ارقام عراقية مرعبة
2005/05/12
لا نعتقد ان الرئيس الامريكي جورج بوش يستطيع ان يكرر مقولته الشهيرة بان الاوضاع في العراق افضل مما كانت عليه، خاصة بعد توارد الانباء عن موجات السيارات المفخخة التي تحصد ارواح الابرياء، وبلغ عدد ضحاياها في الايام الاربعة الماضية اكثر من خمسمئة شخص.
فالعراق الذي وعد الرئيس الامريكي بتحويله الي دولة ديمقراطية نموذجية في الرخاء الاقتصادي تحول الي ساحة من الفوضي الدموية، والانهيار الامني، والبؤس الاقتصادي والاجتماعي.
وحتي لا نتهم بالمبالغة والتعميم، نحيل الرئيس بوش وكل المداحين لمشاريعه واحتلاله للعراق الي المسح الذي اعلنه وزير التخطيط العراقي برهم صالح، واعدته وزارته اثبت ان العراقيين، وبعد عامين من الاحتلال لا يجدون سببا يذكر للتفاؤل علي الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، حيث تزداد معاناتهم بسبب هبوط مأساوي في مستويات المعيشة وارتفاع البطالة.
ويورد المسح ارقاما مرعبة حول الاوضاع في العراق حيث تصل نسبة البطالة الي اكثر من خمسين في المئة، وهي نسبة غير مسبوقة اذا قارناها بنظيراتها اثناء الحرب مع ايران (ثلاثة في المئة) او اثناء الحصار الذي فرضته الامم المتحدة في مطلع التسعينات (13 في المئة).
واثبت المسح ان 85% من الاسر العراقية تعاني انقطاعا متكررا للكهرباء و54% منها لا تستطيع الحصول علي مياه شرب نظيفة، اما نسبة الامية ففي ارتفاع، وكذلك نسبة الوفيات بين الاطفال والامهات الحوامل نظرا لغياب الرعاية الصحية.
العراق الذي يجري في ارضه نهران يعاني شعبه من العطش.. والعراق الذي يعوم علي احتياطات نفطية مثبتة تصل الي مئة وعشرين مليار برميل لا يستطيع توفير امدادات الكهرباء لابنائه في ظل الاحتلال الامريكي وديمقراطيته.
ومن المفارقة ان الاشارة الي ارتفاع نسبة الامية في العراق تثبت مدي التدهور الذي يعيشه هذا البلد. فالعراق حصل علي جائزة اليونسكو عام 1984 بسبب قضائه علي الامية بشكل نهائي في ربوعه.
هذه النتائج المفزعة والمحبطة تأتي بعد انفاق الولايات المتحدة الامريكية اكثر من مئتي مليار دولار علي الحرب في العراق، حسب ما اوضحته التقارير الرسمية الامريكية، او ما يعادل خمسة مليارات دولار شهريا.
واذا اضفنا الخسائر البشرية في اوساط العراقيين التي بلغت مئة الف شهيد، واربعة اضعاف هذا الرقم من الجرحي، واكثر من 1500 قتيل في صفوف القوات الامريكية، فان الصورة تبدو قاتمة تماما بالنسبة الي امريكا وحلفائها.
العراق الجديد الذي روج له الرئيس بوش وحلفاؤه عراق بائس بكل المقاييس، عراق بلا حاضر ولا مستقبل، ولهذا يحرص هؤلاء، وبعد عامين من الغزو علي العودة الي الماضي، لتبرير الاوضاع المأساوية الراهنة، ولكنها حيلة غير مقنعة استنفدت اغراضها، ولم تعد تحدث اي تأثير في اوساط العراقيين مثلما كان عليه الحال في السابق.
العراقيون خاب املهم في سياسييهم الذين زينوا لهم الاحتلال، ووعدوهم بالرخاء والديمقراطية، فجاءت النتائج عكسية تماما، والصورة علي الارض لا تكذب ولا تحتاج الي شرح اكثر.
http://www.alquds.co.uk/index.asp?fname=20...اقية%20مرعبةfff