تلاحقني الاسئلة حول فوز منظمة حماس في الانتخابات التشريعية الفلسطينية الأخيرة، وعن الدور الذي يمكن أن ألعبه في هذا الصدد، على خلفية تذهب بالطبع الى أني أنا نفسي رئيس وزراء وصل الى الموقع من حزب اسلامي، بتقدير يريد أن يستكشف إمكانية امتداد هذا الدور المزمع، لجهة بلورة أفق يحتمل علاقة ما بين حماس وإسرائيل.
أقول في إجابتي على مثل تلك التساؤلات: لقد فازت حماس بالفعل في الانتخابات الفلسطينية ويجب ان نحترم قرار الشعب الفلسطيني سواء أعجبنا ذلك أم لا. ومن هنا يذهب تقديري الى أنه وإذا ما كان للواقفين في الخارج أن يتصرفوا أو يتخذوا مواقف تتسم بالتحامل، فإن ذلك سيضر بلا جدال سيضر بتلك العملية الديموقراطية.
أما على صعيد أفق العلاقة بين حماس واسرائيل، فتقديري يذهب الى أن على الطرفين التخلي عن العادات والممارسات القديمة المعروفة بينهما، لكي يمكن لعملية الديموقراطية ان تأخذ مسارها أو قل يمكنانها من ذلك. وفي المقابل فمن الضروري لكل من حماس وإسرائيل قبول وجود دولتين فلسطينية وإسرائيلية جنبا الى جنب. كما يجب على حماس ان تفهم ان عدم الاعتراف بإسرائيل سيضر بعلاقاتها الدولية في المستقبل، وبنفس الطريقة فإن قول اسرائيل انها لا تعترف بنتائج الانتخابات قول خاطئ ويصب في خانات سلبية.
أما حول جزئية دور تركيا أو التوسط بين الطرفين، فلا أنفي أنه يمكننا، بسبب علاقات تركيا الجيدة مع كل من اسرائيل والفلسطينيين، التوسط بينهما. ولا أذيع سرا أنني قد ناقشت هذا الدور مع الرئيس الباكستاني برويز مشرف، واعتقد ان منظمة المؤتمر الاسلامي يمكنها ان تعلب دورا مهما في هذا الاتجاه.
وإذا كانت هناك من إضافة مستحقة في سياق ما هو فلسطيني ـ فلسطيني، فتقديري ان دعوة حماس لمنافستها منظمة فتح بالعمل معا، لا يمكن تخطيها باعتبارها خطوة في غاية الاهمية، مثلما أن دعوة فتح للانضمام الى تحالف في غاية الاهمية ايضا لدلالته البرغماتية، اذا ما وضعنا في الاعتبار عدم اضطرار حماس للقيام بذلك بسبب الاغلبية التي حصلت عليها. وأركز على جزئية البراغماتية هذه لان الديموقراطية وفي نهاية المطاف هي نظام للتسامح وإعلاء قيمه.
ومن هنا، وعندما قلت ان على حماس التخلي عن ممارستها وتقاليدها السياسية الماضية، فإن ذلك هو ما عنيته، فهم سيتولون الان حكم دولة، ومن الواضح، في الدولة، من الذي يحمل السلاح ومن لا يحمله، وأقولها صريحة هنا، أن قوات الامن فقط هي التي يجب ان تكون مسلحة، مثلما أقولها صريحة أيضا، بأنه على كل من يجري محدثات أو يتحادث مع حماس ان يؤكد على هذه النقطة وهذا الموقف الذي أراه أساسيا.
وفي المقابل، اعتقد، انه وعبر مثل تلك العملية بتداعياتها، سنجد أن حماس ستتحرك في اتجاه الوسط، ولنا أن نسجل هنا حقيقة أن التطرف لن يفيد أي شخص، ناهيك من منظمة أو تنظيم سياسي.
وأما في ما يتعلق بمواقف الآخرين التي استبقت النتائج، وأعلنت المواقف المسبقة من حماس، فتقديري أن رفض الحوار مع «حماس» منهج خاطئ من اصله، ولسبب بسيط، وهو أن حزب «حماس» ليس هو «حكومة» حماس. فقد جرت انتخابات تشريعية، وهذا الأمر في حد ذاته سيغير من آليات «حماس» وطرق نظرها للأمور كافة، مثلما سيغير الطريقة التي يجب ان يتعامل بها العالم مع الحركة. وخلاصة القول هنا، إنني مع الرأي القائل ان «حماس» في السابق و«حماس» الآن مختلفتان، على أرضية الواقع الذي يقول لنا ان مسؤولياتها الآن باتت بالضرورة مختلفة، وذلك واقع يفرض على الجميع ضمن ما يفرض من أمور كثيرة التحلي بالصبر لبعض الوقت حتى نرى ما ستفعله حماس، وأظن أن ذلك من أبجديات منطق النظر السياسي.
والى ذلك، وفي موضوع ذي صلة، تواصلت الاسئلة لاستكشاف موقفنا من محاولة الأوروبيين والأميركيين عزل ايران على خلفية برنامجها النووي. ومجمل قولي هنا، إن اسلحة الدمار الشامل تشكل تهديدا للسلام العالمي، وبما اننا نؤيد السلام العالمي، فإننا نقف الى جانب دول اخرى تعتقد في السلام العالمي. ومن الناحية الأخرى ليس من الصحيح ان نتخذ موقفا ضد دولة تهدف الى استخدام الطاقة النووية لأغراض سلمية، ومن ثم نعتقد انه لا يمكن طرح معارضة لها هنا اذا كانت ايران شفافة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
[CENTER]* رئيس وزراء تركيا
نقلا عن صحيفة الشرق الأوسط اللندنية [/CENTER]