{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
موضوع مخصص للمقالات المكتوبة عن قداسة البابا الراحل وتعاليمه وأفكاره المعادية للاستبداد والعولمة وال
بسام الخوري غير متصل
Super Moderator
******

المشاركات: 22,090
الانضمام: Feb 2004
مشاركة: #11
موضوع مخصص للمقالات المكتوبة عن قداسة البابا الراحل وتعاليمه وأفكاره المعادية للاستبداد والعولمة وال
أمكنة مختلفة (يوحنّا بولس الثاني)
محمد بنيس الحياة 2005/04/8

الشاعر الإيطالي فرانكو بيفُوني، أستاذ الأنتروبولوجيا في جامعة روما. وفي الرباط جمعَنا في الخريف الماضي لقاء عن الشعر واللغة. كانت القصائد مصدر الحوار بيننا وكانت أوضاعُ الشعر واللغة في العالم. أثناء فسحة، بعد الندوة، اقترحت عليه زيارة شالّة، المطلة على نهر بُورقْراق. هناك، وسط أطلال رومانية لا تزال تحتفظ بآثار البنايات، كان حديثنا عن الرومان، بين أوروبا وشمال أفريقيا. ثم عن الحضارة الرومانية والأمبراطور الروماني. ثم عن الكنيسة والفاتيكان والمسيحية والبابا. شرح لي فرانكُو أن الطقوس الخاصة بالبابا هي نفسها طقوس الأمبراطور الروماني القديم. لا شيء تغير في طريقة اللباس والمظهر والمراسيم. ثمة استمرارية لروما القديمة في الفاتيكان. وثمة مطابقة بين الأمبراطور وبين البابا. هذا ما أدرّسه لطلابي. قال لي. وأضاف أنه عندما يحدثهم عن البابا، بهذه الطريقة، أو عن الأمبراطور الذي يستمر في مظاهر البابا، يجد صعوبة في إقناع الطلاب بتحليله لهذه الاستمرارية بين نموذجين يبدوان، عند الوهلة الأولى، متعارضين تماماً.

حديث عن الرومان، في العاصمة روما وفي مستعمراتها المغربية، قادنا إلى عالم أوسع هو الحضارة الرومانية بين عهدين وفي بنيتين متباينتين، من حيث الاعتقاد، ولكنهما متفاعلتان من حيث الرمزي. كان حديثه يكاد يكون غريباً عني. حتى تناوله لظهور فكرة المطْهر وتمجيدها من طرف دانتي في «الكوميديا الإلهية». غرابة جانب من حديثه جاءت من كوني لم أتعلم الديانة المسيحية إلا من جانبها العقائدي العام. أما الطقوس والشعائر فلا أعرف منها سوى تلك التي أتتبعها، مرة بعد مرة، عند زياراتي للكنائس أو في مناسبات دينية مسيحية، اشهرها ميلاد المسيح. وكلما التقيت صديقاً مسيحياً، له خبرة بالطقوس والشعائر، سعيت إلى تعلم ما لم تسعفني ثقافتي الإسلامية، المغربية، تعلمه. ذلك أكثر من طبيعي. إنه من بين ما يسمح لي بفهم دين كبير، له مع الإسلام تاريخ وله حضور في بلاد المشرق، ابتداء من مصر وشمال الجزيرة العربية. وهو متجذر في تاريخ أوروبا ومنتشر في العالم. له التأثير في الفنون كما له التأثير في الآداب الغربية الحديثة، منذ دانتي. ثم ينكشف تأثيره في الحركة الأدبية العربية الحديثة، على نحو يحتم علي معرفة بالمسيحية. وأنا كل مرة أصطدم بعجزي عن استيعاب أوضاع وأعمال لأنني لا أملك هذه الثقافة.

من العقيدة إلى الطقوس والشعائر إلى ما هو أبعد. الأفكار. القيم. المواقف. الأفعال. وأكثر من ذلك حضور البابا يوحنا بولس الثاني في فترة من حياتي كإنسان، يراقب وينفعل بما يعيش. هل مظهره يماثل مظهر الإمبراطور الروماني في اللباس الأبيض الوارف والأردية التي يحمل كل واحد منها رموز القداسة؟ يوحنا بولس الثاني من كبار الشخصيات التي رافقت حياتي وحياة كل واحد منا، منذ نهاية السبعينات. في أحداث غيرت العالم الذي عشنا ونعيش. لم أكن أنتبه دائماً إلى وقائع تخص الكنيسة الكاثوليكية، لأنها ليست من شأني. في مقابل ذلك هناك ما كان يتحرك في مكان ما من المشهد. في زاوية حيناً. في نافذة. أو في ساحة أحياناً أخرى. ويوحنا بولس الثاني تحوّل إلى شخصية مؤثرة في وقائع وأحداث تقترب مني أو تبتعد. ولكنها كثيراً ما كانت تطرح ما لم نكن نعتقد، لسذاجتنا، أنه سيصبح ذات يوم قضية كبرى، في جانب من مسار زمننا.

لا أقصد من هذا أنني تحولتُ إلى مؤرخ لحياة يوحنا بولس الثاني ولا إلى مستقْصٍ لأخباره. لا شك في أن معرفتي به محدودة لأنني كنت أتتبع، بين الفينة والأخرى، هذه الشخصية المؤثرة. وأنا، هنا، أسجل ما فكرت فيه وأنا أرى صوراً له، وهو مريض، بين المستشفى والفاتيكان. أو صوراً استرجاعية لفترة توليه البابوية. أسجل مذكرات شخصية عن يوحنا بولس الثاني. في فترة تقاسمتها مع أبناء العالم الذين عاشوها. لذلك فأنا، من جانبي العربي والإسلامي، أسجل ما أجده جديراً بالتذكر أو جديراً بأن يكون نموذجاً للمستقبل. بالتسجيل أقصد أن هناك وقائع استثنائية، طبع بها يوحنا بولس الثاني زمننا، مشتركاً، كيفما كنا في العالم الذي تقاسمته وغيري. وتلك حكمة ما نعيش ونتقاسم عيشه.

هناك غموض مضيء في بعض قسمات وجه هذا البابا البولوني. غموض في حالات من جلوسه أو سجوده. دائماً كنت أنظر بصمت إلى انزوائه مع نفسه، حتى ولو كان في مجتمع يحيط به. دائماً كنت أحسه ينسل من الخارج إلى الداخل، بنظرات شاردة أو ابتسامة شفتين لا تتحركان. هذا الانفلات من الجماعي، من العلني، من الخارجي، عادة ما كنت انظر إليه بتركيز. غموض كان يجعلني أحار في كيفية النظر إليه أو يحرضني على التخلي عن التعامل معه كشخص موجود بالآخرين. إنه يعيش في استغراق تام، في انزواء يتردد من مكان إلى مكان، في حركات جسدية لها التوازن. وهو يتكلم بحياء. خَشوع في النطق بالكلمات. هادئ في الإلقاء وفي الإنصات. ذلك ما قصدت به الغموض المضيء، الذي ينعشنا فننسى الجنس والعقيدة والمكانة ولا يبقى سوى الأصلي الذي يتحقق في شخص يبتعد ليقترب.

هل في هذا الغموض إحساس بالمأساة أو المأسوي؟ لم أكن أشك في ذلك. كان يوحنا بولس الثاني يبدو لي من أولئك المؤمنين الأصفياء بعقيدة تنبني، في مبادئها العلنية، على الحب والمحبة. ولكنه لم يعثر في العالم، الذي كان، على ما يفيد أن الإنسان قادر، في زمننا، على الاعتقاد في الحب والمحبة. التجربة البولونية في حد ذاتها دالة. إنه بولوني، نازل من جبال الألم والعذاب التي حاصرت التاريخ البولوني وحملتها نفوس أبناء بولونيا، في السياسة كما في الجغرافيا، في الأدب كما في المجتمع. الهولوكوست وجه من وجوه الألم والعذاب. وعمل يوحنا بولس الثاني على تحرير وطنه من الشيوعية، فإذا بالبلد يصبح فريسة العولمة الاقتصادية التي تهدم قيم التضامن (التي بشرت بها الانتفاضة) من أجل الإعلاء من الاستهلاك والربح واللامعنى.

ذلك الغموض له بعدٌ نُسْكيّ. هذا ما كان يتضح لي. بين الانزواء والإحساس بالمأساة تعلن النسْكية عن نفسها في لقطات. يفلت يوحنا بولس الثاني من نفسه إلى نفسه في وقفة تسمع فيها جميع الواقفين في حضرة ما لا يدركه إلاّ هُمْ. في عينين مغمضتين. في انحناء الرأس لمدة طويلة. في أصابع اليدين وهي تضغطُ على بعضها بعضاً. تلك علامات تنقل الغموض بين حالات وأحوال. ولذلك كنت أنظر إليه كما لو كنت أقرأ عن متصوف قديم. أو عن متعبّد لا يغادر مغارته، حتى وهو يلتقي بالجموع التي تحج لرؤيتة والتبرك به. أنظر إليه ويغريني أن أعرف كيف يقضي بقية وقته داخل الفاتيكان. كنت متحرراً من المقارنة بينه وبين ما كنت أقرأ عن الباباوات عبر التاريخ.

يبدو لي أن يوحنا بولس الثاني كان مؤمناً إيمان الشعراء المتصوفة بدين الحب والمحبة. قصائده التي كان يكتبها هي كتابه السري عن هذا الدين. الحب والمحبة. مع يوحنا بولس الثاني عشنا حوار الأديان. أنا، المغربي، العربي، المسلم، أشعر بفائدة فعل الحوار. هناك أولاً الإيمان بالتكامل والتساوي بين البشر وعقائدهم؛ ثم هناك الإيمان بجميع هؤلاء الذين جعلوا، عبر التاريخ، من اختلافهم العقائدي حجة في الاحتكام إلى الكراهية والحقد والعداء حجة للحروب والدم والإذلال والاستعباد. تاريخ الكنيسة الكاثوليكية عريض ومؤلم. بين الكاثوليك والوثنيين. بين الكاثوليك والمسلمين. بين الكاثوليك والبروتستانت. كيف لي أن أختصر هذا التاريخ؟ شخصياً لا أجد نفعاً في استعمال أي تبرير. الإنسان قبل كل شيء. كرامته وحريته. هو ما يجب الاحتكام إليه.

إيمان يوحنا بولس الثاني هو الذي أرشده إلى فكرة الحوار بين الكاثوليك والمعتقدات الأخرى، المؤمنة بالإله الواحد أو ذات عقيدة وثنية. لربما كانت هذه الفكرة هي التي ستبقى لعهد طويل وستطبع الكاثوليكية في عهده. لنا الآن قراءات لهذا الحوار وستتكاثر في كتابة تاريخه وسيرته الشخصية. ولكنها فكرة تملك ما يسمح لها بأن تستمر بعده. بين الكاثوليك وسواهم. وبين أصحاب العقائد، الذين يمكن أن يتعلموا من حكمته درساً في فتح حوار بينهم، أي أن يعترف أصحاب كل عقيدة بالعقائد الأخرى، القائمة على التسامح والرحمة. لن أنتظر قراءات حتى أسجل في مذكراتي هذه الفكرة التي قلَب بها البابا يوحنا بولس الثاني وجه الكنيسة الكاثوليكية، بل وجه المسيحية، التي يريد السيد بوش أن يديم لها وجهها الاستبدادي، الدموي، الذي لا يترك للحب ولا للمحبة ما تتحرك به في اتجاهات مختلفة للحياة البشرية.

ويكون الحوار بين المسيحية والإسلام. دائماً لي التأكيد نفسه. لست مؤرخاً للأديان ولا للعقائد أو الطقوس والشعائر. كل ذلك بعيد عني. أكتب عما عشت في زمن الحروب والاستعباد والظلم والجوع والكراهية. عندما نطق يوحنا بولس الثاني باسم الحب والمحبة وجد الطرق الألف للحوار مفتوحة. بين المسيحية والإسلام. هو حوار لا يقل في شيء عن الحوار بين المسيحية واليهودية. أو بين الكاثوليكية واليهودية. يعرف الفاتيكان كما يعرف المسلمون أن بين الطرفين تاريخاً قاسياً، دموياً. وأن بينهما، أيضاً، في أكثر من زمان ومكان، تاريخاً من الحياة المشتركة، المبدعة. حوار بين ديانتين تعيشان جنباً إلى جنب في الكثير من جهات العالم عبر مؤسسات لها صلاحية التوجيه.

لماذا الحوار بين المسيحية والإسلام؟ من أين يبدأ هذا الحوار؟ بين من ومن يتم؟ كيف ينتقل من قمة الهرم إلى قاعدته أو من قاعدته إلى قمته؟ أسئلة، وغيرها، كانت تتردد في نقاشات من هذا الجانب أو ذاك. وهي لا تعني أن الطرفين وضعَا أسساً للحوار وشرعَا في بناء خطاب بينهما. فكرة الحوار، التي أتى بها يوحنا بولس الثاني، هي التي تعنيني، هنا. فمسألة الحوار بين الديانتين، المسيحية والإسلام، أو بين الأديان، بل بين الطوائف ضمن الديانة الواحدة، فكرة لا يمكن أن تنطلق إلا من وعي يؤمن بدين الحب والمحبة.

كان جاك لاكان عقد في تاريخ 24 تشرين الأول (أكتوبر) 1979 ندوة صحافية في النادي الثقافي الفرنسي في روما، بمناسبة حضوره مؤتمراً للتحليل النفسي. من بين المحاور التي كانت تشغل الملاحظين آنذاك مسألة عودة الدين إلى الفضاء العمومي. طرح صحافي سؤالاً على جاك لاكان جاء فيه:

- كيف تفسرون انتصار الدين على التحليل النفسي؟

وكان الجواب:

- ليس ذلك قط من طريق الاعتراف. إذا كان التحليل النفسي لن ينتصر على الدين، فلأن الدين لا يبلى. التحليل النفسي لن ينتصر، فهو قد يستمر على قيد الحياة وقد لا يستمر.

- هل أنتم متيقنون من أن الدين سينتصر؟

- نعم. إنه لن ينتصر فقط على التحليل النفسي، بل سينتصر على كثير من الأشياء الأخرى أيضاً. نحن لا نستطيع حتى أن نتخيل كم هو الدين قوي.

جرى هذا الحوار بين صحافيين وبين جاك لاكان في روما نفسها، على مقربة من الفاتيكان. وتحقق ما كان نطق به لاكان. في كثير من مناطق العالم. عودة الدين. وهي عودة متموجة الدلالة. ويطغى عليها العنف. الكراهية، الحقد بين الأديان والعقائد. وفكرة الحوار بين الأديان، كما عمل من أجلها يوحنا بولس الثاني، أو جاءت بين المسيحية والإسلام، لمسنا معناها مباشرة بعد حرب الخليج الأولى، ثم أصبحت بعد 11 أيلول (سبتمبر) وحرب الخليج الثانية ذات وضعية أفصحت عن صعوبة إقامة حوار، في غياب التكافؤ بين الطرفين المتحاورين، أو عدم فاعلية الحوار في زمن انتصار قيم عولمة المال والاقتصاد.

من حوار جاك لاكان إلى فكرة يوحنا بولس الثاني بين الأديان، وخصوصاً بين المسيحية والإسلام، لم ينتج أي تغيير في وضعية الجفاء بين مسيحية على أرض غربية وإسلام على أرض عربية وإسلامية. وفي الوقائع ما يدل على أن الفكرة لم تعثر بعد على تربتها.

ولربما كان لنا أن نأمل في زمن مقبل. من يدري؟ فكرة يوحنا بولس الثاني هي التي كانت تمثل خلاصة ما كنت ألاحظه في سلوكه المتواضع حتى لكأنه غمامة تهبط على أرض أماتها الجفاف لعهود أو لهو نسمة تهب من واحة بعيدة على مسافرين في صحراء تحيط بالأرض.

ولنا في فراق يوحنا بولس الثاني لحظة لقاء لتحية ناسك تعلم كيف يحوّل مبدأ الحب والمحبة إلى فكرة إنسانية، على غرار سلفه ابن عربي، الذي كان جعل من الحب والمحبة ديناً وإيماناً.

04-11-2005, 08:33 PM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
بسام الخوري غير متصل
Super Moderator
******

المشاركات: 22,090
الانضمام: Feb 2004
مشاركة: #12
موضوع مخصص للمقالات المكتوبة عن قداسة البابا الراحل وتعاليمه وأفكاره المعادية للاستبداد والعولمة وال
لمحة عن المنهج البابوي للبابا الراحل يوحنا بولس الثاني



كان للبابا يوحنا بولس الثاني منزلة أثيرة في قلوب شباب المؤمنين



غير يوحنا بولس الثاني الذي توفي مساء السبت معالم البابوية وطبعها بشخصيته القوية اذ اتسم عهده بالتسييس وبالمواقف المحافظة أخلاقياً ما ابعد عنه قسما من المؤمنين الذين وجدوا هوة بين تعاليمه والحياة المعاصرة.



ولد البابا يوحنا بولس الثاني (واسمه الحقيقي كارول فويتيلا) في مدينة كراكاو البولندية عام 1920، وتلقى تربية صارمة شبه عسكرية من والده الذي كان ضابطاً. قرر الدخول سراً إلى المدرسة الاكليريكية، وبدأ بمتابعة الدروس في كلية اللاهوت في جامعة جاجلون. ثم اختار طريق الكهنوت، وأصبح كاهناً في كراكاو. وبعد أن حظي بإجماع الكرادلة عليه بفضل شخصيته القوية وبصيرته النافذة اختير رئيساً للفاتيكان عام 1978، ليصبح أول حبر أعظم غير إيطالي منذ 455 عاماً. يُذكر أن البابا السابق يوحنا بولس الأول توفي بعد 33 يوماً من تنصيبه.



محطات سياسية



تمتع البابا بتأثير كبير على الجماهير وعلى الشبيبة التي احبها وكرس لها لقاءات كثيرة خلال اسفاره حول العالم. لكنه بالرغم من ذلك لم يتمكن من وضع حد للانخفاض المستمر في عدد الدعوات الكهنوتية والرهبانية ومن انخفاض نسبة ارتياد الكنائس والممارسة الدينية وخصوصا في اوروبا. وباطلاقه في بداية حبريته شعاره المستوحى من الانجيل "لا تخافوا"، ساهم البابا من خلال قوة الكلمة التي كان يتمتع بها في انطلاقة الحركة الشعبية التي ادت في النهاية الى سقوط جدار برلين. ومن المتعارف عليه أن البابا كان احد أهم العناصر الفاعلة وراء انهيار الشيوعية في المعسكر الشرقي وسقوط الستار الحديدي.





وبعد 24 عاما، دخل البابا مجددا في صلب السياسة العالمية عبر موقفه الرافض تماما للتدخل الأحادي في العراق. وقد أطلق في رسالة الفصح عام 2003 نداء "من اجل السلام في العراق (..) والسلام في المناطق الأخرى في العالم التي ما زالت تشهد نزاعات تحصد القتلى والجرحى". وقد استحق البابا بسبب التزامه ضد غزو العراق والحركة الدبلوماسية التي نتجت عن هذا الالتزام، الى ترشيحه لجائزة نوبل للسلام وهذا امر لم يسبق ان حصل عليه أي من البابوات في الماضي. وقد اثارت مواقف البابا المناهضة لغزو العراق سخط السلطات الاميركية لكن هذه المواقف تبدو منسجمة مع روحية حبرية يوحنا بولس الثاني التي وضعت السلام والحوار بين الشعوب والديانات في صلب نهجها.



حوار وانفتاح



يوحنا بولس الثاني هو أول بابا اجتاز عتبة كنيس يهودي (في روما) وأقام الفاتيكان في عهده علاقات مع دولة اسرائيل. كما كان رئيس الكنيسة الكاثوليكية الأول الذي اجتاز عتبة مسجد وقد زار الجامع الاموي في دمشق. وسيبقى اسمه مدونا في التاريخ كونه الداعي الى قمة اسيزي (اطاليا) التي تجمع معظم ديانات الأرض في سبيل السلام في العالم. كما تحلى يوحنا بولس الثاني بشجاعة الاعتذار باسم الكنيسة عن الأخطاء التي أرتكبها الكاثوليك في الحملات الصليبية وفي الحروب الدينية وفي معاملة السود واليهود.





غير أن محاولات البابا لتوحيد الطوائف المسيحية اصطدمت بحائط رفض الكنيسة الأرثوذكسية الروسية، وممانعة الحكومة الصينية لمحاولات الفاتيكان ضم المسيحيين الكاثوليك هناك إلى رعاياها. من ناحية أخرى استقطب البابا المسافر الكبير حشودا هائلة في كل مرة كان يزور فيها بلدا أو مدينة. لكن مقابل هذه الحالة الشعبية الضخمة التي يمثلها يوحنا بولس الثاني، تستمر نسبة الكاثوليك في العالم بالانخفاض ببطء، كما ان ارتياد الكنائس وممارسة الشعائر الدينية يستمر في التضاؤل على الاقل في في العالم الغربي واوروبا بشكل خاص.



مآخذ



أُخذ على البابا قيامه ببعض الزيارات المثيرة للجدل كزيارته تشيلي إبان حكم اوغوستو بينوشيه وزيارة كوبا التي يرأسها فيديل كاسترو. [SIZE=5]لكن المأخذ الأكبر بالنسبة لقسم من الرأي العام هو رفضه التام لوسائل منع الحمل بما في ذلك الواقي الذكري، فيما ينتشر في العالم وخاصة في أفريقيا فيروس الايدز، وقد يحد استعمال الواقي الذكري من انتشار هذا المرض الخطير. ولم يتفهم كثير من المؤمنين مواقف البابا في هذا الموضوع بالرغم من التبريرات الايمانية والعقائدية التي قدمها البابا والكنيسة في أكثر من مناسبة.





كما اتبع البابا خطا متشددا في مجال الأخلاقيات السلوكية والجنسية وفي موضوع بتولية الكهنة، وأثار سخط شديد في الأوساط الليبرالية وخاصة أوساط المثليين جنسياً بعد أن وصف المثلية الجنسية بأنها خروج عن القانون الطبيعي. وأحدث كتابه الأخير لغطاً كبيراً بعد نشره في ألمانيا لمقارنته الإجهاض بالمحرقة النازية، لأن كليهما يحرم الآخرين من الحق في الحياة على حد تعبيره.



المصدر: وكالات


04-11-2005, 08:38 PM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
بسام الخوري غير متصل
Super Moderator
******

المشاركات: 22,090
الانضمام: Feb 2004
مشاركة: #13
موضوع مخصص للمقالات المكتوبة عن قداسة البابا الراحل وتعاليمه وأفكاره المعادية للاستبداد والعولمة وال
البابا الذي رفض الاعتذار
غسان الإمام

وعدت بأن يكون حديث هذا الثلاثاء استمرارا لعرض تاريخ الدور السوري في لبنان، لكن هذا «التعظيم القداسي» المذهل في عرض جثمان البابا الراحل اعترضني، وفرض عليّ الحديث عنه، وضعا للحقائق في محلها، وتثبيتا للعقل العربي في مكانه، لكي لا يستسلم مأخوذا بمبالغة الإعلام في الإشادة بـ «الدور الإنساني»، ذلك الاستسلام الذي قاد كوكبة من الزعماء العرب والمسلمين لتغذية المشهد الجنائزي بالمشاركة فيه.
جلس هذا البابا على عرش البابوية في أعقاب الرحيل المفاجئ للبابا يوحنا بولص الأول (1978) الذي لم يمض على انتخابه سوى 33 يوما. لم يحظ البابا المختفي بالعرض الجنائزي الذي حظي به خلفه البولندي. فقد اختصر المشهد المتواضع خاليا من الحضور الدولي. بل لم يجر تشريح الجثمان لمعرفة أسباب الوفاة الحقيقية.
صدرت عدة كتب تؤكد وجود «مؤامرة» الترحيل أو تنفيها. في كتابه (باسم الرب) الصادر في عام 1984، يؤكد ديفد يالوب أن البابا سُمم لمنعه من التحقيق في فساد الكرادلة المالي. غير أني أجد في كتاب الصحافي البريطاني جون كورنويل الصادر في عام 1989 بعنوان (لص في الليل)، تأكيدا بأن البابا يوحنا بولص الأول مات ميتة طبيعية، لكن نتيجة «إهمال» الإدارة الفاتيكانية. فلم تأبه لشكواه من ألم في صدره.
لست مهووسا بنظرية «المؤامرة»، إنما أحاول دائما الربط بين الوقائع واتجاهات السياسة. أعود إلى الكتاب الأول، لأعثر بين أعضاء «المافيا» المقدسة المتهمة بتسميم البابا، على أسقف وكاردينال أميركيين (بول مارسينكوس وجون كودي). ثم أتساءل مع الأصوات الهامسة آنذاك: هل كانت الديبلوماسية والمخابرات الأميركية وراء ترحيل البابا الليبرالي يوحنا بولص الأول، للإتيان بالبابا المحافظ يوحنا بولص الثاني؟. ثم أضيف أن رجل المصارف روبرتو كالفي عميل مارسينكوس عثر عليه مشنوقا تحت جسر في لندن.
لماذا جيء بالبابا البولندي؟
لأن «العصبة البولندية» المحيطة آنذاك بالرئيس الأميركي جيمي كارتر أقنعت عقله وقلبه «العامرين بالإيمان» بشهر السيف الديني في وجه الماركسية الكافرة. كان كل رجال العصبة من الكاثوليك، وعلى رأسهم زبيغنيو برزيجنسكي رئيس مجلس الأمن الوطني في البيت الأبيض. وهكذا، اخترق البابا يوحنا بولص الثاني أوروبا الشرقية من الباب البولندي، فيما اخترق «الأفغان العرب» ـ وبينهم أسامة بن لادن ـ الذين اشترتهم ودربتهم الـ «سي. آي. إيه» أفغانستان «الكافرة» المحكومة شيوعيا والمحتلة سوفييتيا.
هل كان البابا يوحنا بولص الثاني عميلا أميركيا؟!
الكنيسة الكاثوليكية، بأديرتها وكنائسها وكرادلتها وأساقفتها ورهبانها، شكلت خلال الحرب الباردة مركز تنصت متقدما في العالم كله، لتزويد الأميركيين بمعلومات لا تقدر بثمن. في هذا المنظور للدور الكنسي، لم يكن الأسقف كارول فوجتيلا المعادي للشيوعية في بلده بعيدا عن «الأذن» الأميركية.
بعدما جيء بالأسقف ثم الكاردينال فوجتيلا بابا إلى روما، يكتب الصحافيان الإيطالي ماركو بوليني والأميركي كارل بيرنشتاين كتابا بعنوان: «قداسته، البابا جون بول الثاني والتاريخ الخفي لعصرنا». يقول المؤلفان إنه كان هناك «حلف مقدس» بين البابا البولندي وإدارة ريغان ضد الشيوعية. الكتاب مليء بوقائع ولقاءات بين «قداسته» ورجال الديبلوماسية والمخابرات الأميركية، وعلى رأسهم وليم كايسي مدير المخابرات المركزية آنذاك.
لم يستخف السوفييت بدور البابا في اختراق العالم الشيوعي بصليبه الديني. أسندوا دور ترحيله إلى المخابرات البلغارية. استأجر البلغار قاتلا محترفا من المنظمات التركية اليمينية للتمويه: قاتل يميني لبابا يميني. يبدو أن التدريب الذي تلقاه محمد علي أغجه في معسكرات بلدين عربيين مشرقيين لم يكن كافيا. فقد أصابت رصاصتان فقط البابا الذي نجا. اعتقل أغجه. اعترف. كانت الفضيحة المخابراتية مدوية.
خاب أمل أميركا في الرهان على الخميني. فقد تنكر لدورها بعدما سحبت الشاه من طريقه. ثم خاب أملها بعمر عبد الرحمن وابن لادن، لكن البابا البولندي أدى دوره بولاء وتنسيق تامين. فهو لم يساهم بالنصر على الشيوعية فحسب، إنما ساهم مع أميركا في ضرب حركة رهبان أميركا اللاتينية الذين حاولوا المزاوجة بين المسيحية والعلمانية اليسارية والليبرالية في نشدان العدل الاجتماعي، ولفك حلف الكنيسة مع الأنظمة الدكتاتورية هناك.
بعد الحرب الباردة، يبتعد البابا بولص الثاني عن أميركا قليلا. فكان ضد العولمة والرأسمالية المتوحشة، وضد حروب أميركا. لكن لم يتخل قط عن آيديولوجياه المحافظة. فهو ضد الاجهاض والطلاق وتحديد النسل، ضد زواج القساوسة، وضد استعمال الواقي الذكري. وتسببت سياسة الكنيسة هذه بأضرار صحية واجتماعية كبيرة. أصيبت، مثلا، ملايين النساء في افريقيا بالإيدز هن وأطفالهن، لامتناع الأزواج والعشاق «المؤمنين» عن استعمال الواقي.
مع ذلك، فبابا التسعينات أظهر تسامحا كبيرا. اعترف بتعدد الأديان. أجرى حوارا مع الهيئات الدينية الإسلامية واليهودية، لكن كنيسته دخلت في منافسة مع الإسلام في افريقيا. قدم البابا اعتذارات كثيرة عن «الخطايا» التي ارتكبها رجال الكنيسة عبر التاريخ ضد الأرثوذكس واليهود. أكد قرار المجمع الفاتيكاني الثاني بتبرئة اليهود من دم المسيح خلافا للعقيدة. بل اعترف بإسرائيل. تبادل العلاقات الديبلوماسية معها. أخضع أملاك الكنيسة للقانون الإسرائيلي. في المقابل اعترف بحقوق الفلسطينيين المشروعة. أدان الاستيطان والجدار. طالب بتدويل القدس والأماكن المقدسة.
اعتذر «قداسته» للجميع باستثناء العرب. عندما اعتزم زيارة سورية في عام 2001، كتبت هنا في «الشرق الأوسط» مطالبا بتقديمه اعتذارا عن الحروب الصليبية ودور البابوات في شنها. قال لي السفير السوري في باريس آنذاك: «لقد خربتَ الدنيا». يبدو أن السلطات السورية تبنت الفكرة، غير أنها جوبهت بالرفض البابوي التام. عند ذلك، ألغي مشروع القداس الذي كان البابا يريد إقامته في المسجد الأموي، بجانب ضريح يوحنا المعمدان (سيدنا يحيى). اكتفى البابا بملامسة الضريح، وبصلاة قصيرة. وتجاهل ضريح صلاح الدين الأيوبي الملاصق للمسجد.
في بابويته الطويلة (26 سنة)، راح البابا يبدي مزيدا من الوداعة والتسامح في سنيه الأخيرة. أغلب ظني أن أمراضه التي تكاثرت عليه ساهمت في هذا التحول النفسي والشخصي. فقد أجريت له عدة عمليات لانتزاع الرصاص من كتفه وبطنه، ولاستئصال زائدته الدودية، وورم بحجم البرتقالة من المستقيم. أصيب باكرا بالمرض العصبي الرعاش (باركنسون). ظل واعيا لأهمية الاعلام. جال البابا الإلكتروني العالم. قبل الأرض. أقام القداديس في الهواء الطلق. نافس مطربي الروك والراب والبوب في تجميع الملايين حوله.
مع ذلك، أرى في التركيز الإعلامي والتلفزيوني على عجزه وتدهور صحته، نوعا من الاستغلال «القداسي» لعذابه الجسدي. كان الغرض استغلال موته العلني البطيء لاستعادة «المؤمنين الضالين» إلى حضن الكنيسة. لم ترحم الكنيسة خصوصية عجوز يحتضر. عندما أراد الكرادلة إطالة احتضاره بإعادته إلى المستشفى لتحسين أداء الثقب المزعج في رقبته، رفض. اعتصم بغرفته. طلب أن يموت بهدوء وسكينة. وحتى تشييعه بالتصوير البطيء. كان استغلالا لجثمانه ووجهه الذي احتفظ بآلام انطفائه الأخير.
بعد هذا كله، ماذا أقول؟ هذا البابا صلى من أجل عالم فقير، جائع، مظلوم. لم يقدر أن يفعل شيئا له، ثم تركه مقهورا كما وجده.
04-12-2005, 02:40 PM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
بسام الخوري غير متصل
Super Moderator
******

المشاركات: 22,090
الانضمام: Feb 2004
مشاركة: #14
موضوع مخصص للمقالات المكتوبة عن قداسة البابا الراحل وتعاليمه وأفكاره المعادية للاستبداد والعولمة وال
التاريخ القاتم لبابوات الماضي الغابر

كيفن ماك الديري GMT 17:15:00 2005 الثلائاء 12 أبريل


كيفن ماك الديري من الفاتيكان: طالب الاف المؤمنين باعلان قداسة يوحنا بولس الثاني الذي ترأس الكنيسة الكاثوليكية ثلاثين عاما تميز خلالها فضائله فورا، لكن تاريخ البابوات في الماضي البعيد، قاتم جدا احيانا اذ ان بعضهم حاك المؤامرات وشن الحروب وكان فاسدا ومتعطشا للسلطة.
وينعقد مجمع الكرادلة اعتبارا من 18 نيسان/ابريل لانتخاب خلف لكارول فويتيل الذي طالبت الحشود خلال جنازته باعلان قداسته فورا. لكن تاريخ البابوية يعج ببابوات لم يتميزوا بفضائلهم المسيحية.
واحد ابرز هؤلاء رجل طموح وغني للغاية الكسندر الحادي عشر من عائلة بورجيا الشهيرة الذي "جعل السماء تمطر اموالا" خلال المجمع الذي اختاره حبرا اعظم
العام 1492.
ويؤكد بيتر ماكسويل ستيوارت المؤرخ في جامعة ابردين في اسكتلندا "تم شراء البابوية، وكانت الاموال تنهمر مثل المطر".
وما ان انتخب حبرا اعظم حتى عين الكسندر الحادي عشر ابناءه العشرة وبناته الثلاث الذين ولدوا من امهات مختلفات، في مناصب عالية في المجتمع الايطالي في تلك الفترة.
واضطر بابوات في تاريخ الكنيسة الطويل الى محاربة الغزاة بالحيلة او بالسلاح، من ملوك وامراء للدفاع عن المسيحية وملكوت السموات.
وتحولت البابوية على مر القرون الى قوة نافذة عريقة وفقدت تدريجا وجزئيا مظهرها الروحي لتتحول الى كيان جغرافي وزمني ودنيوي.
وتوسعت تاليا اراضي البابوية على الصعيد الجغرافي مما تطلب تنظيم جيش. وتحول بعض البابوات ايضا الى حكام مطلقين ومستبدين وتميزوا باخلاق منحلة.
فقد كان يوليوس الثاني خليفة الكسندر الحادي عشر، الذي انتخب في 1503 وهو اب لثلاث بنات، محاربا كبيرا واجه كل الذين تجرأوا على تحدي سلطته.
ولم يحسن يوحنا الثالث عشر في العام 882 اختيار اصدقائه فكان اول بابا في التاريخ يتعرض للاغتيال وللتسميم وللضرب.
اما البابا فورموزا فقد لازمه سوء الحظ طوال حياته اذ انه كان كاردينلا والقي عليه الحرم الكنسي من قبل احد اسلافه يوحنا الثالث عشر. ونجح في ما بعد في اقناع الكرادلة بانتخابه حبرا اعظم.
لكن احد خلفائه اتيان الثالث عشر قرر نبش رفاته وتنظيم محاكمته لجثته.
وتعرض اتيان الثالث عشر هو ايضا للتسميم وللخنق.
اما ليون الخامس من عائلة مديتشي الشهيرة فقد اعتلى السدة البابوية من 1513 الى 1521 وسمح بازدهار الفساد حتى ان منح الغفران الكامل تحول الى مجرد سلعة.
وطلب البابا اوربانوس الثالث عشر (1623-1644) من عملاء الفلك ان يضعوا الطالع الفلكي لكل كرادلة روما ليعرف متى سيتوفى هؤلاء لانه لم يكن يثق بهم.
وولت ايام البابوات الذين لهم عدة ابناء والمحاربين والمتآمرين منذ فترة طويلة لكن اليوم برزت فضائح اخرى مثل ضلوع بعض الكهنة في الاعتداء جنسيا على قصر في الولايات المتحدة والنمسا واستراليا وهي قضايا اساءت الى سمعة الكنيسة.

أ.ب.ف

04-13-2005, 01:19 AM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
بسام الخوري غير متصل
Super Moderator
******

المشاركات: 22,090
الانضمام: Feb 2004
مشاركة: #15
موضوع مخصص للمقالات المكتوبة عن قداسة البابا الراحل وتعاليمه وأفكاره المعادية للاستبداد والعولمة وال
أحزان البابا.. وقوة الرسالة
عبد المنعم سعيد

فى الساعة التاسعة وسبع وثلاثين دقيقة من مساء يوم الثاني من أبريل الجاري، دقت الأجراس في المجمع الكنسي للقديس بطرس في روما، ومع دقاتها خرج كبير الأساقفة ليوناردو ساندري ليعلن وفاة البابا جون بول الثاني، الواقع على رأس الكنيسة الكاثوليكية العالمية. وكان في هذا الإعلان نهاية حالة من التوقع العالمي لوفاة شخصية كونية مهمة على مستويات عدة، وبالتأكيد فقد وضعت حدا لفترة من الترقب في وسائل الإعلام العالمية التي راحت تنقل لحظات موته الأخيرة لحظة بلحظة، كما أنها عكست الاهتمام الكبير لقرابة مليار من البشر الكاثوليك، الذين ظل البابا بالنسبة لهم جزءا معتبرا ومقدرا من أركان الإيمان.
ولكن ما كان نهاية كان في الواقع بداية من نوع آخر لفهم الكثير من الأوضاع العالمية الراهنة، بعد أن ظل البابا في مكانه المؤثر عالميا على مدى السبعة وعشرين عاما الأخيرة تقريبا، تعاقبت عليها فصول الحرب الباردة والرياح العاتية للعولمة، وعواصف ألمت بالعالم بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر.
ونكست الأعلام في عواصم كثيرة تباينت أديانها ومثلها وعقائدها كعلامة على الحزن الإنساني على شخصية شغلت مكانا مرموقا على ساحة الأحداث العالمية، طوال أكثر من ربع قرن.
من المدهش أن الرجل شغل هذه المساحة، وهو لا يملك من مقومات القوة شيئا، ففيما عدا الحرس السويسري الذي لا يملك أكثر من ملابسه الزاهية، فإن الرجل لم يكن لديه أكثر من التاريخ في الماضي والكلمة في الحاضر. وبشكل ما بدا مدهشا أن تستطيع كنيسة القديس بطرس، العيش على مدى ألفي عام، حاملة تراثا أخذ يتمدد وينكمش عبر عصور وأزمان وانقلابات وثورات صغرى وعظمى أخذت المؤسسة كلها من قلب الامبراطورية الرومانية الممتدة في الدنيا كلها حتى انكمشت في مبنى الفاتيكان العتيق كدولة ليست هي بدولة، ولكن يصل إليها سفراء العالم حاملين أوراق اعتماد. ومع ذلك فلم تكن القضية متعلقة بالماضي ورموز متجسدة في ألوان وأعلام ونقوش وأبنية وعمارة وأرواب وقلنسوات، بقدر تعلقها بعصور متغيرة لاقت فيها الكنيسة تحديات العلم وتحديات العصر، حتى بات عليها رد الاعتبار لجاليليو بالقدر الذي كان عليها مراجعة الحروب الصليبية، والأخطر بات عليها التكيف مع عالم حديث أصبح فيه الشك في اللاهوت يقينا، وانفصلت فيه الأخلاق عن حساب يوم الآخرة.
وربما كان أخطر المفارقات التي عاشتها الكنيسة هي مصاحبة انكماش الفاتيكان المادي لامتداد تأثيراته الروحية العالمية، ولكن وفق تأثير معنوي وأخلاقي وبطرق تتناسب مع القرن العشرين وبدايات الألفية الثالثة. ولعل تولي البابا جون بول الثاني لمقعد البابوية والطريقة التي أدار بها علاقة الكنيسة برعاياها وبقية الدنيا علامة القدرة على التأثير في مسارات عالم متسع تنوعت قضاياه ومشاكله. وهنا على وجه التحديد يصبح الفرد أداة عظمى للتغيير التاريخي بشجاعة اتخاذ المواقف، وإلهام الآخرين بالحق والقدرة على المقاومة، وهو ما قام به رجلنا خلال شبابه في الكنيسة البولندية حتى تولى قيادة مركز الكاثوليكية
. وقبل وفاة البابا وبعد ذهابه إلى بارئه كتبت كل صحف العالم عن الدور الذي قام به في تقويض الشيوعية، من أول جهوده في بولندا، حيث شكل القاعدة المعنوية لحركة «تضامن»، التي ربما كانت أول المسامير الكبرى التي دقت في نعش الشيوعية، وحتى قيامه بنشر الدعوة من مقعده المعنوي في روما، لكي يقوض القاعدة الأخلاقية لأركان المعسكر الشيوعي.
وبالنسبة للبعض فإن هذا الدور، مهما كانت دوافعه الأخلاقية والدينية، فإنه في النهاية شكل دعما للتيار العالمي بقيادة رونالد ريجان في الولايات المتحدة والداعي لتدمير «امبراطورية الشر»، التي كانت الطبعة الأولى لما عرف في عصر تال «محور الشر»، وكانت النتيجة العملية له هي انفراد أمريكا بالقيادة العالمية.
ولكن مثل هذا القول كان ممكنا قبوله لولا أن البابا كان له موقفه الدائم السلبي من عدد غير قليل من سياسات واشنطن العالمية، حتى وصل الأمر إلى خلاف حاد عندما قامت بغزو العراق، وهي المواقف التي اتخذها بقوة أخلاقية في نفس الوقت الذي لا يفقده احترام وود القادة الأمريكيين، الذين يبحثون عن شرعية وسط أصوات مواطنيهم من الكاثوليك.
وبشكل ما فإن البابا بات يشكل وحده تقريبا، نوعا من مركز الأخلاق العالمي في قضايا متعددة لها جوانبها المحافظة، ولكن أيضا لها جوانبها الداعية إلى العدل والتراحم بين البشر. وبالتأكيد فإن ثورة الاتصالات العالمية قد أعطت كلمات الرجل وشخصه وهو يتحرك تحت الرصاص واحتمالات الاغتيال زخما إضافيا في القدرة على التعبئة والإلهام.
وبشكل ما فقد صار شكل الرجل وملامحه وتلويحات يده، والحمام الذي يطلقه كل أحد من شرفة مركزه العتيد في الفاتيكان، ورحلاته إلى قارات العالم الست، وأركان الدنيا الأربعة المنقولة في التو واللحظة تخلق في النهاية عبر شاشات التلفزيون ظاهرة ملهمة.
كل ذلك خلق شخصية روحية كونية دون مصدر واحد من مصادر القوة المادية، صحيح أن هناك من يشير إلى الموارد الكنسية الهائلة، إلا أنه لم يوجد أبدا ما يشير إلى استخدامها كمصدر من مصادر القوة. ولعل ذلك يعطي مثالا ملهما لكيفية التأثير الروحي لأصحاب الديانات والعقائد الأخرى التي يمكنها لعب دور ليس فقط في حماية عقائد أصحابها، بل أيضا تعميق ارتباطهم الأخلاقي والروحي في العالم من خلال سلاسل مختلفة لحوار الحضارات وحوار الأديان. فليس ضروريا أن يكون حديث أصحاب الأديان مشفوعا دوما بالتهديد والوعيد، ومرتبطا باحتمالات حمل السلاح ساعة المواجهات العظمى والصغرى.
أما الدرس الذي يمكن للعالم العربي والإسلامي أن يستفيد منه، فهي أن المكانة الروحية والأخلاقية لها قدراتها العظمى على التغيير الفردي والجماعي عن طرق الرسالة والكلمة والإقناع. وربما كان هذا ما يحتاجه عالمنا في هذه اللحظة، فرغم تعدد الأطر التنظيمية التي تربط العرب والمسلمين من أول الجامعة العربية، وحتى منظمة المؤتمر الإسلامى، ورغم أن قنوات ومحطات الإذاعة والتلفزيون والصحافة والإعلام العالمي كانت متاحة طوال الوقت للعرب والمسلمين، فإن هؤلاء حتى هذه اللحظة لم ينجحوا في إرسال رسالة عالمية إنسانية رغم حملهم لدين جاء رحمة للعالمين.
وحتى عندما جاء العديد من الحركات الإسلامية العنيفة وغير العنيفة إلى ساحة الفكر العالمي، فإن ما طرحوه من مناهج لم يكن مغريا للتبني من قبل العالم، بل كان في كثير من الأحوال ساعيا إلى الانعزال عنه; وحتى من قالوا بضرورة عودة الخلافة الإسلامية باعتبارها مركزا كونيا للدين والملة اهتموا بالمنصب والمكانة، أما الرسالة فقد بقي التفكير فيها مؤجلا إلى ما بعد الاستحواذ على مركز القيادة.
إنها مسألة تستحق التفكير حقا..!
04-13-2005, 01:13 PM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
بسام الخوري غير متصل
Super Moderator
******

المشاركات: 22,090
الانضمام: Feb 2004
مشاركة: #16
موضوع مخصص للمقالات المكتوبة عن قداسة البابا الراحل وتعاليمه وأفكاره المعادية للاستبداد والعولمة وال
شهرة البابا بسبب تميزه عن غيره من الباباوات ونشاطه بزيارته لأكثر من 100 دولة وتفرده بزيارة جامع بني أمية وجرأته بمعارضة الحرب على العراق وتسامحه وعدم تشدده...اعتراضي عليه فقط على سياسته بالصحة الانجابية كمنع الواقي وحبوب منع الحمل للنساء....نتمنى قدوم بابا مشابه فما أحوج البشرية الآن لبابا متسامح نشيط وجريء
04-13-2005, 01:18 PM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
بسام الخوري غير متصل
Super Moderator
******

المشاركات: 22,090
الانضمام: Feb 2004
مشاركة: #17
موضوع مخصص للمقالات المكتوبة عن قداسة البابا الراحل وتعاليمه وأفكاره المعادية للاستبداد والعولمة وال
عن البابا أحدثكم.. وعن تناقضاته التسعة!
خالص جلبي

«من كان منكم بلا خطيئة فليتقدم فليرمها بحجر؟»، هكذا قال المسيح في قصة الزانية التي أمسك بها الفقهاء ليورطوه في رجمها فيقع تحت طائلة القانون الروماني بتهمة القتل، وإلا خالف الشريعة؟ ولكن المعلم أجاب ببراءة أن كل الناس يخطئون ويجب أن يغفر الناس لبعضهم البعض.
والبابا يخضع لهذا القانون فليس من كائن معصوم، مثل خلق الله كلهم; المسيحي والمسلم والبوذي والبابا وشيخ الأزهر وآية الله العظمى والحاخام، ولكن الكنيسة رفعت البابا إلى رتبة العصمة فلا يناله نقد أو يقترب من خطأ. ومشكلة العصمة، تجرأ رجل دين سويسري كاثوليكي هو (هانس كونج Hans Kueng) يعتبر من أهم التيولوجيين الكاثوليك في الوقت الراهن، أن يناقش هذه القضية بدون أن يحرق على النار ذات الوقود. فوضع في الثمانينات كتاباً بعنوان Unfehlbarkeit? مع إشارة استفهام (؟) والكلمة تعني العصمة، أي أنها قضية غير مسلم بها، وتخضع للنقاش، ويومها طرح التيولوجي من جامعة توبنجن أسئلة محرجة للنظام الكنسي الكاثوليكي برمته بما فيها فكرة العصمة البابوية مذكرا بما فعل (مارتن لوثر) بأسئلته التسعين التي ثبتها على جدار كنيسة، فكلفه هذا أن تسحب روما منه ترخيص التدريس عام 1979م وتعلن البراءة منه، وهذا المرض لا يخص الكنيسة بل كل المؤسسات الدينية والحزبية، ولكن الدولة الألمانية حمته ورقّته إلى مستوى أستاذ بكرسي في جامعة (توبنجن Tuebingen) عام 1995م، والرجل يبلغ من العمر حالياً 75 سنة ومع موت البابا يرجع فيحرك المشكلات القديمة بكلمات جديدة. وأذكر أنني تعرفت عليه للمرة الأولى في فترة مكوثي في ألمانيا عندما صدر كتابه في الثمانينات وقامت محطة فضائية ألمانية بإجراء مقابلة معه، وهو اليوم بعد رحيل البابا (بولس يوحنا الثاني Johannes Paul II) يقوم بعرض نقدي لشخصية البابا المليئة بالتناقضات ليركز على تسعة منها، وهو لا يصفها بالخطايا التسع مقابل الوصايا العشر، بل يخففها إلى (تناقضات Wiedersprueche)، كما أوردت ذلك مجلة المرآة الألمانية في عددها 13 2005 ـ ص 108 ـ 110 .
وقناة الديسكفري قدمت سلسلة من برنامج الوجه الآخر للزعماء(Altered Statemen) ، فعرفنا أن (بوريس يلتسين) كان يستيقظ سكرانا وينام مخمورا، واتخذ أهم قراراته السياسية مثل غزو الشيشان منفردا وهو تحت تأثير الفودكا. وكان (كيندي) يدخل من الباب الخلفي للبيت الأبيض العاهرات بالجملة فلم تكن واحدة لتشبعه، وقرر (أنتوني أيدن) خوض حرب السويس عام 1956م تحت تأثير تعاطي دواء البنزدرين وهو عقار نفسي مهلوس; فكانت عاقبة أمره خسرا، بعد انتظار طويل ليخلف تشرشل في آلة الحكم. وكان الرجل وسيما عاقلا فهم السياسة الخارجية ولكن العقار أذهب لبه وأطاش صوابه.
وإذا كان السياسيون قد اجتمعوا حول جنازة البابا يتبادلون المجاملات; فإن رجل الدين (هانس كونج) يضع الكنيسة وشخصية البابا تحت التشريح بمبضع نقدي لا يرحم كعادته، ليكشف الوجه الثاني للبابا. فيقول: إن وضع الكنيسة خطير، وما تحتاجه في انتخابات البابا الجديد تشخيص يحلل الوضع الداخلي للكنيسة، أما العلاج فيمكن التحدث عنه لاحقاً.
ويصف البابا بأنه كان يحكم بقبضته على نظام غير ديموقراطي ويتمسك بالقوة بكل الوسائل. ويشير وهو آسف إلى تلك النشوة التي رافقت المجمع الفاتيكاني الثاني (1962 ـ 1965م) على أمل تجديد روح الكنيسة أنها تبددت فلم يبق منها شيء والمستقبل مظلم.
ويمضي (هانس كونج) في شرح إيجابيات شارك فيها البابا مثل موقفه ضد حرب العراق، ومساهمته في نقض عرى الشيوعية، وقبل سنوات أعلن البابا فتح الأبواب لـ 4500 ملف سري تعود لأيام محاكم التفتيش للمراجعة والتقييم، بنفس الوقت الذي أعلن فيه أن نظام محاكم التفتيش يذكر بالجستابو والستازي. ولكن كونج يقول لقد بالغت ماكينة الدعاية البابوية كثيرا في هذه الأمور فقد كان النظام الشيوعي في سكرات الموت بعد إصلاحات غورباتشوف ولم يكن البابا أكثر من مساهم في جنازته.
ويعقب التيولوجي (هانس كونج) إن (كارول فويتيلا Karol Wojtyla) بالنسبة له «ليس الأعظم ولكنه بالتأكيد البابا الأكثر تناقضاً في القرن العشرين، فهو رجل يعطي الكثير ومن تحت يده تخرج القرارات الأكثر خطأً»، فرسالته للعالم تطالب بالإصلاح والحوار، في الوقت الذي يكرس سياسة داخلية من إعاقة الإصلاح ورفض الحوار الكنسي في ظل سلطة رومانية مطلقة؟
يقول (كونج) إنني أعترف بالجوانب الإيجابية في أعماله الرسمية، ولكنني أركز على تسعة تناقضات جوهرية.
ثم يمضي (هانس كونج) فيجمل تلك النقاط التسعة في (1) (حقوق الإنسان)، و(2) (وضع المرأة)، و(3) (والجنس)، و(4)(والرهبنة)، و(5) (العلاقات الكونية)، و(6) (السياسة الشخصية)، و(7) (النظام الكنسي الاكليركي)، و(8) (نمو الكنيسة)، وأخيراً (9) ينتهي إلى (الأخطاء التاريخية).
فأما في مجال حقوق الإنسان فيقول كونج «كان البابا للخارج يمثل الوجه المضيء للدفاع عن حقوق الإنسان في الوقت الذي يمتنع عن تطبيق ذلك ضمن هيكله الداخلي، وخاصة النساء». والفاتيكان الذي كان خصما عنيدا فيما سبق لحقوق الإنسان يشارك حاليا في مؤتمراته ولكنه لم يوقع على حقوق الإنسان التي أقرها المجلس الأوروبي، ولا يوجد هناك شيء اسمه محاكمات عادلة فهي الخصم والحكم في أي نزاع معها. ومن دخل معها في نزاع فلا يأمل بأي حظ من النجاح.
وأما في وضع المرأة فيقول: وفي الوقت الذي تحدث فيه عن المثاليات للمرأة يحرم عليها موانع الحمل والمناصب، ويترتب على هذا تناقض غير قابل للحل بين مسايرة تيار القطيع العام والاستجابة للضمير الداخلي.
وأما في الجنس والأخلاق فيقول: انه يحاضر عن الجوع والبؤس في الوقت الذي يحرم أي تنظيم للنسل. وفي مؤتمر القاهرة عام 1994م كان من أكثر المشاركين حول عدم تنظيم النمو السكاني وتحريم الواقي ومانعات الحمل وبذلك يكون أكثر من أي سياسي مسؤولا عن انتشار الإيدز في أفريقيا. وترتب على هذا أنه رفض من أكثر المناطق كاثوليكية مثل البرتغال وأيرلندا وإسبانيا وبولندا.
وأما عن الرهبنة فيقول: إن كارول فويتيلا يدعو لعزوبية تقليدية ولكنه قاد إلى كارثة في نقص الراغبين في الانخراط في سلك الرهبنة، فضلا عن الفضائح الجنسية. ومع أنه ليس في الإنجيل وتقاليد الكنيسة شيء من هذا في الألفية الأولى، وهو أمر خطره عظيم يقود إلى مشاكل تربوية عويصة. ويترتب على هذا انكماش المنخرطين في الرهبنة إلى درجة استيرادهم من أفريقيا والهند، وفي ألمانيا انكمش الرقم بين عامي 1991م و2003م من 366 راهبا إلى 161، والنشيطون منهم تجاوزوا سن الستين.
وأما في العلاقات مع الكنائس الأخرى فيقول: إنه أثر سلبيا على العلاقات مع كنائس الأرثوذكس والبروتستانت والكنائس الإصلاحية ولا يعترف بها، ويترتب على هذا أن البابوية أثبتت نفسها كما في القرن 11 و16 أنها كانت العائق الأكبر لوحدة كنسية متعددة الرؤى.
وأما عن السياسة الشخصية فيقول: لقد خان مؤتمر الفاتيكان الثاني. واستبدل «الحوار والصداقة والانفتاح» بالتقييد والمناصب والطاعة غير المشروطة لشخصه مما يذكر بالقسم للفوهرر؟!. وترتب على هذا هرب الملايين من الكنيسة، أو الانسحاب على شكل هجرة داخلية. واليوم تعرض الكنيسة بيع كثير من دور العبادة إلا لاثنين المسلمين والشواذ.
وأما عن النظام الاكليركي فيقول: إنه رجل مؤمن قوي يمثل المسيحيين الأوروبيين، ولكنه يثير جبهة واسعة ضده من الاستقطاب الحاد بين المؤيدين والمعارضين مع تقوية لجبهة الوثوقيين الملحدين، ويؤدي إلى شك المؤمنين حول استخدام الدين كوسيلة للسياسة.
وأنا شخصيا اجتمعت يوما بفيلسوف ألماني في مدينة (آخن) وما زالت جملته ترن في أذني حين سألته عن المؤسسة الدينية قال: إنها أداة القوة في يد البعض.
وفيما يتعلق بعلاقة البابا بالجيل الجديد فيتكلم عن علاقات مشبوهة مع تنظيمات غير معارضة ذات ارتباطات مالية مع الفاشيين السابقين من نوع (Opus Dei)، وهو أمر ذكرته قناة الديسكفري عن تمويل تنظيم النقابات التضامنية بأموال أمريكية من ريجان بوسيط إيطالي وجد مشنوقا غريقا لاحقاً في نهر التيمز، ويقول إن الكنيسة حرمت ماليا تلك التجمعات التي تملك قدرة المراجعة والنقد، وأفسحت المجال لمن يمشي بدون اعتراض. وهذه مسألة قديمة في كل دين وملة ونحلة.
وأما عن الأخطاء التاريخية فقال لقد قام بالاعتراف بأخطاء الكنيسة ولكنها كانت كلمات جوفاء، وفي الوقت الذي غفر للصغار من المذنبين، بقي رجال الكنيسة المهمون بعيداً عن كل نقد ومراجعة. وهو يصب في نفس المقولة الإنجيلية أيها القادة العميان إنكم تبلعون الجمل وتسألون عن البعوضة.
وقال كونج إن موقف البابا عن وضع المافيات الداخلي كان دوما يدور حول التغطية والمواربة، أكثر منه الفضح والتعرية وبذا فهو يساهم في هذا النظام.
ليخلص إلى تقرير مثير حول وضع المؤسسة الدينية، فعلى الرغم من الوجوه الإيجابية فهي الأكثر خيبة، وفي النهاية فهي كارثة، وبفعل هذه التناقضات دفع البابا الكنيسة إلى أزمة عارمة: أزمة بنيوية نتج عنها قصور قاتل يتطلب وضعا إصلاحيا هائلا، فقد نشأ نظام قرون أوسطي ذو طابع شمولي، يعطل جهد الشخصيات الدينية، ويمارس العنصرية ضد المرأة، في جو تسود فيه فضائح جنسية، ويحافظ على طقوس شكلية، ويمنع أي نقاش ونقد، ويتم تجاهل رغبات الجمهور العريض للكنيسة، ويمنع الوعظ من غير رجال الدين، والتحريض على التجسس وكتابة التقارير. ولو حاول البابا الجديد أن يتابع نفس هذه الخطى فإنه سيدخلها في نفق مسدود. ومنه فعلى الكنيسة أن تبدأ في الإصلاح وبجرأة. كما يجري الإصلاح الآن في كل مكان.
وإذا كانت الكنيسة الآن أمام دورة إصلاح، فمن الأولى لحكومات العالم العربي أن تأخذ هذه النصيحة مأخذ الجدية. ولكن جماعتنا قوم غلبت عليهم شقوتهم وكانوا قوما بورا. ومن لم يغفل عن سنن الله فإن سنن الله لا تغفل عنه.
04-15-2005, 01:14 AM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  هل من قداسة لشهيد ؟ Awarfie 13 3,150 05-30-2009, 09:44 AM
آخر رد: Awarfie
  بابا الفاتيكان عند الشيطان بوش ....والله عيب ياقداسة البابا بسام الخوري 7 1,568 04-19-2008, 12:39 PM
آخر رد: rambo
  مواقع للمقالات و الدراسات العلمانية حسام يوسف 2 1,371 08-20-2007, 04:09 PM
آخر رد: ماجن
  كتاب محمد عمارة "فتنة التكفير" يستبيح دماء الأقباط .. ثم يكلمونك عن إهانات البابا بنديكت !!! Beautiful Mind 13 3,766 01-16-2007, 01:14 AM
آخر رد: بهجت
  الترجمة الكاملة و المتخصصة لمحاضرة البابا في جامعة ريغينسبورغ ليلين 29 7,016 11-02-2006, 01:29 PM
آخر رد: اسحق

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS