يعني، أنا قررت أضرب مع أولئك الناس المضربين ولكن..... مللت من صور الضرب الذي يتعرض له هؤلاء الناس، وأكثر ما أخشى أن ينالني ما ينالهم.....

وحتى لو لم أنزل مع هؤلاء الشارع، ومع كوني بعيداً عن مصر وإضرابها، فمن العار أن أستمر في فلسفتي عن الإضراب وضرورته ومنافعه بدون أن أحس بما يناله أولئك الناس من ضرب وإهانة إن هم خرجوا يطالبون بحقوقهم.....

ليس المهم كيف أتغلب على خوفي، فأنا كما قلت يداي في الماء، والباقي أيديهم في النار. أما المهم بالنسبة لي هو أن أجد طريقة أشارك بها هؤلاء الناس مآسيهم ويوميات مطالبتهم بأدنى ما يستحقون كمواطنين....

أكثر ما يثيرني أنني إن لم أضرِب وبالتالي لم أضرَب فإنني لن أكسب لا أجر الأولى ولا الثانية (لن أقول الآخرة)، ولن أوتى أجري بالمرة....

ولكن لم كل هذا التعاضد والشعور المشترك مع هؤلاء الناس الذين ينوون الإضراب، مع أنني لم أعرف طوابير الخبز في مصر، ولم أدس أرض مصر إطلاقاً ؟!!!
هل أكثرت من الاستماع إلى أغاني الشيخ إمام وقصائد الفاجومي، فأصابتني حالة تقمص مزمنة ؟!
أم هي ذاكرتي السيئة لطوابير الخبز في سوريا في الثمانينات، ومائات الساعات التي قضيتها من طفولتي ومراهقتي هناك، والتي ما زالت كامنة في صدري تنتظر أن تخرج في مناسبة أياً كانت حتى لو كانت في مصر أو عند المحلل النفسي ؟!
أم أنها فعلاً كما نطقت المرة الماضية عندما أثارت إعجابي رجولة المضربين وتعاضدهم : مصر أم الدنيا ؟!

مهما كان الدافع أو السبب، فأعتقد أن الوقت سابق لأوانه للتفكير به وتحليله. ويكفيني القول بأنه حالياً دافع نفسي لا إرادي بأن أشارك الناس مصيرها، فنكون كلنا في سفينة واحدة، إما أن نغرق جميعاً أو أن نصل إلى أرض جديدة.

قد يقول البعض لننتظر المركب المقبل ونرَ قبل ذلك مصير من سيبحر قبلنا، ولكن قد لا يكون هناك أي مركب مقبل.... وقد تكون هذه هي فرصتنا الأخيرة لنصل إلى مكان ما غير المكان الذي نعاني فيه الآن.
أخاف إن لم أركب ذاك المركب، أن أندم يوماً على رؤيتي لهم يصلون شط الأمان بدوني، أو أن يكون تقصيري وتقصير الكثيرين في مشاركتهم سبباً في غرقه أمام عيني، وغرق حلم قد يكون الأخير.

أنا متشائم هذين اليومين، إن لم يتحقق الإضراب أو فشل، وإن كان هذا لا يعني أنني أنني فقدت إيماني بمصر وقدرات أبنائها....
ولكن جل ما أخاف أننا إن نمنا بعد هذه الصحوة القصيرة، فسننام لنصف قرن آخر من الزمن، وعندها لن أرى حريتي إلا بالتحاقي بالرفيق الأعلى، ومع ذلك لن أوتى أجري لا مرة ولا مرتين.....

(f)

Array
أخاف إن لم أركب ذاك المركب، أن أندم يوماً على رؤيتي لهم يصلون شط الأمان بدوني، أو أن يكون تقصيري وتقصير الكثيرين في مشاركتهم سبباً في غرقه أمام عيني، وغرق حلم قد يكون الأخير.
-------------------
لا يمكن لواحدنا ان يشارك في الاضراب عبر الانترنت ! فالمشاركة الفعلية هي في مواجهات الشوارع و اثبات الوجود ! و لماذا الشعور بالندم ؟ يقول سارتر " الحرية التزام " و نحن من الناحية النظرية ملتزمين بفكرة الحرية ، لكن ليس ان نقطع تذكرة و نسافر الى مصر كي نشارك في اضراب ما ! الا اذا كان البعض يتوقعون من الاضراب مثلا ان يحقق انجازات كبيرة مثل الاشتراكية او الشيوعية او ....... الخ !!!!


أنا متشائم هذين اليومين، إن لم يتحقق الإضراب أو فشل، وإن كان هذا لا يعني أنني أنني فقدت إيماني بمصر وقدرات أبنائها....
ولكن جل ما أخاف أننا إن نمنا بعد هذه الصحوة القصيرة، فسننام لنصف قرن آخر من الزمن، وعندها لن أرى حريتي إلا بالتحاقي بالرفيق الأعلى، ومع ذلك لن أوتى أجري لا مرة ولا مرتين.....
---------------------

الاضراب فشل من ناحية ، و بالتاكيد نجح من ناحية اخرى ! و هذا يتوقف على ما طمح اليه اصحاب فكرة الاضراب . فقد فشل في تحقيق توقعات كبيرة اكثر من اللزوم ، لكنه نجح في اثارة قضية انسانية كبيرة بحجم قيمة الرغيف ، وهي من اكبر القضايا الانسانية على الاطلاق .و المسالة ليست مضطرة لقرون كي تحل !!!!

و ما ارجوه هو الا نجلد انفسنا بالسياط ، لمجرد ان حزبا اقدم على خطوة سياسية عارضة و فشل ! فهل كان الاضراب يهدف الى اسقاط نظام مبارك ؟ اذا كان هذا هدف الاضراب ، فهو بالتاكيد قد فشل فشلا ذريعا . لكن ، ان كان هدفه وضع النظام في خانة المقصر و دفعه الى اتخاذ اجراءات تسووية ، فقد نجح ، حيث نرى ان السلطة كلفة لجنة معينة لمتابعة اسباب نقص الرغيف في مصر ، وما هي الا اسابيع و نرى حلا تسوويا يعيد الامور الى مجراها ، و كما يحدث في سوريا ، تلجا الحكومة عادة الى بعض الوعود برغيف معدل و مدعوم و اطيب ، لكنه سيكون اغلى بقليل . و سترينا الايام القادمة صدق هذه التوقعات .

فليكن ضميرك مرتاحا يا ابا ابراهيم ،ان هي الا قضية عرضية و انتهى امرها !

تحياتي ،
(f)
[/quote]