(06-13-2011, 10:36 AM)observer كتب: (06-13-2011, 01:49 AM)العلماني كتب: (06-12-2011, 05:39 PM)observer كتب: متألق في نفاقه عزمي بشارة في هذا النقاش!!! على رأي الاخوة السوريين يا حيف!!!
هلا أعطيتني مثلاً من كلامه عما تصفه "بالنفاق"!
واسلم لي
العلماني
عزمي بشارة ''المفكر'' العلماني الديموقراطي، يحاضر في جمهور من ضمن حضوره اقطاب الاسلام السياسي، كراشد الغنوشي و عباسي مدني في ندوة تنقلها محطة الجزيرة و التي توجهاتها السياسية لا تخفى على احد، متغزلا في الشريعة و مسمعا جمهوره ما يحب ان يسمع. فيبدأ محاضرته بهجومه على الغرب، ملمحا ان العلة بالغرب و ليس بالاسلام السياسي، و ناصحا الاسلاميين السياسيين عدم الالتفات الى الغرب بل الاهتمام الى الداخل (مع ان للغرب ملاحظات ليست بالضرورة خاطئة حول الاسلام السياسي، منها الديموقراطية و مفهومها و حقوق المرأة و الاقليات و غيرها). ثم يتغزل بالشريعة الاسلامية ''العظيمة'' على حد تعبيره، و لا ندري اين مكمن العظمة في قطع يد السارق او في رجم الزاني او في جعل شهادة المرأة بنصف شهادة الرجل في المحاكم المدنية او في جعل حصة الانثى نصف حصة الذكر في الميراث؟؟!! و لا يقف عند هذا، بل يشدد على وجوب تبني هذا الارث ''العظيم'' مستشهدا بتبني اوروبا للقانون الروماني (و بالحقيقة لا اعرف اين وجه الشبه بين القانون الروماني و الشريعة الاسلامية، فالاول قانون مدني متطور لحد بعيد، لدرجة انه ما زال معتمدا الى يومنا هذا في الكثير من الانظمة القضائية الاوروبية على اعتبار انه اساس التشريع لديها و القائم على المساواة المطلقة بين الناس، بينما الشريعة ابعد ما تكون عن ذلك). ثم يضيف مثال آخر، للزيادة في التأكيد على لزوم أخذ الشريعة بعين الاعتبار، مستشهدا بالنموذج الاسرائيلي و ما تعلمه بالجامعة العبرية من الاساس اليهودي في القانون الاسرائيلي، بينما بُح صوته (عزمي بشارة يعني) و هو يكرز عبر الفضائيات العربية و لا سيما الجزيرة، بأنه لا يوجد شيء اسمه ديموقراطية و دولة يهودية ''فجملة: اسرائيل دولة يهودية ديموقراطية، هي جملة متناقضة''، طبعا انا اوافقه على هذا تماما، و لكن اتمنى عليه ان يرى التناقض ايضا في جملة دولة سلامية ديموقراطية تعتمد الشريعة الاسلامية. و أخيرا تجده يُميّع المفهوم العلماني و الديموقراطي، ليجعل الاسلام السياسي ليس غريبا عن هذين المفهومين ولا يتناقض معهما، باجترار المثال التركي (مع ان حزب العدالة و التنمية التركي مفرغ من محتواه الاسلامي، و هو حتى حزب غير اسلامي باعتراف اردوغان نفسه ولا يحمل من الاسلام سوى اسمه، و من المجحف ومن المضلل ايضا ان نتحدث عن تركيا عندما نريد التحدث عن الاسلام السياسي.
أوبزرفر يا سندي،
ما المشكلة في أن يتحدث "عزمي بشارة"، العلماني الديمقراطي، في جلسة يحضرها "أقطاب الإسلام السياسي" وترعاها قناة "الجزيرة"؟ إذ ما المشكلة – مع حفظ الفروق طبعاً - في أن ينشر "محمد بن عبدالله القرشي" دعوته في "مكة والمدينة" أيام "كفرهما"؟ وما المشكلة في أن يحادث "المسيح" "الفريسيين" في أمور دنياهم ودينهم؟ أليس هو من يقول: "جئت لأدعو خطاة لا مؤمنين إلى التوبة"؟
بالنسبة لي لا مشكلة في هذا على الإطلاق، فالعبرة هي "بمحتوى الخطاب" وليس بمن سمعه. فأنت لا تعلم أين كان يلقي "هوميروس" أشعاره ولا أظن بأنه يهمك – أو يهمني – على من عرض "شكسبير" مسرحياته. فالمهم، وأظنك توافق على هذا، هو محتوى "الإلياذة" ومعالجة "شكسبير" لمواضيعه في "هاملت وماكبث وروميو وجولييت" وغيرها. بل إني أذهب إلى أبعد من هذا وأقول بأن "اقتحام مفكر علماني" جلسة يحضرها "أقطاب الإسلام السياسي" بخطاب غير الخطاب الذي تعودوه ينفع "العلمانية" ولا يضرها. فمداخلة "عزمي بشارة" في هذه الجلسة هي مداخلة "موفقة" – برأيي – لأنها تقترب من هموم الحضور دون أن تخل "بثوابت" العلمانية. فعزمي بشارة، في مداخلته، كان يعطي بيد ويأخذ بالأخرى. وسوف نأتي لهذا بعد قليل.
==
بالنسبة للغرب والنصيحة بعدم البحث عن "خطب وده وإثارة إعجابه"، وإشارة "عزمي بشارة" إلى أن التقيد "بالمصالح الوطنية" هو ما يجب أن يكون "حجر الأساس" في سياسة الحركات الوطنية والإسلاموية، لهو كلام سليم تماماً. فالغرب (وهو هنا يعني الدول الاستعمارية القديمة وأمريكا اليوم) لم يهتم يوماً في عالمنا إلا بمصالحه الضيقة ولتذهب مصالحنا إلى الجحيم. ولئن كان الغرب اليوم يتحدث عن "الديمقراطية" و"حقوق المرأة" و"الأقليات" كما تقول، فهو أيضاً يربط جميع هذه بالموقف من "إسرائيل". وإن كانت "حماس" مدرجة اليوم على قائمة "المنظمات الإرهابية" في الغرب، فذلك لأن لها موقفاً رافضاً لإسرائيل. ولو اعترفت "حماس" غداً بإسرائيل فإن اسمها سوف يمحى، بين عشية وضحاها، من جميع قوائم الإرهاب الدولية.
الغرب لم يكن معنا يوماً ولا مع مصالحنا، فهو مع نفسه ولا يعرف سواها حتى لو كانت هذه المصالح ويلاً وثبوراً على "دماغ اللي خلفونا" – كما يقول إخوتنا المصريون -، ولك في "الاستعمار القديم أسوة حسنة، وفي الرعاية الأمريكية لجميع أنواع الاستبداد والمستبدين في الشرق الأوسط في الخمسين سنة الماضية شاهداً على ما أقول. فالساسة الأمريكيون مثلاً الذين يتشدقون بمطالبة دولنا بالديمقراطية وحقوق المرأة وحقوق الأقليات إلخ، هم نفسهم الأصدقاء الأوفياء لنظام حكم متخلف مثل "السعودية" التي لا يوجد بها لا ديمقراطية ولا حقوق نساء ويتم التنكيل بشكل دائم فيها بحقوق الأقلية الشيعية.
لنتذكر سريعاً أن الغرب هو من استعمرنا، وهو من أنجح قيام "إسرائيل" وطرد الشعب الفلسطيني من وطنه وحافظ على الدولة الوليدة. وهو من تحالف مع جميع الرجعيات العربية في الستين سنة الماضية أمام كل محاولة نهضوية في شرقنا، ابتداء من حلف بغداد أيام "نوري السعيد" حتى اليوم، مروراً بجميع مآسينا وويلاتنا. من هنا كانت "نصيحة" "عزمي بشارة" بالكف عن خطب ود الغرب والتجمل له والانحياز التام والكامل "لمصالحنا الوطنية" في التعامل مع الغرب أو مع الشرق، مع القرد أو مع النبي.
"عزمي بشارة" محق ألف مرة بحض أقطاب الإسلام السياسي على التعامل مع الآخر من خلال "المصالح الوطنية" وليس من خلال "النفاق والتجمل ووسائل المكياج". فهو يدرك تماماً أن "الديمقراطية وحقوق المرأة والحريات" هي "مطالب ومصالح وطنية" أولاً، وعوضاً عن التجمل للغرب بشأنها، على الزعماء السياسيين الالتحام بها لأنها مصالح وطنية وليس لأن الغرب يريدها. بهذا الالتحام بالمصلحة الوطنية التي تشكل الديمقراطية اليوم حلقتها الرئيسية، تستطيع الحركات السياسية – إسلامية أو غير اسلامية - حفظ توازنها، وليس باستجداء رضى الغرب الأناني الذي لم يتعامل معنا إلا وفق أهوائه ومصالحه هو.
"عزمي بشارة"- كعود على بدء إذاً - يدعو إلى "المصالحة مع الذات" قبل التعامل مع الآخر. فهو يعلم تمام العلم أن "الدول الغربية" نفسها تنطلق في تعاملها مع دولنا، قبل كل شيء، من خلال مصالحها الذاتية. إنه يعلم أن الحرص على تحقيق "المصالح الوطنية" هو من سيقود شعوبنا إلى تحقيق ديمقراطيتها واكتساب حرياتها، وليس "التجمل" للغرب هو من سوف يقود إلى ذلك. هنا، لا يقول "عزمي بشارة" بتاتاً أن "العلة في الغرب" وليست "في الإسلام السياسي" – كما تدعي أنت -. فهو لا يحاكم الغرب في مداخلته مطلقاً، ولكنه يتمرد عليه ويصر على أن يكون "ذاته"، رافضاً أن يكون "أراجوزاً" غربيا. ورافضاً أن تضع "الحركات السياسية" في اعتبارها، أول ما تضع، رضى الغرب ووده، حتى لو كان في هذا "مصيبة لمجتمعاتنا".
======
لي مهماً في هذا المضمار ما يطلقه "عزمي بشارة" من نعوت على الشريعة الإسلامية، فالمهم – من جديد – هو محتوى الخطاب. ومحتوى خطاب "عزمي بشارة" لا يقول بتبني الشريعة الإسلامية وتطبيقها " بشوشها وعموشها" ولكن بالارتكاز عليها كإرث حضاري مثل "القانون الروماني" في الغرب "والقانون العبري" في اسرائيل. ولعل في هذا الخطاب تلبية لحاجات "العلمانيين العرب" أكثر بكثير من "خطابنا الذي يركز على "الحدود الجنائية" و"حقوق الميراث" وتراث "اضربوهن". بل لعل خطاب "عزمي بشارة" الودّي هو "الجزرة" التي قد تفيد أحياناً في ما لا تفيد به "العصا". كيف؟
القانون الروماني في الغرب مثلاً لم يؤخذ كقواعد نهائية كما ورد في "ديجست جوستنيان"، ولا كما ورد عند "غايوس" في القرن الأول للميلاد، ولا – بالقطع – كما ورد في "الألواح الإثني عشر" في "روما القديمة". ذلك أن الأوروبيين في "عصر الأنوار"، عادوا إلى القانون الروماني ومزجوه بالقانون الكنسي وعدلّوه حسب حاجات مجتمعاتهم وصنعوا منه قائداً لمجتمعاتهم في تنظيمها. وعندما يشير "عزمي بشارة" إلى "القانون الروماني"، فإن في ذلك دعوة غير مباشرة إلى "غربلة أحكام الشريعة" وانتقاء الصالح منها وترك الطالح. إنها دعوة "مستترة" للقانون الوضعي (الذي لا غنى عنه في المجتمعات الحديثة)، وملائمة "أحكام الشريعة" لمقتضى حالنا وعصرنا. هنا، ما يفعله "عزمي بشارة"، من خلال الحرص الظاهري على "أحكام الشريعة" ودعوتها "بالعظيمة" لا يتعارض مطلقاً مع رغباتنا كعلمانيين في التخلص من الأحكام "البربرية الوحشية" التي يعاني منها "قانون العقوبات في الشريعة الإسلامية".
"عزمي بشارة" أكثر "خبثاً" منا بكثير عندما يتحدث عن ضرورة "الحفاظ على إرث الشريعة العظيم" من خلال الإتيان بمثال "القانون الروماني" في الغرب. فهو يترك الإسلاميين يشعرون بالزهو دون أن يتنازل لهم عن مطلب أساسي من مطالبنا التي تقضي "بعصرنة القوانين" والتخلص من أحكام المجتمعات المتخلفة العتيقة البالية التي لا تزال آثارها واضحة في "القطع والجدع والبتر والجلد والرجم". إنه ببساطة يقول للإسلاميين: نحن نتمسك أكثر منكم بالشريعة العظيمة، لذلك فتعالوا كي نجعلها في أساس قوانيننا كما فعل الغرب مع القانون الروماني من خلال أخذ الصالح منه وترك الطالح. هنا، بالمناسبة، ليس صحيحاً أبداً أن "القانون الروماني" قانوناً مدنياً مساوتياً كما تقول، ففي روما القديمة كان الإنسان يباع ويشترى، وكان الـ "باتر فاميلياس" يمتلك نفوس من في البيت، وكانت الفوارق الطبقية أساساً في هذا القانون، مثل جميع القوانين القديمة. وبالمناسبة، هل تعلم أن الكثير من قوانين الشريعة الإسلامية مصدرها أيضاً القانون الروماني نفسه؟ لن أخوض في هذا الآن، ولكن هناك دراسة قيمة ترجمت إلى العربية في أوائل القرن العشرين للمستشرق النمساوي "جوستاف غرينباوم"، تحدث فيها بإسهاب عن الأحكام الإسلامية الكثيرة التي تم نقلها عن القانون الروماني. طبعاً، التاريخ يؤكد هذا لأن العرب عند خروجهم من الجزيرة كانوا بحاجة لبناء دولة مترامية الأطراف، وكان القانون الروماني في شكله الأكثر تطوراً (ديجيست جوستنيان) الذي تم إعداده في القرن السادس الميلادي هو القانون السائد في الشرق، فأخذ العرب منه الكثير كي يستعينوا على قضاء حوائجهم. لذلك، فالشريعة الإسلامية بها مخزون كبير جداً من القانون الروماني ... ولن أستفيض في هذا الآن.
------------
يبدو أنك أسأت فهم ما يقوله "عزمي بشارة" بخصوص "المثال التركي" أو أنك لم تلق سمعك إليه جيداً، لأنه يقول تقريباً ما تأخذه عليه أنت في مداخلتك. (راجع الملخص الذي أعددته أعلاه لما قاله "عزمي بشارة").
----
قد يبدو من هذه المداخلة أنني أتبنى جميع ما يقوله "عزمي بشارة"، ولكن هذا ليس صحيحاً. فأنا آخذ عليه نقطة أو اثنتان بالنسبة لمصطلح "العلمانية" قد آتي على ذكرهما غداً من خلال مداخلة منفردة (فلقد كتبت الآن بما فيه الكفاية).
واسلموا لي
العلماني