد الاوروبي كانوا في زيارة هناك حيث تحدثوا عن اضطهاد يمارس ضد الشعوب الاصيلة في المغرب من طرف اقلية عربية مهيمنة في خطوة للضغط على القضاء و الحكومة المغربيين و الايحاء بتدويل القضية .
المهم صدر قرار من المحكمة الادارية بحل الحزب و رموزه الان يجتمعون بممثلين عن السفارة الامريكية و خارجيتها في الرباط عساهم يضغطون على المملكة للتراجع عن قرار المنع و لا اظنها ستتراجع من غياب اي رد فعل شعبي احتجاجي بل اغلب ردود الافعال حتى الامازيغية منها كانت مرحبة بالحل .
يعني بخلاصة في الحالة الامازيغية المغربية كان هناك سعي لطلب الاحتضان من لدن امريكا و الغرب بعد التأسيس بزمن و لحسن الحظ ووجه الامر بفتور ربما يرجع الى انضباط التلميذ المغربي للاجندة و التعليمات الامريكية دون ان تحتاج هاته الاخيرة لرفع أي عصا من أي نوع .
(تم إجراء آخر تعديل على هذه المشاركة: 05-07-2008, 01:10 AM بواسطة سيستاني.)
05-07-2008, 12:53 AM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
عاشق الكلمه غير متصل
فل من الفلول
*****

المشاركات: 6,017
الانضمام: May 2007
مشاركة: #3
أسئلة العروبة والقومية
Array
[size=4]على سيبل المثال فإنه إذا ظلت العروبة عقبة في طريق تنفيذ مخططات الشرق أوسطية التي تدمج “إسرائيل” في المنطقة، أو مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي يكرس إلحاق المنطقة وإخضاعها للسياسة الأمريكية، فإنه يصبح مطلوبا إزالة تلك العقبة بكل السبل أو إضعافها وإنهاكها عند الحد الأدنى.
وإذا ظل الإسلام ملهما للمقاومة في فلسطين والعراق أو غيرهما، وإذا بقي مرجعا لمقاومة الظلم والتمرد على القهر الثقافي والحضاري، فإن تشويهه أو اختراقه وتفريغ قيمه من مضمونها، يغدو هدفا يتعين السعي لتحقيقه أيضا بكل السبل.
“السبل” التي أشرت إليها لا حصر لها، وخلخلة الانتماءين العربي والإسلامي لها ألف باب، وهو ما تدل عليه خبرتنا خلال السنوات الأخيرة التي اشتدت فيها الحملات على الانتماءين، تارة من خلال إذكاء النزعات القطرية والصراعات العرقية والخلافات المذهبية، وتارة أخرى من خلال الازدراء بقيم الوحدة وتخريب أي جهد يستهدف العمل العربي المشترك، وتشويه كل ما له صلة بالعمل القومي والوطني. ذلك فضلا عن اتهام العروبة بالانغلاق والعنصرية وتوليد الاستبداد، الأمر الذي يراد له أن يؤدي في نهاية المطاف إلى الانخلاع من العروبة وإعلان البراءة من قيمها ومفرداتها. وهي الخطوة الأولى على طريق الانسحاق الثقافي والحضاري، ومن ثم القبول بمخططات إعادة التشكيل، والالتحاق بمنظومة القيم والسياسات الأمريكية، باعتبار أن الانخلاع من العروبة هو المقدمة الطبيعية للارتماء في أحضان المنظومة الغربية، وفتح الطريق للتطبيع مع “إسرائيل”.

الحاصل على صعيد الانتماء العربي تكرر مع الانتماء الإسلامي، حتى بمفهومه الثقافي والحضاري، وغني عن البيان أن حملات التنفير من الإسلام تواصلت خلال السنوات الأخيرة على النحو الذي يعرفه الجميع، الأمر الذي لم يعد ينافسها فيه سوى التنفير من العروبة.

[/quote]

هذا كلام خبىء معناه ليست لنا عقول (رحم الله المعرى) كلام يروج لنظريه المؤامره على الكيان العربى والاسلامى , وهؤلاء المروجون لا مكان لهم بيننا , فهم يتصدون لمشاعل التنوير والحداثه , وعليهم قبول احد خياران لا ثالث لهما :

اما قبول تلك المشاعل والتمسك بها حتى الاكتواء بنارها .

واما رحيلهم الى شبه جزيره الغنم والماعز اللتى انحدروا منها ,حيث اننا لم ننل بسببهم سوى القهر والتخلف وبعض المعلقات والتغزل بالناقه .

يالله .. اكسو.. بره


05-07-2008, 03:20 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
neutral غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 5,786
الانضمام: Mar 2004
مشاركة: #4
أسئلة العروبة والقومية
Arrayرياح العولمة القوية والكاسحة، بما استصحبته من ثورة في الاتصالات تجاوزت الحدود واخترقت الحواجز. ومن ثم مكنت الأقوياء من فرض إرادتهم وبضاعتهم ومصالحهم على عوالم الضعفاء، بل ومكنتهم أيضا من بسط نموذجهم الحضاري على ثقافات الآخرين. الأمر الذي فتح الأبواب واسعة لامبريالية جديدة قامت هذه المرة على الإغواء بأكثر مما قامت على الإكراه.[/quote]

المفردات التى يستخدمها الشخص بتكشف عن مكنونات نفسه وميوله تجاه موضوع ما تماما كما يكشف تحليل البول عما يدور داخل الكلية.

عبارة مثل"رياح العولمة القوية والكاسحة" تشى بأن الكاتب بينظر للعولمة وثورة الإتصالات تماما كما ينظر إلى تورنادو أو إعصار فى حين ممكن النظر للمسألة على إنها تكسير لسدود وحواجز وقيود مفروضة بواسطة أنظمة شمولية مثيرة للغثيان على شعوبها وهو شئ إيجابى بالتأكيد.

Arrayبل ومكنتهم أيضا من بسط نموذجهم الحضاري على ثقافات الآخرين. [/quote]

السؤال الحقيقى هو وهل هؤلاء" الأخرين" لديهم نموذج حضارى يجب الحفاظ عليه وحمايته?

بعيدا عن الحزازيات الإقليمية, ماهو النموذج الحضارى لدى العالم العربى الذى نخشى عليه?
هل تزوير الإنتخابات أو غيابها كلية أو جعلها للرجال فقط هو النموذج الذى يجب أن نحافظ عليه ونحميه من رياح العولمة الكاسحة!

هل إهدار حقوق الإنسان الأساسية وغياب الدستور والقانون وحكم الفرد هو النموذج الذى يجب أن يتبناه العالم!

هل الفشل الإقتصادى وتغلغل الفساد وتغوله هو النموذج الذى يجب أن نبشر به!

هل التخلف العلمى ورئاسة بن باز للجنة البحوث العلمية هو درة تاج النموذج الحضارى العربى التى يجب أن نفديها بفلذات أكبادنا!

هل الإعلام المؤمم وموجه عن بعد بواسطة أجهزة الأمن هو المثال الذى يجب أن تحتذيه شعوب الأرض!

هل مبارك الحربجى المسن أو عبد الله الجاهل الأمى أو القذافى المختل عقليا هم القادة الذين يجب أن يصغى إليهم العالم!

الحق الحق أقول لكم, فلتكن الريح فى الأرض تكنس هذا العفن.
05-07-2008, 08:30 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  عن العروبة والقومية وما يسمى تجاوزا "الوطن" العربي Sheshonq 1 694 03-05-2013, 07:11 PM
آخر رد: Sheshonq
  مصر مصرية رغم أنف العروبة المعتزلي 110 32,478 01-03-2011, 06:37 PM
آخر رد: أبو نواس
  ما الذي بقي من فكرة العروبة؟ فارس اللواء 30 7,563 12-29-2010, 04:06 AM
آخر رد: أحاه
  العروبة لا المسيحية هي المستهدفة بسام الخوري 1 1,313 11-15-2010, 11:08 PM
آخر رد: إســـلام
  العروبة لن تصلب مرتين... تساؤلات في العمق الفتح المبين 1 998 08-02-2010, 09:09 PM
آخر رد: هاله

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS