" ومن العجيب أن يعاملنا الأعداء الصهاينة و الأمريكيون -مسلمين و مسيحيين - كعرب ، ونتعامل ما بيننا كمسلمين و مسيحيين ." بهجت في .. مسلمون ..مسيحيون .. عرب
(11-01-2011, 01:30 AM)نظام الملك كتب: ........................................
وهذا يقودنى الى النقطة التى اتمنى الوصول الى رؤية واضحة فيها حيث أننى وكثير مثلى يعرف الاصولية الاسلامية ولكن لا يعرف الاصولية المسيحية ، الاصولية المسيحية هى التى ترفض الأخر وهى التى بها غلوا فى الدين ولكننا لا نعرف الكيفية لأننا لا نعرف المسيحية وتاريخها كما ينبغى أن نعرفه (ومن هنا أؤكد على أهمية دراسة التاريخ والدين المسيحى فى المدارس مثل التاريخ والدين الاسلامى) فيجب ان نعرف المسيحية وفرقها وعباداتها ومن هو الأصولى ومن هو المعتدل.
فمثلا يعتقد المسيحى ان الكنيسة جسد الرب على الارض على ما أظن. فهل هذا سبب الغلو فى طلب بناء الكنائس ، أن الاصولى يؤمن بأنه بهذا يتقرب الى الله ، هل يمكن ان يخرج بناء الكنائس عن دائرة الاحتياج لمكان للصلاة الى نطاق اكبر بحيث يمثل عبادة فى حد ذاته. بعكس الوضع فى الاسلام حيث يقول الرسول عليه الصلاة والسلام : جعلت الارض لى مسجدا وبهذا لا يفرق مع المسلم ان يصلى فى جامع او زاوية او الشارع.
كذلك مثلا يوجد آيات مسيحية تتعلق بأختيار الاسقف وانه تقريبا فى مقام المسيح كراعى للخراف ، فهل هذا يجعل الأصولى المسيحى يتبع القسيس بنوع من التأليه او فى أفضل الأحوال يتبعه بدون تفكير خشية الكفر وعندها يستطيع بعض القساوسة زرع منطق مختلف للدين مثل أن يعتبر قتيل ماسبيرو شهيد وليس قتيل ، هذا لأنه فى الأصل خالف تعليمات المسيح فكيف يكون شهيد ؟
أعتقد أنه يجب ان نفهم المسيحية ومفردات الأصولية المسيحية كما نفهم الاصولية الاسلامية ومفرداتها. وربما هذا يحتاج مددا من السيد بهجت.
وأقول مدد يا سيدنا بهجت مدد
وتقبلوا تحياتى
يا صديقي .
من الصعوبة لغير المنتسب لدين ما أن يكون مرجعآ له ، لهذا نحن نجتهد في نقد الأصولية الإسلامية و نقرأ النقد الذي يوجهه اليهودي العلماني لليهودية و ما يوجهه المسيحي العلماني للأصولية المسيحية .
الأصولية المسيحية كما نقرأ في المراجع الأوروبية هي أم الأصوليات المعاصرة ، أو على الأقل أول الأصوليات التي جرى تميزها و توصيفها و نقدها . في جميع الموسوعات الهامة يبدأ تعريف الأصولية بأنها مسيحية ، بل لقد انحصر مصطلح الأصولية في تعريف الأصولية المسيحية حتى فترة قريبة أما كون الأصولية المسيحية هي أصل الأصوليات فدعني أقتبس روجيه جارودي حول هذا المصطلح . ذكر جارودي في كتابه الهام ( الأصوليات المعاصرة أسبابها و مظاهرها ) ، أن تعبير الأصولية ظهر أول مرة في قاموس لاروس الصغير عام 1966 بشكل عام جدا ،و لم يظهر بمعناه الشامل سوى في لاروس الكبير عام 1984 ، حيث يعرفها بأنها :" موقف جمود و تصلب معارض لكل نمو و تطور داخل الحركة الدينية ) ضاربا مثلا وحيدا بالأصولية الكاثوليكية ،و لكنه يتوسع في التعريف بعد ذلك واصفا الأصولية بأنها ( مذهب محافظ متصلب في موضوع المعتقد السياسي ) ،و فقط في 1987 يذهب قاموس لاروس أبعد من ذلك معرفا الأصولية بأنها ( موقف بعض الكاثوليك الذين يرفضون التطور، و يعلنون انتسابهم إلى التراث) .
و لكن ما لفت انتباهي خلال قراءة طويلة في هذا الموضوع هو أننا ربما لا نكون متفقين حول معنى أصولي ، و بالطبع سيكون من الصعب إيجاد تعريف جامع مانع يشمل كل ألوان الطيف الأصولي ، بل أن جذر هذا المصطلح مختلف في الإنجليزية عن الفرنسية . رغم هذا يمكننا جميعآ أن نتفق أن المكونات الأساسية للأصولية Fundamentalism من تعريفها هي ؛ العودة للماضي و الإنتساب للتراث و المحافظة عليه – معارضة التطور و النمو - الإنغلاق و التصلب و التحجر المذهبي . إذآ بالتعريف تكون الأصولية تراث في مواجهة الحداثة ، و جمودية في مواجهة العلمانية ، أي أن " الأصولية هي نقيض العلمانية " ، و لكنها ليست بالضرورة مسلحة أو عدوانية .
أما تعبير علماني فهو يدل حصرا على ذلك الذي لا ينتسب إلى الإكليروس و لا يتضمن تعريفيا أي درجة من الإلحاد ، هذا مع الإقرار في نفس الوقت أن المذاهب تتغذى ببعضها ، مما يؤدي إلى انحراف في المفاهيم ذاتها ، فالدفاع عن المؤسسة الدينية ارتدى طابع الدفاع عن العقيدة ، و الدفاع عن العلمنة في أوروبا تحول إلى استبعاد و ضعي للعقيدة ، و تداخل مع الإلحاد .
إنني لا أشارك في السجالات الدينية أو المعتقدية ،و لكننا هنا نناقش الظواهر السياسية المؤثرة على مستقبلنا ، و لهذا لم أهتم بتلك الأصولية المسيحية معتقدآ أنها تعمل في مجتمع غربي آخر ، و لأنها فيرس ضعيف لا يحدث تأثيرآ يذكر في تلك المجتمعات العلمانية منذ أمد بعيد ، و لكني رغم ذلك أرى أهمية دراسة الأصولية المسيحية في الشرق الوسط و مصر تحديدآ و التي تتغذى – وفقا لقانون رد الفعل الطبيعي - على نقيضتها الأصولية الإسلامية المحتقنة ، و بالتالي فهي الآن تلعب دورآ محوريا في حياة الأقباط المصريين و بالتالي بالغة التأثير على المجتمع المصري ككل حالها في ذلك حال الأصولية السلفية الإسلامية . ردا على تساؤلات الإسلاميين بل و القوميين حول تركيزنا كليبراليين على الأصولية الإسلامية دون الأصولية المسيحية ، أجيب عادة أننا نركز على الأصولية الإسلامية لخطرها ، أما الأصولية المسيحية في الغرب فلها من ينتقدها ، ويجب أن نضيف الآن أيضا أهمية أن نركز على نقد الأصوليات الدينية في الشرق كلها ( الإسلامية و الأرثوذكسية ) لأنه لا أحد ينتقدها بقوة ، وليس هذا من منطلق أننا راضون على الأصولية الدينية في الغرب ، بل لأننا نهتم أساسآ بمشاكلنا نحن و ليس بمشاكل الغرب سوى بمقدار تأثيرها علينا .
بالطبع جل اهتمامي منصب على الأصولية الإسلامية ،و لكنني اهتممت أيضا بالأصولية اليهودية مع وصول الليكود إلى الحكم في إسرائيل ،و لي بعض المداخلات الخاصة بالأصولية اليهودية ،و قد تأثرت فيها بما قرأته للكتاب اليهود أنفسهم خاصة المرحوم إسرائيل شاحاك الذي تعرفت عليه خلال الكاتب الليبرالي الكبير " إدوارد سعيد " و أيضا نورتون متسفينسكي و غيرهما ، و لكن التوجه الأساسي استقيته من " إسرائيل شاحاك "وهو رجل بارز يصمد لأي نقد علمي و إنساني . و هناك على الأقل 7 و 8 كتب قرأتها عن الأصولية اليهودية ، منها " اليهود و اليهودية .. ثلاثة آلاف عام من الخطايا " و " الأصولية اليهودية في إسرائيل " و " الديانة اليهودية و موقفها من غير اليهود " و الكتب الثلاث لإسرائيل شاحاك و " خطيئة إسرائيل " لدومنيك فيدال و جوزيف الغازي " و طبعا كتاب روجيه جارودي الشهير " الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية " و غيرها .
أما عن الأصولية المسيحية فعلينا أن نقرر مبدئيا أن لدينا عدة نماذج للمسيحية كما أن لدينا نموذجان أساسيان للإسلام ( السني و الشيعي ) ، هناك الكاثوليكية و البروتستانتية و الأرثوذكسية . ما هو متاح و يتم مناقشته هي الأصولية البروتستانتية و أحيانا الكاثوليكية ، و لكن الأصولية الأرثوذكسية غير مطروحة لسببين في وجهة نظري ؛ الأول أن الأرثوذكسية تعني أساسا الأصولية ، أي أن الكنيسة الأرثوذكسية هي كلها أصولية ، فلا يوجد نموذج أرثوذكسي ليبرالي دون أن يكون استثناء يحاكي الكنائس الغربية ، ثانيآ أن الأرثوذكس غير معتادين على نقد الكنيسة أو الدين كما هو الحال لدى الكاثوليك و البروتستانت . و بالتالي فكل معلوماتنا و أفكارنا عن الأصولية الأرثوذكسية مستقاة من الكتاب الليبراليين الأقباط وهم ندرة بالغة للغاية خاصة منذ ردة السادات الأصولية ، و انطلاق التعصب الأصولي الإسلامي من عقاله ، و بالتالي فهناك القليل جدا الذي يمكن الحديث حوله في هذا الموضوع ،من هذا القليل بلا شك الموضوع الذي تعده أنت هنا عن تاريخ الصحوة القبطية .
أما الأصولية المسيحية بشكل عام فهو موضوع طويل بالفعل ،و قد بدأ اهتمامي به بسلسلة مقالات قرأتها في صحيفة "الخليج " الإماراتية لكاتب من قبيلة حارب لا أتذكر اسمه الأول و لعله د. سعيد ، و كان فيها يتناول الأصولية البروتستانتية في أمريكا حيث أعد رسالة الدكتوراه ، و كان ذلك عام 1992 م كما أتذكر . ظل هذا الموضوع غائبا في مكان ما من اهتماماتي حتى وصول جورج دابليو بوش إلى الرئاسة الأمريكية ، و هنا طرح الموضوع بقوة خاصة بعد 11 سبتمبر . طرحت عدة موضوعات عن الأصولية الأمريكية و شاركت في موضوعات أخرى ، بعضها رأيته مخدومآ جيدآ مثل " أجندة الله " و " أرتعش رعبا من أخلاقية بوش و فطنته ." و "حوار حول كتاب : انه بلد حر.." و " حوار حول كتاب2 : خريف الحرب" و ... و كلها ضاعت مع أرشيف النادي ، و لكن هناك موضوعات تتناول الأصولية المسيحية جزئيا مازالت موجودة مثل " مستقبل الدين في عالم ليبرالي ." الذي يتناول النموذج الأصولي من الدين ( او الأديان ) المسيحية .
http://www.nadyelfikr.com/showthread.php?tid=20090
و " المشكلة مع الله. "
http://nadyelfikr.com/showthread.php?tid=36092
الأصولية المسيحية حتى في الغرب حقيقة ملموسة و مشكلة تواجه العلمانية في أمريكا بالفعل ، طبقا للإحصاءات الموثوق بها هناك نسبة عالية من الأمريكيين يعتبرون أنفسهم مسيحيين مولودين من جديد أو evangelical ( أشبه بالأصوليين المسلمين ) . وهي كما نرى نسبة عالية للغاية في دولة ذات دستور علماني . لن أشير أن هناك نسبة كبيرة من العرب يغفلون عن هذه الحقيقة و يتحدثون عن أمريكا ليبرالية غير موجودة بالفعل ، متأثرين بالدعاية الأمريكية البراقة . في تعريفها للإيفانجيلكية Evangelicalism ؟.( معلومة : يوجد حوالي 157 مليون ايفانجيلي منهم 59 مليون في الولايات المتحدة وحدها ) ، تشير موسوعة الإنكارتا إلى أنها حركة حديثة في البروتستانتية الأنجلو – أمريكية التي تؤكد على الالتزام الشخصي تجاه المسيح و سلطة التوراة ، و هكذا ووفقا للتعريف نجدها حركة ذات طبيعة أصولية ،و يؤمن الإيفانجيلكيون بتفسير تقليدي للتوراة معد مسبقا ، يؤكد على عصمة التوراة و خلوها من أي خطا تاريخي أو عقدي أو أخلاقي . وأصبح بيلي جراهام وهو شخصية كارزمية ينتمي لهذه الطائفة المتحدث الرئيسي باسم الأصولية المسيحية منذ عام 1949 . و في تعريفها لمبادئ الكنيسة الإيفانجيلكية اللوثرية في أمريكاELCA يقول موقعها الرئيسي على الشبكة إن التوراة هو القاعدة الوحيدة للعقيدة و الحياة ، و المقياس الوحيد للحكم على العقائد و التعاليم .
يقول الكاتب رضا هلال في كتابه ( الحرب الأمريكية العالمية ) وهو كما نعلم كاتب مصري ينتمي لما يطلق عليهم الليبراليون الجدد المتعاطفين مع السياسة الأمريكية ، و الذي اختفى في شوارع القاهرة !، عن منظمات اليمين المسيحي :" وهي إن كانت تشارك في مبدأ فصل الكنيسة عن الدولة إلا أنها تختلف في أنشطتها السياسية و الاجتماعية ، ضمن تلك المنظمات المدافعون المسيحيون لخدمة الايفانجيلية Christian Advocates Services Evangelism ، وتأسست كجامعة مساعدة قانونية ، بقيادة جاي الان سيكولو ، و يشارك القس بات روبرتسون في ( المركز الأمريكي للقانون و العدالة ) الذي يعتبر من أهم جماعات المساعدة القانونية المسيحية في الولايات المتحدة . و تهدف هذه المنظمات إلى تلقي تلاميذ المدارس الحكومية النصوص الدينية ، ومحاربة حظر تعليم الدين في المدارس العامة ، تمشيا مع علمانية الدستور .
هل نجادل إذا أن حركة الإيفانجيلية هي حركة أصولية بالمعنى العام لهذا المصطلح ؟. إنك لو سألت أصولي إسلامي عن رأيه في الصراع مع إسرائيل لبحث عن إجابة في القرآن ،و سيبحث نظيره الايفانجيلي عن إجابة في التوراة ،و لكننا سنبحث عن إجابة في عالم السياسية و تاريخ حركات التحرر الوطني .
هذا هو الفرق ببساطة .
ربما لا نختلف كعلمانيين و دينيين كثيرا حول أهمية المسيحية في التاريخ الأمريكي ، و ستجد في مداخلاتي اتفاق كبير مع المتدينيين في هذا الخصوص ، بل و يمكنني أن أضيف كثيرا مما كتبته عن هذه النقطة تحديدا مستشهدا بعدد كبير من الكتب التي قرأتها مثل أصول التطرف اليمين المسيحي في أمريكا " كيمبرلي بلاكر ) و" يد الله " ل ( جريس هالسل ) و " الشعب المختار – الأسطورة التي شكلت إنجلترا و أمريكا ) " ل ( كليفورد لونجلي ) و " أمريكا و الإسلام – صدام أم تعايش " ل (رضا هلال) ،و " أوهام الشرق الأوسط " ل( ناعوم تشومسكي ) و " الإلاهاب الغربي " ل ( روجيه جارودي ) و الأهم كثيرآ مواقع اليكتلرونسة ليبرالية مثل "Free Inquiry" و ""humanitarian secularism الذي أتابعها بحماس كمصدر متجدد للفكر العلماني الإنسانوي ، و لكني من الجانب الآخر أختلف في التبسيط الكبير للمشهد الأمريكي و حصره في التأثير المسيحي ، فهذا يتناقض مع طبيعة الدولة المدنية الحديثة و نشأة و تطور المسيحية ذاتها ، علينا ألا نغفل أن الدستور الأمريكي الذي يرونه مقدسا كالعهد الجديد هو أول دستور علماني في التاريخ .