الزميلة المحترمة هالة .

أشكرك ان أتحت لي فرصة لتعليق أكثر عمقا حول الموضوع ،وهو بإيجاز علاقة معامل الذكاء المتوسط بثروة الأمم . و سينقسم تعليقي إلى 3 عناوين صغيرة هي الملاحظات العامة – مدى التعويل – النقد .
أولآ : الملاحظات العامة .
1- هذا اتجاه جديد في الدراسات الإجتماعية – الإقتصادية ،و بالتالي سيكون هناك دائما المزيد من التطوير و التعديل ، المهم هو مدى سلامة المقترب و إمكانية التعويل على النتائج التي نحصل عليها ،و توظيفها لتطوير المجتمع .
2- لم تدع النظرية أن معامل الذكاء هو المحدد determinant الوحيد لثروة الأمم ،و لكنه ضمن عوامل أخرى .
3- الذكاء ليس قيمة ثابتة في أي شعب بل هو يزيد و ينقص .كما أن زيادة 1أو 2 أو 3 درجات لا يعني اننا نفاضل بين الشعوب ،و لكن يمكن أن نعتبر تلك الشعوب لها نفس معدل الذكاء .
4- لا يمكن التقليل من أهمية معامل الذكاء العام و التعويل فقط على ذكاء النخب ، فمتوسط ذكاء النخب هو أيضا يتوقف على مستوى الذكاء العام ، فكلما صغرت قاعدة الهرم كلما انخفضت قمته ، يجب أيضا ألا نغفل أن الشعب هو الذي ينتج و يعمل و يقوم بالواجب الإنتخابي ، وهو الذي يفرض أيقاع المجتمع . حتى لو صنع مجتمع نخبا متميزة لسبب أو آخر فمن الذي سينفذ ما تخططه تلك النخب أليس الشعب نفسه ؟.
5- الإنجازات الثقافية التاريخية لشعب ما لا يعني أنه أكثر ذكاءا من شعب آخر لم يتميز بإنجازات ثقافية ،و لكنها تعكس مرحلة تاريخية تمر بها الشعوب ، فاليونانيون القدامى كانوا العقلية الأكثر تميزا في التاريخ القديم ،و لكن الشعب اليوناني الحديث بعيد أن يكون كذلك .
6- أعلم أن الحقائق الواردة في الكتاب ( الدراسة ) صادمة ، خاصة في ضوء الأوهام التي نعيش في أحضانها بعيدا عن الأرقام . فهي تؤكد في جانب منها أن تخلف العرب ليس نتيجة عوامل خارجية بل نتيجة عوامل داخلية عليهم العمل على تخطيها بدلآ من التحريض ضد الآخرين و إلقاء جريمة التخلف على عاتق الآخرين أعداء الله !.
7- لا يمكننا إنكار الحقائق العلمية و لكن علينا التعامل معها . وجود فروق إحصائية بين معامل الذكاء IQ بين الأجناس حقيقة عليمة ، فالشعوب الأسيوية هي الأعلى في قياسات IQ تليها الشعوب القوقازية الأوروبية ثم اللاتينية و الشرق أوسطية و أخيرا الإفريقية .
8- الدراسة لا تؤكد التفوق العرقي للجنس الأبيض بل تدحضها و تضربها في الصميم ، كما تنفي تميز اليهود و ذكائهم الخارق الذي نبرر بها فشل العرب في مواجهتهم .أي لا يجب أن تذكرك بما تذكرتيه بالفعل .
ثانيا : مصداقية النظرية Credibility .
1- في الدراسات الإنسانية لا يمكننا قبول أو رفض النظريات عن طريق الإنطباع أو الإستحسان ،و لكن عن طريق قدرتها التفسيرية و مدى تطابقها مع نظريات أخرى ذات مصداقية عالية ،وهناك مقياس إحصائي معروف لإيجاد العلاقات بين البيانات لمجموعتين مختلفين بينهما علاقة ، هذا المقياس يستخدم في كل الدراسات الإنسانية والسوقية وهو معامل الإرتباط Correlation Coefficient ، كلما إزداد فهذا يعني أن علاقة الإرتباط أكثر وثوقا .
2- يوضح الكتاب كيف قام الباحثان بتقدير معامل الذكاء IQ لعدد 81 دولة بناء على نتائج الإحصائيات التي تمت و نشرت بالفعل ، و تم إيجاد العلاقة بين إجمالي الناتج المحلي مقاسا بالفرد per capita GDP و معامل الذكاء IQ و وجد أن معامل الإرتباط هو 0.82 وهو معامل مرتفع للغاية من النادر مصدافته في أي دراسة إنسانية ( يدرك هذه الحقيقة كل من له علاقة بدراسات السوق) ، و عند إيجاد العلاقة بين معدل النمو السنوي خلال الفترة من 1950إلى 1990 و جد أن معامل الإرتباط هو 0.64 ،وهو أيضا معامل مرتفع بشكل استثنائي . هذا معناه أن معامل الذكاء هو المحدد الأهم لكل من التنمية و تراكم ثروة الأمم .
3- تعرضت في مداخلة سابقة لما يمكن أن يكون حيودا في النظرية و أوضحت تفسيرات سريعة لبعضه . أوضح حالة تعارضت مع النظرية هي حالة الصين عند صدور النظرية ، فمتوسط per capita GDP هو 4500 دولار ، بينما IQ هو من الأعلى في العالم 104 ، و فسرت النظرية ذلك بعدم كفاءة النظام الشيوعي و الإقتصاد الموجه بالتالي تنبأت النظرية بأن معدلات التنمية ستتزايد بشكل هائل مع إدخال إصلاحات السوق المفتوحة وهذا ما حدث بالفعل .
4- أثبتت الدراسات الأكثر حداثة الصحة العامة للنظرية ، أكثر من هذا وجد ديكرسون Dickerson عام 2006 أن العلاقة بين IQ و GDP يمكن التعبير عنها بشكل أكثر دقة خلال العلاقة الأسية exponential ، و عندما نأخذ في اعتبارنا نتائج النظرية القائلة بأن IQيساهم ب70% من GDP ، سنجد – بشكل عام - أن كل زيادة بمقدار 10 في IQ تؤدي إلى تضاعف GDP .
ثالثا : أوجه قصور النظرية .
1- إعتماد المؤلفين على نتائج الإحصائيات المنشورة و التي قام بها آخرون ، هذه النتائج جرى تصحيحها و أخذ متوسطاتها كأساس لكل ما جاء في الكتاب .
2- هناك 104 دولة من 185 لم يتم مسحها ولا يتوفر بيانات إحصائية ميدانية عنها ، و لكن تم تقدير متوسط IQ من دول المحيط .
3- الحالات الناتئة و الإنتقالية .