على الرّغم من الضّجيج والعشوائية التي تتّصف بها معظم برامج الحوار، ما زالتْ هي البرامج المفضّلة لدى شريحة كبيرة من المشاهدين والمتابعين، خاصة أولئك الذين تشكّل لهم هذه البرامج رافداً قوياً لمعلوماتهم، والمعين الأساس لآرائهم وقناعاتهم. يقوم مُعد البرنامج ومُقدّمه باختيار موضوع -غالباً ما يكون موضوع جدل الساعة- يعتمد على استضافة أشخاص، أقل ما يوصف به حالهم أنهم على طرفي نقيض. فما أن يطرح مقدّم البرنامج سؤالاً حتى تعلو نبرة أصوات ضيوفه، ويتحوّل من برنامج حوار -الأصل منه تقريب وجهات النظر، ومحاولة الوصول إلى رؤية موضوعية للموضوع عن طريق احترام الرأي الآخر- إلى حلقة جدالٍ، وصراخٍ تُورِث المشاهِد توتّر الأعصاب، وحرقة الدّم، وعدم فهم ما دار في الحلقة؛ لأن كلّ طرف يؤمن بامتلاكه "الحقيقة" وأن ما يقوله الطرف الآخر ما هو إلا إدعاء مغلوط، هذا إن لم يوجّه إليه تهم الجهل والخيانة والعمالة!

ليس هذا حال برامجنا الحوارية وحسب، وإلا كان الوضع مُحتملاً مقدوراً عليه بطرقٍ شتى، لكن الموجع أن هذا دَيدَن معظم الحوارات الدائرة بين الناس مهما اختلفت مواضيعها وثقافة محاوِريها ووعيهم. كلٌّ يدّعي امتلاك الحقيقة، لكأنّ الحقيقة خاصّته، وملك يمينه وبالتالي يرفض ويُقصي الرأي الآخر والوجوه الأخرى لمواضيع النقاش. وبهذا تكون "الحقيقة" أحاديةً، متعاليةً، ثابتةً، نهائيةً جامدة.
وهذا يضعنا أمام مجموعة من التساؤلات: هل توجد حقيقة واحدة مناسبة لكل الدرجات والسلالم والطبقات؛ لطالما "رفعنا بعضكم فوق بعض درجات" في المال والعلم والوعي والاحتياج؟ وهل الحقيقة موجودة أصلاً كمفردة مستقلّة عن التّبعية لجهة ما؟!

فما كان حقيقةً مقدسةً غير قابلةٍ للنقاش في عصرٍ وظروفٍ معينة، أثبت تطوّر العلوم وتبدّل أحوال التاريخ وأنظمته خطأها بل وأبطل تداولها، وهذا ينافي أصل وجود "الحقيقة". فالحقيقة ليست ثابتة، بل تتطوّر، تنمو، ولا نهائية أيضاً، بل تتشكّل وتلبس وجهاً جديداً كل عصر مختلفاً عن سابقه.

وهنا أجدني أردد ما قاله أدونيس:
"أعجب ممن يقول إنّ الحقيقة تكمن في كلماته!
كيف يجرؤ بعد ذلك على النُطق؟"


(f)

سلامات يا بسمة، سعيد جدا برؤية مشاركة جديدة لك في النادي الذي تبخلين عليه بقلمك مؤخرا(f)

هذه البرامج التي تفضلتي بالإشارة إليها ليست سوى ساعات وساعات من الكلام الفارغ البعيد جدا عن الهدف والمحتوى المفيد الراقي، ليست سوى "حوارات طرشان" مما اعتدنا على سماعه عند نواصي الشوارع أو حتى في الجلسات العائلية ...

نحن للأسف ترعرعنا على مبدأ احتكار الحقيقة، والتخلص من هذا الجانب من التربية السيئة صعب جدا ولا يحصل بين ليلة وضحاها، بل أظن أنه يستلزم أجيالا ليختفي أو على الأقل يخف تأثيره ...

نصيحتي هي بالابتعاد عن هذه البرامج والابتعاد عما يشابهها من حوارات في حياتنا اليومية، أنا عن نفسي أرفض الحديث مع أي شخص في الدين أو السياسة، وأعلل ذلك بأنني لست شيخا ولا وزيرا:Dوأفضل الكلام الفارغ ومضيعة الوقت في أي شيء آخر على أن أقضي وقتي في الحصول على جرعات مجانية من ضغط الدم والسكري والصداع ...

أجارنا الله وإياكم من كل شر

وعلى قولة المثل "طنش، تعش، تنتعش":D

من يؤمن بقوة الافكار - حالم يعيش فى توهان , زى بالضبط اللى بيؤمن بان رواية ممكن تقلب بلد من حال لحال ...



الحقيقة : هى افكار لديها قوة سواء اقتصادية او عسكرية , تقدر تتطبقها على ارض الواقع






هكذا صنع التاريخ

انا اختلف مع الزملاء، هذه البرامج رافد من الروافد ، والا لماذا نتحاور هنا ونحن صورة مصغرة جدا من هذه البرامج ؟!
اضافة الى انها نوع من المتع ، ونافذة للمشاهد للتعرف على المفكرين والكتاب الآخرين .
ففي الاتجاه المعاكس مثلا تعرفنا نحن المشاهدين العاديين على كتاب كانوا مقصيين عن اعلامنا المحلي ، ورأينا كتاب ومفكرين وهم مجردين تماما من ظلهم الطويل والعكس صحيح .

لذا اختلف جدا معكم .

انها الدوغما يا عزيزتي نسمة.

دوغمائية دينية تاريخية سياسية متاصلة و متمفصلة مع كل قناعاتنا ... فاين المفر ؟


(f)

كنت ومازلت وسأظل مؤمنا بالحوار .. ولكن .. قد علمتني التجربة أن الحوار نادرا ما يغير قناعات الطرفين (إلا فيما ندر) فكل طرف يتصلب برأه، ويستحيل عليه الاعتراف بخطئه !! ..اذن .. ما فائدة الحوار؟:

هناك شريحة كبيرة جدا تتابع الحوار (هي الأغلبية الصامتة) واليها فقط يوجه الحوار، وهي المستفيدة الحقيقية منه .. وأحسب انه ليس من الصعب عليها تحسس مواطن الخلل والضعف .. أو القوة والصحة ..

بالفعل كما قالت نسمة: نحن نعيش وهم الحقيقة !! فلا وجود للحقيقة كفكرة مجردة برأيي .. الحقيقة دائما متغيرة ، فما أراه حقيقةً يراه غيري سقيماً !! .. وما اقاتل من أجله ظناً أنه الحق الذي لا يماري فيه احد ولا ينكره الا من في عقله خلل هو ببساطة منكر من المنكرات العقلية عند آخر !! .. فهل يوجد شيء اسمه حقيقة بالفعل !! ..

عندما يتخلى كل طرف عن تصلبه، ويؤمن بأن ما يحارب من أجله هو وجه من وجوه الحقيقة لا كل الحقيقة ربما يتغير العالم .. ولكن .. ما اصعب أن ترى كامل المكعب في ذات الوقت !!..

أحياناً .. أسأل نفسي: ما أغرب عالم الأديان ! بل قل: ما أطرفه !! .. فهو موزع على افكار .. وكل طرف يزعم انه وحده من يحتكر الحقيقة، ومن خالفه مدموغ بدمغة الجهل والغباء لأنه ينكر حقيقته !! .. ولو صدق الجميع فنحن نعيش عالم الغباء !! .. أما العقل فالكل يدعي وصله !! ..

وما يصدق على عالم الأديان يصدق على عالم السياسة والاقتصاد والاجتماع والفلسفة .. وحتى الفن ربما ! .. دائما العلة واحدة: احتكار الحقيقة وعدم تقبل فكرة احتمال (مجرد احتمال) وقوع الخطأ في حقيقتي !! ..

مع التحية ..

شهاب الدمشقي .. محتكر الحقيقة الدمشقية :yes:

فما كان حقيقةً مقدسةً غير قابلةٍ للنقاش في عصرٍ وظروفٍ معينة، أثبت تطوّر العلوم وتبدّل أحوال التاريخ وأنظمته خطأها بل وأبطل تداولها، وهذا ينافي أصل وجود "الحقيقة". فالحقيقة ليست ثابتة، بل تتطوّر، تنمو، ولا نهائية أيضاً، بل تتشكّل وتلبس وجهاً جديداً كل عصر مختلفاً عن سابقه.

..................

هذه الفقرة هي التي وقفت عندها
هل أفهم بأن بسمة بدأت تفعل عقل البحث عن حقيقة معتقداتها ؟؟؟
بشكل تلميح وخفي ,,,
خوفا من العقوبة القاسية التي تنتظرها لو أفصحت بشكل علني عما يدور في عقلها من تساؤلات ..؟
قد يكون أبسط موضوع هو توصل العلم الى معرفة ما بأرحمام النساء من نوعية الجنين
رغما أنه زرع فيما لا يدع مجالا للفكر بأدمغتنا بأن لا يعلم ما بالأرحمام الا الله ..:D

بخصوص تغليفك لهذا التصريح المخفي بموضوع حوارات الفضائية والأكثر شهرة لأنه هو الذي بدأ
بقذف حجرا ببحيرة آسنة اسمه الرأي والرأي الآخر تحول الى الاتجاه المعاكس
في مجلس العموم البريطاني بأعرق ديمقراطية وحرية يتم هناك شتائم من العيار الثقيل بين الأحزاب المتصارعة
خروتشوف بجلالة قدرة أمسك بالحذاء في مجلس الدوما وأخذ يخبط به محتجا ومعارضا لآراء لا تروق له
نشاهد كثيرا في برلمانات العالم مهازل وضرب بالأحذية والكراسي كل هذا للدفاع عما يقتنع به وضد من يخالفه هذا الاعتقاد
من لا يدافع عن ما يؤمن به فهذا يدل على ضعف ما يؤمن به
كل الحروب التي تتم بناء على هذه الأفكار التي تتعارض مع أفكار أخرى
من وجهة نظري
أن برنامج الاتجاه المعاكس بدأ يتحسن كثيرا وأصبح هناك نوعية من المتحاورين يمسكون أعصابهم
وعنصريتهم وشوفينيتهم في الحوار ..
بمعنى هذا البرنامج بدأ يعلم المشاهد , لا بد أن يكون هناك حوار أفكار
وعرضها بشكل سلس ومقنع للمتلقي وكل ما كان صاحب الفكر لديه القدرة على الاقناع فاز بعرض فكره وحصل على تأييد أكثر
بالأول كان هناك من يمزج بشكل مرضي بفكرة مع شخصه
مع أن الفكر متغير أما الشخص فلن يحصل به تغيير
هناك أفكار تتغير ولكن المباديء هي التي يجب الحفاظ عليها لأنها تصبح من نسيج الشخصية
لهذا يحصل خلط بين الفكر والمباديء ...
عن نفسي كثير من هؤلاء الضيوف لا أقتنع لا بوجهة نظر هذا ولا ذلك لسوء اقناعهم بعرضهم لافكارهم
لاحظي نادي الفكر حصل به تغيير كبير كيف كان بالأول يتم الحوار من فكر الى الشخصنة وتضيع الفكرة وتتحول
الصفحة الى شتائم من العيار الثقيل .:emb:.
الآن أصبح أكثر رقيا وسعة أفق .............................. نوعا ما :cool: